مشاهدة النسخة كاملة : لا شيء
الضبابية
09-09-2006, 11:00 PM
جلستْ بجواري صامتة .. التفتُ إليها باسمة لكنّ انطفاءً غريبا في عينيها انتقل إلى عينيّ
كانت ترفض الشكوى و البكاء على لحظة مضت منذ سنين .. أو مضت من خمس دقائق
لكن شيئا ما تغير في عينيها .. شيئا لم أفهمه
غمغمتْ : ببساطة ؟
و لم أجد ما أرد به لأنني لم أفهم
لطلما قرأتُ عن هؤلاء الذين يتبادلون حوارا لا معنى له و هم متفاهمون
تبادلتُ حوارا كهذا مرة .. لكنني و محاورتي لم نفهم بعضنا ..
ربما هي لم تفهمني أو أنني لم أفهمها .. لست أدري
كنت أريد حوارا دون : لماذا و متى و كيف ؟
و كانت تظنني أضعف من أن أستمر ..
تحدثتْ كأي ممرضة رؤوف في ملجأ عجزة تحول أن تقنع عاجزا بالدخول لأن المطر يهطل بغزارة
بينما هو لا يبصرها .. لا يحس بها .. و لا يفقه تلك الألفاظ التي تليق بطفل لا بثمانيني
حاولتُ أن أتذكر أين قرأتُ شيئا من حوارات هؤلاء المتفاهمين لكنني ..
لم أتذكر
فالتفتُ إليها
تنظر إلي مستنجدة كمن يريد إنقاذ صديق نوى الانتحار .. و هو لا يعرف غير اسمه الأول ،
و أنه يسكن مدينة ---- !!
كان ظهرها مفرودا كجندي في حضرة لواء و شفتاها مضمومتان
لكن عينيها تتوسلان .. لكن قلبي لم يفهم رسالتهما .. لكني لست أعرف عم تتكلم !!
و ماذا عن : لماذا و متى و كيف ؟
شعرتُ أنني أخونني .. أخون لحظات ضعفي و خوفي .. أخون تظاهري بالقوة
التفتُ بكلي إليها و همست :
لا .. ليس ببساطة .. لكن الصور المقلوبة قد تجعل كل شيء سهلا
هزتْ رأسها بالرفض ..
انقباض طاف بوجهها آلمني فعدت أهمس :
هدأتِ .. و رضيت برميهم القناع .. فكرتِ .. بعدها لا ندم
غمغمتْ و عيناها تطوفان بوجهي :
لا أفكر .. لا أستطيع .. أنا نادمة على ..
قاطعتها :
الماضي لن يتغير
فهمستْ :
لكن الماضي كما شاؤوا .. أنا كما شاؤوا .. اليوم ..
عدت أقاطعها :
دعي الغد يكون كما تشائين
قالتْ بنبرة مذيع لا يعينيه ما يقرؤه :
لا .. أرفض و أسخط .. لكن الغد يمضي مثل اليوم و الأمس
ليست لدي الطاقة للتغيير ..
الأقل غدا مقبولا و الجيد حلما .. و أحلامي مستحيلا
كلكم ينتفخ كبالون كلما وجدتم شاكيا .. كلكم لا يستحق أن ألجأ له
لستم خيرا مني .. و لست أسوأكم .. لا لست أسوأكم
كررتْها بألم ثم بسخط ثم بحيرة .. تلون صوتها كعشر أصوات ..
تراءت لي عشر لهن ملامحها يحطن بنا
يغمغمن معها ..
صمتتْ لثوان و عادت تتحدث بذهول عن المنتفخين كبالون سخيف ..
عني .. عنها .. عن عيون أحاطتنا بدهشة
نهضتْ دون سلام أيضا .. ابتعدتْ ..
لكن الوجوه العشر ظلت حولي ..
عددتها .. رددت على كل منها .. رفضتُ و قبلت و صمتّ
و لم تعد .. انتظرتها كل يوم لكنها لم تعد ..
قالوا نقلت سكناها .. انقطعت أخبارها .. تغيرت طباعها
لكني بعدما التقيت بها اليوم أدركت أنها لم تتغير
ظلت تلك ( الدمية ) الخزفية ..
تلك التي تنبهر بها و تخشى أن تلمسها لئلا تكسرها
ليس جمالا باهرا ما ميزها و لا حتى جمالا حقيقيا
لكنها كانت مميزة .. في عينيّ على الأقل
و ظلت كذلك مرحة طروبا ..
بدا أثر الأيام عليها .. لكنها لم تتغير
عندما ودعتني لتمضي أبصرت في عينيها الطروبتين .. بريقا زجاجيا !
غموض !
د. محمد حسن السمان
10-09-2006, 09:09 AM
سلام الـلـه عليكم
الاخت الفاضلة الاديبة الضبابية
نص جميل , صيغ باسلوب حرفي , وكتب برؤية ضبابية شيّقة , فيه الكثير من المحطات الجميلة , والتداعيات الموفقة , مع صور ناجحة , ثم ينتهي بقفلة ناجحة , ووجدتني امام نص ادبي , لم استطع ان اصنفه في مجال الخاطرة أو المقالة الادبية , فهو لايملك عناصرها , وانما يمكن ادراجه في صنف القصة القصيرة , وهذا لايغير شيئا , من قوة النص , والتمكن الادبي الواضح فيه , وان لزم له بعض التصويبات , والتعديل الطفيف , ليكون قصة رائعة , وهنا أذكر , أن لابد لي ان اناقش الاخوة والاخوات , من ادباء الواحة المتخصصين , في أمر النص , وسأبدأ بأخذ رأي الاستاذ الدكتور سلطان الحريري , والاستاذ حسام القاضي , مساء اليوم , ليكون رأيا نهايا , بشأن هذا النص الجميل .
تقبلي احترامي وتقديري الكبير, واسجل اشتياق واحتك المباركة لك ولقلمك المبدع .
اخوكم
السمان
جوتيار تمر
10-09-2006, 11:03 AM
الضبابية..
لقد جذبني في النص..
اعتماد المخيال الغير الظاهر لشخصيات مؤثرة ..
تاسيس لتواصل تفاعلي بناء بين النص القصصي
والمتلقي ..القارئ ...لان البناء المتمفصل...
يجعل المتلقي لا يقرا النص لينام ما دام النص مبني على الخلخلة و التوتر والانزياح عن البناءالمالوف...
المتداول ..واظن ان هذه التراكيب الاستطيقية واضحة للقارئ بصنفيه المتخصص و العادي ....
واظنني اؤيد الدكتور السمان..
في امرين..
انه نص رائع وقوي ومتمكن ادبيا..
وانه اقرب للقصة..من الخاطرة..
والقصة تحتاج الى قدرة واستطاعة..وانت تمتلكينها..
محبتي وتقديري
جوتيار
محمود الديدامونى
11-09-2006, 06:28 PM
قصة تستحق اقراءة مرة ومرة
استمتعت كثيرا بضبابيثها التى لا تستغلق
سعيد أبو نعسة
12-09-2006, 01:24 PM
الأخت العزيزة الضبابية
سعيد أنا بالتعرف إلى قلم مبدع متمكن في واحتنا المعطاء.
دمت في خير و عطاء
الضبابية
15-09-2006, 11:22 AM
الفاضل د. محمد السمان
و عليك سلام الله و رحمته و بركاته
جزيت الخير على ما سقته من امتداح لهذا الحرف
إنما ..
لا أخفيك أنني - منذ سنوات - درست الفنون الأدبية بشكل عام دراسة جيدة
تلا ذلك قرابة عام و نصف من التجارب كانت نتيجتها الوحيدة ( برأيي ) :
أن أضع كل ما في عقلي من أفكار جانبا و أترك القلم يكتب كما يشاء
هل تساءلت عن تصنيف هذه الأسطر قبل نشرها ؟
بصراحة : لا .. و بصراحة : ما أكتبه أنشره في شطر النثر دون تفكير
الكتابة - أيا كان صنفها - تفريغ بشكل من الأشكال / فكرة معينة يحتاج الكاتب لنقلها ..
و ربما رغب ألا يربط القارئ بين المكتوب و الكاتب رغم ارتباطهما
قد يسهل نقل هذه الفكرة خاطرة أو قصة أو حتى حوارا لا نعلم متى بدأ و متى انتهى
و مهما يك من قصور في النص من ناحية الفن .. لكن الكاتب يهمس لنفسه :
الآن تحررت من عقدة كانت تكبل عقلي
و .. لا أزال أنتظر إيابك
تحياتي و تقديري
غموض
الضبابية
15-09-2006, 11:25 AM
الفاضلة جوتيار
جزيت الخير يا أخية ..
لا ريب أن اجتذاب هذه الأسطر لمثل من هم هنا يعد وحده فخرا لها
كنت ذات مرة أسعى لامتلاك القصة ،
فلما أجبرتني الأيام على العودة دونها .. تناسيتها
و هاهي الأقلام تدق باب الذكرى
على رأي قائل : هرمنا .. و فات الأوان
كل الود و التقدير
غموض
الضبابية
15-09-2006, 11:26 AM
الفاضل محمود
سرني مرورك و رأيك
جزيت خيرا
تحياتي
غموض
الضبابية
15-09-2006, 11:28 AM
الفاضل سعيد
و سعيدة أنا بمروركم هنا
كن بخير من الله
تحياتي
غموض
وردة الصباح
15-09-2006, 11:40 AM
نفس ٌ أنيق ، وتعابير فذة ، نبـض من فيض
وهذا لا شــيء أمام نص تنداح منه المشاعر
كل الود
صبــاح
الصباح الخالدي
15-09-2006, 11:22 PM
لاشيء
نص أجبرني على قرائته
ارغب بالتكرار
الضبابية
20-09-2006, 02:45 PM
الفاضلة صباح
جزيت الخير ..
لك الود
غموض
الضبابية
20-09-2006, 02:49 PM
الفاضل الصباح
...
جزيت خيرا !
تحياتي
غموض
حوراء آل بورنو
20-09-2006, 06:31 PM
عدت أيتها العزيزة فرحبنا بك كما يليق بصاحبة قديمة ، فلم الجفاء ؟!
بعض عتب عليك .
ما رأيك أن أنقل الغموض إلى دوحة القصة ؟ فأرى أنها هناك أكمل .
بقي أن أمتدح كل حرفك ، فلا تكتب الضبابية إلا الفكر الرصين .
تقديري .
الضبابية
22-09-2006, 08:12 PM
العزيزة حوراء
سامحك الباري يا أخية
إن عنيت القلم فحري بك عتابه لا عتابي
و إن عنيت الحضور .. فالروح مكبلة و لا فكاك
دعيها حيث ألقتها العفوية ..
هي صرخة لبست قميص القصة و ظلت بمجملها صرخة
و بقي أن أشكر حضورك
لك الود
غموض
وفاء شوكت خضر
23-09-2006, 03:46 AM
الأخت الضبابية ..
عرفت الضباب خفيفا وكثيفا ، وأحببت السير فيه أشق شفافيته الغامضة ، وكانت نزهتي بين حروفك هي الأجمل .
نعم أخيتي هي صرخة ، وأينما وجدت ستنفذ إلى دواخل القارىء ، ليحس بها تتغلغل في مسام جسده .
وقفات جميلة ، تنقلات سلسة بين الفقرات ، فننتقل عبر الكلمات لنرافقك حتى النهاية .
سعدت بمروري هنا .
تقبلي ودي وحبي في الله .
أختك ...
دخـــون
الضبابية
30-09-2006, 10:05 PM
دخون .. أخيتي ..
أذن لي الضباب كله أن أشكرك
لأنك أحببته ..
و لأنك مررت هنا
لا تحرمينا عودك
تحياتي
غموض
الضبابية
22-12-2006, 08:49 PM
- تبسَّمَ .. فقط تبسم !!
كانت كذلك خاتمة كل موقف يحكى عن يوسف ، لم يكن رده يوما إلا ابتسام ، و لم نكن نفهم لماذا !!
حطمت دراجة نارية مجنونة ساقه و فر بها صاحبها ، أما هو فرقد في المشفى ثم في بيته ثلاثة أشهر .
و لم يصبر صاحب الشركة التي يعمل بها ... وفقد يوسف عمله ، لكنه كان طوال الأشهر الثلاثة مبتسما !!
كلما سأله أحدنا عن حاله تبسم : الحمد لله .. الحمد لله
درس في كلية بالمراسلة ، و انكب على كتبه كأنما لم يدرس أحد قبله ،
ثم سافر ليقدم امتحانه و عاد في ذات اليوم باسما .
كلنا هتف : ماذا ؟
أجاب : غيروا الموعد
هتفنا : حتى متى ؟!
تبسم و أجاب : قدموه .. لم يؤخروه
وقفنا مذهولين ... سأله : و أنت ؟!!
اتسعت ابتسامته و غمغم : الحمد لله
عاد يسأل : يعني ؟
فأجاب : رسبت .
و مضى .... تساءلنا كثيرا : أين رفاقه ؟ أين صحبه ؟ أين جهده ؟ أين المصاريف ؟
و مات مصطفى ..
كان الحديث عن موته ممنوعا .. لم نعرف كيف مات و متى .. فقط :
- وجدوه ميتا ..
و لم أجرؤ على سؤاله .. فقط همست : كيف أنتْ ؟
تبسم و همس : الحمد لله ... و أنتِ ؟
أمس اتصلتْ بي .. صرختْ : تعالي
فهرعت إلى المحطة دون سؤال ..
كان أول من استقبلني .. جالسا على عتبة الدار متكئا برأسه على الجدار
شاردا .. !
سألته : ماذا ؟؟
لم يرفع عينيه .. تبسم .. تحركت شفتاه : الحمد لله
وماتت البسمة على شفتيه ...
سمعت صرختها داخل البيت : ابنتي ... يوسف ابنتي
و تحركت شفتاه ..
لم أسمعها .. لكنني أدركتها : الحمد لله
غموض
سحر الليالي
22-12-2006, 11:32 PM
رائعة أنت أيتها العزيزة الضبابية
عودا حميدا ،اشتقنا لفيض قلمك شوقا جما
لك ودي وباقة ورد
الصباح الخالدي
25-12-2006, 01:57 PM
انا فاضل في صورة فاضلة لاتقلقي
نصوصك جميلة
يسرى علي آل فنه
27-12-2006, 09:30 AM
أختي العزيزة (غموض)
لاشئ يجسد الكلمة الراقية كمحاورة واقع بشفافية قلب صريح وفكر ثاقب
ومشاعر يقظة في الخير
عزيزتي
أبصرك كما كنتِ تمسكين قلماً مشرقاً يحتويه ضباب جميل
فالحمد لله على عودتك المقدّرة والحمد لله الذي أسعدني بالقراءة لكاتبة
رائعة مثلك
:001:
الضبابية
18-01-2007, 12:42 AM
سحر الليالي ..
جزيت خيرا يا أخية
وكذاك اشتقت لقلوبكم الطيبة ..
لك كل العبير و المودة
×××
الصباح ..
وجميل مرورك
×××
يسرى
لك الخير ..
والحمد لله الذي جمعني بكم أخوة
شكرا لأنك كنت هنا
أختكم ..
غموض
الضبابية
18-01-2007, 12:46 AM
لوحة .. فحسب (1)
لم يكن ثمة ما يوجب عليكَ أن تمضي مسرعا ..
أن تتركَ أبوابا كثيرة مشرعة وراءكَ و تفر ..
لكنه كان حقا سرابا ...
سرابٌ أملي فيك ..
سرابٌ ثقتي فيك ..
و سرابٌ شمعة ُ الراحة التي اجتذبكَ لهيبها ..
فغرقتَ في بحر لهيب
ترى ..
أكان يجب أن يستثيرني مرآك حتى يفضحك قلمي بين يدي ؟
أم عفّت نفسي عن بتر بسمة نفسي حينا ... فمزقت صورتك كل البسمات ؟!
لست أدري .. لا أدري
ويوم عبرنا ذاك الطريق الطويل بين الأشجار المائلة المائلة
رأيتُ فيها انحناء الشفاه بضحكة ..
لكنك كنت ساهما .. لم تبصرها و لم تشعر ببريق عدستي
وأنا اقتنصت كل ملامحك ..
ليتني ما اقتنصت شيئا .. ليتني ما حملت عدستي .. ليتني ..
أراك اليوم خلف العدسة مائلا .. والأشجار معتدلة .. عابسة !
- أحتاج ( ___ ) .... أجل عليه صور من هذا القبيل ..
لا .. أريد الجزء الأول .. لا تحتاجونه؟ واثقة؟.. حسنا سأمر اليوم مساء
لم تفتني ضحكتها المبتورة : نحتاجه ؟
محقة أنتِ .. من سيحتاجه ؟
لكن حتى صورتك فيه بالمعطف الأبيض لم تسافر بي ..
كنت همست لنفسي : كلها صور .. رسوم ..
رسوم كالرسوم التي أبعثها بين أسطري لأناس لم يكونوا هنا يوما
لوهم .. وهم .. مجرد رسوم
عابثني النسيم ..
وتدحرج طيار عنب على يدي فرفعت رأسي أستأنس بغمغمة موج السماء
رأيتك صورة .. عدت أطرق محدقة بلوحي ..
مرت ثوان كنت أهمس فيها : وهم .. وهم ..
باغتني صوتك : السلام عليك ..
أما تزال تذكر ؟ ليتك ما تذكرت و ما حييت ...
ليتني صدقتني حين همست لنفسي : لا .. ليس هو .. وهم .....
ليس هنا .. خيالات فحسب ..
لكن صوتك اختصر المسافة و الكذب ... حول الرسوم إلى حقيقة
و كسر قلم الفحم بين أصابعي
- السلام عليكم ؟!
تمنيتُ لو شككتَ للحظة أن أخطأت .. لو همهمتَ باعتذار مبهم
و مضيتَ ... كما مضيتَ كل مرة .. دون سلام
تمنيتْ ..
لكنكَ كنتَ مصرا .. واثقا ..
مال رأسك يسارا .. حيث القبة التي أرسم ..
- مالك ؟ أما عرفتني ؟!
كان صوتك يسخر !!
و غبطت اللاتي يرحن و يجئن على الشاشة : لو أجيد الكذب !
لو أجيد : لا والله .. ما عرفتك ..
بل عرفتك .. يوما عرفتك .. لكني الآن لم أعد أستطيع أن أعرفك .. !
كيف غيرت ( كلك ) و لم تغير عينيك و صوتك أو حتى لون شعرك ؟
حاولت أن أحرك قلمي المكسور على اللوح .. أن أتم القباب أو الأقواس
لكن ظلك كان هنا .. ثقيلا .. خانقا .. يحاصرني ..
يطأ أطراف ثوبي و حواشي حجابي
يجبرني أن أتجمد .. و يجبر شفتي على الارتعاش ..
ليتك تفهم و تذهب ... ليتك
لمحتُ ثوبها فرفعتُ حدقتي دون رأسي ..
وقفتْ على بعد خطوات خلفكَ و في عينيها دهشة ..
لن تقتربْ ..
وفي خاطرها الآن ألف سؤال أولها : من ذا ؟
أنقذيني .. أصرخي فيه : ماذا تريد ؟ مالك تحاصرها ؟
لكنك لن تجرؤي .. ولست تعلمين ..
ليتني أخبرتك .. ليتني أجبت أسئلتك الكثيرة ..
ليتني أريتك تلك اللوحة مع لوحات والديّ وخالي ..
رأيت الحيرة في توتر وقفتكْ .. أنتَ أنتْ ..
تكره أن تتحدثَ فلا تــُحدّث ..
أن تلمحَ لسؤال فلا يأتيك الجواب ..
في خاطري رن صوت : الآن ..
بيد مرتعشة تناولت حقيبتي .. ضممت اللوح لكبير إلى صدري
و فررت إليها .. !
لم نتساو بعد .. فررتُ مرة .. فررتَ ألف مرة ..
لم يستقر الميزان
نظراتك تخترق ظهري .. تكاد تقيد قدمي ..
اختنق صوتي : تأخرنا ..
فنظرتْ إليّ دهِشة و تحركتْ شفتاها ..
لم تنطقْ .. أو لعلي لم أسمع ... !
كنتُ فقط أريد ألا يكون ظلك معانقا أطراف ثوبي ..
كنتُ فقط أريد أن أتنفس
كانت تفصل بيننا مخاوف .. وعمر ..
عمر اخترت أنت أن تعيشه بعيدا ..
و كان عمري مرآة لاختيارك .. فعشتُه أَبذُر اليأس منك في روحي
فيزهر الأمل فيك !!
و يعود صقيع المباغتة ليقتل كل زهوري/ك
أتراك أردت فحسب أن تلقيَ تحيةً جاءت بلا ميعاد
أم لا زلتَ – رغم الجحيم الذي ترعى اتقاده في روحك – تجيد القراءة ؟
أردتَ أن تقرأ روحي في عيني .. ؟
لكنني فررت من الجحيم الذي أبصرتُه في عينيك منذ .. منذ عمر ..
وكان جحيما وليدا !!
أخفيتُ عيني لئلا تسوقهما الصدفة فأقرأ في عينيكَ ما يقتلني
تكفيني ذكرى عينيك .. تكفيني
ظلتْ تسأل : من ؟
و لم أعِ الدرس بعد .. لا أزال بفضلكَ أكرر أخطائي مرغمة ..
و أين سألقاك ؟
سأتركُ لك التكية وحدائقها ..
بل لكَ دمشقُ بأجمعها .. حتى (باب شرقي) .. و ليسامحني أبو سليمان
فأينَ سألقاكَ ؟
لعلكَ رغم جحيمك لا تزال ترى دمشقَ قطرة ماء و رئتيكَ سمكة زينة .. لعلك
أشحتُ عن هواجسي و أريتها اللوحة فانتفضتْ : فمن ؟
و أنى لها الجواب .. ؟!
يكفيها أن تصرخَ لو رأتكَ أمامي : ماذا تريد ؟
ليس من فطنتها أن تسأل : من أنتَ ؟
لا .. ليس من فطنتها في شيء ذاك السؤال
وأخرى .. لما افتقدتِ اللوحة بين لوحات الرف تساءلتْ ..
و لم أجدْ لها إلا الصمتْ ..
و لم تجدْ عيناها إلا القلقَ .. والخوفَ .. و .. همٍ دفين
أجل .. همٍ زرعْتَه في حدائقنا منذ عمر .. عمر
دقائقكَ خنقتني ذكرى .. قتلتني سؤالا ..
و استعرتُ قولكَ قناعا : نهى عليه الصلاة و السلام عن القيل و القال و كثرة السؤال .. !
أتراك تذكر ؟ أتراك تصلي عليه ؟
صلوات الله عليه ... صلوات الله و سلامه عليه
أتراك ؟
لم ينته الأمر بعد ..
قلبي يهمس : انتظري .. و أعدي عواصفَ ثلج و صقيعا ..
أعدّي صبركِ
.. .. ..
غموض
الضبابية
06-05-2007, 03:18 PM
لوحة فحسب (2)
أنتَ من يكتب .. أنت من يحكيكَ ..
لستُ من يرتكبُ هذه الأسطر .. لستُ أنا ..
ألف خاطر يقيدُ قلمي لكنه لا يزال يكتب
فاسمكُ يتردد الآن جهرا حولي .. وقد كان سرا يتردد فيّ :
- عاد من سفره ؟ لا أعاد الله ..
وأُصِم أذنيّ لئلا أسمعَ المزيد ..
كيف لدعائي المرتعش الضعيف أن يرد سيل المرارة المتدفق منهم جميعا ؟ كيف ؟
هو ما زرعتَ .. والحق أن تحصده ..... فاحصد !
- عاد من سفره ؟
أخبَروا من وددتُ ألا يعرف .. !
فأنَّ شعره الذي شاب جُله : ولم يسلمْ ؟
بكى قلبي وإن ضحكتْ عيناي : وإذن .. لا يهم .. انسَ
فتبسَمَ .. لكن الشيبَ المتوجَ رأسه ظل يردد : ولم يأت ؟ لم يسلمِ ؟
فظل قلبي يتوكأ على دمعه ..
كيف غدوتَ كما أنتَ ؟ كيف تغيرتَ ؟
كيف قسوتَ ؟
كنتَ تضحك ويعلو حياء جميل وجهَك كلما سميتُك : بدر .. انظر ..
بدر .. اقرأ .. بدر خذ .. بدر هات ..
تضحكُ وتسأل : لماذا بدر ؟ لا أحب ذا الاسم ..
فأتلعثمُ وأداورُ .. وأنتَ تتناسى سؤالك
أجل .. تتناساه .. أما كنتَ بدرا ؟
رغم أني كثيرا ما أنشدتُ لك ( طلع البدر ) لم تفهمْ ..
وكم سرني أنكَ لا تفهم !
كنتُ أتيمنُ بالنداء ..
أرى ظاهركَ فأرسم له بكل براءة الطفلة وحلمها باطنا
وكان باطنك في ضميري طهراً وندى ..
خيالاً .. محالاً في زمن المحال ..
كيف لقلب أحبَه - واتبعَه .. وذرفتْ عيناه شوقا إليه - أن يصبحَ قلبَكَ الآن ؟
كيف لصوت أنشد له بطهر وحب : طلع البدر .. كيف له أن يبخل بكلمات الحب بعدها ؟
كيف ؟
كنتَ تسألني ضاحكا
وكنتُ حينها أصمتُ ولا أجيب ..
والآن أشعرُ بالذنب ..
أتراي لو أخبرتُكَ ما ابتعدتَ ؟
والآن أتساءل : بم كنتَ تفكر حينها ؟
أي شيء عنى لك صوتيَ الطفلُ منشدا : طلع البدر ؟
لم يعن لي الدم المتدفق في عروقكَ شيئا ..
أو لعله عنى لي الكثير .. لأنه لا ريب الآن فر من جسدك ..
كما فررتُ أنا من وجهك ..
كل معناكَ كان موجزا في التكبيرة المشحونة غيظا التي كنت أسمعها منك فقط حين تنام عن صلاة الجماعة
تسلّم خاشعا .. ثم تشنُ حربا : مالكم ؟ ألم يفكر أحد في سكب كوب ماء علي ؟
ألا ليتَ حروبك تعود ..
ليتكَ تعود !
وكنتُ بين طيات السَّحَر أتلمس طريقي إليك ..
أسترشد بأنينك ورائحة دموعك ..
وأجر ورائي معطفكَ الصوفي لألتف به خلف أي منضدة أو كرسي
وأمضي في تكرار ما تقول .. وأفقهه كله !
في كل صباح كنتَ تغمز لي بعينك وتشير بالصمت
فأومئ - خجلة من نومي دون أن أشعر -
وأقرر ألا أنام .. وألا تكتشفني ..
ولكن .. تعود لتومئَ لي .. وأعود لأحمر خجلا ..
لماذا لم تصرخ في وجهي كما فعلتَ مع سلام فلم يجرؤ على تتبعك بعد ؟
ألتنتثر في وجهي وحدي شظايا ماضيك عندما ألقيتَه وراء ظهرك ؟
ليكون ألمي أكبر .. أكبر حتى من عمري ؟
وأكاد أغمغم بأمنية أخرى .. فأصمتُ .. أخشى أن أفقدني كما فقدتك
إنّ حب المهيمن إن نما في قلب لم يخل منه قلب آخر
لا .. لم يسلبك قلبي ذاك الحب الذي كان ينير قلبك
أنت تركته .. أنت تركت (الران) يحرمك إياه
وتركت في قلبي حبا يماثله .. و تركت ذكرى !
وعدتَ ..
لكن لتحرمني كل ليالي حتى اليوم ..
