المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة قصيرة :- هذه الليلة ....



سامح عبد البديع الشبة
04-07-2006, 10:43 AM
قصة قصيرة :- هذه الليلة ....

بقلم/ سامح عبد البديع الشبة

إنها ليلة ليست كالليالى ... لا تشبه ولا ليلة ... ليلة أسدل الظلام الحالك فيها ردائه ... القمر بين أحشاء السماء يستحى أن يولد أمام الدجى ... توارى خلف سحب الظلام الدامس .
الطريق يبدو أمامى خالياً من الآدميين ، وما من بصيص ضوء يجتاز هذا السكون المخيم على الطريق ، وجاءت هذه الليلة ، وكان الصمت اللعين الذى دفعنى للخروج فى هذا الوقت المتأخر .
الليل أمامى طويل وممد بطول الشارع ، فعندما انتهيت من روتينى اليومى ، وتمددت على سريرى ، وجدت السهد يغزو أجفانى معلناً أنه ... لا للنوم هذه الليلة ، ونعم للأرق والوحدة ... وبالشعور بالبرودة ... ربما يرجع السبب فى ذلك قلة الطعام المهضوم ... أو قلة الداخل إلى المعدة .
ألف البطانية وأمسد قدمى بكفى عسى أن تدفأ ، وأتعجب كثيراً ... أعجب كيف لها أن تنام ويزداد شخيرها بجوارى دون أن تس ببرودة هذه الليلة - بل وحبات من العرق تتلألأ وتزين جبينها .
- أنا الآن بخير .
نهضت بفتح باب الشرفة ، وأخذت أمعن النظر فى البيوت القريبة منى ... فأجد أحبال غسيلٍ خالية من المتعلقات الشخصية ، وأشم روائح لطبيخٍ منبعثة من عند جارتى مدرسة الاقتصاد المنزلى .
تركت امرأتى تغط فى ثباتها العميق ، أطبقت على أذرع الوحدة داخل الغرفة الرطبة ، وجدتنى بعد طول تفكير قد تهيأت للخروج ... فتحت الباب وتسللت فى هدوء ... وإلى الشارع قد خرجت .
أرانى أخوض فى دروب المدينة وقدماى لا أعرف لها مدى ... أين النهاية ... فلا أعرف ... فالليل سواد قاتم وخيفة موحشة .
يتراءى لى الطريق كثعبان يتلوى ... خفت انتابتنى لحظات خوفٍ وفزع ... أبحث عن صديق أقضى معه ليلتى ... رجل أكلمه ويكلمنى ... أغنى له " الليل لما خلى " ، ويغنى لى " أقبل الليل " ... أفضفض له عن أيام عزوبيتى ... ويفضفض لى عن أيام ميلاد طفله الوحيد .
الآن ... بينى وبين الطريق ثأر ... وأرق ... ووجع .
دفعنى غرق البيوت والبنايات فى بحور النوم العميق إلى الغناء ، فتعالى صوتى عالياً ، ماراً بكشك الجرائد ... ومكتب البريد ... وحلقة السمك ... وسوق الخضار ... والسنترال ... وكبائن ميناتل ... وغمرنى إحساس بالسعادة ... وارتفعت نبرات الصوت تدريجياً ... فلا أحد يسمع غناءى ... لا أحد ينصت لموسيقى حنجرتى ... ويتفرج على وأنا نجم يتلألأ على رصيف المحطة .
حتى سمعت عواء كلاب ... ظهرت فجأة ... تسمرت أمامى ... تسمرت أمامها وشللت خائفاً ... شاحباً ... ارتجف ... أهتز بعنفس ... رحت أهز رأسى آسفاص - لعلهم يفهمون إشارتى وإمائاتى - على خروجى فى هذا الوقت المخصص لحياتهم .
صرت كطفلٍ خائف ... فما الذى دعانى للخروج فى هذه الليلة الممطرة .
فدارت حولى تتشمم رائحتى ... سكتت عن النباح المستباح ... وقررت فى هذه اللحظة الاشتباك معهم فى معركة لا أدرى عواقبها ... فهممت بالاقتراب منهم ... إلا أنهم سبقونى ... واقتربوا رويداً ... رويدا ... واشتبك بنطالى بأسنان أربعة كلاب ... تتراوح أعمارهم ما بين ( 3 - 5 ) سنوات ... وتختلف ألوانهم بدرجات متفاوتة ... وهم كلب منهم بالانصراف - أظن أنه أكبرهم - فتبعته بقية الكلاب فى استسلام وخنوع .
فى الطريق ... عاوت الانطلاق بخطىً مغلفة بالخوف والحذر ، تدور عينى فى كل الأمكنة ... مهيئاً نفسى لأى كلبٍ يحاول الاقتراب من البنطال ... أمسكت بقطعة جريد خضراء أهش بها الناموس الذى لازمنى ولا يكاد يفارق جسدى .
انعطفت إلى اليمين ... وكان نباح الكلاب يصلنى متموجاً متقطعاً ... ومضيت أتجول بين الأزقة المظلمة ... أدخل يميناً وأنعطف يساراً ... حتى كدت أن أتيه فى هذه المدينة .
- غريبة عنى هذه الأزقة والشوارع .
غادرت الزقاق ... وانعطفت مع أول شارع بدا لى فى المدى .
- شارع التحرير .
أروقة الليل تتلقفنى ... فوجدت قدماى تقودانى إلى حيث بعض الرفقاء فى السهر ... يقضون ليلهم فى قهوة الشعيرى ... ذلك المكان الذى يتسامرون فيه ويفضون لبعض ما جرى فى يومهم ... ويلقون على كاهل كل منهم هم الآخر .
أسمع ضحكاتهم ... فقد دنوت منهم ... وانجذبت إليهم .
فى ذلك المكان أدهشتنى تلك الوجوه الساهرة فى هذا الوقت المتأخر ... حاولت الاندماج مع أحدهم فى أى كلام أو الضحك معه على أية نكتة أو " إفيه " ماسخ ... فلم أجد لذلك مدخلاً ... فران الصمت على المجلس للحظات ... رأيت خلالها كثير من علامات الاستفهام الفضولية ... يبرق فى عينى أحدهم سؤال محير عن سبب تشريفى لهم هذه الليلة ... خاصةً أنهم كثير ما ألحوا على بالسهر معهم ... فأوهمتهم أنه الأرق والسهاد .
تبادلوا النظرات ... تبادلوا التحية ... احتفى بعضهم ببعض وخاصةً الاحتفاء المغالى فيه الذى يبدونه لى .
أفاقنى الأستاذ سعد من شرودى بسؤاله عن نسبة الزيادة فى الأجر الذى اتفقنا عليه مع صاحب العمل ... تاهت الإجابة من لسانى ... وهل أصارحه بأن هذه الزيادة لا قيمة لها بسبب تلك الزيادة فى السعار التى أعلنتها محلات البقالة والمطاعم والأقمشة ... أم أغضبه وأصارحه بأنى منذ جلوسى بينهم لم أنصت إلى أحاديثهم ... وأنى طوال الوقت مشغول بتلك المرأة القابعة فى المنزل تنتظر عودتى حتى تحيل على الدنيا حطاماً وركاما .
دون مقدمات قررت الانسحاب ... تركت الجميع فى ذهول ... تبعنى صياح الأستاذ على " انتظر يا رجل " ... لم أعره أى اهتمام ، ومضيت ... وها أنا بعد اجدنى ضالاً فى متاهات الليل ... آه ... إنها بانتظارى الآن أمام عتبة البيت ... تقف وبيدها نابوت زان طويل استعداداً لاستجواب قد يطول حتى عصر الغد ... وقد تطردنى من المنزل ... وربما أبيت فى العناية المركزة ... ليتها نائمة الآن ... كم أتوسل إليك إلهى ... هل اكتشفت أمرى ... هل علمت أنى فككت قيودها وأنى طوال ذلك الوقت خارج البيت ... آه ... ستقوم قيامتى إذن ... ستنطبق على السماء .
فوجئت بقدماى تتوقفان فجأة أمام بيتٍ ألقى الظلام ردائه عليه ... بدأ جسدى يرتعش وقد غمره فيضان العرق المتدفق مختلطاً بقطرات المطر ... ولولا أنى أخشى المبيت بين جدران قسم شرطة البرلس ما كنت فكرت فى الدنو من هذا البيت .
تعثرت قدماى بعتبة البيت ... الريح جأرت من خلفى ... كأن إعصاراً سوف يدك الدنيا هذه الليلة ... هل سأنجو من هذا الإعصار الكاسح ... أدعوك إلهى .
أخرجت المفتاح ... أدخلته المزلاج ... دار فى ضجر ... أأسحبه قبل أن يتم دورته ... سمعت تكة المزلاج تنطق ... فى هدوء وحذر ولجت إلى الداخل .
استدرت ... يأتينى صوت موتور لتوليد الطاقة من تلك المرأة البدينة ... انتابنى خوف ... أغلقت الباب ... تقدمت خلال الردهة الضيقة ... الغرفة معتمة ... لك الحمد يارب ... اطمأنت سريرتى ... عاود قلبى نبضه الطبيعى ... دلفت إلى الغرفة ... ربما توك متيقظة تصطنع النوم ... الغرفة تبدوا قفراً كصحراء القلب الجافة ... شخيرها يمزق رداء السكون ... ليتها لا تقوم .
فى لحظات كنت مستوياً بجوارها ... السرير يأن تحت وطأة ثقلها ... النافذة أمامى ترقبنى بزجاجها المشروخ ... بعض التموجات الضوئية تتسلل منها إلى الداخل ... انعكس على محتويات الغرفة الواقعة كأشباح ترصدنى ... يأخذنى الشخير إلى وجهها المكتنز - مازال يرطبه قطرات العرق - والشامات السوداء الصغيرة المتناثرة على جلد وجهها ورقبتها - أقصد لغدها - أدهشنى وجهها وتابعت النظر إليها ... إلى الجثة الهامدة بجوارى ... أظافرها التى كانت تلتمع بطبقة من قشر الطماطم .
عيناها مغمضتين ... ولكنها يبعثان شرراً يذيب جبالاً ... وجدتنى أذوب بسرعة تحت الغطاء فى اضطرابٍ وخوف ... خوف طفل يخيل إليه أن عفريتاً يتبدى له فى الظلمة ... اصطكت أسنانى فى عنف ... أكاد أبكى ... تتقافز فجأة إلى مسامعى بعض الوشوشات والهمس صادرةً من الصالة ... يزداد انكماش فى صدرى ... أنكمش ... يجف حلقى ... هيئة رجل ما تتمثل أمامى ... يقف جوارى ... يدنو منى ... يمسك برقبتى ... يعتصرها فى جنون وغل .
أرفع الغطاء عن وجهى ... كدت أغرق فى لججٍ عميقةٍ لا قرار لها ... تنفست شهيقاً طويلا ... خيال ما تحرك على عتبة باب الغرفة ... تأخذنى عيناى إلى حيث تحرك الخيال ... حركة خفيفة متسارعة تشدنى مرةً أخرى للحياة ... إنه الفأر الذى لم أقدر على ملاحقته فى الصباح ... يتسلل فى خفية داخل الغرفة ... تغوص أسنانه فى أحد ساقى السرير ... آهـ ... لقد صار ضخماً عما تركته فى الصباح ... آهـ ... الدور سيأتى على إما عاجلاً أو آجلاً .
الفأر استقر فى مكانٍ ما تحت الدولاب ... أراه يرمقنى بنظراتٍ قوية تحيلنى إلى عالم الموتى ... كأنه يتحدانى إن إستطعت حتى إطلاق صيحة أخيفه بها .
أسمع خرير الدماء فى عروقى ينساب إلى وجهى ... صار جمرةً متقدة ... تصلبت نظراتى فجأة على الفأر ... لا أكاد أحس بدقات قلبى ... معذرةً فقد توقف النبض من فرط سرعة الدقات ... أرجوا الهدوء ... فقد رحلت إلى العالم الآخر .

