شريف ثابت
04-09-2006, 12:46 PM
--------------------------------------------------------------------------------
كنت أتنفس بصعوبة ...
أعلم أنكم ستفهمون من هذا أننى خائف ، و لكن هذا بالفعل يحمل شئ من الحقيقة ..
نعم بداخلى قدرا من الرهبة ، فالمواجهة القادمة ليست سهلة أبدا ..
عرق غزير ينبت على جبهتى و ينسال ببطء مزعج على وجهى .. تنقبض أصابعى من آن لآخر على أغراضى و كأننى أستمد منها الشعور بالأمان ..
العربة التى تنقلنا الى ميدان المعركة ممتلئة حقا بالرفاق .. الأجساد متداخلة مع بعضها البعض ، لدرجة تجعلنى أستغرب كيف سنبدأ المواجهة و نحن على هذا الحال لا يعرف أحدنا كيف يسحب أطرافه من بين زملائه ..
العربة تقترب بنا من ميدان المعركة بسرعة .. ومع كل متر تقطعه تتصاعد دقات قلبى .. لن تكون معركة سهلة أبدا ..
أنظر الى وجوه زملائى ، فأرى الرهبة فى وجوه بعضهم ، وأحدهم يردد آيات القرآن الكريم .. نظرت الى وجه قائدنا الذى يتقدمنا ، و رأيت فى عينيه قوة و عزما غير عاديين ..
شيئا فشئ تتسرب عدوى الحماسة و العزيمة الينا جميعا .. لن ننهزم هذه المرة ..
أنا المصرى سليل الفراعين .. لن أدعهم يدحروننى هذه المرة ..
أسرح بذهنى لأسترجع تاريخ وطنى و أمتى ..
من هذا الوطن خرج ( رمسيس الثانى ) الذى هزم الحيثيين فى ( قادش ) ..
و خرج ( أحمس ) الذى طرد الهكسوس و طهر البلاد منهم ..
و من أرضى خرج ( الناصر صلاح الدين ) و من وراءه الآلاف المؤلفة من أبناء وطنى لدحر الصليبيين فى ( حطين ) ..
من بلادى خرج الجيش العظيم الذى مزّق التتار فى ( عين جالوت ) و كسر شوكتهم ..
كيف لهم أن يهزموننى بعد هذا التاريخ العظيم ..
العربة تقترب من الميدان ..
أرى أضوائهم من تتبدى لى من بعيد ..
من الذى أعاد ( بونابرت ) الى ( فرنسا ) بخفىّ حنين ..؟..
من الذى تصدى لحملة ( فريزر ) ..؟..
من الذى قاتل الترك تحت لواء ( ابراهيم ) باشا و انتصر عليهم ..؟..
التاريخ المشرف يتتابع فى ذهنى فيملؤنى ثقة و عزما .. أشعر بدماء الحماسة تفور فى عروقى فتلهبها ...
العربة تبطئ من سرعتها لدى اقترابها من خطوطهم ..
أجيل بصرى فى وجوه الرفاق .. أرى قوة و تصميما بلا حدود .. الكل مصمم على النصر ..
العدد ضخم حقا ، فلن نغلب اليوم من قلة ..
نحن من تصدى للعدوان الثلاثى سنة 56 ..
نحن من حطم اسطورة خط ( بارليف ) فى 73 ..
توقفت العربة تماما ، و صار العدو أمامنا مباشرة ..
لأول وهلة انتابتنى الرهبة لما رأيته من ضخامة أعداده ، و لكننى سرعان ما تمالكت رباطة جأشى ، لأننى مؤمن أن النصر من عند الله ..
تمر الثوانى بطيئة ، و نحن - الجيشان - متواجهان نتبادل نظرات التحدى ..
تنقبض عضلاتى من فرط التحفز ، و تزداد أصابعى الملتفة حول أغراضى قوة و صلابة ..
للحظة أسرح بذهنى ..
الفلسطينيون يقاتلون فى الأراضى المقدسة ..
( حزب الله ) يدافعون بضراوة عن ربوع ( لبنان ) ..
المقاومة العراقية تملأ نهرى ( دجلة ) و ( الفرات ) بجثث المحتلين ، بينما الأفغان يحيلون حياة الغزاة الى جحيم ..
أما هنا على أرض الكنانة .. ( مصر ) العظيمة .. فالمعركة الكبرى توشك أن تبدأ ..
و لن نكون نحن الخاسرين باذن الله ..
و فى اللحظة التالية بدأ الاشتباك ..
