المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لمن تُذرف الدموع ؟!..



يوسف الحربي
26-06-2006, 11:36 AM
http://alfajralb3eed.jeeran.com/dmo3.jpg

لمن تُذرف الدموع ؟!

_ .......
_ سأنظر في الموضوع غدا يا رزّة ..في أمان الله
بهذه العبارة أنهت نور محادثتها الهاتفية والتفتت لصوت والدتها السيدة سمر وهي تسأل
_ مع من تتحدثين ؟
_ زميلتي في العمل الدكتورة رزان
_ سمعتك تقولين رزّة
_اسمها رزان ولكن والدها الأستاذ فارس العربي لا يناديها إلا رزّة مُذ كانت صغيرة وحتى الآن ..
( رزان فارس العربي ) انتاب السيدة سمر ذهول حين ولج هذا الاسم أذنها ..أيعقل أن يكون هو فارس حبيبها الذي كان يوماً ماليء القلب وشاغل التفكير .. وما زال .
هل انتشله القدر من براثن الفقد الذي أسقطه فيها ليعود به ثانية بعد عشرين عاما ..
انسرح فكرها في أفق تزاحمت الصور في مداه , كان يحدثها عن ابنته الرزة كما يحلو له أن يناديها به , كان يطلق عليها لقب الحارس الشخصي كونها ترافقه أينما ذهب , يتحدث عنها حد الوصول إلى تخوم غيرتي ..أيكون هو ؟ ..لا أكاد أصدق ولكن الدلائل تشير على أنه هو .. والقلب كذلك ..
اخترم السكون صوت نور يمزق حبائل التفكير الملتفة هو والدتها
_ استأذنك يا أمي ..سأذهب لأنام
_ تصبحين على خير يا حبيبتي ..آه لا تنسي .. أريد التعرف إلى رزان
_ حسناً .. سأدعوها للعشاء مساء الغد ..
مضت السيدة سمر إلى حجرتها , أوصدت الباب وأشرعت نوافذ الذاكرة على ذاك اليوم من شتاء العمر حين انسلت من بين الغمام خيوط دفء تنسج من الحنو منديل حب تمسح به ما ارتسم من صقيع الواحدة على جبين عمرها.
ارتمت على السرير وطفقت تنفض عن أرفف الذاكرة ما علق بها من أغبرة السنين الخوالي , تواردت الأفكار تخلق في قلبها شعوراً جميلاً بأنها ما زالت تعيش تلك الأيام حين كانت تروي تشققات الحنين من ودق غيمة حنان فارس وعطر كلماته وهو يسكب في أذنها ..أحبك يا أجمل العمر .
آه يا فارس ..آه يادمي ..لم تكن أبداً يد حبك مغلولة إلى فؤادك ..
جمح بها الخيال حين أغمضت عينيها تستدني طيوف ذاك الذي غيبته السنون في رمالها , تراه مقبلاً يتضرج وجهه حباً ويهمس لها في حنو ..مساء العطر يا أجمل ما في دواخلي ..
أحست نحوه بشوق شديد ولهفة أن ينتشلها مما هي فيه الآن ويضمها إلى صدره كي تنتظم أنفاسها المتسارعة مع خفق قلبها .
تقدمت خطى الليل وهو يجد السير في درب تحفه الذكريات وتقفوا أثره رواحل أفكار ما برحت تنبض بين القلب والحنايا
.......
حل المساء وحانت لحظة ما غفلت عين السيدة سمر منذ انتظرتها , أقبلت رزان تمشي في هدوء , يدها في يد نور وبينهما ابتسامة وهمس لا يكاد يُسمع , أسرعت في خطوها حين رأت السيدة سمر ومدت يدها نحوها وهي مطرقة في حياء ..أحست السيدة سمر برعشة وهي تصافح رزان , أرادت أن تقول شيئاً ولكن لسانها تعثر في أطراف الكلمات , طفقت تتأمل وجهها وتتفرس في ملامحه , امتدت يدها تمسح جانب وجه رزان وتداعب خصلة شعر انسدلت على جبينها .. نهض لسانها من عثرته وهمست في حنان بالغ ..رزّة ..سحائب الحنين أسدلت على عينيها ستائر الدمع وعلى وميض بارق الذكرى تبدى لها وجه حبيبها فارس متجسداً أمامها في صورة ابنته ..هزها الشوق وفاضت عيناها بأحلام توارت في طيات السنين الماضية , انهال عليها سقف الذكريات , أرادت أن تقاوم فخذلتها دموعها المنسابة وألفت نفسها تحتوي رزان بين ذراعيها وتضمها لصدرها تستشعر دفئاً وحناناً ورائحة حب انبعثت من عمق الذكريات
لمن كانت تذرف الدمع ؟
أكانت تبكي حبيباً أوقدت له ذات شوق من لواعج العشق فناراً يهتدي بنبضه بيد أن دوامة البعد رحلت به إلى الأعماق وحال الموج بينهما
أم كانت تبكي حظاً سقط في براثن ساعة نحس لم تنقضي دقائقها بعد
أم أنهاكانت تبكي قدراً بعث جذوة من بين رماد الماضي لتحترق به شوقا


ابن المدينة / يوسف الحربي

د. محمد حسن السمان
26-06-2006, 07:23 PM
سلام الـلـه عليكم
الاخ الفاضل الاديب يوسف الحربي ( ابن المدينة )

تجسيد لحالة انسانية , تحدث بصمت , في مجتمعاتنا , في قصة سهلة الوقع , مباشرة الاداء , اجادت ربط البعد الزماني والمكاني , ونجحت في التداعيات , جميلة البناء , شيقة الصورة , تغري بالمتابعة .
بوركت ايها الاديب , وبوركت هذه البراعة .

اخوكم
السمان

سعيد أبو نعسة
27-06-2006, 07:45 PM
أخي الحبيب يوسف الحربي
قصة مشوقة تثبت رسوخ قدمك على طريق السرد .
دمت في خير و عطاء

سحر الليالي
30-07-2006, 09:43 PM
جميعها يا يوسف جميع الأسباب ...أجل لهذا ذزفت تلك الدموع...

.
.

يااااا لروعة ما قرت !!!

قصة من أجمل ما قرأت

رائعة ،رائعة يا ابن المدينة

سلمت لنا ودام ابدعك

تقبل خالص إعجابي وتقديري وباقة ورد:0014:

يوسف الحربي
09-08-2006, 06:57 AM
سلام الـلـه عليكم
الاخ الفاضل الاديب يوسف الحربي ( ابن المدينة )

تجسيد لحالة انسانية , تحدث بصمت , في مجتمعاتنا , في قصة سهلة الوقع , مباشرة الاداء , اجادت ربط البعد الزماني والمكاني , ونجحت في التداعيات , جميلة البناء , شيقة الصورة , تغري بالمتابعة .
بوركت ايها الاديب , وبوركت هذه البراعة .

اخوكم
السمان
أستاذنا الأجمل
أشكر لك أحرفاً تغرس بين الأحناء رضاً وغرورا
كل الحب والتقدير لك أستاذي

عبلة محمد زقزوق
11-08-2006, 09:30 PM
قصة جميلة
متناغمة مليئة بمفردات ومعاني رائعة .
تحياتي وتقديري أخي الفاضل / إبن المدينة

ولكن لو سمحت لي
لماذا تلك التساؤلات في نهاية القصة ؟
ياليتك تركتها لنا نحن القراء فسوف يكون وقعها أفضل .
تقديري

يوسف الحربي
20-08-2006, 01:10 PM
أخي الحبيب يوسف الحربي
قصة مشوقة تثبت رسوخ قدمك على طريق السرد .
دمت في خير و عطاء
حبيبنا الغالي / سعيد
أعرفك سيدي ..لا تجامل ولا تضفي مساحيق على كلماتك ..أعرفك ولهذا تجدني أفكّر ألف مرّة في كلماتك ..سأناقشك في موضوع السرد هذا لاحقا

يوسف الحربي
20-08-2006, 01:14 PM
جميعها يا يوسف جميع الأسباب ...أجل لهذا ذزفت تلك الدموع...
.
.
يااااا لروعة ما قرت !!!
قصة من أجمل ما قرأت
رائعة ،رائعة يا ابن المدينة
سلمت لنا ودام ابدعك
تقبل خالص إعجابي وتقديري وباقة ورد:0014:
أعترف أنها قصة كُتبت بــ قلم استمد مداده من مكامن الشجن ومنابع الدموع ولهذا نجد أن القصة تؤثر في أولئك الذين يملكون مشاعر مرهفة وأحاسيس رقيقة ..
كل التقدير أختنا الغالية

حسنية تدركيت
22-08-2006, 07:20 PM
كانت تبكي حظها العاثر في عدم الوصول اليه
كانت تبكي قلبها النابض يردد عليها اسما ظنت انه توارى خلف استار الايام والليالي لكنه انبعث من جديد
ممتعة للغاية اخي يوسف الحربي بل رائعة

يوسف الحربي
09-12-2006, 02:50 AM
قصة جميلة
متناغمة مليئة بمفردات ومعاني رائعة .
تحياتي وتقديري أخي الفاضل / إبن المدينة
ولكن لو سمحت لي
لماذا تلك التساؤلات في نهاية القصة ؟
ياليتك تركتها لنا نحن القراء فسوف يكون وقعها أفضل .
تقديري
القديرة عبلة محمدكأني أروي القصة لجليس وكأني في النهاية أبحث عن ماء جواب يطفيء نار الأسئلة ..الكثير أبدوا ذات الملاحظة ويبدو أني المخطيء
كما هو وقع مديحك سزرع الفرح كذاك وقع ملاحظتك يزرع الاهتمام
دمتِ بكل خير نقية الحرف
حفظك الله

يوسف الحربي
09-12-2006, 03:10 AM
كانت تبكي حظها العاثر في عدم الوصول اليه
كانت تبكي قلبها النابض يردد عليها اسما ظنت انه توارى خلف استار الايام والليالي لكنه انبعث من جديد
ممتعة للغاية اخي يوسف الحربي بل رائعة
أشكرك أختي حسنية ولك التقدير على هذا حضور يرسم الفرح
حفظك الله

بسمة
09-12-2006, 03:28 AM
لمن كانت تذرف الدمع ؟
أكانت تبكي حبيباً أوقدت له ذات شوق من لواعج العشق فناراً يهتدي بنبضه بيد أن دوامة البعد رحلت به إلى الأعماق وحال الموج بينهما
أم كانت تبكي حظاً سقط في براثن ساعة نحس لم تنقضي دقائقها بعد
أم أنهاكانت تبكي قدراً بعث جذوة من بين رماد الماضي لتحترق به شوقا


كانت تبكي نفسها .. دموع مؤجلة ليس اكثر ..
شكرا لك ..

د. سمير العمري
29-01-2007, 10:51 PM
الحبيب يوسف:

قرأتك هنا من جديد أيها المتألق في عالمه المبدع.

ورأيت هنا قصة مكتملة العناصر رائعة الأسلوب شيقة السرد يهية التعبير.

لا تزال تسحرني بأسلوبك الجميل المميز منذ عرفتك.


ولعلني أسأل القائمين على منتدى النثر والقصة لم تركت هذه القصة هنا ولم تنقل إلى ملتقى القصة؟؟



تحياتي