موسى نجيب موسى
21-06-2006, 11:02 PM
عائـد من الحيـــاة
قرر دون سابق إنذار أو تفكير أن يخوض التجربة بكل مراحلها.. لم يشأ أن يخبر أحد من معارفه أو أصدقائه أو أقربائه. حتى زوجته التي لم يخف عنها شيئاً لم يشأ أن يخبرها عما انتوى على ما يريد أن يقوم به.. في نهار أغسطس قائظ.. قطع الطريق الطويل المترب تحت الشمس اللافحة والتراب الساخن.. حافياً كان.. هكذا أراد أن يكون عند ذهابه لشراء الأقمشة اللازمة لذلك.. نفس الطريق المؤدي للجبانات والذي قطعه مراراً وتكراراً كلما مات له صديق أو قريب أو عزيز أو حتى شخص يعرفه لمجرد المعرفة.. وصل إلى محل الأقمشة.. لم يشأ أن يبدد الوقت في تفسير مقنع لنظرات بائع الأقمشة التي كادت أن تنهش قدميه العاريتين...ولأنه يجهل الكثير في مثل هذه الأمور فقد طلب من البائع أن يقص له قطعة قماش تكفي لتكفين شخص في مثل سنة وحجمه.. عندما تقدم له صاحب محل الأقمشة بواجب العزاء طفرت دمعة ساخنة من عينيه وعندما فاجئه بائع الأقمشة بأن المتوفى قد يكون قريباً جداً من نفسه علق في عجل من بين دموعه المنهمرة:-
جداً.. جداً.
أخذ الأقمشة اللازمة وتوجه بعدها إلى "متري" خياطه المفضل وطلب منه أن يقوم بتفصيل الكفن عليه تماماً. أندهش "متري" من طلبه لأنه يعرفه جيداً ويعرف جميع أفراد عائلته وإنه يعلم تماماً أن أحداً لم يمت منهم حتى لحظة مجيئه إليه قال له:-
لن أستطيع أن أقول لك البقية في حياتك.
ولم لا تقول؟!!!
لأنه لا توجد أي حالة وفاة في عائلتكم.
ومن أدراك؟
تعجب "متري" من كلامه ولم يشأ أن يأخذ منه أجر التفصيل. وعندما هَّم بالرحيل ألقى "متري" خلفه بكلمات التعزية الحارة والأمنيات بإغداق الله رحمته الواسعة على المتوفى.. فتح باب منزله خلسة حتى لا يوقظ أحداً وأخذ يتسحب على أطراف أصابعه حتى وصل إلى الحمَّام.. حلق ذقنه جيداً وبعدها أخذ دُشاً ساخناً.. ارتدي الأقمشة البيضاء.. وقف طويلاً أمام منظره المدهش المنعكس أمامه على المرأة المشروخة إثر إحدى المشاحنات النادرة التي كانت تحدث بينه وبين زوجته التي يحبها.. تمنى كثيراً أن يرى هذا المنظر.. كانت تدفعه رغبة دفينة داخله دفعاً لذلك...هجمت على جسده رعشة غريبة وشعر بأن جسده أخذ يتخلص من شحومه الكثيرة شيئاً فشيئاً حتى خف وزنه جداً وأخذ يحلق في الجو ويطير في سماوات بيضاء لا نهاية لها، ويقابل كائنات نقية كالبلور لا وجه لها ولا أقدام بل كل جسدها أجنحة تطير بها.. عندما حط على الأرض ثانية أغرق جسده بعطره المفضل والذي كانت زوجته تشتريه له دائماً في احتفالات عيد ميلاده.. بعدها تمدد بملابسه الجديدة إلى جوار زوجته.. في الصباح حاولت زوجته كعادتها إيقاظه لكي يذهب إلى عمله لكن.. جسده البارد لم يستجب لمحاولاتها المتكررة.
قرر دون سابق إنذار أو تفكير أن يخوض التجربة بكل مراحلها.. لم يشأ أن يخبر أحد من معارفه أو أصدقائه أو أقربائه. حتى زوجته التي لم يخف عنها شيئاً لم يشأ أن يخبرها عما انتوى على ما يريد أن يقوم به.. في نهار أغسطس قائظ.. قطع الطريق الطويل المترب تحت الشمس اللافحة والتراب الساخن.. حافياً كان.. هكذا أراد أن يكون عند ذهابه لشراء الأقمشة اللازمة لذلك.. نفس الطريق المؤدي للجبانات والذي قطعه مراراً وتكراراً كلما مات له صديق أو قريب أو عزيز أو حتى شخص يعرفه لمجرد المعرفة.. وصل إلى محل الأقمشة.. لم يشأ أن يبدد الوقت في تفسير مقنع لنظرات بائع الأقمشة التي كادت أن تنهش قدميه العاريتين...ولأنه يجهل الكثير في مثل هذه الأمور فقد طلب من البائع أن يقص له قطعة قماش تكفي لتكفين شخص في مثل سنة وحجمه.. عندما تقدم له صاحب محل الأقمشة بواجب العزاء طفرت دمعة ساخنة من عينيه وعندما فاجئه بائع الأقمشة بأن المتوفى قد يكون قريباً جداً من نفسه علق في عجل من بين دموعه المنهمرة:-
جداً.. جداً.
أخذ الأقمشة اللازمة وتوجه بعدها إلى "متري" خياطه المفضل وطلب منه أن يقوم بتفصيل الكفن عليه تماماً. أندهش "متري" من طلبه لأنه يعرفه جيداً ويعرف جميع أفراد عائلته وإنه يعلم تماماً أن أحداً لم يمت منهم حتى لحظة مجيئه إليه قال له:-
لن أستطيع أن أقول لك البقية في حياتك.
ولم لا تقول؟!!!
لأنه لا توجد أي حالة وفاة في عائلتكم.
ومن أدراك؟
تعجب "متري" من كلامه ولم يشأ أن يأخذ منه أجر التفصيل. وعندما هَّم بالرحيل ألقى "متري" خلفه بكلمات التعزية الحارة والأمنيات بإغداق الله رحمته الواسعة على المتوفى.. فتح باب منزله خلسة حتى لا يوقظ أحداً وأخذ يتسحب على أطراف أصابعه حتى وصل إلى الحمَّام.. حلق ذقنه جيداً وبعدها أخذ دُشاً ساخناً.. ارتدي الأقمشة البيضاء.. وقف طويلاً أمام منظره المدهش المنعكس أمامه على المرأة المشروخة إثر إحدى المشاحنات النادرة التي كانت تحدث بينه وبين زوجته التي يحبها.. تمنى كثيراً أن يرى هذا المنظر.. كانت تدفعه رغبة دفينة داخله دفعاً لذلك...هجمت على جسده رعشة غريبة وشعر بأن جسده أخذ يتخلص من شحومه الكثيرة شيئاً فشيئاً حتى خف وزنه جداً وأخذ يحلق في الجو ويطير في سماوات بيضاء لا نهاية لها، ويقابل كائنات نقية كالبلور لا وجه لها ولا أقدام بل كل جسدها أجنحة تطير بها.. عندما حط على الأرض ثانية أغرق جسده بعطره المفضل والذي كانت زوجته تشتريه له دائماً في احتفالات عيد ميلاده.. بعدها تمدد بملابسه الجديدة إلى جوار زوجته.. في الصباح حاولت زوجته كعادتها إيقاظه لكي يذهب إلى عمله لكن.. جسده البارد لم يستجب لمحاولاتها المتكررة.