( تمت )

الاسم/ سامح عبد البديع الشبة
sameh_ss_center@yahoo.com

صابرين الصباغ
04-07-2006, 05:19 PM
أخي سامح
عندما نفتقد للدفيء ونحن في عز القيظ
فلن يُشعرنا به شخصا أى من كان
البرودة والوحشة تسكننا ، تعيش أيامنا
نلتحم بأرقنا نحاول الخروج منه ومع كل محاولة يحاصرنا أرق شديد
كأنه يتلذذ بوحشتنا
والهم الجاثم على بطلنا أعتقد انها زوجته برائحة الطعام التي تفوح منها
واظافرها المظلية بصلصة الطماطم
فعندما نشعر بالكابة نرى كل شيء كئيبا
لاأخفيك سرا شعرت بأرق وملل صحبك حتى ضجرت من صدقك
في وصف الحالة
دمت مبدعا

سامح عبد البديع الشبة
05-07-2006, 10:32 AM
أخي سامح
عندما نفتقد للدفيء ونحن في عز القيظ
فلن يُشعرنا به شخصا أى من كان
البرودة والوحشة تسكننا ، تعيش أيامنا
نلتحم بأرقنا نحاول الخروج منه ومع كل محاولة يحاصرنا أرق شديد
كأنه يتلذذ بوحشتنا
والهم الجاثم على بطلنا أعتقد انها زوجته برائحة الطعام التي تفوح منها
واظافرها المظلية بصلصة الطماطم
فعندما نشعر بالكابة نرى كل شيء كئيبا
لاأخفيك سرا شعرت بأرق وملل صحبك حتى ضجرت من صدقك
في وصف الحالة
دمت مبدعا

دمت بحالة واعية مدركة فاهمة يا / صابرين .