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
لم يكن الأمر هينا .. كانوا يدفعوننا بقوة هائلة مدعومة من أعدادهم الضخمة .. قاتلنا بكل قوانا .. دافعنا و دافعوا .. و مرّت لحظات صعبة حقا .. رحت أوجه الضربات ، و أدفع زميلى الذى يسبقنى .. أصرخ بملء فيى " ملعون أبوكو ولاد كلب " .. تكاد أغراضى تنفلت من بين أصابعى ، فأتشبت بها أكثر .. و لدهشتى رأيت وجوه نساء فى صفوفهم .. ياللعجب .. أهذا مكان تتواجد فيه النساء ..؟.. أليست لهم ميادين أخرى خاصة بهم ..؟..
أقاتل بحماس أكبر ، و أشعر بالظفر يجتاح أعماقى و أنا أرى صفوفهم تنشق لأعبر من بينها أنا و رفاقى الأبطال ..
أسمع الصفير يدوى فى الأجواء فأوقن أن المعركة على وشك أن تنتهى بانتصارنا ..
و فى اللحظة التالية تعثرت فى قدم أحدهم ، فسقطت على وجهى بين الأقدام و أسرعت لأحمى رأسى بذراعىّ ، و شعرت ببعض الأقدام تطأنى لا أدرى أأقدام الرفاق هى أم أقدام الأعداء .. رحت أسب و ألعن .. امتدت بعض الأذرع لتنهضنى على قدمىّ ، وسمعت أصواتا " مش تحاسب يا أستاذ ..؟.. " .. " ابقى خللى بالك " .. " قدر و لطف " ..
و بينما كنت أنفض التراب العالق بثيابى و وجهى بعد أن وطأتنى الأقدام و الأحذية تعلقت عيناى بلافتة تحمل اسم ( حسنى مبارك ) ، و سمعت هدير مترو الأنفاق الذى كنت أستقله منذ دقيقة واحدة مغادرا محطة ( مبارك ) الى محطة ( غمرة ) ..
نفضت بعض الأتربة العالقة بينما ظلت غالبتها تغطينى ، ثم أسرعت ألتقط أغراضى من على الأرض ، و أسرعت أغادر محطة المترو لألحق بالميكروباس المتجه الى ( العباسية ) كى ألحق دفتر الحضور فى المصلحة الحكومية التى أعمل بها قبل اغلاقه لكيلا يكتب اسمى فى سجل التأخيرات اليوم ..
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
- تمت بحمد الله -
كنت أتنفس بصعوبة ...
أعلم أنكم ستفهمون من هذا أننى خائف ، و لكن هذا بالفعل يحمل شئ من الحقيقة ..
نعم بداخلى قدرا من الرهبة ، فالمواجهة القادمة ليست سهلة أبدا ..
عرق غزير ينبت على جبهتى و ينسال ببطء مزعج على وجهى .. تنقبض أصابعى من آن لآخر على أغراضى و كأننى أستمد منها الشعور بالأمان ..
العربة التى تنقلنا الى ميدان المعركة ممتلئة حقا بالرفاق .. الأجساد متداخلة مع بعضها البعض ، لدرجة تجعلنى أستغرب كيف سنبدأ المواجهة و نحن على هذا الحال لا يعرف أحدنا كيف يسحب أطرافه من بين زملائه ..
العربة تقترب بنا من ميدان المعركة بسرعة .. ومع كل متر تقطعه تتصاعد دقات قلبى .. لن تكون معركة سهلة أبدا ..
أنظر الى وجوه زملائى ، فأرى الرهبة فى وجوه بعضهم ، وأحدهم يردد آيات القرآن الكريم .. نظرت الى وجه قائدنا الذى يتقدمنا ، و رأيت فى عينيه قوة و عزما غير عاديين ..
شيئا فشئ تتسرب عدوى الحماسة و العزيمة الينا جميعا .. لن ننهزم هذه المرة ..
أنا المصرى سليل الفراعين .. لن أدعهم يدحروننى هذه المرة ..
أسرح بذهنى لأسترجع تاريخ وطنى و أمتى ..
من هذا الوطن خرج ( رمسيس الثانى ) الذى هزم الحيثيين فى ( قادش ) ..
و خرج ( أحمس ) الذى طرد الهكسوس و طهر البلاد منهم ..
و من أرضى خرج ( الناصر صلاح الدين ) و من وراءه الآلاف المؤلفة من أبناء وطنى لدحر الصليبيين فى ( حطين ) ..
من بلادى خرج الجيش العظيم الذى مزّق التتار فى ( عين جالوت ) و كسر شوكتهم ..
كيف لهم أن يهزموننى بعد هذا التاريخ العظيم ..
العربة تقترب من الميدان ..
أرى أضوائهم من تتبدى لى من بعيد ..
من الذى أعاد ( بونابرت ) الى ( فرنسا ) بخفىّ حنين ..؟..
من الذى تصدى لحملة ( فريزر ) ..؟..
من الذى قاتل الترك تحت لواء ( ابراهيم ) باشا و انتصر عليهم ..؟..
التاريخ المشرف يتتابع فى ذهنى فيملؤنى ثقة و عزما .. أشعر بدماء الحماسة تفور فى عروقى فتلهبها ...
العربة تبطئ من سرعتها لدى اقترابها من خطوطهم ..
أجيل بصرى فى وجوه الرفاق .. أرى قوة و تصميما بلا حدود .. الكل مصمم على النصر ..
العدد ضخم حقا ، فلن نغلب اليوم من قلة ..
نحن من تصدى للعدوان الثلاثى سنة 56 ..
نحن من حطم اسطورة خط ( بارليف ) فى 73 ..
توقفت العربة تماما ، و صار العدو أمامنا مباشرة ..
لأول وهلة انتابتنى الرهبة لما رأيته من ضخامة أعداده ، و لكننى سرعان ما تمالكت رباطة جأشى ، لأننى مؤمن أن النصر من عند الله ..
تمر الثوانى بطيئة ، و نحن - الجيشان - متواجهان نتبادل نظرات التحدى ..
تنقبض عضلاتى من فرط التحفز ، و تزداد أصابعى الملتفة حول أغراضى قوة و صلابة ..
للحظة أسرح بذهنى ..
الفلسطينيون يقاتلون فى الأراضى المقدسة ..
( حزب الله ) يدافعون بضراوة عن ربوع ( لبنان ) ..
المقاومة العراقية تملأ نهرى ( دجلة ) و ( الفرات ) بجثث المحتلين ، بينما الأفغان يحيلون حياة الغزاة الى جحيم ..
أما هنا على أرض الكنانة .. ( مصر ) العظيمة .. فالمعركة الكبرى توشك أن تبدأ ..
و لن نكون نحن الخاسرين باذن الله ..
و فى اللحظة التالية بدأ الاشتباك ..
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
لم يكن الأمر هينا .. كانوا يدفعوننا بقوة هائلة مدعومة من أعدادهم الضخمة .. قاتلنا بكل قوانا .. دافعنا و دافعوا .. و مرّت لحظات صعبة حقا .. رحت أوجه الضربات ، و أدفع زميلى الذى يسبقنى .. أصرخ بملء فيى " ملعون أبوكو ولاد كلب " .. تكاد أغراضى تنفلت من بين أصابعى ، فأتشبت بها أكثر .. و لدهشتى رأيت وجوه نساء فى صفوفهم .. ياللعجب .. أهذا مكان تتواجد فيه النساء ..؟.. أليست لهم ميادين أخرى خاصة بهم ..؟..
أقاتل بحماس أكبر ، و أشعر بالظفر يجتاح أعماقى و أنا أرى صفوفهم تنشق لأعبر من بينها أنا و رفاقى الأبطال ..
أسمع الصفير يدوى فى الأجواء فأوقن أن المعركة على وشك أن تنتهى بانتصارنا ..
و فى اللحظة التالية تعثرت فى قدم أحدهم ، فسقطت على وجهى بين الأقدام و أسرعت لأحمى رأسى بذراعىّ ، و شعرت ببعض الأقدام تطأنى لا أدرى أأقدام الرفاق هى أم أقدام الأعداء .. رحت أسب و ألعن .. امتدت بعض الأذرع لتنهضنى على قدمىّ ، وسمعت أصواتا " مش تحاسب يا أستاذ ..؟.. " .. " ابقى خللى بالك " .. " قدر و لطف " ..
و بينما كنت أنفض التراب العالق بثيابى و وجهى بعد أن وطأتنى الأقدام و الأحذية تعلقت عيناى بلافتة تحمل اسم ( حسنى مبارك ) ، و سمعت هدير مترو الأنفاق الذى كنت أستقله منذ دقيقة واحدة مغادرا محطة ( مبارك ) الى محطة ( غمرة ) ..
نفضت بعض الأتربة العالقة بينما ظلت غالبتها تغطينى ، ثم أسرعت ألتقط أغراضى من على الأرض ، و أسرعت أغادر محطة المترو لألحق بالميكروباس المتجه الى ( العباسية ) كى ألحق دفتر الحضور فى المصلحة الحكومية التى أعمل بها قبل اغلاقه لكيلا يكتب اسمى فى سجل التأخيرات اليوم ..
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
- تمت بحمد الله -