تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : "نص"



أسامة البيلى
07-07-2006, 01:13 PM
"
فى ذروة التوتر والقلق يصطبغ الكون بألوان نسيتها الذاكرة. روائح عديدة تعاود الأنف. وأصوات متناثرة ترقص على باب الأذن. لحظات التوهج صارت قليلة. وصارت الحروف عصية على القلم.



يرسم الألق تهويمته الأخيرة. ويضطرم الكون بمرارة الذكرى. رغم الحر الشديد إلا أن البرد يأبى إلا أن يكون حاضرا. جاء فى عباءته السوداء. وزع أبنائه على أبواب الشرايين كلها. ولم يزل القلب فى انتفاضته الأخيرة.

الصمت جاء محملا بالخصب والدموع. تباعدت الأصوات كلها إلا من أزيز بعيد لكائن ما. ربما جاء ليحضر الجنازة، وربما خبأ فى جعبته الخلاص.

المدينة البعيدة ذات المآذن العالية لم تعد حاضرة كما كانت. والقرية الصغيرة صارت حلما ضبابيا بعيدا. لم يعد الكون شاسعا كما كان. طيور خرافية تتصارع فى سمائه. ربما جاءت من أسطورة قديمة لتنتزع كبده وتلقيه فى جوف طائر الرخ.

غرفة ذات أربعة جدران. كتب ، سجائر ، أوراق تحمل خربشات ومحاولات مبعثرة فى كل مكان. فى فوضى يحبها كثيرا. ويرفض النظام البارد.

كلما عاوده الحنين ، غاب فى أحلام يقظته المستحيلة. تتجسد أمامه حبيبة خرافية، تحمل بين ضلوعها قلبه الجريح وتضمد كبده المقتول. توقف نزف السموم التى راكمتها السنون.

ومدينة ضبابية السماء تتساقط أمطارها دائما. بردها محبب، وهوائها لحن كتبه موتسارت.



فى ذروة الحلم يوقظه زملائه. قد حان ميعاد العمل. يحمل بطاقة عبوديته وينصرف تاركا هشيم حلمه ليذوب بين جدران غرفته الضيقة."



أسامة البيلى

محمد عسران
07-07-2006, 11:23 PM
مررت هنا لاسجل اعجابي الشديد

بنبض قلمك

ليس نصا عاديا

تقبل مرورى
\

محمد

أسماء حرمة الله
08-07-2006, 12:31 AM
سلام اللـه عليك ورحمته وبركاتـه

تحيـة ضمّختُها بعطورِ الورد الأبيض

أسامة البيلي،

نصّ كتبتْه الرّوح قبلَ أن يخطَّه المداد، تتدفّقُ منه رقّـةٌ مكسوّة بالوجع :

"المدينة البعيدة ذات المآذن العالية لم تعد حاضرة كما كانت. والقرية الصغيرة صارت حلما ضبابيا بعيدا. لم يعد الكون شاسعا كما كان ".

سيعودُ الكونُ ليتنفّس بعمق بإذن اللـه، تحلٌّـقُ بسمائه أحلامٌ صافية رقراقـة لايضرّجُها ضباب، حتّى وإن حاصرَها الحزن من كل حدب وصوب.

أعجبني نصكَ بحقّ ..


-------
أبنائه = أبناءَه
وهوائها =وهواؤها
زملائه = زملاؤه

حفظك ربّي وأسعدك، سننتظركَ دوماً على ضفاف الحرف والحلم
تقبّل خالصَ تقديري واعتزازي :0014:
وألف باقة من الورد والندى

د. حسان الشناوي
08-07-2006, 01:31 AM
أخي المبدع

أسامة البيلي

لكأني بك تعمدت ألا تضع عنوانا لنصك الشديد العمق ؛ ليدخل إليه

كل قاريء وهو يتخيله نصه المفقود ، أو حلمه الذي يتمنى رؤيته

ولو مناما .

كما أنك أيضا لجأت إلى مايمكن أن يكون نهاية مفتوحة للنص :

أيعود إلى حلمه من جديد أم ينغمس في واقعه أم يبحث من خلال هذا

الواقع عن حلم جديد أم يزايل الأحلام ، ويقتنع بواقعه ؟؟؟

وكلها احتمالات تقبلها النهاية التي صغتها – بله النص كله –

بحرفية واقتدار .

ومن العجيب أن الحلم لايتوارى خلف حركة الواقع اليومية ، بل


ربما يكون الواقع أدعى إلى التشبث بالحلم والعودة إليه للعيش فيه .

وأيضا قد تدفع أحداث الحياة المبدع ؛ ليصطنع حلما يكسر به
( روتين ) اليوميات الذي قد تحركه الرتابة في كثير من

مظاهره .

فدم مبدعا للحلم ، متأنقا في براعة ، ومتألقا في وداعة .

حفظك الله ، وبارك لك ومنك .

ولك تقديري ومحبتي.

د. حسان الشناوي

أسامة البيلى
08-07-2006, 11:21 PM
أخى محمد عسران
تقبل سعادتى الشديدة بمرورك الكريم.
أسامة البيلى

أسامة البيلى
08-07-2006, 11:23 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الأخت الفاضلة اسماء
تحية بعرض السماء لقلمك الشفيف. وشكر يلف الكون لمساهمتك الرقيقة. أشكر لك التصحيحات النحوية.
دمت أختاً فاضلة وروحاً جميلة.
أسامة البيلى

أسامة البيلى
08-07-2006, 11:25 PM
عزيزى د. حسين الشناوى
هو هذيان محموم يا سيدى. حمى الوجع والشوق هزته إلى أقصى حد.
دمت كاتباً جميلاً.
أسامة البيلى