فلا أخفيكِ سراً بأننى شعرت بقلقٍ عندما وجدتك معلقة على النص ، فخفت منك .
فأنتِ قامة كبيرة فى مجال الحى والقص والنقد أيضاً ، فحمدت ربى على هذا الثناء الجميل الذى بدا لى عند قراءة حرفك المتمكن الواعى .

تقبلى تحياتى وتقديرى .

الصباح الخالدي
05-07-2006, 10:38 AM
قاص بارع ونص ممتع

سامح عبد البديع الشبة
05-07-2006, 11:16 AM
قاص بارع ونص ممتع

صباحك سكر يا / الصباح
تواجدك هنا له طعم آخر .

تقبل تحياتى وتقديرى .

سعيد أبو نعسة
05-07-2006, 12:56 PM
أخي العزيز سامح
قصة اجتماعية مؤثرة واقعية القسمات
أرجو الانتباه لبعض الهنات الكيبوردية .
دمت في خير و عطاء

سامح عبد البديع الشبة
05-07-2006, 01:02 PM
أخي العزيز سامح
قصة اجتماعية مؤثرة واقعية القسمات
أرجو الانتباه لبعض الهنات الكيبوردية .
دمت في خير و عطاء

سمعاً وطاعة يا / سعيد أبو نعسة .

تقبل تحياتى وتقديرى واحترامى

جوتيار تمر
06-07-2006, 03:38 PM
الشبة..
تسجيل حضور..ولي عودة...

تقديري واحترامي
جوتيار

سامح عبد البديع الشبة
06-07-2006, 04:07 PM
الشبة..
تسجيل حضور..ولي عودة...

تقديري واحترامي
جوتيار

فى انتظار عودتك يا / جويتار

جوتيار تمر
07-07-2006, 12:31 AM
الشبة..
اود ان اقسم تعقيبي او شطرين..الاول عن القصة كفكرة…والثاني عن اسلوب القصة..
عندما بدات بها..شعرت باني ابحث عن شيء مفقود..شيء ما كان يجب ان يلازم تلك الصور المرافقة للحدث حتى وان كان ذاتيا..نفسيا داخليا..فالليل..اشبه مايكون بالمغارة.. التي عندما يدخلها الانسان يشعر بعمق الوحدة..والظلمة معا.
ثم وجدتني اقف امام كم هائل من الاسئلة..التي جاءت ضمن موضوع القصة..بصورة موضوعية..لكنها كانت عابرة..سريعة بحيث قد لاتستوقف المارين عليها.
هل ابدأ..بالروتين اليومي..ماذا عسانا ندرجه تحت هذه العبارة..النوم..الاستيقاظ..ا لاكل.. العمل..الاصدقاء..الزوجة..الس رير...ال..ال.....والقائمة تطول..
ان الروتين اليومي هذا له دلالات نفسية كبيرة...فالانسان عندما يصل الى هذه المرحلة النفسية الصعبة تصبح الامور كلها عنده سيان..بل يفقد صفة العطاء داخل الاجتماع..ثم لنرافق تلك العبارة هذه..قلة الداخل الى المعدة..العبارتان معا تشكلان صورة حية لواقع الروتين ذاك الذي تحدثنا عنه..مع انه يمكن فهم العبارة الاخيرة بشكل اخر اذا ما اسقطناها على الواقع الذي يعيشه الكثير من الناس..من حيث الفقر..والجوع..ووو.
ومن هذه الحالة النفسية الصعبة..اجدني اقف امام اخرى لاتقل عنها صعوبة..بل هي اقرب الى التعقيد..عندما يكون المرء ممدا على سرير ملاصقا بجسد انثوي..وذلك الجسد زوجته.. ماذا يمكن ان يفكر به المرء حينها..هل يفكر بشخيرها وكيف نامت..والعرق....ووو...اما هناك اشياء اخرى طبيعية تثار حينها...لست هنا اضع المرأة في خانة السرير فقط..لكنها كما قلت علمية طبيعية..بعد التعب الذي يصاب به الطرفين..سواء من عمل روتيني في مؤسسة ام عمل روتيني بيتي..فالاثنان يحتاجان...لذلك الانتماء الجسدي الغرائزي..لكن لننظر الى صاحبنا..وتفكيره..هل هو الروتين الذي جعله يفكر بذلك..اي روتين اقصد..عذرا..الروتين الجنسي..هل وصلا الى حالة من الاشباع الذاتي بحيث يصبح لديهما الجنس مجرد روتين.. اننا امام حالة نادرة..اذا..فالجنس ايضا يمكن ان يمل منه الانسان..لكن كيف..هناك دائما سؤال.. هل الطرفان معا قد ملا..اذا كان طرف دون اخر..فان الامر يحتاج الى مرونة اكثر من الطرف الاخر لان عدم اشباع احدهما..قد يولد فتورا..بل قد يسبب مشاكل اجتماعية..كما قلت اننا امام حالة نفسية معقدة..ونادرة..ولنكمل المسير مع صاحبنا..انه ليس فقط لم يجد فيها ما يثره..وانما بدأ يتحدث الى نفسه..ويجيب سؤالا ضمنيا..انا بخير الان..وينهض للشرفة.. يتامل..احيانا يجد المرء في سكون اللليل ليتامل الكون..بل الذات البشرية.. بل الاحداث التي تمر بها الحياة..لكن صاحبنا..لم يجد في كل ذلك ما يشد انتباهه..انما فقط..حبال الغسيل.. ورائحة الطعام..اتراها الغريزة البشرية التي تتهرب من نفسها..ولاتريد ان تواجه تفاهة لاوعيها وضعفها..حتى يفر من امراته..ويتركها في تغط في نوم عميق..وكأنه لايفكر حينها الا بنفسه..ولايفكر بان تلك المراة قد تستيقظ في لحظة وتبحث عنه حتى وان كانت لتفعل ذلك من اجل توبيخه..حالة صاحبنا تسير من سوء الى الاسوأ..ها قد بدأ يهرب..الى اين لايدري..ولماذا لايدري..وكيف لايدري..فقط هناك هواجس داخلية تجبره على الخروج..برغم المطر.. والبرد.. وها هو..يعيش التخيلات التي تداهم ذهن الانسان عندما لايعرف نفسه ومصيره ويجهل طريقه..فيرى كل الاشياء دون استثناء..تمر الصور على ذهنه..صور مفرحة واخرى محزنة.. ثم فجأة يشد كل الاشايء انتباهه..ان صاحبنا..يعيش كالوجودي..الذي..يخشى من مصيره..ويطلب الانعتاق من كل شيء ليكون حرا..وهو دائم البحث عن الحقيقة حقيقة الاشياء..وما الهواجس التي خالجت ذاته بعدما وجد الكلاب تحاول افتراس البنطال.. الا دليل على ذلك..فردة الفعل القوية بدات هنا تظهر انه يقاوم..اذا فهو برغم الروتين مصر على الاستمرارية..اذا ان خوفه وحذره ناجمان عن دافع واحد وهو انه لايريد ان يموت.. وهذا بحد ذاته موضوع اخر.
صاحبنا يصل الى المقهى..الجميع يتسامر..يضحك..انه في نفسه..يفكر..يريد ان يخرج من دائرته لكنه لايجد ما يخرجه منها..بل ما يجذبه..ويقنعه..وهذا حال الانسان الوجودي.. انه في ذاته يعتقد بانه يرى الاشياء اعمق من غيره..لذا فهو يحتاج الى ما ابعد..واعمق ليقتنع..
الاصدقاء..برغم استغرابهم واسئلتهم..لايثيرون فيه شيئا..وكان سؤال الاستاذ سعد مقنعا جدا..لكنه اهمل ذلك..لاعتقاده بان النقاش حول الموضوع لايعطي حلا..ما زال يشعر بان لاشيء هنا يثيره..بل لايقتل الملل.. فلا يجد نفسه الا وهو خارج رغم انهم كانوا ينادون عليه بالبقاء..واثناء رحلة العودة وتلك التساؤلات..وذلك الخوف..والتوجس من امراته.. تطرح موضوعا اخر جانبيا..لكنه مهم..لايمكن التغافل عنه..حيث يتبادر رأسا الى الذهن هل تزوج الرجل هذا عن حب..وقناعة..ام انه وجد نفسه مجبرا..لان حالته ليست بطبيعية ابدأ.. ينام بجانبها ويفكر بشخيرها..ثم يهرب من السرير..ويخاف العودة اليه حتى لاتوبخه.. وتحقق معه..ثم لاباس من كل ذلك ها هو يعود..أ ليس من المفترض انه بعد خروجه يعود هادئ البال مرتاحا نفسيا لانه ازاح عن نفسه بعض الهموم..فالليل..والمطر..والس ير وحيدا في طرقات المدينة كلها اجواء تدعوا الى التامل والراحة على الاقل تقدير..لكنه يعود الى السرير يتمدد بجانبها..ولنرى بماذا يفكر..انه يفكر بصوتها الذي يشبه مولد كهربائي..ثم اظافرها..المطلية بقشرة الطماطم..ووووو.. وتلك الشامات..ان الانسان العادي في مثل هذا الموقف..بماذا يفكر..وجه امرأة نائمة بجواره..حتى انه يلاحظ الشامات..وووو..وليس هذا فقط..انما يزيح بصره ليتامل محتويات الغرفة..ثم يبتعد اكثر من ذلك ليتوهم ترصد الفأر به.
صاحبنا يعاني من عقدة نفسية حادة..لانه يعيش روتينا اذهب عنه كل مقومات البقاء..بل جعلته اشبه بطفل يجب الاعتناء به..وليس هاجس الخوف من التحقيق الاتي الا دليل على ذلك..وها هو من شدة هذه الهواجس..يصاب بنوبة غريبة نوبة تفقده حياته..اذا فصاحبنا مات بنوبة روتينية..ابسبب مرض يسمى الروتين.
القصة كفكرة تثير الكثير من التساؤلات..وكلها تحتاج الى متابعة ودراسة..لانها تضع حالة الانسان المعاصر امام الاعين..وتمهد لنتيجة تكاد تكون واضحة امام العيان.
لن اطيل..لقد اكثرت..؟
الشطر الثاني المتعلق بالقصة نفسها..من حيث الاسلوب..ووو...لدي تعقيب بسيط عساه لايعكر صفو وروعة فكرة القصة..فهي من جيث البناء..واقصد به الحدث والشخصية والمعنى ولحظة التنوير..جيدة..ولاشيء يعكر صفوها..لكن كوجهة نظر شخصية وجدت هناك..ضعفا في النسيج..واقصد بذلك اللغة والسرد والوصف والحوار..فمن جانب اللغة..لو راجعت القصة من بدايتها.. إنها ليلة ليست كالليالى ... لا تشبه ولا ليلة ...لشعرت بذلك..اما السرد..فانه..احيانا يهمل اشياء تكاد تكون جوهر الموضوع او الفكرة فيه..كما قلنا سابقا...مسألة ما قد يخالج نفس انسان امام موقف سريري..حيث مثل هذه الحالات كوجهة نظر شخصية اراها ضرورة ان توضح..وان تكتب..فهي عندما تكتب من قاص متزن..تكتب بصورة تشكل ثقافة للغير..اما عن الوصف فهو جيد..والحوار ايضا.
عزيزي الشبة..
اعذرني على هذه الهرطقة..
تقديري واحترامي
جوتيار

سامح عبد البديع الشبة
08-07-2006, 02:09 PM
الشبة..
اود ان اقسم تعقيبي او شطرين..الاول عن القصة كفكرة…والثاني عن اسلوب القصة..
عندما بدات بها..شعرت باني ابحث عن شيء مفقود..شيء ما كان يجب ان يلازم تلك الصور المرافقة للحدث حتى وان كان ذاتيا..نفسيا داخليا..فالليل..اشبه مايكون بالمغارة.. التي عندما يدخلها الانسان يشعر بعمق الوحدة..والظلمة معا.
ثم وجدتني اقف امام كم هائل من الاسئلة..التي جاءت ضمن موضوع القصة..بصورة موضوعية..لكنها كانت عابرة..سريعة بحيث قد لاتستوقف المارين عليها.
هل ابدأ..بالروتين اليومي..ماذا عسانا ندرجه تحت هذه العبارة..النوم..الاستيقاظ..ا لاكل.. العمل..الاصدقاء..الزوجة..الس رير...ال..ال.....والقائمة تطول..
ان الروتين اليومي هذا له دلالات نفسية كبيرة...فالانسان عندما يصل الى هذه المرحلة النفسية الصعبة تصبح الامور كلها عنده سيان..بل يفقد صفة العطاء داخل الاجتماع..ثم لنرافق تلك العبارة هذه..قلة الداخل الى المعدة..العبارتان معا تشكلان صورة حية لواقع الروتين ذاك الذي تحدثنا عنه..مع انه يمكن فهم العبارة الاخيرة بشكل اخر اذا ما اسقطناها على الواقع الذي يعيشه الكثير من الناس..من حيث الفقر..والجوع..ووو.
ومن هذه الحالة النفسية الصعبة..اجدني اقف امام اخرى لاتقل عنها صعوبة..بل هي اقرب الى التعقيد..عندما يكون المرء ممدا على سرير ملاصقا بجسد انثوي..وذلك الجسد زوجته.. ماذا يمكن ان يفكر به المرء حينها..هل يفكر بشخيرها وكيف نامت..والعرق....ووو...اما هناك اشياء اخرى طبيعية تثار حينها...لست هنا اضع المرأة في خانة السرير فقط..لكنها كما قلت علمية طبيعية..بعد التعب الذي يصاب به الطرفين..سواء من عمل روتيني في مؤسسة ام عمل روتيني بيتي..فالاثنان يحتاجان...لذلك الانتماء الجسدي الغرائزي..لكن لننظر الى صاحبنا..وتفكيره..هل هو الروتين الذي جعله يفكر بذلك..اي روتين اقصد..عذرا..الروتين الجنسي..هل وصلا الى حالة من الاشباع الذاتي بحيث يصبح لديهما الجنس مجرد روتين.. اننا امام حالة نادرة..اذا..فالجنس ايضا يمكن ان يمل منه الانسان..لكن كيف..هناك دائما سؤال.. هل الطرفان معا قد ملا..اذا كان طرف دون اخر..فان الامر يحتاج الى مرونة اكثر من الطرف الاخر لان عدم اشباع احدهما..قد يولد فتورا..بل قد يسبب مشاكل اجتماعية..كما قلت اننا امام حالة نفسية معقدة..ونادرة..ولنكمل المسير مع صاحبنا..انه ليس فقط لم يجد فيها ما يثره..وانما بدأ يتحدث الى نفسه..ويجيب سؤالا ضمنيا..انا بخير الان..وينهض للشرفة.. يتامل..احيانا يجد المرء في سكون اللليل ليتامل الكون..بل الذات البشرية.. بل الاحداث التي تمر بها الحياة..لكن صاحبنا..لم يجد في كل ذلك ما يشد انتباهه..انما فقط..حبال الغسيل.. ورائحة الطعام..اتراها الغريزة البشرية التي تتهرب من نفسها..ولاتريد ان تواجه تفاهة لاوعيها وضعفها..حتى يفر من امراته..ويتركها في تغط في نوم عميق..وكأنه لايفكر حينها الا بنفسه..ولايفكر بان تلك المراة قد تستيقظ في لحظة وتبحث عنه حتى وان كانت لتفعل ذلك من اجل توبيخه..حالة صاحبنا تسير من سوء الى الاسوأ..ها قد بدأ يهرب..الى اين لايدري..ولماذا لايدري..وكيف لايدري..فقط هناك هواجس داخلية تجبره على الخروج..برغم المطر.. والبرد.. وها هو..يعيش التخيلات التي تداهم ذهن الانسان عندما لايعرف نفسه ومصيره ويجهل طريقه..فيرى كل الاشياء دون استثناء..تمر الصور على ذهنه..صور مفرحة واخرى محزنة.. ثم فجأة يشد كل الاشايء انتباهه..ان صاحبنا..يعيش كالوجودي..الذي..يخشى من مصيره..ويطلب الانعتاق من كل شيء ليكون حرا..وهو دائم البحث عن الحقيقة حقيقة الاشياء..وما الهواجس التي خالجت ذاته بعدما وجد الكلاب تحاول افتراس البنطال.. الا دليل على ذلك..فردة الفعل القوية بدات هنا تظهر انه يقاوم..اذا فهو برغم الروتين مصر على الاستمرارية..اذا ان خوفه وحذره ناجمان عن دافع واحد وهو انه لايريد ان يموت.. وهذا بحد ذاته موضوع اخر.
صاحبنا يصل الى المقهى..الجميع يتسامر..يضحك..انه في نفسه..يفكر..يريد ان يخرج من دائرته لكنه لايجد ما يخرجه منها..بل ما يجذبه..ويقنعه..وهذا حال الانسان الوجودي.. انه في ذاته يعتقد بانه يرى الاشياء اعمق من غيره..لذا فهو يحتاج الى ما ابعد..واعمق ليقتنع..
الاصدقاء..برغم استغرابهم واسئلتهم..لايثيرون فيه شيئا..وكان سؤال الاستاذ سعد مقنعا جدا..لكنه اهمل ذلك..لاعتقاده بان النقاش حول الموضوع لايعطي حلا..ما زال يشعر بان لاشيء هنا يثيره..بل لايقتل الملل.. فلا يجد نفسه الا وهو خارج رغم انهم كانوا ينادون عليه بالبقاء..واثناء رحلة العودة وتلك التساؤلات..وذلك الخوف..والتوجس من امراته.. تطرح موضوعا اخر جانبيا..لكنه مهم..لايمكن التغافل عنه..حيث يتبادر رأسا الى الذهن هل تزوج الرجل هذا عن حب..وقناعة..ام انه وجد نفسه مجبرا..لان حالته ليست بطبيعية ابدأ.. ينام بجانبها ويفكر بشخيرها..ثم يهرب من السرير..ويخاف العودة اليه حتى لاتوبخه.. وتحقق معه..ثم لاباس من كل ذلك ها هو يعود..أ ليس من المفترض انه بعد خروجه يعود هادئ البال مرتاحا نفسيا لانه ازاح عن نفسه بعض الهموم..فالليل..والمطر..والس ير وحيدا في طرقات المدينة كلها اجواء تدعوا الى التامل والراحة على الاقل تقدير..لكنه يعود الى السرير يتمدد بجانبها..ولنرى بماذا يفكر..انه يفكر بصوتها الذي يشبه مولد كهربائي..ثم اظافرها..المطلية بقشرة الطماطم..ووووو.. وتلك الشامات..ان الانسان العادي في مثل هذا الموقف..بماذا يفكر..وجه امرأة نائمة بجواره..حتى انه يلاحظ الشامات..وووو..وليس هذا فقط..انما يزيح بصره ليتامل محتويات الغرفة..ثم يبتعد اكثر من ذلك ليتوهم ترصد الفأر به.
صاحبنا يعاني من عقدة نفسية حادة..لانه يعيش روتينا اذهب عنه كل مقومات البقاء..بل جعلته اشبه بطفل يجب الاعتناء به..وليس هاجس الخوف من التحقيق الاتي الا دليل على ذلك..وها هو من شدة هذه الهواجس..يصاب بنوبة غريبة نوبة تفقده حياته..اذا فصاحبنا مات بنوبة روتينية..ابسبب مرض يسمى الروتين.
القصة كفكرة تثير الكثير من التساؤلات..وكلها تحتاج الى متابعة ودراسة..لانها تضع حالة الانسان المعاصر امام الاعين..وتمهد لنتيجة تكاد تكون واضحة امام العيان.
لن اطيل..لقد اكثرت..؟
الشطر الثاني المتعلق بالقصة نفسها..من حيث الاسلوب..ووو...لدي تعقيب بسيط عساه لايعكر صفو وروعة فكرة القصة..فهي من جيث البناء..واقصد به الحدث والشخصية والمعنى ولحظة التنوير..جيدة..ولاشيء يعكر صفوها..لكن كوجهة نظر شخصية وجدت هناك..ضعفا في النسيج..واقصد بذلك اللغة والسرد والوصف والحوار..فمن جانب اللغة..لو راجعت القصة من بدايتها.. إنها ليلة ليست كالليالى ... لا تشبه ولا ليلة ...لشعرت بذلك..اما السرد..فانه..احيانا يهمل اشياء تكاد تكون جوهر الموضوع او الفكرة فيه..كما قلنا سابقا...مسألة ما قد يخالج نفس انسان امام موقف سريري..حيث مثل هذه الحالات كوجهة نظر شخصية اراها ضرورة ان توضح..وان تكتب..فهي عندما تكتب من قاص متزن..تكتب بصورة تشكل ثقافة للغير..اما عن الوصف فهو جيد..والحوار ايضا.
عزيزي الشبة..
اعذرني على هذه الهرطقة..
تقديري واحترامي
جوتيار