ما زلتُ أرتدي معطفك الصوفي وأتكئ إلى أي منضدة :
( إن الذين قالوا ربنا الله ..... )
ثم أغيب بعيدا .. يتحرك لساني بالآيات التي أحب
وقلبي ينبضك .. ينبض ألما .. لماذا ؟ لماذا ؟
وأعود .. وأخجل منه أن شغلتني عنه ..
لكنه يعلم مابي .. أليس من كوّنني ؟ أليس من سخرك لي ؟
أليس من امتحنني بك ؟
وأخفض بصري وأهمس : رده يا رب .. ارحمه
وأنتظر .. ما زلت أنتظرك ..
ألستَ من علمتني أنه : ( لا ييأس من روح الله إلا ... )
ما الذي حداك لذاك ؟
كنتَ تحمل جل كلامه في صدرك
كنتَ تشع نورا ..
وأي خطب يهون على حامل النور .
فلماذا لم تهن عليك الخطوب ؟
أتراي لو احتشدَتْ عليّ الخطوب أسير سيرك ؟
لستُ أحمل من النور ما حملتَه .. فما أهونني على الخطوب !
ولستُ أملك عزم عينيك .. ولا صبرك القديم ..
ولستُ .. لستُ ( المحال ) مثلك ..
اللهم سترك .. اللهم عفوك
كم قلبٍ حشدتَ له في الماضي حبك ..
فأشرقتْ الشمس لعينيه .. وترقرق عبير !
كم حلمٍ سهرت ليالي لتجنيَه نضرا جميلا
وتُهديَه لجفنين قرحهما السهر واليأس من الأحلام !
كم جرح ضمدتْهُ كلماتك ! ودمع أرقأه حنوك !
كنتَ بالإيمان كل شيء ..
كنتَ بالإيمان واحتنا جميعا ..
فعد بالإيمان أكثر مما كنت
عد .. بالله عليك عد ..
لماذا يرتجف قلبي : لا تحلمي ..
حاملُ الأحلام مات .. مات
لا لم يمت ..
أنا .. أنا رأيته في التكية منذ أيام ..
منذ عمر !
لا لم يمت
وأدّخِرُ لك بقايا النور ..
أدخرها .. لأسطر :
عاد ..
وضحك الشيب في رأس من أحب ..
وضحك الحلم بين أجفاني ..
ولا أزال أنتظر ..
أعد ريحانا لك .. وأعد لما أخشاه منك صبري ..
فأيهما ؟
سحر الليالي
13-05-2007, 01:52 AM
الضبابية :
لله ما أروع ما قرأت ....!!!
قرأت حرفك حرف حرف وغرقت به حد الوجع...!!!
لله درك
سلمت ودام ابداعك
همسة حب : لا تطيل الغياب عنا / عني .
كوني دوما قريبة
لــ قلبك خالص حبي وأل ـــف ياسمينة
الضبابية
08-07-2007, 12:59 AM
وسلمت يا أخية ..
لا يزال القلب حولكم يطوف ويهمس : هو ما اضطررت إليه وَ ..
وصلتك بالوهم لا بالعيان .. فهل آن أن يجتلي ناظري
لك خالص الوداد
غموض
همس الأوراق
10-08-2007, 05:35 PM
ضبابية كلمات أنقى من الشهد
واسمحي لي أن أعتذر لك عن انقطاعي
ولكن أعدك أنا أجدد العلاقات
سحر الليالي
02-10-2007, 06:41 PM
الغ ــالية" الضبابية"
النصوص التي تكتب بـ هكذا نبض { نبض مترفـ بـ الجمال} تستحق أن ترفع..!!
يا حبيبة:
تأخرت كثيرا علينا ..!!!
أنتظر عودتك ...!!
لك حبي وتراتيل ورد
الضبابية
19-02-2008, 10:54 AM
سحر ..
طيف أنت يعانق روحي دائما
جزيت الخير والجنة
لك مع كل زهرة تتفتح تحية وطاقة عطر
يزن السقار
19-02-2008, 11:54 AM
الضبابيه
حوار داخلي رائع
تحليل راقي
دامت حروفك
سرني المرور
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir