مشاهدة النسخة كاملة : الأدب وتقمص الشخصيات... (رؤية نفسية) !
نورية العبيدي
16-07-2006, 08:11 AM
أن تصوير الكاتب أو الكاتبة لشخصية بمثل جنسه أو جنسها ممكن أن تكون عملية "تقمص" وهي عملية يؤدي من خلالها الكاتب "لا شعوريا" دور البطل وكأنه هو بكل معنى الكلمة عندما يمر بمثل موقف البطل…
أما أن يرسم كاتب ما، شخصية مخالفة لجنسه، فيبدوا لي أنها عملية "إسقاط" وهي لا شعورية أيضا في جزء كبير منها … إذ يقوم الكاتب بإسقاط مشاعره الخاصة وأمنياته وما يريده ان يكون للجنس الآخر بدون ان يعي انه يريد ذلك! ... ويوظف في ذلك المعرفة الناتجة عن التجربة أو التعليم الأكاديمي أو امتلاكه لأدوات الكتابة وقدرته في توظيف تلك الأدوات.
ولتوضيح ذلك أكثر؛
رجل يتمنى ان يقول شيئا ما، أو يتبنى سلوكا معينا بشأن امرأة كأن تكون زوجته مثلا، غير أن اعتبارا أو أكثر يمنعه لفعل ذلك على ارض الواقع، فيقوم باختراع شخصيات تفي بغرضه، فيضع شخصية الزوج، ثم يتقمص تلك الشخصية فيقول على لسانها كل ما يريد أن يقوله، وربما يطور الحوار بالاتجاه الذي يجعل البطل يمارس السلوك الذي يتمنى، كأن يكون ذلك السلوك عدوانيا أو عتابا أو يطلب منها ما لا يستطيع ان يطلبه هناك في الواقع!
ثم يرسم شخصية الزوجة وقد يُسقط على لسان تلك الشخصية ما يتمنى أن تقوله زوجته له، او ما يتمنى أن تبرر له، أو ما يتمنى ان تقوم به من استجابات إزاءه، أو مع شخص معين او جماعة معينة او دور تقوم به او مهمة يحب ان تؤديها هي وهكذا ... وكأنه يقول هكذا قولي يا زوجتي وهكذا تصرفي معي أو مع الآخرين او مع أولادك أو داخل الحرم الزوجي وما الى ذلك …أو قد تكون المرأة حبيبة، فسيخترع البطلة التي تجسد دور حبيبته ، فيقول لها ما يريد براحته لا لوم ولا عتب ولا خوف ولا حرج، وسيقول على لسانها كل ما يتمناه منها لنفسه او لها او كل ما يتعلق بذلك ، وكأنه يقول هكذا قولي او تصرفي يا حبيبتي أو يا أمي أو يا معلمة اطفالي أو يا مربية ابني أو أي شخصية تهمه في ارض الواقع.
مثال آخر؛ كأن يشعر الكاتب بالشك إزاء شخص معين، كأن يكون الشك مثلا بإخلاص صديق، أو بأخوّة أخ، أو بإخلاص جماعة من المواطنين لوطنهم، أو قد يشك بحب زوجته له، وقد يتطور هذا الشك إلى أنها قد تكون لها علاقة بشخص آخر -وان كان ينكر هو على مستوى الوعي كل ذلك – إلا أنه سيحول اعترافه بما يشك من خلال إسقاط شكوكه على شخصية يرسمها بقلمه لتجسد من يريد ان يصب عليه حميم شكه! ولا أحد سيلومه على ذلك وأولهم نفسه!!! فيرسم شخصية الصديق غير المخلص كما تمُلي عليه الفكرة المكبوته في عقله إزاء صديق غير مخلص من وجهة نظره، وسيعطيه حوارا يجعله أهلا لهذه الشكوك ! وستزيد من قناعته هو بشكه على انه في محله ، وقد ينهي استمتاعه باللعبة فيقوم باختراع شخصية تؤخذ له ثأره من ذلك الصديق! بان يعطيه دورا يحب الكاتب ان يؤديه هو، فينطلق هنا بما يريد ان يقوله لذلك الصديق من عتاب ولوم وربما من سب وشتائم وكل مايجثوا على صدره من كلام، وقد يرسم بقلمه شخصية اخرى تأخذ له بثأره عمليا! لينال الصديق بذلك النهاية التي يستحق، حتى وان كانت الموت ... وكل ذلك طبعا سيحصل ويحقق الراحة للكاتب في انه قال ما يريد، وحصل ما تمناه، وبدون أي إحساس بالذنب او الحرج أو الخوف من عاقبة او لومٍ من احد او كل ما يتحمله الموقف من عواقب على ارض الواقع .... !
ودعونا نعُطي مثالا إضافيا؛ كأن تريد كاتبة أن تبرر خيانتها الزوجية ، فهي لا تريد ان تعترف أمام نفسها بالخيانة لان ذلك سيسبب لها صراعات كثيرة قد تؤدي بها الى احتمالات تتراوح ما بين النبذ لنفسها او الإصابة بالاضطراب النفسي ... خاصة وانها امرأة ترفض عل مستوى الشعور حالة الخيانة ...
فستلجأ لأسلوب التبرير في كتاباتها، وكلنا يعرف ان التبرير عبارة عن كذبات يخترعها من يريد ان يُطمْئِن نفسه، ومحاولة لا شعورية لتهدئة الصراع الملتهب في داخل منظومته النفسية لكي يرتاح هو وليس سواه ... خاصة إذا كانت ممن ينصت لصوت الضمير واذا كان صوته قاسي عليها! وبالوقت ذاته تعيش
حالة استسلام لحاجة معينة تلح عليها ! هنا سيكون الصراع قائما وسيحتاج الى حل عاجل منها ... وستحله بالكتابة المناسِبة لحالتها، كأن تكتب قصة تدور حول زوج مقصر نحو زوجته، وتنسج الدور المناسب لذلك الزوج مما يجعله مرفوض ومنبوذ وغير مقبول من أي انسان يقرأ القصة، وهي بذلك تمهد "لا شعوريا طبعا" لدخول الشخص البديل في الصورة بحيث يكون دخوله مقبولا من القارئ أو بالحقيقة من قبل ضميرها !!! فتعطيه الحوار او السلوك المناسب بحيث تجعل الرافضين للخيانة جملة وتفصيلا يصفقون لها، بل وقد يقول لها البعض بالفم المليان إنه هو، وهو، وهو زوجك، هو كل أسباب خيانتك ثم يصفق لها ... ! سواء أكان ذلك عن طريق التعليقات اذا كانت تكتب على شبكة الانترنيت او من خلال أساليب اخرى ان كانت تنشر عن طريق اخر ... فسيكون هذا الاسلوب قد برر لها وساعدها في تجاوز محنة الصراع وستستمر بحبها الجميل الذي زينه لها ذلك التبرير.
وبهذا تعد الكتابة تنفيس لكل الصراعات المكبوتة في العقل الباطن للكاتب ليحرر عقله منها وبالتالي سينجوا من احتمال اصابته باي اضطراب نفسي قد ينتج من تلك الصراعات.
على ان الكثير من الادباء يستخدمون "التخيل" كعملية عقلية شعورية في رسم شخصياتهم في القصة. ولا تخلوا من تدخلات اللاشعور التي تتخلل ذلك التخيل وعملية الاسقاط بالتحديد ... كأن يتخيل مشكلة معينة بين زوج وزوجته ... يتمنى الكاتب ان تتصرف المرأة إزاءها بهكذا أسلوب لحل المشكلة من خلال سلوكها في القصة… وهو نوع من الوعظ غير المباشر والتوجيه مستند على التفكير والتجربة! أكثر ما أدهشني في هذه النقطة بالتحديد فكر الروائي العالمي "ارنست همنغواي " في روايته "جريمة البيت المهجور … حيث تخيل كيف على المرأة تتصرف بحكمة وبتعقل عندما تكتشف أن زوجها يعرف امرأة أخرى غيرها… وجسد ذلك الخيال بأروع ما يمكن بشخص البطلة التي استطاعت أخيرا أن تعيد زوجها محبا لا عنوة….
* استخدام الأدب القصصي والتمثيل في العلاج النفسي
يتبع
*
حوراء آل بورنو
16-07-2006, 01:21 PM
الأخت الفاضلة
أعجبني جداً ما كتبت هنا ، و الحق أنه صحيح إلى حد بعيد ؛ فمن يتابع بشكل مركز قصص ذاك الأديب أو قصائد ذلك الشاعر يدرك تماما تلك الصراعات المكبوتة داخل عقله اللاواعي أو حتى الواعي و أراد من خلالها إرسال الرسائل لنفسه أو لغيره من خلالها ، و ربما هذا سبب في قول الكثيرين و بعد الانتهاء من الكتابة : أني أشعر بالراحة الآن !
تأتي مشكلة كنت سأسأل حولها ؛ كيف تغدو الحالة النفسية لمن تمادى في تقمص الشخصيات و إسقاط كل ما يؤلمه أو يرجوه أو يتمناه أو يوجهه ... ؟
بمعنى بسيط كيف يمكن حل أزمة جديدة لمن " كذب الكذبة فصدّقها ؟" طالما نتحدث عن علاج و اضطرابات نفسية و نتائج مرجوة ؟!
أتابع بحرص كل ما تكتبين ، مع بالغ تقديري .
خليل حلاوجي
16-07-2006, 01:52 PM
هذا موضوع يعاني منه الادباء كثيرا ً
سأقرأ على مكث وأعود يانورية المسرة والجهد النافع
الصباح الخالدي
16-07-2006, 01:58 PM
اتفق وأختلف
ليس بالضرورة ان يكون تنفيس أو تعبير عن حالة
لكن الخيال الخصب يخترع الكثير من المواقف
وكلام جيد في الجملة وان اختلفت معه
نورية العبيدي
17-07-2006, 08:06 PM
الأخت الفاضلة
أعجبني جداً ما كتبت هنا ، و الحق أنه صحيح إلى حد بعيد ؛ فمن يتابع بشكل مركز قصص ذاك الأديب أو قصائد ذلك الشاعر يدرك تماما تلك الصراعات المكبوتة داخل عقله اللاواعي أو حتى الواعي و أراد من خلالها إرسال الرسائل لنفسه أو لغيره من خلالها ، و ربما هذا سبب في قول الكثيرين و بعد الانتهاء من الكتابة : أني أشعر بالراحة الآن !
تأتي مشكلة كنت سأسأل حولها ؛ كيف تغدو الحالة النفسية لمن تمادى في تقمص الشخصيات و إسقاط كل ما يؤلمه أو يرجوه أو يتمناه أو يوجهه ... ؟
بمعنى بسيط كيف يمكن حل أزمة جديدة لمن " كذب الكذبة فصدّقها ؟" طالما نتحدث عن علاج و اضطرابات نفسية و نتائج مرجوة ؟!
أتابع بحرص كل ما تكتبين ، مع بالغ تقديري .
الحرة الكريمة حوراء
سؤال مهم جدا يعكس ثقافة نفسية واسعة، وتفكير علمي ناضج ... بارك الله بك.
في الواقع، يلجأ الفرد للآليات النفسية الدفاعية على أنها وسيلة لحل تضارب قائم في منظومته النفسية بين قوتين متناقضتين؛ قوة تمثل فكرة غير مرغوبة اجتماعيا تسبب لصاحبها الشعور بالخجل او الخزي او العار وما الى ذلك ... وقوة الضمير -الذي يمثل أحكام الوالدين والمجتمع- والذي لا يرحم الشخص عندما تدخل الى عقله فكرة غير مرغوبة !
أو يلجأ الفرد لآلية دفاعية أو أكثر لتعبر بشكل أو بآخر عن خبرة مقترنة بأذى نفسي مكبوتة في عقله الباطن قد تعود الى فترة قريبة او بعيدة قد تمتد الى فترة المراهقة او فترة الطفولة المبكرة ، وأكثرها تشبثا بالعقل الباطن وعنادا تلك التي ترجع لأيام الطفولة المبكرة ! فيسبب ذلك الكبت للخبرة، تعبا نفسيا للفرد إن لم يُخرجها عن طريق منفذ ما...
وهذا الحل للصراع ... او التنفيس لما هو مكبوت، باختيار الية او اكثر من آليات الدفاع، هو في حقيقة الأمر ليس بشافٍ او فيه إنهاء للصراع، أو ينهي حالة الكبت، لكنه مهدئاً له ربما للحظات أو لأكثر، بالضبط مثل حبوب الفاليوم التي يلجأ اليها الشخص المتعَب لكي يشحذ بها النوم هروبا من الواقع ... او حبوب الفولتارين التي يتعاطاها البعض لتسكين الم عضوي ... لان أي آلية دفاعية هي تُرضي الشخص نفسيا وتظلل الواقع امامه لكي يهدأ الصراع قليلا ...أو ليخفف من وطأة الضغط النفسي الناتج عن الكبت لخبرة مؤلمة ... بالضبط مثلما تفضلتِ به -تجعل الشخص يكذب على نفسه ويصدق كذبه- لكنها لم تصل للعلة الحقيقية للمشكلة، وعليه فالمشكلة الأساسية باقية، واقصد بالعلة هنا؛
فكرة -نوهنا اليها انفا- أو أكثر مقترنة بخبرة مؤلمة مكبوتة في العقل الباطن، يخشى الفرد استدعائها الى عقله الواعي فتراه يهرب منها كلما سنحت الفرصة لإظهارها، هذه الخبرات المؤلمة المكبوتة هي التي توجه استجابات الفرد من كلام او فعل او عمل فني او أدبي او رسم او تعامل مع الآخرين ... لا بل حتى تظهر آثارها في زلات لسانه أو ما يسطر قلمه او ما ينتج من عبثه بالقلم على الورقة وهو سارح البال من رسوم وكلمات غير موجهة أو منسقة وما إلى ذلك ... لا بل حتى في طريقة تفكيره، وردود أفعاله غير الإرادية، وأيضا في اتخاذ قراراته، واتجاهاته، وفي كل قيمه سواء أكانت قيم اجتماعية أو اقتصادية أو دينية أو نظرية أو جمالية أو سياسية ... بكلام آخر، فان تلك الخبرات المكبوتة هي التي تسيطر تماما على الفرد بدون ان يشعر بذلك ... وان احد الوسائل التي تُظهر الخبرات المكبوتة بوضوح هو الادب بانواعه والرسم وغيره ...والكثير يعد هذه الانواع تساميات ...أي اللجوء لآلية التسامي، أي تحويل الخبرة المكبوته غير المرغوب فيها الى نتاج مرغوب فيه وهي بالواقع وان لم تكن حلا للفكرة المكبوته او حلا للصراع إلا ان فيها فائدة من حيث الانتاج ومردود فوائده للشخص! ربما مادية واجتماعية (فالكثير من الادباء يحصلون من نتاجهم الادبي المال والشهرة والفائدة الأدبية للاخرين وامتاعهم، أي نتاج مرغوب فيه ومقبول اجتماعيا ، بغض النظر عما يدور في داخل عقل الأديب الباطن ... من هنا اعتقد ان فرويد فضل هذه الآلية على الآليات الأخرى ولا أظنه ابدا قصد انها حل للصراع او للفكرة المكبوتة) ...
ووجه آخر للعلة؛ هو ان فكرة غير مرغوب فيها قد تكون حديثة تدخل الى عقل الانسان من حيث يدري و لايدري ! وبما انها غير موغوب فيها من قبل الضمير . حيث ان الضمير هو جزء من شخصية الانسان يمثل أو يجسد -بحسب وجهة نظر التحليل النفسي – احكام الوالدين او من ينوب عنهما، وحيث ان الوالدين يمثلان اساسا احكام المجتمع فالضمير عند الشخص السوي يمثل السلطة التي تجسد رضا المجتمع ... فهذا سيقف بحزم وقسوة امام الفكرة الجديدة غير المرغوبة والتي قد يشعر الفرد حين التطرق اليها او الاعتراف بها بالخجل ... ومن هنا يحدث تضارب بين الفكرة التي دخلت العقل من منفذ معين –يمثل نقطة ضعف عند الفرد- وبين الضمير الذي لا يرحم!
وهذا التضارب بين القوتين، القوة المُلحّة الدخيلة، وقوة وقسوة وتعنيف الضمير، مما يجعل الفرد بين نارين أي في لهيب صراع .... ومن هنا سيلجأ للدفاع منه نفسيا، الى واحدة او اكثر من ميكانزمات او آليات الدفاع – مثل الهروب او الانكار او الاسقاط او العزلة او التقمص او النكوص او التسامي أو غيرها من اكثر من 50 آلية دفاعية يمكن ان يلجأ اليها ... كل ذلك لكي لا يقع في ما لا يُحمد عقباه من اضطراب او قد يصل الفرد حين يشتد الصراع عليه الى الجنون! في حالات نادرة .
غير أن هذا الحل، قد يزيد في كثير من الأحيان من تعقيد المشكلة ... فكلنا يعرف ان الاليات عبارة عن كذبات وتمويه للواقع ، وعواقب الكذب مشاكل، وهذه قد تقود إلى مشاكل أخرى، وقد ينتهي الفرد إلى طريق معقد جدا ...
والحل
يكمن في مواجهة المشكلة وعدم الهروب منها، وذلك بتحرير الفكرة المكبوتة في اللاوعي أو اللاشعور أو في العقل الباطن ليضعها في مستوى الشعور أو الوعي بها وتسمى هذه العملية بـ"تحرير العقل" أو تطهير العقل – أي جعل اللاشعور شعورا !
فتصبح الفكرة أمام الشخص لكي يدركها تماماً ويسيطر عليها، بدلا من أن تسيطر عليه هي وتتحكم به ! ويتم ذلك التطهير:
إما بمساعدة الفرد لنفسه اذا كان يملك الشجاعة النفسية والروحية الكافية، ويملك من ادوات العلم والثقافة وقوة الإرادة الناتجة من قوة الإيمان ما يجعله يواجه نفسه ويبحث عما يقلقه ويعترف به ويجد حل مباشر ولا يهرب منه ... وعندما يصل الانسان الى معرفة الموضوع المكبوت في عقله الباطن فيظهره الى السطح ويواجه فان هذه العملية تدعى (استبصار). أي ان الفرد يستطيع معرفة وإدراك لاشعوره! وقوة الاستبصار عند الفرد تتناسب طرديا مع تشابه تقريره عن نفسه مع تقارير الآخرين المحيطين به عنه !
وان لم يتمكن من الوصول الى حالة الاستبصار، فيمكن أن يستعين بمن يقدر على ذلك ممن لهم دراية بحل المشاكل المتعلقة باللاشعور ... سواء بالتحليل النفسي أو بالتحليل الروحي -مثلما أسميه أنا- وذلك بالاستعانة بمن له خبرة وحكمة وقوة اقناع بما يحفظ ويفهم ويستثمر من القران الكريم الذي بعثه الله سبحانه وتعالى شفاءا للعالمين (واول العلل التي يساعد القران في شفائها بما يحتويه من تفاصيل هي العلل النفسية والروحية) فعندما يصل الانسان من الايمان الى درجة النضج الروحي بما تحمل هذه الكلمة من معان كثيرة، فان ذلك حري بان يساعده في تخطي الكثير من الصعاب والضغوط في الحياة .... وسيمنحه الصبر والجهاد في سبيل حياة افضل له وللمجتمع الذي يعيش فيه ... فالعلاج الديني اثبت فاعلية ليس على مستوى الدين الاسلامي وحسب بل وحتى على مستوى الاديان الاخرى ، وحتى فرويد ذاته اعترف في اواخر حياته باستخدام الدين في العلاج النفسي ، وكذلك الكتيرون من مدرسة التحليل النفسي. ولا اخفي عليك أن جميع الاساتذة الناجحين ممن تعلمت منهم، سواء في مرحلة الماجستير او الدكتوراه والذين عرفوا بشهرة واسعة محلية وحتى عالمية في مجال العلاج النفسي والعصبي هم اولئك الذين لم يفارق لسانهم ابدا كلمة الله والاستعانة بالايمان في مواجهة ازمات وضغوط الحياة .
ولعل من الجدير هنا ان ننوه باختصار لعملية "تحرير العقل" أو تطهير العقل باستخدام أسلوب التحليل النفسي؛ (للفائدة العامة) ...
يستلقي الزبون على اريكة التحليل ويغمض عينيه، أو يجلس المعالج جانبا لكي لا يرى الزبون وجهه وقد يفهم تعبيراته بما يحلو له، مما قد بمنعه ذلك بشكل او باخر من التحدث بشكل تلقائي أو يؤثر في انسيابية حديثه ... فيطلب المحلل من الزبون ان يتحدث عن كل شي في حياته حتى لو كان ذك الشيء سخيفا من وجهة نظر الزبون ... ثم يسجل المحلل في ورقة او يسجل الصوت على جهاز تسجيل ليحلل الكلام فيما بعد ...
ويستخدم المحلل في العلاج وسائل كثيرة قد تتضمن الاختبارات الاسقاطية، ووسائل التقرير الذاتي، وتقارير الوالدين والمعلمين أو الزملاء او الأقران، وتفسير الأحلام وغيرها فضلا عن الحديث المباشر.
كيف سيصل المحلل إلى الفكرة المكبوتة؟
من خلال خبرة المحلل السريرية يلاحظ ان الزبون عندما يقترب من الفكرة أو الخبرة المؤلمة فانه يتوقف عن الكلام! وحالات التوقف تتمثل في حالات عديدة ؛ إما ان يبدأ بالسعال المفتعل ، او يدعي انه تعب من الكلام ويريد ان يؤجل الحديث ، او يدعي انه تذكر موعد معين ... المهم يجد أي وسيلة للهروب من الموقف وحتى حالة الهروب هذه قد لا يعي بها على انها وسيلة دفاعية لعدم مواجهة الخبرة المكبوتة المؤلمة ... وحتى عندما ياتي موعد الجلسة التالية يختلق الاعذار لكي يتاخر عنها او ربما يريد ان يلغيها!
وبهذا يبدأ المحلل باتخاذ السبل المناسبة لجعل الزبون يكمل الحديث .. وكثيرا ما يحول الزبون مشاعره المكبوته إزاء موضوع معين او شخص معين نحو المحلل، وغالبا، يكون المحلل مبعث اطمئنان وثقة ويتحمل تحويلات الزبون من مشاعر قد تتراوح ما بين الحب والكره ، وما بين التعلق والغضب، ويدرك المحلل ذلك فلكي يُخرج الفرد ما لديه يجب ان يكون هناك موقف معين أو شخص معين يستدعي انبعاث مشاعره المكبوته ..
على أية حال، عندما يصطاد المحلل الفكرة المكبوتة، يُخرجها امام الزبون، وهنا تحدث عملية التطهير للعقل من الخبرة المؤلمة الجاثمة عليه أو تحريره منها، وهنا يبدأ التدفق المفاجئ والدرامي للانفعالات التي تحدث عندما يُبعث الأذى المكبوت (وكأنها عملية ولادة عسرة!)... وهذه الانفعالات يتوقعها المحلل، فصندوق المناديل الذي يوضع في طرف الطاولة ليس لغرض الديكور! :011:
نورية العبيدي
17-07-2006, 08:11 PM
اتفق وأختلف
ليس بالضرورة ان يكون تنفيس أو تعبير عن حالة
لكن الخيال الخصب يخترع الكثير من المواقف
وكلام جيد في الجملة وان اختلفت معه
الصباح
أخشى ان ذاكرتك قصيرة المدى لم تكن نشطة هنا :004:
أو أنك لم تكمل قراءة المقال :010:
وإلا فما معنى هذا المقطع في الذي جاء في نهاية المقال ؛
على ان الكثير من الادباء يستخدمون "التخيل" كعملية عقلية شعورية في رسم شخصياتهم في القصة. ولا تخلوا من تدخلات اللاشعور التي تتخلل ذلك التخيل وعملية الاسقاط بالتحديد ... كأن يتخيل مشكلة معينة بين زوج وزوجته ... يتمنى الكاتب ان تتصرف المرأة إزاءها بهكذا أسلوب لحل المشكلة من خلال سلوكها في القصة… وهو نوع من الوعظ غير المباشر والتوجيه مستند على التفكير والتجربة! أكثر ما أدهشني في هذه النقطة بالتحديد فكر الروائي العالمي "ارنست همنغواي " في روايته "جريمة البيت المهجور … حيث تخيل كيف على المرأة تتصرف بحكمة وبتعقل عندما تكتشف أن زوجها يعرف امرأة أخرى غيرها… وجسد ذلك الخيال بأروع ما يمكن بشخص البطلة التي استطاعت أخيرا أن تعيد زوجها محبا لا عنوة….
:hat:
نورية العبيدي
17-07-2006, 08:18 PM
هذا موضوع يعاني منه الادباء كثيرا ً
سأقرأ على مكث وأعود يانورية المسرة والجهد النافع
تهمني قراءتك يا خليل الخير ... :011:
وسانتظر عودتك ... فلا تتاخر :003:
د.زياد
18-07-2006, 12:17 AM
نورية العبيدي
الاديبة الراقية والباحثة الدؤوبة والانسانة المميزة
أتابعك بتقدير عالٍ
الصباح الخالدي
18-07-2006, 02:13 AM
بل قرأته وأحببت تحريكه
خليل حلاوجي
19-07-2006, 07:47 PM
الدكتورة نورية
موضوعك غاية في الاهمية لما فيه من رؤى واقعية لمسألة تخص كل من يحمل قلما ً
وقبل أن أضع رؤيتي .. دعيني أنقل لك من رواية ( ذاكرة جسد ) للروائية أحلام مستنغامي ماكتبته على لسان البطلة
\
كنت اعتقد أننا لا يمكن أن نكتب عن حياتنا إلا عندما نشفى منها .
عندما يمكن أن نلمس جراحنا القديمة بقلم , دون أن نتألم مرة أخرى .
عندما نقدر على النظر خلفنا دون حنين, دون جنون, ودون حقد أيضا .
أيمكن هذا حقاً ؟
نحن لا نشفى من ذاكرتنا .
ولهذا نحن نكتب, ولهذا نحن نرسم, ولهذا يموت بعضنا أيضا .
\
هل الورق مطفأة للذاكرة؟
نترك فوقه كل مرة رماد سيجارة الحنين الأخيرة , وبقايا الخيبة الأخيرة. .
من منّا يطفئ أو يشعل الآخر ؟
لا ادري ... فقبلك لم اكتب شيئا يستحق الذكر... معك فقط سأبدأ الكتابة.
ولا بد أن أعثر أخيراً على الكلمات التي سأنكتب بها, فمن حقي أن أختار اليوم كيف أنكتب. أنا الذي أختر تلك القصة .
\
وها هي الكلمات التي حرمت منها , عارية كما أردتها , موجعه كما أردتها , فَلِمَ رعشة الخوف تشلّ يدي , وتمنعني من الكتابة؟
تراني أعي في هذه اللحظة فقط ، أنني استبدلت بفرشاتي سكيناً. وأن الكتابة إليك قاتله.. كحبك .
ارتشفت قهوتك المرة, بمتعه مشبوهة هذه المرّة. شعرت أنني على وشك أن اعثر على جمله أولى, ابدأ بها هذا الكتاب .
\
ففي النهاية, ليست الروايات سوى رسائل وبطاقات, نكتبها خارج المناسبات المعلنة.. لنعلن نشرتنا النفسية, لمن يهمهم أمرنا
\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\
أحلام تختصر وتحلل الحالة التي تمر بها وهي تكتب حتى نصل معها الى القول بأن القلم يتحول الى سكين
إنها تنتحر فوق الورق وكأني هنا أؤكد ماذهبت اليه بمثال واقعي لكاتبة مشهورة ومن نص كلامها على لسان بطلتها
\
ولكن دكتورة نورية يا سيدتي الرائعة ...
أن تقمص الكاتب لشخوص قصصه ليس له معيار واحد يمكن اسقاطه على كل أشكال التقمص
لقد ذكرت النوع الاخطر منه وهو فيما يتعلق بمكنونات نفسية الكاتب وأنا أكره التعميم فأقول
هناك كتاب يغسلون أيديهم بحبرهم وهناك كتاب يريدون أن يغسلون المجتمع ويطهرونه تطهيرا ً من خلال كتاباتهم ولو
تصفحنا أوراقهم لشاهدنا كيف أنها تترك حبرها علينا نحن القراء .. وهؤلاء يتقمصون المجتمع بكل مشاهدات فواجعه فيبدو الكاتب أكثر تألقا وهو ينقل عفونة الظلم ومكائد الاسرار وتيه القسوة فنرى الدماء فوق أرصفتنا على هيئة حبر أسود وكأن ماهو مكتوب قد صار مرآة ترينا ولو قليلا ً من الحقيقة
ومعلوم سيدتي أن شخصية الكاتب تتشكل بشكل جوهري في مرحلة ما قبل الكتابة فيتبرمج في خرائط ذهنية لافكاك منها وفي فضاء من أربعة أسوار من (البيولوجيا) و(التاريخ) و(الثقافة) و(الجغرافيا)
وأن كثيراً منهم يتصرف من خلال عالم (اللاوعي) الذي كشفه علم النفس التحليلي، فالإنسان وكما تعلمين مكون من ثلاث طبقات منضدة فوق بعضها البعض. في الأعلى (ما فوق الوعي) وهي جداً رقيقة وهي موضع
التماع بريق الأفكار الإبداعية الفجائية. وطبقة (الوعي) وهي تمثل 5% من كياننا النفسي .. وتحتها طبقة (اللاوعي) التي تمثل 95 %. الذي يمثل المحيط الواسع الذي يضم شخصيتنا.
وفيه مستودعات (الخبرات) و(العواطف) و(الأخلاق) و(العقد النفسية).
وأحيانا ً الكتابة وحتى الكلام يسيطر عليه (اللاوعي) فنحن حينما نتكلم لا نفكر كيف تمر الكلمات من الدماغ إلى جهاز التصويت،ولو فكرنا في كيف نفكر لانقطع كل تفكير. ولو تأملنا جسدنا لرأينا فيه تداخل ثلاث مستويات بنفس اللحظة من (الإرادة) و(نصف الإرادة)و(اللاإرادة)
والحبر الذي ينتج عن مانكتبه جميعا ً لايعدو تفاعل هذه الاليات المنضبطة والتي لو تحكمنا بها لاوصلتنا الى دروب الابداع والتألق
سحر الليالي
26-07-2006, 12:37 AM
الحبيبة نورية :
اغذريني لتاخري في معانقة هذه القيمة
بحق جهد كبير ورائع
لي عودة لقراءة اعمق
لك خالص حبي وباقة ورد:0014:
الصباح الخالدي
26-07-2006, 05:07 AM
للتحريك مرة أخرى بدون قياس
على قياس للرفع
د. محمد صنديد
23-08-2006, 01:50 AM
الأخت نورية العبيدي المحترمة:
سرني التعرف إليك من خلال هذا المقال...
الموضوع مثبت مبدئياً للقيمة العالية التي احتواها، و للنقاش الغني الذي حرّضه.
و أما تعقيبي فسينتظر التتمة بشوق عظيم.
تحيتي لمتألقة.
نورية العبيدي
27-08-2006, 11:58 AM
نورية العبيدي
الاديبة الراقية والباحثة الدؤوبة والانسانة المميزة
أتابعك بتقدير عالٍ
الاخ الدكتور زياد
ممنونة جدا على الدعم الجميل منكم، وتسرني متابعتكم .
تحياتي وتقديري
نورية العبيدي
27-08-2006, 12:08 PM
الدكتورة نورية
موضوعك غاية في الاهمية لما فيه من رؤى واقعية لمسألة تخص كل من يحمل قلما ً
وقبل أن أضع رؤيتي .. دعيني أنقل لك من رواية ( ذاكرة جسد ) للروائية أحلام مستنغامي ماكتبته على لسان البطلة
\
كنت اعتقد أننا لا يمكن أن نكتب عن حياتنا إلا عندما نشفى منها .
عندما يمكن أن نلمس جراحنا القديمة بقلم , دون أن نتألم مرة أخرى .
عندما نقدر على النظر خلفنا دون حنين, دون جنون, ودون حقد أيضا .
أيمكن هذا حقاً ؟
نحن لا نشفى من ذاكرتنا .
ولهذا نحن نكتب, ولهذا نحن نرسم, ولهذا يموت بعضنا أيضا .
\
هل الورق مطفأة للذاكرة؟
نترك فوقه كل مرة رماد سيجارة الحنين الأخيرة , وبقايا الخيبة الأخيرة. .
من منّا يطفئ أو يشعل الآخر ؟
لا ادري ... فقبلك لم اكتب شيئا يستحق الذكر... معك فقط سأبدأ الكتابة.
ولا بد أن أعثر أخيراً على الكلمات التي سأنكتب بها, فمن حقي أن أختار اليوم كيف أنكتب. أنا الذي أختر تلك القصة .
\
وها هي الكلمات التي حرمت منها , عارية كما أردتها , موجعه كما أردتها , فَلِمَ رعشة الخوف تشلّ يدي , وتمنعني من الكتابة؟
تراني أعي في هذه اللحظة فقط ، أنني استبدلت بفرشاتي سكيناً. وأن الكتابة إليك قاتله.. كحبك .
ارتشفت قهوتك المرة, بمتعه مشبوهة هذه المرّة. شعرت أنني على وشك أن اعثر على جمله أولى, ابدأ بها هذا الكتاب .
\
ففي النهاية, ليست الروايات سوى رسائل وبطاقات, نكتبها خارج المناسبات المعلنة.. لنعلن نشرتنا النفسية, لمن يهمهم أمرنا
\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\
أحلام تختصر وتحلل الحالة التي تمر بها وهي تكتب حتى نصل معها الى القول بأن القلم يتحول الى سكين
إنها تنتحر فوق الورق وكأني هنا أؤكد ماذهبت اليه بمثال واقعي لكاتبة مشهورة ومن نص كلامها على لسان بطلتها
\
ولكن دكتورة نورية يا سيدتي الرائعة ...
أن تقمص الكاتب لشخوص قصصه ليس له معيار واحد يمكن اسقاطه على كل أشكال التقمص
لقد ذكرت النوع الاخطر منه وهو فيما يتعلق بمكنونات نفسية الكاتب وأنا أكره التعميم فأقول
هناك كتاب يغسلون أيديهم بحبرهم وهناك كتاب يريدون أن يغسلون المجتمع ويطهرونه تطهيرا ً من خلال كتاباتهم ولو
تصفحنا أوراقهم لشاهدنا كيف أنها تترك حبرها علينا نحن القراء .. وهؤلاء يتقمصون المجتمع بكل مشاهدات فواجعه فيبدو الكاتب أكثر تألقا وهو ينقل عفونة الظلم ومكائد الاسرار وتيه القسوة فنرى الدماء فوق أرصفتنا على هيئة حبر أسود وكأن ماهو مكتوب قد صار مرآة ترينا ولو قليلا ً من الحقيقة
ومعلوم سيدتي أن شخصية الكاتب تتشكل بشكل جوهري في مرحلة ما قبل الكتابة فيتبرمج في خرائط ذهنية لافكاك منها وفي فضاء من أربعة أسوار من (البيولوجيا) و(التاريخ) و(الثقافة) و(الجغرافيا)
وأن كثيراً منهم يتصرف من خلال عالم (اللاوعي) الذي كشفه علم النفس التحليلي، فالإنسان وكما تعلمين مكون من ثلاث طبقات منضدة فوق بعضها البعض. في الأعلى (ما فوق الوعي) وهي جداً رقيقة وهي موضع
التماع بريق الأفكار الإبداعية الفجائية. وطبقة (الوعي) وهي تمثل 5% من كياننا النفسي .. وتحتها طبقة (اللاوعي) التي تمثل 95 %. الذي يمثل المحيط الواسع الذي يضم شخصيتنا.
وفيه مستودعات (الخبرات) و(العواطف) و(الأخلاق) و(العقد النفسية).
وأحيانا ً الكتابة وحتى الكلام يسيطر عليه (اللاوعي) فنحن حينما نتكلم لا نفكر كيف تمر الكلمات من الدماغ إلى جهاز التصويت،ولو فكرنا في كيف نفكر لانقطع كل تفكير. ولو تأملنا جسدنا لرأينا فيه تداخل ثلاث مستويات بنفس اللحظة من (الإرادة) و(نصف الإرادة)و(اللاإرادة)
والحبر الذي ينتج عن مانكتبه جميعا ً لايعدو تفاعل هذه الاليات المنضبطة والتي لو تحكمنا بها لاوصلتنا الى دروب الابداع والتألق
العزيز المبدع خليل
شكرا على هذه القراءة الواعية والعميقة للموضوع ، والتعليق الثمين ...
طابت ايامك بكل الخير ... مع الود والتقدير
حوراء آل بورنو
27-08-2006, 01:57 PM
الحرة الكريمة حوراء
سؤال مهم جدا يعكس ثقافة نفسية واسعة، وتفكير علمي ناضج ... بارك الله بك.
في الواقع، يلجأ الفرد للآليات النفسية الدفاعية على أنها وسيلة لحل تضارب قائم في منظومته النفسية بين قوتين متناقضتين؛ قوة تمثل فكرة غير مرغوبة اجتماعيا تسبب لصاحبها الشعور بالخجل او الخزي او العار وما الى ذلك ... وقوة الضمير -الذي يمثل أحكام الوالدين والمجتمع- والذي لا يرحم الشخص عندما تدخل الى عقله فكرة غير مرغوبة !
أو يلجأ الفرد لآلية دفاعية أو أكثر لتعبر بشكل أو بآخر عن خبرة مقترنة بأذى نفسي مكبوتة في عقله الباطن قد تعود الى فترة قريبة او بعيدة قد تمتد الى فترة المراهقة او فترة الطفولة المبكرة ، وأكثرها تشبثا بالعقل الباطن وعنادا تلك التي ترجع لأيام الطفولة المبكرة ! فيسبب ذلك الكبت للخبرة، تعبا نفسيا للفرد إن لم يُخرجها عن طريق منفذ ما...
وهذا الحل للصراع ... او التنفيس لما هو مكبوت، باختيار الية او اكثر من آليات الدفاع، هو في حقيقة الأمر ليس بشافٍ او فيه إنهاء للصراع، أو ينهي حالة الكبت، لكنه مهدئاً له ربما للحظات أو لأكثر، بالضبط مثل حبوب الفاليوم التي يلجأ اليها الشخص المتعَب لكي يشحذ بها النوم هروبا من الواقع ... او حبوب الفولتارين التي يتعاطاها البعض لتسكين الم عضوي ... لان أي آلية دفاعية هي تُرضي الشخص نفسيا وتظلل الواقع امامه لكي يهدأ الصراع قليلا ...أو ليخفف من وطأة الضغط النفسي الناتج عن الكبت لخبرة مؤلمة ... بالضبط مثلما تفضلتِ به -تجعل الشخص يكذب على نفسه ويصدق كذبه- لكنها لم تصل للعلة الحقيقية للمشكلة، وعليه فالمشكلة الأساسية باقية، واقصد بالعلة هنا؛
فكرة -نوهنا اليها انفا- أو أكثر مقترنة بخبرة مؤلمة مكبوتة في العقل الباطن، يخشى الفرد استدعائها الى عقله الواعي فتراه يهرب منها كلما سنحت الفرصة لإظهارها، هذه الخبرات المؤلمة المكبوتة هي التي توجه استجابات الفرد من كلام او فعل او عمل فني او أدبي او رسم او تعامل مع الآخرين ... لا بل حتى تظهر آثارها في زلات لسانه أو ما يسطر قلمه او ما ينتج من عبثه بالقلم على الورقة وهو سارح البال من رسوم وكلمات غير موجهة أو منسقة وما إلى ذلك ... لا بل حتى في طريقة تفكيره، وردود أفعاله غير الإرادية، وأيضا في اتخاذ قراراته، واتجاهاته، وفي كل قيمه سواء أكانت قيم اجتماعية أو اقتصادية أو دينية أو نظرية أو جمالية أو سياسية ... بكلام آخر، فان تلك الخبرات المكبوتة هي التي تسيطر تماما على الفرد بدون ان يشعر بذلك ... وان احد الوسائل التي تُظهر الخبرات المكبوتة بوضوح هو الادب بانواعه والرسم وغيره ...والكثير يعد هذه الانواع تساميات ...أي اللجوء لآلية التسامي، أي تحويل الخبرة المكبوته غير المرغوب فيها الى نتاج مرغوب فيه وهي بالواقع وان لم تكن حلا للفكرة المكبوته او حلا للصراع إلا ان فيها فائدة من حيث الانتاج ومردود فوائده للشخص! ربما مادية واجتماعية (فالكثير من الادباء يحصلون من نتاجهم الادبي المال والشهرة والفائدة الأدبية للاخرين وامتاعهم، أي نتاج مرغوب فيه ومقبول اجتماعيا ، بغض النظر عما يدور في داخل عقل الأديب الباطن ... من هنا اعتقد ان فرويد فضل هذه الآلية على الآليات الأخرى ولا أظنه ابدا قصد انها حل للصراع او للفكرة المكبوتة) ...
ووجه آخر للعلة؛ هو ان فكرة غير مرغوب فيها قد تكون حديثة تدخل الى عقل الانسان من حيث يدري و لايدري ! وبما انها غير موغوب فيها من قبل الضمير . حيث ان الضمير هو جزء من شخصية الانسان يمثل أو يجسد -بحسب وجهة نظر التحليل النفسي – احكام الوالدين او من ينوب عنهما، وحيث ان الوالدين يمثلان اساسا احكام المجتمع فالضمير عند الشخص السوي يمثل السلطة التي تجسد رضا المجتمع ... فهذا سيقف بحزم وقسوة امام الفكرة الجديدة غير المرغوبة والتي قد يشعر الفرد حين التطرق اليها او الاعتراف بها بالخجل ... ومن هنا يحدث تضارب بين الفكرة التي دخلت العقل من منفذ معين –يمثل نقطة ضعف عند الفرد- وبين الضمير الذي لا يرحم!
وهذا التضارب بين القوتين، القوة المُلحّة الدخيلة، وقوة وقسوة وتعنيف الضمير، مما يجعل الفرد بين نارين أي في لهيب صراع .... ومن هنا سيلجأ للدفاع منه نفسيا، الى واحدة او اكثر من ميكانزمات او آليات الدفاع – مثل الهروب او الانكار او الاسقاط او العزلة او التقمص او النكوص او التسامي أو غيرها من اكثر من 50 آلية دفاعية يمكن ان يلجأ اليها ... كل ذلك لكي لا يقع في ما لا يُحمد عقباه من اضطراب او قد يصل الفرد حين يشتد الصراع عليه الى الجنون! في حالات نادرة .
غير أن هذا الحل، قد يزيد في كثير من الأحيان من تعقيد المشكلة ... فكلنا يعرف ان الاليات عبارة عن كذبات وتمويه للواقع ، وعواقب الكذب مشاكل، وهذه قد تقود إلى مشاكل أخرى، وقد ينتهي الفرد إلى طريق معقد جدا ...
والحل
يكمن في مواجهة المشكلة وعدم الهروب منها، وذلك بتحرير الفكرة المكبوتة في اللاوعي أو اللاشعور أو في العقل الباطن ليضعها في مستوى الشعور أو الوعي بها وتسمى هذه العملية بـ"تحرير العقل" أو تطهير العقل – أي جعل اللاشعور شعورا !
فتصبح الفكرة أمام الشخص لكي يدركها تماماً ويسيطر عليها، بدلا من أن تسيطر عليه هي وتتحكم به ! ويتم ذلك التطهير:
إما بمساعدة الفرد لنفسه اذا كان يملك الشجاعة النفسية والروحية الكافية، ويملك من ادوات العلم والثقافة وقوة الإرادة الناتجة من قوة الإيمان ما يجعله يواجه نفسه ويبحث عما يقلقه ويعترف به ويجد حل مباشر ولا يهرب منه ... وعندما يصل الانسان الى معرفة الموضوع المكبوت في عقله الباطن فيظهره الى السطح ويواجه فان هذه العملية تدعى (استبصار). أي ان الفرد يستطيع معرفة وإدراك لاشعوره! وقوة الاستبصار عند الفرد تتناسب طرديا مع تشابه تقريره عن نفسه مع تقارير الآخرين المحيطين به عنه !
وان لم يتمكن من الوصول الى حالة الاستبصار، فيمكن أن يستعين بمن يقدر على ذلك ممن لهم دراية بحل المشاكل المتعلقة باللاشعور ... سواء بالتحليل النفسي أو بالتحليل الروحي -مثلما أسميه أنا- وذلك بالاستعانة بمن له خبرة وحكمة وقوة اقناع بما يحفظ ويفهم ويستثمر من القران الكريم الذي بعثه الله سبحانه وتعالى شفاءا للعالمين (واول العلل التي يساعد القران في شفائها بما يحتويه من تفاصيل هي العلل النفسية والروحية) فعندما يصل الانسان من الايمان الى درجة النضج الروحي بما تحمل هذه الكلمة من معان كثيرة، فان ذلك حري بان يساعده في تخطي الكثير من الصعاب والضغوط في الحياة .... وسيمنحه الصبر والجهاد في سبيل حياة افضل له وللمجتمع الذي يعيش فيه ... فالعلاج الديني اثبت فاعلية ليس على مستوى الدين الاسلامي وحسب بل وحتى على مستوى الاديان الاخرى ، وحتى فرويد ذاته اعترف في اواخر حياته باستخدام الدين في العلاج النفسي ، وكذلك الكتيرون من مدرسة التحليل النفسي. ولا اخفي عليك أن جميع الاساتذة الناجحين ممن تعلمت منهم، سواء في مرحلة الماجستير او الدكتوراه والذين عرفوا بشهرة واسعة محلية وحتى عالمية في مجال العلاج النفسي والعصبي هم اولئك الذين لم يفارق لسانهم ابدا كلمة الله والاستعانة بالايمان في مواجهة ازمات وضغوط الحياة .
ولعل من الجدير هنا ان ننوه باختصار لعملية "تحرير العقل" أو تطهير العقل باستخدام أسلوب التحليل النفسي؛ (للفائدة العامة) ...
يستلقي الزبون على اريكة التحليل ويغمض عينيه، أو يجلس المعالج جانبا لكي لا يرى الزبون وجهه وقد يفهم تعبيراته بما يحلو له، مما قد بمنعه ذلك بشكل او باخر من التحدث بشكل تلقائي أو يؤثر في انسيابية حديثه ... فيطلب المحلل من الزبون ان يتحدث عن كل شي في حياته حتى لو كان ذك الشيء سخيفا من وجهة نظر الزبون ... ثم يسجل المحلل في ورقة او يسجل الصوت على جهاز تسجيل ليحلل الكلام فيما بعد ...
ويستخدم المحلل في العلاج وسائل كثيرة قد تتضمن الاختبارات الاسقاطية، ووسائل التقرير الذاتي، وتقارير الوالدين والمعلمين أو الزملاء او الأقران، وتفسير الأحلام وغيرها فضلا عن الحديث المباشر.
كيف سيصل المحلل إلى الفكرة المكبوتة؟
من خلال خبرة المحلل السريرية يلاحظ ان الزبون عندما يقترب من الفكرة أو الخبرة المؤلمة فانه يتوقف عن الكلام! وحالات التوقف تتمثل في حالات عديدة ؛ إما ان يبدأ بالسعال المفتعل ، او يدعي انه تعب من الكلام ويريد ان يؤجل الحديث ، او يدعي انه تذكر موعد معين ... المهم يجد أي وسيلة للهروب من الموقف وحتى حالة الهروب هذه قد لا يعي بها على انها وسيلة دفاعية لعدم مواجهة الخبرة المكبوتة المؤلمة ... وحتى عندما ياتي موعد الجلسة التالية يختلق الاعذار لكي يتاخر عنها او ربما يريد ان يلغيها!
وبهذا يبدأ المحلل باتخاذ السبل المناسبة لجعل الزبون يكمل الحديث .. وكثيرا ما يحول الزبون مشاعره المكبوته إزاء موضوع معين او شخص معين نحو المحلل، وغالبا، يكون المحلل مبعث اطمئنان وثقة ويتحمل تحويلات الزبون من مشاعر قد تتراوح ما بين الحب والكره ، وما بين التعلق والغضب، ويدرك المحلل ذلك فلكي يُخرج الفرد ما لديه يجب ان يكون هناك موقف معين أو شخص معين يستدعي انبعاث مشاعره المكبوته ..
على أية حال، عندما يصطاد المحلل الفكرة المكبوتة، يُخرجها امام الزبون، وهنا تحدث عملية التطهير للعقل من الخبرة المؤلمة الجاثمة عليه أو تحريره منها، وهنا يبدأ التدفق المفاجئ والدرامي للانفعالات التي تحدث عندما يُبعث الأذى المكبوت (وكأنها عملية ولادة عسرة!)... وهذه الانفعالات يتوقعها المحلل، فصندوق المناديل الذي يوضع في طرف الطاولة ليس لغرض الديكور! :011:
العزيزة نورية
لخصت العقدة هنا :
وهذا التضارب بين القوتين، القوة المُلحّة الدخيلة، وقوة وقسوة وتعنيف الضمير، مما يجعل الفرد بين نارين أي في لهيب صراع .... ومن هنا سيلجأ للدفاع منه نفسيا، الى واحدة او اكثر من ميكانزمات او آليات الدفاع – مثل الهروب او الانكار او الاسقاط او العزلة او التقمص او النكوص او التسامي أو غيرها من اكثر من 50 آلية دفاعية يمكن ان يلجأ اليها ... كل ذلك لكي لا يقع في ما لا يُحمد عقباه من اضطراب او قد يصل الفرد حين يشتد الصراع عليه الى الجنون! في حالات نادرة .
غير أن هذا الحل، قد يزيد في كثير من الأحيان من تعقيد المشكلة ... فكلنا يعرف ان الاليات عبارة عن كذبات وتمويه للواقع ، وعواقب الكذب مشاكل، وهذه قد تقود إلى مشاكل أخرى، وقد ينتهي الفرد إلى طريق معقد جدا ...
ثم كان الحل !
- الاستبصار ؛ هل تكون فعلا فيه تقارير المحيطين ذات أثر بالغ و حقيقي ؟
- الصبر ؛ فهل كنت تقصدين أن تحمل تلك الضغوط و تخفيفها عن تطريق الصبر و التجمل به حل لتلك المعضلة دون الحاجة للاستبصار بالعقدة ؟
- المحلل النفسي ؛ هل حقاً و صدقاً متى ما ظهرت تلك العقدة و كانت اولادة العسيرة يكون الحل ؟ و هل ظهورها كافٍ لحلها ، أم نحتاج بعد الكشف لمراحل علاجية أخرى ؟
كل التقدير و الود لك .
محمد إبراهيم الحريري
27-08-2006, 02:23 PM
الأخت نورية
تحية وشكر
تستهويني مثل هذه التحليلات وتنفر مني عندما أمسك القلم لأخط مثلها لأني أصبحت مدمن قراءة ولست أمتلك الجرأة لأضع شخصية على كاولة التشريح النفسي والغوص داخل ثنايا نفسيته لأني لا أترك له شاردة ولا واردة إلا أدخل أنفي بها فاضحا أمره ، متخيلا كل ما يمكن أن يدور بخلده ، وما يحمله من تعاويذ يقي شخصيته المتذبذة بين أراجيح تبريراته علها تكون خداع بصيرة أو ملل بصر لمن يراه بعين النقد والتحليل ، ولكن عندما أتكلم أستطيع الغور وقنص درر مزيفة من بحر تخيله ، فاصنع منها سبحة يلتجئ إليها ترتيل خشية من اكتشاف علقم حياته .
لذا من الممكن أنني أحمل شخصية الكاتب لأذود عن حياض نفسه المتعبة ، المتقلبة على نار التخمين ، حتى أنضج ما اعتراه ,اكمل عنه ما بدر يقيننا بعد رسم خطوط شخصيته .
لست أدعي زورا ولكن القراءة النفسية تأخذ تلابيب فكري فأجنح خيالا في ملكوت عظمة الخالق الذي سوى النفس ، وإنسان الحياة مل فاعتراه النقص من صنع يده . لماذا ؟
ألأنه لم يملك مقومات الحياة السوية ؟
أم أنه مازال بشرا سويا لم يكمل بناء شخصيته ؟
؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أنت لك الشكر يا نورية
وباقة ود وتحية
من أخ في الله لم يملك سوى رقم الهوية
أين كنت ولماذا؟
لم أبين بعد ما تعني القضية ؟
إنها مفتاح سر
ضاع في ركن قصية
ـــــــــ
والف مليون تحية
نورية العبيدي
05-09-2006, 04:47 PM
الحبيبة نورية :
اغذريني لتاخري في معانقة هذه القيمة
بحق جهد كبير ورائع
لي عودة لقراءة اعمق
لك خالص حبي وباقة ورد:0014:
الاخت العزيزة سحر الليالي
شكرا على هذا المرور اللطيف ... بانتظار عودتك دائما ...
نورية العبيدي
05-09-2006, 05:01 PM
للتحريك مرة أخرى بدون قياس
على قياس للرفع
الاخ الصباح
شكرا على مرورك هنا اكثر من مرة ... وشكرا على تحريك الموضوع :011:
نورية العبيدي
05-09-2006, 08:16 PM
الأخت نورية العبيدي المحترمة:
سرني التعرف إليك من خلال هذا المقال...
الموضوع مثبت مبدئياً للقيمة العالية التي احتواها، و للنقاش الغني الذي حرّضه.
و أما تعقيبي فسينتظر التتمة بشوق عظيم.
تحيتي لمتألقة.
الاخ الدكتور محمد صنديد المحترم
شكرا للاهتمام بالموضوع ... وسانتظر تعقيبكم بحماس أكيد ...
تحياتي وتقديري
نورية العبيدي
05-09-2006, 09:07 PM
العزيزة نورية
لخصت العقدة هنا :
وهذا التضارب بين القوتين، القوة المُلحّة الدخيلة، وقوة وقسوة وتعنيف الضمير، مما يجعل الفرد بين نارين أي في لهيب صراع .... ومن هنا سيلجأ للدفاع منه نفسيا، الى واحدة او اكثر من ميكانزمات او آليات الدفاع – مثل الهروب او الانكار او الاسقاط او العزلة او التقمص او النكوص او التسامي أو غيرها من اكثر من 50 آلية دفاعية يمكن ان يلجأ اليها ... كل ذلك لكي لا يقع في ما لا يُحمد عقباه من اضطراب او قد يصل الفرد حين يشتد الصراع عليه الى الجنون! في حالات نادرة .
غير أن هذا الحل، قد يزيد في كثير من الأحيان من تعقيد المشكلة ... فكلنا يعرف ان الاليات عبارة عن كذبات وتمويه للواقع ، وعواقب الكذب مشاكل، وهذه قد تقود إلى مشاكل أخرى، وقد ينتهي الفرد إلى طريق معقد جدا ...
ثم كان الحل !
- الاستبصار ؛ هل تكون فعلا فيه تقارير المحيطين ذات أثر بالغ و حقيقي ؟
- الصبر ؛ فهل كنت تقصدين أن تحمل تلك الضغوط و تخفيفها عن تطريق الصبر و التجمل به حل لتلك المعضلة دون الحاجة للاستبصار بالعقدة ؟
- المحلل النفسي ؛ هل حقاً و صدقاً متى ما ظهرت تلك العقدة و كانت اولادة العسيرة يكون الحل ؟ و هل ظهورها كافٍ لحلها ، أم نحتاج بعد الكشف لمراحل علاجية أخرى ؟
كل التقدير و الود لك .
الاخت حوراء
- بالنسبة للاستبصار ، من الضروري ان يقارن الفرد ما يراه في نفسه مع ما يراه الاخرون فيه ، لان ما نراه في انفسنا نحن فقط لا يكفي ... بل قد يرى الاخرون فينا ما لا نراه ابدا! وهنا علينا التوقف والتامل في هذه الحالة خاصة عندما تتكرر كثيرا من قبل اكثر من شخص .
- الاستبصار بالعقدة ضروري واساسي ، اذ كيف نفكر ونبحث عن حلول (كيفما تكون) ما لم نعرف اولا ما هي المشكلة؟ !
- دور المحلل النفسي بالنسبة لصاحب العقدة مثل دور المحامي الذي يريد ان يخرج سجين من وراء القضبان ، فما ان يخرجه من السجن تكون البداية لحياة جديدة تختلف باختلاف الافرد وظروفهم ... وكذلك من تجثم عقدة على عقله ويتحرر منها فهو كمن يتحرر من سجنه. قد ينتهي دور المحامي بمجرد خروج السجين من السجن لكن قد يستمر دور المحلل اذا شاء الفرد بعد تحرره من العقدة لغرض الارشاد والتوجيه في حياته المقبلة ، وقطعا لا يعني الارشاد النفسي ان يلقن الفرد بما يفعل ولكن ليجعله يعرف كيف يختار من بين الخيارات الكثيرة التي امامه بكل حرية واستقلال فكري . وذلك بالدعم النفسي وتعزيز الثقة بالنفس.
تحياتي وتقديري حوراء
نورية العبيدي
06-09-2006, 04:30 PM
الأخت نورية
تحية وشكر
تستهويني مثل هذه التحليلات وتنفر مني عندما أمسك القلم لأخط مثلها لأني أصبحت مدمن قراءة ولست أمتلك الجرأة لأضع شخصية على كاولة التشريح النفسي والغوص داخل ثنايا نفسيته لأني لا أترك له شاردة ولا واردة إلا أدخل أنفي بها فاضحا أمره ، متخيلا كل ما يمكن أن يدور بخلده ، وما يحمله من تعاويذ يقي شخصيته المتذبذة بين أراجيح تبريراته علها تكون خداع بصيرة أو ملل بصر لمن يراه بعين النقد والتحليل ، ولكن عندما أتكلم أستطيع الغور وقنص درر مزيفة من بحر تخيله ، فاصنع منها سبحة يلتجئ إليها ترتيل خشية من اكتشاف علقم حياته .
لذا من الممكن أنني أحمل شخصية الكاتب لأذود عن حياض نفسه المتعبة ، المتقلبة على نار التخمين ، حتى أنضج ما اعتراه ,اكمل عنه ما بدر يقيننا بعد رسم خطوط شخصيته .
لست أدعي زورا ولكن القراءة النفسية تأخذ تلابيب فكري فأجنح خيالا في ملكوت عظمة الخالق الذي سوى النفس ، وإنسان الحياة مل فاعتراه النقص من صنع يده . لماذا ؟
ألأنه لم يملك مقومات الحياة السوية ؟
أم أنه مازال بشرا سويا لم يكمل بناء شخصيته ؟
؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أنت لك الشكر يا نورية
وباقة ود وتحية
من أخ في الله لم يملك سوى رقم الهوية
أين كنت ولماذا؟
لم أبين بعد ما تعني القضية ؟
إنها مفتاح سر
ضاع في ركن قصية
ـــــــــ
والف مليون تحية
الاخ المبدع محمد
رغم ان الثقافية النفسية عامة ، ويمكن لكل فرد الاطلاع والالمام بها، ورغم ان التحليل يحتاج الى خصائص معينة في الشخصية قد يمتلكها ربما غير المتخصص، إلا انه مع ذلك ، يحتاج التحليل الى خبرة معمقة جدا ولسنوات طويلة ، فضلا عن التخصص الاكاديمي، ذلك لان الانسان كائن معقد جدا وليس من السهل تحليل شخصيته او التكهن او تخيل ما يدور بخلده ، حتى اولئك الذين تعيش معهم لسنوات طويلة ... ولذلك فالمحلل وبرغم الخبرة الطويلة ، ودراسته واطلاعه ، فهو لا يعطي رأيا تحليليا نهائيا قبل ان يجرب مع زبونه عدد كبير من وسائل الكشف في الشخصية منها المقابلات والاختبارات والتقارير الذاتية وغيرها ... لكن تستطيع ان تقول ان البعض منا قد تتكون له خبرة وذكاء اجتماعي وبعض الفراسة في اخذ مؤشرات عن بعض الناس ، ومع ذلك قد تصيب وقد تخطأ تلك التقديرات في كثير من الاحيان ..
شكرا لك كثيرا يا أستاذ محمد على حضورك الذي نحتاجه دائما :0014:
نورية العبيدي
07-09-2006, 04:19 AM
استخدام الأدب القصصي والتمثيل في العلاج النفسي
يعد هذا الموضوع ، واقصد موضوع تقمص الشخصيات الواقعية "التمثيل" مثل "تقمص شخصية المدير في العمل، أو دور الزوجة أو دور الصديق أو غيره … من الأساليب العلاجية الناجحة في علم النفس إذ تعطي أكبر فرصة للإنسان لتفريغ كل ما يريد قوله أو فعله بشأن الشخصيات التي يتأثر بها من جهة، ومن جهة أخرى ليعرف المعالج ما يريد معرفته بشأن ما يدور في خالج مريضه تجاه أناس معينين يخمن أن لهم صلة بمشكلته" . فمثلا: يقول للزبون –ان جاز التعبير بدلا عن المريض- وفي هذه الحالة يكون العلاج جماعيا، إما ان تكون الجماعة كلها تحتاج للعلاج وتشترك مع بعضها، أو أن هناك مجموعة متخصصة ومُدربة لعلاج الاشخاص بالتمثيل: فهنا يطلب من الزبون الذي يعتقد الطبيب ان لديه مشكلة مع زوجته مثلا: ان يمثل دور الزوج امام ممثلة تأخذ دور شخصية الزوجة في قصة موجهة لهذا الغرض، يرى المعالج ان القصة تناسب موقف الزبون الذي يعاني منه مع زوجته، إلا انه يعطي الحرية الكافية للزبون ان يختار الحوار الذي يرغب... فإذا كان المعالج يرى من خلال الطريقة التي فحص بها الزبون نفسيا، سواء عن طريق المقابلة او عن طريق الاختبارات المناسبة، او عن طريق التقرير الذاتي، او من تقارير المقربين أو غيره ، فيصل الى مؤشر ان سبب اضطراب الزوج شكه بزوجته، الا انه –أي الزوج- لا يريد ان يعترف مع نفسه صراحة بذلك، لاعتبار او اكثر من وجهة نظره هو، كأن يكون مثلا انه يخشى ان تكون شكوكه صحيحة ! مما قد يدفع به الى الجنون، لانه من المستحيل عنده ان زوجته تعمل شيئا مريبا، حتى وإن ظهرت أمامه بعض المؤشرات التي تأسست عليها شكوكه، لا لشيء إلا لأنها زوجته! او ان ذلك مستحيل لان المجتمع سينبذه، وسيسخر منه الأصدقاء، وسيستصغره الأهل، وسيتعقد أطفاله، ويكونوا محل نبذ الأطفال الآخرين ، ويتبعها في دماغه الف "سـ" و "سـ" ! وبما انه لا يريد ان يعترف جهرا انه يشك، ويرى المعالج ان هذا الشك يجثم على عقله ويسيطر عليه ويشل تفكيره وحركته ويعبث بتوازنه النفسي، وعليه، ينبغي تحرير ذلك العقل من هذه الفكرة المكبوتة وإظهاره الى السطح أي الى مستوى إدراك او شعور الزبون، وهنا تصبح هذه الفكرة مسيطَر عليها من قبل الشخص المضطرب بعد أن كانت هي المسيطرة عليه، وهذه العملية تسمى عملية تحرير العقل.
عودا الى الموقف التمثيلي كيف يخدم هذه الحالة؛ يكون السيناريو معدا لهذه الحالة بالتحديد... إذ يدور حول مشكلة المضطرب كما يراها المعالج، وكل ذلك بالتاكيد يتم ترتيبه بدون ان يشعر الزبون المقصود بالموقف كله. فيطلب منه ان ياخذ دور الزوج في مسرحية ليروا مدى موهبته بالتمثيل. يطلب من البطلة الزوجة ان تقوم بالتصرفات المحتملة لزوجته نفسها كما يزعم هو من خلال فحص المعالج له مع بعض التحويرات التي تموه عليه خطة العلاج. ثم تبدأ المسرحية، ويطلب منهم البدء بأداء أدوارهم، ولا ننسى انه مسبقا اعطي الصلاحية بالتصرف بالحوار ... هنا سيُسقط الزبون كل ما يكبته من مشاعر بشأن هذا الموقف، سيقول مالم يستطع ان يقوله في الواقع، وسيقوم بالتصرفات التي يخشى ان يقوم بها هناك .. فتراه ينفعل ويغضب ويندمج بالدور ، كأن يثور مثلا ويقول للبطلة –الزوجة- انت خائنة، انت لا تحبينني، أنتِ عار علي، أنا نادم لأنني اخترتك ، أنتِ لا تصلحين أُما لأطفالي، وقد يتطور انفعاله إلى تصرفات عدوانية أو قد يستخدم العنف معها بالضرب او تكسير ما يرى أمامه ... وقد يتطور انفعاله الى ان ينهار ويبكي ... وهنا، سيصحوا على نفسه ويرتاح لأنه قد فرّغ كل شحناته الجاثمة على عقله، والتي جعلت منه إنسانا مضطربا ...
أو عندما يكون الشخص المضطرب بسبب الاب او الام او المدير في العمل او الاطفال او بسبب الحالة المادية او بسبب فشل علاقاته الاجتماعية او العاطفية وهكذا فان الادوار التمثيلية ستكشف عن الكثير مما كبت في العقل الباطن والذي سيظهر جليا امام الشخص المضطرب ذاته.
في الواقع تفيد كثيرا هذه الطريقة في العلاج عندما يلاقي المحلل صعوبة كبيرة في أن جعل الزبون ان يحرر عقله مما كبت فيه .
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir