المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : البحث عن الظل



ابن الدين علي
10-09-2006, 08:11 PM
ها أنا أدخل لأول مرة في هذا الصرح المميز بقصة من نوع القصير وذات الشكل الكلاسيكي ، أرجو من المتدخلين هنا الإسهام بتسليط شىء من النقد ليتضح الطريق وشكرا ..
----------------------------------------------
البحث عن الظل
على واجهة طاولة كادت تتفكك جراء تآكل خشبها, علق شاب ذو الثلاثين سنة من عمره: صورة كبيرة من نوع" البوستير" عليها أربع صور لمغنين تعدت شهرتهم حدود أوطانهم . كل واحد من هؤلاء المطربين تطبع محياه إبتسامة عريضة و يبدو في أناقة تدل على بذخ الحياة و ترفها.
بصعوبة كبيرة و تحت لهيب شمس "آوت" , يدفع الشاب طاولته ذات العجلات الصغيرة المعوجة .. من جهة لأخرى بحثا عن شجرة يستقر تحت ظلها, كلما وقع بصره على مكان يراه مناسبا إلا و وجده من محتلا من قبل شخص آخر جالس قبالة طاولة قد ألصق عليها هو الآخر "بوستيرا" للاعب كرة قدم مشهور أو لنجم تلفزيوني معروف.

لما يتعب من جرجرة طاولته التي تحوي بعض أنواع السجائر المحلي منها و المستورد إلى جانب "الشمة" , يستقر بها جنب حائط يائسا .. إذا ما دنوت منه اكتشفت وجها شاحبا خال من نضرة الشباب و حيويتهم.

أبوه كان يعمل في شركة تجارية, لكن لما هبت رياح التغيير عصفت, فتقطعت به السبل حين سرح من العمل بسبب الخوصصة مقابل تعويض سرعان ما نفذ فتحول إلى إنسان معدم يدفع بأبنائه ليعملوا أي شيء, المهم أن يؤمنوا له القوت... كان يلقب بـ" موسطاش" عندما كان يعمل بائعا بالأروقة . محظوظ من كانت له علاقة صداقة مع سي موسطاش أو علاقة قرابة أوعلاقة جوار... الكل كان يتقرب منه ,لأن في تلك الحقبة من الزمن شهد البلد ندرة حادة في السلع و أيامها أضحت الطوابير من يوميات السكان, فكان صاحبنا يقتني قدر ما استطاع من البضاعة ليهربها إلى بيته حيث يعيد بيعها بأسعار مضاعفة ...

يستمر الشاب في ترحاله بحثا عن الظل جنب الجدران و هو يرنو على المارين علهم يتفضلون بشراء شيء من معروضاته .. أخيرا بعدما يأخذ الجوع و العطش مأخذا يقرر الإنسحاب ليعود منكسرا إلى ما يسمى بيته .. بهذه الوتيرة تمر الأيام متداولة عليه و معه رفاقه على البوستير الذين يغدون كل صباح و يعودون كل مساء على متن طاولته العرجاء وابتساماتهم لا تكاد تبرح شفاههم .

محمد الأمين سعيدي
10-09-2006, 08:40 PM
الله الله ..

ما أحوجنا هذه الأيام إلى هذه المواضيع الهادفة..

فلقد شخصت حالة إجتماعية نلا حظها كل يوم..

بوركت..

حسام القاضي
10-09-2006, 10:26 PM
الأخ الفاضل الأديب/ ابن الدين علي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولاً مرحباً بك في واحة الأدب والفنون

قصتك هذه رغم قصرها إلا أنها ألقت الضوء على شيء مهم جداً
وهو السياسات المفروضة علينا الآن قسراً في بلادنا ، ولعل أبرزها الاتجاه نحو الخصخصة وما لها من تأثيرت مباشرة وغير مباشرة ، فالموظف المسرح من عمله ( بعد استقرار دام زمناً ) يجد نفسه وأبنائه على قارعة الطريق يبحثون عن مصدر رزق ، وباقي الشعب يتضور جوعاً ويبحث عن أبسط ضروريات الحياة ( أيضاً على قارعة الطريق ) بعد ان فعلت تلك السياسات اللعينة فعلها في الجميع ، وهكذا يلتقى الطرفان ؛ البائع الذي يبحث عن مشتري فلا يجده ، والشاري الذي يبحث عن السلعة فلا يجدها ، والاثنان هنا يبحثان عن الظل .. عن الأمان المفقود .
أجدت في عرضك للقضية .

تقديري واحترامي .

ابن الدين علي
13-09-2006, 07:43 PM
"على خاطر ربي..."

ت"... على خاطر ربي..على خاطر ربي.."عندما يتعبها اليأس تسكت قليلا لترتاح . و ما إن يقترب منها أحد المارين على ذلك الرصيف و بجانبها طفل صغير أرمد العينين يعبث بجلبابها الأسود الوسخ.. حتى تعود إلى التوسل و الأمل ينشطها من جديد:"على خاطر ربي.." لكن لا أحد يلتفت إلى هذا الصراخ المستعطف, كأنها لا تقول شيئا أو كأن الناس صم. لولا خوفها من السيارات و سرعتها الجنونية لتوسطت الشارع و وقفت صائحة:"على خاطر ربي "و لولا عجزها أوقفت الراجلين ونادت:"على خاطر ربي ..أعطوني صدقة."
قادتني الصدفة ذات مرة و أنا عائد من العمل متعبا عبر الشارع الرئيسي مارا بذلك الرصيف و ما إن رمقتني حتى نظرت إلي تتوسلني:"على خاطر ربي".. كغيري من الناس لم أعر هذا النداء إهتماما, بل حاولت أن لا أسمعها و لا حتى أنظر ناحيتها..رغم وجود بعض الدنانير بحوزتي.. وددت أن أقول لها "جيب ربي" ثم امتنعت.
و انا اسارع الخطى ,استمرت تضرعاتها تلاحقني فأثارت عبارة"على خاطر ربي" إهتمامي فتساءلت بيني بين نفسي: لماذا لا تقول هذه المتسولة "في سبيل الله" بدلا من "على خاطر ربي" قد تكون أمية ؟ .. لكن هذه العبارة يعرفها الأمي كما يعرفها المتعلم .. حى الصغار لقد حفظناها قبل الدخول إلى المدرسة من كثرة ترديدها من طرف المتسولين . خمنت أن صاحبة الجلباب الأسود يئست من هذه العبارة لأنها لم تعد تحرك إحساس الناس من كثرة تكرارها. علمتنا المدرسة لما منا صغارا و الكتب لما صرنا كبارا أن " في سبيل الله " وهبت لها الأرواح و الأولاد و الأموال.. غيرأن هذه المسكينة إستخدمتها سنين كما جربت بعدها عبارة أخرى " على خاطر الوالدين" لكن بدون جدوى ايضا , لهذا اهتدت أخيرا " على خاطر ربي" ظنا منها أنها تنفذ مباشرة إلى القلوب فتثير الشفقة , عكس ذلك المتسول العجوز الذي منذ طفولتي و إلى يومنا هذا ما يزال يكرر نفس الخطاب:" لله يا لمومنين" و في نفس الشارع , الشيئ الوحيد الذي كان يغيره هو طريقة التسول فكان تارة يمد يده و تارة أخرى يضع أمامه أناء حديديا.
بعد هذا الحوار الداخلي تذكرت تلك المرأة صاحبة الجلباب الأسود و الطفل الأرمد العينين , إنتابني شعور بالشفقة .. فكرت في الرجوع إليها لأجود عليها ببعض الدنانير لكن سرعان ما عذلت عن هذه الفكرة و قلت : فرصة أخرى إن شاء الله.
و خطواتي تتسابق بقيت صورة المرأة تلاحقني و تضيف إلى تعبي تعبا آخر و خاصة إمتناعي عن إعطائها صدقة. فعدت إلى محادثة نفسي محاولا التبرير: هذه هي سنة الحياة فيها أغنياء و فقراء .. مترفون و متسولون .. فلماذا أتأسف على وضع موجود رغما عني و عن الذين يعيشونه .. هكذا الحياة.
تعلمنا أن إختلاف الناس في المال و العلم و القدرات يخدم الحياة .. إذ لايعقل كما تعلمنا أيضا أن يكون كل البشر من صنف واحد و طبقة واحدة... رغم هذه القناعات بقي الأسف يرهقني و السؤال لماذا يعذبني.

حسنية تدركيت
14-09-2006, 12:17 AM
قصة معبرة وصادقة نقلتنا الى حال مجتمعاتنا العربية شكرا لك اخي

حوراء آل بورنو
14-09-2006, 07:29 AM
الأخ الفاضل

مرحبا بك في واحة الخير و الفكر و الأدب ، و أهلاً بك هنا ، و ما أرى إلا قلما واعيا حكيما ، و أدبا راقيا و مفكراً .. رزقك الله النفع لك و لغيرك بمداد قلمك .

ترحيبي و تقديري و سعادتي بوجودك هنا .

ابن الدين علي
15-09-2006, 12:46 PM
شكرا على تشجيعاتكم لي، انا جد ممتن بهذا الاهتمام الذي بدون شك سيكون دافعا لي.

مجذوب العيد المشراوي
14-10-2006, 11:41 PM
أعتقد أني كتبت ردا هنا ولا أجده

لكني أعود مرة لإعادتها للواجهة شكرا

ربيحة الرفاعي
22-02-2015, 11:37 PM
قصة إنسانية بأسلوب وصفي استطاع الكاتب من خلاله إرساء ملامح صراع داخلي صامت تعيشه شريحة اقتصادية جسدتها شخصية البطل الذي نطق بكل أشكال الوجع دون أن تنبس الشخصية ببنت شفة

لوحة أشبعت مأساوية في نص فكرته عميقة، غير أن المعالجة القصية تحتمل بعض اشتغال عليها

دمت بخير

تحاياي

كاملة بدارنه
25-02-2015, 05:36 PM
قصّة واقعيّة رسمت المشاهد بدقّة، وعرضت قضيّة اجتماعيّة هامّة، لكنّها احتاجت المراجعة اللّغويّة لوجود بعض الزّلات ..
بوركت
تقديري وتحيّتي

خلود محمد جمعة
26-02-2015, 06:13 PM
في القصة الأولى طرح مشكلة اجتماعية بإسقاط سياسي وطرح طيب
في القصة الثانية طرح قضية اجتماعية بحوار داخلي رسم المعاناة بمهارة
يراع رشيق و قص جميل
يحتاج النص بعض مراجعة
بوركت
وكل التقدير

ابن الدين علي
19-07-2015, 12:24 AM
في القصة الأولى طرح مشكلة اجتماعية بإسقاط سياسي وطرح طيب
في القصة الثانية طرح قضية اجتماعية بحوار داخلي رسم المعاناة بمهارة
يراع رشيق و قص جميل
يحتاج النص بعض مراجعة
بوركت
وكل التقدير

كل التقدير لك و المحبة أختي خلود

آمال المصري
18-12-2016, 08:15 AM
قطعتان أدبيتان من مآسي المجتمع ومفارقات الطبقية نقل أديبنا الفاضل كليهما بصياغة رائعة وسرد ماتع ونجح في عرض القضية بأسلوب مائز
شكرا لك على ما تفضلت به
ومرحبا بك في واحتك
تحية وتقدير

ابن الدين علي
19-12-2016, 10:57 AM
قطعتان أدبيتان من مآسي المجتمع ومفارقات الطبقية نقل أديبنا الفاضل كليهما بصياغة رائعة وسرد ماتع ونجح في عرض القضية بأسلوب مائز
شكرا لك على ما تفضلت به
ومرحبا بك في واحتك
تحية وتقدير

لك مني كل الشكر و التقدير أختي آمال..اتمنى ان نلتقي مع إبداعات أخرى ان شاء الله

ناديه محمد الجابي
22-12-2016, 07:12 PM
قصتان رائعتان .. تمنيت لو كتبت كل واحدة بمفردها
سرد سلس بحبكة قوية، وأداء قصي راقي بأسلوبه وذكاء توجيهه
راق لي ما قرأت هنا ـ ونتمنى أن نقرأ لك الجديد من إبداعاتك
ولك تحياتي وتقديري. :001:

ابن الدين علي
06-02-2017, 08:30 PM
قصتان رائعتان .. تمنيت لو كتبت كل واحدة بمفردها
سرد سلس بحبكة قوية، وأداء قصي راقي بأسلوبه وذكاء توجيهه
راق لي ما قرأت هنا ـ ونتمنى أن نقرأ لك الجديد من إبداعاتك
ولك تحياتي وتقديري. :001:

نعم الاخت نادية لقد كُتبت كل واحدة في مشاركة خاصة و ما وقع هنا هو مجرد خطأ ...تحياتي و مودتي اليك..