تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : قصة قصيرةبقلم سوسن عبد الملك......قيد من ريش



سوسن عبدالملك
15-08-2006, 12:47 AM
قيد من ريش

و لما كنت أخاف من الشوارع المظلمة و بلل الشتاء ، و نباح الكلاب الضالة أغلقت نافذتي في وجه الكون و أغلقت بابي وقبعت بحجرتي الضيقة .

كانت خطوات الليل العنيدة .. بليدة .. تزحف إلي شواطيء روحي تمزقها . وكانت زقزقة العصافير الصغيرة تسري داخل روحي السقيمة كلحن ملائكي يصم آذاني عن زمجرة رياح الليل الطويل .

كل شيْ بالحجرة كما تمنيته .. فراشي الوثير .. ملابسي .. مكتبتي التي تضم كل أصدقائي القدامى .. عصافيري الملونة .. ذات الزغب الصغير و الأجنحة القصيرة .. ملاذي الأول و الأخير ، كانت تغني وكنت أحاكيها ألفها بأجنحتي الطويلة ، وكنا نخاف الليل العجوز ، وقطة الجيران المتوحشة و نطير بأحلامنا نشق جدران الظلام ونشد من النهار ضوء المسافر خلف السحب الجامدة . ولكن .. زمجرة الرياح .. وظلام الكون كانا يحولان بيننا و بين النافذة المغلقة .

تنام العصافير . وزفير الليل الحاد , و الأشواك التي زرعتها رياح الشتاء علي وسادتي , و مواء القطة ، كانوا حائلا بيني و بين النوم فأظل مستيقظة و عيناي معلقتان علي العصافير الغارقة في براءتها وعلي النافذة المغلقة .

أنهض من فراشي و وجع سرمدي لا يفارقني أتأكد من إحكام غلق الباب كي لا تتسلل القطة إلي العصافير و تأكلهم .
أدور في المساحة الضيقة المزدحمة أدور و أدور حتى يهدني التعب أتمدد بجوار العصافير و عيناي مثبتتان علي النافذة .

تسلل إلي ضوء فضي ناعم يمس جسدي مسا خفيفا تستيقظ روحي فينخلع عنها ثوب السأم و تتفتح عيون قلبي مبصرة لخيوط الضوء الناعمة وهي داخلة إلي شراييني بلا استئذان و يظل الضوء الحنون يلح علي أن افتح نافذتي وأطل علي الكون برأسي .

لم أستطع إسكات النداء فتحت النافذة ، بريق سحري يسري إلي روحي فتعزف لحنا سماويا .. و تمتليء أوردتي بنغمة دافئة فتوردت وجنتاي الذابلتان فرحت أتنفس أنفاسا عميقة أنظر إلي المدى البعيد ، فنظرت في وجه الشمس و ابتسمت لها ثم خبأتها في أعيني ، دخلت إلي الحجرة الضيقة اصطدمت بالأشياء التافهة تمليء حواسي بلحن أغنية جديدة ينشدها الكون الوسيع ويرددها القلب الظمآن و ينشطر ما بين اللحن الجديد و زقزقة العصافير .

ولما كانت طرقات الليل الباردة أرهقتني .. و ضوء النهار الدافيء ينادين أن افتح رئتي علي الكون الفسيح و أتنسم عبق الحياة . ارتعشت ارتعاشه وردة صغيرة تخبيء في قلبها قطرة ندي و تعلقت عيناي علي النافذة المفتوحة انظر مرة علي خيوط الضوء الذهبية الدافئة .. و علي حجرتي الباردة الضيقة ، و حين كشف لي الضوء عن حقيقة الأشياء الباهتة التافهة ، أخذت أرمي بها من النافذة فليس هناك معني لاقتنائها . تخلصت منها كلها و لكن المساحة مازالت ضيقة . لم يتبق بها سوي العصافير حين امتدت يداي إليها انكمشت و بكت .
ارتجفت من نظرات الحزن و الخوف الكامنة في عيونها ( فبكيت ) رفعت يدي عنها وتراجعت .

ولما كانت العصافير تخاف قطة الجيران التي لا تخشي السير في الظلام و كنت أخاف نباح الكلاب الضالة وبلل الشتاء و أخاف علي العصافير ..

أغلقت النافذة في وجة الضوء ولفظت أذاني اللحن الجديد . و بقينا في الحجرة الباردة نستمع إلي ترنيمة اللحن الحزين .

جوتيار تمر
16-08-2006, 12:04 AM
ليس بين الاستعادة والاعادة مسافة ما..
تحياتي لقصتك هذه التي ابدعت في اخراجها اسلوبا وصياغة وفهما..

ولي عودة..

محبتي وتقديري
جوتيار

سوسن عبدالملك
12-11-2006, 07:06 PM
ليس بين الاستعادة والاعادة مسافة ما..
تحياتي لقصتك هذه التي ابدعت في اخراجها اسلوبا وصياغة وفهما..
ولي عودة..
محبتي وتقديري
جوتيار




العزيز جوتيار تمر

سعدت بمرورك الكريم وفي انتظار عودتك البهية

لك نحياتي.....سوسن عبد الملك

مجدي محمود جعفر
14-11-2006, 08:45 PM
حاولت القاصة جاهدة أن تصنع صراعا مركبا في محاولاتها القصصية الناجحة بدءا من الصراع الكوني : صراع الظلمة والنور والليل والنهار ، وصراع القطط المتوحشة والعصافير البريئة ، وهذا الصراع الذي أقامته في الخارج لتشير إلى صراع آخر يمور في داخلها : الخوف والتردد والإنزواء والإنكماش في غرفتها الضيقة والتي جاءت كمعادل موضوعي لنفسها التي تصطرع ، القاصة حاولت أن تقول أشياء كثيرة جدا ، ولكنها اكتفت بالإشارات والإيماءت تاركة المتلقي يحاول القبض على المعنى المراوغ ، تحياتي للقاصة

سحر الليالي
16-11-2006, 01:39 AM
قصة أعجبتني لا أعلم لم ربما الحزن فيها...

المبدعة سوسن :

سلم قلمك ودمت لنا

لك ودي وباقة ورد

وفاء شوكت خضر
16-11-2006, 03:27 AM
الأخت / سوسن عبد الملك ..

تصوير متقن للخوف ، وعدم الثقة بالآخرين ، والحلم بالحرية والنور .
صراع مع الخوف والذات المسجونة خلف أسواره .

مررت من هنا ، أسجل إعجابي .

لك التحية والود .