الصديق العزيز / جويتار تمر

لا عذر معك يا صديقى على هذه الحالة النقدية التى انتابتك فى تقصى معرفة ما يمكن معرفته من داخل " هذه الليلة ... " .
فكل ما يمكن أن أقوله لك هو :-
" أنك أصبت إلى أقرب حد ، وتمعنت أكثر داخل البطل وداخل الأحداث والحالات الشعورية واللاشعورية التى مر بها "

تقبل تحياتى وتقديرى .

سامح عبد البديع الشبة
09-07-2006, 12:16 PM
أخي /سامح

جميلة جداً الموازنة التي عقدتها بين الكلاب الضالة التي تريد نهش أجسادنا , والمحلات التي تريد أن تنهش جيوبنا , القصة اجتماعية بحته , الأسلوب راقي ولكنه يحتاج الي مسحة بسيطه من التشويق لازالة الملل مع طول النص , أرج الاهتمام بعلامات الترقيم والتقليل من وضع النقاط بين الجمل .

أشكرك

أخى العزيز / لوزات الجليد

** وجميل جداً هذه الملاحظات اللغوية ، ولكن - اسمح لى - أن أعترض معك فى أن النص يحتاج إلى " التشويق " وأن النص طويل .
** فالنص فيه كثير من أدوات التشويق وجمل التشويق ، وأعتقد أن النص ليس طويل بدليل أن هناك قصة قصيرة تحوى كتاب من القطع المتوسط أو تتعدى القصة القصيرة المائة صفحة أو يزيد .

تقبل تحياتى وتقديرى