تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مكابدات الطفولة والصبا



سمير الفيل
23-06-2006, 11:27 PM
الخوص فوق رأس أبي

في آخر شارع صلاح الدين تعودت أن أذهب إليه . أضع يدي على الشباك الحديد المشغول بزهور لوتس من السلك . هناك صبارات على الحواف ، وحدبات تحيط بي من كل جانب.
على مرمى شارعين من مسجد سيدي أبي المعاطي . حين أشعر بالتعب فوق طاقتي من حمل عشرات الأطقم الخشبية على كتفي آتي إلى هنا للراحة .
ابتسامة أبي ترطب الهجير حولي ، وصوته الذي لم أسمعه إلا هنا يسري عني .
في مقابر المدينة بالقرب من ترعة الشرقاوية .
تعودت أن أرتب بيدي أعواد الخوص وأنفض عنها الأتربة . ثم أضعها بعناية حيث ينبغي أن تكون رأسه!

بالطباشير

كل يوم يرسلني المعلم يسري لشراء ما يحتاجه المنزل . أصعد السلم ، وأكتب داخل القلوب الصغيرة ( سمير ، وكريمة ) . بالطباشير أكتب في صعودي وهي تمحوها حين ننزل سويا ، وتميل نحوي وتتحداني لأنها اطول مني بشبر . داخل عينيها بريق وحيرة . لم أقبلها وهي اكتفت بأن تمسك يدي صعودا وهبوطا وحتى العتبة قبل الأخيرة . تدافع عني إذا ما لامتني أمها لأن سعر الخضار أكثر مما هو معتاد. حين كبرنا لمحتها في سيارة فارهة بجوار زوجها . كانت تبتسم من خلف الزجاج رغم الغبش الخفيف ، وقد شعرت بيدها تمتد نحو حائط في ذاكرتي لتمحو كتابة الطباشير وتهش طيورا بعيدة .

ظلام بعيد

في السابعة خرجت لأعمل في محل موبليا قريب . كان المعلم يضع صورا للاعبين كبار. وكنت اختص نفسي بشراء صور ممثلين وممثلات . واحدة وقعت في غرامها . كانت ترتدي ثوبا أحمر بكلوش واسع وتضع زهرة في شعرها . أحسست أنها تبتسم لي وحدي . في الظلام بدأ الشريط يدور ، وكانت تغني بصوتها الجميل . مقعد أخير في سينما " اللبان " وقد ادخرت ثمن التذكرة لأشاهدها عن قرب . قبلت الفتاة البطل ، وعانقته .
طرقت المقعد في هدوء مريب سيطر على الصالة . خرجت وقلبي مملوء بالمرارة. عند أول منعطف مددت يدي وانتزعت الصورة . مزقتها ورميت بها من فوق الكوبري المعدني نحو النهر . بقيت مزق الصورة طافية . وبقيت أرقبها حتى شملني الظلام.


البحث

كنت في الخامسة . أردت أن أرى الله . سطح بيتنا واسع جدا ، وفيه دجاجات وديوك ، وحولنا أسطح الجيران حيث " دواير " الحمام .
نمت على ظهري وصوبت نظري نحو السماء . قلت في سري : أنه كبير كبير وسوف أراه حتما .
عبرت سحابة من الشمال نحو الجنوب . مرّت اسراب من العصافير وكانت تشقشق . الشمس أوجعت عيني . أغمضتها للحظات . دحرجت جسدي على الأرض وكان بلا استواء ، ثم فتحت عيني على زراق مشوب بابيضاض جميل .هتفت وروحي تنسحب لكل هذه الروعة : الله .. الله ..

زجاج مكسور

بدأت أيام الدراسة ، وأصبح لزاما عليّ أن أدبر ثمن تذكرة السينما . فكرت في عدة أمور ، وتفتق ذهني على حيلة عندما مرّ بي بائع الروبابيكيا . كانت العاشرة من عمري تقريبا .
ذهبت إلى أطراف المدينة ، وبدأت أجمع الزجاج المكسور : ألواح مهشمة ، وزجاجات مغبرة ، وقوارير عطور قديمة ، وكلما جمعت كوما توجهت لمحل الروبابيكيا ففرز ما معي ونفحني " تعريفة " . نصف القرش لا يمثل شيئا ، وهذا دفعني لأن أبحث بكل حماس في أماكن مأهولة .
كانت رأسه تطل من بناية عالية . عرفته . إبن الزناتي تاجر البن وزميلي في الفصل . التقت نظرتي بنظرته . كانت بصته تحمل اتهام إدانة لم أحتمله . هز رأسه وكأنه يكتشف فاقتي . ونكاية فيّ ألقى ببعض الماء فوق رأسي . صوبت طوبتي باتجاه النافذة المفتوحة حتى آخرها . رأيت شواشي رأسه بينما جسده يختفي وراء الستارة . في انفعالي بدا كل شيء أسود . مددت يدي ألتقط زجاجة مهشمة . مست يدي حافة مسنونة قاطعة آلمتني . كان الجرح عميقا، والدم يتقاطر نقاطا متدافعة . هي نوبة بيع أخيرة . فيما أنا جالس في دار السينما أضغط الجرح آلمني أكثرما آلمني نظرة ابن الزناتي التي تتبعتني حتى المقعد الخشبي في آخر الصالة.

سيور ذهبية

تسع سنوات أو يزيد قضيتها كبائع أحذية . مهارتي تكمن في إقناع " الزبون " بالشراء ، مع وجود هامش من الربح معقول. فترة تمتد من الظهيرة إلى ما بعد العصر أدير فيها بمفردي محل كبير جدا بمخزنين، وصندرة .
في تلك المساحة الزمنية كانت الشمس تتعامد على ألواح الزجاج بالفترينة فأخرج ، أشب على أمشاط قدميّ ، لأضع ساترا من القماش "الباتستا " المشجر على الواجهة. من خلفه كنت أختلس النظر لما يحدث في محل الحلويات المواجه لنا . كانت محاسن فتاة تكبرني بأعوام عديدة ، لكنها تبيع المشبك والبسيمة والهريسة وهي تغني بصوت جميل مبحوح .
في ساعة معلومة تأتي لتقيس شباشبا لن تشتريها أبدا . كانت تحضر معها قطعة الهريسة البيضاء التي عرفت أنني أحبها دون أن أطلبها .
تضحك بدون مناسبة وهي تسألني : " هل جاءكم شبشب أحمر بسيور ذهبية ؟ " . أتأمل عينين خجولتين تسرح فيهما طيور تشقشق وأرد بنصف خجل : " طلبك يمكن أن يأتي غدا " . تتقصع وهي تسحب نفسها كشمس أمشير العجولة، و تدندن بلحن بديع لسيد درويش " ياعشاق النبي " .
مر أسبوع ولم تأت محاسن . عرفت أنها قد سكبت " الجاز " على جسدها ، وأشعلت عود ثقاب لأن أهلها صمموا أن تتزوج من عجوز ثري . أنقذوها بصعوبة وغطوها بسجادة صوف قبل أن تلتهمها النار .
طقـّـست، وعرفت مكان حجرتها في المستشفى الأميري . ذهبت إلى حيث ترقد . كان معي زهرتان قطفتهما من جسرخفي بباطن ترعة الشرقاوية بالقرب من مدرستي.
زهرتان وضعتهما على الكومدينو دون أن أنبس بكلمة . رمقتني محاسن وهي مغطاة بملاءة خفيفة . سألتني وشعرت بها تبكي : " ألم يأت زوج شبشب أحمر بسيور ذهبية؟ " .

