تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : عالمٌ نسجته خيوط الشّمس(1)



نور الجندلي
17-09-2006, 07:07 PM
عالمٌ نسجته خيوط الشّمس

بقلم / نور الجندلي

(1)

على رفوفِ مكتبتي



وأنا أهمُّ بوضع كتبي الجديدة في مكتبتي ، أفتّشُ لها عن مكانٍ مناسبٍ بين أخواتها ، أستأذنُ وحي القلم كي يتنحى قليلاً إلا اليمين ، وأهمسُ لصيد الخاطر أن يفرغ للسّكان الجدد مكاناً خاصاً إلى جواره .
وأرتّبُ الكتب حسب الحجم ، ثمّ أعود فأصنّفها حسب النوع فأهم ما بنيتُ منذ ساعات ، وأنا مسرورة كلّ السّرور بعملي ، ذاهلة عن دقائق تمرّ ، فكأنني في جنّة أو بستانٍ حفّته الزهور من كل جنسٍ ولون ، فلا أملكُ إلا أن أتابع التنسيقَ لحديقتي بهمة ونشاط .

لهذه الحديقة جزيل فضلٍ عليّ ، وكلّ حرفٍ فيها قد اقتطع مساحة من قلبي ، فكانت القلب !
كم أمدتني بعلمٍ وخبرات ، وكم نهلتُ من ثقافات العالم عبرها . لقد زادتني فهماً بالحياة .

هذه المكتبة الصغيرة المكتظّة بالكتب المنوّعة من كلّ جنس ، أشبهُ بعالمٍ ساحرٍ كدنيا العجائب ، لا يبهر إلا من ضحّى بكلّ غالٍ لاكتشافه ، وامتلك العزيمة والهمّة والصّبر والإقدام لاستخراج كنوزه .
ففيها من أخبار الأمم ، ومن عصارة فكر العلماء ، ومن محابر الأدباء ، وسير النابغين والحكماء ما يشعركَ بأنكَ قد عشتَ يوماً معهم ، وجلستَ متأدّباً في مجالسهم ، وارتشفت من رحيق فكرهم ، فأنت في ربحٍ دائم لا ينقطع ، مادمتَ معهم ، فهم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم .

وأخذتني الذكرياتُ بعيداً ، وسافرت بي إلى يومٍ كدتُ أنساه ، يومٌ هو الحلم في حياة فتاة صغيرة ، لا تتمنّى أن تمتلكَ دمية جديدة ، ولا أن تزهو بثوبٍ جديدٍ ، لكنها تمنّتُ لو حصلت على مكتبة تخصها وحدها دوناً عن الآخرين .
وغفا حلم الصغيرة أعواماً ليستيقظَ على وقعِ حنينٍ ، وكتابٌ عظيمٌ يهدى إليّ متوّجاً باسمي ، وكم فرحتُ بكتاب الله يهدى إليَّ فكأنّهُ كان يومُ عيد .
لقد كان بداية النور الذي شعّ في مكتبة خاوية ، فأغنى عن كلّ كتاب ، وكان الزّاد والعُدّة . فاعتنيتُ بوضعه على رفّ مكتبة خاوية ، واعتزمتُ أن أعمرها بقلبي وروحي خطوة خطوة .

قادتني الأقدام إلى إحدى المكتبات الحمصيّة العريقة ، فطرقتُ بابها أبحثُ عن روحٍ تركتها على أحد الرفوف ، وفضحتني نظرات حائرة ، ترى إن سألني عن طلبي ماذا تراني قد أجيب ؟ أأخبرهُ بأني فقدتُ روحي وقد توزّعت في كلّ كتاب ! فمن أين يأتِ لي بها ؟ قد ينعتني بجنونٍ وما أنا إلا فتاةٌ ترسمُ حلمها بريشة حب ، فالقلب الذي تملكهُ لا يجيدُ إلا هذه اللغة ، وإن أتقن كلَّ اللغات .

اخترتُ ما أعان الله عليه من هناك ، ودفعتُ ثمنه مما ادخرته من مصروفي الخاص ، وعدتُ إلى مكتبتي الحبيبة ومعي طاقةَ فكر معطّرة بمسكٍ لا أنسى عبيره ما حييت .
وسار المشروعُ الصّغيرُ على قدم وساق ، وتواردت الكتبُ تباعاً من كتب في التفسير إلى ديوانِ شعرٍ ، ومن نثرٍ أدبيّ إلى ثقافة وتاريخ ، فلسفة وطب .. !
حتى عمرت المكتبة لبنة لبنة ، وامتدّ البنيانُ فشمل كلّ ناحية فيها .

