مشاهدة النسخة كاملة : كتاب «العصف والريحان»حوارات مع الدكتور صابر عبد الدايم
د. حسين علي محمد
21-08-2006, 01:18 PM
كتاب «العصف والريحان»حوارات مع الدكتور صابر عبد الدايم
------------------------------------------------------------------
الدكتور صابر عبد الدايم في «العصف والريحان»
(مقدمة الكتاب)
بقلم : أ.د. حسين علي محمد
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد بن عبد الله وعلى أصحابه وأتباعه إلى يوم الدين، وبعد:
فهذه هي الطبعة الأولى من كتاب « العصف والريحان»، الذي يضم الحوارات التي أجريت مع الشاعر والناقد والأستاذ الجامعي الدكتور صابر عبد الدايم.
والكتاب صورة أمينة لتفكير الدكتور صابر عبد الدايم، وقناعاته؛ وكل حوار من هذه الحوارات بمثابة بحث أو مقالة في القضايا التي يرد فيها على مُحاوره؛ فالدكتور صابر يتلقى الأسئلة مكتوبة من مُحاوره، ثم يكتب الرد في روية ومُراجعة، وهذا ما جعلنا نُطلق الحكم السالف، ونقول «إن كل حوار منها بمثابة بحث أو مقالة».
ويضم الكتاب تسعة عشر حواراً، تناقش الكثير من القضايا، مثل: الأدب الإسلامي: تجلياته، وواقعه، وآفاقه، وتبعية المذاهب الأدبية المعاصرة للمذاهب الأدبية الغربية، والمعنى الحقيقي للواقعية الغربية، والفرق بين التجديد على بصيرة والحداثة المرذولة المُقلِّدة ... وغيرها.
ومن أهم القضايا الكثيرة التي أُثيرت في هذه الحوارات، قضية الأدب الإسلامي: تجلياته، وواقعه، وآفاقه، وقضاياه.
ويرى الناقد الدكتور صابر عبد الدايم أن الأدب الإسلامي «هو مشروع تطهيري يحاول تنقية الكلمة من الشوائب لأنه يؤكد على صدق المحتوى وشرف الغاية وسلامة الوسيلة وجمال العرض، ويعترف ببشرية الإنسان الناقصة وحاجتها إلى الترويح البريء. وأن الأدب العربي المعاصر لا ينهض بكل هذه الملامح».
ولقد جاءت رابطة الأدب الإسلامي لتقوم بدورها في الدعوة لهذا الأدب وتبنيه، ولكي تنقذ الأدب العربي من شراك التبعية. وهو يرى أن هناك تبعية في الأدب العربي لا ينكرها أحد. وهذه التبعية تتمثل في المناهج الأدبية كالرومانتيكية، والكلاسيكية، والواقعية والرمزية وغيرها، التي ترمى إلى فصل الأدب عن الفكر الإسلامي، وإعلاء الشخصيات المشبوهة، وهي مناهج تتسم بالسقوط الأخلاقي، وتريد ضرب لغة القرآن، ومحاكمة الشخصيات الإسلامية بمعايير مادية، وتبغي كسر الثوابت.
ومن ثم فهو يشير إلى الرابطة في أكثر من حديث، ويشير إلى مجلتها الناهضة (مجلة «الأدب الإسلامي»)، بمثل قوله:
«إن مجلة الأدب الإسلامي مشروع طموح لإعادة نبض الحضارة الإسلامية إلى الكلمة العربية، وإلى لغات وآداب الشعوب الإسلامية. بعد أن تاه الأدباء المعاصرون في بوادي الجدب الروحي كما يقول الناقد السعودي الدكتور محمد عبد الر حمن الشامخ».
وهو يرى أن الأديب المسلم مطالب بالوعي التام، والحذر الشديد وهو يقرأ التراث الإنساني، كما أنه مطالب بهضم ذلك التراث وتصفيته من الشوائب حتى لا تتحول تجاربه الإبداعية إلى مسخ شائه، لا طعم لها ولا لون ولا رائحة «فتجربة الأديب المسلم ينبغي أن تكون موشاة بإطار العقيدة السمحة، التي تخاطب الكينونة الإنسانية بأسلوبها الخاص، وهو أسلوب يمتاز بالحيوية والإيقاع واللمسة المباشرة والإيحاء ومخاطبة الكينونة الإنسانية بكل جوانبها وطاقاتها ومنافذ المعرفة فيها، ولا يخاطب الفكر وحده في الكائن البشري».
وهو يرى أن الصحوة الإسلامية ـ آزرت الأدب الإسلامي ـ في تقليص موجات التغريب التي غزت عالمنا الإسلامي، ويقول: «أرى أن هذه الموجات التغريبية لم تزل في مدها وجزرها .. تؤدى دورها المنوط بها .. ولما تنحسر بعد، ويمكن أن نقول: إن دور هذه الموجات بدأ يتقلص ويضعف عن ذي قبل، وذلك يرجع إلى اليقظة الإسلامية المعاصرة التي نشرت الفكر الصحيح بين الشباب، فاستيقظ على صوت هذه الصحوة كثير من الذين جرفهم تيار التغريب، وكان لسقوط الشيوعية وانهيارها الأثر الأكبر في بدء انحسار هذه الموجات السامة… ولكنها لن تزول إلا بتكاتف المخلصين لدينهم ووطنهم من أبناء أمتنا العربية والإسلامية».
ولأن الدكتور صابر عبد الدايم يرى ذلك، من خلال رصده للحركة الثقافية فإنه يعد نفسه من شعراء الإسلام المُعاصرين الذين لهم رؤية، يقول في حوار له: «إنني أكتب الشعر الحضاري الذي يُشارك في مسيرة الأمة الإسلامية وبلورة شخصيتها، وتجلية حضارتها، انطلاقاً من إدانة الواقع الآسن، وطموحاً إلى واقع كريم: أصيل ومُعاصر».
وهو يرى أن الساحة الأدبية تشهد «كثيرا من المبدعين الملتزمين بالتصور الإسلامي، الذين هم على درجة عالية من المستوى الفني.. والجودة الأدائية في شعرهم وفي قصصهم ورواياتهم ومنهم على سبيل المثال: نجيب الكيلاني، محمد بنعمارة، حسن الأمراني، حسين على محمد، جميل محمود عبد الرحمن، عبد الله شرف، أحمد فضل شبلول، أحمد مبارك، عبد الرحمن العشماوي، وصالح الزهراني... وغيرهم».
وإذا انتقلنا إلى قضية أخرى من القضايا التي تُضيئها هذه الحوارات، وهي: الشعر، كيف يراه ويتذوقه الدكتور صابر عبد الدايم نراه يقول «إن الشاعر: موقف وأداة. وموقفه ينطلق من إحساسه بالوجود من حوله، وتعامله معه واندماجه فيه أو رفضه محاولاً تغييره، وهذا شيء لا يُمليه عليه أحد كائناً ما كان».
ويرى أن العيش في الحياة برؤية إسلامية، والنظر إلى الكون بمقياس متأمل، والتعامل مع حقائق الكون بفهم ووعي وقبل ذلك إجادته وسائل التعبير الفني هي ما تجعل الشاعر شاعراً حقا: «إن التعامل مع الحقيقة الكونية متمثلة في مشاهدها المحسوسة المؤثرة .. يقود الأديب المسلم إلى منافذ الإبداع الحقيقي .. فالكون مسرح التأملات، وإشراق الرؤى. وإبداع الصورة المبتكرة المؤثرة، والعودة من رحلة التأملات بزاد روحي عميق، وزاد أدبي مؤثر، ناضج بخصائص التجربة الإسلامية، لا يقود الأديب المسلم إلى الهروب والارتماء في أحضان الطبيعة، ولا يجعل من الطبيعة إلها يعبده الأدباء، ولا يجعل من الغاب فردوس الشاعر المفقود، ومهاجره الآمن، ومستقر أحلامه هربا من عالم الناس ودنيا الواقع ، بل تصبح هذه الطبيعة مرآة مجلوة يرى فيها الأديب نفسه وأمانيه وأحلامه، من جبالها يستمد مفردات الشموخ والآباء، ومن بحارها يستلهم مشاعر الحب، والنقاء والصفاء، ويتلقى دروس السمو والعطاء، ومن تقلبات فصولها يرسم للنفس طريق رؤاها».
ولا يهاجم الدكتور صابر عبد الدايم شعر المناسبات ـ كما يفعل غيره ـ وإنما يقول: «لكل قصيدة مناسبة وهى الموقف الانفعالي الذي دفع الشاعر إلى صياغته في تجربة شعرية منبعها النفس، وباعثها الانفعال الصادق0 ولكن المناسبة الجاهزة ـ التي يعرفها الكثيرون مسبقا ـ ليست تجربة انفعالية صادقة إلا إذا كانت تلمس وترا حساسا في عالم الشاعر ورؤيته، ولا ينجح الشاعر في قصيدة المناسبة إلا إذا أضفى عليها رؤية خاصة به .. وصاغها صياغة موحية تتعامل مع أثر المناسبة .. وآفاقها ولا تتعامل معها بصيغة مباشرة تقديرية».
ويرى البعض في شيوع الرمز وبخاصة في "شعر التفعيلة" وما يسمى «بقصيدة النثر» ملمحاً فنياً خاصا بالحداثة، وهذا الوهم ناشئ من قناعة البعض بأن الشعر المقفى لا يكون إلا "مباشرا تقريريا" وخاليا من الإيحاء، وبالتالي يطل بمنأى عن "الرمز"، ويعلق الدكتور صابر عبد الدايم على ذلك بأن «الواقع الفني والشعري يأبى ذلك، فشعراء المهجر وفى مقدمتهم جبران خليل جبران، وإيليا أبوماضي، وميخائيل نعيمة لهم تجارب كثيرة رامزة في قالب الشعر المقفى، وسعيد عقل كان شعره ينزع إلى الرمزية الجمالية الخالصة وهو في القالب التراثي، وزنا وقافية، وبشر فارس كانت رمزيته ميتافيزيقية أو رمزية ما وراء الواقع، وشعره موزون مقفى، وكذلك الشاعر صلاح لبكي0
ورمزية التعبير تتجلى في بعض تجارب حسن كامل الصيرفي وفى شعر محمود حسن إسماعيل وعمر أبي ريشة وأمين نخلة، وهؤلاء الشعراء يصوغون أشعارهم في قالب الشعر الموزون المقفى0
ومن خلال تجربتي في هذا الاتجاه أرى أن المنحى الرمزي في الشعر أعمق رؤية، وأقرب إلى روح الشعر الحقيقي إذا نجت القصيدة من الضبابية والغموض الداكن».
وتتكرر في الحوارات إشاراته إلى بعض قصائده، ومنها «الهوية» و«المسافر في سنبلات الزمن»، و«القبو الزجاجي»، و«الظمآن»، و«ملامح من تاريخ شجرة»، و«الغروب»، و«رمل السماء»، و«سباق»، و« الظل المضيء»، و«إيقاعات غير منتظمة». ... وغيرها.
ومن قصائده التي يعتز بها، ويذكرها في حواراته قصيدة «الهوية»، وهي قصيدة قصيرة، تشي بعمق انتمائه إلى الجذور وهي القرية المصرية التي تحمل ـ عن الإسلام ـ قيم التدين والسماحة والحب والعطف، كما تشي بعالمه الخصب الذي يبحث عن الارتواء من قيم الأصالة:
اسمي : صابرْ
عمري : سنوات الصبار جهلت بدايتها أو حتى كيف تسافرْ
بلدي : مصر ـ القرية ـ والموال الساخرْ
والمهنةُ : شاعرْ
وهواياتي : فك الأحجبة وهدم الأسوارْ
وقراءة ما خلف الأعين من أسرارْ
والبحث عن الخصب المتواري خلف الأمطار
والتنقيب بصحراء النفس عن الآبارْ
ولأن صابر عبد الدايم أمضى في المملكة العربية السعودية اثني عشر عاماً، أستاذاً للأدب والنقد: عايش فيها الأدب السعودي وقضاياه، وناقش عدداً من الرسائل فيه، فإن حكمه عليه حكم الخبير الحاذق.
يقول في أحد الحوارات عن الأدب السعودي: «الأدب السعودي المعاصر غصن مثمر في شجرة الأدب العربي الحديث، وهو في ملامح تطوره، واتجاهاته وخصائصه وميادينه يعد مكونا أساسيا من مكونات النهضة الأدبية المعاصرة، وعلى دارسي الأدب في الجزيرة العربية أن لا يغفلوا ارتباط هذا الأدب بالجذور التراثية العربية في عصور ازدهارها بدءا من ريادة الشعر العربي في عصر ما قبل الإسلام (العصر الجاهلي)، ثم ما تلاه بعد ذلك من عصور أدبية ولغوية بذل فيها علماء اللغة ورواة الشعر والنقاد ومؤرخو الأدب جهودا مضنية في الحفاظ على اللسان العربي المبين: بنية وضبطا وتراكيب، وأساليب فنية متجددة في إطار البيان العربي الدال المفيد0
والأدب السعودي لا ينفصل عن هذه الجذور الذهبية، وهو مع ذلك يواكب التيارات الجديدة في عالم الإبداع وعالم النقد، ولكن آمل أن تظل هذه المواكبة راشدة في استقبالها للموجات الحديثة الوافدة، فليست جميع الأنماط والقيم الأدبية الوافدة تتناسب مع بيئتنا العربية الإسلامية المحافظة على هويتها ومعالمها وقيمها الثابتة الأصيلة».
...
.. وما أكثر القضايا التي تُثار في هذا الكتاب، الذي يكشف عن تجربة الدكتور صابر عبد الدايم الإبداعية والنقدية.
د. حسين علي محمد
21-08-2006, 01:19 PM
حول نظرية الأدب الإسلامى
حوار: محمد عبدالشافى القوصي
..........................................
إضاءات
* الأدب الإسلامى مشروع تطهيرى لتنقية الكلمة من شوائب العلمانيين والماديين
* الأدب الإسلامى يأبى الانحراف والإغراق فى الذات والزيف
* الأدب الإسلامى يتعامل مع العديد من الحقائق الإلهية والكونية والإنسانية
مدخل :
منذ سنين خلت ، ارتفعت أصوات بعض المخلصين من الأدباء بضرورة إنشاء رابطة للأدب الإسلامى، تبرز خصائص هذا الأدب وتذود عن شخصيتنا الحضارية، وتدافع عن حقوق الأدباء الإسلاميين وكان فى مقدمة هؤلاء الرجال، الشيخ أبو الحسن الندوى، والراحل نجيب الكيلانى، وآخرون من دونهم نحن نعلمهم0
* وللأسف الشديد، فإن هذه الفكرة، حتى وإن خرجت إلى حيز التنفيذ لم تجد رجالا يتعهدونها بالرعاية والمتابعة حتى تشب وتترعرع، فسرعان ما اندثر الملتفون حول الراية، وراحت جهودهم سدى، وذهبت ريحهم، وهناك من يرجع ذلك لعدم كفاءة هؤلاء القائمين على أمر رابطة الأدب الإسلامى، أو ربما لعدم كفاءة هؤلاء القائمين على أمر رابطة الأدب الإسلامى ، أو ربما لعدم معايشتهم للقضية، فهم يتكلمون بحرارة . ولكن طبقات الجليد تعلو أفعالهم .. أو ربما لأسباب أخرى كما يرى الأدباء الشبان!
أد/ صابر عبدالدايم وكيل كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر أكد فى حديث لـ العالم الإسلامى أن فكرة ايجاد مثل هذه الرابطة كانت تريد أن تؤكد أن الأدب الإسلامى هو مشروع تطهيرى يحاول تنقية الكلمة من الشوائب لأنه يؤكد على صدق المحتوى وشرف الغاية وسلامة الوسيلة، وجمال العرض، ويعترف ببشرية الإنسان الناقصة وحاجتها إلى الترويح البرئ. موضحا أن الأدب العربى المعاصر لا ينهض بكل هذه الملامح0
وقال إن هناك تبعية فى الأدب العربى لا ينكرها أحد. وهذه التبعية تتمثل فى المناهج الأدبية كالرومانتيكية، والكلاسيكية، والواقعية والرمزية وغيرها، التى ترمى إلى فصل الأدب عن الفكر الإسلامى، وبإعلاء الشخصيات المشبوهة، وبالسقوط الأخلاقى، وبضرب لغة القرآن، ومحاكمة الشخصيات الإسلامية بمعايير مادية، وكسر الثوابت، والإيمان بشمولية التغيير واستمراره0
نظرية الأدب الإسلامى :
ونظرية الأدب الإسلامى لم تجتث من الأرض ولم تكن طارئة إنها تمتد بجذورها فى عمق تاريخى لا مثيل له فى كل الآداب العالمية، وجذور الأدب الإسلامى مسوغات لاستمراره ، فالقرآن بكل ما يحفل به من مدد بيانى معين لا ينضب يتدفق فى شرايين الأدب، ويمده بأرقى الأساليب، وأشرف الأفكار، وأنبل الغايات، والحديث النبوى يفيض بفصاحة عربية، والشعر العربى الذى نافح عن الإسلام جنبا إلى جنب مع المجاهدين فى سبيل الله، تمتد وشائجه إلى اليوم ليضخ فكره وجمالياته فى محيط الأدب الإسلامى الحديث 0
وأكد د. عبدالدائم أن أدبنا الإسلامى الذى له هذه الجذور الراسخة، لماذا تقام المحاذير من حوله، ولماذا يثار الجدل فيما بيننا عن مدى مشروعية المصطلح، لقد أدلج الغرب أدبه وسخره لخدمة مبادئه وأفكاره، وأكسبه بهذا قيمة دلالية وجعله رسول دعوة يتخطف الناس ببريقه، ولم يقل أحد عن هذا ما قاله المتحفظون الرافضون لمشروعية الأدب الإسلامى0
وقال إن الأدب الإسلامى يريد فقط تميز الأديب المسلم بأدائه وذلك بإبراز الحس الإسلامى وتجلية جماليات الكون للالتفات إلى مبدع الكون0
مشيرا إلى أن على المبدع أن يمارس إبداعه بحرية مطلقة ولكن عليه أن يستحضر عظمة الخالق، فالكون صنع الله الذى أتقن كل شىء وهذا الاستحضار كفيل بإنتاج أدب إسلامى رفيع المستوى0
وفيما يلى تفاصيل هذا الحوار 0
ما هى معالم التجربة الأدبية فى ظل خصائص التصور الإسلامى من وجهة نظركم ؟
نعم .. إن الشخصية الإسلامية لها مقوماتها التى لا تتجزأ، ولها تصوراتها التى لا تقبل التشتت، وهذه المعالم تنطلق من منظور كلى شامل. فى العقيدة والكون والأدب والحياة، فموقف المسلم من هذه المعالم. موقف متماسك غير مجزأ والتأمل فى خصائص التصور الإسلامى لا يكون بمنأى عن حقل التجربة الأدبية فى ظل التصور الإسلامى، لأن المنهج لا يختص بالتصور الدينى فقط، بل يعالج ويدرس فكرة الإسلام عن الله والكون والحياة والإنسان0
والأديب المسلم فى ظل هذا التصور تنطلق تجاربه من منبع إيمانه الفياض بالتسليم المطلق لخلاق الكون جل وعلا ، وهو يمزج هذه الانطلاقة الإيمانية بالتأمل فى مشاهد الكون، والنظر فى ملكوت السموات والأرض، واستجلاء معالم القدرة الإلهية فى صنعة هذا الكون البديع المتناسق0
وهو فى غمرة تجاربه الإيمانية والتأملية لا يكون بمعزل عن واقع الحياة ومشاغل الإنسان وآماله وأحلامه، فهو فى إيمانه يتأمل ما خفى من أسرار الكون، وهو فى تأملاته يستجلى أسرار الحياة ويبحث عن منافذ الخلاص للإنسان عبر رؤية إسلامية متميزة. متفردة تصاغ معالمها فى قالب فنى مؤثر0
ويستطرد الدكتور صابر عبدالدايم المسلم حين يمتزج وجدانه بأضواء الحقائق السابقة وتتشرب مشاعره معالمها، وتأتى تجاربه شاملة مؤثرة، تتجاوز الخاص إلى العام، وتسمو فوق الرغبات الدنيا، تشتاق إلى معانقة الوجود، المثالى، الوجود المسلم بكل ما يحمله من خير للإنسان. وخصوبة للمشاعر، ونقاء للأحاسيس، وبذلك ندرك أهمية تعرف الشباب المسلم على هذه الخصائص، والسير فى ظلها، وفى أضوائها حين يسافر فى مدائن التجارب الإبداعية محملا بشحنات العواطف وثمار الأفكار0
الإخلاص فى القضية :
* كيف ترون الإخلاص لقضية تصفية التصور الإسلامى من الشوائب .. وهل يمكن تحقيق ذلك ؟
إن مأساة الجيل الحاضر أنه تاه فى دروب الفلسفات المتباينة وتاهت هنا معالمه الحقيقية ، وهى المعالم التى حددها القرآن العظيم0
وأعتقد أن حماسنا لقضية تصفية التصور الإسلامى من كل شائبة، قد دفعا بنا إلى الموقف الرافض لثمار الفكر الإسلامى فى أزهى عصور الحضارة الإسلامية، حيث اصطدم التصور الإسلامى بالفلسفات والثقافات الأخرى، واشتغل الناس بالفلسفة الإغريقية وبالمباحث اللاهوتية، التى ترجمت إلى اللغة العربية، ونشأ عن هذا الاشتغال الذى لا يخلو من طابع الترف العقلى فى عهد العباسيين وفى الأندلس أيضا انحرافات واتجاهات غريبة على التصور الإسلامى الأصيل0
ومشكلة الفلسفة الإسلامية أن رجالها فتنوا بالفلسفة الإغريقية وبالمباحث اللاهوتية وظنوا أن الفكر الإسلامى لا يستكمل مظاهر نضوجه واكتماله أو مظاهر أبهته وعظمته إلا إذا ارتدى هذا الزى. زى التفلسف والفلسفة، ولذا نحن نرفض بشدة تغريب الفكر الإسلامى وتذويب هوية حضارتنا العربية 0
وفى الحقيقة إننا لا نستطيع أن نلغى كل الجهود الفكرية لعلماء الإسلام، فهم لم يكونوا نسخا مشوهة من فلسفة الإغريق، وإنما وجدناهم يصفون ما يترجمونه ويحاولون الانتفاع بما يجدونه نافعا فى مجالات التفكير، وقد وقف علماء الإسلام فى وجه الملاحدة والزنادقة وناظروهم وأفحموهم، ففكرهم برغم ما شابه من تأثر بالفلسفات الأخرى كان صورة لمقومات الشخصية الإسلامية، ومكونات التصور الإسلامى، ولا أحد يستطيع أن ينكر جهود ابن رشد والكندى والفارابى وابن سينا والغزالى، وكذلك جهود المحدثين والمفسرين والفقهاء وعلماء اللغة والأدب والبلاغة، وكتب التراث حافلة بالمناظرات والحوارات والمناهج التى دافع من خلالها علماء الإسلام وفلاسفته عن عقيدة الإسلام الصافية0
وفى المجال الأدبى لم يقلد النقاد والشعراء الأدب الإغريقى "الوثنى" لأنه لم يترجم لهم كاملا، وكذلك لا يتوافق هذا الأدب بما يحوى من تصور أسطورى ، ورؤية وثنية مع وجدان الشاعر المسلم، وبرغم هذا الحذر لم ينج الشعراء والكتاب من إصابتهم بسهام هذه الثقافات الملحدة، فظاهرة المجون فى العصر العباسى وسريان الخيط الفلسفى فى النسيج الشعرى عن أبىتمام والمتنبى وأبىالعلاء يعد أثرا من آثار هذه الثقافات اليونانية والفارسية والهندية وغيرها0
وبرغم هذه السمات السلبية للتأثر بالثقافات الأجنبية فى الفكر الإسلامى ، لا نستطيع عزل التراث جملة عن التصور الإسلامى، لأن التأثير سمة كل حضارة زاهية مشرقة، والحضارة الإسلامية لها سماتها المميزة فى الفكر والأدب والعمارة والفنون، وقد أثرت فى ازدهار الحضارات الأوربية فى العصر الحديث 0
الوعى والحذر :
ترى ما هو موقف الأديب المسلم من التراث الإنسانى الموروث أو المعاصر . هل يقبله أم يرفضه ؟
الحقيقة أن الأديب المسلم مطالب بالوعى التام، والحذر الشديد وهو يقرأ التراث الإنسانى، مطالب بهضم ذلك التراث وتصفيته من الشوائب حتى لا تتحول تجاربه إلى مسخ شائه، لا طعم لها ولا لون ولا رائحة، فتجربة الأديب المسلم موشاة بإطار العقيدة السمحة، فالعقيدة الإسلامية بوجه خاص تخاطب الكينونة الإنسانية بأسلوبها الخاص، وهو أسلوب يمتاز بالحيوية والإيقاع واللمسة المباشرة والإيحاء بالحقائق الكبرى التى لا تتمثل كلها فى العبادة، ولكن توحى بها العبادة، كما يمتاز هذا الأسلوب بمخاطبة الكينونة الإنسانية بكل جوانبها وطاقاتها ومنافذ المعرفة فيها، ولا يخاطب الفكر وحده فى الكائن البشرى0" كما يقول الأستاذ سيد قطب " 0
والأديب المسلم ثمرة هذا التكوين الإسلامى المميز، فأسلوبه شعاع من ذلك الأسلوب، الذى كونه وامتاز بالحيوية والإيقاع واللمسة المباشرة والإيحاء بالحقائق الكبيرة التى لا تتمثل كلها فى العبارة، ولكن توحى بها العبارة0
وهذه السمات من أدق الخصائص التى يجب أن توشى التجربة الأدبية فى ظل التصور الإسلامى 0
النمو الروحى .. ضرورة:
كيف ترون إيجابية التصور الإسلامى التى تختلف . بالطبع . عن الفلسفات والمذاهب الشاذة من وجهة نظركم ومن خلال الرؤية الإسلامية الصادقة؟
والمعروف أن إيجابية التصور الإسلامى تتعلق بالمعتقد والفكر والأدب والحياة والسلوك. عامة . فى هذه الحياة .. وهذه الإيجابية فى التصور تراها سارية فى تجارب الأدباء الإسلاميين رؤية وأداء أو من شأنها أنها تسرى وتصبغ ابداعهم بصبغة السمو الروحى، والتفاؤل المشرق حيث لا تغرق الرؤى فى ضباب الأحزان ولا تحرق بنار الألم المبدعة، ولا تستعذب الألم لذاته0
فالصفات الإلهية فى التصور الإسلامى ليست صفات سلبية، والكمال الإلهى ليس فى الصورة السلبية التى جالت فى تصور أرسطو، وليست مقصورة على بعض جوانب الخلق والتدبير كما تصور الفرس فى صفات "هرمز" إله النور والخير، واختصاصاته، وليست محدودة بدرجة من درجات الخلق كما تصور أفلاطون، وليست محدودة بحدود شعب كتصورات بنى إسرائيل، وليست مختلطة أو متلبسة بارادة كينونة أخرى كبعض تصورات الفرق المسيحية، وليست معدومة على الإطلاق كما تقول المذاهب المادية التى تنفى وجود الإله الحى المريد ، إلى آخر هذا الركام الزائف من الرؤى العمياء0
إذن فالتجربة الإبداعية الإسلامية تنبثق من خصائص التصور الإسلامى، وتموج بكل ما تحمله التجارب الأدبية من عاطفة جياشة، وخيال متوقد وبصيرة نافذة، ورؤى متفتحة على الآفاق الكونية، والطموحات الإنسانية، وفى تفتحها المستنير لا تنفصل عن دائرتها الكبرى دائرة "الإسلام" ومع ذلك فهى ليست بمنأى عن البيان العربى المشرق، لا تنطفئ فى أدواتها اشراقة الفن، ولا يخبو وهج الأداء فى تعاملها مع الله والكون والحياة !
والدعوة إلى معرفة النقيض أو اكتشاف معالم الوجه المضاد تفتح أمام المفكر المسلم، والأديب المسلم أبوابا متعددة للدخول منها إلى عوالم الثقافة القديمة والحديثة، فالأديب المسلم ليس بمعزل عن التيارات السائدة، بل عليه أن يتحصن ضد المعرفة بالمعرفة، فيصغى، ويحلل، ويفحص ما يقدم إليه، ويقبل ما يتوافق مع فطرته الإنسانية، ورؤاه الفنية ، ويكشف زيف الفكر الدخيل، والرؤى الهدامة، وهذه هى "الحركة الإيجابية" التى يتجاوز بها المسلم دائرة المعرفة الجامدة الباردة0
وصدق الله العظيم إذ يقول : أفمن يمشى مكبا على وجهه أهدى أم من يمشى سويا على صراط مستقيم 0
التحقق فى عالم الواقع :
* هناك فريق من أدبائنا الإسلاميين أمثال حلمى القاعود، ومحمد بركة، وأنت منهم ، يرددون مصطلح الواقعية الإسلامية، فهل هى مضاهاة وتقليد وتأثر بالواقعية فى المذاهب الغربية أو المستوردة من حوارى أوروبا أم ماذا ترى؟
* المقصود بالواقعية فى الإسلام هو التحقق فى عالم الواقع، وهذا المفهوم مجرد من كل ما علق بالواقعية من معنى اصطلاحى تاريخى فى البيئات الأخرى، وليست الواقعية اقرارا بما يدور فى عالم الواقع من ايجابيات وسلبيات، وانضباطات وانحرافات ولكنها مثالية واقعية لأنها تهدف إلى أرفع مستوى وأكمل نموذج تملك البشرية أن تصعد إليه . وللواقعية فى التصور الإسلامى ثلاثة مظاهر:كما يرى صاحب " خصائص التصور الإسلامى " 0
1 - التعامل مع الحقيقة الإلهية متمثلة فى آثارها الإيجابية وفاعليتها الواقعية 0
2 - التعامل مع الحقيقة الكونية متمثلة فى مشاهدها المحسوسة المؤثرة أو المتأثرة 0
3 - التعامل مع الحقيقة الإنسانية متمثلة فى الأناس كما هم فى عالم الواقع 0
وهذه الآفاق الواقعية فى التصور الإسلامى تمثل مرتكزات الرؤية الإسلامية فى مجال الإبداع الأدبى، حيث تتفتح مدارك الأديب المسلم على معالم قدرة الله وآثاره فى هذا الكون0
إن التعامل مع الحقيقة الكونية متمثلة فى مشاهدها المحسوسة المؤثرة .. يقود الأديب المسلم إلى منافذ الإبداع الحقيقى .. فالكون مسرح التأملات، وإشراق الرؤى، وإبداع الصورة المبتكرة المؤثرة، والعودة من رحلة التأملات بزاد روحى عميق، وزاد أدبى مؤثر، ناضج بخصائص التجربة الإسلامية، وهذه التأملات لا تقود الأديب المسلم إلى الهروب والارتماء فى أحضان الطبيعة، ولا تجعل من الطبيعة الها يعبده الأدباء، ولا تجعل من الغاب فردوس الشاعر المفقود، ومهاجره الآمن، ومستقر أحلامه هربا من عالم الناس ودنيا الواقع ، بل تصبح هذه الطبيعة مرآة مجلوة يرى فيها الأديب نفسه وأمانيه وأحلامه، من جبالها يستمد مفردات الشموخ والآباء، ومن بحارها يستلهم مشاعر الحب، والنقاء والصفاء، ويتلقى دروس السمو والعطاء، ومن تقلبات فصولها يرسم للنفس طريق رؤاها، فهى صورة من وهج الصيف، ودفء الربيع وجدب الخريف، ودكنة الشتاء وأعاصيره، وصقيعه وغيوثه، ففى الصيف عطاء الثمار، وفى الربيع عبق الأزهار، وفى لخريف عطش الحرمان. وفى الشتاء رى الظمآن، وتهاليل الإنسان للغيث الآتى من السحاب المضئ بالبروق الصاهل بالرعود .. هذه هى واقعية الإنسان فى تعامله مع الكون .. ومع الناس أيضا .. فهو يحمل لهم فى حنايا نفسه بذور الخير، ويجاهد ما استطاع فى اقتلاع سهام الشر من خطاهم، وشوقا إلى الإنسان الواقعى المثالى أو المثالى الواقعى0
إن هذه الواقعية لا تلتقى مع الواقعية التى اصطلح عليها النقاد فى العصر الحديث لأنها تمثل وجهة نظر تخالف قيم الإنسان حيث ترى الحياة من خلال منظار أسود، وترى أن الشر هو أساس الحياة، وأن التشاؤم والحذر هما الأجدر ببنى البشر لا المثالية والتفاؤل، ولذا نحن ضد واقعية "فولتير" و"بلزاك" اللذين يمثلان الواقعية باصطلاحها الأوروبى البغيض، والتى أثر فى أدبنا العربى تأثيرا جذريا لم يعد قادرا على النجاة بنفسه منه، وإنتاج نجيب محفوظ الروائى، وإنتاج توفيق الحكيم المسرحى، وكذلك وإنتاج يوسف ادريس القصصى يعد محاكاة وصدى لقيم الواقعية المحزنة الفنية والموضوعية، وقد سار على دربهم وحاكاهم المبدعون الشباب فى العالم العربى ، بل توغلوا فى واقعيتهم المشوهة التى لونت الأدب والفن0
* كيف تنظرون إلى أبعاد الرؤية الإسلامية فى الشعر المعاصر؟
* لا شك أن الأدب فى ظل التصور الإسلامى يستطيع أن يعبر عن أدق الانفعالات وأدق العواطف، وأنبل المشاعر وأسماها، فى إطار النفس السوية التى نجت من أمراض النفسيين والاقتصاديين والوجوديين 0
كما أن الفن الإسلامى، وفى مقدمته فن التعبير بالقول ـ شعرا ونثرا ـ فن متفتح على شتى المذاهب الفنية، ما دامت منسجمة فى اتجاهها مع حركة الكون والإنسان والإيجابية فى سبيل الحق والعدل الأزليين وفى إطار الجمال المبدع، بعيدا عن التزييف والكذب والتناقض0
إن الأدب الإسلامى، وفى مقدمته "فن الشعر" كما يقول د/ عماد الدين خليل يأبى الانحراف، يأبى مثلا تاليه الإنسان: "كلاسيكيا" وإغراقه الذاتى رومانسيا، وتمجيد لحظات الضعف البشرى "واقعيا" ويأبى تصوير الانحراف الفكرى أو النفسى أو الأخلاقى "وجوديا" وذلك لأن الفن الإسلامى يستمد تجاربه الباطنية من خلال الحقيقة لا الزيف، ومن الاستقامة لا الانحراف، فللوجود غاية أفحسبتم انما خلقناكم عبثا ولكدح الإنسان جدوى يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه 0
وأرى أن الحاجة ملحة الآن إلى العكوف على استخراج كنوز الأدب الإسلامى وتبصير المتأدبين بآفاقه ، حتى يكتسب الوجدان الإسلامى ثراء وعمقا0
وقد تمثلت القيم الإسلامية فى كثير من شعر القدماء، ولكنها جاءت مباشرة بعيدة عن الإيحاء والقوالب الفنية المتعددة0
وحين نحاول بعث هذه الروح الإسلامية فى الأدب، فإننا نحارب الروح الانهزامية التى جعلت كثيرا من أدباء هذه الأمة ونقادها يضعون كل قيم الأدب الأجنبى فى صورة النموذج الأعلى، وصاروا يقلدون حتى كدنا نفقد الحس الإبداعى الحقيقى النابع من رؤيتنا الإسلامية، وقد بدأت هذه الموجة فى العصر الحديث على أحمد باكثير، فى نتاجه المتعدد الناطق بالرؤية الإسلامية وهو فى قمة أدائه الفنى وكذلك "الرافعى" فى بعض نتاجه الإبداعى، ومجال الدراسات الأدبية ، فكتابه "إعجاز القرآن والبلاغة النبوية" ترمان صادق لمنهجه الإسلامى .. ودفاعه عن تراث الأمة الإسلامية وأصالتها مع احتفاظه فى مقالاته وخواطره وبحوثه بوهج الفن والتشكيل اللغوى الراصد لأدق الانفعالات وأعمق المشاعر، هذا الدفاع الحميم الممزوج بالسموق الفنى المتشبع بالرؤية الإسلامية يضع الرافعى فى قمة المعانقين للرؤية الإسلامية شعورا وفكرا وفنا، ولأن الرافعى ينطلق من الإسلام فى كل ما يكتب نجده غير حذر فى لجوئه إلى العقل، لأنه كاتب مسلم اعتنق الفكر الإسلامى مذهبا فى حياته العملية والعلمية، لا يخشى إذا اختط لنفسه طريق العقل، أن تتضارب النتائج العقلية التى يتوصل إليها مع فكره الإسلامى لأنه يؤمن أن الإسلام والعقل متكاملان مترافقان، وأن تقدم العلم وتطور الفكر البشرى لا يمكن أن يتناقضا مع جوهر الدين الإسلامى، بل على العكس نجدهما يقدمان التفسير تلو التفسير والتأكيد تلو التأكيد، لما غمض من هذا الدين، أو احتاج وتطلع إلى البحث والاستكشاف والمزيد من التأكيد والكشف0
وفى أدب الرافعى لا نستطيع فصل عنصر الخيال عن عنصر اللغة، ومن قبله عنصر الفكر فليست الأفكار وحدها تتوالد عنده، بل الصور كذلك أيضا، وهى صور نادرا ما تحققها الإبداعات العربية قديما أو حديثا، إن توالد الصورة عند الرافعى يواكب توالد الفكرة ثم العبارة ليحقق هذا التواكب انسجاما بديعا بين المقومات الرئيسية الثلاثة لأى إبداع أدبى0
والرؤية الإسلامية فى الشعر المعاصر فى النموذج الأمثل لها تبتعد عن الشعر الدينى المباشر فى شعر المناجاة والتضرع، وشعر الوعظ، والحث على التعاليم الإسلامية، فذلك مجال تعليمى فى الاتجاه الأخير منه، ولكن هذه الرؤية تتمثل روح الإسلامى، وتستجيب لأثره الفعال فى تغيير الوجدان ، وفى تغير رؤية الإنسان للأشياء، وكذلك تستوحى هذه الرؤية جو الحضارة الإسلامية، وفى مواقفه وشخوصه، وأماكنه وأزمنته، ولا تروى هذه الرؤية فى صياغتها الفنية التاريخ فى صورة سريعة تقريرية، بل تمتزج بروح ذلك التاريخ، وتشكل منه واقعا حضاريا له شخصيته ونفاذه وتأثيره 0
والصياغة الفنية لمكونات هذه الرؤية الشعرية الحضارية الإسلامية تتأثر إلى حد كبير بالبيان القرآنى ، والبيان النبوى، والتراث الإسلامى، وكذلك لا تنفصل عن إيقاع العصر لغة وأسلوبا وتصويرا ورؤية كونية شاملة0
وهناك جيل من الشعراء الجدد يتشكل فى إطار هذه الرؤية الشعرية الإسلامية على امتداد الوطن الإسلامى والعربى، ومنهم على سبيل المثال محمد بن عمارة، ومحمد على الرباوى، وعبدالله شرف، وعبدالرحمن صالح العشماوى، وصابر عبدالدايم، وجابر قميحة، والدكتور عدنان النحوى ود/ وليد قصاب ، وغيرهم من الشعراء السائرين فى وهج التيار الإسلامى0
* ترى من أهم أبرز الأدباء النقاد فى رابطة الأدب الإسلامى العالمية فى وقتنا الحاضر0
اعتقد أننا سنظلم بعض الأسماء إما سهوا او نسيانا، ولكن على سبيل المثال هم كثيرون، وفى مقدمتهم د. عبدالباسط بدر، د.حسن بن فهد الهويمل، د. جابر قميحة، د. عدنان النحوى، د. عبدالقدوس أبوصالح، د.كاظم الظواهرى، د. محمد كمال إمام، الأستاذ محمد سيد بركة،د/ سعد أبو الرضا ، د / وليد قصاب ، د. حسين علي محمد ، د / أحمد زلط ، د/ عبدالمنعم يونس وغيرهم من المشاهير على امتداد العالم الإسلامى0
د. حسين علي محمد
21-08-2006, 01:21 PM
قضايا وشخصيات فى الميزان
حوار: تميم الحكيم
............................
شعر المناسبات : هل هو شعر صادق ؟
لكل قصيدة مناسبة وهى الموقف الانفعالى الذى دفع بالشاعر إلى صياغته فى تجربة شعرية منبعها النفس، وباعثها الانفعال الصادق0
ولكن المناسبة الجاهزة التى يعرفها الكثيرون مسبقا ـ فهى ليست تجربة انفعالية صادقة إلا إذا كانت تلمس وترا حساسا فى عالم الشاعر ورؤيته ، ولا ينجح الشاعر فى قصيدة المناسبة إلا إذا أضفى عليها رؤية خاصة به .. وصياغة موحية تتعامل مع أثر المناسبة .. وآفاقها ولا تتعامل معها بصيغة مباشرة تقديرية0
الصالونات الأدبية : هل لها دور فى إثراء الحركة الأدبية؟ أم أنها مجرد مظاهر اجتماعية ؟
إن الصالونات الأدبية فى جوهرها تعد امتدادا للمجالس الأدبية والعلمية فى عصر ازدهار الحضارة الإسلامية والعربية فى العصرين : الأموى والعباسى 0
وفى العصر الحديث .. لم تزل آثار صالون "العقاد، وصالون "مى" زيادة ـ ماثلة للعيان .. وشاهدة على الدور الذى تؤديه الصالونات الأدبية فى إثراء الحركة الأدبية والثقافية 0
ومن خلال تجربتى الخاصة .. أقول: إن الصالونات الأدبية ظاهرة ثقافية واجتماعية ايجابية حتى ولو شابتها المظاهر الاجتماعية0
وقد أقمت بمنزلى بالزقازيق فى مصر أول صالون أدبى فى محافظة الشرقية بمصر .. وموعده بعد صلاة العصر من الجمعة الأولى من كل شهر 0
وظل هذا الصالون أربع سنوات .. وكنا نحدد موضوع اللقاء.. وغالبا ما كان يدور حول نقاش عمل أدبى أو نقدى .. أو قضية من قضايا اللغة والأدب، ويستعد المناقشون بدراساتهم المكتوبة ويلقونها.. ثم يدور حوار مع المبدع ومع النقاد … وبهذا المنهج كان للصالون دوره المؤثر فى اثراء الحركة النقدية والإبداعية 0
… ومن رواد الصالون .. الشاعر أحمد سويلم، والروائى محمد جبريل، وعبدالله شرف ود/ حسين على محمد، ود/ أحمد زلط، وكثير من أساتذة الجامعة الذين شاركوا فى توجيه الشعراء الشباب إلى النهج القويم 0
هؤلاء الأدباء :
حمزة فودة: شاعر رقيق .. يكاد صوته الشعرى يذوب فى أصداء والده الشاعر "إبراهيم فوده"، ولو اهتم بشاعريته لأسمعنا العذب المفيد الممتع 0
أحمد السباعى: أديب شامل متعدد المواهب .. ولكنه لم يتفوق فى فن إبداعى .. وذلك لتشعب الطرق التى سلكها ..!!!
إبراهيم فودة: شاعر غزير النتاج .. طلع على الناس فجأة بخمسة دواوين شعرية ضخمة .. تجمع بين الاتزان الكلاسيكى .. والعاطفة الرومانسية 0
حمد الجاسر : من الموسوعيين الكبار .. وهو رائد فى مجال التحقيق والتوثيق .. وخبير بالجزيرة العربية بيئة وشعبا 0
الأمير عبدالله الفيصل: شاعر الحب والحرمان ..، وقيثارة عذبة فى نغم الشعر العربى الوجدانى الصافى، يرى الكثيرون ذواتهم فى قصائده النقية الصافية ذات النغم الإنسانى النبيل0
حسين سرحان:
شاعر التأمل والطبيعة ..، ولكنه مقل فى نتاجه ـ وتجربته الشعرية تعترب من آفاق الشعر المهجرى 0
د/ عبدالله باقازى:
من أدباء "السعودية" وناقديها المجيدين وهو يمثل نموذج الأستاذ الجامعى الذى استطاع أن يوائم فى تناغم واقتدار بين الدقة الأكاديمية وبين الجمالية الفنية فهو ناقد متميز .. ومن كتاب القصة القصيرة المجيدين المتميزين 0
محمد بن على السنوسى :
شاعر مجيد، ذابت ثقافته الواسعة فى شعره كما يذوب الماء ـ والغذاء فى فروع الأشجار وأوراقها ـ فكانت ثماره الشعرية ناضجة .. فيها طعم العروبة ورائحة الحضارة الإسلامية العريقة 0
عبدالله الجفرى:
إنه شاعر اختار فن المقال ليحلق فى آفاق المعرفة والعاطفة، وهو شاعر يتكئ على الفن القصصى ذى الظلال الدافئة ... والعبارات المغردة ذات الطقوس الأرجوانية 0
الكتاب الذى يستحق القراءة: كيف تختاره:
الاختيار يرجع إلى اهتمام القارئ، وآفاقه المعرفية، وأنا أختار الكتاب الذى يشدنى عنوانه .. وما يوحى به من التجديد .. والعمق .. والإضافة .. وأزداد بالكتاب تمسكا وتعلقا حين أرى التطابق بين العنوان والمحتوى .. ، وحين أجد غير ذلك أشعر بالخسارة الفادحة وضياع الوقت والجهد والمال 0
والكتب الأدبية والدينية فى مقدمة اختياراتى للقراءة والإفادة0
* مقدمات الكبار لكتب المؤلفين الصغار: هل هى عكاز لترويج الكتاب
إنها فى معظمها كذلك، ولكن هناك من الكتاب الناشئين من يمتلك موهبة إبدعية أو ثقافية.. وتكون المقدمة فى صالحه وتدفعه إلى الأمام .. وتجعل القراء يدركون حجم موهبته0
* الزواج : عائق أم محفز للإبداع ؟؟
* الزواج فى تجربتى الإبداعية والنقدية كان حافزا لى.. ولم يعضنى عن الكتابة والإبداع .. فقد أنجزت رسالة "الدكتوراه" وأنا متزوج ، وكذلك طبعت "خمسة دواوين" شعرية .. فى ظل الحياة الزوجية .. وأصدرت "أحد عشر كتابا" :
والسؤال الذى لا أستطيع تحديد إجابته 0
هل كانت هذه الإصدارات ستزيد عن ذلك أم تقل لو لم أكن متزوجا ؟؟ لا أدرى .. والله أعلم 0
المهم أقولها فى أمانة وصدق .. إننى لم أشعر أن الحياة الزوجية أعاقتنى عن التأليف ، والنشاط الثقافى والإبداعى .. بل كنت ومازلت أجدا تعاونا وحافزا وتشجيعا .. من شريكة العمر .. والأبناء أيضا0
د. حسين علي محمد
21-08-2006, 01:22 PM
حوار حول "معالم تجربتى الأدبية"
وبعض القضايا العلمية .. والنقدية
حوار: بدر بدير
......................
الاسم وتاريخ الميلاد :
لهذا السؤال إجابتان: الأولى فنية .. والثانية وثائقية : أما الفنية .. فقد عرفت بنفسى فى قصيدتى : الهوية 0
اسمى : صابر 0
عمرى : سنوات الصبار جهلت بدايتها أو حتى كيف تسافر 0
بلدى : مصر ـ القرية ـ والموال الساخر 0
والمهنة : شاعر 0
وهواياتى : فك الأحجبة وهدم الأسوار 0
وقراءة ما خلف الأعين من أسرار
والبحث عن الخصب المتوارى خلف الأمطار
والتنقيب بصحراء النفس عن الآبار
* هذه هى الهوية الفنية ، أما معالم الهوية الشخصية "الوثائقية"
فالاسم : صابر عبدالدايم يونس 0
من مواليد 1948م ، ومن أبناء منشاة العطارين مركز ديرب نجم شرقية
والآن أقيم بمدينة الزقازيق ـ وبطاقتى العائلية من قسم ثانى بالزقازيق عام 1980م
2 - ما أثر النشأة الريفية والعلمية فى تكوينكم وفى شخصيتكم ؟
* كان للريف الجميل ـ الهادئ ـ الأثر الأكبر فى تكوينى الوجدانى وفى رسم كثير من ملامح شخصيتى ـ فمنذ طفولتى المبكرة وأنا أعشق وجه القمر ـ فى مساءات الريف الصيفية ـ وللنجوم حكايات صامتة وناطقة فى رحلتى مع الكلمة ـ وتجاربى الحياتية ـ ولمشهد الشروق، ولوحة الغروب ، أصداء دائمة التغريد فى وجدانى ـ بل وفى كيانى كله، وفى قصائدى كبرت ونمت أشجار هذا التغريد المضئ لمشاهد الشروق والغروب 0
ومن هذه التجارب التى شكلتها مشاهد الطبيعة الريفية الناطقة بالمعانى والصور الحبيبة إلى عالمى .. وشخصيتى : قصيدة "الصباح" و"الشاعر والشمس والمساء" فى ديوانى "نبضات قلبين" وهو الديوان الأول0
وقصيدة "المسافر" و"الطائر الحبيب" و"ملامح من تاريخ شجرة" و"الصدى" و"فينوس" وغيرها من التجارب .. التى تتكئ على "المفردة .. والصورة المشحونة بكل الانفعالات والمشاعر النابعة من أجواء الريف الهادئة .. الممتلئة بالخضرة .. والماء .. والوجه الحسن .. والقيم الإنسانية الجميلة، وعلى المستوى الإنسانى والسلوكى .. تعلمت من والدى "الريفى الطيب" التسامح .. وحب الآخر ، والتدين، والصبر، والتعلق بالأبناء، والحفاظ على الأسرة .. وكثيرا ما كان يوصينى بضرورة تطبيق العلم على العمل، ووالدى ـ وهبنى للأزهر الشريف ـ وعنى بى فى صغرى ـ حتى حفظت القرآن فى سن العاشرة والنصف ، ودرست أحكام التجويد والقراءات قبل التحاقى بالمعهد الدينى .. فى سن الحادية عشرة 0
وفى "الأزهر الشريف" كان التحامى بالتراث الأدبى واللغوى والدينى .. حيث طالعت أمهات الكتب فى هذه المجالات .. وكان لها الأثر الكبير فى تكوينى الثقافى والأدبى والشعرى، وتجربتى الشعرية تفيض بالعناصر التراثية على مستوى استدعاء الشخصيات .. وتوظيف الأماكن، وإحلال الرؤى والتراكيب فى كيان النص .. إحلالا تحكمه دائرة التناص، وتحركه صور الاقتباس والتضمين .. والعقد والحل ـ والإشارة، ولغة المفارقة هى الطبيعة الفنية الساخرة لهذه الصور التراثية الإسقاطية المعاصرة0
3 - لماذا كان تخصصكم الدقيق فى الأدب العربى وليس فى تخصص آخر؟
* إن الأدب العربى امتزج بكل ذرة فى كيانى ، وقد كان لنشأتى التعليمية التى أشرت إليها فى السؤال السابق الأثر العميق والموجه فى ميلى إلى التخصص فى الأدب ـ مع حبى الجارف للشعر، وهو الهبة التى منحنى الله إياها، فالشعر سفينة أشواقى، ومنارة أحلامى، وبستان معارفى وخيالاتى ، وحب الشعر ـ هو الذى قادنى إلى جزائر الأدب القاصية، وإلى أساطير مدائنه المسافرة فى سنبلات الزمن ، ومدائن الفجر، والمرايا وزهرة النار 0
الشاعر د/ صابر عبدالدايم :
ما دواوينكم؟ وما موقفكم من الديوان الأول ؟
لدى الآن ستة دواوين شعرية .. ومنها الديوان الأول، وهو "نبضات قلبين" وهو ديوان مشترك شاركنى فى إصداره الشاعر الراحل : عبدالعزيز عبدالدايم وكان طالبا بكلية دار العلوم ـ ثم حول إلى كلية الشريعة ـ وهذا الديوان يمثل محاولتى الأولى لاقتحام عالم الحركة الشعرية فى بداية "السبعينات ونهاية الستينات"0
وهى محاولة كانت مبكرة وتمثل جرأة غير محسوبة .. حيث طبع الديوان على نفقتنا الخاصة .. مع عدم وجود منفذ للتوزيع، وعدم نضج الملكة، وعدم الخبرة بمسالك الحياة الأدبية ودروبها، والديوان على الرغم من كل هذه الأسلاك الشائكة التى حاصرته من كل الجهات كان النافذة التى انطلق منها صوتى الشعرى، ومن خلاله قدمت نفسى للحياة الأدبية وبه تجارب شعرية صادقة ، وقد قرظه الشاعر الكبير الأستاذ/ على الجندى عميد كلية دار العلوم الأسبق .. حيث قال مشجعا الشاعرين الناشئين / صابر و/ عبدالعزيز 0
أسحر بابل هذا بالله أم خمر بابل؟؟
أتيتما فى القوافى سبقا أمام الأوائل
وكتب مقدمته الشاعر الفلسطينى الدكتور/ عزالدين المناصرة، وبه قصيدة حصلت على الجائزة الثانية فى الشعر على مستوى الجمهورية عام 1968م وهى تحمل عنوان "ازرعوا الزيتون فى قلب البشر".. وما زال نبضها متفاعلا مع الأحداث المعاصرة ، ولا أدعى أن هذا الديوان الأول يمثلنى الآن ـ ولكنه بداية تقليدية جيدة لا أتبرأ منها ولم أقف عندها ـ حيث تطورت أدواتى الفنية ـ وتفتحت ملكتى الشعرية على رؤى جديدة ـ وجنحت إلى الصورة المركبة ـ والرموز .. وتراسل الحواس ، وتوظيف التراث .. وغيرها من الأدوات الفنية الجديدة فى القصيدة الحديثة .. وظهر هذا جليا فى الدواوين التالية وهى :
"المسافر فى سنبلات الزمن" و"الحلم والسفر والتحول" و"المرايا وزهرة النار" و"العاشق والنهر" .. وفى الدواوين السابقة ـ كان شعر "التفعيلة هو المسيطر على القالب الإيقاعى، وفى ديوان "مدائن الفجر" كانت السيطرة للشعر "المقفى" أو شعر الشطرين وعندى أن الشعر الجيد .. المواكب لأحدث التيارات الفنية يمكن أن يقدم فى أى إطار إيقاعى "الشطرين" أو التفعيلة وأنا ضد من ينادون بفشل الشعر "المقفى" فى تقديم التجارب الشعرية المعاصرة بما تتضمنه من عناصر فنية متعددة المنابع .. متجددة الرؤى والأبعاد0
وأما ما ادخره فى السنوات القادمة للقارئ العربى ، والقارئ المسلم ـ من كنوز أشعارى ـ وهذا التعبير هو صيغة السؤال الذى تفضل به الشاعر القدير والمربى الفاضل الأستاذ بدر بدير .. وأنا آمل أن يكون الذى قدمته فيه بعض الفائدة .. وكثير من المتعة الفنية ، فالشعر كما يقول : هوراس إمتاع وفائدة ، وأما ما بقى ـ فى جعبتى من رصيد .. وأطمح أن يكون هذا الرصيد الشعرى كنوزا 0
هذا الرصيد يتمثل فى ديوان أعد للطبع الآن موسوم بـ"العمر والريح" وهو يحمل تجارب جديدة .. ويمثل رؤيتى للحياة والأحداث .. وبه تجارب تمثل أصداء طموحات قديمة وئدت فى زمن تكسرت فيه المرايا ـ ولبست الأوجه أكثر من قناع .. وهذا الديوان تقدمت به لاتحاد الكتاب قبل الانتخابات الأخيرة 2001م لنشره فى سلسلة "أقلام مصرية" ضمن إصدارات الاتحاد الإبداعية 0
ومن المفارقات المضحكات أننى حينما نجحت فى انتخابات "مجلس ادارة اتحاد الكتاب" منع الديوان من النشر بعد الموافقة عليه ـ وذلك لأن مجلس الإدارة لديه قرار بعدم طبع أى عمل لأعضاء مجلس ادارة اتحاد الكتاب ـ وعلى الرغم من هذه المفارقة المؤلمة ـ فإننى سعيد بهذا القرار الجرئ العادل ـ وآمل أن ترقى كل قرارات الاتحاد ـ إلى هذا المستوى الذى يهدف إلى إثراء الحركة الأدبية والنقدية والفنية فى إخلاص وتجرد .. بعيدا عن الأهواء والأطماع، والتحزب ومناصرة الأشياع 0
ولدى شعر مخطوط كثير ـ يحتاج إلى غريلة ومراجعة وتنقيح ـ وآمل إن شاء الله أن تصدر "الأعمال الشعرية الكاملة" قريبا 0
6 - ما موقفكم من المسرح الشعرى؟ وهل فى المخطط إصدار مسرحيات شعرية تحمل اسمكم مشاركة منكم فى هذا الفن الشعرى ؟؟
المسرح الشعرى يمثل قمة النضج الفنى لدى أى شاعر ، وهو يفتح آفاقا متعددة من الرؤى ، والمعالجات الفنية أمام الشعراء 0
والمسرحية الشعرية حينما تمثل توسع من القاعدة الجماهيرية للشعر والشعراء . فالقصيدة ـ أو الديوان ـ جمهورهما محدد ـ ويكاد يتلاشى !!!
وأما عن "الإصدارات المسرحية الشعرية" فلدى مسرحية شعرية قديمة جدا كتبتها بعد نكسة 1967م وتحمل عنوان "النبوءة" ولا أدرى هل سأقدم على مغامرة طبعها أم لا ؟ وأنا أطمح إلى اليوم الذى أنجز فيه بعض المسرحيات الشعرية .. حتى تكتمل دائرة التجربة ..، ولدى قصائد كثيرة تتضمن بعض عناصر الدراما .. ويمكن أن تتحول إلى مسرحيات شعرية ومنها قصيدة "مشاهد من ملحمة العشق والبطولة" وهى وثيقة من "محمد بن القاسم الثقفى" وقصيدة "أسماء الثورة والعطاء والتحدى" وقصيدة "القبو الزجاجى" وقصيدة "عزف منفرد أمام مدخل القرن الواحد والعشرين" وأقول للقصيدة"الدراما" أو القصيدة "المسرحية"
ليت هندا أنجزتنا ما تعد وشفت أنفسنا مما تجد
7 - هل لكم أن تعطونا نبذة عن رحلاتكم العلمية والعملية خارج مصر، وهل كان لهذه الرحلات أثر فى نتاج د/صابر العلمى والأدبى ؟ 0
* للرحلة أثر كبير فى توجيه الملكات .. وإثراء القدرات ، وهى تتيح للأديب معايشة التجارب الجديدة ـ واكتشاف حقول مغايرة، والسباحة فى آفاق وعوالم أكثر تنوعا وأشمل عطاء0
وقد ارتحلت إلى عدة بلاد ـ وفى مقدمتها "ليبيا" حيث قضيت بها أربع سنوات .. وكان لهذه الرحلة أثر عميق فى تجربتى الشعرية فديوانى "الحلم والسفر والتحول" كتبت معظم قصائده فى "البيضاء" بليبا0
وقال د/ طه وادى: إن هذا الديوان من أحسن دواوينى الشعرية، وكتبت عنه عدة دراسات فى مقدمتها دراسة د/ حسين على محمد الشاعر والناقد المعروف 0
وإلى "مكة المكرمة" أنعم الله على ـ برحلتين طويلتين ـ الأولى : أربع سنوات والثانية: ست سنوات، وكان لهاتين الرحلتين الأثر الأعمق فى التحام رؤيتى الشعرية بالتجربة الكونية ، من خلال معانقة "الرؤية الإسلامية" الحضارية 0
ودواوينى "المرايا وزهرة النار، والعاشق والنهر ـ ومدائن الفجر" بهما تجارب كثيرة أشرقت شموسها فى مكة المكرمة ، ولدى عدة كتب نقدية أنجز معظم ما فيها فى مكة المكرمة ـ ومنها : الأدب الإسلامى بين النظرية والتطبيق، و"التجربة الإبداعية فى ضوء النقد الحديث" و"الحديث النبوى" رؤية فنية جمالية0
ومن الرحلات القصيرة الجميلة الهادفة رحلتى إلى "تركيا" لحضور مؤتمر "الأدب الإسلامى" فى استامبول عام 1994م وهناك شاهدت آثار الحضارة الإسلامية العريقة الشامخة، وأصداء الفتوحات والمعارك التى قادها محمد الفاتح .. القائد الإسلامى الكبير ـ الذى فتح معظم بلاد "أوربا الشرقية وأخضعها .. ودخلت هذه البلدان فى دين الله أفواجا" 0
ولكن .. وياللأسى .. صدأت سيوف الفاتحين، وتقوضت أركان هذه الحضارة الرائدة .. وأصبحت مثل حضارة الأندلس ، أثرا بعد عين، وذكريات خرساء ليس لها فى الواقع إلا الأصداء الآتية من سراديب التاريخ الجليل .. ولا يعى قسمات إيقاعها وجه الحاضر الذليل!!!
وتجسد هذا التفاعل الصادم الدامى .. فى قصيدتى "القبو الزجاجى" وهى رسالة ملحمية طويلة إلى "محمد الفاتح" قائد الفتوحات الإسلامية فى بلاد "البلقان"، وقد قال د/ عبده بدوى عن هذه القصيدة، إنها من القصيدة "السيمقونى" وهو من خصائص الإبداع عند كثير من الشعراء الإنجليز 0
وكتب عنها أ.د/ عبدالله الزهرانى بجامعة أم القرى دراسة تحليلية نقدية جيدة، ولدى رغبات وطموحات فى رحلات أكثر إلى البلاد الإسلامية التى تحررت من النفوذ الشيوعى .. السوفياتى .. وإلى بلاد جنوب شرق آسيا ـ مثل ماليزيا ، وأندونيسيا .. وإلى منطقة البلقان، وهى بيئات حضارية تثرى الوجدان ، وتوقظ الحواس الغافية، وتضئ المشاعر والأحاسيس الكابية 0
8 - بعد خبرتكم الطويلة فى مجال التعليم الجامعى: هل أنت راض عن مستوى الخريجين الذين تخصصوا فى اللغة والأدب، ويحملون عبء بناء الأجيال فى المدارس الثانوية؟
* إن مستوى الخريجين الذين تخصصوا فى اللغة والأدب .. من الكليات والجامعات المتعددة ـ يبعث على الأسى، ويدفعنا إلى التساؤل والبحث عن سبب هذا التدنى، وعن منافذ الخروج من هذا الواقع المتردى ؛ والصورة ليست قاتمة تماما ـ ففى اللوحة المشوهة بعض الومضات والزوايا المضيئة تتمثل فى بعض "الطلاب المتفوقين والموهوبين" وهم قلة قليلة، وأقترح أن يعقد اختبار شخصى وتقويمى للطالب الذى يتقدم لدخول أقسام اللغة العربية وأن يشجع الطلاب والخريجون حتى يقبلوا على هذا التخصص وهم مطمئنون واثقون من تقدير الدولة والمجتمع لهم؛ لأن الواقع يزرع الإحباط فى النفوس ، ويضع كثيرا من العراقيل أمام مواهب الشباب وملكاتهم، وتخيل معى حجم المأساة .. وفداحة الكارثة حين نعرف أن أقسام اللغة العربية بكليات الآداب والتربية تستقبل أصحاب الدرجات الأقل من الطلاب والطالبات !! ولا أدرى لماذا ؟؟ ولمصلحة من ؟
9 - باعتباركم شاركتم فى الإشراف على الرسائل العلمية بالجامعة : هل تساعد هذه الرسائل العلمية الجامعية حركة التطور الأدبى والعلمى فى العصر الحديث؟ وهل لها أثر فى تطور المجتمع وفى رقيه؟
* الرسائل العلمية فى الجامعة لها أكثر من طريق، وأكثر من منهج، وأكثر من هدف0
فبعضها يقتحم المناطق المجهولة فى التراث ، وبعضها يتفاعل مع حركة المجتمع العلمية والأدبية .. وتقديم التراث فى صورة إيجابية مضيئة حضارية وهى رسالة جادة تقف مؤازرة تماما للجهود العلمية والأدبية المتفاعلة مع حركة المجتمع تقويما ـ وإضافة وبناء راشدا، ونهوضا وتفتحا على كل جديد فى مجال الإبداع والفكر والعلم 0
وهناك ظاهرتان سلبيتان تعوقان الدور الفاعل للرسائل العلمية جامعتنا وهما :
أولا : آفة التكرار .. وعدم الإبداع .. وفقدان الجديد فى كثير من الرسائل الجامعية .. فى العلوم النظرية، والعلوم التجريبية الحديثة، وهذا التكرار يفقد كثيرا من الرسائل أهميتها وفاعليتها0
ثانيا : عدم اهتمام المؤسسات العلمية ، والتعليمية بالرسائل والبحوث الجادة حيث تظل هذه الجهود العلمية الفائقة حبيسة المخازن ورفوف المكتبات تستقبل الغبار يوما بعد يوم حتى تغيب ملامحها .. ويتجاوزها الزمن .. وتموت قبل موت أصحابها.. وأرى أن تطبع هذه البحوث والرسائل الجادة على نفقة الدولة، وتخصص ميزانية ضخمة فى كل جامعة لذلك، وأن يدرسها الطلاب ويمكن شراؤها بسعر التكلفة ـ وهى تفيد الطالب وتغنيه عن المذكرات السريعة الباهظة الثمن ، ويمكن الاستفادة من الجهود العلمية المبذولة فى هذه الرسائل فى جميع الميادين التى تشارك فى نهضة المجتمع وتقدمه ورقيه فى مجال الزراعة .. والطب .. والهندسة .. والرياضيات .. والكيمياء .. وفى مجال: اللغة والفكر والإبداع ـ ومجال الدعوة والتشريع .. والفكر الدينى 0
فهل تتبنى الجامعات ومراكز البحوث والمجالس القومية المتخصصة هذا المشروع القومى البناء خدمة العلم والعلماء،ومشاركة فى النهوض بالمجتمع من كينونة،وإيقاظه من غفوته،وبعثه من رقدته0
فهل يتحقق الحلم ، وهل تشرق الشمس ؟
هذه أمنيات صاعدة فى وهج اليقين 0
وهذه طموحات تقتحم الواقع .. وتبدأ المسيرة فى جسارة الواثقين وترفض منطق الخادعين الواهمين ؟؟
10 - بعد احتكاك طويل بالمنتديات الأدبية داخل محافظة الشرقية، وعلى مستوى مصر ، ماذا تقول عن المبدعين الجدد من الشباب؟ وماذا تقول لهم؟
أقول للمبدعين الجدد من الشباب .. تمسكوا بهويتكم، واقبضوا على جمر الموهبة ، وواكبوا الجديد الجميل الهادف فى التقنيات الأدبية المعاصرة، ولا تخدعوا ببريق الأسماء .. واكتشفوا بأنفسكم الجميل والأصيل وإننى مطمئن تماما وسعيد بما أقرأ لشباب المبدعين .. وكثير منهم يملك الموهبة الأصيلة .. وأحيى أدباء "ديرب نجم" على نشاطهم المتواصل ـ المؤثر، وقد استطاعوا أن يلفتوا إليهم أنظار كبار المبدعين والنقاد، وأقول لهم مزيدا من التآلف والتعاون مع جميع أدباء المحافظة .. ومزيدا من التواصل مع أدباء مصر فى جميع المواقع والمحافظات ، وكتاب "القصة القصيرة المعاصرة" دراسة ومختارات الذى أصدره أدباء ديرب نجم بإشراف الأديب القاص مجدى جعفر ـ فى سلسلة "أصوات معاصرة" تشهد نماذجه القصصية الجيدة بالمستوى الفنى المتطور الذى يحققه أدباء الشرقية الشباب، وأدباء مصر فى الإبداع القصصى ، وللشعراء تجاربهم الجيدة .. وأقول لهم إن القصة لها فرسانها ـ فهل يظل اللواء فى أيديكم ؟؟
وأخيرا أقول أين كتاب "المسرح"؟؟ إنه فن المستقبل، ولكن أين فرسانه من المبدعين الشباب؟ أمنياتى للجميع بالتفوق وتجدد الإبداع وتواصل العطاء0
د. حسين علي محمد
21-08-2006, 01:24 PM
الإبداع بين الانتماء والاغتراب
حوار / على عبد الفتاح
...................................
أكثر من 30 ألف من الخبرات المصرية هاجرت إلى أمريكا
* فى هذه الحلقة يجيب على أسئلة هذا الاستطلاع الأدبى الدكتور صابر عبدالدايم أحد أبناء جيل السبعينات الذى تربى وسط الدفعة الثقافية الكبيرة آنذاك وبالتالى كانت صدمته أو إحباطه كبيرا مع مطلع هذا العقد وبدأت معه التساؤلات وموسم الهجرة 0
ما أسباب وظروف الخروج من مصر ؟
ـ مصر أمنا جمعا .. ومعشوقتنا جميعا .. ولكننا نكابد ونعانى فى سبيل استمرارية هذا العشق وكما قال حافظ ابراهيم شاعر الشعب:
كم ذا يكابد عاشق ويلاقى فى حب مصر كثيرة العشاق
والخروج من مصر ـ فى تصورى ـ خروج مادى موصول بطريق العودة .. وليس هربا أو كرها أبديا، فالحصار الاقتصادى، ومتناقضات البنية الاجتماعية التى سببت انهيارا فى بعض مكوناتها من أهم العوامل التى تدفع الكثير من محبى مصر إلى النزوح عنها .. بغية الوصول إلى مستوى معيشى أفضل، والشاهد على ذلك آلاف العمال والفلاحين الذين تركوا حرفهم وأراضيهم ليعملوا اجراء خارج دائرة وطنهم ، وكذلك آلاف الخريجين الجدد الذين يصدمون بواقع الحياة الكثيب! فألف باء الحياة الضرورية غير متوفر لهم .. كيف يعثر على مسكن؟ كيف يقابل متطلبات الحياة! كيف؟ كيف؟ .. الخ0
مصر القرية، والموال الساخر :
* ما مدى الارتباط بين أعمالك الأدبية وقضايا الوطن ؟
* الوطن والذات لا ينفصلان، والأعمال الأدبية البعيدة عن هذا الإحساس .. أعمال غير ناضجة وأصحابها فى غياب حقيقى عن الرؤية المعاصرة، وتجربتى الشعرية فى ديوان "الحلم والسفر والتحول" وديوان "المسافر فى سنبلات الزمن" لم تنفصل عن الوطن .. فهى ممتزجة بترابه.. ومع ذلك أراها بمنأى عن المباشرة الفجة، والهتافات الصارخة، فقضايا الوطن يمكن أن تتجسد فى قصيدة ذاتية وجدانية ، ويمكن أن نشكلها من خلال تجربة تراثية، ويمكن أن نفجرها من خلال عمل إبداعى، فالقصيدة لم تعد ذات بعد واحد بل تتفتح على أكثر من بعد فنى، وكل الأبعاد تصب فى شريان الوطن وتتفجر منه0
وأذكر أننى نشرت قصيدة بعنوان "الظل الأخضر" بمجلة الثقافة العربية الليبية وهى قصيدة ذاتية لكنها تنبع من الإحساس بقضايا الوطن، وقد قال لى أحد المثقفين هناك إن صاحبة الظل الأخضر هى "مصر" وحين أعدت قراءة القصيدة، أدركت أن مصر ايقاعها الكامن فى أغوار النفس ولا تخلو قصيدة من قصائدى من هذا الإحساس المتفتح على قضايا الوطن ويمكن أن يعثر المتلقى على مفتاح هذا الإحساس فى قصيدتى "الهوية" وأسجلها هنا ترجمانا على هذه الرؤية الشعرية0
اسمى : صابر 0
عمرى: سنوات الصبار جهلت بدايتها أو حتى كيف تسافر0
بلدى : مصر ـ القرية ـ والموال الساخر0
والمهنة : شاعر0
وهواياتى: فك الأحجبة وهدم الأسوار 0
والبحث عن الخصب المتوازى خلف الأمطار0
والتنقيب بصحراء النفس عن الآبار.
وقراءة ما خلف الأعين من أسرار 0
الاغتراب الزمانى المكانى :
* ما أثر تجربة الاغتراب على التجارب الأدبية السابقة؟
* تجربة الاغتراب كما قلت لا تعنى الهروب .. فالاغتراب المكانى الذى يعانى منه جيلنا بعيد عن النزعة المثالية التى سيطرت على الرومانتيكين فى حلمهم بعالم مثالى، وغربتنا الحقيقية هى غربة زمانية وفكرية وثقافية .. حتى أصبحنا نحن إلى الفطرة النقية فى عصر التلوث .. إننا مضطرون إلى أن نردد مع "شاتوبريان" مخاطبا الهنود الحمر "ما أسعدكم أيها المتوحشون آه لو أستطيع أن أتمتع بالسلام الذى لا يفارقكم أبدا .. فأنتم تفضلوننى فى الوصول إلى ثمرات الحكمة"!
وما أقسى الغربة التى نعانيها ونحن فى قلب الوطن! إنها غربة نفسية .. وقد صورت هذه الغربة فى قصيدة بعنوان "المنفى داخل الوطن" كتبتها عام 1970م ، وبدافع هذا الإحساس كتبت مقالا نقديا تحليليا بعنوان "الغرباء" رؤية نقدية لشعراء الشرقية، وهؤلاء الشعراء برغم غربتهم لم يغادروا وطنهم !! وهم : "حسين على محمد" و"محمد سعد بيومى" و"محمد سليم الدسوقى" و"عبدالسلام سلام" و"محمود عبدالحفيظ" و"عزت جاد" و"سامى ناصف"، وحينما كنت أعمل فى ليبيا فى الفترة من 1976 ـ 1980م ألهمتنى هذه الغربة المكانية كثيرا من التجارب التى تستلهم التراث العربى والإسلامى مرتبطا بقضايا الوطن سعيا إلى العثور على مكونات شخصيتنا الحضارية المتكاملة التى تنجو من مرض التبعية للغرب أو للشرق، فالاغتراب المكانى أو الزمانى يشحذ التجارب .. ويعطيها فعالية السيف0
الوجه الآخر للوطن :
* ما العوامل التى ساعدت على الإبداع خارج الوطن ؟
* ـ الإبداع خارج الوطن فيه صدق مؤثر ، ووهجه أقوى من الإبداع داخل دائرة الوطن .. لأننا نراقب الصورة من بعيد ولا نقع فريسة الاستجابة السريعة للأحداث .. فأول دافع للإبداع خارج الوطن هو تأمل ما يجرى من بعيد، وهذا من شأنه أن يكسب التجارب شمولا وأبعادا متعددة، والعامل الآخر هو التعرف على الوجه الآخر للوطن بصورة أعم وأوضح .. وأهم دافع هو الإحساس بالتوحد مع الوطن .. والحنين الموار فى النفس إلى رؤية الواقع الجديد الذى نسعى لتحقيقه، ومن عبق الأماكن المقدسة، ومن منابع التاريخ الحضارى العظيم للإسلام تفجرت لدى مشاعر الثورة على واقعنا الراكد الآسن .. وقد جسدت هذا الغضب قصائدى الآتية التى كتبتها بمكة المكرمة قصيدة "الجبل" و"الغريق" و"من فتوحات الغربة" و"المرايا وزهرة النار".. فهل نعود .. وهو تكون العودة محملة بثمار الفرح .. والإبداع المتوهج..
د. حسين علي محمد
21-08-2006, 01:25 PM
حوار حول أهم القضايا الأدبية التى تموج بها الساحة الثقافية
حوار: محمد موسم المفرجى
...........................................
س: نبذة عن حياتكم العلمية ورحلتكم العملية ؟
د. صابر عبدالدايم . مواليد محافظة الشرقية بمصر 0
أستاذ الأدب والنقد بجامعة الأزهر ووكيل كلية اللغة العربية بالزقازيق وعضو اتحاد كتاب مصر، وعضو رابطة الأدب الإسلامى العالمية 0
وقد بدأت حياتى العلمية بحفظ القرآن الكريم ... وقد أتممت حفظه فى سن العاشرة والنصف بحمد الله وتوفيقه، ثم التحقت بالمعهد الدينى بالزقازيق، وقضيت به تسع سنوات منها أربع فى المرحلة الإعدادية، وخمس سنوات فى المرحلة الثانوية، وقد تلقيت فى هاتين المرحلتين علوم اللغة والفقه والعقيدة حسب المناهج التى كانت تدرس فى هذه الآونة، ومن الكتب التى درسناها "شرح قطر الندى وبل الصدى" ، و"شذور الذهب" و"شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك"، وكتاب "الإقناع فى حل ألفاظ أبىشجاع" فى الفقه الشافعى0
ثم التحقت بكلية اللغة العربية ـ جامعة الأزهر بالقاهرة، ومكثت بها أربع سنوات تعمقت فيها دراستى لعلوم اللغة والنحو والأدب والبلاغة، ونضجت فيها موهبتى الشعرية التى تفتحت منذ المرحلة الثانوية حيث فزت بجائزة "الشعر" على المستوى القومى (فى المرحلة الثانوية للمعاهد الأزهرية)، وفزت بجائزة الشعر الأولى بجامعة الأزهر عام 1969م 0
وفى المؤتمر الأول للأدباء الشبان بمصر فزت بجائزة الشعر "الفصيح" عام 1969م وأنا فى السنة الثانية بالكلية، وفزت كذلك بعدة جوائز فى هذه المرحلة ثم أنهيت مرحلة "الليسانس" عام 1972م ، والتحقت بالدراسات العليا وحصلت على درجة "الماجستير" فى الأدب والنقد عام 1975 ، ثم قمت بإعداد رسالة العالمية "الدكتوراه" فى الأدب والنقد وحصلت على درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف الأولى عام 1981م0
وأما مشاهد الرحلة العلمية فهى لا تنفصل عن لوحة الحياة.. فالعلم والعمل يمتزجان فى حياتى وتتحرك فى دائرتها كل مظاهر النشاط العملى والعلمى والإبداعى0
فقد بدأت حياتى العملية مدرسا للغة العربية بمدينة دمياط، ثم عضوا بالبعثة التعليمية المصرية بليبيا … وما زالت ذاكرتى تموج بذكريات هذه الفترة الرائعة من حياتى … فتعليم النشء .. وغرس القدوة الصالحة فى نفوس الأبناء من أنبل الغايات وأرقى الأهداف فى الحياة0
وعملت بعد ذلك فى سلك التدريس الجامعى مدرسا للأدب والنقد بجامعة الأزهر … ثم شرفت بالتعاقد مع جامعة أم القرى بمكة المكرمة "أستاذا مشاركا بكلية اللغة العربية ـ قسم الأدب والنقد مدة أربع سنوات وكانت مرحلة خصبة أضافت إلى ذاتى أبعادا روحية صافية، وألهمتنى كثيرا من التجارب الإبداعية الصادقة0
وفى مكة المكرمة كانت الرحلة بلا غيوم، والراسيات تعانق أحلام النجوم، ومن شرايين الصخر تتفجر أنهار الضياء 0
وترى الجبال تحسبها جامدة وهى تمر مر السحاب 0
وشاركت فى النشاط الأدبى بنادى مكة الثقافى، ولكم كنت فخورا ـ ومازلت ـ بتموجات الحركة الأدبية فى المملكة العربية السعودية على صفحات جرائدها الغراء، وأخص بالإشادة والفخر "الملحق الأدبى لجريدة الندوة وكذلك ملحق "التراث" بجريدة "المدينة"0
وبعد أن وفقنى الله لأداء رسالتى العلمية بمكة المكرمة عدت لأعمل أستاذا للأدب والنقد بجامعة الأزهر، ثم توليت منصب وكيل كلية اللغة العربية بالزقازيق0
وشاءت إرادة الله أن أعود مرة أخرى إلى المملكة العربية السعودية للعمل "أستاذا زائرا" بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، ودعيت فى هذه الفترة لحضور مؤتمر "الجنادرية"، ثم كانت مشاركتى فى مؤتمر "الهيئة العامة للأدب الإسلامى" الذى عقد فى مدينة "استامبول" بتركيا وما زالت الرحلة عسيرة وشاقة .. ولكنها صادقة الإيقاع ، جادة الخطوات .. تدور أحداثها فى ميدان الكلمة المؤمنة القوية الجادة المؤثرة 0
* س: كيف ترون موجات التغريب، والتيارات الفكرية التى امتدت إلينا بعنفوانية يوما ما ؟ وكيف انحسرت؟ وإلى ماذا تعزون ذلك؟
* إن موجات التغريب كادت تجتاحنا فى بداية العصر الحديث بعد تمزق الأمة الإسلامية ووقوع العالم العربى فى براثن المستعمرين، وطغيان الفكر الاستشراقى المعادى للإسلام وللعروبة0
وهذه الموجات الطاغية من المد الفكرى التغريبى .. وجدت عقولا انهزامية تستجيب لكل أصدائها، ووقعت هذه العقول فريسة هذه الاستجابات العمياء للثقافات الوافدة وبلغت المأساة ذروتها حين وجدنا من يروج للتغريب، ويركب موجاته المخادعة التى تغرق فى غياهبها كل من يحتمى بها أو يظن النجاة فى السباحة مع تيارها0
وكثير من رواد الفكر "المزعومين الواهمين" فى مصر والمغرب وتونس وسوريا ولبنان ـ قد صنعوا من فكرهم بوقا يردد فى غير وعى ... مبادئ الثقافات الوافدة … ويروج لها ويحاكيها فى مؤلفاته وآرائه، وأحيانا كثيرة يقوم بعض هؤلاء "الواهمين" بسرقة الأفكار التغريبية وتقديمها فى صورة مشوهة ممسوخة، وقد تأثرت الحياة الثقافية والفكرية والإبداعية بهذه الموجات الطاغية ... ففسد المناخ الشعرى فى كثير من بلدان العالم العربى ...، وشوهت الحياة الفكرية وغامت رؤاها 0
وأمارات هذا الفساد الفكرى والإبداعى ظهور أصوات شعرية معادية لكل منجزاتنا فى مجال الإبداع والثقافة … وعلى رأس هذه الأصوات الرافضة "أدونيس"، ومن يقلدونه فى عدائه للعروبة والإسلام0
وأرى أن هذه الموجات التغريبية لم تزل فى مدها وجزرها .. تؤدى دورها المنوط بها .. ولما تنحسر بعد ، ويمكن أن نقول: إن دور هذه الموجات بدأ يتقلص ... ويضعف .. عن ذى قبل .. وذلك يرجع إلى اليقظة الإسلامية المعاصرة التى نشرت الفكر الصحيح بين الشباب، واستيقظ على صوت هذه الصحوة كثير من الذين جرفهم تيار التغريب، وكان لسقوط الشيوعية وانهيارها الأثر الأكبر فى بدء انحسار هذه الموجات السامة… ولكنها لن تزول إلا بتكاتف المخلصين لدينهم ووطنهم من أبناء أمتنا العربية والإسلامية0
وعلى عاتق هذا الفريق من الشعراء يقع عبء استرداد المكانة اللائقة للشعر من جديد فهو فن العربية الأول، والأمل معقود على الشعراء الجادين الذين يبدعون فى مجال التجارب الإسلامية النابضة بعبق الحضارة الإسلامية الراسخة0
ونقاد الأدب الدائر فى فلك التصور الإسلامى عليهم واجب إقالة الشعر من عثرته، وإنهاضه من كبوته .. فهم فرسان الكلمة، وهم حماتها، وقد بدأت البوارق تغزو بأشعتها ساحة الإبداع والنقد ، ومكتبة الأدب الإسلامى حافلة بهذه البوارق النقدية التى نأمل لها التواصل والتوهج ..، ومن هذه البوارق النقدية كتاب "الورد والهالوك" للناقد الدكتور/ حلمى القاعود ... وهو رصد نقدى يكشف من خلاله ألاعيب المتشاعرين من جيل "السبعينات فى مصر" وأطلق عليهم لقب "الهالوك" لأنهم منافقون متسلقون يغشون جميع الموائد، ويفسدون مناخ اللغة ومناخ الأخلاق، ومناخ البناء الشعرى الجميل0
وفى الوقت ذاته يقدم "حلمى القاعود" الفريق الآخر وهو "جيل الورد" وهم الشعراء المعتدلون .. أصحاب التجارب الشعرية النقية الخالصة، التى تقترب من وجدان الناس، وتؤثر فى أذواقهم، وتحكى آلامهم وآمالهم 0
س: كيف نعمل على تعميق التواصل الأدبى بين أدبائنا ومثقفينا لنزيل بعض العقبات ونقيم الجسور؟
* إن التواصل بين الأدباء والمثقفين ضرورة إنسانية وقومية وفنية فحين يتواصل الأدباء ويطلع كل منهم على نتاج الآخر تتعمق التجارب الإبداعية، وتزداد عملية التأثير توهجا … وهذا التواصل يجب أن تقام جسوره بين أبناء الوطن الواحد ـ وبين أبناء الأمة العربية والإسلامية كلها … حتى يشعر الأديب بأصداء كلماته، وإيقاعات تجاربه0
وهذا التوصل يتم عن طريق القنوات الآتية :
أولا: الصلات الشخصية التى يقيمها الأدباء فيما بينهم .. عن طريق المراسلات، وتبادل المؤلفات والتشاور فى القضايا الأدبية0
ثانيا : تكوين التجمعات الأدبية مثل النوادى الأدبية، والصالونات الثقافية، والمؤتمرات الشعرية والأدبية بصفة عامة فهذه التجمعات تجذب أصحاب الكلمة المبدعة وفى رحابها يلتقى أصحاب الرؤى المتشابهة والأفكار الموحدة، ومن هذه التجمعات الفاعلة المؤثرة مؤتمر "الجنادرية" فهو أكبر مهرجان وطنى لإحياء التراث والنهوض بالثقافة والفكر والأدب ... وفيه يلتقى كبار المفكرين والمبدعين، وتتعارف الأجيال، ويتحاور المبدعون ، ويزداد الفكر صقلا وجلاء 0
ومؤتمرات"رابطة الأدب الإسلامى" بالرياض والقاهرة واستامبول نموذج للتواصل الحميم بين أدباء الإسلام فى جميع أقطار المعمورة0
ثالثا : إصدار دليل يتضمن التعريف بأدباء كل دولة .. أو إصدار معجم للأدباء العرب يتم تبادله بين المؤسسات الأدبية والثقافية0
رابعا : ضرورة إحياء فكرة أو مشروع (اتحاد الأدباء العرب) وإعادته للوجود حتى يشعر الأدباء بالانتماء لمؤسسة تجمعهم، ويتواصلون من خلالها0
خامسا : إقامة مؤتمرات أدبية دورية بين أبناء الأمة العربية والإسلامية .. يبحثون فيها قضاياهم الإبداعية والنقدية ... ويتحاورون فى المستحدثات الإبداعية والنقدية على المستوى العالمى .. ووزارات الثقافة والإعلام عليها عبء القيام بهذا الدور الثقافى الكبير، وكذلك الجامعات العربية والإسلامية عليها أن ترسخ هذا التقليد العلمى الإبداعى الذى يعمق صلة الجامعة بواقع الناس، ويتيح الفرصة لأبنائنا الطلاب لإظهار مواهبهم الإبداعية 0
س: هل الحركة النقدية متزامنة مع الإبداع؟ أم متخلفة عنه؟
• إن الحركة النقدية فى العالم العربى تمر بأزمة حقيقية، أو قل إنها على مفترق الطرق ، فالنقد قد تعددت مدارسه، وتنوعت طرقه، وأغلبه يستورد النموذج الغربى، ويحاول تطبيق المبادئ النقدية التى أبدعها الغربيون على النماذج الإبداعية فى لغتنا العربية ، وهذا منهج غير صحيح. فلكل لغة مكوناتها الصوتية والأسلوبية والإيقاعية والخيالية ولغتنا العربية لغة بيانية مشرقة لها موحياتها، فالنقد الأدبى لابد أن ينبع من مناخ اللغة ومحيطها المائج بكل تراكيبها، وكذلك عليه أن يصبغ بصبغة البيئة التى تمخضت عن ذلك الإبداع.. فأصبح ثمرة لها0
وبهذا المفهوم أرى أن النقد الحديث ما زال يحلق بعيدا عن فضاء النصوص الإبداعية ويكتفى كثير من النقاد باستيراد النظريات الغربية. وإعادة صياغتها فى جملة عربية "معقدة"، لا يفهمها كثير من المبدعين، ودليل هذا الانفصام بين التنظير النقدى المستورد وبين النص الإبداعى .. أن أديبا كبيرا مثل "نجيب محفوظ" … قال حينما قرأ نقدا لروايته فى مجلة "فصول" إننى لأول مرة لا أستطيع فهم ما يقوله الناقد فى نقد الرواية، فالإبداع يسبق المقاييس النقدية ـ ، وأرى أن النقد تخلف عن مواكبة الإبداع حين رحل بعيدا .. وخاصم بيئة المبدع .. وعاد غريب الوجه واليد واللسان ...
س: يقولون بأن الرواية والقصة القصيرة نافستا الشعر، وحلتا بدلا عنه، ماذا تقولون لمن يعتقدون … هذا الزعم ؟
* إن الرواية والقصة القصيرة تنافسان الآن الشعر منافسة ضارية ولكنهما لم يصبحا بديلا عنه بعد فما زال الشعر على الساحة .. له حضوره الفعال .. وأثره الغائر فى النفوس0
وعلى الرغم من هذا فإن تفوق فن القصة وفن الرواية فى جذب القارئ، وفى القدرة على التأثير، وعلى الالتحام بواقع الزمان والمكان، أو بإيقاعات الحياة المعاصرة … هذا التفوق يرجع إلى عوامل كثيرة منها:
أ - إن القصة والرواية يمكن تحويلها إلى مسلسلات درامية تلفزيونية .. تصل إلى ملايين المشاهدين .. وتؤثر فيهم .. والشعر ما زال أسير الكلمة المكتوبة0
ب - القصة والرواية لا يميل كثير من كتابهما إلى الأساليب الملغزة، ولا إلى الغموض الموغل فى الغرابة والبعد عن واقع الناس0
ج - إن الشعراء وبخاصة "شعراء الحداثة" قد انحرفوا بالشعر عن مساره الصحيح، وأوغلوا فى الغموض، وكشفوا عن عدائهم السافر لثوابت الأمة فى تراثها وواقعها وتمادوا فى الانحراف عن مألوف اللغة، ومألوف العرب .. وأتوا بتجارب إبداعية لا صلة لها بواقع الحياة، بل هى فى كثير من نماذجها أقرب إلى الهذيان والعيث والمجون والتكلف 0
وهذه المثالب والتشوهات التى ناءت بها تجارب كثير من شعراء الحداثة أدت إلى انصراف الناس عن الشعر ، والشعراء، وانصرافهم إلى ميادين أخرى ومن هذه النماذج التى تصطدم بالوجدان الدينى، وتظل بمنأى عن التأثير والفاعلية فى الارتقاء بالأذواق، وتنمية الحس الجمالى فيهم0
ديوان "آية جيم" وهو نموذج لعزلة النص عن المجتمع. فكله تجارب لغوية ... وخزعبلات فنية، وألاعيب شكلية تبرأ منها ساحة الشعر ولا يقترب من أشواكها الشعراء 0
كل الظواهر السابقة أتاحت للقصة والرواية "مؤقتا" جو الغلبة والفوز 0
ولكن مازال فريق من الشعراء المخلصين لهذا الفن السامق .. يبدعون القصيدة الشعرية الصافية فى شكليها "الخليلى والتفعيلى"، ويقدمون تجارب شعرية صادقة مؤثرة فى وجدان الناس وفى سيرة الحياة0
* س : الحركة الأدبية السعودية: كيف ترونها؟ وما أبرز الأصوات الشعرية والنقدية فى نظركم؟
* إن الحركة الأدبية فى السعودية لها حضورها المتميز على الساحة الأدبية وقد بدأت فى التوهج .. والفاعلية المؤثرة .. وذلك يظهر بجلاء فى المساحات الكبيرة من الصفحات التى تخصصها الجرائد اليومية للملاحق الأدبية ، وكذلك إصدارات النوادى المتعددة المتنوعة والمؤتمرات والمهرجانات الأدبية التى تقام سنويا0
وكذلك المسابقات الأدبية التى تقيمها النوادى الأدبية، وعلى قمة هذا النشاط الأدبى والفكرى جائزة الملك "فيصل العالمية" فهى ميدان علمى شريف لتنافس عباقرة العالم فى خدمة الإنسانية وتقديم ذوب وجدانهم وخلاصة عقولهم لإسعاد البشرية فى كل مكان0
والأدباء السعوديون وكذلك النقاد تفيض بهم الساحة الأدبية ومن أبرز الأصوات الشعرية الشاعر /عبدالرحمن العشماوى، والشاعر/ حسن عبدالله القرشى 0
ومن كتاب القصة البارزين القاص الدكتور/ عبدالله باقازى، وهو أيضا من النقاد الجادين المخلصين،ومن النقاد أيضا د/منصور الحازمى ود/ محمد الحارثى ـ عميد كلية اللغة العربية بجامعة أم القرى0
* س: وقد تلاشت قصيدة النثر ودعاتها ... ماذا على القصيدة العمودية أن تفعل لتنضو عن كاهلها بعض التداعيات لتنتصب شامخة؟؟
* إن قصيدة النثر إذا كانت قد تلاشت ـ أو كادت "فى المملكة العربية السعودية فإنها ما زالت تنعم بالدفء والحياة على صفحات المجلات فى كثير من البلدان العربية، وما زالت تختبئ فى قلب الدواوين الشعرية متمتعة بحماية المدافعين عنها ولكنها ظاهرة مرفوضة، وبدعة أدبية منكرة، ومحاولة من أصحابها لمواراة ضعفهم وعجزهم عن الإيقاع الشعرى الصحيح فى ثوبه المؤثر0
وعلى القصيدة "العمودية" .. بل على مبدعى الشعر "المقفى" أن يخلصوا لفن الشعر … وأن يقدموا تجارب شعرية فياضة بمقومات الشعر الصحيح عليهم أن يتجاوزوا اللغة النثرية الذهنية وأن يقدموا البناء اللغوى الإيحائى الجديد المثير للتساؤل والشعور0
وعلى مبدعى الشعر العمودى أن لا يكتفوا بتقديم المضمون فى صياغة مباشرة سليمة لغويا فقط، وإنما لابد من تقديم التجربة فى إطار الصورة الشعرية الجديدة الكلية الرامزة الموحية التى تجعل للقصيدة أكثر من بوابة للدخول إلى عالمها0
على مبدعى الشعر ـ أيا كان ـ تفعيليا أو شعر الشطرين .. أن لا يفرطوا فى موسيقى الشعر الخارجية أو الداخلية ـ فالشعر إيقاع موزون، وصورة كلية جديدة وبناء لغوى دال يضئ المعنى وآفاق النص، ولا وجود لما يسمى بقصيدة "النثر" فى دائرة الشعر الجاد العظيم، فالشعر كان ـ ومازال ـ ديوان العرب 0
د. حسين علي محمد
21-08-2006, 01:26 PM
حوار حول التجربة الشعرية وبعض قضايا الساحة الأدبية
أجراه: عبدالرحمن درباش
.........................................
* س: قصيدة "القبو الزجاجى" التى ألقيتها فى أحد المحافل. ماذا تمثل لدى شاعرنا صابر عبدالدايم:
جـ: إن قصيدة "القبو الزجاجى" تمثل لدى "مرتكز الرؤية الشعرية"، فالشاعر المعاصر موقف وأداة، وذروة الموقف الشعرى هو تشكيل معالم الهوية، والارتباط بالجذور الكامنة فى حقل هذه الهوية، والبحث عبر تخوم الرؤيا عن معالم حضارتنا وشخصيتنا، وفى خضم هذا الهم الحضارى كانت قصيدة "القبو" الزجاجى، رسالة دامية إلى "محمد الفاتح" قائد الفتوحات الإسلامية فى بلاد "البلقان"، وهى تفجر الجرح، وتفتح نوافذ المجد الذى أفلت شمسه 0
ومفتتح القصيدة يصور معالم الواقع الآسن، ويجسد الصدمة الحضارية التى لم نفق من طغيانها ومن ذهولها بعد !!!
* أيها الفاتح .. ضيعنا مفاتيح المدائن !!!
ونسينا البحر .. والموج .. وتهليل السفائن!!!
ونسينا الخيل .. والرمح .. وأسرار الكمائن
* سورة الفتح هجرناها .. وبددنا صداها
وتراءت فى حنايانا أنينا وحنينا
كل أشجار الفتوحات أراها .. عاريات من رؤاها ..
من ثمار المجد ..
فى أوراقها جفت دماء كنت تسقيها شذاها
أيها الفاتح أقبل .. أنت ما زلت فتاها
انزع السيف من الغمد فقد تهنا وتاها !!
وقد حظيت هذه القصيدة بتقدير كثير من المتلقين والنقاد، فالدكتور عبده بدوى الشاعر والناقد المعروف حين قرأها قال إنها من "القصيد السيمفونى"، وفى الشعر الإنجليزى يعد هذا النمط من أبرز التجارب الشعرية تشكيلا فنيا 0
والشاعر الدكتور/ عبدالوهاب فايد نشر قصيدة بمجلة "الأدب الإسلامى" يشيد فيها بهذه القصيدة .. ومنها قوله:
حين خاطبت الفاتح الشهم منا بالقوافى حزينة وطميله
أنت ذكرتنا بأمجاد قوم ضربوا للجهاد يوما طبوله
قبوهم قد أثار فيك شجونا فشدوت الغداة تبكى قبيله
نصروا الله فى الميادين شتى وأعزوا بكل غال سبيله
قد رأيت السيوف فيه نياما بعدما كانت فى الوغى مسلوله
وحين سمعها أحد أبناء جامعة أم القرى فى المحفل الذى ألقيت فيه وهو الأخ/ محمد بخيت الزهرانى انفعل بالموقف وكتب قصيدة تحية لقصيدة "القبو الزجاجى" وأطلق عليها لقب "تاج القصائد" 0
وتوظيف الشخصية التراثية فى تجاربى الشعرية يعد سمة بارزة فى منهجى الفنى ونتاجى الشعرى0
* س2: مجلة الأدب الإسلامى: هل تراها حققت ما تصبو إليه من أهداف؟
* إن مجلة الأدب الإسلامى مشروع طموح لإعادة نبض الحضارة الإسلامية إلى الكلمة العربية، وإلى لغات وآداب الشعوب الإسلامية. بعد أن تاه الأدباء المعاصرون فى بوادى الجدب الروحى كما يقول الناقد السعودى د/ عبدالرحمن الشامخ 0
وأرى أن المشهد الثقافى والإبداعى والنقدى فى كثير من ملامحه يعيش على مخلفات الأفكار المستوردة من بيئات تتصادم أعرافها ومعتقداتها ورؤاها مع أعرافنا وتقاليدنا، ومسلماتنا الاعتقادية، ومع ذلك يلهث جل مثقفينا وراء الثياب الثقافية البالية التى عافها أصحابها0
وأقول إن مجلة "الأدب الإسلامى وهى تستعد لإصدار العدد السادس عشر فى سنتها الخامسة قد حققت بعض ما تصبو إليه من أهداف، وهذا إنجاز كبير، فالعقبات كثيرة، والمناخ العام للثقافة العربية المعاصرة يتحدى هذا النغم المنفرد فى إيقاعه النابع من الوجدان الإسلامى نابضا بقيم وخصائص التصور الإسلامى ومقوماته0
وأكبر إنجاز لمجلة الأدب الإسلامى أنها استقطبت عددا من أدباء الشعوب الإسلامية فى ماليزيا وتركيا، وباكستان، والهند، وأفغانسان، وطاجيكستان، وأوزبكستان، والبوسنة والهرسك، ولدى هذه الشعوب الإسلامية آداب راقية تنافس آداب الأمم الغربية التى وقعنا فى قبضتها، ومازلنا أسرى هذه القبضة "الحريرية"!!
وللأسف لا نستطيع الخلاص ، بل يحرص الكثير منا على أن يظل أسير هذا القفص العلمانى المحكم !!!
واقرأ إن شئت كتاب الناقد المنصف د/ الطاهر مكى "الأدب الإسلامى المقارن" وكذلك كتاب : الأدب الشعبى الإسلامى المقارن للدكتور "حسين مجيب المصرى" ؛ وكتاب "رسالة فى الطريق إلى ثقافتنا" وهو مقدمة كتاب "المتنبى" للعلامة "محمود شاكر" يضع النقاط على الحروف فى قضية الصراع الثقافى والحضارى بيننا وبين "الغرب"0
وآمل أن تجد المجلة المؤازرة والتشجيع من الغيورين على رسالة الأدب الإسلامى، والراغبين فى العودة إلى النبض الحقيقى لثقافة أمتنا الإسلامية فهى "خير أمة أخرجت للناس"، وآمل أن تصدر المجلة فى غرة كل شهر عربى حتى يزداد تأثيرها وتتمكن من إبلاغ رسالتها أسوة بغيرها من المجلات الثقافية مثل "الفيصل" و"المجلة العربية"، والمنهل وغيرها من الإصدارات الجادة فى هذا الوطن العزيز الغالى ، مهد الرسالة، وأرض الحضارة، ومهوى الأفئدة من كل حدب وصوب ومن كل فج عميق0
س3: النقد الأدبى ونقد الإبداع يحتاج إليه المبدعون فى تقييم إبداعهم ونتاجهم الأدبى 0
ما موقف الشاعر الدكتور/ صابر عبدالدايم من النقد بشكل عام ومن النقد المجامل بشكل خاص؟
.. إن النقد الأدبى علم له أصوله ومقاييسه ومذاهبه، وقد تتصادم مناهج النقاد، وتتباين فى موقفها من النص الواحد أو من الأديب الواحد، فأصحاب المنهج الاجتماعى قد لا يروقهم ما يستحسنه أصحاب المنهج الفنى ، وهؤلاء وأولئك قد لا يرضى عن أحكامهم أصحاب المنهج النفسى، وقد يرفض هؤلاء "النقاد البنيويون" وأنصار المنهج الألسنى0
وتجربة الإبداع الأدبى بتنوعها وتعددها يقوم النقد بتحليل دوافعها، وتقييم وسائلها، ورصد نتائجها، ويحلل الناقد كل ما يتصل بالإبداع الأدبى من مؤثرات بيئية ونفسية، ودوافع ذاتية ، ومن تفرد فى التشكيلات اللغوية والتصويرية والإيقاعية ، ورصد الجوانب التى أخفق فيها الأديب على مستوى الرؤية ومستوى التشكيل0
وأعتقد أن النقد الذى يسمو على العصبية الطائفية، والانغلاق على معايير جامدة يستطيع أن يصل إلى بغيته فى استكناه جماليات النص الأدبى بعيدا عن التفخيم والتهويل أو تحقير العمل الأدبى وتشويهه0
وأرى أن الرؤية الشمولية الفاحصة للعمل الأدبى هى الطريق الصحيح للنقد الجاد الهادف، وفى ظل هذا المنحى لا يكون العمل النقدى سيلا من المدح أو جبلا من التهم 0
فليس هذا ولا ذاك يدفع بالفن إلى مرقاه المبتغى له، وإنما الأحكام الموضوعية التى يوشيها الحب، والرغبة فى الكشف عن جماليات كل إبداع جديد متطور0
وقد أنجزت أعمالا نقدية متعددة وفق هذه الرؤية الموضوعية وهذا المنهج الشمولى إيمانا منى بأن الأديب الجاد المعاصر هو نتاج التراث الإنسانى كله، وعليه أن يواصل انفتاحه الفكرى على كل التيارات العالمية فى الفن والسياسة والأدب والاجتماع والاقتصاد، وعليه بعد ذلك أن يتخلص من أسر هذه المؤثرات ليصبح قيمة مستقلة لها شأنها وتأثيرها فى عصرها .. وما يتلوه من عصور0
ومن أعمالى النقدية كتاب "التجربة الإبداعية فى ضوء النقد الحديث" ، و"مقالات وبحوث فى الأدب المعاصر" و"الأدب الإسلامى بين النظرية والتطبيق" و"محمود حسن إسماعيل بين الأصالة والمعاصرة"0
وهذه الكتب تنزع إلى "النقد التطبيقى" لأنه الترجمة الحقيقية للتماس الفاعل بين الناقد والمبدع، وأما النقد المجامل فلا قيمة له، لأنه سرعان ما يخبو أواره، وينطفى بريقه، وهناك فرق جوهرى بين المجاملة وبين الشعور بالرضا عن جماليات العمل الأدبى، فإذا كان المبدع جيد النتاج فلابد من الإشادة به، والتنويه بجمالياته، فالنقد ليس تجريحا للمبدع ولا هدما لعمله، وإنما هو فى حقيقته الكشف عن معدن الإبداع الأصيل الخالص من الشوائب؛ وما أرفضه هو تضخيم العمل الإبداعى وإضفاء صفات الريادة والتجاوز والتفرد عليه وهو لم يزل فى طور التكوين والتجريب والبحث عن نافذة فنية صحيحة يطل منها على عالم الإبداع0
س4: هل توقف عطاؤكم الكتابى غير الشعرى بعد الحصول على الأستاذية أم لا ؟ وبماذا تنصح من يتوقف عطاؤه بعد الأستاذية؟
جـ: إن العلم عطاء متواصل، وليست هناك محطات ينتهى عندها طريق العلماء. فالعلم كما يقال "محيط لا ساحل له" واثنان لا يشبعان: طالب العلم، وطالب المال، وكلما توغل الإنسان فى عوالم المعرفة أدرك أنه يجهل الكثير، وصدق الحق عزوجل إذ يقول: وما أوتيتم من العلم إلا قليلا 0
ومن هذا المنطلق فإن الحصول على درجة الأستاذية فى تخصص ما .. يعد البداية الحقيقية للمشوار العلمى الطويل .. وليس النهاية !!!
فالأستاذية بداية المعرفة، وعلى من يحصل على هذه الدرجة أن لا يقع فى شرك خداع الذات فيظن أنه وصل إلى أعلى درجة فى السلم المعرفى، ولكن لابد من مواصلة العطاء وتقديم الجديد المفيد، وإعطاء الثمار العلمية المواكبة لتطور العصر ومنجزاته ، وبعض الأساتذة يضيق به الوقت عن إنجاز الأعمال العلمية فى صورتها التى يرجوها من الجدة والتمحيص والابتكار فيكتفى بفتح الطرق لتلاميذه إلى ارتياد الآفاق العلمية الجادة، ويقوم بتمحيص الأعمال العلمية الأكاديمية لمن يقوم بالإشراف عليهم، ويوجههم إلى المنهج العمى السديد، ويسير بهم خطوة خطوة فى طريق الإنجاز العلمى الجاد، ومن ينجح فى هذا المضمار الشاق من الأساتذة يجد بعده جيلا من الدارسين الجادين، وكأنهم كتب حية تنبض معرفة، وتتنفس علما، وتعطى الحياة والناس ثمار العقل الناضجة، وخلاصة الخبرة المعرفية والتجارب الفكرية الجادة0
وبعد حصولى على الأستاذية عام 1990م ، لم يتوقف عطائى الذى أرجو أن يكون مفيدا، حيث قمت بتأليف كتاب "موسيقى الشعر العربى بين الثبات والتطور" وهو رؤية متطورة للعلاقة بين التجربتين "الشعرية والإيقاعية"، وترتكز هذه الرؤية على معاييرنا التراثية، وطبيعة ثقافتنا، وخصائص لغتنا العربية الإيقاعية 0
وأصدرت كتاب "قصيدة البردة" لكعب بن زهير وهو رؤية نقدية معاصرة لتجربة كعب فى هذه القصيدة التى تمثل نقطة التحول فى حياته0
وحققت ديوان الشيخ "محمد متولى الشعراوى"، مع كتابة دراسة فنية مطولة عن أبعاد التجربة الشعرية فى نتاج "الشعراوى" 0
ومما من الله به على إعداد كتاب عن "الحديث النبوى رؤية فنية وجمالية" وهو دراسة من منظور جمالى فنى للحديث النبوى، ورصد خصائصه الفنية، وكشف عن جماليات الأداء الأسلوبى فى الحديث النبوى، ونشرت كثيرا من المقالات والدراسات فى المجلات الأدبية والثقافية، وأصدرت ديوانين من الشعر أيضا بعد ذلك 0
وصدقنى أيها الصديق .. إننى أشعر بالتقصير وعدم الرضا ـ فما نبذله للعلم قليل قليل ـ، وأعتقد أن كثيرا من زملائى الغيورين على حمى العلم ومكانته يشاركوننى هذا الشعور، وحقيقة نحن لم نشبع ولن نشبع من الغذاء المعرفى، فكيف نشبع غيرنا ،، واثنان لا يشبعان : طالب العلم وطالب المال !!!
س5: ما الذى يمثله شعر الغربة لديكم؟ وكيف تنظرون لهذا اللون الشعرى؟
جـ: الغربة قدرنا.. ومجالنا الذى تتحرك فيه تجاربنا 0
والغربة المكانية وقعها أهون بكثير من الغربة الزمانية والنفسية، والغربة الحضارية، وتجربة الغربة لدى مزيج من غربة المكان، وغربة الزمان، وغربة النفس ، وكلها تشكل معالم الغربة الحضارية، وصدمة الإنسان المعاصر أمام عصر "الروبوت" والعملاق الميكانيكى الرهيب، وطغيان الفكر المادى، وتراجع قيم الحق والخير والعدل والجمال0
وقدر لى أن أبدع أكثر تجاربى وأنا مغترب، وديوانى الأول "نبضات قلبين" بالاشتراك مع الصديق الراحل / عبدالعزيز عبدالدايم، كانت تجاربه ترجمة للغربة الوجدانية فى مراحلها الأولى .. حيث تغلف الرومانسية أغلب التجارب 0
وديوانى "المسافر فى سنبلات الزمن" فيه مواجهة ومقاومة للغربة الحضارية التى يعانيها الوجدان المسلم فى العالم المادى المعاصر، فهو دائما قابض على الجمر0
وديوان "الحلم والسفر والتحول" تجسيد لنزعة الاغتراب الوجودى، وقد أبدعت جل قصائده فى ليبيا ما بين عامى 1976م، 1980م0
وكثير من قصائدى تعزف على وتر الغربة، وبعض العناوين لا ينفصل معجمها عن هذا العالم مثل القصائد الآتية : غريبان ـ الغريب ـ من فتوحات الغربة ـ رسالة من عاشق مغترب ـ المنفى داخل الوطن ـ المسافر 0
وشعر الغربة فى تجربتى لا ينطلق من الإحساس العبثى تجاه الوجود، ولا الإحساس بالضياع فى الحياة، فهذا منطلق "الرومانتيكين" فى تجاربهم، فهم يشعرون بفراغ فى وجودهم لا سبيل لملئه، ويهربون إلى الغاب ومشاهد الطبيعة والعزلة، وخير ما يصور هذا الاغتراب النفسى قول "شاتوبريان"0
كانت عزلتى التامة بين مشاهد الطبيعة سبب استغراقى فى حالة تستعصى على الوصف، فكنت أحس كأنما يسيل فى قلبى ما يشبه جداول من سيول بركانية متأججة، ويعبر الرومانسيون عن الاغتراب الزمانى حيث يقول أحدهم "يا إلهى: ما أعظم اشتياقى إلى تلك اللحظة التى لا يصير الزمن بعدها زمنا"0 ، وهم فى شوقهم للمجهول يرحبون بالموت، ويرون فيه خروجا من حدود الذات وامتزاجا بالعالم0
* وفى أدبنا العربى الحديث يعد أدب المهجر نموذجا لأدب الغربة فى أرقى نماذجه، فالنائى عن الوطن، النازح الدار، البعيد المزار، يحمل على كاهله هموما أثقل على نفسه من الجبال، إنه يتعلق بكل ذرة ضوء فى وطنه، ومن هذه النافذة يخرج ضوء الإبداع، وتنطلق شرارة الفن، فإذا بأصداء الحنين موجات موسيقية تهز الرواسى، وإذا بهذه الموسيقى تصبح ـ حين تقام الحواجز بين الإنسان وبين وطنه ـ رعدا يزلزل كيان المعوقين ، وانفجارا يلتهم غابات الضعف والسدود0
س6: برز على ساحتنا الأدبية الشاعر الدكتور/ صالح الزهرانى، وقد حقق نجاحا ملحوظا من خلال إسهامات عدة فى مناسبات داخلية وخارجية، ما الذى نتوقعه لهذا الشاعر بحكم القاسم المشترك بينكما؟؟
جـ: الشاعر الدكتور/ صالح الزهرانى من الأصوات الشعرية الجادة الموهوبة فى الحركة الشعرية المعاصرة، وهو يدرك تماما وظيفة الشعر، ودور الشاعر فى الحياة، ويعى د/ صالح كيفية تشكيل اللغة الشعرية المعاصرة، ولذلك تتجدد تجاربه من قصيدة لأخرى، وهو مجيد فى "شعر الشطرين" و"شعر التفعيلة" ولديه قدرة فنية بارعة على توظيف التراث فى شعره، وتوظيف الطبيعة بكل مستوياتها0
وسر تفوق الشاعر / صالح الزهرانى .. يكمن فى عدم تمرده على تراثنا الفياض بكل كنوز الإبداع، وعدم انبهاره بالزبد الطافى على وجه الحياة الأدبية، أو الجرى وراء كل مستحدث وافد "غريب الوجه واليد واللسان"0
ولذلك أتوقع له دورا فاعلا فى إثراء الحركة الشعرية فى المملكة العربية السعودية، وأدعو ـ خالصا ـ المنابر الإعلامية ، وفى مقدمتها الأندية الأدبية لإصدار دواوين هذا الشاعر المجيد ، فصوته الشعرى أكثر أصالة والتحاما بالبيئة، وأنقى لغة، وأصفى بيانا، وأعمق رؤية من كثير من الأصوات الشعرية التى تملأ الساحة صخبا وضجيجا!!!
س7: الغموض فى القصيدة الجديدة .. كيف يمكن أن يستثمر ويستفاد منه؟
جـ: إن الغموض فى القصيدة الحديثة ليس غاية، ولكنه وسيلة، أو هو صياغة جديدة، وتراكيب جديدة ، وأخيلة غير مألوفة ، وقد شاع بين المحدثين مصطلح "الغموض الماسى"، وهو "الغموض المشع المبين، وليس ذلك الغموض القاتم المستغلق، فالعمل الشعرى إذا ظل مستغلقا على الأفهام فهو أقرب إلى الأحاجى والألغاز، وهو ضرب من العبث اللغوى0
ويمكن أن تتعدد الطرق الفنية لتقديم التجارب الشعرية عبر وسائل إيحائية، ومن هذه الطرق التى يلجأ إليها كثير من الشعراء لتقديم رؤاهم، والبعد عن الغموض المستغلق0
أ - اسيتحاء التراث الإنسانى وخاصة "التراث العربى والإسلامى" فى محاولة لإضاءة الواقع، والالتحام به بما فى التراث من لحظات التنوير والكشف والنبوءة0
ب - الاتكاء على الأسطورة، والقصص الشعبى فى تشكيل بعض التجارب0
جـ - الرمز اللغوى: حيث تتحول المفردات اللغوية فى تشكيلها الفنى للنص إلى كائنات حية تتعامل من خلال إيحاءات نفسية واجتماعية ووجدانية مشعة بنبض الواقع، وطموح الغد، وبريق الأمل0
وقارئ الشعر الواعى تتحول لديه القصيدة "الحديثة" إلى تشكيل لنفسيته، فيفسرها حسب مزاجه النفسى ومناخه الثقافى، وتطلعاته الفكرية، فالقصيدة الجيدة ذات الغموض الماسى هى التى تكشف عن هوية قارئها، وتفسر نفسيته 0
وأما أصحاب "الخزعبلات الشعرية" الذين حولوا "العالم الشعرى" إلى "سيرك" يلعب فيه أصحابه بالحروف ألعابا بهلوانية، فقد شوهوا صورة الشعر العربى شكلا ومضمونا، وأساليب وصورا ورؤى، فأصبحت القصائد لديهم خزعبلات أسلوبية، وألاعيب بهلوانية أشبه بعالم السيرك، فليس فى قصائد هؤلاء ما يشد المتلقى سوى الشذوذ اللغوى، والتناقض الأسلوبى، والمعاظلة فى الكلام ، والابتذال الشعورى، والانحراف الأخلاقى، والاستهانة بالمقدسات 0
ويرى "رجاء النقاش" الناقد المعروف أن ما يكتبه هؤلاء جنس ثالث ، ليس شعرا ولا نثرا !!!!!
وأصحاب موجة "الجراد الشعرى" يشوهون صورة القصيدة العربية، ويحطمون رسالة الشاعر، فهم ينطلقون كالجراد المنتشر متمردين على كل القيم الاجتماعية والأخلاقية، وينزعون ـ كما يقولون ـ إلى تحطيم كل الأنماط والقوالب الجاهزة0
وإننى أتفق تماما مع الأخ الناقد د/ سعد البازعى فى وصفه لهذه الموجة الجرادية حيث يقول: إنها حركة قلقة مضطربة القيم، وإنها لن تختلف عن غيرها من الحركات "المتطرفة" التى تعبر أجواء الثقافات ثم تتوارى ويضعف الاهتمام بها !!!
س8: الرمز وشعر التفعيلة: يلاحظ على شاعرنا الدكتور/ صابر استخدامهما فما هى وجهة النظر فى هذا النوع؟
يخطئ الكثيرون من المعايشين لحركة الشعر المعاصر حين يذهبون إلى أن الرمز لا يكون إلا من خلال "شعر التفعيلة" أو "الشعر المنثور" أعنى ما يسمى بقصيدة "النثر" تجاوزا، وهذا الوهم ناشىء من قناعة البعض بأن الشعر المقفى لا يكون إلا "مباشرا تقريريا" وخاليا من الإيحاء، وبالتالى يطل بمنأى عن "الرمز الشعرى"0
والواقع الفنى والشعرى يأبى ذلك، فشعراء المهجر وفى مقدمتهم "جبران خليل جبران، وإيليا أبوماضى، وميخائيل نعيمة، لهم تجارب كثيرة رامزة فى قالب الشعر المقفى، و"سعيد عقل" كان شعره ينزع إلى الرمزية الجمالية الخالصة وهو فى القالب التراثى ، وزنا وقافية، و"بشر فارس" كانت رمزيته ميتافيزيقية أو رمزية ما وراء الواقع، وشعره موزون مقفى، وكذلك الشاعر صلاح لبكى0
ورمزية التعبير تتجلى فى بعض تجارب "حسن كامل الصيرفى" وفى شعر "محمود حسن إسماعيل" و"عمر أبىريشة" وأمين نخلة، وهؤلاء الشعراء يصوغون أشعارهم فى قالب الشعر الموزون المقفى0
ومن خلال تجربتى فى هذا الاتجاه أرى أن المنحى الرمزى فى الشعر أعمق رؤية، وأقرب إلى روح الشعر الحقيقى إذا نجت القصيدة من الضبابية والغموض الداكن0
والإجابة عن السؤال السابق بها مزيد من الإيضاح والتفصيل0
وعلى المستوى الإبداعى فأكثر تجاربى تنزع إلى الرمز فى الشعر المقفى وشعر التفعيلة0
ومن الشعر المقفى القصائد الآتية شواهد على هذا المنحى : الظمآن ـ ملامح من تاريخ شجرة ـ الغروب ـ رمل السماء ـ سباق ـ الظل المضيىء ـ إيقاعات غير منتظمة" 0
وأما شعر "التفعيلة" فالرمز يقدم من خلال توظيف الشخصيات التراثية وهى تعد أحد مصادر تشكيل الرمز فى الشعر العربى المعاصر، وفى ظلال هذا الرمز ترتقى الصورة الحسية من كينونتها المادية التاريخية إلى صورتها الفنية حيث تصبح بؤرة لإشعاعات فنية لا تحد كما يقول د/ محمد فتوح0
وتوظيف النصوص والشخصيات الدينية فى الشعر يعد من أنجح الوسائل وذلك لخاصية جوهرية فى هذه النصوص والشخصيات التراثية تلتقى مع طبيعة الشعر نفسه، وهى أنها مما ينزع الذهن البشرى لحفظه ومداومة تذكره، فلا تكاد ذاكرة الإنسان فى كل العصور تحرص على الإمساك بنص إلا إذا كان دينيا أو شعريا ، كما يذهب إلى ذلك د/ صلاح فضل فى رصده لظاهرة توظيف التراث فى الشعر المعاصر0
وتجاربى فى هذا الإطار متعددة ونابعة من رؤية إسلامية للواقع، ومن هذه التجارب "إيقاع الزمن القادم"، "إشراقات من سفر التكوين والنبوءة ـ أمير الفقراء/ عمر بن عبدالعزيز ـ القبو الزجاجى/ رسالة إلى محمد الفاتح ـ أسماء: الثورة والعطاء والتحدى ـ مشاهد من ملحمة العشق والبطولة 0
س9: الأدب السعودى: كيف تنظرون إليه بشكل عام، وأين يقع هذا الأدب من خارطة الأدب العربى؟
إن التأثر والتأثير قائم بين الآداب الإنسانية كلها .. طيلة مراحل التاريخ المتعاقبة على اختلاف اللغات، ومنازع الشعوب، وتباين الحضارات0
والأدب السعودى المعاصر غصن مثمر فى شجرة الأدب العربى الحديث، وهو فى ملامح تطوره، واتجاهاته وخصائصه وميادينه يعد مكونا أساسيا من مكونات النهضة الأدبية المعاصرة، وعلى دارسى الأدب فى الجزيرة العربية أن لا يغفلوا ارتباط هذا الأدب بالجذور التراثية العربية فى عصور ازدهارها بدءا من ريادة الشعر العربى فى عصر ما قبل الإسلام "العصر الجاهلى" ثم ما تلاه بعد ذلك من عصور أدبية ولغوية بذل فيها علماء اللغة ورواة الشعر والنقاد ومؤرخو الأدب جهودا مضنية فى الحفاظ على اللسان العربى المبين: بنية وضبطا وتراكيب، وأساليب فنية متجددة فى إطار البيان العربى الدال المفيد0
والأدب السعودى لا ينفصل عن هذه الجذور الذهبية، وهو مع ذلك يواكب التيارات الجديدة فى عالم الإبداع وعالم النقد، ولكن آمل أن تظل هذه المواكبة راشدة فى استقبالها للموجات الحديثة الوافدة، فليست جميع الأنماط والقيم الأدبية الوافدة تتناسب مع بيئتنا العربية الإسلامية المحافظة على هويتها ومعالمها وقيمها الثابتة الأصيلة0
س10: ماذا تقول لهؤلاء د/ محمد بن مريسى الحارثى ، د/عبدالله باقازى، د/ راشد الراجح :
د/ محمد بن مريسى الحارثى:
أيها الصديق الصدوق: عرفتك إنسانا وفيا، وشهما أبيا، إننى أرصد خطواتك الجادة فى تأصيل المفردات النقدية والتراثية، وإعادتها إلى نبض الحركة النقدية المعاصرة، وآمل أن تفسح لك "الجزيرة مساحة أكبر رحابة ليتسع المجال أمامك للتطبيق على النصوص الإبداعية "القديمة والمحدثة" 0
أعانك الله يا أبا مشهور، ووفقك إلى المزيد من تأصيل معالم النقد الأدبى عند العرب، وهل من جديد بعد كتابيك الجادين : "عمود الشعر العربى" و"الاتجاه الأخلاقى فى النقد العربى" 0
د/ عبدالله باقازى :
أخى القاص المبدع: لقد عشت معكم فى دراساتكم عن شعر "أسامة بن منقذ، وعبدالقدوس الأنصارى، والمتنبى، وضياء الدين رجب" وأفدت منها 0
وعايشت معكم تجاربكم القصصية فى "القمر والتشريح" و"الموت والابتسام" و"الزمردة الخضراء" و"الخوف والنهر" 0
وآمل أن لا تأخذكم الإدارة ومشاغلها اليومية من الإبداع الجميل، فهل تستقبل الحياة الأدبية عملكم القصصى الجديد .. قريبا؟؟ أم سيطول الانتظار ؟!!!
د/ راشد الراجح:
معالى الأخ الكريم الراشد : أ.د/ راشد الراجح . إننى يغمرنى التفاؤل، ويتملكنى الحبور حين تستقبلنا هاشا باشا مبتسما فى أصالة عربية ، وحفاوة وأريجية0
ونادى مكة فى ظل هذه الحفاوة يفتح أبوابه للجميع، وتتنوع موائده الفكرية والإبداعية ، وفقكم الله للخير دائما، ولكل ما يحبب أبناء الأمة فى لغة القرآن الكريم والأدب العربى الأصيل 0
وآمل فى ظل رعايتكم الراشدة أن تواكب مجلة "البلد الأمين" مسيرة الحركة الأدبية والعلمية، والإبداعية، وأن يطلع عليها أبناء جامعة أم القرى، وطلاب الجامعات الأخرى، حتى يرتبط الشباب بنيض الثقافة العربية الإسلامية الخالصة من الشوائب، والأفكار المستوردة0
د. حسين علي محمد
21-08-2006, 01:31 PM
حوار مجلة الأدب الإسلامي مع د . صابر عبد الدايم
.................................................. ..........................
د . صابر عبدالدايم في سطور - ولد في محافظة الشرقية بمصر 1948م . - دكتوراه في الأدب والنقد من جامعة الأزهر بالقاهرة 1981م . - عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية ، وعضو اتحاد الكتاب بمصر ، وجمعية الإبداع الأدبي بالشرقية. - عضو هيئة تحرير مجلة الثقافة الجديدة ، ومجلة أوراق ثقافية ، ومجلة أصوات معاصرة. - عضو هيئة التدريس في جامعة أم القرى، وجامعة الأزهر بالزقازيق ، وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. - شارك في عشرات الندوات الأدبية والنقدية والمهرجانات الشعرية داخل مصر وخارجها. - ناقش كثيرا من الرسائل الجامعية في جامعات الأزهر ، والزقازيق ، وأم القرى ، و محمد بن سعود الإسلامية ، والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ، وغيرها . - شارك في البرامج الإذاعية الأدبية والدينية في عدة إذاعات مصرية . - أصدر ثمانية دواوين شعرية منها:مسافر في سنبلات الزمن ، ومدائن الفجر ، والمرايا وزهرة النار. - أصدر ثمانية عشر كتابا أدبيا ونقديا ، وله عدة كتب تحت الطبع. - أعدت عنه رسالة ماجستير في كلية اللغة العربية بالمنصورة، ورسالة دكتوراه في الأدب الإسلامي المقارن في الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا. الشاعر والناقد د . صابر عبد الدايم : الأدب الإسلامي ماضٍ في طريقه والحرية المطلقة فوضى في حركة الحياة. يعد د . صابر عبدالدايم من الأدباء الذين جمعوا بين الالتزام الإسلامي والإبداع الفني المتألق بدواوينه التي ضمت مزايا الأصالة إلى جاذبية الجديد ، وهو مع ذلك ناقد وأستاذ جامعي ، التقته مجلة «الأدب الإسلامي» في هذا الحوار : ٭ تباينت الرؤى حول وظيفة الشاعر في الحياة.. فهل لنا أن نتعرف على رؤيتكم لهذه الوظيفة؟ إن الشاعر بذرة في حقل الحياة.. يستمد حياته من خصوبتها ويكسبها ثراء ومتعة وجمالا حين يتفاعل مع معطياتها ومكوناتها... وينحت مفرداته من أعصابها وشرايينها... فطبيعة الأدب ووظيفته غير منفصلين كما يقول النقاد. فلا قيمة للشيء بدون ما يعطيه في الحياة وإلا أصبح ترفا يمكن أن يستغنى عنه.. وقديما قال هوراس: إن الشعر عذب ومفيد، والعذوبة في الشعر ثمرتها الإمتاع، والإفادة ثمرتها أن تكون للشعر رسالة تضيء الوجدان الإنساني، وتثري آفاق النفس، وتفتح أمامها صفحة الوجود الكوني... والتصور الإيماني لمكونات هذا الوجود... فالشعر في تصوري تأمل ونفاذ إلى عمق الأشياء عبر رؤية حضارية إسلامية واقعية. وتباين الآراء حول وظيفة الشعر في الحياة يوحي بقيمة هذاالفن الراقي، وهو ديوان العرب، وكل أمة تفخر بشعرائها وأدبائها،ولها منظور خاص في رؤيتها لدور الشعر في الحياة. وكثيرمن النقاد يرون أن الأدب - وفي مقدمته الشعر - ذو وظيفة أخلاقية، وفسروا اتجاه «هوميروس» إلى كتابة «الإلياذة» بأنه كان اتجاها أخلاقيا تهذيبيا، وفي مقدمة هؤلاء النقاد الفلاسفة «هيجل». و «مايثو أرنولد» كان يدعو إلى أن يكون للأدب وظيفة خلقية. والمؤرخون يعدون الشعر وظيفة اجتماعية. والآراء السابقة في مجملها تتصادم مع مقولة: الفن للفن، فهذا تصور يلغي دور الشعر ورسالته في الحياة. وحين نرى أن الشعر ينبع من التصور الحضاري والإسلامي للحياة فهل ترانا متكلفين أم نصطنع الالتزام؟! والتراث الإنساني في تياره الأقوى يربط الشعر بالحياة وجماليات الوجود. ٭ في تصوركم ما علاقة الشاعر بالناقد؟ وهل هذه العلاقة اختلفت عبر العصور؟ وإلى أي مدى تخدم هذه العلاقة العمل الأدبي؟ الشاعر والناقد توأمان لا عدوان، الشاعر يبتكر والناقد يكشف عن جوانب العبقرية في ابتكارات الشاعر، الشاعر يرتاد المجاهل.. ويؤلف بين الأضداد، ويصطاد الأخيلة... والناقد يبدع النص الشعري مرة أخرى ليس عن طريق الوجدان ولكن عن طريق العقل والعلم والحقائق والحيدة والموضوعية. وهذه العلاقة التي يحكمها مناخ صحي تتكئ على مصداقية الناقد وأصالة المبدع فالناقد الحقيقي يوجد في أعماقه أديب كامن، والشاعر الناضج هو الناقد الأول لنصه الإبداعي. أما الممارسات التي تفسد العلاقة بين المبدع والمتلقي فتكمن في نزوع الناقد أحيانا إلى مجاملة المبدع، أو التحقير لجهده الإبداعي بدافع الشللية أو العصبية المذهبية أو التناحر الشخصي، فلا بد من الموضوعية والإخلاص في النقد والفن، فليس في الفن مجاملة، فالصدق والإخلاص هما رائدا الفنان الحقيقي، وعلى الناقد أن يضعهما أمام بصيرته وهو يحلل ويناقش ويحكم. ومع الرؤية الشمولية للعمل الأدبي، يجب أن لا يكون النقد سيلا من المدح، أو جبلا من التهم، فليس هذا ولا ذاك مما يدفع بالفن إلى مرقاه المبتغى له، وإنما الأحكام الموضوعية التي يوشيها الحب والرغبة في الكشف عن كل إبداع جديد ورائد. ٭ ما الأدوات التي يجب أن يتسلح بها الناقد قبل شروعه في تناول العمل الأدبي؟ الناقد البصير الخبير مثل الصيرفي..، الذي يتعرف على الذهب الخالص ويرفض المعدن الزائف، وهكذا قال القدامى فالعمل الإبداعي قطعة من الذهب الخام يحتاج إلى من يكشف جمالياته وينفي عنه ما شابه من أخلاط وعناصر فاسدة. وهذه مهمة الناقد (تمييز الجيد من الرديء ). وتلك مسؤولية جسيمة لا يستطيع القيام بها إلا من أوتي معرفة شمولية وذوقا أدبيا فطريا، فالنقد موهبة وثقافة، فليس كل عالم بالأدب ناقدا. والناقد الحق عليه أن يتزود بأسلحة كثيرة للدفاع عن القيمة الأدبية والإنسانية والجمالية الكامنة في النص، ومن هذه الأسلحة: (أ) إتقان علوم اللغة وهضمها من نحو وصرف وعروض وأصول اللغة وفقه اللغة.. وذلك بدراسة التراث اللغوي دراسة جيدة. (ب) تمثل مسيرة الحركة الأدبية عبر العصور المختلفة تمثلا جيدا، والوقوف على ملامح كل عصر، والوقوف على سمات التطور من عصر إلى آخر. (جـ) التعرف على خصائص الشعراء وأدواتهم الفنية، واكتشاف أسرار التفوق الشعري لدى كبار الشعراء في العصور المتعاقبة. (د) هضم علوم البلاغة العربية القديمة والانطلاق منها إلى آفاق المعايير النقدية الحديثة. (هـ) التعرف على التراث الإنساني، ودراسة ظواهر التأثير والتأثر بين الآداب العالمية. (و) إتقان الخصائص الصوتية واللسانية الدالة على عبقرية لغتنا العربية الجميلة، لغة القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف. (ز) الوقوف على أحدث المنجزات النقدية في فنون الأدب المتعددة من شعر وقصة ورواية ومسرح ومقالة وخاطرة وسيرة أدبية. (ح) الخبرة المعرفية والتذوقية بجماليات الفنون التعبيرية الأخرى من رسم وموسيقى وتصوير ونحت. والنقد بعد هذا وقبل ذاك يتكئ على الثقافة الشاملة وعلى الخبرة والدربة والتذوق والموهبة والحيدة والموضوعية. ٭ سبق أن قلتم : إن الأدباء الإسلاميين يضحون بالفني في سبيل المضمون. فما معنى هذا؟ وهل أنتم غير راضين عن النتاج الأدبي الإسلامي الحالي؟ إنني قلت في الحوار الذي أجرته معي مجلة (الجيل ):«إن بعض الأدباء الإسلاميين يضحون بالفني في سبيل المضمون» فالحكم ليس عاما، ولكن قلت: البعض وليس الكل، والحقيقة أن هناك كثيرا من المبدعين الملتزمين بالتصور الإسلامي على درجة عالية من المستوى الفني.. والجودة الأدائية في شعرهم وفي قصصهم ورواياتهم ومنهم على سبيل المثال: نجيب الكيلاني، محمد بنعمارة، حسن الأمراني، حسين على محمد، جميل عبدالرحمن، عبدالله شرف، أحمد فضل شبلول، أحمد مبارك، عبدالرحمن العشماوي، وصالح الزهراني... وغيرهم. وهذا يعني أن النتاج الأدبي الإسلامي ماض في طريقه الجيد في ظلال رؤية أدبية إسلامية نابعة من خصائص التصور الإسلامي. ٭ كيف ترى الخلاف الناشئ الآن حول مصطلح الأدب الإسلامي، ورفض بعض الأدباء والنقاد له، ألا ترى لهذا الخلاف نهاية؟ إن الخلاف حول مصطلح الأدب الإسلامي.. نشأ منذ أن تكونت رابطة الأدب الإسلامي العالمية في عام 1984م: أي منذ أكثر من عشرين عاما.. والذين يعارضون مصطلح الأدب الإسلامي فريقان: الفريق الأول: تنبع معارضته من موقف لا يتصادم مع مبادئ الرابطة، ولا يسعى هذا الموقف إلى إلغاء جهود الرواد المخلصين في هذا المجال الحضاري المضيء وهذاالفريق يمثله بعض المتخصصين في علم البلاغة العربية والنقد، والدراسات اللغوية والتراثية والحديثة. وأصحاب هذا الموقف علماء أجلاء.. ولا ينادون بإلغاء المصطلح، ولا يحاربونه ولا يعارضون الجهود الكريمة المبذولة في ترسيخ دعائم هذا المنهج الإسلامي القويم، ومن أبرز الذين عرضوا للقضية عرضا منهجيا علميا محايدا الناقد الدكتور الطاهر مكي، وقد أقر في كتاب كامل له بوجود مصطلح الأدب الإسلامي وهو كتاب (مقدمة في الأدب الإسلامي المقارن). وأضع أمام كل من لديه شبهة أو سحابة من القلق رؤية عالم متخصص في النقد الأدبي والأدب المقارن، يقول د. الطاهر مكي: «الإسلام دين شامل له موقف من كل قضايا الحياة، ومع الزمن نمت ثقافته وتضخمت إلى جانب العلوم الدينية الخالصة تنصح الراعي وتوجهه، وتوقظ الرعية وتهديها، فنشأ من ذلك أدب إسلامي المحتوى يأخذ في كل بيئة لونا، ويكتسب مع كل حضارة زيا، ويتشكل في كل عصر بما يلائمه، ودعامته الأولى الصدق بجانبيه الواقعي والفني». وأما الفريق الآخر.. الذي يعارض المصطلح.. ويتهم أعضاء الرابطة وكل المنتمين للمنهج الإسلامي بالسطحية.. والعصبية، والفقرالإبداعي، والفكرالتبعي السلفي، وعدم مواكبة التيارات العالمية، وعدم الذوبان في وهج الحداثات المتلاحقة، فهؤلاء ينبع موقفهم من عدم فهم المصطلح، وهذا الموقف لم ينشأ من قصور في الإدراك، أوجهل بقيمة الإبداع، ولكنه نشأ من طبيعة التفكير.. والتكوين الثقافي، والمؤثرات العالمية الغازية الوافدة. أقول: إن القطيعة بيننا وبين مصادر ثقافتنا العربية وتراثنا الإسلامي النابض المشرق المتوهج.. كانت من أكبر الدوافع التي جعلت كثيرا من الأدباء والمبدعين المحدثين يعارضون مصطلح الأدب الإسلامي، لأن الرؤية ما زالت أمامهم غائمة، وتراكمات المذاهب والمناهج الغربية لا تترك ولو خيطا ضئيلا أو بصيصا من النور الذي يتعرف من خلاله هؤلاء على أبعاد الاتجاه الإسلامي في الأدب.. وكل نواحي المعرفة. وأريد أن أطمئن كل من يعارض مصطلح الأدب الإسلامي أو قيام رابطة الأدب الإسلامي، فأقول: لا يوجد أديب عربي مسلم وأديب من الشعوب الإسلامية الناطقة بغير العربية يتهم الآخر بالكفر، أو يقول: من ليس عضوا في الرابطة فهو غير مسلم، هذا وهم.. وخيال، ومعول من معاول الهدم.. وكل أديب أيا كان توجهه مسؤول عن كلمته وعن توجهاته، والأدب في ظل الإسلام لا يعارض أي نتاج إبداعي متفوق متجدد لا يتصادم مع ثوابت الفكر الإسلامي.. وتصوراته. وأرى أن هذا الخلاف مستمر وليس له نهاية، ولكن على كل أصحاب الرؤى الدائرة في ذلك التصور الإسلامي أن يجودوا إنتاجهم الفني.. وأن يخلصوا لإبداعهم.. وأن يطلعوا على كل التيارات العالمية الحديثة.. وأن يتحاوروا معها.. وأن يستضيؤوا بالتجارب الرائدة العالمية التي لا تتصادم مع أبعاد الرؤية الإسلامية، لأن الاختلاف سنة الله في خلقه. ٭ يرى بعض النقاد أن مصطلح الأدب الإسلامي يحد من إبداع الكاتب وحريته لحتمية الالتزام المطلوب منه، فهل عانيت من هذه المشكلة بصفتك شاعرا إسلاميا ؟ إن الحرية المطلقة ما هي إلا فوضى في حركة الحياة، وكل نشاط إنساني تحكمه مبادئ وقوانين، والمذاهب الأدبية متعددة، ولكل مذهب مبادئه وفضاءاته، ومن ينتمي إلى مدرسة أو مذهب نقدي ويتحرك في دائرته يوصف بأنه منتم ومنهجي، لأنه ينطلق من مبادئ ومعالم وقواعد وتصورات يتبناها، ولا يشعر بأي قيد وهو ملتزم بأصول هذا المنهج الفكري أو السياسي أو الأدبي أوالنقدي. ومن ينتمي إلى رابطة الأدب الإسلامي العالمية، ويحلق بجناحين من يقين وإباء في فضاءات الأدب الإسلامي، فهو لا يشعر بالقيود، ولكنه يشعر بحرية الشعور وحرية الذات لأنه ليس أسير حدود جغرافيا، ولا أسير تصورات اجتماعية ضيقة، ولكنه يخاطب النفس السوية المسلمة في كل مكان، لأن الإسلام دين البشرية كلها، والخطاب الأدبي في ظل القيم الإسلامية خطاب عالمي في منهجه وتصوره. وأرى أن الأديب المسلم في كل مكان على وجه المعمورة باستطاعته أن يجدد تجاربه، وأن ينوع أشكاله التعبيرية في الشعر والقصة والمسرح والرواية والمقالة والخاطرة والآبدة، وفن السيرة الذاتية والغيرية، وغير ذلك من فنون القول الشعري والنثري. وحول تجربتي مع الالتزام بالمصطلح أقول : لقد نشأت نشأة محافظة في ظل والد متدين، وحفظت القرآن الكريم في سن العاشرة، وطالعت كثيرا من كتب التفسير والفقه وأنا في المرحلة الإعدادية، ولذلك حينما تفجرت ملكة الشعر لديّ لم أشعر بأي قيد يحد تجربتي، لأنني في كل تجاربي الشعرية لا أقدم إلا الرؤية الشعرية التي لا تتصادم مع رؤى الإسلام ومواقفه من الكون والإنسان والحياة، وأراجع ما أكتبه من حين لآخر مراجعة فنية ورؤيوية. ولي تجارب كثيرة في الشعر الوجداني والتأملي، وتجارب كثيرة أستوحي فيها التراث الإسلامي بكل معطياته رموزا وأشخاصا ومبادئ وأفكارا ورؤى حضارية وأماكن تعبق بالمجد والحضارة. ولغتي الشعرية تواكب الجديد في عالم القصيدة الحديثة، ولديّ قصائد كثيرة يمكن قراءتها قراءات متعددة، وأرى أن القصيدة الجديدة الحديثة تتعدد أبوابها بتعدد قرائها، والرؤية الإسلامية لا تحد ذلك، ولا تقيد النص الجيد، السابح في مدارات الإبداع. ودواويني بها كثير من القصائد الرمزية، التي توظف التاريخ وتستوحي التراث،ومن هذه الدواوين ديوان العاشق والنهر ، وديوان نبضات قلبين ، وديوان الحلم والسفر والتحول. وكثير من الشعراء الذين ينتمون لتيار الأدب الإسلامي، لديهم هذاالتوجه الفني في نتاجهم الشعري. ٭ ما تصورك لمعالم النقد الأدبي الإسلامي؟ إن النقد الأدبي يرصد الإبداع من زاويتين: هما«الرؤية والبناء»، أو«المضمون والشكل». والبناء الفني لأي عمل أدبي في أدبنا العربي له أصوله وقواعده التي استقرت في تراثنا النقدي، وفي معالم المناهج النقدية الحديثة، وخاصة المنهج الفني، فللشعر لغته التصويرية الإيحائية، وتحليل لغة الشعر والنثر الفني يتكئ على ميراث نقدي ضخم في علوم البلاغة العربية، وفي جهود النقاد العرب القدامى والمحدثين. وكذلك مكونات البناء القصصي والمسرحي والروائي، معروفة وقابلة للتجدد والتطور، والنقد الأدبي الإسلامي لا يلغي كل هذه الجهود في تنمية الرصيد النقدي في الإبداع العربي، وهو يضيف إلى ذلك ضرورة إظهار جماليات التجارب الأدبية التي قدمها أصحابها في لغات أخرى مثل لغات الشعوب الإسلامية، لأن لكل بيئة صورا وخيالات ورؤى وأساليب في كل الفنون الأدبية، وكتاب (مقدمة في الأدب الإسلامي المقارن) يفتح آفاق هذا الاتجاه. والذي يتميز به النقد الأدبي الإسلامي هو تحليل الرؤى والمضامين الإسلامية، والتنبيه إلى أصالتها وجديتها وجمالياتها من خلال التحليل اللغوي، والكشف عن أسرار التعبير والوصول إلى المضامين عبر صوتيات اللغة، وإيقاعات الحروف والكلمات والأساليب، وأرى أن المداخل إلى النص الأدبي الإسلامي تتمثل في الآتي: أولا: الوقوف على مظاهر التأثر بالبيان القرآني والبيان النبوي في النص والشواهد على ذلك، وأرى أن التأثر يتخذ محاور عدة منها: ١ - التأثر الكلي الشمولي، وهو تأثر إيجابي يتمثل الرؤية والأداة. ٢ - التأثر الأدائي الشكلي، وهو تأثر بالشكل والأدوات الفنية فقط. ٣ - التأثر السلبي المضاد، وهو تأثر مرفوض وغير مقبول. ويتعمد أصحاب هذا الاتجاه تشويه صورة التأثر بالبيان القرآني والبيان النبوي. وفي كتاب (الأدب الإسلامي بين النظرية والتطبيق) لكاتب هذه السطور وكتاب (القرآن ونظرية الفن) للدكتور حسين علي محمد، تأصيل لهذه المحاور وغيرها من مكونات العمل في ظل المنهج الإسلامي. ثانيا: توظيف التراث في النص الأدبي الشعري وغيره: ولهذا المعلم من معالم النقد الأدبي محاور كثيرة، وفي مقدمتها: ١ - الشخصيات الإسلامية بكل أبعادها وموحياتها في جميع العصور، والنقد الأدبي الإسلامي يضع الشخصية في إطارها المضيء أو الواقعي الذي لا يشوه الصورة الحقيقية. ٢ - التعرف على عبقرية الأمكنة الإسلامية وأثرها في تشكيل التجارب الأدبية. ٣ - البحث عن التجارب التي تستدعي معالم الحضارة الإسلامية ومكوناتها، وتسافر إليها لكي تبعث الحاضر حتى ينهض من عثراته. ثالثا: استجلاء مظاهر الطبيعة الكونية، والطبيعة الحية، والطبيعة الجامدة ، والكشف عن جماليات النصوص التي تخوض التجارب التأملية العميقة منطلقة من رؤية إيمانية تنأى عن الشك، وأطياف اليأس، وتنعم باليقين. رابعا: تحليل الأساليب في ضوء نظرية النظم التي أبدعها الإمام عبدالقاهر الجرجاني في كتابيه«دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة»، وهما كتابان جليلان يجب أن يقرأهما ويتمثلهما كل أديب مسلم، وكل ناقد يحترم تراثه، ويدافع عن منهجه الإسلامي، وعن تراثه العربي. خامسا: تحليل صوتيات الكلمات وإيقاعاتها، والأساليب في التجارب الشعرية والنثرية، في ضوء ما وصل إليه علماء الصوتيات وفقه اللغة، والمشتغلون بالعروض، في ضوء العناصر التراثية، وفي ضوء خصائص الحروف، وعلم التجويد. وقد شاركت في هذه الجهود المتتابعة، وقدمت عدة كتب نقدية وأدبية تنزع إلى استجلاء أثرالإسلام في النص الأدبي، ومنها:«الأدب الإسلامي بين النظرية والتطبيق»، و«من القيم الإسلامية في الأدب العربي»، و«تاج المدائح النبوية.. شرح قصيدة البردة لكعب بن زهير»، و«الشعر الأموي في ظل السياسة والعقيدة»، و«الحديث النبوي - رؤية فنية جمالية»، و«الإمام محمد متولي الشعراوي، شاعر الدعاة وداعية الشعراء».
د. حسين علي محمد
21-08-2006, 01:32 PM
حول منابع التجديد الشعرى والنقدى..وآفاق الأدب الإسلامى
حوار: أ. د. حسين على محمد
...........................................
أنت أحد شعراء الموجة الجديدة، فما رأيك فيما يصدر عن أبناء جيلك؟
قضية الأجيال الأدبية ما زالت غير محددة إلى الآن، وإنما هناك مدارس أدبية واتجاهات شعرية تظهر فى فترات متقاربة أو متباعدة، وقد يمتد تأثير إحدى هذه المدارس عدة أجيال، وذلك بما تملك من أصالة ومعاصرة. وأما عن إبداع أبناء هذا الجيل وبخاصة فى مجال الشعر فإن هناك أصواتا متميزة ولها إيقاعها الخاص ، وعالمها الشعرى المتفرد. وأرى أن الأكثرية مازالت متخبطة ولا تقف على أرض بكر متسلحة بالتراث العربى والإسلامى منفتحة على التراث الإنسانى، بل حصرت نفسها فى التعبير عن الرفض السياسى حينا ، والتصارع مع الواقع أحيانا، والشعور بالإحباط والهزيمة النفسية، وقد أدى هذا بهم إلى البعد عن تعمق تجاربهم 0
ومن الأعمال الجيدة التى يعد أصحابها بعطاء جيد خصيب ديوان "شجرة الحلم" للشاعر حسين على محمد و"رحلة آدم" للشاعر محمد سعد بيومى، و"لماذا يحولون بينى وبينك للشاعر جميل محمود عبدالرحمن، و"العروس الشاردة" للشاعر عبدالله السيد شرف0
* ما موقفك من الأجيال السابقة، وما علاقتك بالشعراء المبدعين فى مصر عموما؟ وما تقويمك لتيار الشعر الحر؟
* شعر التفعيلة ـ أو الشعر الحر ـ مازال فى فترة التكوين لم يفرض نفسه بعد بصورة نهائية ومرد ذلك إلى موقف الشعراء الجدد من الشعر الموزون المقفى فقد ناصبوه العداء وتهكموا من مبدعيه المعاصرين لهم، فأصبحوا رافضين ومرفوضين معا، وأرى أن الشعر الحر لم ينشأ على يدى صلاح عبدالصبور أو أحمد عبدالمعطى حجازى بل يعد أول من أبدعه الشاعر محمود حسن إسماعيل وعلى أحمد باكثير فى مصر، وأمين الريحانى وجبران فى المهجر الأمريكى تأثرا منهم بوالت ويتمان ، وقد وقع أصحاب الشعر الحر فى الشرك السياسى وجاءت قصائدهم أو دواوينهم من قبيل أدب التحريض، وكانت مثل هتافات المظاهرات تأثرا منهم بالأدب الثورى الذى ظهر فى فرنسا عقب قيام الثورة الفرنسية وكذلك تأسيا بالأدب الروسى وفى مقدمتهم أحمد عبدالمعطى حجازى وتبعه الشاعر أمل دنقل وكثيرون غيره. وجاءت أغلب تلك الأعمال الشعرية مفككة بدعوى أن الشعر فوضى منظمة وقلب لأوضاع اللغة، وتعامل جديد مع الأشياء ولم ينج من هذا الشرك غير قلة عرفت قيمة الشعر وأدركت منابعه، ومنهم الشعراء: صلاح عبدالصبور، وملك عبدالعزيز وعبدالرحمن الشرقاوى وخاصة فى مسرحياته الشعرية0
وأرى أن الجيل التالى الذى ظهر فى الستينيات لم يأخذ دوره كما يجب برغم أنه أكثر أصالة وفى مقدمتهم محمد عفيفى مطر الذى هاجر شعره منه إلى لبنان وظل مختنقا حيث لم تفتح له دور النشر ذراعيها كما فتحتها لكثير من الأدعياء وهو من الأصوات النادرة فى الشعر العربى ومن هذا الجيل أيضا: محمد إبراهيم أبوسنة، ود/محمد أحمد العزب، ومحمد فهمى سند، ونصار عبدالله، وبدر توفيق ، وفاروق شوشه 0… وأحمد سويلم 0
* ما رأيك بالنشرات المطبوعة بالآلة الكاتبة التى يصدرها أبناء جيلك؟
* النشرات المطبوعة بالتصوير التى يصدرها أدباء وفنانو الأقاليم فى مصر تعد صرخة احتجاج فى وجه العاصمة والمجلات التى تصدرها والهيئات الأدبية فيها، وكذلك تعد إثبات وجود حقيقى للأدباء فى الأقاليم المصرية0
وفى مقدمة هذه النشرات "أصوات" وقد نوه بهذه النشرة الأديب عبدالعال الحمامصى فى مجلة "أكتوبر" والأستاذ الناقد إبراهيم سعفان فى مجلة "الثقافة" وكذلك نوهت بأصوات مجلة "الشعر" المصرية، وأثنى عليها الشاعران فتحى سعيد ومحمد مهران السيد، وتحدثت عنها "أخبار اليوم" و"حواء" و"روز اليوسف" ووصلت "أصوات" إلى استوديوهات البرنامج العام بإذاعة القاهرة0
وفى جريدة المساء كتب عادل الحلفاوى عن ديوان" لماذا يحولون بينى وبينك الذى صدر عن "أصوات" للشاعر جميل محمود عبدالرحمن وفى جريدة "الوطن" بسلطنة عمان كتب الشاعر حسين على محمد تحليلا لديوان "العروسة الشاردة" لعبدالله السيد شرف وهو صادر عن "أصوات" 0
وفى جريدة "البلاد" السعودية كتب حلمى محمد القاعود أيضا عن ديوان "العروس الشاردة" 0
وقد فوجئت فى عدد يونيو 1981 من أصوات "بهذا الخبر عقب حصولى على الدكتوراه "شاعر أصوات يحصل على الدكتوراه مع مرتبة الشرف الأولى" ويشرفنى أن أشارك فى "أصوات" بشعرى ونقدى0
ولن أنكر فى هذا المجال جهود الأديب محمد الراوى ، وكتابه "بانوراما الحركة الأدبية فى أقاليم مصر" يعد وثيقة تاريخية أدبية صادقة يعتمد عليها الدارسون فى مجالات الأدب المختلفة وأرجو أن تتوفر الأعمال الأدبية التى ذكرها فى كتابه لدى أو لدى المهتمين بتاريخ الأدب فى مصر حتى تكون مجالا لدراسة علمية مثمرة0
وقد تطورت مجلة "أصوات" بعد ثلاث عشرة سنة من صدورها وصدرت عام 1993 فى طباعة أنيقة وحجم أكبر0
لو طلبنا منك اختيار عشر قصائد تمثل صورة الشعر الحر فى مصر، فهل تذكرها لنا؟
من التجارب الشعرية التى شدتنى وهزتنى وأعدها نماذج فريدة فى الشعر العربى الحديث0
1 - قصيدة السلام الذى أعرف للشاعر محمود حسن إسماعيل0
2 - قصيدة الرقص على خلخال ست الملك للشاعر محمد أبودومة0
3 - قصيدة كبرياء الطين للشاعرة "ملك عبدالعزيز0"
4 - قصيدة " لا أحد" للشاعر" أحمد سويلم" 0
5 - قصيدة "الدائرة المحكمة" للشاعر "فاروق شوشة" 0
6 - قصيدة مدينة الغرباء للشاعر" محمد فهمى سند" 0
7 - قصيدة أغنية إلى الله للشاعر "صلاح عبدالصبور" 0
8 - قصيدة البكاء بين يدى زرقاء اليمامة للشاعر "أمل دنقل" 0
9 - قصيدة الطيور المتوحشة للشاعر "محمد سعد بيومى" 0
10 - قصيدة رسالة إلى الشيخ رفاعة للشاعر جميل محمود عبدالرحمن 0
11 - قصيدة أغنية خضراء إلى حلب للشاعر حسين على محمد0
12 - قصيدة " المدى ينتحب" للشاعر محمد إبراهيم أبوسنة0
ما تقييمك لحركة الشعر الحر فى مصر بعد ثلث قرن ؟
أعتقد أن موجة الشعر الحر تكاد تنحسر ولا أدرى السبب ، قد يرجع هذا إلى أن الشعراء الجدد قد قلدوا من سبقهم من جيلى الخمسينيات والستينيات ولم يؤصلوا تقليدهم بالتثقيف الذاتى واستلهام التراث الإنسانى وقد يرجع هذا إلى احتجاب المجلات الأدبية المتخصصة وإهمال الدواوين التى تنشر وعدم التنويه بها0
والشعر ـ كما تعلم ـ مشكلتى وزادى إبداعا وثقافة وإعجابا ونقدا ولذلك أتابع كل ما ينشر بالمجلات الأدبية وغيرها من أشعار الأدباء الشبان وكذلك الدواوين الجديدة ، وأطلب من أصحابها أن يراسلونى ويرسلوها إلى مكتبتى لأننا لا أجدها أحيانا مع الباعة، وأعتقد أن الفترة من عام 1965 إلى عام 1980 تحتاج إلى دراسة متأنية ترصد أهم ملامحها والخصائص الفنية لها وتتعرف على ظروف شعرائها، وأدعو الشعراء إلى كتابة مذكراتها فلها دور كبير فى التعرف على شخصية الأديب وتحليل أشعاره والوقوف على أسرارها، وآمل أن أوفق إلى دراسة هذه الفترة إن شاء الله0
والخريطة الآن موزعة على أرض مصر، وتحتاج إلى جهود كثيفة لتجميعها، والشعراء بحاجة إلى مؤازرة وزارة الثقافة وأجهزة الإعلام ودور النشر وموقف النقاد النزيه0
ولست مبالغا إذا قلت إن مجلة "أصوات" وهى مجلة شعرية متخصصة تمثل خريطة الشعر الحر فى مصر الآن، حيث يكتب فيها شعراء من الشرقية وبورسعيد وسوهاج وطنطا والمحلة الكبرى والسويس وسورية والمغرب وأسبانيا وإذا تهيأت لها الوسائل التى تنعم بها المجلات الأخرى فستحدث دويا هائلا فى عالم الشعر .. وإن كنت أعتقد أن مجال القصة والمسرح أرحب الآن من مجال الشعر0
وأنا أنتظر جيل السبعينيات الذى بدأ يزدهر فى الثمانينيات، وأرى أنه جاد فى مسيرته، خطواته ثابتة بدأت تشق طريقها الصحيح .. وهذا الجيل الذى تشكل يناضل الآن من مواقفه فى الأقاليم، ويصدر المطبوعات على حسابه الخاص وبإمكاناته الفقيرة وفى مقدمتهم حسين على محمد بالشرقية ومحمد الراوى بالسويس0
وأرى أن دراسة الشعر الحر تحتاج إلى رصيد ثقافى هائل وخبرة أدبية راقية، وذوق فنى خالص ومعايشة للعمل المنقود لأن الشاعر الجيد يثرى تجربته بلغته المتميزة والتحامه ببيئته وتعامله مع الأساطير والرموز الدينية وعالم الأحلام وبما يضفيه على تجربته من قضايا فلسفية واجتماعية وسياسية ونفسية0
ولذلك يحتاج الدارس كما يحتاج المبدع إلى دراسة كل العلوم الإنسانية والوقوف على خصائص وأرض التجارب الإنسانية0
وللشعر دوره الاجتماعى الرائد، ولو فقد الشعر هذا الدور لفقد قيمته فالشعر إحساس بكر صادق0
الشعر خبز الفقراء، ومطرقة العامل، ونبض الحياة. ولكن هذا الدور انحسر عن مده الآن وذلك لأن الجماهير أعرضت عن الكلمة الجادة، وتلهت بأمور الحياة، وبالأجناس الأدبية الأخرى وتمكنت أجهزة الإعلام منها، فالمسلسلات التلفيزيونية والإذاعة والأفلام السينمائية والأغانى وكذلك مباريات الكرة، والوقوف أمام المجمعات الاستهلاكية أفقدت الجماهير طعم الشعر الجيد، وأخاف أن يأتى اليوم الذى يكتب فيه الشعراء للشعراء أو يملى النقاد على الشعراء ما يكتبون!! ومن هنا تأتى أهمية الشعر المسرحى الذى يعالج هموم الناس ، ولو نجح الجيل الجديد فى هذا المجال لثبتت أقدامه فى عالم الشعر الرهيب0
* هل لديك أقوال أخرى ؟
الحداثة الشعرية ـ وعملية الإبداع عندى :
1 - الحداثة الشعرية فى رأيى تتمثل فى طريقة التعبير عن التجربة وإيجاد علاقات جديدة بين الألفاظ ، والوزن والقافية لا يقفان حجر عثرة فى رقى الشعر وتطوره، وجربت ذلك فى عدة قصائد حيث الحداثة الشعرية بكل ما تحمل من مضامين وآفاق فنية ومع ذلك التزمت بالوزن الواحد والقافية الواحدة وآمل أن ترى تجربتى النور قريبا إن شاء الله ومن هذه القصائد: الظمآن، ملامح من تاريخ شجرة، العصفور ، والنص الشعرى الجيد لا أستطيع أن أحدد ملامحه وإنما أصفه بإحساس الشاعر الناقد فمثله مثل الشجرة التى تأصلت جذورها، وسمقت فروعها، ودنا ثمرها، وصمدت أمام عواصف الشتاء، ورياح الخوف، وهزأت بعوامل الزمان والمكان ، فالتجربة الشعرية فيه نابعة من الظروف التى دفعت بالشاعر إلى المعاناة إلى درجة الاحتراق أو الاستغراق فى مصدر الانفعال، فإذا بالأفكار عميقة إلى ما لا قرار ، والألفاظ تخفى وراءها دلالات كثيرة، وتوحى بعواطف ومعان متعددة غزيرة، والصور مبتكرة متلائمة مع الجو النفسى العام للتجربة تنمو نموا عضويا حتى تصبح القصيدة بناء متماسكا متآلفا متناسقا مبتكرا، مؤثرا، معبرا عن نفسية الشاعر وشخصيته بصدق وعمق، والنص الشعرى بهذا لا يتعمق نفوسنا، ويغور فى أعماقنا بصدق وعمق، فحسب بل يهزنا هزا عنيفا من داخلنا ويصدمنا دائما وإن شئت فقل يفزعنا ويعرض أمامنا الحياة ومتناقضاتها ويأخذنا فى رحلة المعاناة والصراع ولكننا فى النهاية لا نفقده بل ينتقل من جيل إلى جيل لأن ثمره لا ينقطع ولا يمتنع، فالأجيال تتناقله، والمسافات تتلاشى أمامه ولا يجمد أو يتقوقع فى قالب محدد، بل يرى فيه كل جيل ضالته ويرى فيه نفسه وأمنه وخلاصه لأن المعانى تتولد منه وتتكاثر تكاثرا يقاوم عوامل الانحلال والضعف، لأنها حملت تجارب الإنسان المعقدة منها والميسرة وعبرت عن نفسيته وما يعتورها من دواعى القبض والبسط، والإقبال والإدبار والأمل والألم0
* ما الملابسان التى تصاحب عملية الابداع؟ 0
* - ليست عندى ملابسات تصحب عملية الإبداع سوى الهدوء الذاتى أى لا يحدثنى أحد وأسرع القصائد ابداعا أكثرها جودة عندى فالقصيدة غالبا ما تأتى دفعة واحدة، وقد يحدث أن أرددها فى داخلى وأنا راكب السيارة أو راكب قدمى، وحينما أصل إلى منزلى أكتبها كما دارت بخاطرى ومن مثيرات التجربة عندى الطبيعة فرموزها الثرية تمدنى بإيحاءات كثيرة، وكذلك التاريخ وبخاصة العربى والإسلامى ففيه من التجارب الإنسانية الكثير والكثير0
وثراء المنبع العربى والإسلامى يعد من الأسرار الفنية والشعورية التى دفعتنى إلى التوجه الحضارى الإسلامى فى تشكيل رؤاى الشعرية الحديثة متكئا على خصائص التصور الإسلامى وموقفه من الكون والإنسان والحياة0
* هل هناك حركة نقدية تقوم بتقويم الإبداع المنطلق من منابع التصور الإسلامى، وإلى أى مدى تشارك هذه الحركة النقدية فى النهوض بتجارب الأدباء الإسلاميين إلى المستوى الفنى المأمول؟
* نعم .. تتمخض الحياة الأدبية فى العالم العربى والإسلامى الآن عن حركة نقدية وتنطلق فى أحكامها من منظور فنى يضع "الرؤية الإسلامية" فى إحدى كفتى الميزان النقدى، وأرى أن هذه الحركة بدأت الآن تتخذ مسارها الصحيح المتفاعل مع الإبداع الأدبى الإسلامى ، وتتمثل هذه الحركة النقدية فى نشاط رابطة الأدب الإسلامى العالمية" النقدى والإبداعى ـ ممثلا فى مجلة "الأدب الإسلامى" التى صدرت حديثا، وفى مسابقة القصة والرواية الإسلامية التى أظهرت للحياة الأدبية أصواتا إسلامية جيدة .. ومواهب أصيلة فى فنى القصة والرواية، على مستوى العالم العربى والإسلامى0
وتتمثل هذه الحركة النقدية أيضا فى النتاج النقدى لأعضاء رابطة الأدب الإسلامى وللأساتذة المتخصصين فى النقد الأدبى ومنهم د.عماد الدين خليل، ود. حلمى محمد القاعود، ود. عبدالباسط بدر ود. حسين على محمد ود.محمد بن سعد حسين ود. عبدالقدوس أبوصالح ، ود.سعد أبوالرضا، ود. عبدالله العرينى، ود/عبده زايد ، ود. عبدالمنعم يونس، وكاتب هذه السطور، ود/ وليد قصاب ، ود/ سعد أبو الرضا0
ولكننى أرى أن النقاد الإسلاميين مازالوا فى مرحلة التجريب أو المخاض فهم يتعاطفون ـ غالبا ـ مع المضمون الإسلامى، ويضحون كثيرا بالصياغة والإطار الفنى للتجربة .. فكثير من ابداع بعض الأدباء الإسلاميين مازال يدور فى اطار الصياغة التقليدية، والمعانى المباشرة ، والأساليب الفقيرة الخالية من الإيحاء الفنى0
ونحن نريد أدبا إسلاميا عالميا ينافس فى رؤاه الفنية ما يبدعه الآخرون فى ظل التقنيات الحديثة رواية وقصة وشعرا ومسرحا 0
نريد التجديد فى لغة القصيدة وخيالاتها مع الالتزام بالرؤية الإسلامية0
نريد صياغة الواقع وفق المنظور الإسلامى فى قالب روائى جديد متفوق فى رسم الشخوص والمواقف وفى الكشف الفنى عن عبقرية المكان وفى تحديد المصائر للشخصيات الروائية فى اطار التصور الإسلامى، والنقاد الإسلاميون يعنون فى تنظيرهم بالرؤى النقدية الحديثة، ويظل النقد التطبيقى ميدانا فسيحا لإبراز النصوص المتميزة والرؤى الإبداعية المتفوقة فى ظلال التصور الإسلامى 0
س: ما رأيك فى مقولة : جيل بلا أساتذة :
هذه المقولة ذات صبغة تمردية .. رافضة للمعايير السابقة، والأحكام والقواعد التى تنطلق منها التيارات الأدبية ، والمذاهب النقدية والفنية، ومن يتبنون هذه المقولة يرفضون ما يوجه إليهم من توجيهات أو رؤى حول أعمالهم؛ وهذا الموقف باعثه إحساس هؤلاء الأدباء بأنهم لم يجدوا من يؤازرهم أو يقرأ ابداعاتهم قراءة واعية متطورة فى ظل المنجزات الإبداعية الحديثة، والتطورات العالمية، وتنوع الأشكال الأدبية وآفاقها القبة، وأرى أن هذا الموقف تشوبه المبالغة، وينأى عن نبض الواقع الأدبى الصحيح، لأن الساحة الأدبية تموج بالتيارات المتشابكة ، ولكل تيار نقاده وأساتذته، ولكل مبدع أستاذه فى حقل الإبداع، فهو يقتفى أثره، ويتفاعل مع عالمه الفنى، ثم يكون التجاوز والتميز حين تكون الموهبة أصيلة؛ والملكة ناضجة، ومن ثم نرى الإبداع المتفوق فى ظل الأساتذة الكبار مبدعين ونقادا؛ والحياة الأدبية فى حاجة إلى مزيد من التعاطف بين الرموز الأدبية، وكذلك بين كبار النقاد والمبدعين وبين ثابتة الأدب وناشئته حتى لا نرى جيلا بلا أساتذة
س: ما موقفك من الأجيال السابقة؟
* الأجيال السابقة تمثل لى الجذور الراسخة فى حقول الإبداع ..، فشجرة الإبداع لا تعطى ثمارها الفنية، ولا تؤتى أكلها كل حين إلا فى ظل التلاحم مع الأجيال السابقة.. فهى تراثنا الحديث والقديم .. لأن الجيل الأدبى لا يقل عن ثلاثين عاما، وفى ظل هذا البعد الزمنى أن هناك ثلاثة أجيال أدبية فى القرن العشرين ، ويمكن أن تتعدد الاتجاهات فى مسيرة الجيل الواحد، وقد مر الشعر العربى بعدة مراحل فنية فى العصر الحديث .. وكذلك القصة والرواية والمسرحية ولكل فن أجياله، وتياراته ، ولا يمكن للمبدع أن يكون بمعزل عن هذه الموجات المتلاحقة .. ولن يستطيع أن يؤكد وجوده الإبداعى إلا إذا كانت له بصمته، وكان له صوته المتفرد ، وجناحه القوى ، فالموقف معرفة وتفرد، واندماج وتميز،وتواصل مع ابتكار،وعطاء بلا انحسار0
س: ما رأيك فيما يبدعه أبناء جيلك ؟
الإبداع المعاصر لأبناء هذا الجيل الذى أنتمى إليه زمنيا .. تتعدد آفاقه ومراميه ، والمبدعون يقلدون ما ينجزه أبناء الغرب من تيارات أدبية جديدة ، والرؤى والتجارب الفنية تعددت، وتصادمت أحيانا0
ففى هذا الجيل منذ السبعينات إلى الآن تكاثرت الرؤى والمناحى الإبداعية، فهناك أصحاب الرؤية الاجتماعية فى كل الفنون الأدبية .. ولهم نتاج ضخم كما، محدود كيفا، لأنهم حصروا أنفسهم فى القالب المذهبى، وسجنوا تجاربهم بين جدران المصطلحات والمذهب، وقديما قال د/ محمد مندور: إنك لا تجد أسس المذهب إلا عند صغار الشعراء والأدباء 0
ومن هذا الجيل من اتجه بأدبه إلى "الرمز" والتعقيد والأحاجى .. فغابت شمس الرؤية، ونضب معين التجربة؛ وتيار الحداثة فى كثير من نماذجه تصادم مع المألوف؛ ومزق جسد اللغة، ونشر الضبابية فى الفضاء الشعرى؛ ولم تنج من هذه الآفة إلا الأصوات القوية الموهوبة ؛ ومن هذه الأصوات من اتجه بملكته وموهبته إلى حقل التجربة الإسلامية واستدعاء وتوظيف الرموز الإسلامية مكانا وأشخاصا وتراثا، ولغة، وفكرا، ونبضا روحيا فعالا صادقا ـ وهذا هو التوجه الحضارى الأصدق، وأصحاب الرؤية الإسلامية من أبناء هذا الجيل هم القابضون على جمر الإبداع؛ المتطلعون إلى الكيان الإسلامى الكبير، تتوهج تجاربهم بألق اليقين، ومنارات الإيمان 0
د. حسين علي محمد
21-08-2006, 01:34 PM
لغتنا العربية "حاضرها ومستقبلها"
حوار: عنتر مخيمر
...........................
س: كلنا نشعر بما آلت إليه اللغة العربية فى هذا العصر من انحدار، ما أسباب الحالة المتردية التى تعيشها لغتنا العربية؟ 0
* إن اللغة فى مفهوم علماء اللغة هى : أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم، وقد تعددت أنواع الأصوات، وطرق التعبير بتعدد الأمم، واختلاف أصواتها، فنشأت عن ذلك لغات تفوق الآلاف عدا ؛ وتتراوح اللغات الحية بين 2500 لغة و3500 لغة، وفى هذا التعدد اللغوى نلمس قدرة الله عزوجل حيث قال : ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن فى ذلك لآيات للعالمين 0
واللغة العربية لها ميزتها وخصوصيتها لأنها لغة القرآن الكريم، فقد أنزل بلسان عربى مبين 0
وفى هذه الآونة نشهد حالة التردى .. ليس فى اللغة نفسها ، ولكن فى استخدام اللغة ، وفى إساءة استعمالها ، فاللغة نفسها مصونة فى كتب الأعلام القدامى أصحاب المعاجم اللغوية، وفى دواوين الشعراء الكبار فى عصور الازدهار الشعرى؛ واللغة العربية مازالت مصونة محفوظة مشرقة فى "القرآن الكريم" مصداقا لقول الله عزوجل : إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون 0
ويمكن أن نشخص أسباب الضعف اللغوى الذى أصاب كثيرا من المتحدثين فى الظواهر الآتية:
أ - عدم التمسك باللغة الفصحى فى المسلسلات الإذاعية والتلفزيونية0
ب - تحويل الأعمال الإبداعية القصصية والمسرحية من لغتها البيانية المشرقة إلى لغة عامية مبتذلة .. حين تعرض على الشاشة أو تذاع فى الإذاعة وهذه الأفلام والتمثيليات تشكل المعجم اللغوى لدى الجماهير ومن هنا ينشأ الفصل بين الذاكرة اللغوية وبين الواقع اللغوى المريض0
جـ - إهمال تدريس مادة "النحو والصرف" فى مراحل التعليم المختلفة، وأرى أن يصبح "النحو" مادة مستقلة ، حتى يتقن الطالب قواعد اللغة .. ويتدرب على النطق السليم فى بقية فروع اللغة العربية0
س2: أصبح للصحافة المعاصرة لغتها ؛ فما خصائص هذه اللغة، وما تأثيرها فى اللغة العربية الفصحى ؟
ج: إن الصحافة المعاصرة .. يجب أن لا تهجر الإيقاع اللغوى السليم، وهى ما زالت متمسكة باللغة الفصحى، ولكنها ابتعدت عن اللغة الأدبية، وهجرت غريب الألفاظ، وجمعت لغة الصحافة بين المصطلحات الشعبية فى لغة العامة وبين تراكيب الجمل فى اللغة الفصحى؛ ولغة الصحافة تعنى بالخبر عناية فائقة، وتحاول الوصول إلى القارئ فى سهولة ويسر، حتى لا تفقد القراء، فنجاح الصحيفة يقاس بعدد قرائها0
وهذا المقياس ظل له أثره السلبى فى مسيرة لغتنا الفصحى ، حيث شاعت بعض التراكيب التى لا تتوافق مع قواعد اللغة أو نظامها وبنائها الأسلوبى، حتى أصبحت المقولة المشهورة : خطأ شائع خير من صواب مهجور، من المسلمات وذلك قول غير صحيح لأن ذلك يساعد على ضعف اللغة، وهجر قواعدها ونظامها التركيبى والبنائى0
س3: ما أثر الوسائل السمعية والبصرية فى ضعف اللغة أو قوتها ؟؟؟
ج: لقد تعددت قنوات الاتصال فى العصر الحديث، ومنها ـ القنوات الإذاعية ـ التى تخاطب السمع .. وتؤثر فى الوجدان عبر ذلك الطريق، ومن أبرز القنوات البصرية "جهاز التلفاز" والفيديو .. وما يصاحبه من وسائل الترفيه .. وألعاب الكرتون والكمبيوتر0
وهذه الوسائل لها أثر لا ينكر فى ضعف المستوى اللغوى فى ثوبه الفصيح، لأنها فى أكثر من 90% من برامجها تستخدم اللهجة العامية فى مخاطبة القارئ، فالرسالة الإعلامية، والخطاب الموجه للمتلقى له عناصر أربعة وهى :
1 - المرسل 2 - المرسل إليه [المستمع والمشاهد]
3 – الشفرة 4 - السياق0
والأغانى بكل أنواعها ـ وكذلك الإعلانات، والبرامج الترفيهية، والمنزلية، والتعليمية، والاقتصادية، تغلب عليها اللهجة العامية، وكل هذا الكم من البرامج صباح مساء.. فى الإذاعة والتلفاز.. يحاصر السامع والمشاهد ، ويكون ذوقه اللغوى، ويوجه طريقة نطقه، وفى الغالب الأعم يكون الأثر سلبيا؛ ويمكن أن تصبح الإذاعة المسموعة، والإذاعة المرئية مصدرا لقوة اللغة وانتشارها ..، وتوثيق الصلة بينها وبين الناس ، وذلك إذا استخدم رجال الإعلام اللغة الفصحى فى كلامهم، وإذا استخدمت اللغة الفصحى فى كثير من البرامج التى توجه إلى الجماهير ـ حتى يألف المتلقى العادى هذه اللغة ومصطلحاتها ومعانيها 0
س4: ما رأيك فيما يتعلق بمشكلة الفصحى والعامية فى حياتنا، وكذلك تعدد اللهجات الإقليمية فى العالم العربى ؟ وهل يمكن توحيد لغة اللسان ولغة القلم فى لغة واحدة؟
ج: إن اللغة الفصحى .. تكاد تنهزم أمام طوفان اللهجات العامية. وذلك لما أوضحته فى السؤال السابق من طغيان اللهجة العامية على وسائل الإعلام، وكذلك لظهور موجه "الشعر العامى" وفن الزجل ، والأغانى العامية والشعبية والمواويل فى حياتنا ، فلها أثر عميق فى انتشار اللهجة العامية، ولكن أحيانا يكون الابتعاد عن اللغة الفصحى بسبب عيب فى النطق، أو عدم نضج فى مخارج الحروف عند بعض الناس، وكذلك الأطفال ، فكثير من الأطفال يبدلون الكاف تاء، لأن الصوتين يتحدان فى صفتى الهمس والشدة، ولا فرق بينهما فى المخرج، فقد يقول الطفل "تلب" فى "كلب"، والأطفال الذين يميلون إلى قلب الكاف "تاء" يميلون أيضا إلى قلب "الجيم" التى هى مجهورة إلى "دال" فيقولون فى "عجين" "عدين" وفى "جدى" "ددى" 0
وهذه اللهجة تستمر أحيانا مع بعض الكبار .. وبخاصة فى صعيد مصر ، ومن الغريب أن هذه العيوب فى نطق الحروف لا نجده فى اللغة الفصحى إلا نادرا؛ وصوت "الراء" صوت شاق عسير على معظم الأطفال، فأحيانا يقلب حرف "الراء" إلى "واو" مثل كلمة "ربع" ينطقها بعض الأطفال "وبع"؛ وأحيانا نجد الراء لاما ، فيقول الطفل فى "ورق" [ ولق ] 0
وكثير من الأطفال يقلبون الشين "سينا" فيقولون "سمس" بدلا من "شمس" ومن العجيب أن هناك من الكبار من ينطق بهذا أيضا؛ وأيضا نلاحظ التباين والتخالف بين لهجة أهل الريف وأهل المدن؛ ويحدث لبس كثير، وخلط فى المفاهيم والدلالات، فلهجة أهل القاهرة مغايرة فى طريقة نطقها ودلالاتها للهجة "الريف"؛ ولكن اللغة الفصحى واحدة، وتعمل على توحيد المشاعر والرغبات، وتقرب المفاهيم بين الناس0
والأمر كذلك فيما يتعلق باللهجات الإقليمية فى العالم العربى، فكثير من اللهجات المحلية فى دول الخليج العربى، وفى دول المغرب العربى، وأهل الشام والعراق ، كثير من لهجات هذه البلاد يصعب على فهم المتلقى الذى لم يتعايش مع أهل المنطقة التى تتحدث بلهجة معينة، وكثير من المفردات فى لهجة الشاميين والمغاربة والليبيين لا يعرفها إلا أصحابها، ومن ثم أستطيع أن أقول إن : اللغة الفصحى أكثر اقترابا من الجميع، وهى واحدة .. وليست غامضة، ولكنها ميسرة فى مفاهيمها وفى ألفاظها، وتلاوة القرآن الكريم، وسماعه، وحفظه يساعد كثيرا فى التواصل اللغوى بين أبناء الأمة العربية والإسلامية0
وأما فيما يتعلق بإمكانية توحيد لغة اللسان ولغة القلم فى لغة واحدة، فذلك أمر صعب المنال، وعسير التحقق، لأن طريقه نطق الكلمة، وطريقة الأداء الصوتى تجعل الكلمة المنطوقة مغايرة شكليا للكلمة المكتوبة؛ واللغة المنطوقة مهما حاولنا التمسك بالفصحى تتخللها بعض الكلمات العامية أو التى تنطق حسب لهجة المتحدث؛ فلغة اللسان فى مجتمعنا الحديث لا يمكن أن تطابق تماما لغة القلم، لأن اللغة المكتوبة تحتاج إلى تأن وإلى صياغة جمالية تكمن فى طياتها وتراكيبها عوامل تأثيرية تشد القارئ وتجذبه 0
س: يقول البعض : ليست اللغة أداة للتعبير بقدر ما هى وسيلة للاتصال فى حياتنا المعاصرة؟ ما رأيك ؟
جـ: إن اللغة ـ كما يقول علماء اللغة ـ لا تكاد تعدو فى مظهرها عن أن تكون أصواتا إنسانية، يحللها عالم الأصوات اللغوية، ويصفها، ويشرح لنا كيفية صدورها، ويبين لنا أعضاء النطق التى تساهم فى إخراجها0
فاللغة وسيلة اتصال وتفاهم بين بنىالبشر ... كل حسب مدلولاته اللغوية ، واللغة فى وظيفتها العادية ودلالاتها المنطقية واليومية هى وسيلة اتصال بين أبناء الأمة الواحدة، ولكنها حين ترتقى إلى المستوى الأدائى التعبيرى، وإلى الأفق الجمالى الفنى ... فإنها تصبح أداة فنية للتعبير عن مكنون الأديب وعن حقيقة مشاعره وانفعالاته ، واللغة ـ فى تصورها الأكمل ـ تصبح بلاغة ـ أى أنها تبلغ السامع والمتلقى المدلول فى صورة بليغة مقنعة مؤثرة 0
وقديما سئل ابن المقفع عن البلاغة، فقال:
البلاغة: اسم جامع لمعان تجرى فى وجوه كثيرة ، فمنها ما يكون فى السكوت، ومنها ما يكون فى الاستماع، ومنها ما يكون فى الاحتجاج ، ومنها ما يكون جوابا، ومنها ما يكون شعرا، ومنها ما يكون سجعا وخطبا، فعامة ما يكون من هذه الأبواب: الوحى فيها والإشادة إلى المعنى والإيجاز هو البلاغة" 0
فاللغة قد تتجاوز دائرة الكلمة المكتوبة إلى اللغة الإشارية أو الإيحائية وأحيانا يكون "السكوت" لغة بليغة، وأحيانا يكون "الاستماع الجيد" أداة جيدة للتعبير عن حسن استقبال لغة الآخر .. وكلماته0
س6 : إذا سألتك عن مؤولية الهيئات المعنية باللغة العربية، والتى توجه نشاطها مثل مجمع اللغة العربية ، وكليات الآداب، وكليات اللغة العربية والتربية، وكلية دار العلوم، ووزارة التربية والتعليم ـ فماذا تقول؟؟
.. حقا ماذا أقول؟ وفى النفس أقوال وأقوال .. فلغتنا الجميلة فى هذا العصر .. تنعى حظها .. وتستجير وتستغيث ـ على لسان شاعر النيل "حافظ إبراهيم" .. إذ يقول أو تقول "اللغة العربية" 0
رجعت لنفسى فاتهمت حصاتى وناديت قومى فاحتسبت حياتى
رمونى بعقم فى الشباب وليتنى عقمت فلم أجزع لقول عداتى
أنا البحر فى أحشائه الدر كامن فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتى!!
وحقا ـ لغتنا العربية .. هى البحر .. يكمن الجوهر فى أعماقه، واستخراج كنوز اللغة وجواهرها يحتاج إلى الغواصين المهرة، والعلماء النابهين، وفى مقدمة هؤلاء السباحين والغواصين المهرة أعضاء مجمع اللغة العربية، فهم حراس اللغة وفرسانها وأهل الحل والعقد فيها، وعليهم الخروج إلى النور خارج أسوار "مجمعهم" العريق؛ إن مجلة مجمع اللغة العربية غير منتشرة بين الناس، ولا يعرفها إلا المتخصصون فى علوم اللغة 0
على مجمع اللغة العربية أن يكون هيئة كاملة متخصصة للتعريب، وأن يعقد أعضاء المجمع ندوات دورية بالجامعات لمناقشة أحدث قضايا اللغة، وما يستجد فيها من مصطلحات فى ميادين العلم المختلفة 0
وكليات الآداب والتربية ودار العلوم واللغة العربية ـ عليها عبء جسيم فى تشكيل الحس اللغوى لدى أبنائنا الطلاب ، وحتى يتم هذا التشكل اللغوى على أساس علمى سليم، ووفق الرغبة الوجدانية، والدوافع الذاتية تجاه اللغة العربية يجب أن يتم اختيار الطالب تبعا للأسس التالية :
أولا : يعقد امتحان شخصى ـ يناقش فيه الطالب المتقدم لقسم اللغة العربية للتعرف على مستواه اللغوى ، ومدى حبه للغة العربية وآدابها وعلومها 0
ثانيا : يخصص أستاذ المادة محاضرة "كل أسبوع" للقراءة النموذجية ويقوم بتصويب الأخطاء النحوية .. مع التعليل للصواب ، والخطأ 0
ثالثا : أن يخصص جزء من درجة المادة "للامتحان الشفوى" فى كل فروع المادة ، ويدور الاختبار حول "القراءة الصحيحة وفق الضوابط النحوية"0
رابعا : أن يكون "النحو" مادة مستقلة فى المرحلة الإعدادية والثانوية حتى يلقى العناية الكافية من أبنائنا الطلاب؛ لأنهم يهملون القواعد النحوية تماما 0
خامسا : إقامة المسابقات فى فن الإلقاء بين طلاب المدارس وكذلك طلاب الجامعات، وذلك لتنمية الحس اللغوى فيهم وتدريبهم على النطق الصحيح 0
سادسا : أن يقر المجلس الأعلى للجامعات تعميم مادة اللغة العربية وآدابها .. وكذلك مادة الثقافة الإسلامية ، على كل كليات الجامعات بمصر بناء على قرار رابطة الجامعات العربية والإسلامية0
بحيث لا ينسى الطالب اللغة بمجرد التحاقه بكلية عملية ، فاللغة تجسيد لحضارة الأمة، وتأكيد لهويتها، ومعالم شخصيتها، والحفاظ عليها يعد حفاظا على العقيدة، وعلى نبض الحضارة الإسلامية، لأنها لغة القرآن الكريم، فقد أنزل بلسان عربى مبين 0
د. حسين علي محمد
21-08-2006, 01:35 PM
حوار حول الواقع الثقافى والمشهد النقدى المعاصر
حوار: فرج مجاهد عبدالوهاب
...............................................
س1 : أضواء على النشأة والتعلم، أهم من تأثرت بهم ، رسالة الماجستير ورسالة الدكتوراه ؟
فى ريف مصر الجميل ، وفى ظلال مشاهده النابضة بالحركة والقيم الكريمة .. كانت نشأتى الأولى .. فى قرية "الصياغ" ثم بعد ذلك بعد أن اتسعت واتحدت مع القرى المجاورة اتخذت اسما جديدا هو "منشأة العطارين" 0
وفى أسرة مصرية القسمات ، والعادات والتقاليد ، كثيرة العدد ، وتحت رعاية أب عطوف متسامح ، يفتح بيته وقلبه لأبناء القرية كلها ، يكرم الضيف، ويحفظ حق الجار ، ويشمل الأقارب بمودته ورعايته ؛ وهذه السمات والسجايا الأبوية ليست إطراء ولا ثناء … ولكنها حقيقة مشاهدة محسة، وكل هذا العطاء لم يكن ناشئا عن ثراء ووفرة فى العيش.. ولكنه كان فطرة فى الوالد الكريم رحمه الله .. ورحم كل من على شاكلته فى البر والعطف والمودة والتسامح 0
وأحمد الله أن الوالد تعهدنى .. ووهبنى "للقرآن" وللأزهر 0
ومن دلائل ذلك أنه اتفق مع أحد الشيوخ من حافظى القرآن الكريم وممن لهم مكانة وسمعة عطرة فى القرى المجاورة .. أن يحضر إلى بيتنا كل يومين لكى أقرأ عليه القرآن . ويصحح لى القراءة .. ثم أحفظ بعد ذلك ، وبعد أن حفظت سبعة أجزاء .. انتقلت إلى جمعية تحفيظ القرآن الكريم بديرب نجم "المركز" وأتممت حفظ القرآن الكريم فى سن العاشرة والنصف بعون الله وتوفيقه ، وكان الشيخ بصيرا أى مكفوف البصر وهو الشيخ متولى رحمه الله 0
ثم التحقت بالمعهد الدينى بالزقازيق عام 1959م وحصلت على الشهادة الثانوية عام 1968 وكانت الدراسة [أربع سنوات "إعدادى" وخمس سنوات "ثانوى"] وفى المعهد الدينى الثانوى .. تفتحت موهبتى الشعرية .. وحصلت على كأس التفوق فى الشعر على مستوى الجمهورية عام 1968م وأنا طالب فى "الخامسة الثانوية" 0
والتحقت بكلية اللغة العربية فى العام نفسه وفى السنة الأولى بالكلية عام 1968م / 1969م أصدرت ديوانى الأول "نبضات قلبين" بالاشتراك مع الزميل الراحل "عبدالعزيز عبدالدايم" وكتب مقدمة الديوان الناقد الفلسطينى الشاعر "د/ عزالدين المناصرة" وكتب أ.د/على الجندى بعض الأبيات تقريظا للديوان ، وكان وقتها عميدا لكلية دار العلوم 0
وفى الكلية اتسعت آفاق الرؤية، وتعرفت على النشاط الثقافى بالقاهرة.. وارتدت التجمعات الأدبية "مثل دار الأدباء" ورابطة الأدب الحديث وهيئة خريجى الجامعات وجمعية الشبان المسلمين ،وغيرها 0
وفزت فى السنة الأولى بجائزة الشعر الأولى على مستوى الجامعة بقصيدة كتبتها عن "سرحان بشارة" وهى مهداة إلى كل مناضل فلسطينى وعربى وإسلامى 0
وفى السنة الرابعة بالكلية فزت بجائزة الشعر الأولى ، وحجبت عنى الجائزة الثانية والثالثة، وشاركنى الفوز فى الشعر الصديق أ.د/محمود العزب ومن شعراء الجيل السابق فى جامعة الأزهر الشاعر د/ محمد أحمد العزب ،وأد/ سعد ظلام ،والشاعر/ محمد فهمى سند، والشاعر / محمد إبراهيم أبو سنة . ومن جيل الآباء .. والرواد .. أ.د/محمد رجب البيومى، وأ.د/ حسن جاد، وأ.د/ محمد عبدالمنعم خفاجى وأ0د/ عبدالسلام سرحان ، وأ0د/ محمد السعدى فرهود0
وهذه الكوكبة المتألقة من الأجيال والاتجاهات الشعرية .. كان لها الأثر الكبير فى تجربتى الشعرية والنقدية ؛ وقصائد أ.د/ محمد أحمد العزب التى كان ينشرها بمجلة الأزهر . ودواوينه التى توالت بعد ذلك كان لها أثر كبير فى التعرف على نبض التجربة الشعرية الحديثة، وكتابات أ.د/ محمد رجب البيومى الموسوعية ، ولمحاته النقدية الثقافية، وكتاباته فى "السير" وتاريخ رواد النهضة الإسلامية ، وتحديقه فى صحائف التاريخ .. كل هذه الآثار والشواهد توقفنا أمامها طويلا .. وأمدتنا برصيد غير مباشر من الفكر .. والانتماء .. والتمسك بالهوية 0
ومن الذين أثروا فى تجربتى الشعرية تأثيرا عميقا الشاعر الكبير "محمود حسن إسماعيل" وهذا التواصل الفنى معه كانت ثمرته أول كتاب نقدى لى وهو:محمود حسن إسماعيل بين الأصالة والمعاصرة 0
وأما الذين تأثرت بهم فى الاتجاه النقدى ـ فهم كثيرون وفى مقدمتهم د/محمد غنيمى هلال، ود/ محمد مندور ، ولكن التأثر الأكبر والأعمق كان بمنهج د/ عبده بدوى "التكاملى" ومنهج العلامة الشيخ / محمود شاكر المتفتح على كل المنجزات المعرفية الحديثة مع التمسك بالجذور الراسخة فى حقلنا الثقافى .. والحفاظ على هويتنا وآلياتنا فى استقبال جماليات النص واستكشاف أسرار التجربة 0
وكل الأساتذة الذين تتلمذت عليهم كان لهم فضل التوجيه .. والتشجيع ، والحرص على التجويد والتنقيح .. والتجديد وفى مقدمتهم أ.د/ عبداللطيف خليف ، وأ.د/محمد السعدى فرهود ، وأ.د/ عبدالعال أحمد عبدالعال ، أثاب الله الجميع ـ ورحم الراحلين وجزاهم خير الجزاء 0
وأما عن الماجستير والدكتوراه :
فقد كان شعر محمود حسن إسماعيل هو البحث المقدم فى مرحلة الماجستير عام 1974م ولم يكن رسالة مستقلة ـ وإنما كان مكملا لسنوات الدراسات العليا ؛ ولم يقبل البحث وقتها وذلك لأن الشاعر كان على قيد الحياة ، وكان هذا هو السبب الوحيد لرفض البحث 0
ثم تقدمت ببحث آخر عن شعر المهجر ، وحصلت على الماجستير عام 1976م وتابعت البحث فى الاتجاه نفسه .. وكان موضوع رسالة الدكتوراه "النزعة التأملية فى أدب المهجر" أى رصد التجربة التأملية فى فنون الأدب المهجرى كلها "فى الشعر والقصة والرواية والمسرح والمقالة "0
وحصلت على الدكتوراه مع مرتبة الشرف الأولى عام 1981 تحت إشراف أ.د/عبداللطيف خليف وطبع الكتاب بعد ذلك فى دار المعارف عام 1994 ، وطبع كتاب "محمود حسن إسماعيل بين الأصالة والمعاصرة" بدار المعارف قبل ذلك بعشر سنوات عام 1984م 0
س2 : ما هى شهادتكم على الواقع الثقافى الآن ؟
الواقع الثقافى الآن يموج بتيارات متعددة ومتصارعة .. وهذا التماوج يقضى على سكونية المشهد، ويدفع إلى أن يبحث أنصار كل تيار عن الأفضل والأجود .. ولا يبقى إلا المنجز الثقافى الأصيل الذى يحافظ على معالم الهوية المصرية والعربية والإسلامية فى عصر "العولمة" وأما التيارات السابحة مع الرياح أيا كان مصدرها أو توجهها فهى ستذهب مع الريح ـ ولن تترك ثمرة نافعة، ولا نجمة ساطعة 0
فأما الزبد فيذهب جفاء ، وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض . هذا عن الصورة العامة والرؤية الراصدة 0
أما عن التفصيل ـ فأقول : إن الواقع الثقافى الآن ـ معوق ، لأن هناك قصورا فى "العمل الثقافى" أو "المنتج الثقافى" فليست الثقافة هى الإبداع الأدبى فقط، أو الفن التشكيلى وغيره من الفنون الجميلة فقط ، وإنما الثقافة هى كل منجز فكرى وعلمى وفنى يشارك فى حضارة الأمة ، والعمل على قهر التخلف العلمى والصناعى والزراعى والسلوكى والحضارى 0
وما زلت أذكر كلمة لأحد الأدباء الكبار حين قال ساخرا من "قصور الثقافة ورسالتها القاصرة" حيث قال :
هى "قصور فى الثقافة، وليست قصورا للثقافة" إنها ثقافة "العجزة .. والبله .. وأصحاب الهوايات الخاصة الفردية 0
إن الواقع الثقافى فى حاجة إلى رياح التغيير والإصلاح .. والرؤية المتكاملة .. فلماذا لا تتكون فى قصور الثقافة "نواد للعلوم ، ولماذا لا يكون فى هذه القصور مواهب علمية مؤثرة مع المهتمين بالأدب .. والنشاط المسرحى .. والفن التشكيلى ، والسينما .. وكل الاهتمامات الترفيهية 0
ومن معالم تشوه الواقع الثقافى "سيطرة" الشللية على كثير من التجمعات ، وكل مجموعة تمثل جزيرة منعزلة ، وما نشهده فى "المجلس الأعلى للثقافة" لا يخفى على أحد، حيث تعطى بعض الجوائز ـ لمن لم يكن يحلم بها ـ ويستبعد كبار العلماء مثل د/حسين نصار ، بل ويقول أحد هؤلاء الفائزين عن طريق "التصويت" وتقبيل "الوجنات" بأن انتاج د/حسين نصار "ضعيف"؟؟!"0
هل هذا كلام تقبله الساحة الثقافية، ويصمت تجاهه العلماء ، وللواقع الثقافى بعض الملامح الإيجابية .. ومنها : "ظاهرة الجوائز العربية" التى يفوز فيها بنصيب كبير علماء مصر .. ومفكروها .. وأدباؤها.. ورجال الأعمال العرب هم أصحاب هذا المشروع الحضارى .. الرائد 0
وأين رجال الأعمال فى مصر ـ أين حق الوطن عليهم ؟؟ أين موقعهم الفكرى والثقافى ؟؟ أين دورهم فى تمويل مشروعات البحث العلمى ؟
إن بعضهم لم يكتف بالجهل المركب وعدم الوعى الحضارى ولكنه سطا على أقوات الشرفاء ، واقترض مدخرات البسطاء وهرب بها مثل قراصنة العصور الوسطى .. ثم عاد يحمل كذبة كبرى وصدقه العملاء ، وبدأ يمارس الفساد تحت قناع جديد هو "غسيل الأموال" !! ويا للعجب العجاب !!!!
س3 : من واقع تواجدكم فى اتحاد الكتاب : ما هى أهم السلبيات التى تحتاج لعلاج فورى ؟
إن كل عمل عام .. لابد أن تشوبه بعض السلبيات فمن يعمل لابد أن يخطئ 0
وأرى أن إيجابيات الاتحاد كثيرة .. ومتواصلة .. ولكن العين الناقدة لا ترى إلا الأخطاء .. والصحافة كان لها دور كبير فى تضخيم السلبيات وإشعال نار الخلافات، ولا أدرى الدوافع التى تكمن وراء ذلك التوجه السائد 0
وأرى أن أهم السلبيات التى تشوب العمل والنشاط فى اتحاد الكتاب "هى التعصب للرأى واصرار كل فريق أو عضو على رأيه ـ وعدم الاستجابة لرأى الأغلبية وهذا مصدر الخلاف 0
ومن السلبيات : أن اللجان تعمل مستقلة عن بعضها فليس هناك تناغم وتكامل بين لجان المجلس 0
ونشرة الاتحاد .. لا تكفى .. ولا تليق بمكانة مصر ـ فلابد من مجلة ثقافية ذات حضور كامل متواصل فى المشهد الثقافى العربى 0
وندوات الاتحاد ـ تكاد تموت بالسكتة القلبية ـ لأن الدعاية غير كافية ، ولأنها غير متواصلة ـ ويجب أن تكون للاتحاد ندوته الشهرية التى يحضرها ممثلون لفروع الاتحاد، ومندوبون عن الصحف والإذاعات والقنوات الفضائية وأن يكون لها موعد ثابت ، وبرنامج معروف ـ يناقش قضايا الساعة 0
وإلى الآن ـ ما زال اتحاد الكتاب المصرى ـ يبحث عن وجوده الحقيقى بين اتحادات الكتاب العرب ، وقد بذلت جهود مشكورة متواصلة فى هذا الاتجاه ، وقد حدثت اتفاقيات فى مؤتمر اتحاد الكتاب العرب بالجزائر .. من خلال مساعى وجهود الوفد المصرى ، وكذلك فى اجتماع اتحاد الكتاب العرب بالأردن فى عام 2004 تأكد هذا الاتفاق وهو عودة مقر اتحاد الكتاب العرب إلى القاهرة 0
ومن الإيجابيات التى أنجزها الاتحاد .. إنشاء فروع نشطة فى محافظات مصر ـ خمسة فروع وآخرها فرع الاتحاد بالشرقية وكذلك الجوائز السنوية للاتحاد لها أثر كبير فى الواقع الثقافى 0
س4 : كيف توازن بين صابر عبدالدايم : الشاعر والنقابى والناقد والأستاذ الجامعى:
الموازنة يمكن أن تكون بين متماثلين أو متباينين ـ وأرى أن هذه المحاور الأربعة تمثل زوايا ـ لتكامل التكوين ـ لأنها كلها تنبع من مصدر واحد وهو ـ الإبداع ـ رؤية وتنظيرا ومشاركة متواصلة فى حركة الحياة الأدبية والثقافية بوجه عام 0
ولذلك لا أجد تناقضا ـ وصراعا ـ بين هذه التخوم لأنها كما قلت تنطلق فى فضاء الإبداع 0
ولذلك أجدنى مغتبطا بمشاركاتى فى رسم سياسة الاتحاد ، والعمل على تجميع كلمة الأدباء والكتاب ، ومواصلة الطريق الشاق مع الزملاء المخلصين لتبقى الكلمة المبدعة هى منارة الوصول ، وهى النبض الحقيقى لمستقبل هذه الأمة 0
وأرى أن الطريق إلى توسيع القاعدة الثقافية للاتحاد أن لا تقتصر العضوية على "الأدباء" والنقاد وكتاب التراجم والسير ، بل لابد من إدراج كتاب المقالة السياسية، والمقالة الاجتماعية ، والمقالة الدينية ، والمقالة العلمية ، وقبول كل صاحب فكر مستنير مؤثر .. واتحاد الكتاب يمكن أن يضم الآلاف من النخب الثقافية المؤثرة ، وفى مقدمتهم أساتذة الجامعات المتخصصون فى علوم اللغة العربية وآدابها ، وكذلك العلوم الإنسانية بكل تياراتها 0
وقد حاولت وما زلت أحاول ـ أن يتواصل التعاون والنشاط الثقافى بين الاتحاد والجامعات المصرية ، وأقمت عدة ندوات فى كلية اللغة العربية بالزقازيق،شارك فيها أعضاء من مجلس ادارة الاتحاد .. فالجامعة لابد أن تتعرف على مناحى الأنشطة التى يقوم بها الاتحاد ، وفروع الاتحاد بالمحافظات ـ لها فى هذا الاتجاه أنشطة وفاعليات بارزة 0
س5 : ما أهم أسباب أزمة النقد الحالية ، والحلول التى تراها ؟
إن أزمة النقد الحالية متوارثة .. وهى ظاهرة تتكرر فى كل جيل ـ وذلك لأن الأعمال الإبداعية تتوالى ـ ومدها لا ينحسر وخاصة فى السنوات العشر الأخيرة . حيث انتشرت مكاتب الكمبيوتر ، ويمكن طبع أى عدد طباعة فاخرة بأقل تكلفة وأصبح النقاد محاصرين بهذا الطوفان الإبداعى الذى يحتاج إلى غربلة .. وإلى مكاشفة ، وإلى مواجهة ، ولكن المبدعين يريدون "النقد التبريرى أو الانطباعى" الذى يضع على العمل الإبداعى تاجا من اللؤلؤ ، ويضعه فى صدارة الإبداع والتجريب ، ومع قناعتى بضرورة تشجيع الأعمال الجديدة فإننى أقول إن النقد الذى يضئ آفاق العمل..ويكتشف مناطق الداء والضعف فيه ، ويشخص ذلك تشخيصا محايدا وعلميا منصفا هذا يدفع بالأديب إلى اكتشاف الطريق الصحيح ، والتجارب الجديدة 0
ومن أسباب أزمة النقد ، ضيق المساحة المتاحة للنقاد والمبدعين فى منافذ الإعلام المسموعة والمرئية، فالبرامج الموجودة مخنوقة الأنفاس ، لا يصل صوتها إلى الناس ؛ فزمنها لاهث محاصر ـ بالبرامج الترفيهية ـ والتجارية 0
فماذا تقدم قنواتنا المحلية، والقنوات الفضائية من برامج ثقافية وندوات ؟؟ وما مكانة الإبداع الجميل الجيد بين أعاصير الأغانى السفيهة، ورياح مشاهد العرى، وإفساد أذواق الشباب وتشويه هويتهم ، والقضاء على روح الانتماء لديهم 0
ومن أسباب أزمة النقد ـ أن فريقا من النقاد ـ الذين لهم صوت إعلامى بارز ـ يترجمون النظريات الوافدة .. ويلوون أعناق النصوص ، ويهشمون عظامها لكى يطبقوا عليها مقاييس النقد المستحدثة الوافدة التى تتوالى يوما بعد يوم ولا تستقر بل يلغى الأحدث الحديث، وبعضها يكون مجرد رأى فردى 0
والجهود الكبرى تتواصل الآن ـ لإيجاد نظرية نقدية عربية تستفيد من الجهود والنظريات الجديدة ، ولكنها تنطلق من ملامح وطبيعة البيئة والشخصية والثقافة ـ والهموم التى تجمع أمتنا العربية فى كيان متكامل كالبنيان المرصوص تاريخا ، ولغة وطقوسا، وفضاءات، ومجابهات وحوارات مع الآخر وضد الآخر 0
س6 : يرى بعض النقاد أن هذا زمن الرواية بعد أن تراجع الشعر فما رأيك ؟
هذا رأى صائب وواقعى ـ لأن الرواية فى هذا العصر ـ تعددت قنوات توصيلها للناس، فالدراما التليفزيونية ، والمسلسلات .. فى كل القنوات تواجهنا وتدخل ملايين البيوت يوميا ـ ولذلك أرى أن الرواية المكتوبة ليس هذا زمنها ، ولكن الرواية المشاهدة فى السينما والتلفزيون ، والمسموعة فى الإذاعة ـ هى التى قهرت القصيدة وجعلت الشعراء يتراجعون إلى الصفوف الخلفية فى مسارح التلقين 0
ومن مسببات مأساة الشعر وأزمته ما يلجأ إليه بعض الشعراء من غموض وتكلف ، ومن اقتحام للمحرمات وجرأة على المقدسات ، وتقليد لثقافة العرى ، ومشاهد "الفيديو كليب"0
ومن أسباب أزمة الشعر .. وازدهار فن الرواية .. انتشار ظاهرة كتاب "الأغانى" التافهة .. السوقية المبتذلة التى تلحن وتغنى وتوزع بالملايين ـ ويصبح هذا المؤلف الذى لا يجيد التحدث بالفصحى، ولا يعرف حقيقة التجربة الشعرية "الفصحى أو العامية" ولا يعرف حتى فن الزجل هذا المؤلف الخالى الذهن ـ والمسطح الفكر ـ يصبح هو هو الشاعر فى نظر "العامة" ويحفظ كلامه ملايين الناس 0
فهل يستيقظ الشعراء الحقيقيون من أوهامهم ومن غفوتهم، وهل تستيقظ لجنة النصوص ولجنة الرقابة بالإذاعة والتلفزيون ـ لكى تتابع ـ وتحد من أسراب النمل التى ملأت بيوتنا وغزت أنفاسنا، وسكنت أسماعنا ـ فى هيئة كلمات كسيحة ، وأنغام قبيحة، ومشاهد أقرب إلى الدعارة منها إلى الفن ؟!!
كل هذه التراكمات السرطانية .. أوقفت المد الشعرى الحقيقى وصرفت الناس عن الشعر والشعراء وخلا الميدان لفن الرواية لأنها كتابها لم يبتذلوا أنفسهم، ولم يسمحوا للمدعين، والمرائين ، والكذابين، والمهرجين أن ينزلوا إلى ساحتهم ـ وإلا فساء صباح المنذرين 0
س7 : ما هو مدخلكم لقراءة النص الأدبى "قصة أو قصيدة" :
إن قراءة النص من داخله ، واستكشاف أسراره من خلال التجول فيه أولا ـ والتعرف على معالمه وأبعاده وفك شفراته ، والوصول إلى رموزه هو المدخل الفنى الصحيح الذى أصحبه وأنا أحاور العمل الأدبى "شعرا كان أو قصة " 0
والنص يبوح باسراره ؛ والمنهج التكاملى هو أقرب المناهج إلى تجربتى النقدية .. ومن آليات هذا المنهج أن الفنون تتعانق وتتداخل ، وأدوات كل فن تشارك فى تشكيل التجربة فى الفنون الأخرى ، فالفنون القولية لا يمكن أن نتعرف على أسرارها ونحن بمنأى عن "الفنون الجميلة البصرية والسمعية والتشكيلية" 0
وبعض النصوص الإبداعية تقرض آليات منهج معين ويكون هو المدخل لاكتشاف عوالمها مثل "المنهج النفسى أو الاجتماعى أو التاريخى أو الفنى أو الأسلوبى، ولكن المنهج التكاملى هو أقرب المناهج إلى تعاملى مع النصوص ، وقد قمت بإبراز آليات هذا المنهج فى عدة كتب لى ومنها "شعراء وتجارب" ، "نحو منهج تكاملى فى النقد التطبيقى" و"التجربة الإبداعية فى ضوء النقد الحديث " وكتاب "القصة القصيرة دراسة ومختارات" وكتاب "آفاق الرؤية الشعرية دراسات وقضايا" 0
س8 : لماذا تراجع المسرح الشعرى فى عصرنا ؟؟
المسرح الشعرى ـ لم يتراجع ـ لأن كثيرا من الشعراء ما زالوا يكتبون المسرح الشعرى ـ فى مصر وفى العالم العربى ـ وفى مصر الشعراء محمد إبراهيم أبوسنة، وأحمد سويلم ، وفاروق جويدة ومهدى بندق ، وحسين على محمد، والشاعر الراحل د/أنس داود ومحمد سعد بيومى ، وغيرهم من شعراء مصر فى القاهرة والإسكندرية وفى كل المحافظات 0
ولكن الأزمة ترجع إلى المسؤولين عن "المسرح القومى" و"المسارح الخاصة"ومسارح الثقافة الجماهيرية ، ومسارح الجامعات 0
ومسرح التلفزيون، كل هذه الهيئات ـ لا توجه اهتمامها للمسرح الشعرى ، ولا تشجع الشعراء ، ولكنها تشجع المسرح التجارى الذى يميل إلى الإضحاك ـ والتسلية الوقتية وحجتهم أن "الجمهور يطلب ذلك" !! ولكن هذه حجة باطلة لأن الجماهير واعية .. وهى قادرة على التكيف مع الفن الراقى الذى يعرض عليها،والدليل على ذلك أن مسرح صلاح عبدالصبور ذاع وانتشر ومأساة الحلاج شاهد على ذلك 0
ومسرح الشرقاوى أثر فى الجماهير المثقفة، وجماهير الشعب ولا زلنا نذكر بالإعجاب الحسين ثائرا ، والحسن شهيدا ، والفتى مهران 0
وخروجا من هذا المأزق أرى أن تسترجع هيئة المسرح ذاكرتها القومية وأن تبحث عن النصوص المسرحية الجيدة وأن تتبنى خطة قومية مسرحية لإعادة الوعى الحضارى إلى المشاهد المصرى من جديد ، ويمكن الإعلان عن مسابقات فى المسرح الشعرى ، وإعادة تمثيل المسرح الشعرى للشاعر / عزيز أباظة وأحمد شوقى ، وعبدالرحمن الشرقاوى وصلاح عبدالصبور والشاعر السورى / عدنان مردم ، وقد أعد عنه الشاعر الدكتور / حسين على محمد رسالة أكاديمية عنوانها :
" عدنان مردم بك : شاعرا مسرحيا " ، وكان موضوعه فى الدكتوراه "البطل فى المسرح الشعرى المعاصر" 0
والحقل الجامعى يهتم كثيرا بالدراسات المسرحية ، ولكن الواقع العملى على المسارح العامة والخاصة ـ ما زال فى سبات لاهيا وغافلا عن الإنجازات الرائعة فى "المسرح الشعرى المعاصر" 0
والشاعر الدكتور / أسامة أبوطالب ـ والناقد الدكتور / جابر عصفور ووزير الثقافة، ووزير الإعلام ـ قادرون على النهوض من جديد بحركة المسرح "الشعرى"، إذا أقاموا الجسور الثقافية مع شعراء مصر فى جميع المواقع، وجميع المحافظات ، والثقافة الجماهيرية يمكن أن تمسك بيدها شعلة البداية من جديد 0
س9 : ما هو مفهومكم للأدب الإسلامى ودوره فى الأدب والحياة ؟
الأدب الإسلامى ـ ليس مسورا بحدود المكان ، ولا مؤقتا بأطر الزمان، ولكنه أدب شمولى الرؤية ، يتوجه بخطابه الإبداعى إلى الوجدان "المسلم" فى كل أنحاء المعمورة ، فهو أدب عالمى النزعة والتصور والرؤى ، والتشكيل 0
ولكنه منطلق من آفاق التصور الإسلامى التى لا تتصادم مع الفطرة الإنسانية الصافية وهى : "الربانية ـ الثبات ـ التوازن ـ الشمولية ـ الإيجابية ـ الواقعية ـ التوحيد " وهذه الأسس تمثل منابع وجدانية لكل تجربة أدبية مهما تنوعت طرائقها وتعددت أشكالها والأدب الإسلامى لا يقف ضد أى تجربة تعبيرية أو أى شكل تجريبى مستحدث فى الفنون الأدبية كلها بحيث لا يكون هناك تصادم مع موقف الإسلام من الكون والإنسان والحياة والطبيعة0
فالأدب الإسلامى تنطلق تجاربه فى الفنون الأدبية كلها من نبع الأيمان الفياض والتسليم المطلق بخالق الكون جل وعلا ، وتمتزج هذه الانطلاقة الإيمانية بالتأمل فى مشاهد الكون ، والنظر الثاقب فى ملكوت السماوات والأرض ، واستجلاء معالم القدرة الإلهية فى صنعة هذا الكون البديع المتناسق ، والأدب الإسلامى فى غمرة هذه التجارب التأملية لا يكون بمعزل عن واقع الحياة ، ومشاغل الإنسان، وقلقه وصراعه ومقاومته ، فهو يستجلى أسرار الحياة ويشخصها ، ويبحث عن مناقد الخلاص للإنسان فى أى مكان عبر رؤية إسلامية حضارية تواجه الآخر بالحوار والحكمة .. والكلمة الفنية الجمالية التى تصاغ معالمها فى قوالب فنية متجددة 0
س10 : من خلال تواجدكم فى دول الخليج العربى/ السعودية ، ما أهم ما لفت نظركم فى الأدب السعودى ؟
لقد تعايشت مع الأدب السعودى .. قراءة ، ونقدا ـ وقبولا ورفضا .. من موقعى بالعمل بجامعة أم القرى بمكة وبجامعة الإمام بالرياض ومن خلال حضور مهرجان "الجنادرية" أكثر من مرة والمشاركة فى الندوات والمحاضرات بالنوادى الأدبية المنتشرة بالمملكة ـ وأهم الظواهر الملفتة للنظر والجديرة بالنقد 0
أولا : الاهتمام الزائد بالنتاج الأدبى فى الجرائد والمجلات السعودية ـ فكل جريدة لها ملحق أدبى أسبوعى ـ متعدد الصفحات وملحق الأربعاء التابع لجريدة المدينة عدد صفحاته "أربعون صفحة" 0
ثانيا : النشاط الفعال والمؤثر للنوادى الأدبية الثقافية والتركيز على الجانب الأدبى فى كل الفنون الأدبية ، والندوات تقام أسبوعيا 0
ثالثا : الصراع والتنافس بين أنصار الحداثة ، وأنصار التراث .. وهذا الصراع أثمر جهودا نقدية ـ وتجارب إبداعية هائلة ـ وكل فريق يدافع عن رؤيته، ويقدم الشواهد على صواب منهجه 0
رابعا : الارتباط بالنبض الثقافى المصرى ، ومحاولة تجاوزه والادعاء أحيانا من قبل أنصار الحداثة أنهم سبقوا مصر فى التحديث وتفوقوا عليها ، ولكن ظل هذا الادعاء أملا ، وحلما يراود الكثيرين .. والمشهد الثقافى العربى لم يزل مشدودا إلى مصر ؛ وكل أديب مصري يرحب بأي موهبة وأي صوت أدبى له حضوره وتميزه على الساحة العربية0
خامسا : ظاهرة الجوائز التى يقوم بها رجال الأعمال العرب وفى مقدمتهم : السعوديون، ومنهم د/ عبدالله باشراحيل، ود/ محمد زكى اليمانى ، وفى الكويت عبدالعزيز سعود البابطين ، وفى الإمارات سلطان العويس ، وغيرهم ، هذه الظاهرة يفتقدها الواقع الثقافى والأدبى فى مصر ، فلم تزل جوائز الدولة هى الشمعة المضيئة فى قلب الفضاء الثقافى المليء بالغبار والعمالة والسمسرة والقروض والهروب ، وما زال رجال الأعمال عندنا متعلقين بسراب السباحة فى غابات الساحل الشمالى، وصناديق الليل فى الغردقة، ومشاهد العرى فى شرم الشيخ ودهب ، أما الاستثمار فى البحث العلمي ، والتفوق الأدبى والإنجاز الفكرى ـ فهو بمنأى عن خططهم ووعيهم، وهل تنتبه وزارة الاستثمار لهذا المنحى الحضارى المستقبلى ؟ وهل تفتح وزارة الثقافة أبوابها لمثل هذا التوجه الحضارى فى إثراء الثقافة والفكر والعلم ؟
د. حسين علي محمد
21-08-2006, 01:37 PM
حول أهم القضايا الأدبية المعاصرة
حوار: سمير فراج
............................
أ.د/ صابر عبدالدايم .. وكيل كلية اللغة العربية بالزقازيق .. فرع جامعة الأزهر
نبذة عن الجهود العلمية وأهم المؤلفات
تتمثل جهودى العلمية فى عدة محاور تتقابل جميعها وتتشابك لتكون صورة شبه متكاملة لطموحاتى العلمية … ورغباتى الدائمة فى تجاوز ما هو كائن إلى ما يجب أن يكون .. ومن هذه المحاور التى تجسد الجهود العلمية0
أولا : النتاج الإبداعى:
وبخاصة فى فن الشعر … وقد واكب نتاجى الإبداعى .. النتاج النقدى … وقد تعمقت التجارب الإبداعية لدى وواكبت إيقاع القصيدة المعاصرة .. وأعتقد أن هذه المواكبة ثمرة من ثمار الالتحام بالتراث والتعايش مع المعاصرة .. فى قراءاتى .. وموقفى النقدى من الرؤى النقدية القديمة .. والحديثة ..، وكذلك تعايشى مع النصوص الإبداعية التراثية والمعاصرة تحليلا ونقدا وتناصا فنيا .. وتمثلت رحلتى الإبداعية فى هذه الدواوين الشعرية:
1 - ديوان "نبضات قلبين" عام 1969م0
2 - المسافر فى سنبلات الزمن 1082م0
3 - ديوان "الحلم والسفر والتحول 1983م0
4 - ديوان "المرايا وزهرة النار" 1988م0
5 - ديوان "العاشق والنهر" 1994م0
6 - ديوان "مدائن الفجر" صدر 1995م0
ثانيا : النتاج النقدى :
وتمثل هذا النتاج … فى عدة دراسات أدبية ونقدية ومنها:
1 - محمود حسن إسماعيل بين الأصالة والمعاصرة ـ دار المعارف بالقاهرة 1984م0
2 - مقالات وبحوث فى الأدب المعاصر ـ دار المعارف بالقاهرة 1982م0
3 - الأدب الصوفى : اتجاهاته وخصائصه ـ دار المعارف بالقاهرة 1984م0
4 - أدب المهجر .. دراسة لأبعاد التجربة التأملية ـ دار المعارف بالقاهرة 1983م0
5 - الأدب الإسلامى بين النظرية والتطبيق ـ دار الأرقم بالزقازيق 1990م ، ودار الشروق بالقاهرة 2002م ط 2 0
6 - التجربة الإبداعية فى ضوء النقد الحديث ـ مكتبة الخانجى بالقاهرة 1989م0
7 - موسيقى الشعر العربى بين الثبات والتطور ـ مكتبة الخانجى بالقاهرة 1992م0
8 - تاج المدائح النبوية "رؤية نقدية معاصرة" دار هديل للنشر والتوزيع 1994م0
ثالثا : الإشراف العلمى على كثير من رسائل الماجستير والدكتوراه .. ومنها:
ـ تطور النثر الفنى فى العصرين"الإسلامى والأموى" رسالة دكتوراه0
ـ شعر الأطباء فى العصر العباسى .. دراسة نقدية رسالة دكتوراه0
ـ فن التراجم بين العقاد وطه حسين وهيكل دراسة تحليلية موازنة رسالة دكتوراه 0
ـ شعر ذوى العاهات فى العصر الحديث دراسة تحليلية نقدية رسالة ماجستير0
رابعا : مناقشة لرسائل الماجستير والدكتوراه .. ومنها:
ـ شعر الطير بين العصر العباسى والعصر الأندلسى رسالة دكتوراه0
ـ النزعة التأملية فى شعر مدرسة الديوان رسالة ماجستير0
ـ مؤلفات طه حسين الإسلامية دراسة تحليلية نقدية رسالة ماجستير0
ـ مسرح نجيب سرور الشعرى دراسة تحليلية نقدية رسالة ماجستير0
ـ الريف المصرى بين محمود حسن إسماعيل وفوزى العنتيل رسالة ماجستير0
ـ الإيقاع العروضى وقيمته فى الشعر العربى رسالة دكتوراه0
خامسا : المشاركة فى كثير من البرامج الثقافية بالإذاعة المصرية .. وحضور كثير من المؤتمرات الأدبية والثقافية .. ومنها:
ـ مؤتمر الأدباء الشبان عام 1969م ـ مؤتمر العقاد بأسوان عام 1990م0
ـ مؤتمر أدباء مصر فى الأقاليم بأسوان وبورسعيد والإسماعيلية والعريش 0
ـ مؤتمر الأدب الإسلامى بجامعة عين شمس 1992م0
ـ مؤتمر ومهرجانات الجنادرية بالسعودية 1993م ـ 1413هـ0
ـ مؤتمر الأدب الإسلامى بتركيا سنة 1993م0
سادسا: المشاركة فى تقويم النتاج الأكاديمى المقدم للترقية إلى درجة أستاذ مساعد ، وإلى درجة "أستاذ" فى "الأدب والنقد" 0
سابعا : مواكبة إيقاع الحياة الأدبية والنقدية … انتسابا … وتقويما … ومن ذلك :
ـ عضو اتحاد كتاب مصر 0
ـ عضو رابطة الأدب الإسلامى العالمية 0
ـ عضو مجلس تحرير مجلة الثقافة الجديدة 0
ـ مستشار تحرير مجلة "أصوات معاصرة" 0
ـ مدير تحرير الحولية العلمية "لكلية اللغة العربية بالزقازيق"0
ـ مؤسس الصالون الأدبى بالشرقية 0
ـ نشر القصائد … والدراسات النقدية بالمجلات المصرية والعربية .. والجرائد اليومية ومنها مجلة "الفيصل" ـ المجلة العربية بالسعودية ـ مجلة الهلال والشعر بمصر ـ جريدة "الأهرام" ـ جريدة الندوة والمسائية والجزيرة بالسعودية ـ 0
* س : ما رأيك فى التناقض الذى ينتاب الحياة الأدبية حاليا؟
* إن التناقض الذى تفرزه فعاليات الحياة الأدبية فى حركتها المائجة يبدو متجسدا فى كثير من التوجهات المتصادمة، والرؤى المتناحرة، والتيارات الشعرية المتصارعة..،والمذاهب النقدية المستغربة الملغزة0
ففريق من النقاد يدعو إلى الأدب الملتزم .. والالتزام فى منهجهم يعد حصارا للأديب .. وفرض الوصاية عليه .. والدفع به إلى المباشرة والتقرير فى تجاربه الفنية .. وعلى الرغم من انهيار التيار اليسارى ... وتحطيم الأيديولوجية الاشتراكية .. والشيوعية تحديدا" فإن هذا الفريق مازال يعيش فى وهم "الجنة المزعومة" .. جنة الكادحين .. والفقراء .. الذين سينعمون بالمساواة الزائفة فى ظل مبادئ واهمة تكافئ الخامل. وتنهب عرق الكادح العامل الذى وجد له مكانا شريفا فى قلب الزحام والصراع0
وحين نتأمل الخريطة الأدبية والنقدية نرى فريقا آخر من النقاد يلقى بطلاسم المصطلحات، وغريب الرؤى .. فى تحليله للنص الإبداعى .. والنتيجة المؤسفة هى تجسيد للتناقض الذى يسيطر على الحياة الأدبية فالقارئ يبتعد كثيرا عن عالم النص .. حين يحاول استكشاف عوالم هذا النص وهو يقرأ التحليل النقدى .. لأن النقاد ينفصلون عن بيئتهم وواقعهم وتكوينهم الثقافى حين ينقلون حرفيا الحداثة النقدية فى الغرب .. ، والنتيجة غموض فى العبارات، وتكلف وشطط فى النتائج..، وغلو وإسراف فى التحليل، وإشادة بالنماذج المستغلقة على إدراك المتلقى الواعى المستنير..، وعلى المتخصصين الأكاديميين "أحيانا"0
ومن ظواهر التناقض فى الحياة الأدبية .. اضطراب المفاهيم .. واختلاط الرؤى..وتمرد كثير من المبدعين على ثوابت الأمة..، وعلى "المسلمات" التى تشكل وجدان الجماهير ..، وقمة التناقض تتجسد فى هبوط كثير من تجارب المبدعين إلى دائرة "الحس"، والرغبات الجنسية، وتصوير هذه الرغبات المحمومة، والسلوكيات المريضة فى مشاهد شعرية فاضحة .. تتصادم مع الذوق العام، وتتناقض مع فطرة الإنسان النقية الصافية، وتنأى عن سمو الرغبات، والمشاعر الإنسانية الدافئة الراصدة لجماليات الواقع، وتجليات المستقبل0
فاللغة الجنسية الصارخة المحمومة فى التجارب الحداثية فى الشعر وفى القصة تفصح عن التناقض الذى شوه وجه الحياة الأدبية0
وانقسمت الحياة الأدبية فى مصر إلى فريقين "فريق الورد" وفريق "الهالوك" .. والهالوكيون كما يرى د/ حلمى القاعود "فى كتابه" الورد والهالوك يلعبون على وتر اللغة الدينية لتشويه كل ما هو مرتبط بالإسلام، والسخرية منه، ومزجه بلغة "الشبق الجنسى" التى تسيطر على كثير من مفرداتهم وتراكيبهم 0
وبعض التجارب الشعرية يصوغها شعراء هذا الاتجاه" فى لغة فجة ، وصور فاضحة .. وتشويه للأحاسيس، واصطدام بالوجدان العام .. ، وسخرية متعمدة من "العقيدة"، وتجرأ عجيب غريب على لفظ الجلالة ..
وغالى "الحداثيون" أو "الهالوكيون" فى عشقهم للغرابة اللفظية والأسلوبية .. والسلوكية ..
وجاءت تجاربهم فى كثير منها مجرد ألاعيب وخزعبلات لغوية … وشطحات فكرية مقترنة بالهذيان والتكلف0
إن أحد الشعراء الذين نشروا سموم تجاربهم فى آفاق رؤانا الصافية يقول فى مناظرة بين حرفى "الباء والحاء"0
قالت حاء: فى الحدادون، الحفاظون ـ الحراس ـ الحصادون ـ الحرافيش ـ الحى ـ الحداءون ـ الحاكة ـ حمال حصاد العقل ، الحكاءون الحطابون ـ حرائر حمص ـ الحضانون0
فقالت باء: وأنا فى البناءون ـ البصاصون ـ الباعة والبداعون، بشارفة، البير قدار، البصارون، بهانسة البدون ـ البدو ـ بلاغيو البصرة ـ وبنات البدن ،.. ، البربر .. والبواسون0
وكما نرى ... كما يقول د/ حلمى القاعود .. فإن الشعر تحول إلى عملية إحصائية سقيمة وباردة للأسماء التى تبدأ بالحاء والباء، ويستطيع أى شخص يحمل شهادة محو الأمية أن يقوم بهذه الإحصائية دون كبير عناء0
س: هل توافق على القول بموت القصيدة العمودية؟
لا … لا أوافق .. على هذا القول الظالم … الذى يرى القصيدة العمودية بمنظار عدائى شعوبى، ومن خلال رؤية انهزامية صدقت ـ فى جهل وادعاء وغرور ـ ما قاله أعداء الثقافة العربية والإسلامية .. عن شكل القصيدة ...، والشكل الشعرى ما هو إلا هيكل .. وقالب يصب فيه الشاعر ذوب رؤيته وعصارة تجربته 0
فكثير من قصائد شعر "التفعيلة" لا نجد فيها التوهج الشعرى، وروعة الأداء الفنى ، وفى الوقت ذاته نعثر على نماذج جيدة فى هذا الشكل الشعرى أيضا "شعر التفعيلة0
والمعيار نفسه ينطبق على الشعر المقفى أو "شعر الشطرين" أو القصيدة "العمودية" فالتراث الشعرى العربى يفيض بالكنوز الرائعة من النتاج الشعرى الخالد .. وليقرأ المنكرون والجاحدون لقيمة هذا التراث .. ما كتبه المستشرقون .. وما كتبه أعلام النقاد عن "الشعراء العرب" "القدامى" وعن عبقرياتهم النادرة .. عن امرئ القيس، وعن زهير بن أبىسلمى ، وعن "حسان بن ثابت" وعن المتنبى وأبى تمام .. وبشار بن برد، وذى الرمة، وابن خفاجة الأندلسى …
وفى العصر الحديث .. يظل الشعر المهجرى "منارة تفوق.. وبرهانا فنيا صادقا على تفوق الشكل الشعرى التراثى …، فشعرهم موزون مقفى .. ولكنه نابض بالحس الإنسانى .. مفعم بالرموز والإيحاءات، ولم يقف قيد القافية عائقا أمامهم .. بل سبحوا فى بحار النغم الشعرى العربى .. وغاصوا فى مياهه الصافية وعادوا بلآلئ الشعر ... ومرجان / القصيدة الفريدة0
(يتبع)
د. حسين علي محمد
21-08-2006, 01:38 PM
(بقية حوار سمير فراج)
..............................
وما زال شعراء العربية الكبار يبدعون وفى مقدمتهم الشاعر اليمنى الكبير "عبدالله اليردونى" والشاعر الكبير الراحل "عمر أبوريشة"، والشاعر العملاق .. "محمود حسن إسماعيل" وفى الجيل المعاصر ... الشاعر المصرى .. إبراهيم عيسى ..، والشاعر فاروق جويدة، والشاعر/ عبدالعليم القبانى، والشاعر "يس الفيل" ، والشاعر الإسلامى الكبير .. محمد التهامى .. والشاعر د/ جابر قميحة0
وقافلة الشعراء ما زالت تسير، فهل أمام هذه الموجات المتلاحقة من "المد الشعرى" نقول "ماتت القصيدة العمودية"0
إنه قول غريب وعجيب لا يخلو من شطط .. ولا نبرئه من العداء ونزعة التدمير 0
وأنبه هنا إلى أن الذين ينادون بموت القصيدة "العمودية" يفهمون مصطلح "عمود الشعر" على غير وجهه الصحيح، فهم يفهمونه مثل "العوام" بمعنى أنهم يتصورون الشعر المقفى … قائم بقوافيه "الموحدة" مثل "العمود" أو "العمد" المنتصبة0
والأمير غير ذلك تماما … فعمود الشعر العربى يعنى "الشعر الذى بلغ درجة عالية من الجودة الفنية … وذلك وفق أسس ومقاييس تتعلق باللفظ والمعنى والتصوير … فاللفظ فى القصيدة "العمودية" لابد فيه من شروط فنية وبدونها يخرج من دائرة الفن الشعرى .. وهذه الشروط هى :
1 – الجزالة 2 – الاستقامة 3 – المشاكلة للمعنى 4 – شدة اقتضائه للقافية 0
وأما المعنى أو "المضمون" فلابد له من أسس وشروط حتى يدخل فى نطاق التجربة الشعرية ، فليس كل مضمون يسمى "شعرا" وشروط المعنى:
1 – شرف المعنى 2 – صحة المعنى 3 – الإصابة فى الوصف
وأما تصوير المعانى …فله أسس ومعايير هى :
1 - المقاربة فى التشبيه 0
2 - مناسبة المستعار منه للمستعار له0
3 - التحام أجزاء النظم والتئامها
هذه المقاييس الفنية التى حددها المرزوقى فى حماسته تعد كما يقول د/ زكى نجيب محمود أسمى تصور للشعر الجيد .. ، ولو تحققت هذه المقاييس فى أى شعر لأصبح شعرا عالميا0
ومن هنا فإنى أقول إن القصيدة "العمودية" وفق مقاييس عمود الشعر هى أرقى نموذج شعرى نصبو إليه ونحتذيه ونبدعه ولكن أين المبدعون ؟؟؟ فكثير من القصائد المقفاه .. لا تسمى قصائد عمودية .. لأنها فقدت كثيرا من خصائص عمود الشعر العربى ..
والركام الهائل من "شعر التفعيلة" أصبح كغثاء السيل لا فائدة فيه .. ولا نفع يرجى منه ، وإنما نجد نماذج منه كثيرة أقرب إلى الهذيان والعبث والخزعبلات 0
فالشعر الجيد يقدم فى أى شكل شعرى .. نابض بإيقاع الحياة والعصر والرغبة فى التجديد والتجاوز والإضافة المبدعة0
س: ما الدور الثقافى الذى تقوم به الجامعات الإقليمية؟ وما أهم المشكلات التى تعوق تحقيق هذا الدور؟
* الجامعات الإقليمية ظاهرة حضارية .. فكل إقليم له مشكلاته البيئية، وظروفه الاجتماعية، وطموحاته الحضارية، وخصائصه اللغوية …، ومفرداته المعجمية … 0
فالجامعات الإقليمية عليها عبء جسيم وخطير فى نشر الوعى الثقافى بين أبناء الإقليم … ولا يقتصر هذا "الدور" على ما يلقى داخل أروقة الجامعة .. أو قاعات المحاضرات..، أو ما يكتب .. على عجل .. فى صورة مذكرات "منقولة" أو مترجمة أو مقتبسة، وإنما الأمر يتجاوز هذه الدائرة النمطية الضيقة إلى مجال أرحب وأوسع .. وأهم المجالات التى يتحرك فيها الدور الثقافى للجامعات الإقليمية .. كما أتصور .. هى:
أولا : التنقيب عن المبدعين الراحلين فى كل إقليم .. واكتشاف آثارهم الإبداعية .. التى تركوها .. وتحقيقها.. ونشرها على الناس وذلك بتكليف طلبة الدراسات العليا بضرورة البحث فى هذا المجال0
ثانيا: تعايش الدرس الجامعى مع نبض الحركة الثقافية والإبداعية بالإقليم .. والتعرف على الرموز الثقافية فى كل إقليم، وعلى الأصوات المبدعة .. المتمثلة فى الأجيال المتعددة0
ثالثا: إقامة المحاضرات التثقيفية والندوات الأدبية، والتى يشارك فيها.. أساتذة الجامعة.. والمدرسون المساعدون والمعيدون.. من خلال برنامج منظم .. تشارك فى إعداده كافة الأجهزة التنفيذية .. والسياسة والمحليات، ومديريات الثقافة .. ومديريات الشباب والرياضة0
رابعا : قيام كل كلية بدورها فى خدمة البيئة .. حسب تخصصها سواء فى المجال الطبى أو الهندسى أو الزراعى .. أو الصناعى .. أو الفكرى وكذلك التربوى .. والإبداعى0
وأعتقد أن هذا الدور الثقافى المنوط بالجامعات الإقليمية قد قامت بعض الجامعات أو الكليات بانجاز قليل منه .. لأن بعض الأكاديميين مازالوا يعيشون فى أبراجهم العاجية .. وفى تخصصاتهم الدقيقة التى مازالت تحتمى بأسوار الجامعة .. وتتوجس خيفة من الانطلاق خارج هذه الأسوار 0
وحين يحاول المخلصون من الباحثين والمفكرين النقاد الجامعيين أن يلتحموا بقضايا المجتمع وتقديم خلاصة أبحاثهم لخدمة البيئة يجدون المعوقات والعراقيل ... ويقابلون بعدم التقدير .. ونظرة اللامبالاة، فينشأ لديهم إحساس بالعودة للعزلة مرة أخرى 0
وهناك بعض الظواهر الإيجابية التى تقلل من قتامة هذه الصورة لواقع الدور الثقافى للجامعات الإقليمية 0
* س: توظيف الموروث فى القصيدة الحديثة: أخذ عدة أنماط فى رأيك ما هى أهمها؟ وهل يعد ذلك التوظيف ظاهرة صحية؟
توظيف الموروث فى القصيدة الحديثة .. يعد ظاهرة فنية صحية .. يلتحم ذلك التوظيف بالتجربة الشعرية التحاما نفسيا وشعوريا .. وينأى عن التكلف والإلغاز والتعقيد 0
والموروث تتعدد .. أنماطه فهناك الشخصيات التراثية .. وأيضا الأساطير، والمأثور الشعبى0
وهناك أيضا التناص مع الموروث اللغوى والإبداعى .. والدينى .. وكذلك توظيف المكان فى تقديم الرؤى الشعرية0
والبيان القرآنى ، والبيان النبوى، والأمثال العربية ...، وهناك "التراث الإنسانى، والفرعونى، والإغريقى، واللاتينى، والهندى، والصينى .. والأفريقى"0
ولكن التوظيف يكون غير صحى، ويبتعد عن الآفاق الشعرية الصافية، حين يبتعد ذلك التوظيف عن الوجدان الشعبى … وعن المألوف لدى النبض الجماهيرى الملتحم بقضايا الأمة، وتوظيف التراث يكون غير "صحى" وغير فنى حين يصطدم بالذوق العام .. وحين يسىء إلى العقيدة.. ، وحين يشوه صورة الشخصيات الإسلامية والعربية ويقدمها فى تجارب متهالكة ضعيفة0
وكذلك يفشل التوظيف فنيا وشعوريا حين يسىء الشاعر توظيف النص القرآنى .. واستدعاء الشخصيات الإسلامية، وكذلك حين يوظف الأساطير الغربية التى أفرزتها تجارب الشعوب والحضارات ولكنها تتصادم مع قيمنا الدينية، وأعرافنا وتقاليدنا الاجتماعية 0
وكثير من تجارب شعراء الحداثة قد فشلت فى التواصل مع جماهير الأمة العربية والإسلامية لأنها جنحت إلى الغموض، وتصادمت مع القيم الإسلامية .. والتقاليد الاجتماعية0
وأساءت استخدام التراث وتوظيفه فى قوالب فنية جميلة .. وصور شعرية إيحائية مجسدة للإحساس الخالص ومتفتحة على الإيقاع العام لحركة الحياة .. فى واقعها الأجمل وغدها الأفضل ..، وماضيها المشرق المجيد 0
س: ما رأيك فى واقع المسرح الشعرى حاليا :
* إن واقع المسرح الشعرى ينظر إليه عبر محورين .. وهما محور الإبداع، ومحور "الفعل" أو التمثيل0
وفى حقيقة الأمر أن المحورين لا ينفصلان .. فالمسرحية الشعرية ليست نصا مكتوبا … وإنما هى نص يؤدى على "خشبة المسرح"0
وانفصال النص المكتوب أو عزله الإجبارى عن خشبة المسرح هو الذى أدى بالمسرح الشعرى إلى واقعه المهين الآن !!!!!
فلدينا مسرحيات شعرية كثيرة .. كتبها الشعراء من مختلف الأجيال وفى مقدمتهم: "أنس داود" والشاعر/ محمد إبراهيم أبوسنة والشاعر / أحمد سويلم، والشاعر/ فاروق جويدة، ومن الجيل التالى لهؤلاء نجد مسرحيات شعرية أبدعها الشعراء محمد سعد بيومى، د/حسين على محمد، محمد عبدالعزيز شنب، مهدى بندق، ومن جيل الرواد نقرأ للشعراء عزيز أباظة، ومحمود غنيم وعبدالرحمن الشرقاوى مسرحيات شعرية كثيرة من أبرزها مسرحيات صلاح عبدالصبور0
فأين موقع هذه المسرحيات من "خشبة المسرح" إنها مطرودة من مكانها الصحيح ... عن تعمد وسبق اصرار وترصد ...
إن المسرح الآن … والمسرح القومى فى مصر …، وقطاع المسرح الخاص .. لا يقدم إلا "المسرحيات العامية" الهابطة فكرة وأداء ورؤية .. إنها تركز فقط فى كل مشاهدها على إضحاك الناس بكل الوسائل الممكنة "حركة .. وصوتا وصورة .. وألفاظا نابية جارحة0
إن المسرح القومى حين قدم مسرحية "الوزير العائق" و"دماء على أستار الكعبة" للشاعر/ فاروق جويدة .. اكتسب احترام الجماهير .. والمثقفين، فلماذا لا يواصل هذه المسيرة، ويقدم فى كل موسم مسرحى نصين مسرحيين شعريين 0
ولماذا لا يعلن المجلس الأعلى للثقافة عن المسابقات السنوية فى تأليف المسرح الشعرى؟
ولماذا لا تقدم الهيئة العامة لقصور الثقافة المسرحيات الشعرية على مسارحها المتعددة فى أقاليم مصر ..؟
ولماذا لا تعلن أيضا عن المسابقات بين الشعراء فى تأليف المسرحيات الشعرية؟ هذا هو الواقع بين الأزمة ومحاولات تجاوز الأزمة ، والطموح إلى تحقيق الرغبات 0
س : ما رأيك فى تطور القصة القصيرة التى أدى إلى خلوها من الحكاية؟ وما مستقبلها بدون حكاية ؟
* إن القصة فى مسيرتها الطويلة مرت بأنواع وأنماط كثيرة متجددة .. من الطابع الملحمى فى الآداب القديمة، إلى قصص المغامرات، وقصص الرعاة، وقصة الشطار، وقصص التحليل النفسى، والقصص البوليسية، وقصة "المذكرات والرسائل" وقصة "تيار الوعى" .. وكل هذه الأنماط وتلك الأنواع لم تفقد عنصر "الحكى" .. والحدث0
لأن فن "القص" .. دعامته الحكاية الفنية ، وحين تفقد القصة هذا العنصر .. وتتكئ فقط على "اللغة" وتفجير اللغة، وتجسيد الحدث من خلال اللغة .. وتطور الشخصية من خلال اللغة ، فإن القصة تصبح حينئذ أقرب إلى "الحالة الخاصة" أو "المواجيد والتجارب الذاتية" ، وقد يجد فيها الخاصة .. تفننا أسلوبيا، ومتعة ذاتية.. ولكن لن تجد القصة قارئا من جماهير الشعب .. ، ووظيفة القصة هى التواصل مع "القارئ العادى" وتقديم الحياة إليه، فى صورة فنية مكثفة .. تختصر الزمان وتختزل المكان .. وتنقلهما للقارئ بين دفتى كتاب ممتع ومفيد … وجذاب بما يرسمه من شخوص وبما يصوره من أحداث … ، وما يصفه من أماكن .. وما يطرحه من رؤى ونبوءات فالقصة بدون حكاية لا مستقبل لها فى وجدان القراء، وهم جهة الاستقبال الصحيحة لموجات إرسال مبدعى القصة فى كل زمان ومكان 0
س: ما رأيك فى ما يسمونه قصيدة "النثر" وهل تعتقد أنها تطور طبيعى للقصيدة العربية؟
* إن مصطلح قصيدة "النثر" غير صائب .. وغير صحيح .. لأنه يجمع بين النقيضين .. شعر ونثر .. فكيف يكون القول شعرا ونثرا فى وقت واحد .. وهذا أشبه بمن يقول ... قابلت "حيوانا إنسانا" وادعاء أصحاب هذا الزعم ... ورواد هذا الخلط .. أن وليدهم المشوه هو تطور طبيعى للقصيدة ، ادعاء باطل وقاصر ومشبوه، بل إنهم يغالون فى هذا الادعاء ويقولون "إنها أى قصيدة النثر" المهرة النافرة التى تصهل كل يوم على صفحات الجرائد .. وإنها البديل عن القصيدة العربية التى مات منذ زمن بعيد !!!!!
وحتى لا نتهم بالتعصب أضم صوتى إلى صوت الشاعرة الناقدة "نازك الملائكة" وهى من رواد مدرسة الشعر "الحر" إنها تقول:
على أى وجه تريد دعوة النثر أن تسمى النثر شعرا؟ وما هذه الفوضى فى المصطلح والتفكير لدى الجيل الذى يقلد أوربا فى كل شىء تاركا تراث العرب الغنى المكتنز، إن المضمون الواضح لهذه الحماسة من أصحاب الدعوة هو أن النثر سائر فى رأيهم إلى أن يقتل الشعر، وإن دولة الوزن ستدول. فيكتب شعراء الأمة العربية نثرا وتنتهى من الوزن 0
فالوزن هو العمود الفقرى لكيان التجربة الشعرية .. وهو كما تقول نازك الملائكة : "الروح التى تكهرب المادة الأدبية وتصيرها شعرا، فلا شعر من دونه مهما جسد الشاعر من صور وعواطف، لا بل إن الصور والعواطف لا تصبح شعرية بالمعنى الحق، إلا إذا لمستها أصابع الموسيقى، ونبض فى عروقها الوزن 0
س : يدعو بعض النقاد إلى التحرر من النحو فى الإبداع، فما المسوغ الذى يجعلنا نقبل هذا ؟ وما أثره على ثبات اللغة ؟
لا يوجد مسوغ واحد للتعاطف مع هذه الدعوى الزائفة .. وفى يقينى ليس هناك ناقد واع مستنير يتفوه بمثل هذا الكلام … وإنما صغار المبدعين … ، والشعوبيون .. ، ودعاة العامية .. هم ينادون بهذا التوجه الانهزامى .. جهلا منهم بقيمة النسق الإبداعى فى بناء الأساليب العربية وفق النظام النحوى الدقيق0
وهناك الدعوة التى ينادى بها "الأسلوبيون .. والبنيويون" وهى "الانحراف عن القاعدة" ويعدونها سمة العبقرية .. وفحواها أن الأديب لا يظل أسيرا للبناء التقليدى فى نظام الجملة العربية ... وصياغة العبارات، واشتقاق الكلمات وبمقدار تجديد الأديب فى ألفاظه .. وتراكيبه الأسلوبية بمقدار ما يكون تفوقه فى فنه 0
وهذا توجه صحيح .. ولكن لا يتم إلا على أيدى العباقرة .. والخبرات الكبيرة فى مجال الإبداع الأدبى المتفوق , ولا نقبل هذا الصنيع من العابثين والجهلاء والأقزام ، وصغار المبدعين الذين لا يكادون يقرأون جملة عربية صحيحة، ولا يعرفون شيئا عن النحو إلا اسمه ...، ولا عن الحرف العربى الصحيح إلا رسمه !!!!
س: بم تعلل المستوى المنحدر لخريجى أقسام اللغة العربية بكليات الآداب والتربية ، وخريجى كليات اللغة العربية الذين تملأ أخطاؤهم وسائل الإعلام .. ؟
هذا السؤال يفجر قضية شائكة .. ويضعنا أمام إشكالية حضارية مصيرية..؟ فإذا كان المتخصصون فى اللغة العربية مصابون بداء الضعف اللغوى.. ، فكيف نعيب على الآخرين هذا الضعف وهو مؤكد تماما0
وأرى أن الضعف اللغوى يرجع إلى الظواهر الآتية:
أ - الاهتمام بتدريس القاعدة، وإثارة خلافات النحويين حول مسائل عقيمة لا صلة لها بواقع الدرس النحوى ووظيفته فى الحياة المعاصرة0
ب - إهمال العنصر التطبيقى فى تدريس علمى (النحو والصرف) فى مراحل التعليم المختلفة، وفى المراحل الجامعية على وجه الخصوص 0
جـ- إغفال "الإعراب" فى محاضرات النحو .... فلابد أن يدرب الطالب على الإعراب الكامل لكل النماذج والشواهد النحوية التى يدرسها 0
د - كثير من الطلاب الذين يلتحقون بأقسام اللغة العربية من أصحاب التقديرات الضعيفة و"المجموع القليل" فى الثانوية العامة، وليست هناك حوافز للتشجيع .. وهناك من ينظر إلى مدرسى اللغة العربية نظرة ازدراء وعدم تقدير0
هـ - عدم عقد دورات تدريبية لغوية جادة للمشتغلين بوسائل الإعلام "المذيعون والصحفيون" فى المجالات المتعددة، وكذلك "المدرسون"0
و - غلبة اللهجة العامية على المتحدثين فى الإذاعة والتليفزيون، وتحويل القصص والمسرحيات الفصيحة إلى اللهجة العامية حينما تمثل !!!!
ز - ضرورة تنقية كتب النحو التراثية من المسائل الخلافية .. وتقديم النحو فى أسلوب تربوى عصرى .. يلائم العصر الحديث ، ونرى ثمرته الناجحة فى تقويم الألسنة وصحة العبارات، وصواب التراكيب ، … وهذا لن يتحقق إلا فى ظل خطة منهجية متكاملة، وإخلاص شديد لقضية اللغة العربية ، فهى عنوان حضارتنا .. وهى لغة القرآن الكريم، وعلى قدر تمسكنا بلغتنا الفصحى وقوتنا فى التحدث بها .. فتكون أصالتنا ، وتتأكد شخصيتنا .. وهويتنا .. ووجودنا النابض بالحياة على وجه المعمورة 0
د. حسين علي محمد
21-08-2006, 01:39 PM
ملامح من السيرة الذاتية للدكتور صابر عبد الدايم
....................................
مواليد محافظة الشرقية بمصر 15 / 3 / 1948م 0
دكتوراه فى الأدب والنقد مع مرتبة الشرف الأولى من كلية اللغة العربية بالقاهرة جامعة الأزهر سنة 1981م 0
عضو مجلس إدارة اتحاد كتاب مصر ، ومقرر لجنة فروع الاتحاد بالمحافظات ، وعضو لجنة الشعر باتحاد الكتاب 0
عضو رابطة الأدب الإسلامى العالمية 0
رئيس مجلس إدارة جمعية الإبداع الأدبى والفنى بمحافظة الشرقية سابقا 0
عضو مجلس تحرير مجلة "الثقافة الجديدة" بمصر، ومستشار التحرير لمجلة "أوراق ثقافية" ومجلة "أصوات معاصرة ".
عضو مجلس إدارة مجلة : صوت الشرقية0
عمل أستاذا مشاركا بجامعة أم القرى فى الفترة من 1984 ـ 1988م 0
حصل على درجة الأستاذية فى الأدب والنقد عام 1990م 0
وكيل كلية اللغة العربية ـ فرع جامعة الأزهر بالزقازيق " 3 فترات" فى الأعوام 92/ 93 / 94" ثم من 2001م 0
عمل أستاذا زائرا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فى الفصل الدراسى الثانى من عام 1413هـ ـ 1993م 0
عمل أستاذا فى كلية اللغة العربية ـ جامعة أم القرى ـ مكة المكرمة ـ قسم الأدب ـ وقسم الدراسات العليا فى المدة من 1994 م ـ 2000م 0
شارك فى كثير من المؤتمرات الأدبية والشعرية فى داخل مصر وخارجها ، ومنها:
ـ مؤتمر العقاد بأسوان 1990م ـ مؤتمر د. زكى مبارك عام 1991م 0
ـ مؤتمرات أدباء مصر فى الأقاليم : بأسوان سنة 1990م ، وبورسعيد 1991م والإسماعيلية 1992 ، ومؤتمر العريش 1993 ومؤتمر الفيوم عام 2001م والمؤتمر العام لأدباء مصر بالإسكندرية 2002م 0
ـ أمين عام مؤتمر الأدباء الثانى الذى أقامته وزارة الثقافة بالزقازيق أبريل 2002م0
ـ مهرجان الهيئة العامة للكتاب سنة1992 ـ 1993م 0
ـ مؤتمر الأدب الإسلامى بجامعة عين شمس سنة 1992م 0
ـ مؤتمر الأدب الإسلام بمدينة استانبول بتركيا 1994م 0
ـ مهرجان الانتفاضة باتحاد كتاب مصر عام 2002م 0
ـ مؤتمر الجنادرية بالسعودية سنة 1993 ـ 1413هـ 0
ـ مؤتمر الجنادرية بالسعودية سنة 2003 ـ 1423هـ 0
ـ مؤتمر الأدب الإسلامى فى القاهرة 2002م 0
ـ مؤتمر " الاتحاد العام للكتاب العربى بتونس " سنة 2003 " موضوعه" التضامن والتكافل فى الحضارة العربية والإسلامية0
أشرف على عديد من الرسائل الجامعية فى مرحلتى الماجستير والدكتوراه فى مصر والسعودية منذ عام 1985م 0
عضو اللجنة الدائمة لترقية الأساتذة ، والأساتذة المساعدين بجامعة الأزهر منذ عام 1998 " لجنة المحكمين " 0
مدير تحرير " المجلة العلمية لكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر عام 92 ـ 93 ـ 94م 0 ثم من عام 2001 حتى الآن 0
رشحه اتحاد كتاب مصر للمشاركة فى مؤتمر " التكافل الاجتماعى فى الإسلام" الذى سيقام بتونس فى نوفمبر سنة 2002م 0
ناقش كثيرا من الرسائل الجامعية فى جامعة الأزهر ، وجامعة الزقازيق بمصر وجامعة أم القرى، وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية . والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وكلية التربية للبنات بجده ـ ومعهد الدراسات الإسلامية بالقاهرة 0
مؤسس الصالون الأدبى بالشرقية . ويعقد بمنزله شهريا فى مدينة الزقازيق ـ مصر 0
يشارك فى البرامج الأدبية والدينية فى إذاعات مصر ـ البرنامج العام ـ صوت العرب ـ البرنامج الثقافى ـ إذاعة القرآن الكريم .. وغيرها 0
يشارك بالأحاديث والحوارات الأدبية والفكرية والدينية فى قنوات التليفزيون .. الرابعة والثانية، والسادسة 000 والأولى 00 وبعض القنوات الفضائية0
نشر نتاجه الإبداعى والنقدى فى كثير من المجلات والجرائد المصرية والعربية . ومنها : الأهرام ـ الأخبار ـ الجمهورية ـ عقيدتى ـ آفاق عربية ـ الأزهر ـ صوت الأزهر ـ الشرق الأوسط ـ الهلال ـ إبداع الشعر ـ الندوة بمكة ـ المدينة السعودية ـ الثقافة بدمشق ـ الأبناء بالكويت0
فاز فى كثير من المسابقات الشعرية فى مصر والسعودية 0
كتبت عنه دراسات عديدة فى المجلات والدوريات المتخصصة 0
يشارك فى تحكيم كثير من المسابقات الأدبية فى الشعر والقصة والبحوث والمقالة ، وشارك فى لجان ترقية الأساتذة ، والأساتذة المساعدين فى مصر والسعودية0
رشحه مجلس جامعة الأزهر لنيل جائزة مبارك فى الآداب لعام 2003م ، وجائزة سلطان العويس عام 2001 م 0
حصل على درع التكريم من وزير الثقافة فى مصر لجهوده فى خدمة الحركة الأدبية عام 1993م ، كما حصل على درع التكريم فى مؤتمر الأدباء بالشرقية عام 2002م 0
تم ترشيحه لنيل جائزة سلطان العويس فى الشعر من قبل جامعة أم القرى عام 1998م 0
(( المؤلفات الإبداعية والأدبية والنقدية ))
أولا : دواوين شعرية :
1 - ديوان " نبضات قلبين " بالاشتراك مع عبد العزيز عبد الدايم ، عام 1969 مطبعة الموسكى بالقاهرة 0
2 - ديوان " المسافر فى سنبلات الزمن " عام 1982م مطبعة الأمانة بالقاهرة0
3 - ديوان "الحلم والسفر والتحول " عام 1983م وزارة الثقافة بمصر 0
4 - ديوان " المرايا وزهرة النار " ، الهيئة العامة للكتاب بالقاهرة 1988م 0
5 - ديوان " العاشق والنهر" ، الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقاهرة 1994م0
6 - ديوان " مدائن الفجر " نشر وطبع "رابطة الأدب الإسلامى العالمية" دار البشير ـ عمان ـ الأردن 1994م 0
7 - مسرحية " النبوءة" مسرحية شعرية ( مخطوطة ) 0
8 - ديوان " العمر والريح " نشر الهيئة العامة للكتاب بالقاهرة عام 2003 سلسلة الإبداع الشعرى 0
ثانيا : كتب أدبية ونقدية :
1 - مقالات وبحوث فى الأدب المعاصر. دار المعارف بالقاهرة عام 1984م0
2 - محمود حسن إسماعيل بين الأصالة والمعاصرة . دار المعارف بالقاهرة عام 1984م 0
3 - الأدب الصوفى : اتجاهاته وخصائصه . دار المعارف بالقاهرة عام 1984م0
4 - فن كتابة البحث الأدبى والمقال . بالاشتراك مع أ.د/ محمد داود ود/ حسين على محمد . ط1- مطبعة الأمانة بالقاهرة عام 1984م ، ط6- دار هبة النيل بالقاهرة سنة 2001م0
5 - من القيم الإسلامية فى الأدب العربى . مطابع جامعة الزقازيق عام 1988م
6 - التجربة الإبداعية فى ضوء النقد الحديث . مكتبة الخانجى بالقاهرة عام 1989م 0
7 - الأدب الإسلامى بين النظرية والتطبيق . دار الأرقم بالزقازيق ، عام1990م و" دار الشروق بالقاهرة عام2002م الطبعة الثانية0
8 - الأدب المقارن " دراسات فى المصطلح والظاهرة والتأثير " مطبعة الأمانة بالقاهرة 1990م 0
9 - موسيقى الشعر العربى بين الثبات والتطور . مطبعة الخانجى بالقاهرة 1992م 0
10 - أدب المهجر . دار المعارف بالقاهرة 1993م 0
11 - تاج المدائح النبوية ، [ شرح قصيدة البردة : لكعب بن زهير ] رؤية نقدية معاصرة دار هديل للنشر بالزقازيق / مصر 1994م0
12 - الحديث النبوى " رؤية فنية جمالية " . دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر بالإسكندرية 1999م 0
13 - " شعراء وتجارب " نحو منهج تكاملى فى النقد التطبيقى . دار الوفاء بالإسكندرية 1999م 0
14 - الأدب العربى المعاصر بين التقليد والتجديد ـ الزقازيق 2000م 0
15 - فن المقالة (بالاشتراك مع د. حسين علي محمد) ط6- دار هبة النيل بالقاهرة 2001م 0
ثالثا : كتب تحت الطبع :
1 - ديوان " الإمام الشيخ : محمد متولى الشعراوى" جمع وتحقيق ودراسة فنية "دار أخبار اليوم 0
2 - الشعر الأموى فى ظل السياسة والعقيدة 0
3 - هاشم الرفاعى : شاعر العروبة والإسلام : نشر الثقافة الجماهيرية بوزارة الثقافة0
4 - الدليل إلى أهدى سبيل فى علمى الخليل (تحقيق): مكتبة الفتح بالقاهرة 0
5 - ديوان " الأعمال الكاملة " 0
رابعا : ما كتب عنه :
1 - كتاب " أبعاد التجربة الشعرية فى شعر د/ صابر عبدالدايم 1992م" د/صادق حبيب ، نشر دار الأرقم بالزقازيق ـ مصر0
2 - مبحثان فى كتاب " القرآن ونظرية الفن " للدكتور / حسين على محمد ، مطبعة حسان 1992م 0
3 - دراستان فى كتابى : دراسات نقدية ، وجماليات النص ، للدكتور / أحمد زلط ـ دار المعارف ـ مصر 0
4 - بعض الدراسات النقدية فى مجلات : كلية اللغة العربية بالزقازيق، وكلية اللغة العربية بالمنوفية ، ودمنهور ، وفى مجلة الشعر بالقاهرة، وجريدة المسلمون الدولية ، ومجلة الخيرية بالكويت ، ومجلة الأدب الإسلامى ، ومجلة الهلال ومجلة صوت الشرقية ـ والأسبوع ـ ومجلة المجتمع بالكويت0
5 - دراسة نقدية فى كتاب " الورد والهالوك " للدكتور/ حلمى القاعود ، جامعة طنطا ـ مصر 0
6 - أعدت عنه رسالة ماجستير فى كلية اللغة العربية بالمنصورة عنوانها "صابر عبد الدايم شاعرا" أعدها الباحث الشاعر " البيومى محمد البيومى " 0
7 - أعدت عنه رسالة دكتوراه فى الأدب الإسلامى المقارن ـ بين الأدب العربى والماليزى .. " بالجامعة الإسلامية بماليزيا : وذلك بالمشاركة مع الشاعرين "حسين على محمد " و " أحمد فضل شبلول" شاعرين من مصر وثلاثة شعراء من ماليزيا . وأعدها الدكتور / علاء حسنى المزين0
8- جُمعت الحوارات التي أجريت معه في كتاب بعنوان «العصف والريحان: حوارات ومواجهات» من إعداد وتقديم د. حسين علي محمد .
اختارته لجنة تراجم أشهر الشعراء فى العالم الإسلامى ـ للترجمة له والتنويه بأدبه وشعره فى كتاب : تراجم الشعراء فى العالم الإسلامى، وطبع على نفقة الجامعة الماليزية عام 2000م 0
شارك فى الكتاب التذكارى الذى أصدرته كلية الآداب بجامعة الكويت " لتكريم الناقد والشاعر أ0د/ عبده بدوى
كتبت عنه ترجمة وافية مع نماذج من أشعاره فى : معجم البابطين للشعراء المعاصرين 0
قررت بعض قصائده .. ودرست فى الجامعات المصرية .. والسعودية
كتبت عنه دراسات كثيرة ترصد معالم التجربة الشعرية . والجهود النقدية بأقلام أساتذة متخصصين ـ وأدباء مرموقين ومنهم :
د/ عبدالحكيم حسان، د/ طه وادى ، د/ حامد أبو أحمد ـ د/ محمد عبدالمنعم خفاجى ـ د/ على صبح ـ د/ حسين على محمد ـ د/ حلمى القاعود ـ د/ صادق حبيب ـ د/ أحمد زلط ـ د/ عبدالله الزهرانى "السعودية" ـ د / سيد الديب ـ د/محمد بن سعد بن حسين "السعودية ـ د/ صلاح الدين حسنين ـ د/ فتحى أبوعيسى ـ د/ ناجى فؤاد بدوى ـ د/ محمد السيد سلامة ـ د/ طه زيد ـ أ./على عبدالفتاح "الكويت" أ. حيدر قفه "الأردن" ـ د/ حسن الأمرانى "المغرب" أ.أحمد محمود مبارك ، أ. البيومى محمد عوض ـ د/ أحمد حنطور ـ د/علاء حسنى "ماليزيا" أ . أحمد فضل شبلول . أ/ أحمد سويلم ـ د/ عزت جاد ـ د/سعد أبو الرضا ـ د/ محمد بن مريس الحارثى "السعودية" أ. مصطفى النجار "سورية" د/ المنجد العراقى " ماليزيا " ـ د/ محمد مصطفى سليم ، أ. مأمون غريب 0
.......................
(انتهى الكتاب)
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir