المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لقد عاد



فرع النخيل
13-08-2006, 08:14 AM
كان قد احتدم الخلاف بيني وبين هذا النحيف الدامي ( القلم ) ، حول قدرتي وأهليتي لبسط نفوذي عليه ، أم أنه المسيطر دائما . من يجر من ؟ أناملي تدفعه عصرا ونزفا ؟ أم أنه يجرها قسرا على بساطه الأبيض؟
فقررت التمرد ، بربطه في محبرته ، وطي أصابعي في جيب الصمت . إلا أن الشوق.. يسحبني خلسة إلى ظلال الواحة بين فينة وأخرى ، لأرطب عيني بقطرات من نداها البارد ، وكم رأيته حينها يتقلب في محبرته غاصا بكلماته ، إلا أني كنت أقاومه ألما ودموعا ، استثارتني شجيرات يفوح شذاها عشقا ووطنية وألما عبر أثير الواحة ، كان قد زرعها أخي جوتيار ، وألأخت الأديبة حرة ، وندى الصبار ، وغيرهم ممن يزهو بهم عبير الواحة ، فوجدته يصارعني حقا من أجل إثبات نفوذه ، إلا أني ألما انتصرت عليه لبرهة .

اليوم .. وقبيل صحوة النور المظلم ، وأنا أغسل غبار أخبار منتصف الليل من قناة الجزيرة ، لأنزع وجهي الليلي المبطن بشيء من حقيقة ، وأضع مكانه وجها آخر يشبهه ، وجها لا يرى إلا ما يريد ، عصرته مرارا حتى أضمن جفافه التام ، لم تبق فيه قطرة من ماء . نعم ، الآن أستطيع الخروج إلى عالم الحياة ، حيث توؤد الطفولة ، حيث أشلاء لبنان مبعثرة ، يحملها أطفال يتم ليدفنوها على ضفاف الليطاني ، حيث منارة بيروت القديمة أصبحت ملجأ للغربان والبوم .لقد أصبح جافا ، الآن أستطيع الخروج .

لا زال طنين الطائرات ودوي المدافع ولوحات الدمار التي رسمت بدماء أطفال غزة وجنوب لبنان طرية على غشاء ذاكرتي ، ماذا أفعل لا بد أن قطرة من ماء اخترقت جفاف قناع وجهي ، لا بأس سوف أقاوم قليلا ، أحمل دفاتري البالية ، أسمع أنين سطورها بين الأوراق ، تكاد الأرقام تتبعثر على ناصية الطريق هناك حيث حفظ المكان ملامح أثر قدمي ، لا زال الضوء أحمرا ، يوحي بتوقف الحياة ، أفكار تغلي في زاوية من رأسي ، أحس بلساني معقودا بغصة الحياة ، صورة ابنتي آلاء تملأ المكان وهي تسألني ، بابا .. ماذا يحدث في بيروت ؟ لماذا يقتلون الأطفال ؟ ..

صرخة صاحب التاكسي الواقف خلفي تنزعني من أفكاري " الأشارة خضراء يا نايم " ، السيارة تدفع نفسها بنفسها تسير حيث كل يوم ، لا زال أنين السطور بين الأوراق المتراصة ، مسموعا لدي ، أسمعها تتنفس الصعداء وأنا ألقي بها برفق في درج المكتب ، وصاحبنا مغروس في جيبي ، أحسه يرفس اختناقا بكمامته .
تواصل غريب أحسسته بين بقعة الثرى التي اخترقت جفاف وجهي وبين ذلك الرافس في الجيب ، أنه يعيش في الندى ، يربو في رطوبة المشاعر . آه ، بدأ الألم يعم وجهي بدأت قشور الجفاف تتكسر أمام بقعة الندى الصغيرة ، الجريدة أمامي لا أقوى على قراءتها ، لأنها ستزيد الأمر سوءا ، لقد قررت أن أصبح جافا ، قررت أن لا أعيش إلا في الليل ، حيث العتمة تحجز كل حقيقة ، حيث لا ترى الأشياء بوضوح تام ، فقط تتسرب إليك آهات الثكالى ، وأنين أطفال بين أنقاض بيروت ، ونابلس . لكنك لا تراهم ، لا ترى مشاهد الدماء ، ومناظر انتزاعهم من بين الأننقاض .
ازداد الأمر سوا ، أخذ الوجه رطوبته ، لقد عاد كما لم أرده أن يكون ، كم أمقتك أيها القلم ، إنك تعرف كيف تنتزع الألم مني ، أرجوك ، أتوسل إليك لقد تعبت .. تعبت ، دعني وشأني ، إلا يكفيني ما أنا فيه في الليل ، الأوراق تتسلل من أدراج المكتب ، صاحبنا يلقى بكمامته في وجهي ، أحس بيدي تدمي وهو يشدها إليه ، يسحب مداده الأحمر من شرايين أناملي ، لقد عاد .. لقد عاد .. بسوطه الجارح .. فليرحمني ربي .

الصباح الخالدي
13-08-2006, 08:53 AM
لقد طعنت نفسي بالقلم مرارا
اريد أن أكرهه لكنه يعود يستعطفني احيانا واتوسل له دائما

د. محمد حسن السمان
13-08-2006, 08:27 PM
سلام الـلـه عليكم
الاخ الفاضل الاديب الكاتب فرع النخيل

لقد هيجّت اشجاني بمقالتك الرائعة " لقد عاد " , لقد اجدت استخدام القلم , والادوات الادبية , بشكل متميّز , فحملتني معك قارئا , عبر الجروح والاحزان , واستنفرت كل مشاعري , وانت تجول بي عبر شريط المأساة , باسلوب ادبي راق .
انت ايها الاديب لست فرع النخيل , بل انت نخلة باسقة طيبة , ومثلك وبهذا المستوى الادبي , لايجوز ان يبقى مستخدما لاسم رمزي , بل يجب ان يزين الصفحات باسمه الواقعي الصريح .
تقبل محبتي وتقديري الكبير لك

اخوكم
السمان

عشتار
13-08-2006, 09:41 PM
فرع النخيل ..

مرحباً بعودتك ..
نص جميل يشرح هذا الرابط الوثيق بين الكاتب وقلمه ...

تحياتي

فرع النخيل
14-08-2006, 06:26 AM
لقد طعنت نفسي بالقلم مرارا
اريد أن أكرهه لكنه يعود يستعطفني احيانا واتوسل له دائما

أخي الصباح ..
سلاما
علاقنا بالقلم .. هي الألم الجميل في هذه الحياة .
شكرا لمرورك ..

فرع النخيل
14-08-2006, 06:34 AM
سلام الـلـه عليكم
الاخ الفاضل الاديب الكاتب فرع النخيل

لقد هيجّت اشجاني بمقالتك الرائعة " لقد عاد " , لقد اجدت استخدام القلم , والادوات الادبية , بشكل متميّز , فحملتني معك قارئا , عبر الجروح والاحزان , واستنفرت كل مشاعري , وانت تجول بي عبر شريط المأساة , باسلوب ادبي راق .
انت ايها الاديب لست فرع النخيل , بل انت نخلة باسقة طيبة , ومثلك وبهذا المستوى الادبي , لايجوز ان يبقى مستخدما لاسم رمزي , بل يجب ان يزين الصفحات باسمه الواقعي الصريح .
تقبل محبتي وتقديري الكبير لك

اخوكم
السمان

استاذي الدكتور محمد حسن السمان .

إطراءك ندى جديد ، أرشه على جفاف وجهي ، يدفعني إلى معاناة جديدة مع " صاحبنا ".
إلا أني لا أجد في نفسي الكفاءة الأدبية التي تأهلني بأن أكون صريحا أكثر من ذلك .

دمت لنا أخا وناقدا وأديبا .

فرع النخيل
14-08-2006, 06:36 AM
فرع النخيل ..

مرحباً بعودتك ..
نص جميل يشرح هذا الرابط الوثيق بين الكاتب وقلمه ...

تحياتي

أخي عشتار ..
شكرا لمرورك الطيب .

عماد عنانى على
14-08-2006, 01:16 PM
الأخ الجميل / فرع النخيل

معناة الحرف
وقسوة الكلمات
وإعصار من الاحزان يأتينى برياح كلماتك
يجرف ما تبقى لى
لحظة أمل تبحث عن يد تمتد إليها
تنتشلها من بين الأمواج
لكن لا مفر
..................

الأديب الجميل
لحرفك عزفا منفردا منتشيا بالروعة
يبحث عنه من تعوده

دمت بود

فرع النخيل
14-08-2006, 10:34 PM
الأخ الجميل / فرع النخيل
معناة الحرف
وقسوة الكلمات
وإعصار من الاحزان يأتينى برياح كلماتك
يجرف ما تبقى لى
لحظة أمل تبحث عن يد تمتد إليها
تنتشلها من بين الأمواج
لكن لا مفر

أخي عماد عناني ..
سيبقى القلم طالما بقي الألم ، وسيبقى الألم طالما في الأرض بشر .. لكن بين هذا وذاك .. ينفجر ينبوع الأمل ، الذي يرسم ذلك النور الأبدي على وجوه أطفال بيروت ، وغزة ، وبغداد السليبة .
شكرا لمرورك الجميل .

وفاء شوكت خضر
14-08-2006, 11:56 PM
عودا حميدا للأديب فرع النخيل ولقلمه النابض بالمشاعر الإنسانية الصادقة .
مرور سريع على كلماتك التي بألمك أنارت الصفحات بقبس تسلل لظلمات أنفسنا التي أرهقها الصمت ، لذنا بليل الألم خوفا أن نرى حقيقة عجزنا .
لست وحدك أخي في هذا الليل ، ولست وحدك من أصابه الجفاف ، كلنا مثلك أصابنا الهلع مما رأت أعيننا وسمعت آذننا ، فلم نجد سوى الصمت مهربا .
الحمدلله أنك عدت لنعود معك .
كل الود أخي الفاضل .

مادلين يوحنا
15-08-2006, 10:44 AM
فرع النخيل/
عودة ميمونة وسلمت يداك على هذا المد الشجي والجميل في آن واحد

مودتي ومحبتي

منهل العراقي
15-08-2006, 01:08 PM
للقلم الحق في هجرنا لاننا لانستحق ان نمسك به

سلمت يداك نص قوي

تحياتي
العراقي

أحمد عبدالرحمن الحكيم
15-08-2006, 06:52 PM
لي قلم

يعاني من هاجس الكسر من شرطة النظام
لذلك
اجبره احياناً عن البوح بسر العروبة الذي لا يعرف هو عنه شئ

صدقني

جئت هنا متبعاً خط سير خطه لي صديق جميل

جئت اتلصص علي الاقلام

جئت لاكتب

ولكن وجدتني
لا اجيد شيئاً غير الرد

عبلة محمد زقزوق
15-08-2006, 07:23 PM
مرحبا / فرع النخيل
وعودة مباركة بمقالة تشد الإنتباه ...
فلا نعرف غير حروفها ، وما يصوغه لنا مدادها ، من مفكر ذو رأي صائب ..
لنا الله ... فيما نراه وفيما يتناقل لنا من الأخبار عبر التلفاز فتلك من مميزات التقدم التكنولوجي الأوربي العلمي علينا ....
فلقد ربطتنا ووحدتنا وكأننا نحيا في وطن واحد نتآلف في الشعور والإحساس ...
" ها نحن نقول ما لنا وما علينا "

مع خالص التحايا والتقديري

فرع النخيل
15-08-2006, 09:41 PM
عودا حميدا للأديب فرع النخيل ولقلمه النابض بالمشاعر الإنسانية الصادقة .
مرور سريع على كلماتك التي بألمك أنارت الصفحات بقبس تسلل لظلمات أنفسنا التي أرهقها الصمت ، لذنا بليل الألم خوفا أن نرى حقيقة عجزنا .
لست وحدك أخي في هذا الليل ، ولست وحدك من أصابه الجفاف ، كلنا مثلك أصابنا الهلع مما رأت أعيننا وسمعت آذننا ، فلم نجد سوى الصمت مهربا .
الحمدلله أنك عدت لنعود معك .
كل الود أخي الفاضل .

دخون ..

شكرا لمرورك الطيب ..
أعلم أني لست وحيدا في غابة الصمت .. فهناك أمثالي وأمثالك الكثيرون .. ممن لم يجدوا ملجأ سوى عصب العيون بقطع من الليل المظلم .. ليتسنى لهم أن يجدوا جزء من حياة .

دمت أبية ..

فرع النخيل
15-08-2006, 09:43 PM
فرع النخيل/
عودة ميمونة وسلمت يداك على هذا المد الشجي والجميل في آن واحد

مودتي ومحبتي
العذراء ..
شكرا لمرورك ..

فرع النخيل
15-08-2006, 09:47 PM
للقلم الحق في هجرنا لاننا لانستحق ان نمسك به

سلمت يداك نص قوي

تحياتي
العراقي

ابن العراق الأبي .. منهل .
لك تحياتي الحارة .
صراع أزلي أبدي .. بيننا وبين " النحيف " لن يزول إلأ بزوال عقولنا .

فرع النخيل
15-08-2006, 09:55 PM
لي قلم

يعاني من هاجس الكسر من شرطة النظام
لذلك
اجبره احياناً عن البوح بسر العروبة الذي لا يعرف هو عنه شئ

صدقني

جئت هنا متبعاً خط سير خطه لي صديق جميل

جئت اتلصص علي الاقلام

جئت لاكتب

ولكن وجدتني
لا اجيد شيئاً غير الرد

أخي العزيز ..

كلماتك تنقلني حيث أحب دائما .. "شرطة النظام " " سر العروبة" ، كلمات طالما سمت بها لافتات شاعرنا العظيم أحمد مطر .
لوهلة أحسست بأني أمام عظيم آخر.. ينتظر الحياة .
لك شكري ..

فرع النخيل
15-08-2006, 09:58 PM
مرحبا / فرع النخيل
وعودة مباركة بمقالة تشد الإنتباه ...
فلا نعرف غير حروفها ، وما يصوغه لنا مدادها ، من مفكر ذو رأي صائب ..
لنا الله ... فيما نراه وفيما يتناقل لنا من الأخبار عبر التلفاز فتلك من مميزات التقدم التكنولوجي الأوربي العلمي علينا ....
فلقد ربطتنا ووحدتنا وكأننا نحيا في وطن واحد نتآلف في الشعور والإحساس ...
" ها نحن نقول ما لنا وما علينا "

مع خالص التحايا والتقديري

الأخت عبلة ..
لك تحياتي ..
أشكرك على مرورك الندي .. ليكن الله معنا .. حيث لا ملجأ لنا سواه . حتى ونحن نمسك بزناد الجهاد والمقاومة .

جوتيار تمر
15-08-2006, 11:27 PM
فرع النخيل..
ذاك النحيف اصبح يسطر الكلم..حتى وان لم نتحرك نحن..
صار يسطر كل شيء..سوى الفرح والسعادة..
لانه يعلم اكثر من اي شيء اخر..انهما وهم..
وليس لهما وجود..الا في قامويس اللغة..
لبنان بعد اليوم..وفي الغد القريب تعود..الى سواحلها وشاطئها..
وكأن شيئا لم يحدث..بل كان الجميع فيها يتفرج على نصرالله وينتظر..
سواحلها لم تهدأ..شواطئ لم تهجر...
فقط جنوبها كان يتقطر الما وينزف دما..
والنحيف..لم يصمت ظل يصرخ..
لذا تذكر بانه لايعرف الصمت..
لانه يعرف الالم...
آه يا وجعي للكتابة الان في هذا الزمن الاصفر طعم الملح حرقة الجرح صهد النار هذه الكاوية الحارقة المدماة.....
تقديري واحترامي
جوتيار

فرع النخيل
16-08-2006, 11:54 AM
فرع النخيل..
ذاك النحيف اصبح يسطر الكلم..حتى وان لم نتحرك نحن..
صار يسطر كل شيء..سوى الفرح والسعادة..
لانه يعلم اكثر من اي شيء اخر..انهما وهم..
وليس لهما وجود..الا في قامويس اللغة..
لبنان بعد اليوم..وفي الغد القريب تعود..الى سواحلها وشاطئها..
وكأن شيئا لم يحدث..بل كان الجميع فيها يتفرج على نصرالله وينتظر..
سواحلها لم تهدأ..شواطئ لم تهجر...
فقط جنوبها كان يتقطر الما وينزف دما..
والنحيف..لم يصمت ظل يصرخ..
لذا تذكر بانه لايعرف الصمت..
لانه يعرف الالم...
آه يا وجعي للكتابة الان في هذا الزمن الاصفر طعم الملح حرقة الجرح صهد النار هذه الكاوية الحارقة المدماة.....
تقديري واحترامي
جوتيار

عزيزي جو ..

كعادتها كلماتك تفزعني بقوة إحساسها ، لكني تعبت .. ما زادني النحيف سوى ألما فوق ألمي .. كل لحظة تتسرب عبر جوارحنا سكاكين الواقع ، تمزقنا حيث لا نقوى على ردها ، فينعكس ضعفنا قوة على صاحبنا ، ليغتنم الفرصة فينتزع حروفه من أعماقنا الدامية .

دمت مبدعا ..