يوم " القبض " !

قال مدرس الدين : الموت علينا حق .
ونظر لي بالذات وهو يقول بحدة وكأنه يعنيني . أنه لايبقى من الميت غير عمله وولد يدعو له بالرحمة . وكنت لا أحفظ أي دعاء فأحسست بالتقصير الشديد نحو أبي ، ودفنت وجهي في خشب المقعد مستعيذا بالله من شر عصاه الباطشة .
طلب منا أن نسمّع بالدور الجزء الأكبر من سورة "البقرة " . أغلبنا نال حصته من الخيزرانة التي تركت في أكفنا خيوطا محمرة ، حتى صارت يدي كقطعة كبد طازجة .
عندما ذهبت الورشة لم أستطع أن أشتال نصف الطاقم ، فركعت على ركبتيّ وزحزحت القطع الخشبية حتى لامست الجدار ، ونهضت بها في صعوبة بالغة .
صعدت وأنا أرتكن بقدمين ثابتتين ربما أستعيض بكتفي وعنقي عن استخدام كفيّ .
دخل المعلم الورشة ، وأحس بي أنهنه في رطوبة الحجرة المطلة على المنور . إشتال عني كل ما اجتهدت كي أحمله فوق كاهلي . سألني محذرا من الكذب عما يبكيني . قلت : سورة البقرة .
مددت له يدي وأريته الجمر يندس بين البشرة ، والخلايا والعروق . فمضى نحو الأجزخانة القريبة ، وأحضر مرهما مطهرا ومسح به جراح يدي . سامحني هذا اليوم ولم يحمّلني بقطع الطاقم .
في مساء الخميس وقبل أن أقبض " جمعتي " سألني ككل مرة : كم يوما عملته ؟
قلت بدون تفكير : أسبوع يا معلم .
عاجلني بمكر لم أعهده منه : ينقص يوما .أنسيت؟
تمنيت لو أنه لم يرني أبكي ، وقلت في نفسي : ستعلم أمي بتقصيري، وستعاقبني مرتين .
دس المعلم في يدي " قبضيتي " . حين ابتعدت فتحتها في ظلام مغبش بنور خفيف تحت عامود البلدية . كانت " جمعتي " كاملة . وددت أن أعود لأخبره أنه قد أخطأ في حسابه . غير أنني لمحته من بعيد يلوح لي بيده أن أمضي نحو البيت ، أما ضحكته التي كانت تصهلل فقد ملأت روحي بالمسرة !

* كتبت هذه النصوص مساء 30/ 5/ 2006

حسام القاضي
24-06-2006, 04:14 AM
أستاذنا العزيز / سمير الفيل
غبت عنا طويلا ، وافتقدناك حقا
ثم عدت اليوم بكنزك الثمين هذا ، مجموعة أقاصيص رائعة
قرأتها مرة واثنتين وثلاث للإستمتاع ، وأجدني أرغب في تكرار القراءة.. ما هذه الروعة؟!.
يظن البعض ان القصة القصيرة جدا او الأقصوصة ملخص لقصة أكبر منها طولاُ ، مع أن هذا الفن فن قائم بذاته ، وهوفن صعب لا يخوض غماره إلا متمكن خبير .
أراك بدأت سيرة ذاتية بسلاستك المحببة التي عهدناها في اعمالك وأرجو أن أرى بقية أجزاءها.
أستاذي الفاضل أمتعتنا بلمحاتك الدقيقة الراقية النابضة ، لوحات قصيرة مكتملة بها كل عناصر القصة وجمالياتها ، وانا أرى أن أصعب أقصوصة هي تلك التي تميل إلى الواقعية كما فعلتم هنا بإقتدار وحنكة وحساسية فنان خبير.. السهل الممتنع بعينه من أول حرف وحتى النهايات القوية الموحية والتي تختم بها كل واحدة .

أستاذي أجدني عاجزاً عن التعبير بحق عن هذا العمل الفني الراقي

لكن اسمح لي :

أن أثبت هذا العمل الجميل ليس لروعته فقط ، بل ليكون نموذجا يحتذى به لمن أراد أن يسير على نفس الدرب .
دمت بكل الخير أستاذنا العزيز .

إسلام شمس الدين
24-06-2006, 04:34 AM
أديبنا الرائع سمير الفيل
تعجز الحروف خجلاً في حضرة هذا النسيج الأدبي الإنساني البديع
فدمت أديباً ومعلماً نتلمس مداد قلمه على خطى الإبداع الحقيقي

شكراً لك أديبنا العزيز أن منحتنا شرف مشاركتك مكابداتك
والشكر للعزيز حسام القاضي أن قابل النص بما يليق به من التقدير والتثبيت

آملين ألا تحرمنا دوام القراءة لك أديبنا العزيز
أطيب تحياتي وعظيم تقديري :0014:
إسلام شمس الدين

سمير الفيل
24-06-2006, 09:19 AM
أستاذنا العزيز / سمير الفيل
غبت عنا طويلا ، وافتقدناك حقا
ثم عدت اليوم بكنزك الثمين هذا ، مجموعة أقاصيص رائعة
قرأتها مرة واثنتين وثلاث للإستمتاع ، وأجدني أرغب في تكرار القراءة.. ما هذه الروعة؟!.
يظن البعض ان القصة القصيرة جدا او الأقصوصة ملخص لقصة أكبر منها طولاُ ، مع أن هذا الفن فن قائم بذاته ، وهوفن صعب لا يخوض غماره إلا متمكن خبير .
أراك بدأت سيرة ذاتية بسلاستك المحببة التي عهدناها في اعمالك وأرجو أن أرى بقية أجزاءها.
أستاذي الفاضل أمتعتنا بلمحاتك الدقيقة الراقية النابضة ، لوحات قصيرة مكتملة بها كل عناصر القصة وجمالياتها ، وانا أرى أن أصعب أقصوصة هي تلك التي تميل إلى الواقعية كما فعلتم هنا بإقتدار وحنكة وحساسية فنان خبير.. السهل الممتنع بعينه من أول حرف وحتى النهايات القوية الموحية والتي تختم بها كل واحدة .

أستاذي أجدني عاجزاً عن التعبير بحق عن هذا العمل الفني الراقي

لكن اسمح لي :

أن أثبت هذا العمل الجميل ليس لروعته فقط ، بل ليكون نموذجا يحتذى به لمن أراد أن يسير على نفس الدرب .
دمت بكل الخير أستاذنا العزيز .

حسام القاضي..

أمام هذه الكلمات الرقيقة التي خاطبت قلبي فعلا أراني ممتنا أن تكون لأعمالي هذه القيمة ..
قيمة أن تخرج من القلب مشحونة بالصدق لتقع في قلوب محبة متعطشة للفن الجميل.
أشكرك..

سمير الفيل
24-06-2006, 09:23 AM
أديبنا الرائع سمير الفيل
تعجز الحروف خجلاً في حضرة هذا النسيج الأدبي الإنساني البديع
فدمت أديباً ومعلماً نتلمس مداد قلمه على خطى الإبداع الحقيقي

شكراً لك أديبنا العزيز أن منحتنا شرف مشاركتك مكابداتك
والشكر للعزيز حسام القاضي أن قابل النص بما يليق به من التقدير والتثبيت

آملين ألا تحرمنا دوام القراءة لك أديبنا العزيز
أطيب تحياتي وعظيم تقديري :0014:
إسلام شمس الدين

إسلام شمس الدين .

أمام هذا الفيض من التقدير الحقيقي لتجاربي القصصية لا أملك سوى الشكر ..
فهي محاولات لتسجيل عذابات ومكابدات إنسان مر يوما ما على الأرض المتعبة بسكانها.
ربما أنا هذا الولد!

سعيد أبو نعسة
24-06-2006, 02:32 PM
أخي العزيز سمير
أفرح حين أقرأ لك و السبب بسيط :
لأنك تنقلني مباشرة إلى موقع الحدث فأصبح واحدا من المتفرجين الفضوليين الذين لا يتركون شاردة ولا واردة من دقائق تفاصيل القصة إلا و عرفوا أصلها و فصلها و هذا هو مقياس نجاح القاص .
لأن القصة إن لم تحمل حكاية فهي نوع أدبي آخر لا علاقة له بالقصة .
دمت في خير و عطاء

حوراء آل بورنو
24-06-2006, 02:33 PM
بارك الله بك ، فبحق أقاصيص جميلة و معبرة و مؤثرة .

و أحسن الأفاضل في تثبيتها فهي بكل صدق تستحق .

تقديري .

سمير الفيل
24-06-2006, 04:00 PM
أخي العزيز سمير
أفرح حين أقرأ لك و السبب بسيط :
لأنك تنقلني مباشرة إلى موقع الحدث فأصبح واحدا من المتفرجين الفضوليين الذين لا يتركون شاردة ولا واردة من دقائق تفاصيل القصة إلا و عرفوا أصلها و فصلها و هذا هو مقياس نجاح القاص .
لأن القصة إن لم تحمل حكاية فهي نوع أدبي آخر لا علاقة له بالقصة .
دمت في خير و عطاء

سعيد أبو نعسة..

سعدت أنك كنت تجمع النحاس مثلي ..
في طفولتنا شقاء سعيد ، وسعادة ناقصة.
مثلما هي الحياة عبقريتها في آلامها
دمت بخير.

سمير الفيل
24-06-2006, 04:02 PM
بارك الله بك ، فبحق أقاصيص جميلة و معبرة و مؤثرة .

و أحسن الأفاضل في تثبيتها فهي بكل صدق تستحق .

تقديري .

حوراء آل بورنو,

شكرا لك سيدتي
ودمت بخير وألق .

د. محمد حسن السمان
25-06-2006, 12:25 PM
سلام الـلـه عليكم
الاخ الفاضل الاديب والقاص الرائع سمير الفيل

ما اسعدني وانا افتح عيني , لارى هذه الباقة القصصية , وارى اسما احببته , أخا واديبا , وقبل كل شيء انسانا حقيقيا , سمير الفيل قاص وروائي وناقد عربي .

في قصة "الخوص فوق رأس أبي " , وجدتني اشعر وكأني المس الشباك , وانتقل تحت حر الهجير , وارتب اعواد الخوص , ان مثل هذه القدرة , على ضبط خيوط الزمان والمكان , والتكثيف والتركيز , مع التفصيلية الباهرة , ضمن ايقاع سريع , ليؤدي الغرض من القصة , تشهد بحرفية القاص , وبصمته الابداعية .

بالطباشير , لوحة اجتماعية , موجودة ومتكررة , في حياتنا , انما اللافت فيها , هذا الجمع الموفق , بين التداعيات , واللحظات الآنية , والمقدرة على التعبير , عن الحركات الطفولية , ذات البعد الفرويدي , اما الواقع , فهذا امر آخر , "حين كبرنا لمحتها في سيارة فارهة بجوار زوجها . كانت تبتسم من خلف الزجاج رغم الغبش الخفيف ، وقد شعرت بيدها تمتد نحو حائط في ذاكرتي لتمحو كتابة الطباشير وتهش طيورا بعيدة "

في قصة ظلام بعيد , توقفت طويلا , فعلى الرغم من انها , تمثل لوحة اخرى , من لوحات الباقة القصصية , تملك نفس الروعة في التفصيلية , ورسم الصورة , بتركيز واضح , بالاضافة الى فلسفة التناقض , بين الحلم والواقع , فإن القصة , تنقلنا الى صورة بيئة اجتماعية , عند الطبقة الفقيرة , وتشغيل الاطفال , فكانت رسالة سامية , انا لا انكر من مثل هؤلاء الاطفال , يكبرون اكثر غنى بالتجربة الانسانية , ولكنهم دون شك , يفقدون حقا لهم على المجتمع , وهو الحياة الطفولية الكاملة .

البحث , قصة مختلفة جدا , تكاد تضيء ومضا ايمانيا , قليلة الكلمات , سامية الفكرة , ذكية التركيب والبناء , عندما تلخص رؤية الـلـه , من خلال رؤية الجمال والاعجاز الالهي الرائع , بطريقة موفقة جدا .

زجاج مكسور , تظهر حرفية , غير عادية , في اسلوب القص , في تصوير التصميم والارادة , ونجحت في توثيق صورة مجتمعية , بعناية ودقة , ملمة بالتفاصيل اليومية والشكلية , بالاضافة الى النظرة المجتمعية , "فيما أنا جالس في دار السينما أضغط الجرح آلمني أكثرما آلمني نظرة ابن الزناتي التي تتبعتني حتى المقعد الخشبي في آخر الصالة " .

سيور ذهبية , قصة نجحت في ربط العنوان بالنهاية , وفيما بينهما , كانت هناك شخوص , سهلة الملامح , قوية البصمة , لتشكل لوحة , معاناة مجتمعية ," مر أسبوع ولم تأت محاسن . عرفت أنها قد سكبت " الجاز " على جسدها ، وأشعلت عود ثقاب لأن أهلها صمموا أن تتزوج من عجوز ثري . أنقذوها بصعوبة وغطوها بسجادة صوف قبل أن تلتهمها النار " , ولم تخف القصة , تلك الوشائج الانسانية , " في ساعة معلومة تأتي لتقيس شباشبا لن تشتريها أبدا . كانت تحضر معها قطعة الهريسة البيضاء التي عرفت أنني أحبها دون أن أطلبها .

يوم القبض , صورة من تاريخ التعليم , اعتقد بانه قد انتهى , من كافة مجتمعاتنا ,
ونجحت القصة , في توثيق الصورة والمرحلة , بشكل دقيق وواقعي , وهذا ما اعتبره أنا , عملا قيّما , وقد كتبت القصة , بحرفية عالية , جمعت كل ادواة القص , ولم تنس القصة , ملامسة الجانب الانساني , بشكل جميل , " دس المعلم في يدي " قبضيتي " . حين ابتعدت فتحتها في ظلام مغبش بنور خفيف تحت عامود البلدية . كانت " جمعتي " كاملة . وددت أن أعود لأخبره أنه قد أخطأ في حسابه . غير أنني لمحته من بعيد يلوح لي بيده أن أمضي نحو البيت ، أما ضحكته التي كانت تصهلل فقد ملأت روحي بالمسرة !

والباقة القصصية , التي كتبت بحرفية القاص البارع , اعتمدت اسلوب السرد المكثف والمركز , بحيث لاتستطيع ان تستغني عن كلمة او حرف , في اسلوب شيّق , يغري بالمتابعة , والامر اللافت للنظر , في كل هذه المجموعة , الدقة والتفصيلية , التي تنقل القارىء بعفوية وقوة , الى مسرح الحدث , ليعيش الحدث , وتجبره على التفاعل الوجداني , والمجموعة القصصية , تصدت الى مرحلة الطفولة , وتوجيه الضوء الى هذه المرحلة , تاركا مساحة كبيرة , من امكانية التفكير , لمعايشة الحالات المطروحة , وتحريك الفكر والضمير الانساني .

والمجوعة القصصية ناجحة بكل المعايير , وتعتبر اضافة ثمينة , للتراث القصصي المعاصر .

سمير الفيل
25-06-2006, 03:17 PM
سلام الـلـه عليكم
الاخ الفاضل الاديب والقاص الرائع سمير الفيل

ما اسعدني وانا افتح عيني , لارى هذه الباقة القصصية , وارى اسما احببته , أخا واديبا , وقبل كل شيء انسانا حقيقيا , سمير الفيل قاص وروائي وناقد عربي .

في قصة "الخوص فوق رأس أبي " , وجدتني اشعر وكأني المس الشباك , وانتقل تحت حر الهجير , وارتب اعواد الخوص , ان مثل هذه القدرة , على ضبط خيوط الزمان والمكان , والتكثيف والتركيز , مع التفصيلية الباهرة , ضمن ايقاع سريع , ليؤدي الغرض من القصة , تشهد بحرفية القاص , وبصمته الابداعية .

بالطباشير , لوحة اجتماعية , موجودة ومتكررة , في حياتنا , انما اللافت فيها , هذا الجمع الموفق , بين التداعيات , واللحظات الآنية , والمقدرة على التعبير , عن الحركات الطفولية , ذات البعد الفرويدي , اما الواقع , فهذا امر آخر , "حين كبرنا لمحتها في سيارة فارهة بجوار زوجها . كانت تبتسم من خلف الزجاج رغم الغبش الخفيف ، وقد شعرت بيدها تمتد نحو حائط في ذاكرتي لتمحو كتابة الطباشير وتهش طيورا بعيدة "

في قصة ظلام بعيد , توقفت طويلا , فعلى الرغم من انها , تمثل لوحة اخرى , من لوحات الباقة القصصية , تملك نفس الروعة في التفصيلية , ورسم الصورة , بتركيز واضح , بالاضافة الى فلسفة التناقض , بين الحلم والواقع , فإن القصة , تنقلنا الى صورة بيئة اجتماعية , عند الطبقة الفقيرة , وتشغيل الاطفال , فكانت رسالة سامية , انا لا انكر من مثل هؤلاء الاطفال , يكبرون اكثر غنى بالتجربة الانسانية , ولكنهم دون شك , يفقدون حقا لهم على المجتمع , وهو الحياة الطفولية الكاملة .

البحث , قصة مختلفة جدا , تكاد تضيء ومضا ايمانيا , قليلة الكلمات , سامية الفكرة , ذكية التركيب والبناء , عندما تلخص رؤية الـلـه , من خلال رؤية الجمال والاعجاز الالهي الرائع , بطريقة موفقة جدا .

زجاج مكسور , تظهر حرفية , غير عادية , في اسلوب القص , في تصوير التصميم والارادة , ونجحت في توثيق صورة مجتمعية , بعناية ودقة , ملمة بالتفاصيل اليومية والشكلية , بالاضافة الى النظرة المجتمعية , "فيما أنا جالس في دار السينما أضغط الجرح آلمني أكثرما آلمني نظرة ابن الزناتي التي تتبعتني حتى المقعد الخشبي في آخر الصالة " .

سيور ذهبية , قصة نجحت في ربط العنوان بالنهاية , وفيما بينهما , كانت هناك شخوص , سهلة الملامح , قوية البصمة , لتشكل لوحة , معاناة مجتمعية ," مر أسبوع ولم تأت محاسن . عرفت أنها قد سكبت " الجاز " على جسدها ، وأشعلت عود ثقاب لأن أهلها صمموا أن تتزوج من عجوز ثري . أنقذوها بصعوبة وغطوها بسجادة صوف قبل أن تلتهمها النار " , ولم تخف القصة , تلك الوشائج الانسانية , " في ساعة معلومة تأتي لتقيس شباشبا لن تشتريها أبدا . كانت تحضر معها قطعة الهريسة البيضاء التي عرفت أنني أحبها دون أن أطلبها .

يوم القبض , صورة من تاريخ التعليم , اعتقد بانه قد انتهى , من كافة مجتمعاتنا ,
ونجحت القصة , في توثيق الصورة والمرحلة , بشكل دقيق وواقعي , وهذا ما اعتبره أنا , عملا قيّما , وقد كتبت القصة , بحرفية عالية , جمعت كل ادواة القص , ولم تنس القصة , ملامسة الجانب الانساني , بشكل جميل , " دس المعلم في يدي " قبضيتي " . حين ابتعدت فتحتها في ظلام مغبش بنور خفيف تحت عامود البلدية . كانت " جمعتي " كاملة . وددت أن أعود لأخبره أنه قد أخطأ في حسابه . غير أنني لمحته من بعيد يلوح لي بيده أن أمضي نحو البيت ، أما ضحكته التي كانت تصهلل فقد ملأت روحي بالمسرة !

والباقة القصصية , التي كتبت بحرفية القاص البارع , اعتمدت اسلوب السرد المكثف والمركز , بحيث لاتستطيع ان تستغني عن كلمة او حرف , في اسلوب شيّق , يغري بالمتابعة , والامر اللافت للنظر , في كل هذه المجموعة , الدقة والتفصيلية , التي تنقل القارىء بعفوية وقوة , الى مسرح الحدث , ليعيش الحدث , وتجبره على التفاعل الوجداني , والمجموعة القصصية , تصدت الى مرحلة الطفولة , وتوجيه الضوء الى هذه المرحلة , تاركا مساحة كبيرة , من امكانية التفكير , لمعايشة الحالات المطروحة , وتحريك الفكر والضمير الانساني .

والمجوعة القصصية ناجحة بكل المعايير , وتعتبر اضافة ثمينة , للتراث القصصي المعاصر .



د. محمد حسن السمان..

والله لقد سررت لهذه المعالجة اللنقدية البديعة حقا.
دخلت في جوهر النصوص ولم تحوم بعيدا .
أفادتني هذه المعالجة النقدية التي تتسم بفهم ووجود رؤية ثاقبة .

تحية لروحك الرائعة .

جوتيار تمر
25-06-2006, 08:47 PM
سمير الفيل...
منذ زمن لم التقيك هنا...
فاسمح لي بهذه المداخلة...
الخوص فوق رأس أبي
خصوصية زمنية ومكانية بارزة مع تلميح الى لمحة اجتماعية سائدة عبر زمن ما..وفي مكان ما..وتنبيه لاستمراريتها..(تعودت...) حيث العبارة دالة واضحة على الفعل المستمر..اختزال مبهر..لصور حسية تنم عن فعل مقتدر..وصناعة اصيلة..واظهار لمعالم حية في نفس القاص.
بالطباشير
معاينة ميدانية لنمط الحياة الاجتماعية السائد في ذاكرة القاص.. وابراز لنمط العلاقات التي كانت تسود الاجتماع..مع عدم الاغفال عن اهمية جذور العلاقة هذه منذ المراحل الاولى لحياة الانسان..اقصد الطفولة وما ترسخه هذه العلاقة في ذهن المرء عندما يكبر.. حيث مما لاشك فيه ان لها مخلفات غرائزية بالاخص عندما تجمع الجنسين معا في الطفولة..بسبب عوامل عديدة لعل ابرزها ضعف ونقص في المفاهيم المتعلقة بالثقافة الجنسية لدى الاباء مما يولد حالة غريبة من الكبت وعدم فهم ان العلاقة بين الجنسين ليست بالضرورة علاقة جسدية..وهذا ما حدا به ان يشعر بملامسة يدها حتى الغبش...
ظلام بعيد
رسم تصاعدي للذات البشرية..فمن خلق زمني ومكاني..الى نمطية الحياة..نصل الى مرحلة لاتقل اهمية من المراحل السابقة..مرحلة الواقعية في التفكير..ولكن بحكم الافكار الطوبائية التي كانت ولم تزل تسود عقولنا..لقلما نستطيع هضم الواقع..لاننا حتى وان عشناه كما هو لاندركه كما يجب ان يدرك..انما نحن حتى في ادراكاتنا له لا نكون الا صورة مماثلة لنمط الافكار السائدة عندنا..وحتى اكون اكثر وضوحا..اننا نعيش الحلم..وكل افعالنا ليست الا وليدة لاحلام..لاننا لم نكن مصدر الفكر انما كنا ولم نزل نتلقاه..لااقصد الافكار القديمة لاني لست ممن يقول كان...انما اؤمن بالفعل الحاضر المستمر..ومن المنطلق..تتعلق الذات لدينا بالصور وبالاحلام..وحتى في الرومانسيات..نجدنا نقلد..ونظهر للحبيبة بان حضننا واحة..وعندما يتحقق المطلوب سواء ايجابا ام سلبا يظهر للطرفين بان الواقع ابعد من ما نراه بفكرنا الضيق الحماسي..وكأننا نعيش تناقضا حادا في فكرنا..بل انها الازدواجية بحد ذاتها.
البحث
خروج غير مألوف عن سير الاحداث السابقة لانني ظننت بان التطرق لمسألة..الله الايمان قد تأتي في النهاية لحصيلة نهاية لمراحل سير الانسان..لكنك استعجلت الامر..واقحمته هنا..
بيد كوجهة نظر شخصية اجد بان الوقت غير مناسب لذلك..لكن مادمت قد فعلت..فانه امر اخر يتطلب منا الوقوف عنده..اقصد هذه التحولات السريعة الغير التدريجية التي تعصف بالذات الانسانية..فتحمله من اجواء التكوين والصراع مع الافكار ومحاولة خلق ذات واعية متمردة على الاعراف والقيود السائدة الى عالم فيه..كل سؤال يخلق الف..اسئلة تلد اخرى.. والنهاية اجوبة طوبائية بل ميتافيزيقية غيبية لاتقنع فتخلق بذلك شخثية غير متكاملة..
وهذا ما..يجلع المرء..يبحث عن المنقذ..ولا..منقذ لديه غير..الايمان..بالله..
زجاج مكسور
الوصول الى مرحلة التحدي..وقد يتسائل البعض لماذا التحدي..لانه قد الى مرحلة عمرية توجب عليه ان يكون ذا ارادة صلبة..فالحياة..لاتعطي لمن يستسلمون للواقع بسهولة دون كفاح وتمرد ونضال..وهنا تبرز سمة الادراة والتصميم والبحث الجاد..بحيث يكون الانسان بعد مراحله السابقة قد وصل الى مرحلة صقل كل ماعرفه وتعلمه في الواقع من اجل الاستمرارية..لانه ان لم يفعل يصبح اداة سهلة بيد القدر وصانعيه..اقصد ارباب الحياة ومن يتحكم بها..من هنا اجده قد اراد..وحدد سبل الوصول لما يريد..وحتى عندما واجهه صعوبة كان متسلحا بالارداة..بالرغم من الوضع كان مؤلما...بان سلم المعرفة الذاتية لديه في عملية تصاعدية قد غطت على القفزة الغير متوقعة التي حدثت في بحثه عن الله.
سيور ذهبية
لم تعد الامور كما كانت من قبل فقد تعقدت الحياة..ةاصبحت تتطلب نمطا اخر من التعامل معها..فبيع الزجاج المكسور..والسينما...وو..هذه الامور قد مصى وقتها واصبحنا الان في مرحلة التكوين الاجتماعي حيث العواطف والغرائز المكبوتة اصلا..قد تحركت..نوعا ما.. وذلك لوجود ملطفات ومحركات ذاتية وخارجية لها..فبعضها..خلقت فيه..وبعضها اكتسبها جراء الاختلاط والرؤية والاستمرارية..هذه المرحلة هي قريبة من مرحلة تحمل المسؤولية التي احيانا نسمع الاباء والامهات يخاطبن ابنائهن بها..بالاخص عندما يثير موضوع الزواج فيقول له هل انت قادر على تحمل المسؤولية...ووووو.....لذا فصاحبنا الان يدير محلين كبيرين لبيع الاحدذية اي انه اصبح ذا قيمة اجتماعية اقتصادية وهما قيمتان مهمتان في الاجتماع لدينا بل احيانا نفضلها على القيمة العلمية..واثناء ذلك كان لابد للغريزة البشرية فيه ان تكبر وتصل لمرحلة البحث عن منفذ ليصقل مسؤليته فيها..وها هي محاسن تظهر للعيان..
في وجود محاسن استطعت ضرب عصفورين بنصف حجر..حيث اظهرت الحالة الطبيعية التي يجب ان يصل اليها صديقنا..مرحلة تحرك الغريزة فيه..وكذلك استطعت باتقان ان تظهر نمطا اجتماعيا هو الاخر سائد في مجتمعاتنا وهو الزواج عن كره..اقصد اكراه الفتاة للزواج من شخص تكبرها بعقدين او اكثر من الزمن لاسباب معلومة وهي المال...وهذا ما يجعل البعض منهن يلجأن للغاز...للجاز...للساطور....لله رب مع من يحبون....لل......مما يخلق مشاكل اجتماعية كبيرة..منها الثأر...ووووو.
اذا..اصبحنا على ابواب الوصول الى مرحلة النضج..فاما ان تكون ثمرتنا طيبة ام تكون عكس ذلك..لننظر..؟
يوم " القبض " !
مرة اخرى اجدني استفيق على خلل مرحلي..فأما انا قد تخطيت..وقفزت..واما..ان الكناية هنا في هذه المرحلة التي هي اقرب الى الطفولية ..الصبيانية منها من مرحلة التعلم الجامعي الواعي الى حد ما...فمن نمط التعليم..الى اسلوب التعامل..والى الخوف من عقوبة الام..وو.. كلها امور تعيدنا الى حيث بدانا..مرحلة الصور الحسية المختزلة..ولااعلم ماضرورتها هنا..لاننا كنا بصدد حصد الثمرة..والنظر الى نوعيتها..مع انك لم تخيب ظني نهائيا.. في ذلك.. لاني وجدتك هنا ترسم لنا شخصية..تأملية..تفكر في النصوص القرآنية وتفكر في مسألة العقوبة الجسدية..وكذلك شخصية تعرف ان هناك شيئا يسمى البر باللوالدين.. وكذلك مأسلة التقير في اداء الواجب..سواء ا كان الدراسة ام العمل ..المهم..ظهور الكذب..هنا..
جعل من الثمرة..تظهر..بوضوح..لانها ثمرة تعلمت الكد..وتخطت صعوبات كثيرة لذا فهي لاتلجأ للكذب الا فيما يخص الخوف من العقوية.
هنا كنت امام مشاهد اجتماعية اخرى..حيث مسألة التربية بالعصا..ومن ثم العقوبة من الام.. هذه المسألة قد تخلق شخصية ضعيفة في المستقبل..مع عدم الاغفال عن الجانب الايجابي من علاقة المعلم بالبيت وبمكان العمل... علاقة مهمة..مع اننا لانشجع العمل في مثل هذه المراحل من التعليم..؟
العمل ككل قطعة ادبية واعية ألمت بالجانب الانساني .. والاجتماعي..والتربوي.. والغرائزي..الفرويدي...وبجوا ب نفسية عديدة..لذلك يعد من الاعمال الرائعة جدا.
تقديري واحترامي
جوتيار

سمير الفيل
28-06-2006, 02:19 PM
سمير الفيل...
منذ زمن لم التقيك هنا...
فاسمح لي بهذه المداخلة...
الخوص فوق رأس أبي
خصوصية زمنية ومكانية بارزة مع تلميح الى لمحة اجتماعية سائدة عبر زمن ما..وفي مكان ما..وتنبيه لاستمراريتها..(تعودت...) حيث العبارة دالة واضحة على الفعل المستمر..اختزال مبهر..لصور حسية تنم عن فعل مقتدر..وصناعة اصيلة..واظهار لمعالم حية في نفس القاص.
بالطباشير
معاينة ميدانية لنمط الحياة الاجتماعية السائد في ذاكرة القاص.. وابراز لنمط العلاقات التي كانت تسود الاجتماع..مع عدم الاغفال عن اهمية جذور العلاقة هذه منذ المراحل الاولى لحياة الانسان..اقصد الطفولة وما ترسخه هذه العلاقة في ذهن المرء عندما يكبر.. حيث مما لاشك فيه ان لها مخلفات غرائزية بالاخص عندما تجمع الجنسين معا في الطفولة..بسبب عوامل عديدة لعل ابرزها ضعف ونقص في المفاهيم المتعلقة بالثقافة الجنسية لدى الاباء مما يولد حالة غريبة من الكبت وعدم فهم ان العلاقة بين الجنسين ليست بالضرورة علاقة جسدية..وهذا ما حدا به ان يشعر بملامسة يدها حتى الغبش...
ظلام بعيد
رسم تصاعدي للذات البشرية..فمن خلق زمني ومكاني..الى نمطية الحياة..نصل الى مرحلة لاتقل اهمية من المراحل السابقة..مرحلة الواقعية في التفكير..ولكن بحكم الافكار الطوبائية التي كانت ولم تزل تسود عقولنا..لقلما نستطيع هضم الواقع..لاننا حتى وان عشناه كما هو لاندركه كما يجب ان يدرك..انما نحن حتى في ادراكاتنا له لا نكون الا صورة مماثلة لنمط الافكار السائدة عندنا..وحتى اكون اكثر وضوحا..اننا نعيش الحلم..وكل افعالنا ليست الا وليدة لاحلام..لاننا لم نكن مصدر الفكر انما كنا ولم نزل نتلقاه..لااقصد الافكار القديمة لاني لست ممن يقول كان...انما اؤمن بالفعل الحاضر المستمر..ومن المنطلق..تتعلق الذات لدينا بالصور وبالاحلام..وحتى في الرومانسيات..نجدنا نقلد..ونظهر للحبيبة بان حضننا واحة..وعندما يتحقق المطلوب سواء ايجابا ام سلبا يظهر للطرفين بان الواقع ابعد من ما نراه بفكرنا الضيق الحماسي..وكأننا نعيش تناقضا حادا في فكرنا..بل انها الازدواجية بحد ذاتها.
البحث
خروج غير مألوف عن سير الاحداث السابقة لانني ظننت بان التطرق لمسألة..الله الايمان قد تأتي في النهاية لحصيلة نهاية لمراحل سير الانسان..لكنك استعجلت الامر..واقحمته هنا..
بيد كوجهة نظر شخصية اجد بان الوقت غير مناسب لذلك..لكن مادمت قد فعلت..فانه امر اخر يتطلب منا الوقوف عنده..اقصد هذه التحولات السريعة الغير التدريجية التي تعصف بالذات الانسانية..فتحمله من اجواء التكوين والصراع مع الافكار ومحاولة خلق ذات واعية متمردة على الاعراف والقيود السائدة الى عالم فيه..كل سؤال يخلق الف..اسئلة تلد اخرى.. والنهاية اجوبة طوبائية بل ميتافيزيقية غيبية لاتقنع فتخلق بذلك شخثية غير متكاملة..
وهذا ما..يجلع المرء..يبحث عن المنقذ..ولا..منقذ لديه غير..الايمان..بالله..
زجاج مكسور
الوصول الى مرحلة التحدي..وقد يتسائل البعض لماذا التحدي..لانه قد الى مرحلة عمرية توجب عليه ان يكون ذا ارادة صلبة..فالحياة..لاتعطي لمن يستسلمون للواقع بسهولة دون كفاح وتمرد ونضال..وهنا تبرز سمة الادراة والتصميم والبحث الجاد..بحيث يكون الانسان بعد مراحله السابقة قد وصل الى مرحلة صقل كل ماعرفه وتعلمه في الواقع من اجل الاستمرارية..لانه ان لم يفعل يصبح اداة سهلة بيد القدر وصانعيه..اقصد ارباب الحياة ومن يتحكم بها..من هنا اجده قد اراد..وحدد سبل الوصول لما يريد..وحتى عندما واجهه صعوبة كان متسلحا بالارداة..بالرغم من الوضع كان مؤلما...بان سلم المعرفة الذاتية لديه في عملية تصاعدية قد غطت على القفزة الغير متوقعة التي حدثت في بحثه عن الله.
سيور ذهبية
لم تعد الامور كما كانت من قبل فقد تعقدت الحياة..ةاصبحت تتطلب نمطا اخر من التعامل معها..فبيع الزجاج المكسور..والسينما...وو..هذه الامور قد مصى وقتها واصبحنا الان في مرحلة التكوين الاجتماعي حيث العواطف والغرائز المكبوتة اصلا..قد تحركت..نوعا ما.. وذلك لوجود ملطفات ومحركات ذاتية وخارجية لها..فبعضها..خلقت فيه..وبعضها اكتسبها جراء الاختلاط والرؤية والاستمرارية..هذه المرحلة هي قريبة من مرحلة تحمل المسؤولية التي احيانا نسمع الاباء والامهات يخاطبن ابنائهن بها..بالاخص عندما يثير موضوع الزواج فيقول له هل انت قادر على تحمل المسؤولية...ووووو.....لذا فصاحبنا الان يدير محلين كبيرين لبيع الاحدذية اي انه اصبح ذا قيمة اجتماعية اقتصادية وهما قيمتان مهمتان في الاجتماع لدينا بل احيانا نفضلها على القيمة العلمية..واثناء ذلك كان لابد للغريزة البشرية فيه ان تكبر وتصل لمرحلة البحث عن منفذ ليصقل مسؤليته فيها..وها هي محاسن تظهر للعيان..
في وجود محاسن استطعت ضرب عصفورين بنصف حجر..حيث اظهرت الحالة الطبيعية التي يجب ان يصل اليها صديقنا..مرحلة تحرك الغريزة فيه..وكذلك استطعت باتقان ان تظهر نمطا اجتماعيا هو الاخر سائد في مجتمعاتنا وهو الزواج عن كره..اقصد اكراه الفتاة للزواج من شخص تكبرها بعقدين او اكثر من الزمن لاسباب معلومة وهي المال...وهذا ما يجعل البعض منهن يلجأن للغاز...للجاز...للساطور....لله رب مع من يحبون....لل......مما يخلق مشاكل اجتماعية كبيرة..منها الثأر...ووووو.
اذا..اصبحنا على ابواب الوصول الى مرحلة النضج..فاما ان تكون ثمرتنا طيبة ام تكون عكس ذلك..لننظر..؟
يوم " القبض " !
مرة اخرى اجدني استفيق على خلل مرحلي..فأما انا قد تخطيت..وقفزت..واما..ان الكناية هنا في هذه المرحلة التي هي اقرب الى الطفولية ..الصبيانية منها من مرحلة التعلم الجامعي الواعي الى حد ما...فمن نمط التعليم..الى اسلوب التعامل..والى الخوف من عقوبة الام..وو.. كلها امور تعيدنا الى حيث بدانا..مرحلة الصور الحسية المختزلة..ولااعلم ماضرورتها هنا..لاننا كنا بصدد حصد الثمرة..والنظر الى نوعيتها..مع انك لم تخيب ظني نهائيا.. في ذلك.. لاني وجدتك هنا ترسم لنا شخصية..تأملية..تفكر في النصوص القرآنية وتفكر في مسألة العقوبة الجسدية..وكذلك شخصية تعرف ان هناك شيئا يسمى البر باللوالدين.. وكذلك مأسلة التقير في اداء الواجب..سواء ا كان الدراسة ام العمل ..المهم..ظهور الكذب..هنا..
جعل من الثمرة..تظهر..بوضوح..لانها ثمرة تعلمت الكد..وتخطت صعوبات كثيرة لذا فهي لاتلجأ للكذب الا فيما يخص الخوف من العقوية.
هنا كنت امام مشاهد اجتماعية اخرى..حيث مسألة التربية بالعصا..ومن ثم العقوبة من الام.. هذه المسألة قد تخلق شخصية ضعيفة في المستقبل..مع عدم الاغفال عن الجانب الايجابي من علاقة المعلم بالبيت وبمكان العمل... علاقة مهمة..مع اننا لانشجع العمل في مثل هذه المراحل من التعليم..؟
العمل ككل قطعة ادبية واعية ألمت بالجانب الانساني .. والاجتماعي..والتربوي.. والغرائزي..الفرويدي...وبجوا ب نفسية عديدة..لذلك يعد من الاعمال الرائعة جدا.
تقديري واحترامي
جوتيار

جوتيار تمر

استمتعت بالقراءة التي قدمتها ..
ولكن ما أردته هنا أن أقدم ومضات تبرق في الذاكرة عن عوالم الطفولة وبدايات الصبا..
لذا لم أسعى لترتيب زمني ولا موضوعي ..
قدمت شذرات من الذاكرة بلا ترتيب مقصود وهذا ما قصدته .
لم اطمح لتقديم بعد تعليمي او اخلاقي بقدر ما أردت ان أدون بعض مشاهد وخبرات الطفولة الباكرة ..
وهذا في حد ذاته هو البعد الجمالي / الفني في تلك النصوص .
هل توجد رسالة او خطاب؟
بالتأكيد .. وأترك لكل قاريء أن يجتهد بتقديم انطباعاته ..

شكرا لك.

سحر الليالي
29-06-2006, 11:33 PM
أستاذي الفاضل سمير :

أعتذر لتأخري في الرد على قصتك الرائعة

لكم افتقدت قصصك

كن دوما هنا ،ولا تغب عنا

دمت لنا ودام ابداعك

تقبل خالص إحترامي وتقديري وباقة ورد

سمير الفيل
02-07-2006, 01:03 AM
أستاذي الفاضل سمير :

أعتذر لتأخري في الرد على قصتك الرائعة

لكم افتقدت قصصك

كن دوما هنا ،ولا تغب عنا

دمت لنا ودام ابداعك

تقبل خالص إحترامي وتقديري وباقة ورد

سحر الليالي
أشكرك جدا ..
سأكون هنا كلما تيسر لي الأمر ..
وتحية شخصية لحضرتك

سمير

سمير الفيل
09-02-2008, 02:49 PM
http://www.asmarna.org/img/6/906d0c4a1c1.jpg


صدرت مجموعة قصصية جديدة تحمل عنوان

" مكابدات الطفولة والصبا"

من تاليف سميرالفيل
عن دار الكنوز ببيروت..
يوليو 2007
وبالتعاون مع موقع أسمار الألكتروني .

شكرا للواحة..

سمير الفيل
08-12-2008, 09:43 AM
المجموعة القصصية التي تحمل نفس الأسم
( مكابدات الطفولة والصبا )
تناولها الشاعر مصطفى عزالدين العايدي في مقال بمجلة أدب ونقد..
العدد 280 ، ديسمبر 2008

آمال المصري
08-12-2008, 11:45 PM
الأديب القاص الرائع / سمير
مجموعة أقاصيص رائعة بحق
استمتعت مع كل منها وعشت أحداثها وكأني هناك
نصوص راقية وهادفة أتقنت فكرتها
دام لنا الجمال هذا
سلال ياسمين ندي أستاذي الفاضل

سمير الفيل
09-12-2008, 04:33 AM
الأديب القاص الرائع / سمير
مجموعة أقاصيص رائعة بحق
استمتعت مع كل منها وعشت أحداثها وكأني هناك
نصوص راقية وهادفة أتقنت فكرتها
دام لنا الجمال هذا
سلال ياسمين ندي أستاذي الفاضل

شكرا يا رنيم..
وكل سنة وأنت طيبة..

سعيدة الهاشمي
22-12-2008, 03:13 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

أستاذي سمير،

لعلي لا أجد ما أقوله بعد الردود العميقة التي تركها الأساتذة الأفاضل ها هنا،

لكني بحق استمتعت بقراءة ما كتبت، مكابدات الطفولة والصبا، طابق العنوان المحتوى،

طفولة تتأرجح بين واقع مر وحلم زاهر ومعانقة سرب من خيال هارب.

كريشة فنان كانت كلماتك رسمتَ بحرفية عالية المشهد، لنجدنا في الأخير أمام لوحة بهية

متكاملة متناسقة تثير الدهشة والإعجاب.

دمت بإبداع أستاذي سمير. تحيتي ومودتي.

سمير الفيل
28-03-2009, 08:03 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

أستاذي سمير،

لعلي لا أجد ما أقوله بعد الردود العميقة التي تركها الأساتذة الأفاضل ها هنا،

لكني بحق استمتعت بقراءة ما كتبت، مكابدات الطفولة والصبا، طابق العنوان المحتوى،

طفولة تتأرجح بين واقع مر وحلم زاهر ومعانقة سرب من خيال هارب.

كريشة فنان كانت كلماتك رسمتَ بحرفية عالية المشهد، لنجدنا في الأخير أمام لوحة بهية

متكاملة متناسقة تثير الدهشة والإعجاب.

دمت بإبداع أستاذي سمير. تحيتي ومودتي.

سعيدة الهاشمي

منذ وقت طويل لم أنشر نصوصا هنا رغم وجود عدد من الأصدقاء الذين احترم ثقافتهم الرفيعة ..
سأختار قصة من نصوصي الأخيرة..
وانشرخا في منتدى القصة..

أشكرك لذوقك الرفيع يا سعيدة..

د. سمير العمري
01-08-2012, 07:09 PM
أنت أستاذ في فن القص فلله درك من أديب مبهر!

لا فض فوك وإن نصوصك تشد القارئ إليها بما حوت من إبداع وإمتاع!

دمت بخير وعافية!

وأهلا ومرحبا بك دوما في أفياء واحة الخير.


تحياتي

ربيحة الرفاعي
22-11-2012, 06:21 PM
قصة بديعة بسردها المشوقولغتها القصية المكينة وإحاطة كاتبها الملفتة بالفكرة وما أراد حمله على أجنحتها
كانت لي هنا جولة في فضاء قص جميل وأدب قويم متمكن

أهلا بك في واحتك

تحاياي

نداء غريب صبري
10-01-2013, 08:47 AM
مجموعة قصصية رائعة
وقصص قصيرة جدا كانت كل واحدة تحفة تستحق ردا خاصا بها
لكنها نشرتها معا

شكرا لك أخي

بوركت

ناديه محمد الجابي
16-08-2016, 08:43 PM
انتشت الروح من عبير حرفك وجمال وصفك
أجدت الرسم بريشة متألقة بسرد رائع ولغة شيقة وواقعية بسيطة
تسلب المتلقي عقله ليغوص معك في ذكرياتك وتجبره على القراءة
بعناية واستمتاع مرات ومرات.
أدام الله هذا القلم الجميل ـ ولكن ألا من عودة لواحتك المشتاقة لحرفك
تحياتي وتقديري. :001: