تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الشوارع



عشم الشيمى
18-05-2006, 11:27 PM
الشوارع أغنية الفاتحين الأوائلِ ,
دفُّ الفرحْ :
إننا قادمونْ
الشوارع ركضُ الفوارسِ , قوسُ انتصارهمُ المتلألأُ ,
تفاحةُ الفقراءِ
وفرحتهم بالغناءِ
كأن الغناء – الغناء فقط – خبزُهم ,
عشبهم حينما يتعبونْ
الشوارع صامتةٌ متعَبهْ
لم يعد من صلاحٍ بها
إنها تبحث الآن عن نبضةٍ ,
رعشة البدءِ , عن لحنها

***
الشوارع مثل العيون , تراها فتقرأها
فتحس بما قد يخبئه ملحُها
إنها أول الأمر , رُمَّته , وارتعاش الدخولْ
إنها سامرٌ للتحاور بين الفصولْ
ثم ينفضّ , تبقى – شوارعنا – فى مناكبها نتحدّث ,
تبقى ,
نحدِّث أنفسنا بالرحيلِ , وتبقى
نهيم وتبقى
وتبقى الشوارع , تبحث عمَّن يعانقها – لحنها –
ربما تتكدر لكنها ربما سأمتْ صفوها
ثم لا بأس من ساعةٍ من نهارْ
تتجول فيه الشوارع باحثةً
لتحاور وقتاً ..
فاسمعوا
إنه موعد الصحوِ , وقت البذارْ

***
من أقام الشوارع صنَّعها شارعاً شارعاً
فارسٌ أبصرتْ عينُه سرَّها
ثم سخّر فيها مقدّرها
واستوى ..
لم يكن شارعٌ يتفضّل يوماً فكلُّ سُوى
كلها واحدهْ
ثم أسرج فيها القلوبَ ؛ تنير لأصحابها طرقاً
ومسالكَ تقطف ظلمتها
ربما أنت تحسبها جامدهْ
إنها تركض الآن هابطةً صاعدهْ
نحو فارسها , لحنها , تجتلى أمرها

***

الشوارع كانت طيوراً تحوم وتقبل , تدنو من الناس ,
تدنو فلا تتفزَّع من أحدٍ
وتغنّى ..
تغنّى وترقص فى يقظة النور , عيداً جديداً
وترقص للناس ,
تفتح أجنحة الوقت للناس ,
ترتاح للناس
ثم ينادونها ..
ربما تقف الآن فوق الكتفْ
ربما تتوقفْ
لتحيِّى الجميع , تغنى لهم ..

***
الطيور تحيِّى لتختبئ الآن , قد أدركتْ أن إقليمها مستباحْ
أن هجرتها شرط ألا تعودْ
الذهابُ , الإيابُ
معاناتها
الدخولُ , الخروجُ
ضروراتها
الصعودُ , الهبوطُ
علاماتها
الوجودُ , الجمودُ
مراراتها
الذبولُ , التوهّجُ
غاياتها

ربما لم تعى ما تريد ولكنها
- جيداً -
تعلم الآن ما لا تريدْ
الطيور , الشوارع قد أدركت شرط ألا يجئ صباحْ

***
بين شارعنا والشوارع سورْ
المدينة سورٌ كبيرْ
المدينة سورٌ كبيرٌ ويخنق
لم يعد الطيبون يجيدون فن التملّق

سورٌ هنا يخفى لواعج مـن دمٍ
وتخوّفٍ ها قـد تمطّى ظلُّهُ
ويعاند المجرى ويقتعد المسا
فـةَ بين أنّاتـى وصمـتى ليلُهُ
يعلو صراخى داخـلى , يرتجُّ لا
أدرى أهـذى صرخةٌ أم حفلُـهُ
وتظلّ نفْثـاتى تئـن تحرقـاً
محمومةً , شوكاً تغابَى حقلُهُ
وأرى هناك ولا أرى غضباً أتى
تعلـو سنابكـه ويطغـى دغلُـــهُ
مـرت ليـالٍ لا تـزال أريكتى
يقعـى عليـها من جمــودٍ خيلُهُ
السور يعلـو ثم يعـلو هارباً
أعلى , يماوجنى بزيغٍ ختلُهُ
يُعمى صراخـاتى وهالةُ حكمهِ
قتـلٌ لأغنيتى وموتُ رُسْلُـهُ
أهدى مرايا كى نراقب من قريـ
ــبٍ يومنا–هرماً–تمايل ثقلُهُ
سورُ تراخى عمْره عقداً من الـ
أيام يسـرى الآن , أُتقن ركلُهُ
سورٌ يجاوز حــدُّه دربَ الحقيـ
قةِ ثـم ماذا قـد يخبّئ فعلُهُ ؟

***
الشوارع فى مأزقٍ , حاوَلتْ أن تخبّئهُ ,
إنها تضرب الآن فى قوةٍ نحو هوَّتها
وبأجنحةٍ من ذهبْ
الشوارع مفعمةٌ بالضياءِ الخفىِّ وبالأوجه الخابيهْ
حكمةٌ ماضيهْ :
خاب من أعطى ..
خاب خاب الذى قد وهبْ
كيف يمكنها وصف حدِّ الطريق بصوتٍ أجشِّ
كيف يمكن أن تتحدّث عنهُ
ولم تدرِ – حتماً – إلى أين تمشى ؟

***

الشوارع فى المدن النائيات الصغيرات مهترئهْ
الشوارع هامدةٌ نيّئهْ
هى فى زمن الضوءِ رعشَهْ
الشوارع ُ ..
قد خرجتْ من بطون المدنْ
وهى لم تدرِ شيئاً ..
ثم شيئاً فشيئاً – لها – قدّر الوقتُ أبصارَها ,
السمعَ , والأفئدهْ
الشوارع أخرجها الوقتُ
تعرف مشيتَهُ الهادئهْ
بل وتعرف أيضاً إذا هدر الوقتُ يحبس أنفاسَهُ بالطريقِ
ويصبح وَحْشَهْ
الشوارع لونٌ يغيّره الوقتُ دوماً بلا هدأةٍ
هل ستدرك يوماً غوايتَها ,
هل ستدرك غايتَها ؟
ربما إن أرادتْ ..
إذا عرفت موعدَهْ !

***

زاهية
18-05-2006, 11:33 PM
عشم الشيمي أهلاً ومرحبًا بك
في واحة الخير
أختك
بنت البحر

معاذ الديري
19-05-2006, 02:45 AM
ثمة جماليات كثيرة في هذا النص .ولو قلتها نثرا صافيا لكانت اجمل في ظني الخاص .
تحيات كبيرة .. واهلا بك .

مصطفى بطحيش
19-05-2006, 08:28 PM
وتبقى الشوارع , تبحث عمَّن يعانقها – لحنها –
ربما تتكدر لكنها ربما سأمتْ صفوها
ثم لا بأس من ساعةٍ من نهارْ
تتجول فيه الشوارع باحثةً
لتحاور وقتاً ..
فاسمعوا
إنه موعد الصحوِ , وقت البذارْ

*********

الاخ الشيمي
نص غني ومقاطع جميلة وتوقيعة ( فعولن )
وتدوير

وبعض اضطراب في الوزن

تحية لك

إكرامي قورة
19-05-2006, 11:36 PM
قصيدة تظهر تمكنا واضحا من الأدوات لشاعر قدير.

الشاعر الأستاذ
عشم الشيمي

أهلا ومرحبا بك في الواحة وأسعد أن أكون ضيفا على أولى موائدك الشعرية هنا.

الشوارع أغنية الفاتحين الأوائلِ ,
دفُّ الفرحْ :
إننا قادمونْ
الشوارع ركضُ الفوارسِ , قوسُ انتصارهمُ المتلألأُ ,
تفاحةُ الفقراءِ
وفرحتهم بالغناءِ
كأن الغناء – الغناء فقط – خبزُهم ,
عشبهم حينما يتعبونْ

أحسنت المفتتح لموضوع صعب أجدت فيه

جاءت القصيدة على تفعيلة ( فاعلن ) ولم ألحظ بها أي خلل عروضى ، اللهم إلا في قولك

تفتح أجنحة الوقت للناس ,
ترتاح للناس
ثم ينادونها ..
ربما تقف الآن فوق الكتفْ
ربما تتوقفْ
لتحيِّى الجميع , تغنى لهم ..

فالتفعيلة الأخيرة مزيدة بسبب خفيف ( /5//5 ، /5//5 ، /5 )
وثقل على أذني أيضا:

حكمةٌ ماضيهْ :
خاب من أعطى ..
خاب خاب الذى قد وهبْ

فتغيير ( فاعلن ) إلى ( فعْلن) يخرج المتدارك إلى خبب المتدارك.

القصيدة رائعة كما أسلفت ولكن سؤال :
لماذا أدخلت قصيدة عمودية أخرى من بحر ( الكامل ) بين أبيات هذه القصيدة التفعيلية من بحر ( المتدارك).وهي قصيدة مستقلة تصح تسميتها بـ ( السور) مثلا:

بين شارعنا والشوارع سورْ
المدينة سورٌ كبيرْ
المدينة سورٌ كبيرٌ ويخنق
لم يعد الطيبون يجيدون فن التملّق


سورٌ هنا يخفى لواعج مـن دمٍ =وتخوّفٍ ها قـد تمطّى ظلُّهُ
ويعاند المجرى ويقتعد المسا=فـةَ بين أنّاتـى وصمـتى ليلُهُ
يعلو صراخى داخـلى , يرتجُّ لا =أدرى أهـذى صرخةٌ أم حفلُـهُ
وتظلّ نفْثـاتى تئـن تحرقـاً =محمومةً , شوكاً تغابَى حقلُهُ
وأرى هناك ولا أرى غضباً أتى =تعلـو سنابكـه ويطغـى دغلُـــهُ
مـرت ليـالٍ لا تـزال أريكتى =يقعـى عليـها من جمــودٍ خيلُهُ
السور يعلـو ثم يعـلو هارباً =أعلى , يماوجنى بزيغٍ ختلُهُ
يُعمى صراخـاتى وهالةُ حكمهِ =قتـلٌ لأغنيتى وموتُ رُسْلُـهُ
أهدى مرايا كى نراقب من قريـ =ــبٍ يومنا–هرماً–تمايل ثقلُهُ
سورُ تراخى عمْره عقداً من الـ =أيام يسـرى الآن , أُتقن ركلُهُ
سورٌ يجاوز حــدُّه دربَ الحقيـ =قةِ ثـم ماذا قـد يخبّئ فعلُهُ ؟

مرحبا في الواحة بشاعر كبير ننتظر منه الكثير
دمت بخير

سلطان السبهان
22-05-2006, 11:56 PM
ماشاء الله

منوعة رائعة

اعجبني منها مايخصنا هنا - الشعر-

ولو اكتفيت به هنا لكان جميلا

لازيادة على تعليق الغالي الاستاذ اكرامي

دمت

د. سمير العمري
01-06-2006, 02:15 AM
أرحب بك في أفياء الواحة.

وأرجو أن نقرأ لك ما هو أجمل.



تحياتي
:os::tree::os: