تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : هذه هي الحياة هنا (مواقف غير متسلسلة) !



نورية العبيدي
18-07-2006, 03:20 PM
(1)

لم يبقَ سوى موافقته التحريرية بعد أن أعلن لنا عن موافقتهِ الشفوية بشأن طلب يخص صديقتي التي كانت تجلس بجواري، وفي اللحظة التي مسك بها القلم، زاغت عيناه يمينا نحو الباب، وفجأة؛ وضع القلم أمامه، وهو يقف مضطربا، وكأنه يتصرف على غير هدى!

خرج مسرعاً، وعلامات انفعال غريبة على وجهه، كمن رأى شيئا غير مرغوب فيه ثم اختفى، فأراد أن يقتفي أثره.... تأخر في العودة. التفتُّ إلى صديقتي باستغراب، وكذلك فعلَتْ، وبعد لحظات طلبت منها أن نغادرَ المكان، فقد صار الجوّ مشحونا بالغموض !

خرجنا وقلبانا يخفقان قلقا، وما أن وصلنا إلى الباب، حتى واجهنا رجل قادم من جهة اليمين، هممتُ إلى سؤاله، وإذا به يصرخ وعيناه إلى يساري ... نظرت إلى حيث توجهت عيناه، وإذا بالمدير يقف ملتصقا بالحائط، وهو ينزل إلى الأرض شيئا فشيئا، وعيناه تشيران إلى ممر طويل إلى اليسار، يحاول أن ينطق، لكن الصوت لا يخرج من فمه، إنه يختنق!

شعرت أن جميع قدراتي العقلية قد أصيبت بالشلل، وكل شيء قد توقف! فلم اعد اعرف ماذا افعل ... أريد أن أنقذه قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، أريد أن افعل شيئا ... ولكن القاتل هناك في الممر الذي يشير إليه، رأيته يركض! كيف أساعد الجريح؟ كيف أساعد نفسي من القاتل؟! هل استنجد بالإسعاف؟ ولكنه آتٍ إلينا! هل اهرب؟ ولكنه قريب؟!

وفجأة وبلا أمر مني، دخلت مسرعة إلى داخل الغرفة، وعلى أول مقعد جلست منهكة القوى والعقل والقلب، ويداي تقبضان على رأسي بلا إرادة مني، وكأنها أرادت أن تحميه من الخطر القريب!
وظل لساني وقلبي يرددان معا "اشهد أن لا اله الا الله وان محمدا رسول الله" وأنا انتظر ملمس السلاح، ومن ثم اختراق الرصاصة لرأسي!

واردد عشرات المرات، وأنا انتظر مصيري المحتوم القريب الأكيد!
لكن ! انتظاري طال... وأعصابي تحترق ... وأنا لا زلت أردد، وطال الانتظار أكثر ... !
وفجأة؛

حررتُ رأسي من يديّ، ونظرتُ حولي، وإذا بي وحدي. فيبدوا أن القاتل قد غادر المكان قبل أن يقتلني!

لا بد أن عتاده قد نفذ !!!




(2 )


يتبع *

عبلة محمد زقزوق
18-07-2006, 03:26 PM
رائعة أختاه
فهذا هو الحال الذي أصبح سائد في كل البلاد
أكملي
عافاك الله وسلمك وإيانا من شر القلوب السوداء .
ولا حول ولا قوة إلا بالله

الصباح الخالدي
18-07-2006, 03:36 PM
شكرا لك نورية العبيدي

حسنية تدركيت
18-07-2006, 06:51 PM
قلبي كاد يتوقف عن النبض من هول ما واجهته البطلة
سلمت نورية العبيدي سانتظر البقية هنا

جوتيار تمر
19-07-2006, 09:35 AM
نورية..
عذرا...
هل الاقدار هي من انقذتك بترديدك للشهادة...
ام ان العتاد قد نفذ منه فانقذك ذلك...
امتزاج غريب بين الارادة والقدر...والنهاية الانتصار كما هو مألوف للقدر..
وكأن لااحد يمكنه ان يصنع قدره بنفسه..
واذا ما قلنا بان فلانا قد قرر الانتحار وانهاء حياته ..
ياتي الرد مباشرة بان ذلك قدره..وكأن صانع القدر يقر الانتحار فيضع ذلك ضمن سجل المرء..
المدير..وكأنه تنبأ بقدره...لذا ظهرن انفعالاته بصورة طبيبعة..فهو ممن يتشبثون بالحياة...
وهولاء تظهر على وجوههم تلك الانفعالات بمجرد شعورهم بخطر يهدد حياتهم..
ولكن ما استغربت منه هو ان لااحد استطاع ان يساعده..
بل شل ارادتك وبدل البكاء والصراخ والاستنجاد دخلت غرفة وجلست تنتظرين قدرك..
ولنعد...الى الدر ذاته...اذا لم تكوني قد دخلت الغرفة هل كان هناك ما يمكن ان يتغير..؟
نورية...
بعض النصوص تثير الكثير من الاسئلة لدي...
لذا عذرا اكتفي...
تقديري ومحبتي
جوتيار

نورية العبيدي
19-07-2006, 02:02 PM
رائعة أختاه
فهذا هو الحال الذي أصبح سائد في كل البلاد
أكملي
عافاك الله وسلمك وإيانا من شر القلوب السوداء .
ولا حول ولا قوة إلا بالله

لاسف نعم ياست عبلة .... هذا واقعنا المؤلم ....


دمت جميلة هكذا :0014:

نورية العبيدي
19-07-2006, 02:04 PM
شكرا لك نورية العبيدي

الشكر لك صباح :001:

نورية العبيدي
19-07-2006, 02:07 PM
قلبي كاد يتوقف عن النبض من هول ما واجهته البطلة
سلمت نورية العبيدي سانتظر البقية هنا

ندى الغالية

كلنا أبطال لقصص حقيقية تحدث هنا كل يوم ...

أبعدك الله عنها أيتها الطيبة :0014:

خليل حلاوجي
19-07-2006, 02:08 PM
وقد يظن بي جبانا ً حين أردت


تحويل مركز السيطرة مع ذاتي وحياتي من ( القوة ) الى ( المعرفة )

أننا نقتلهم هكذا هؤلاء القساة

نورية العبيدي
19-07-2006, 02:09 PM
نورية..
عذرا...
هل الاقدار هي من انقذتك بترديدك للشهادة...
ام ان العتاد قد نفذ منه فانقذك ذلك...
امتزاج غريب بين الارادة والقدر...والنهاية الانتصار كما هو مألوف للقدر..
وكأن لااحد يمكنه ان يصنع قدره بنفسه..
واذا ما قلنا بان فلانا قد قرر الانتحار وانهاء حياته ..
ياتي الرد مباشرة بان ذلك قدره..وكأن صانع القدر يقر الانتحار فيضع ذلك ضمن سجل المرء..
المدير..وكأنه تنبأ بقدره...لذا ظهرن انفعالاته بصورة طبيبعة..فهو ممن يتشبثون بالحياة...
وهولاء تظهر على وجوههم تلك الانفعالات بمجرد شعورهم بخطر يهدد حياتهم..
ولكن ما استغربت منه هو ان لااحد استطاع ان يساعده..
بل شل ارادتك وبدل البكاء والصراخ والاستنجاد دخلت غرفة وجلست تنتظرين قدرك..
ولنعد...الى الدر ذاته...اذا لم تكوني قد دخلت الغرفة هل كان هناك ما يمكن ان يتغير..؟
نورية...
بعض النصوص تثير الكثير من الاسئلة لدي...
لذا عذرا اكتفي...
تقديري ومحبتي
جوتيار

جوتيار

1. لم تكن الشهادة لغرض الإنقاذ، وإنما تهيأ للموت، إذا كنت من المسلمين تعرف ذلك جيدا !
2. لم اقتل لان العتاد نفذ وليس بسبب الحظ، واقصد بذلك نجوت هذه المرة بالصدفة قد لا تحصل مرة أخرى.
3. في هذه المواقف عندما يحدث خطر مفاجئ ومهدد للحياة تكون الإرادة شيء خرافي، هذا يحصل مع الرجال فكيف مع امرأة آمنة لم يخطر ببالها ما حصل؟
4. لم تكن انفعالات المدير تنبأ لقدره ولكن انفعالات بسبب رؤيته الشيء الغريب عليه، وحتما بهذه الظروف يتنبأ شرا ومع ذلك خرج ليقتفي اثره ... رغم انه غير مسلح كمدير مدني !
في شوارعنا الان يرى الرجال بعضهم يقتل بعض ولا من أحد يتحرك ليفعل شيئا لعلمه انه سيُقتل أيضا لان القتلة ليس لهم رادع ... فكيف تريد من امرأة تتعرض لهكذا موقف مفاجئ وترى القاتل امامها ان تفعل شيئا ... حتى وان حاولت هل تقدر ؟ ولماذا تقترح أنت الصراخ والعدو امامك ولا من سامع غيره؟ ! ولا ادري هل البكاء برأيك بديل أفضل في مثل هذا الموقف؟!
كان الموت بالنسبة لها شيئا واقعيا لا مفر منه، لعلمها ان من يقتل الان في العراق لا على التعيين او القصد صار القتل اسهل من أي شيء اخر عند محترفيه ولا يفرق بين امراة ورجل او بين طفل و شيخ او بين ظالم وبريء ! يقتلون كل من يرون أمامهم لاسباب في بالهم! وانت لم تستطع الهروب او فعل أي شيء حيث أمامك الموت فقط ، فعليك قبوله بواقعية، ولا خيار آخر!
كان دخول الغرفة مجرد مكان لانتظار القدر المحتوم في هذه الحالة .. أم عندك حل آخر ... أتسائل ماذا كنت ستفعل لو كنت في مكان البطلة يا ترى هل سترمي بنفسك مجردا من السلاح بوجه القاتل؟ وبهذا تنال شرف الشهادة ، وسيكون الفرق بينك وبين البطلة هو انك ذهبت لقدرك بينما هي انتظرته !


كما ارجوا ان الفكرة التجريدية من الموقف قد وصلتك فهي أعمق بكثير من الشكل العياني ...
ولعلني سأضطر للتعرض لها ولو كنت أفضل أن يصطادها كل على بحسب فهمه !!!
1. توقع كل شي وأنت تمارس حياتك اليومية في العراق.
2. لا أمان ولا حاكم ولا من حامٍ للديار عند تعرض أحدنا للقتل أو تعرضنا لحالة من التهديد.
3. إذا سلمت من موقف تهديد لك، فليس لأنك محظوظ بل لسبب يتعلق بموضوع التهديد (نفاذ العتاد) هنا، فقد يكون السلاح ممتلئا في المرة القادمة.
4. صار الناس لا يعرفون كيف يفكرون، وحتى وان فكروا صح فما نفع التفكير في هذه الظروف التي لا تُصدق، حيث يُقتل الشخص لا لشيء إلا لأن اسمه "فلان" وهذا الاسم لا يرضي ذلك المذهب او تلك العصابة ... ما ينفع التفكير وانت معرض بالشارع ان يوقفك رجال السيطرة وانت وحظك اذا كان لقبك يعجب هذه السيطرة أو لا، واذا سلمت من هذه، فقد لا يعجب غيرها، وستتعرض للموت لا لشي إلا لأن لقبك يشير الى أنك من المذهب سين ... أنت لا تزال تتحدث يا جوتيار عن القدر والحظ والارادة والاختيار والاجبار، فانت على ما يبدوا بعيد عن واقع الحال هنا!
5. وأخيرا قراءتك للنصوص ليست كما توقعت منك فانت تبحث في تفاصيل العيانية أكثر من التجريدية.
6. ارجوا ان فكرتي قد وصلت كما أردتها للآخرين.


تحياتي بود وتقدير

د.زياد
20-07-2006, 02:20 PM
أما أنا فسأتابعكِ بتسلسل :011:

استمري أرجوكِ

خليل حلاوجي
20-07-2006, 05:13 PM
هل تأذن لي الدكتورة نورية بأن اكون متواصلا ً مع حكايات الوجع هذه

أنقل فيها ما رأته عيني ... فوق تراب الفراتين

لعلنا ... نفرغ مافي جماجمنا من ... أنين

لن أكتب حتى توافقين أيتها ... الصادقة


مودتي

جوتيار تمر
20-07-2006, 10:43 PM
نورية..
الامور لاتسير الا وفقا لسجية الكاتب..لذا كل ما اردت قوله هو اني عندما مررت.. قرأت داهمتني بعض الصور والاسئلة فاخرجتها لك..لا..من باب النقد..ولا من باب التنقيص من قيمة العمل..لاني لست بناقد ...
ولكن اذا ما اعدتِ النظر الى جوابك تجدين فيه الكثير من الانفعال..لذا...اظن بان الواقع ليس هو ما تنادين انت به..واذا كانت احلق خارج السرب اقصد الواقع فانت ..............!
لان القدر..الذين تنتظرينه في الغرفة وخارجها ليس الا قدر.....فانا لاارى ذلك انتظار انما تخاذلا مع الذات لان الذات حرة.. وتأبى الانتظار انما تختار ما يجعلها تشعر بحريتها ..
ثم مثلك اعيش العراق ..ارى واسمع بل واعيش...
وكل ما كنت اقصده من كلماتي السابقة هو...ان البعض يجد بان القاتل يعبث بجسد الابرياء فيقول قضاء وقدر..او هذا ما كتبه الله لنا وعلينا..كنت اتمنى لو انك فهمت الامر على هذا النحو..لكن يظهر لي باني اخطأ عندما اكتب..لايهم...
فقط اريد ان اقول لك شيئا بان التفاصيل العيانية..هي جزء من القصة الناجحة...لان موضوع القصة هيكلها يقوم وينهض على ثلاث دعائم اساسية وهي العقدة والصراع الناشيء عن العقدة والخلل الناشيء عن العقدة...والصراع هذا يقوم على ثلاثة انواع..صراع ضد الظروف والاقدار...صراع بين الشخصيات..صراع داخل الشخصية...وما كتبته كان نابعا من هذه الاسس..ومع ذلك سيدتي اقدم جل اعتذاري عن سوء قرأتي..وابتعادي عن واقعك التجريدي.
لك مني مع الود الخالص كل التقدير والاحترام
جوتيار

د.زياد
20-07-2006, 11:00 PM
لان القدر..الذين تنتظرينه في الغرفة وخارجها ليس الا قدر.....فانا لاارى ذلك انتظار انما تخاذلا مع الذات لان الذات حرة..

كنا ننتظر منك اقتراحا للبديل يا جوتيار عن ذلك التخاذل مع الذات ... كما نوهت إليك الدكتورة نورية ، ولم تسفعنا به ....

ألا ترى ان ردك اكثر انفعالية ... D:


أما رد الاخت نورية كان دفاعا عن وجهة نظرها ، وبشكل موضوعي جدا .

هذا رأيي بموضوعية بعد الاذن من اختنا الدكتورة نورية ...

جوتيار تمر
20-07-2006, 11:36 PM
لاباس...اذا دكتور....

اعتذر....


عذرا ...نورية....لقد اسأت الى النص....

عذرا دكتور زياد...لقد اسأت الفهم....


تقديري لكما .....

لست املك البديل...

جوتيار

نورية العبيدي
22-07-2006, 06:17 AM
هل تأذن لي الدكتورة نورية بأن اكون متواصلا ً مع حكايات الوجع هذه

أنقل فيها ما رأته عيني ... فوق تراب الفراتين

لعلنا ... نفرغ مافي جماجمنا من ... أنين

لن أكتب حتى توافقين أيتها ... الصادقة


مودتي

الحلاوجي الطيب :011:

بل غايتي وسعادتي ان تضع ما ترغب من مواقف وأن يضع أيضا كل من يريد من الاخوة والاخوات أي موقف من مواقف الحياة التي يرغبون ذكرها في هذا المتصفح وبحدود العنوان ...

وسيكون اسمك حلا للصفحة :004:

نورية العبيدي
22-07-2006, 06:24 AM
عندما شعر خطيبها وحبيبها بأن نبرة الحزن لا تزال في صوتها، بسبب اختطاف احد أفراد أسرتها، كتب لها رسالة تضامنية قصيرة فور انتهاء المكالمة:
- روحي فداء لعيونك حبيبيتي وغاليتي ومنية أحلامي، فقط أريدك أن تتفاءلي.

وفي اليوم التالي عندما سمع أن هناك خطر عليها وعلى أسرتها في منطقة سكناها الملتهبة بالأحداث، تحدث معها بالهاتف ليطلب منها أن تأتي مع الأهل إلى بيته في مدينته التي يعد الوضع فيها أقل خطورة من بغداد، وحال انتهاء المحادثة كتب لها:
- أنا ذخيرة لكِ ولأهلكِ في السراء والضراء، فقط لا تحزني فان الله معنا.
شعرت بالأمان مثلما تشعر به كلما يبعث لها برسالة أو تحدث معها بالهاتف ... فهو مصدر الدعم النفسي الوحيد لها وسط الضغوط المُحبِطة الكثيرة !

مرت ساعات ولم تصلها منه أية رسالة أو اتصال على غير العادة، فأسرعت للاتصال به؛
ليس هناك رد ...
خفق قلبها قلقا...
عاودت الاتصال مرة أخرى وهي تشعر أن الدماء قد غادرت كل مناطق جسمها واجتمعت في مكان واحد هو وجهها لترقب النتيجة!
ليس هناك رد!!!
بعد لحظات وصلت رسالة ... خفق قلبها فرحا ... ها هو يرد عليها ... الحمد لله، لا بد أنه كان مشغولاً !
أسرعت لفتحها بلهفة؛
فقرأت:
- أنا مضطرب جدا بسبب رسالة تهديد وصلتني قبل قليل على النقال!
شعرت ان كل شيء أخذ وضع السكون لبرهة... قلبها وتفكيرها وعقلها .. فهذا ما كانت تخشاه، أن يصل التهديد والخطر لأغلى الناس، إلى منفذ الأمل الوحيد، والنور الذي يتسلل عبر الغيوم والدخان إلى قلبها...
استعادت توازنها بعد لحظات وهي تردد "إنا لله وإنا إليه راجعون".
فكتبت له فورا:
- قلبي وروحي وعمري لك... لن أتخلى عنك إلى آخر لحظة في عمري، ولو كنت أملك عمري لافتديتك به.
- فرد عليها:
- غالية الغوالي، رسالتكِ أبكتني
- سقطت دمعة من عينها ... مع أنها لم تكن تعرف بعد، أن هذه هي آخر رسالة منه!


(3)



يتبع

خليل حلاوجي
24-07-2006, 07:34 AM
أمام متجره! أمام متجره الواقع في قلب المدينة، والناس مكتظة، تبحث عن احتياجاتها...لفتت انتباهه حركة غريبة لسيارة أتت مسرعة يقودها شخص شبه ملثم!
ومعه ثلاثة أشخاص، توحي وجوههم بأنهم من خارج البلدة ...
توقفت السيارة أمامه مباشرة وبحركات خاطفة، أنزلوا من صندوقها فتاة موشحة بالسواد مكبلة اليدين والفم .
بعد أن فكوا وثاق أرجلها، وقفت على قدميها تتراقص كالأطفال الصغار كأنها لم تقف من بعد طول رقاد. بدت لجميع الناس كأنها دجاجة محروقة القدمين تقفز هنا وهناك ... تستغيث!
أنتبه لهذا المشهد المفزع فخرج من دكانه يريد الوصول إليها ليتبين سرها، صاح أخوته ... دعها فإنها سكرانة... أخرج سائق السيارة من جيبه عود ثقاب بعد أن أغرقها من وقود سيارته!
وهنا بعد أن تحرر من أيدي أخوته، هرول مسرعاً إليها من قبل أن تحرقها النار فتبعه أخوته وألقوه على الأرض خوف الاقتراب منها وممن يريد قتلها لئلا يقتلوه معها ..
شبّت النار في قلبه من قبل أن تمس جسدها، وبلغ صراخه عنان السماء ... أتركوني أطفئ لهيبها ...أقسمت عليكم ربي أتركوني... أتركوني.
بدأ بالبكاء كالطفل ... وصاح أين الرجال؟! وتمنى أن تكون دموعه الماء الذي يخمد اللهيب!
وهي تستغيث ... ولا من مُغيث!
وحين أخرجوا من السيارة بندقيتهم وأطلقوا الرصاص على جسدها المشوي، استفاق فزعاً من نومه بعد أن أيقظ من معه في البيت!
بادرت إليه زوجته بقدح من الماء:
ما بك حبيبي ... أي كابوس هذا الذي جعلك تبالغ في الصراخ؟!
قص عليها ما رآه وأستغفر ربه أن يكون من الذين يخذلون، واستعاذ من فجور الإنسان...
أكمل فطوره في ذلك الصباح مع أولاده، وحين خرج ليوصلهم إلى مدارسهم؛ شاهد الجميع الجثة المتفحمة فوق الرصيف !

د.زياد
24-07-2006, 02:01 PM
فعلا هكذا هي الحياة هنا!

الاديبان الرائعان نورية العبيدي وخليل حلاوجي ساتابع هذا الادب الرفيع ...

محمد سامي البوهي
26-07-2006, 07:33 PM
الأخت / نورية

النص ملئ بالحركة والصراع , كأنني أقرأ نصاً يشبه نصوص نبيل فاروق من أدب المغامرات , عنصر التشويق جيد للغاية واللغة سهلة وبسيطة , والنجراف نحو النهاية جاء سلسا .

أشكرك

حوراء آل بورنو
26-07-2006, 11:45 PM
بخلاف فنيات القصة و مدى النجاح في الوصول إلى الهدف باقتدار ، فلب القصص و واوقعيتها التي تتعدى الخيال فاقا كل أداة من أدوات النجاح ، و أكثر .

تابعت الوجع الذي كان أكبر من احتمال الأجساد التي أبصرته و أعظم من صبر القلوب التي وعته ، و ما زلت .

و سـأتابع و أنا على يقين أن الحساب آتٍ ، و أن الدنيا بكل ما فيها لو كانت تساوي جناح بعوضة ما سقى الله فيها كافراً جرعة ماء ؛ فكيف و قد أعطاهم السلطة و السلطان الذي به أحرقوا أجساد النساء و الأطفال ... ويحهم ما ينتظرهم .

كل التقدير لكما .

خليل حلاوجي
27-07-2006, 12:51 AM
خرجت الطفلة صباح يومها السعيد تريد درس الدين في الجامع القريب

وهي تسير فوق أرصفة الحي مع صديقاتها والجميع يردد

عم يتساءلون عن النبأ العظيم .... الذي هم فيه مختلفون

دوى الانفجار الذي أعد له المجاهدون .... وتحولت السماء الى كتلة نار كبيرة

تطايرت سيارة العدو مع من حملتهم في الهواء

وتشتت الاصوات .... عم يتساءلون .... عن النبأ العظيم

خرج الاب ومعه الام .... بعد سماعهم للصوت

فرأوا كف أبنتهم وهي مخضبة بالحناء

كتب عليها

النبأ العظيم الذي هم فيه .... صابرون

ولملموا أجسادهم ... البريئة

ولم يعودوا .... الى ذات الصباح

فالشمس لم تعد تشرق .... من الغروب

نورية العبيدي
30-07-2006, 10:10 PM
فعلا هكذا هي الحياة هنا!

الاديبان الرائعان نورية العبيدي وخليل حلاوجي ساتابع هذا الادب الرفيع ...


الاخ د. زياد شكرا على المتابعة ... وعلى التشجيع ... :0014:

نورية العبيدي
30-07-2006, 10:21 PM
الأخت / نورية

النص ملئ بالحركة والصراع , كأنني أقرأ نصاً يشبه نصوص نبيل فاروق من أدب المغامرات , عنصر التشويق جيد للغاية واللغة سهلة وبسيطة , والنجراف نحو النهاية جاء سلسا .

أشكرك

الاخ محمد

أرحب بك بباقة ورد بيضاء في هذه المصافحة الاولى ...

فعلا اكتظ النص بالحركة والصراع، لأنه يعكس بصدق الحركة والصراع هنا... وهذا هو الهدف اساسا من هذا المشروع في نقل وقائع ومواقف تحصل في ظل الظروف الحالية بكل صدق... واقع كأنه أغرب من الخيال !

شكرا سامي على القراءة المميزة ... :0014:

نورية العبيدي
30-07-2006, 11:35 PM
بخلاف فنيات القصة و مدى النجاح في الوصول إلى الهدف باقتدار ، فلب القصص و واوقعيتها التي تتعدى الخيال فاقا كل أداة من أدوات النجاح ، و أكثر .

تابعت الوجع الذي كان أكبر من احتمال الأجساد التي أبصرته و أعظم من صبر القلوب التي وعته ، و ما زلت .

و سـأتابع و أنا على يقين أن الحساب آتٍ ، و أن الدنيا بكل ما فيها لو كانت تساوي جناح بعوضة ما سقى الله فيها كافراً جرعة ماء ؛ فكيف و قد أعطاهم السلطة و السلطان الذي به أحرقوا أجساد النساء و الأطفال ... ويحهم ما ينتظرهم .

كل التقدير لكما .

الاخت الفاضلة حوراء

لأنكم تتابعون فنحن نكتب ... فشكرا للمتابعة :0014:

نورية العبيدي
30-07-2006, 11:50 PM
(3)
كانت قريبة جدا، ومع ذلك لم أبالي بها، فقد صارت هذه الأصوات من الأشياء المألوفة التي لم تعد تلفت انتباهنا، خاصة وهي بضعة اطلاقات، فلا تعني شيئا بالنسبة لزخات الرمي الكثيفة التي لا تكاد تفارق مسامعنا! هذا من جانب، ومن جانبٍ آخر؛ كنت مستمتعة جدا بسقي الزهور والأشجار في الحديقة، وأنا أفكر في كيفية عمل ساقية صغيرة تمتد لتضم جميع الأشجار فتختزل جهدي في السقي، وكنت أفكر أيضا، بأن أُوزّعَ نباتات الظل الكثيفة في آواني جديدة، ثم أُدخلها في غرف المنزل الداخلية.
غير أنني بحركة لا إرادية، تركت خرطوم الماء من يدي، وانطلقت مسرعة إلى باب الدار، عندما سمعت بعدها مباشرة؛ صرخات نسائية، وصياح أطفال.
نظرت من أعلى الباب إلى الشارع؛
وفورا... سقط نظري عليهما!
شابان مقتولان للتو! أحدهما مرمي على وجهه، والآخر على ظهره، وتحيط بهما الدماء من كل جانب... !
لم املك شيئا في تلك اللحظة سوى أن استرجع من معدتي كل ما كان فيها، إلى أن دارت بي الأرض عدة دورات، ولا اعرف حينها، كيف دخلت إلى المنزل، وكيف رحمني ربي بالوصول إلى أول أريكة، حيث تاه ذهني في دروب مظلمة بدون أن افقد وعيي !
بعد لحظات، دخل أخي بوجه بلا لون، فقد كان واقفا أمام المحل القريب عندما حدث الموقف، نظر إليّ بعين حزينة بعد أن عرف أني رأيت النهاية، فبادر بالقول:
ماذا لو رأيت الفلم على الهواء منذ البداية؟
وأكمل:
وقفت سيارة "أوبل"، وبسرعة خاطفة، نزل منها رجل يحمل مسدسا، ثم وقفت وراءه مباشرة سيارة "كيا" ، فأنزل سائقها رجلين. جاء الرجل المسلح وقال لهما وهو يطلق عليهما الرصاص: خُذا ... لكي لا تعملاها مرة أخرى!
ثم صعد كل منهما في سيارته وغادرا.
بالكاد قلت له:
طبعا انت لم تتمكن من أخذ أرقام السيارتين لأنك كنت مرتبك؟!
فأجاب : لا ... ليس لأنني مرتبك، لكن لمن سأعطي الأرقام؟!
قلت: للشرطة، لجهة مسؤولة!
ابتسم ابتسامة ساخرة وهو يهز برأسه ويتمتم:
- الشرطة؟ لقد كان بالصدفة شرطي واقفا بالجوار، ورأى الحادث بأم عينه ولم يحرك ساكنا. قلت له اعطني سلاحك او تحرك، فأجاب :
- هل أنت مجنون؟! هذا ليس من شأني، أنا هنا بمهمة خاصة. ثم أضاف هل أنت تحلم ؟ لو حرّكتَ أو حركتُ ساكنا لن نموت وحدنا .. بل سيقتلوا كل من لنا، فمن سيعرفهم أو من سيدافع عنا؟
- ثم أكملت أنا:
- كيف وصل المسلحون الى هنا، مع أن منطقتنا محاطة من جميع الجهات بنقاط التفتيش.
- فعلق ساخرا كعادته:
- يجب أن نعذرهم، فرجال التفتيش مشغولون جدا بالنظر إلى هويات الأشخاص!
- فسألته بجدية :
- لكن هل تعرف لماذا ينظرون بالهويات؟ هل لديهم أسماء معينة لهاربين او إرهابيين أو خارجين عن القانون أو هكذا؟
- فأجاب ضاحكا ضحكة ذات دلالات:
- لا .. بل لديهم ألقاب معينة، وأسماء يعرفونها من كتب التاريخ، ولديهم أوامر بإلقاء القبض عليهم، فقد حُكم على تلك الألقاب والأسماء بالإعدام منذ مئات السنين... هل فهمت شيئا؟
- ضحكت من شر البلية وأغمضتُ عيني!

خليل حلاوجي
01-08-2006, 02:35 PM
ارد أن يرتب محله الكبير فقال لبنيه الاربعة

ضعوا هذه الاريكة خلف الدرج

عاد الاولاد بعد تنفيذ المهمة لمواصلة أعمالهم مع أبيهم

بعد دقائق

صاح الاب أين بلال ؟؟؟

أجاب اجميع أنه في الخارج يلعب مع أصدقائه الاطفال

ناداه وكرر النداء

فلم يستجب أحد

ضاقت أنفاس الاب بعد أن سمع أخبار اختطاف الاطفال ومساومة الاباء عليهم

تواصل البحث ساعات عديدة والدموع لاتنقطع من عيون هذه العائلة المندهشة بهذا الاختفاء

وأتصل الابناء بكل من له علاقة بذلك , ولاجدوى

آمن الاب بالقدر وأحضر الهاتف ينتظر مكالمة اللصوص لعلهم يرجعون اليه بلال

\

صاح آذان المغرب وأقترب وقت حظر التجوال
والجميع لازالوا في متجرهم

قرر الاب اغلاق المحل والتوجه الى البيت
هم الاولاد لاعادة الاريكة الى مكانها الاولي

تفاجأ الجميع

ببلال وهو نائم فوقها

صاح الجميع .... الله أكبر

بكى الاب بحرقة .... الفرحة

والزمن الذي يهدد الابناء والعصافير

خليل حلاوجي
09-08-2006, 04:05 AM
الجمعة الحزينة


لاننا لم نذق معها طعم النوم في ليلنا الطويل وهي تتأوه من شدة الالم في بطنها الصغيرة .... كنت مع أمها نذرف الدموع .... ألما ً مع وجعها

صاحت المآذن في فجر الجمعة ... الله أكبر

أدرت محرك سيارتي مجازفا ً بالخروج الى مستشفى السلام وكلي يقين أن الله سيحمي أبنتي الوحيدة من قوات التحالف التي فد تتجول في طرق المدينة تراقب حظر التجوال

كنت دائما ً أثق أن الله هو من يحمي الابرياء وترجمت ثقتي بخروجي هذا

ونجحت في عبور الجسر الرابط بين بيتي والمستشفى ... ومن فوق دجلة الخير
رأيت الصفاء فوق وجه دجلة ورأيت السماء ...

قال الطبيب .... إنها تعاني من ضيق في التنفس ... أثاره غبار الوطن وحرارته

وبعد ثلاث ساعات ... خرجت أنا وايناس فرحين مستبشرين شاكرين للطبيب صنيعه

ومادرينا ان تلك الساعات الثلاث قد حولت الارض الى غير الارض وضاقت علينا الدروب بما رحبت ... وبلغت الغصة الحناجر ... وظن الناس بالله الظنون

لقد أغلقت كل طرقات المدينة

ومنعنا من عبور الجسور .... وصار الوصول الى بيتنا ... مجرد حلم يصعب تنفيذه

بعد ليلة قاسية كدنا فيها أن ننام كما أغلب من معنا ... في سيارتنا ... لولا أن صغيرتي أشارت علي أن نترك السيارة ونمشي لمدة ثلاث ساعات لنصل الي بيت أحد أخواننا في الطرف الثاني للمدينة

وغتدما وصلنا اليه .... بكا .... بحرقة الموجوع

لقد صار الخروج من بيوتنا سهلاً .... والعودة ... أصبحت مفزعة ومفجعة وعسيرة

لقد فرقتنا الاهواء .... وفجر في المدينة بعض الاغبياء

ولانزال نحن الابرياء .... ندفع الثمن

والجمعة تلك .... حزينة

خليل حلاوجي
02-09-2006, 09:48 AM
أولا ً
أين أنت يانورية الخير والنقاء ؟
ثانيا ً
أين أنتم ياقراء ؟
ثالثا ً
اليكم قصتي القصيرة جداً وعنوانها .... الاطرش
صاح بلكنته الاميركية
هيه ... كو كو كو هيه
ولم يدر في خلده وهو يعتلى عربته المصفحة أن أمثال هذا لايشكل خطرا ً على المارينز المدجج باسلحة الدمار الشامل لمدن الابرياء
وفوق أرض الفراتين ظل ذاك الشاب يسير الهوينا وقد ادار ظهره لفواجع الدنيا أجمعها
كررر المارينزي صياحه فبالغ في الشتم وتوقفت عربته عن التقدم في المسير ظنا ً منه أن ذاك الشاب السائر أمامهم قد يكون مفخخ
وماهي الا ثوان قليلة حتى اطلق نداءه الاخير
هيه هيه هيه
وحينما لم تتغير مسارات الشاب أطلق النار صوب ظهره
وسارت قوافل الاميركان

تجمع الناس حول جثة الشاب
فوجدوا ثلاثة وثائق وبضع دنانير
الاولى ... أنه عاطل كان يبحث عن عمل
الثانية .... أنه مريض كان يبحث عن مستشفى
الثالثة .... انه كان أطرش