أنظرُ إليها الآن ، بعد أعوامٍ من التطوير ، وكم آسفُ على ضآلة حجمها ، وقلة ما تحتويه ، ويغريني الطموح بإنشاءِ أختٍ لها تسيرُ على نهجها ، أو تتفوّق عليها .
أحلمُ بمكتبة واسعةٍ جدرانها كتبٌ ، وأسقفها صِحافٌ ، وأرضها من الورق الأملس ، أكتبُ عليهِ خطواتي ، وما تعلمتهُ من كلّ كتاب .

اليوم وأنا أرقبُ فيها هذا الاتساع البطيء الخطوات ، وأمسحُ مع كلّ يوم غبار الأيامِ عن كتبي ، تراودني هواجسُ سوءٍ فأبعدها ، وأتساءلُ لمن سأبقي مكتبتي ؟
هل سيخطُر للجيلِ القادمِ أن يبحث فيها ، أو يتناولَ كتاباً فيقرأ فيهِ خلسةً كما كنتُ أفعلُ دائماً عندما أقابلُ كتباً تغريني ، وتؤنسني إذا ما استوحش بي المكان !
إنّ كلّ ما أراهُ الآن لا يبشّرُ بخير ، فالجيلُ قد أذهلتهُ حضارة الحاسوب عن حضارة عريقة ، حضارة الكتب والتاريخ ، فغدا يناجي حاسوبه ، ويرهف السمع إلى وقع أصابعه على أزراره بدلاً من أن يحاور أديباً أو مفكراً عبر سطورٍ تحملُ عبق فكره .
ذلك أنه جيلُ لم يتربّى على القراءة ، ولم يعتد عليها ، ففرقته عن الكتب مساحات غربة شاسعة .
وقد آلمني كثيراً أن أقرأ إحصائيّة تتحدث عن حصيلة قراءة الأطفال في الدول الغربية فتقول :
الطفل الأمريكي: نصيبه من الكتب في العام 13260 كتاباً ، و الطفل الإنجليزي: نصيبه من الكتب في العام 3838 كتاباً ، و الطفل الفرنسي: نصيبه من الكتب في العام 2118 كتاباً ، أما الطفل الإيطالي: نصيبه من الكتب في العام 1340 كتاباً ، والروسي: نصيبه من الكتب في العام 1485 كتاباً في العام .
فأين أطفالنا أجيالُ أمّة اقرأ ؟
وقد هممتُ بعد أن قرأتُ الإحصائية أن أودّع قلمي إلى غير رجعة ، فإن كنت قد قرأت لمن مضوا ، فهل تراني سأجد من يقرأ لي ؟
وسول لي الشيطان أن أتخلى عن كل ما بنته المكتبة في داخلي من مبادئ ، لكنني عدتُ فأحجمت ، وعلمت بأن أمة نورها القرآن ، ونبراسها السّنة ستبقى بها أجيالُ خير إلى يوم الدين ، ولن تعجز الأرحام أن تنجب رواداً في العلم والفكر يحملون أدوات النهضة ، ويرتقون سلم الحضارة .
وعزمتُ أن أغرس في كلّ قلب حباً ضاع ، لحضارة منسيّة ، فأمسكتُ الدواة والقلم ، وبدأتُ أنسجُ خيوط الشمس .

الصباح الخالدي
17-09-2006, 08:44 PM
يعجبني نسيج الشمس
احبه جدا
لكن هذه الرحلة مع الكتب رائعة جدا

مادلين يوحنا
17-09-2006, 11:11 PM
اختي نور/
اسجل اعجابي بهذا النص الجميل

مودتي
العذراء

نور الجندلي
18-09-2006, 10:22 PM
أشكركما كل الشكر أخي الصباح وأختي العذراء لهذه الإطلالة الطيبة
دمتما في حفظ الله

أسماء حرمة الله
20-09-2006, 04:28 PM
سلام اللـه عليك ورحمته وبركاته

تحية قطفتُها من قلبي

نور الغاليـة،

تعلمين رأيي بحرفك، مذ وقفتُ معك مستندةً إلى أسوار حديقة الياسمين .
واليوم، أجدني أرتّب معكِ الرفوف، أسافر مع حروف هذا الكاتب، ومع حروف ذاك، حتى ارتوت أحلامي .

لايأسَ أبداً مادامَ بيننا قلمٌ كقلمك، وكأقلام الكثيرين من الأدباء والشعراء والمفكرين، كأقلام أهل واحتنا، وأنتِ تدافعين مثلهم عن حِمى الكتابِ والتراثِ وماضٍ وارفٍ.

----
اسمحي لي بالإشارة إلى بعض مايسقط أثناء الكتابة على لوحة المفاتيح :
- كي يتنحى قليلاً إلا اليمين = قصدتِ "إلى" ؟
- البطيء الخطوات = بطيء الخطوات
- لم يتربّى على القراءة = لم يترَبّ


للتثبيت تقديريا لقلمٍ كقلمك، ولفكرٍ راق كفكرك ..

بانتظار الجزء الثاني من خيوط الشمس، الخيوط التي تعلقتُ بها لأتنفّسَ الحياة والحلـم
كوني دوماً بخير أيتها النقية الرائعة دوماً
تقبّلي خالصَ تقديري واعتزازي :0014:
وألفَ طاقة من الورد والندى

حوراء آل بورنو
20-09-2006, 06:27 PM
جميل هذا يا نور ؛ فكر و قلم و فوق حب للعلم و للعربية و لكل الورق !

أسعدتني أسطرك و تحدثت بما في نفسي من حب للحبر الصابغ ، و للورق المطبوع .

كل التقدير لك .

نور الجندلي
24-09-2006, 10:13 PM
الغالية أسماء حرمة الله
مرور مفعم بالود والمحبة لقلبٍ يدعو لكِ بالخير دائماً
أشكركِ يا حبيبة للتصويب والتعقيب الجميل
كرم تعودناه منكِ
وسأكمل السلسلة هنا في نفس الرابط بإذن الله
على الخير نلتقي
دمت في رعاية الله

نور الجندلي
24-09-2006, 10:15 PM
الغالية حوراء
مرور بعبق الفجر الرمضاني الأصيل
أشكركِ يا حبيبة لتواجدكِ في صفحتي
دمتِ بحفظ الله

نور الجندلي
24-09-2006, 10:16 PM
عالمٌ نسجتهُ خُيوطُ الشّمس (2)

بحثاً عن الأمان ..

بقلم / نُور الجندلي

في عالمٍ ظننتُ فيهِ أن الأمانَ يحتويني ، في قلبي ، ومن فوقي ، وعن شمالي وعن يميني ، وأنني أنعمُ وأسرتي بطمأنينة الأمنِ في البيتِ والمدرسة والشّارعِ والحديقة ، فأتعاملُ مع كلّ هذا معاملة الإنسان المسالم ، الذي يصافحُ بقلبه كلّ الكائنات ، ويأبى على نفسه أن يؤذي نملة ، فهي كائنٌ مجدّ يبني عالماً كلّ من يتأمله يحترمه .
أوقفني نداءٌ تقطّع له كبدي ، نداءٌ لم أسمعهُ وحدي ، فما كنتُ واهمة حين حزنتُ ، فقد حزنَ حيٌّ بأكمله لفقدانها ، وقد أعلن مؤذّنُ المسجدِ عن اختفائها ، ماذا تراهُ قد حصل ؟ فتاةٌ في العاشرة ، بعمر البراعم من سكّان الحيّ الذي أقطنه قد اختفت !
وقد كانت تسيرُ مثلي في ذات الشّوارع ، وتبتاعُ من ذات المحلاّت التجاريّة ، وتتنشّق الهواء النّقي الذي أتنشّقه ..اختفت ..! لماذا وكيف ؟ هنا تكمنُ القضّية .

لو أخبروني بأنّ طفلة في الرابعة من عمرها تاهت عن أهلها فما وجدوها لصدّقتهم ، فهي لا تملكُ أن تعرّف عن نفسها ، عنوان بيتها ، رقم هاتفها ، أو أي شيء قد يخصها فينقذها .
لكن الفتاة في عمرٍ يسمحُ لها بالتعريف عن نفسها ، وتذكر بيتها ، والعودة إلى حضن أمّها دون عناء .

بصوتٍ حزين أُعلم سكّان الحيّ عن ضياعها ، فأسقط في يدي ، واهتزّ القلبُ جزعاً ، وحرتُ في أمري ، أأخرجُ كي أبحث عنها ؟ وهل تراني حقاً سأجدها .

حُقّ لي في هذا الزمان أن أقلق ، أن أقف ملياً صامتةً بعد نداء المسجد أفكّرُ في الصّغيرة ، وأن أعود إلى صغيرتيَّ أنبههما بجزعٍ ألا يتفرّقا يوماً ، وأمطرهما بنصائحي ، لا تتحدثا مع غريب ، إن حادثكِ فتجاهليه ، إن أعطاكِ حلوى فلا تتناوليها .. وكأنني سأحيطهم عبر كلماتي بسورٍ عالٍ يمنع تدخّل الأشرار ، ويحجزُ عنهما كيدهم .
وقد حفظن النصائح عن ظهر قلب ، فباتتا تردداها معي ببسمة من وثق من حفظِ الدّرس ، ولكن هل سيطبقنه حقاً إن تعرضن لخطر ..! هذا ما أتعبني كثيراً .

أذكرُ عندما كنتُ صغيرة أنني أفتحُ الباب وأخرج ، لأقوم بنزهةٍ خاطفة في الحارة ، أشتري حلواي وأعود للبيتِ آمنةً مطمئنة ، لا يجرؤ أحدٌ على مضايقتي ، ولا أشعر بالخطر يداهمني فأحجم عن خروج أو ألوذ هرباً كلما سرتُ في الشارع وحدي كسارق ارتكب جريمة وخاف أن تفتضح .
ذلك لأن للحارة كان طعماً مختلفاً ، فأصالة أهل البلد الشرفاء تضوعُ من كلّ أركانها ، تراهم ، فيخيّلُ إليك أنك تعرف كلّ واحدٍ منهم ، وأنهم يعيشون كأسرة ، يتنفّسون المودة والألفة والمروءة مع نسيم الهواء .
فالحزنُ واحد ، والفرحُ واحد ، والأيدي متعاونة ، ومتكاتفة على خير .
كان ذاكَ زمانٌ ولّى ، ليأتينا هذا الزمان على حينِ غرّة ، يخطفنا من حياتنا الهانئة الوادعة ، ويزجّ بنا في أحياء واسعة ، ومبان متشابهة ، ووجوه كالحة غريبة ..
تتأمّلها فلا تجدُ في ملامحها معنى ، لا حُزن ولا فرح ، لا خوفَ ولا سكينة ، فكأنهم ارتدوا الصّقيع فانطبع على قلوبهم ، وسرى في عروقهم ، فتحدثت عنه ملامحهم .

إنها الحضارة .. لما تزورنا بكلّ ما تحملهُ من وسائل راحة ، تأبى إلا أن ندفعَ ضريبتها ، من راحتنا ، من دفئنا ، من أمانٍ يحيطُ بنا .. لأننا أردناها هي دوناً عن سواها .
تباعدت المساكن ، وتنوّع السّكان ، وخالطهم أصنافٌ شتى من البشر ، واتسعت الأحياء ، وغرق الناسُ في أعمالهم اليوميّة ، فما عاد للجار أهمية ولا وجوداً ، إلا من تحية صباحية فاترة .
وتنظر إلى المبنى الواحد ، وإلى أحوال أهله ، فتشاهد الذي قد سهر متألماً لكثرة ما تناوله من طعام ، فأهلكته التخمة ، وآخر يتقلب في فراشه ، يئنُّ جوعاً فلا يجدُ لقمة عيشه .
وتسيرُ في الأزقّة فيراودكَ شعورٌ قاتلٌ بالغربة ، فما تجدُ للأشجار ظلاً يحتوي حرّ ما تعانيه ، ولا للسماءِ لوناً تسرح متأملاً فيه . فضبابُ الغربة يتكاثفُ في تلك الأماكن ، وتموتُ المشاعر الطّيبة التي كانت في زمن الجاهلية عنواناً ، وفي الإسلامِ حضارةً وإيماناً .

ها نحنُ نبكي على ماضٍ مجيد ، ونتأسّفُ على أمانٍ أضعناه ذاتَ غفلة ، فعانينا من ضريبة إهماله .
وهاهي البيوتُ تُنهب ، والمحال التجارية تسرق ، والفتيات يختطفن ، والفحش يسري ، والفضيلة تتلاشى ..
فمن المسؤول هنا عن هذا الدمار ؟!
هل لأننا أهملنا كلّ جميلٍ وزهدنا به لنلهث خلف حضارة مشوّهة ؟!
أم لأننا فرّطنا في فلذات أكبادنا ، وأعطيناهم حرّية مقنّعة زائفة !
أم ترانا لم نتقِ الله كفاية ، فنحاول بثّ جذور الإنسانيّة في التربة الغريبة ، ولم نسقها وندعمها لتقاوم زحف الشّر ..
كم قصّرنا وذهلنا وتغافلنا عن حقوق وواجبات ، واتخذنا لأنفسنا دور الناقد والمتفرّجِ على مسرحيّة الحياة .
فلا تحرّك في داخلنا وازع عمل ، ولا انطلقت من حناجرنا نداءات تغيير .!
لم ينتهِ الزمانُ بعد ، ومازلنا رغم ذلك بألفِ خير ، وسنبقى مادمنا نحملُ همّ الآخرين ونشعر – ولو قليلاً - بآلامهم
الفرصة سانحة للأفضل ، والطريقُ مفتوحة لإعادة الخير ، لم تغلق ، ولن تغلق مادمنا من أمة الإسلام .. فلنتدارك ما غاب عن خواطرنا من تعاليم إسلامية سمحة ، ولننهج نهج الأخلاق والفضيلة ، نقطعُ بها يد كلّ سارق ، ونطرد كلّ آثم ، فلنعزم على التغيير ولنبدأ من جديد .

د. محمد إياد العكاري
25-09-2006, 02:07 AM
أيتها النور الجندلي
ماأجمل خيوط الشمس التي تنسجين
ستبعث في نفسي الشوق لشموس العزة
وستبري الهمم والعزائم في الأمة
دمت بتألقٍ وإبداع وكل عامٍ وأنت بخير والسلام

نور الجندلي
25-09-2006, 03:40 AM
تحيّة رمضانيّة غالية من والدٍ كريم
كم أسعدني تواجدكم المعطر في صفحتي
كل عامٍ وأنتم بخير
زادكم الله همة وعزيمة ونوراً
كن بخير أيها الفاضل ولا تنسنا من صالح الدعاء ..

ابنتك / نور

نور الجندلي
25-09-2006, 03:43 AM
عالمٌ نسجته خيوط الشّمس (3)

نقطة .. على سطورِ الحياة

هل يُعدّ الإنسان جباناً إذا آثر يوماً الهروب من مسؤولياتٍ أنيطت به ؟ وإن هجر طاولة مكتبه لاجئاً ومهاجراً إلى السّرير ؟!
هذا حقاً ما اقترفته منذُ أيّام ، ولم يكن محض جنون ، بل قمت به وأنا في كامل قواي العقلية ، قمتُ به لأحافظ بالأحرى على قواي العقلية .

كنتُ في صباي أشكو الفراغ وأتذمّر منه ، وتبكيني أوهام بأنني لن أحقق لنفسي شيئاً في الحياة .
لكن الله تعالى قد فتح عليّ من أبواب العمل ما أريد وما لا أريد ، فتراكمت أعمالٌ كثيرة أمام طاولتي ، وازدادت المسؤوليات ، ووجدتني أصل الليل بالنهار لعلّي أوفي أياً منها بعض حقه ، فيحالفني نجاح ، ويزورني أحياناً بعض الفشل ، فيحرّضني على التعلم منه وإعادة تشييد بناء متين من جديد .

تراوحت حالتي بين قلقٍ وخوف ، قلق على المهام ألا أنجزها أو أعطيها حقها المطلوب ، وخوفٌ أن يحاسبني الله تعالى إن قصّرت . والغريبُ في الأمر أنني كلما حاولتُ أن أتخفف من مهمّة أو أعتذر عن أخرى ، ألقيت لي أخرى ، فكأنني أغرفُ من البحر ماءاً أظنُّ أنني سأجففه ..!

أيام كثيرة مرّت وأنا أدفن رأسي بين أوراقي وكتبي ، أقارعُ فصول الحياة لأغتنم منها ما يستحقّ أن يغتنم ، العمرُ ينقضي ثم يرحل ، لكن الفكر في شغلٍ دائم لا يهدأ ، ولا يتوقف ..!
أراقب حياة الآخرين من بعيد ، إنهم يحيون حياتهم كما يريدون ، يتنفسون الحرّية والفرح ، وأراقبُ حياتي كيف أغلقت بها على نفسي بمغاليق العمل ،أليست حياتي من اختياري ؟ من صنع يدي !
لقد نلتُ سعادتي التي أبتغيها حتى استمرأتها ، واعتدتُ عليها ، فغدت أيامي كلها بلا وهج ، بلا بريق ..
وكلّ الفكر ، وأرهق الجسم فصار يئنّ بصمت ، فأسكت ألمه براحة مؤقتة ، وإن ارتاح الجسم هل يرتاح القلب ؟

أكثر ما آلمني تقصيري في حق من أحبّ ، فقد غدت علاقتي بمن حولي حكراً لكل ما هو ضروريّ وفي دائرة أداء الواجب .
اختفت البسمة ، اختطفها التعب ، وكلّت يدٌ كانت تعطي ، فبخلت عن كلمة طيبة ، من شكرٍ أو دعاء ..
مع أن القلب لن ولم يكل يوماً عنهما .
أحزنني أن أُشكرَ فلا أردّ الشكر ، أو يقدم لي معروفاً فلا أقوَ على رده ، وأن أجد من يحتاج إلى دعم فأتحاشى تشجيعه ، ليس كبراً أو غروراً ، ولكنه العمر والوقت والجسم المنهك .

في ليلة والقمر يغادرُ مودعاً ناديته ، لملمتُ حقائبي على عجلٍ وصحبته ، قلمٌ وورقة ...! أهذا ما استطعتُ حمله !
يالهذه العلاقة كيف تُحلُّ ومتى تنتهي ..
رحلتُ لأترك عنواني فارغاً ، ومحوتُ اسمي من بين أوراقي ومن على مكتبي ..
وطرقتُ باب الوحدة لأستجمع قواي وأستعيدُ نفسي ..
ليلة ، ليلتان .. سئمتها وسئمتني ..
ودّعت الوحدة والشكرُ يحتل أوسع مكانٍ في قلبي لها ، فقد صفا الفكرُ لما خلوتُ بنفسي ، وقلّبتُ في أوراقِ العمر أبحثُ عن ثغراتٍ في حياتي لم أملأها بعد ، وعن فراغٍ لم أغتنمه ، وعن حياة سارت بلا تخطيط ، وعن حدود تجاوزتها في غمرة أيامي .
وبقلم الحبر خططتُ نقطةً على صفحة بيضاء ، واعتبرتها نهايةً لقصّةِ آلامي .
فما أروع العمر بالعمل ، وما أغلى دقائق الحياة حين تكون عامرةً لله ..!

خليل حلاوجي
28-09-2006, 08:44 AM
وعدتُ إلى مكتبتي الحبيبة ومعي طاقةَ فكر معطّرة بمسكٍ لا أنسى عبيره ما حييت .


\

سأعود هنا مرارا ً

لأرتوي


\

دعواتي

أسماء حرمة الله
30-09-2006, 12:08 AM
سلام اللـه عليك ورحمته وبركاتـه

تحيـة قطفتُها من قلبي

نور الغاليـة،


عالمٌ نسجتهُ خُيوطُ الشّمس (2)
بحثاً عن الأمان ..

وتسيرُ في الأزقّة فيراودكَ شعورٌ قاتلٌ بالغربة ، فما تجدُ للأشجار ظلاً يحتوي حرّ ما تعانيه ، ولا للسماءِ لوناً تسرح متأملاً فيه . فضبابُ الغربة يتكاثفُ في تلك الأماكن ، وتموتُ المشاعر الطّيبة التي كانت في زمن الجاهلية عنواناً ، وفي الإسلامِ حضارةً وإيماناً .



هذا هو الزمنُ الذي أريقتْ على حواشيـه المبادئ، واغتيل على قارعة طريقه الأمنُ والأمان .
لكنّ المشاعرَ الطيبة لن تموت، لانها ماتزال تنبض، ماتزالُ محلّقـةً بسماوات القلوب الطيبة، كقلبكِ وكقلمك. الأشجارُ ماتزالُ متمسّكةً بجذوعها وأغصانها، والأزهارُ تُهدي عطرها لكل قلب محروم، والأفياءُ توزّع حنانها على كلّ أرض، على كل زاوية منزوية في خوفها، والأمـلُ في اخضرار الزمن الجميل الذي ينبض في قلوبنا، سيخرجُ بإذن اللـه من خوفـه، من قلقِه، كيْ يهطلَ الأمنُ والأمانُ من جديد .

أما الأسئلة التي طرحتِها، فأظنّ أن المسؤولَ تقصيرُنا أولا وأخيراً، ثمّ تفرّق القلوبِ عن ضفاف الإخاء والتكافل ..نسأل الرحمنَ العونَ والسداد.

--------
هناك بعض خيوط هاربة تحدث أثناء الكتابة، اسمحي لي بالإشارة إليها :
- زمانٌ ولّى = زماناً
ولا وجوداً = ولاوجودٌ


نور، سعادتي بكِ فوقَ الوصف! اقبليني مقيمة بشرفتك الخضراء حتى تتوقف الأنفاس .. ولي عودة بإذن الله إلى خيوط الشمس 3، وإلى بقية حبّات المرمر ..

نور، حرفكِ شفــاء
لكِ خالصُ تقديري وإكباري :0014:
وألف طاقة من الورد والندى

أسماء حرمة الله
30-09-2006, 12:32 AM
عودةٌ إلى عالمكِ النقي..إلى خيوط الشمس 3




لاأدري لِمَ لمِْ أحبّ الخروج من بيت الشمس، وقد غفوتُ بين كفّيها، تغطّيني خيوطُها، وتملأ قلبي أملاً وإيماناً ..إنه عالمُكِ الأبيض !

أحسستُ بأنّ كلَّ حرفٍ هاهنا، يئنّ قبلَـكِ، يبوحُ بما اعتصره قلبُك الأخضر، ومااعتصرتْـه خطواتكِ وموانئُ طريقك .
سافرتُ معكِ، حتى وصلتُ معكِ أيضاً إلى ميناءِ الأمن والأمل، لأُلقي معكِ بكلّ مخاوفي وآلامي إلى أبعد نقطة من هذا الكون، ليت ذاكرتي أيضاً تتقفّى آثارَنا !



------
ماءاً = ماءً
حكراً لكل = حكراً على


اكتبي واكتبي دائماً، وثقي بأنّ الآلامَ تخاف منّا، حين نقاتلها، وأنّ الرحمنَ معنا دوماً، حتّى حينَ يقتلنا الحزن !

كوني دوماً بألف خير يانورَ الشمس، ولاتغيبي عنّي وعن الأحبّة ببقية حبّات المرمر ..
لكِ خالصُ محبّتي وتقديري :0014:
وألف طاقة من الورد والندى

نور الجندلي
10-10-2006, 02:32 AM
الرائعة أسماء حرمة الله
مرور بطعم الشهد
وبعبير المسك
تحار الكلمات أمام فيض رقتك وعذوبة حرفك
دمتِ كما أنتِ
وجزاكِ الله خير الجزاء

أسماء حرمة الله
14-02-2007, 02:04 AM
سلام اللـه عليك ورحمته وبركاته

تحيـة قطفتُها من الشّمس


أديبتنا المبدعـة نور،

اشتقنا لخيوطك المنسوجـة من النقاء، ولعالمكِ المضاء بالنّور، المضيء كفلق الأمل، فهلاّ عدتِ إلينا من الغياب كيْ تعود الشّمس إلى ضوئها ؟


حماكِ ربّي أينما حللتِ وارتحلتِ
خالص محبّتي لكِ:0014:
وألف طاقة من الورد والندى

سحر الليالي
14-02-2007, 11:31 AM
ما أجما قلبك وروحك يا نور...!!
تأخرت كثيرا في معانقة هذه الدرر

اشتقنا لهطولك وروائعك يا نور
كوني بخير دوما ،وبإنتظارك

محمد فقيه
14-02-2007, 11:43 AM
خواطر تمر بكل من أقتنى كتاباً


وحلم بمكتبة موسوعية


تنتابنا الكثير من مشاعر الإحباط

والتفائل...

ويبقى الأمل ..

إن نعمل بما تقدر عليه

وللأجيال القادمة الحكم ...

وجدت نفسي هنا

وكأنكِ تكتبي بلسان حالنا جميعا

لكِ خالص الشكر ....