تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : امرأة شرقية



جوتيار تمر
07-10-2006, 03:05 PM
امرأة شرقية
لملمت أغراضها ..دخلت خلسة غرفة أخيها تلقي نظرة على ابنه الذي كان يحضن يد والده كأنما يحضن دميته .. اقتربت منه .. قبلته .. عادت أدراجها .. وهي في أعماقها تردد .. ترنيمة خالدة لشاعر خالد .. آه.. (( أيها الطفل يالهناءتك وأنت تقتعد التراب لاهياً بغصن قصيف ، طوال النهار .. إنك تخلق من أي شيء تجده دمىً سارةً ، أما أنا فأنني أُبدد قواي ووقتي بحثاً عن الأشياء التي لن أستطيع الفوز بها .. )) وبهذه الترنيمة بدأت صباحها .. كانت الإشراقة التشرينية قد غزت ذلك الطرف من المدنية التي تسكن هي فيه .. وبدت وكأنها تبشر بيوم غير عادي في كل شيء ، نظرت إلى غرفتها .. وبدأت تتحسسها شبراً شبراً.. إنها متيمة بكل شيء فيها .. وقفت أمام نافذة الغرفة .. تأملت ذلك الجبل القريب من منزلها والذي رافق وجودها منذ البدء والجبل هذا ليس من الجبال الشاهقة التي تشتهر بها منطقتها .. فهو أجرد .. لا شجر عليه.. لكنه يظل في نظرها .. جبلاً مميزاً .. همست ليتك تبقى هكذا للأبد قريباً من عيني .. أدارت بعنقها نحو الشارع القريب من نافذتها .. وجدت أطفالا يحملون حقائبهم المدرسية على ظهورهم وهم يضحكون فرحاً لأنهم غادروا بيوتهم .. أحضان أمهاتهم.. ومقبلون على مدارسهم حيث عالم آخر غير الذي رأوه .. وعاشوا فيه .. في داخلها همست بألم ليتكم تعلمون ما أنا فيه .. ؟
أعادت بنظرها إلى أرجاء الغرفة .. وقع نظرها على صورة كبيرة لطفل .. معلقة في إحدى زوايا الغرفة .. قالت بصوت مسموع خارج عن إرادتها أهكذا علي أن أودع غرفتي .. ؟ صور الأطفال .. تلاحقني أينما نظرت ..! سمعت صوت أمها وهي تنادي عليها .. ومع صوت أمها سمعت صوت سيارة وقفت أمام باب المنزل .. رفعت ستائر نافذتها .. رأت إحدى صديقاتها من خلال نافذة السيارة جالسة على المقعد الخلفّي أدركت بأن نهاية بقائها بين جدران غرفتها قد آن ..!
كانت السماء حينها قد تغيرت مساراتها .. فالإشراقة الصباحية تلك لم تدم طويلا ، حيث هبت رياح غربية وحملت معها غيوما سوداء متفرقة وكأنها هي الأخرى أدركت معنى هجر المرء لجدران ضمت أنين وآلام السنين ..!
وقفت أمام باب غرفتها ونظرت إليها نظرة المودع .. أقفلت الباب وراءها.. وراحت تودع أهلها .. كان والدها الذي قارب من العمر ثلاثة وخمسين عاما واقفا على عتبة باب المنزل ينظر إلى ابنته نظرات كلها غرابة ودهشة فهو كرجل محافظ .. لا يستطيع لحد اللحظة تلك تقبل فكرة أن تذهب ابنته لوحدها إلى مدينة أخرى بعيدة غريبة .. لكنه كان قد خضع للأمر الواقع .. وذلك لألحاح أخيها الأكبر الذي كان هو الآخر في المرحلة الأخيرة من دراسته الجامعية .
الوالد كان ينظر إلى المسألة على أنها تخالف العادات والتقاليد التي تربى هو عليها لكونه يعيش في مجتمع عشائري .. حيث أعراف وتقاليد العشيرة تمثل الشريعة الأولى في المجتمع .. إن لم نقل بأنها تمثل دستور البلد الذي تعيش فيه.. فالعشائر في وطنها كانت منذ زمن طويل قد ضمنت لها مكانة بارزة في سيرأمور البلد .. ولهذا كان الوالد يحاول أن يربي أولاده على قيم وتقاليد الإباء والأجداد .. وحتى تكون الصورة أوضح وجدت بأنه من الضروري أن أصف بعض ملامحه لعلها ترسم صورة بدون إبعاد ومنظور في أذهانكم .. هو رجل طويل القامة ، ضخم الجسم ، ذو بشرة بيضاء .. يملك على حافات رأسه شعراً أبيض لأنه في الأصل قليل الشعر .. ولحيته الطويلة امتزجت شعراتها البيضاء بالسوداء وقد أعطته وقاراً وهيبةً يحسد عليها ، تعلم في المدارس الدينية .. لذلك يملك ثقافة دينية لا بأس بها .. له خمسة أولاد من زوجتين ، الأولى خلف منها بنتين تزوجتا بعد وفاة أمهما بسنتين .. فتزوج الوالد امرأة أرملة ، وكان للأخيرة ابن واحد فقط وخلف منها ولدا وبنتا ، وبهذا يكون له أربعة أولاد من صلبه إلا أنه كان يعتبر الآخر أيضاً من أولاده حتى أنه أخرج له بطاقته الشخصية على اسمه حتى لا يأتي يوم ويشعر بأنه لم يعامل معاملة أخوته..!
وما يهمنا من الأمر هذا هو أن هذا الابن كان وراء سفر أخته لتكلمة دراستها الجامعية .
التمت الغيوم السوداء واجتمعت ، وأرسلت على المدينة ريح باردة..رطبة..وكأنها تلوح بأن المطر على الأبواب..!
قبلت أمها التي كانت تعيش حالة ذهول تامة ..فقدعانت الأم ويلات الهجروالفراق.. عندما التحق زوجها الأول بالجيش وهي حامل.. ولم يعد إلا جثة صامته في تابوت ملفوف بعلم وهي كانت تواسي نفسها بجنينها وجارة لها فقدت هي الأخرى زوجها في نفس الظروف .. وقد تستغربون من ذلك .. لكن هنا حيث نحن نعيش لا شيء مستحيل قد تنام على صوت موسيقى فلكلورية قديمة مما كانت تعزف في أعالي الجبال بناي رعاة الغنم .. وتصحى وقد احترق نصف مدينتك .. وصوت المدافع يطرق على سمعك وعندما رحل زوجها .. كان حينها عمر الجنين سنتين..حضنت ابنتها..قبلتها وذرفت دموعها لتلامس خد ابنتها ..مسحت الابنة دموع أمها وقالت آماه لم أمت بعد.. فكفاك ذرفا للدموع..كلها أشهر وسأعود ..بل إن استطعت سأكون هنا رأس كل شهر..فهدأت الأم قليلا.. وكان على الابنة المسكينة أن تواجه والدها..حيث لم يحصل أن خرجت أمام والدها إلى مكان بعيد وبيدها حقيبتها ..لكنها كانت تجد في وجود أخيها خير دعم وتشجيع لها..وصلت إلى عتبة الباب حيث الوالد كان واقفا هناك وضعت حقيبتها أمسكت بيديه وقبلتهما ..قبلات المذنب التائب من ذنوبه ..مسح الوالد على رأسها وقبلها مبتسما وقال انتبهي لنفسك ولا تجعليني أندم .. وابتسم غصبا لها .. بل قبلها .. ثم أمسك أخوها بيدها وحمل حقيبتها وأوصلها للسيارة .. ونظرإلى أخته .. حاولت الأخت أن ترفع رأسها لتنظر إلى عينيه لكنها كانت تخشى أن تصطدم بالحزن المغروس فيها .. فحاولت أن تتهرب .. أدرك الأخ ما كان يجوب في بال أخته ..قال لها لا بأس ليلان.. تعلمين أين ستجدينني وكيف .. فلا تتردي لحظة .. قبلها .. وقبل أن تركب السيارة .. رفعت رأسها متحدية ألمها .. ونظرت إلى عينيه .. وهي تقول هل أضفت إلى حزنهما جديدا .. ابتسم ريان لها .. وقال بل أفر حيتهما بسماعك لنداءاتهما لك بتكملة دراستك .. قالت أعدك بأني لن أخذ لك .. قال أعدك أن أكون معك كيفما تريدين ..!
دخلت السيارة وجلست بجانب صديقتها شرمين على المقعد الخلفي.. لوحت لأهلها .. ثم نظرت إلى أخيها .. ولوحت له مع ابتسامة رضا .. أدار السائق محرك السيارة ثم مالبث أن أنطلق حتى توارى عن الأنظار .. دخل الآخرون إلى المنزل .. وقبل أن يصعد ريان إلى غرفته ليطمئن على طفله ، قال لوالديه .. لا أريد أن أرى الحزن في هذا البيت فيكفينا ما نحمله في أعماقنا .. ولا تنسوا بأني سأهتم بها .
كنا قلنا بأن ليلان عندما أرادت أن تودع طفل أخيها كان الأخير نائما وقد احتضن يد والده .. وبعدها وضع ريان يد طفله على دمية .. وتملص حتى خرج من الفراش دون أن يوقظه .. ريان هذا شاب كان متزوجا .. لكنه أرمل الآن .. له طفل لم يبلغ بعد عامه الثاني .. أم الطفل توفت بعد ولادته مباشرة لذا لم يجد غير حضن ليلان يأويه .. ريان يدرس في كلية القانون ولم يبق له سوى سنة واحدة ويتخرج وهو الآخر يدرس خارج المدينة جامعته قريبة من المدينة التي ستدرس ليلان فيها .
أما أخ ليلان الآخر كان خارج البيت بل إنه لم يبت في البيت أصلا .. لأنه كان يكره لحظات الوداع .. وقال قبل خروجه لأخته سأحبك دائما.. وخرج إلى بيت أخته الكبيرة المتزوجة .. وبات عندها ليلا .. وعندما عاد كانت قد رحلت .
ريان دخل غرفته فوجد طفله لم يزل يغط في نوم عميق .. دمعت عيناه .. قال صغيري أمك الثانية رحلت هي الأخرى .. ماذا عساك ستفعل عندما تصحو .. ولاتجد حضن يأويك .. بل ماذا عساني أنا أصير.. عندما أسمع بكاءك ولاأملك الوسيلة لمنحك الأمأن والطمأنينة .. آه يا صغيري إنها الأقدار .. نعم الأقدار التي جعلت غضب الطبيعة يتعانق مع غضب الآلهة ومن ثم مع غضب الإنسان ..لأقع أنا الكائن الوحيد الذي يعاني الغربة في ذاته في شرك مصيدة الحياة .. ولتكون النافذة الوحيدة المتبقية لي في هذا السجن هي نافذة الموت .. بعدك.. لتطل من خلالكما على الأبدية .. وافقها الغامض .. أه ياصغيري .. اقترب منه قبله .. خرج من الغرفة ينادي أمه .. بأن تعتني به .. لحين عودته فهو الآخر على وشك السفر .
كانت السماء حينها تقذف بدموعها خارج أسوارها .. وهكذا أصبح المطر يطفىء بهطوله الحرائق القدرية التي اجتاحت الأنفس ..!
ليلان وصديقتها شرمين كانتا في ذلك الوقت قد خرجتا من حدود مدينتهما .. كل واحدة منهما كانت تنظر بلهفة إلى كل شيء يقع أمام نظرهما .. وأحيانا كانت الدهشة تمتلك أعماقهما لأنهما يوما لم تتصورا بأن مدينتهم كبيرة هكذا .. فهما لم تعرفا سوى محلتهما .. حيث لم تتجاوز الزيارات التي قمن بها حدودها .. وما زاد من دهشتهما نقاط التفتيش والأسلاك الشائكة والجنود والآليات العسكرية المنتشرة في أرجاء البلد التي يجدها المرء على الطريق ..حتى أصبح بها يعرف البلد .
أخذهما التفكير في دوامة دون أن تشعرا بالوقت ولم تحسا بنفسهما إلا وهما أمام باب القسم الداخلي الذي أعد للطالبات..فخرجتا .. وأخرج السائق أغراضهما..وقال هل تحتاجان إلى شيء أفعله لكما قبل أن أعود .. شكراه..فرحل هو .. ودخل الاثنتان إلى القسم وقدما أوراقهما لمسوؤلة القسم فرحبت بهما وأرشدتهما للغرفة التي ستحل مكان الجدران التي كانت تأويهما قبل .
دخلا الغرفة ..ولم تتفوه أي واحدة منهما بكلمة ..لاإراديا توجهت كل واحدة إلى سرير معد في الغرفة.. أخرجتا أغراضهما .. ورتبتا ملابسهما ..ثم جلست شرمين على سريرها .. ونظرت إلى ليلان ..ثم دمعت عيناها .. حاولت ليلان أن تتجنب النظر إليها .. لكن هي الأخرى وجدت صعوبة في منع دموعها من السقوط..اقتربت منها ضمتها..وبعد رحلة مع البكاء الدموع ..قالت شرمين ..هل هذه هي النهاية أم إنها مجرد البداية ..قالت ليلان لاأدري ..ولكن عساها تكون أفضل عساها ..عساها..!
ثم دخلت كل واحدة إلى فراشها .. وغفت عيناها حتى المساء حيث استيقظا على ضجيج أتى من خارج غرفتهما .. وعندما فتحت ليلان باب الغرفة وجدت الممر ممتلئا بالبنات وهن يتعارفن ويصدرن أصواتا وضجيجا وضحكاً ..فنادت شرمين .. ولكنهما لم تمتلكا الجرأة لتخرجا.. فأقفلا باب الغرفة على نفسهما .. قالت شرمين أنني لاأفهم لغة بعضهم .. ردت ليلان لابأس ستتعلمينها .. ثم قالت ألست جائعة .. ردت شرمين بلا .. فأخرجت ليلان ماجلبته معها من طعام .. لأنها كانت تعلم بأن الاقسام الداخلية لايقدم الطعام فيها ..مع أن قسمهم المكون من ثلاثة طوابق وكل طابق يحوي على ست عشرة غرفة كان قريبا من السوق .. إلاأنهما لم تكونا تعرفان شيئا عن نظام الأقسام ..ولا عن هذه المدينة .. لذا فكرت ليلان قبل مجيئها بأن تحتاط لمثل هذا الظرف ..جلسا وأكلا .. وتبادلا الحديث .. وأخذهما الوقت..كانت تحاول كل واحدة أن تواسي الأخرى .. حتى تأخر الوقت .. فعادتا إلى فراشهما .. لأن أمامهما في صباح اليوم التالي رحلة صعبة..!
وسادع ليلان تصف لكم يومها الأول .. لأن بعض أقارب شرمين بل ابن خالتها كان قد أتى إلى القسم واخذ شرمين معه إلى كليتها وللعلم فقط فإنها لم تكن في نفس اختصاص ليلان , فهي كانت خريجة الفرع العلمي أما ليلان فقد كانت في الفرع الأدبي وهذا ما مفاده أن قبولهما في كلية واحدة أمر مستبعد نوعا ما , قالت وهي تصف يومها ..((استيقظت من نومي منذ ساعات باكرة متعبة .. بل أكثر تعبا مما لو بقيت صاحية طوال الليل أعمل في حقل ...... وانتظرت النهار حتى يشق عتمة الليل .. وعندما انبلج .. ردد صوتا خفيا في أعماقي أعني ذاتي هاهو النهارالموحش يهجم على شباك نافذتي ..كئيبا.. تحمل إشراقته الغاضبة ذرات لامرئية دامية .. لتنثرها في أرجاء الغرفة .. شعرت بثقل مبهم في صدري وكأن قلبي أصبح مهددا بالتوقف عن حركته اللامجدية , حاولت أن أستجمع ما تبقى لي من قوى..أيقظت صديقتي .. خرجنا معا نغسل وجوهنا..عدنا..أفطرنا..انتظرت هي ابن خالتها ..أما أنا فقد خرجت هائمة على وجهي دون أن أعرف من أين .. وإلى أين وكيف ..؟ ولكني اتبعت بعض الفتيات .. حاولت أن اسألهن .. لكن خانتني قواي .. وعندما أصبح الأمر أكثر جدية بين التيه والضياع والجهل بكل شيء .. تجرأت وسألت إحدى الفتيات عن كلية الآداب .. فعرفتني وبسرعة البرق بشاب كان معها وقالت إنه أيضا سيذهب إلى الآداب.. فابتسم لي الشاب وقدم نفسه .. كنت أعيش حينها حالة من الذهول متسائلة ..عن جرأة تلك الفتاة.. وفي أعماقي كنت أناجي ريان أن يلحق بي .. لكني كنت أعلم أنه لن يفعل لا لأنه لايريد .. لا .. فقط لأنه يريدني منذ البداية أن أواجه أموري وأقداري بنفسي .. فتشجعت عندما استحضرت وجهه .. ورفعت رأسي وابتسمت له وقدمت له بخوف ممزوج بخجل إنسانة لا تعرف ولم تتعود أجواء التعارف نفسي ..فأرشدني بل سرنا معا إلى الكلية .. وكانت هذه المرة الأولى التي أخرج فيها مع شاب غريب إلى مكان ما .. ولا أعلم حينها ماكان يختلج في أعماقي .. حيث الشعور بالخوف .. من أن أكون خرقت الحدود وأغضبت والدي بعاداته و تقاليده ومعها .. دست على شرائع العشيرة .. خاصة وكلمته الأخيرة لم تزل ترن في أذنيّ ..(أندم ).. أو أن أكون قد خرقت عقدة الركود التي كان ريان يحاول إخراجي منها .. المهم أتممنا معا معاملات التقديم واستلمنا معا الكتب ودخلنا معا القاعة التي سندرس فيها ، وعندما انتهى الدوام خرجنا معاً .. وأوصلني إلى باب القسم .. وأنا مازلت أعيش حالة من الذهول .. فأنا ليلان أكاد أكون قد قضيت نصف نهار كامل مع شاب لم أعرفه إلا في بداية النهار .. أهو الكبت الذي كنت أعيشه جراء شرائع العشيرة .. أم هي الحرية والتوق إليها .. وكأني كنت حبيسة جدران أربع .. وعندما تسنى لي أن أخرج وأرى البحر ركعت على ركبتيي على شاطئه وبدأت أناجي مجهولاً بعيداً عن الجدران الأربع .. وتاركتاً للريح ذبذبات صلاتي لتنثرها في آفاق الكون الرهيب ..) .
كانت شرمين حينها تنتظرها في القسم وشرمين هذه فتاة لم تعرف هي الأخرى سوى مدرستها وأهلها ، حيث في داخلها كانت تعيش نوعا من الخوف المخفي لكونها غير قادرة على اتخاذ أي قرار دون تردد .. وقد أعدت أغراضها وابن خالتها كان هو الآخر موجوداً .. وعندما دخلت ليلان القسم ووجدت حقيبتها في يدها أدركت أنها ستعيش مؤقتاً لوحدها.. ودعت صديقتها .. ودخلت غرفتها .. وكم كانت مندهشة عندما وجدت بعد ثلث ساعة فتاة تطرق باب الغرفة .. وكانت هي نفسها التي سألتها في بداية نهارها .. ابتسمت وقالت هل تسمحين لي بمشاركتك الغرفة .. قالت تفضلي .. وبعد أن تعارفتا .. بدأت الزائرة .. بل الساكنة الجديدة تسرد لها قصتها الطويلة كيف عاشت في حي فقير بدون أم .. حيث توفيت أمها وهي صغيرة .. ومعاناتها مع زوجة أبيها ومن ثم موت أخيها بحادث سير .. وصراعها من أجل تكملة دراستها .. وبعد أن أنهت قصتها .. ألحت على ليلان أن تتعارف مع جاراتها فخرجن وتعارفن وأكلن .. ثم عدن إلى غرفتهن.. ودخلن فراشهن .. وفي المساء وعلى صوت الرعد استيقظت ليلان وكان الظلام قد بدأ يرمي بعباءته الرمادية.. المائلة إلى السواد .. فوق جراح الحرم الجامعي .. وقفت أمام نافذة الغرفة تتأمل السماء الرمادية بغيومها السوداء .. والمطر الهاطل على نافذتها .. ومعهما كانت في أعماقها تتحسر على ذلك الطفل الذي تركته وراءها .. وقالت بصوت مسموع أين هي (( اليثيا )) ربة الطفولة والأمومة لتستنجد آهات قلبي وتذهب لتحمل طفلي ذاك وترعاه .. آه يا أيتها السماء أنك الآن تذكريني بذلك الإله الذي عبدته قبائل الأنكا ( كاتيكويل ) حيث كانت تقدم أطفالها قرابين له لتتجنب غضبه .. غضب برقه ورعده .. استيقظت صديقتها على صوتها كأنها شعرت بمعاناة صديقتها المناجية .. حيث وجدت عيناها تمطر مطراً مع المطر الهاطل .. وقفت بجانبها .. ضمت رأسها لصدرها ..قالت طفل من هذا الذي تناجين الإله من أجل حمايته ورعايته ..قالت وصوتها أقرب إلى صوت أم باكية .. طفلي.. الذي حضنته بعد ولادته .. قالت هل متزوجة أنت..قالت..لا ..إنه طفل أخي الأكبر .. الذي ماتت زوجته بعد ولادته مباشرة..قالت أليست هناك من ترعاه ..؟ أجابت ..أمي ..أمي ..لكنه الصغير .. تعود حضني .. ارتفع صوت بكائها ..فأجهشت الصديقة واسمها سارا .. بالألف .. حيث إنها عندما تعرف نفسها لأي شخص تؤكد على ذلك .. لأن الشائع هو سارة.. ولكن هذه الظاهرة تتكرر في مجتمعنا .. فاسم الشخص متوقف على الأصابع التي تمسك بالقلم في دوائر الجنسية والأحوال المدنية ..! وأجهشت بالبكاء لبكائها .. وبعد مأتم آخر .. أمسكت سارا بيدها وذهبا ليغتسلا .. وقالت سارا سأذهب لأعد مكانا لنا في المطبخ ..حتى نعد طعامنا فيه ..قالت لابأس سأرافقك لكن الصديقة أبقتها ..وخرجت لوحدها .. مضى المساء بسرعة .. كانت الصديقة قد وجدت مكانا تضع عليه (مدفأة نفطية صغيرة) جلبته معها فالأقسام هذه لكل جناح فيه مطبخ خاص وهو كبير يستوعب جميع هؤلاء الطالبات..المهم جهزت الصديقة عشاء لهما .. وبعدها زارا بعض الفتيات .. وسهروا لساعة متأخرة من الليل وعندما شعرت الصديقة بالنعاس طلبت من ليلان أن يعودا لغرفتهما فاستجابت ولم تمهل الصديقة لنفسها وقتا للتفكير أو أي شيء إنما دخلت فراشها ولم تكن سوى لحظات حتى كانت قد غاصت في سبات عميق .
ريان كان حينها قد جهز هو الآخر أغراضه بعد عودته للمنزل..وكان يداعب طفله الذي سيصبح يتيما بعدما يشق النهار جدران الظلام ..كان يبتسم لحظة ويئن لحظات .. لكنه تمالك نفسه وفي ساعة متأخرة غفا الطفل على صدره وكعادته أمسك بيد والده ليحضنها كأنها دميته .. وظل الوالد ينظر إليه وهو في ذاته يكاد يتلاشى من شدة الألم الذي يغرسه مجرد التفكير بالسفر مضى الليل بظلامه .. واصطدمت آلهة الظلام بجدران قدرية صنعتها آلهة النهار .. أشرقت الشمس .. وكان على ريان أن يذهب عند أختيه .. دخل غرفة أخيه الذي كان قد عاد .. وطلب منه أن يأخذ مكانه لحين عودته ..وخرج هو ..زار الأخت الكبيرة وطلب منها أن تحاول جهدها لمساعدة أمه في رعاية طفله ..ثم ودعها .. وذهب إلى الأخت الأصغر .. بالطبع أصغر المتزوجتان .. مكث عندها لحين الغداء .. لأن مجرد الانتقال من حي إلى آخر يحتاج المرء إلى ساعات بسبب الازدحامات المرورية .. المهم بعد الغداء اتفق مع أخته بأن ترافقه ابنتها المتخرجة والتي تعمل في إحدى رياض الأطفال القريبة من منزله..لتساعد جدتها في رعاية الطفل .. خاصة وأن الابنة كانت قد اقترحت على أمها أن تفعل ذلك من أجل ريان.. خالها الذي تحبه أكثر من اي شخص آخر .. مضى الاثنان إلى المنزل وكان الوقت آنذاك قد قارب على الثالثة وسبع وثلاثين دقيقة .. حيث دنت ساعة رحيله .. التمت العائلة حوله..نظر إلى وجهوهم وجدها تعيش حالة من الموت والعذاب .. وكأنها كانت تناجي السماء نفقد في يومين اثنيين من فلذات أكبادنا .. إنه لظلم .. ظلم كبير .. قال ريان لن أسافر إذا كنتم ستبقون هكذا .. أنه ليس اول مرة أغادركم فيه .. مابكم .. انسوا موضوع سفري .. وانتبهوا لأنفسكم سأكون بخير تعلمون ذلك .. ضمه والده مبتسما قال أعلم بني أعلم .. لكننا سنشتاق لوجودك .. قال لابـأس والدي العزيز .. لن أدعكم تشتاقون .. توجه إلى أمه وضمها وقبل رأسها ومسح دمعتها .. قال ألا تعلمين موتي عندما أرى دمعتك فأسرعت الأم تمسح دموعها وقالت عسانا نموت جميعا ولانراك حتى لحظة حزينا فانت لاتعلم حزنك ماذا يفعل بنا .. فكيف ......؟ توجه لاخيه وضمه وقال له اهتم بوالديك .. ودراستك .. فابتسم الاخ له وقال اعتمد على اخوك .. ولاتفكر بهم فقط اهتم بنفسك وعد إلينا مسرعا .. كان ريان يتجنب حتى النظر إلى مكان ابنه .. مع أنه كان يسمع صوته أحيانا .. كان يخشى أن يضعف أمام أهله وتنهمر دموعه فيخلق مأتما .. توجه بعدها إلى أم طفله الجديدة .. حاضنة طفله الجديدة قبلها واحتضن رأسها وقال لها سأدع بين يديك روح خالك فاعتني بروحه .. قبلته هي الأخرى ودموعها تصيح .. تنادي يا خالي من أجلك سأفعل المستحيل .. حمل حقيبته وهو في داخله يقول فقط لو أخرج دون أن أضعف.. دون أن يقول لي أحد ألن تودع ابنك .. فقط .. لكن صوت أمه قطع عليه تفكيره هذا .. قالت ألن تقبل طفلك ..ألن تودعه ..؟
بريق غريب خرج من عينيه وأصبحت دموعه على حافات عينيه .. تماسك.. قال بلى.. بلى .. دخل إلى غرفة أمه حيث كان طفله هناك ضمه.. ثم أسرع يحمل حقيبته خارجا..وهكذا ودع ريان أهله ..!
كانت ليلان لم تزل أمام نافذتها في ليلها الطويل وهي تتأمل الظلام..نعم الظلام.. كانت أعماقها تردد بين الحين والآخر .. ماأطول الليل حين تصبح المسافة بين الموت والحياة ليلة انتظار .. غدا .. يرحل ريان .. كما فعلت أنا قبل اليوم .. فيزرع برحيله الموت في كل أرجاء البيت ..إنه ليس كأي واحد منا ..لأنه الوحيد الذي نحيا جميعا به .. غدا .. وآه من غد تصبح الحياة في منزلنا مجرد موت .. استمرت ليلان بتفكيرها هذا .. لكن فجأة داهم تفكيرها .. يومها الذي مضى على غير مامضت أيامها .. وبدت ملامح وجه الشاب الذي تعرفت عليه تجوب في ذهنها وأمام أنظارها .. وتساءلت من جديد .. تراني لن أغضب والدي .. لن أخرق عاداته وتقاليده إذا ما استمرت رؤيتي له .. تراني لن أجعل والدي الطيب يندم .. آه من هذه التساؤلات .. دعني منها .. نعم دعني منها .. لكن كيف لي أن أتخلص منها.. وأنا بطبيعتي إنسانة لم تمتلك يوما قرار نفسها إلا في إتمامي لدراستي.. وحتى هذا القرار لو لا ريان لما كنت أستطيع اتخاذه.. أنا فتاة شقية .. بل سأصبح شقية إذا ما اعتمدت على نفسي .. نعم فأنا حتى لا أعرف كيف أتخلص من هواجسي هذه ..!
حاولت ليلان جهدها من أجل أن تتخلص من ملامح وجهه الذي رافقها.. لكنها عادت ترضخ للواقع وهي تقول إن كلماته الرقيقة .. ملامح وجهه البريئة .. وتعامله الطيب .. حتى خجله .. كل ذلك أصبح ينبت داخل رأسي ويتسلق جدران روحي كنبات أسطوري شرير .. ثم عادت تقول وأنا التي لطالما قال لي ريان بأن لا أفكر بالأمور عاطفيا .. روحيا .. إنما أن أستحكم الأمور كلها للعقل وأدعه هو الذي يوجهني بالأخص في مثل هذه المواقف .. لكنها لم تصمد وعادت تناجي ريان .. ريان .. ريان .. ملاكي الطيب .. هل ستصدق ما يحضرني الآن من الكلمات .. ليتك هنا لأقولها لك .. أعلم أنك كنت ستفرح بها لأنها لأول مرة ستخرج مني لتخرق جدران سمعك .. لكن سأقولها نعم سأقولها لعلك تسمعها .. يا ملاكي .. إن مأساتي الآن .. نعم الآن .. هي أني أصبحت مضطرة كعادتي في كل شيء أن أعتمد سبل الروح والغيبيات والعاطفة التي تدور الروح في رحاها.. لأني إذا ما اعتنقت مذهبك حيث لاوسيلة أخرى لأثبت نفسي .. سأعود للضياع والتيه الذي شعرت به اليوم وأنا أخرج دون أن أعلم من أين وإلى أين وكيف .. نعم ياملاكي .. لست على استعداد الآن بالذات لأن أفلسف مذهب العقليات والواقعيات لأظهره على مذهب العاطفة والروح .. فأنا يا أخي سأضيع .. سأتيه .. فدعني أقرر بنفسي ..؟
كان الظلام لم يزل دامسا .. وخيوط ماقبل الفجر الرمادية الداكنة لم تزل تلف الحرم الجامعي .. وصديقتها كانت لم تزل غاصة في سباتها العميق .. لكن فجأة هبت ريح عاتية .. قضت على تلك الخيوط الرمادية.. وأظلمت السماء كما لو أن شيئا حجب ما قد يفرج عن تلك الخيوط .. استيقظت صديقتها .. فوجدتها مغروسة أمام نافذة الغرفة .. قالت ألم تنامي .. التفتت إليها ليلان .. قالت لا .. ليس بعد .. قالت عليك أن تأخذي قسطا من الراحة لأن أمامك يوم طويل .. قالت نعم .. أمامي يوم طويل .. طويل .. دخلت فراشها وغصت بعد لحظات في نوم عميق .. وفي الثامنة والربع أيقظتها صديقتها .. واستعدت الاثنتان .. وخرجتا كل إلى كليتها ..! وصلت ليلان إلىباب كليتها .. عيناها منذ البدء بدأت تبحث عن مجهول ما .. يؤنسها .. قاومت رغبة عينيها .. وحاورتها .. قائلة .. أنا أظل فتاة.. لايمكنني أن أستسلم بهذه السرعة لرغبات علي أن أستحكمها للعقل والمنطق قبل أن أهتم بها .. ونجحت .. فدخلت الكلية .. ومن ثم قاعتها .. دون أن تبالي .. لكن صوته جاء لينهي ذلك التحدي .. ويهزمه .. عندما اقترب منها وسلم عليها وجلس على مقعد بجانب مقعدها دخلت في صراع مرير .. فهي فتاة لم تعرف هذه المواقف .. ولا تعرف كيف تواجهها .. بل هي مقتنعة تماما بأنها ضعيفة ولا تملك القدرة على مواجهة كل مايمكن أن يتعلق بطبيعة وجودها فهكذا علمها مجتمعها أن تعيش منذ البدء .. حتى لو أدركت أنها أصبحت داخل دائرة قنص غيرها..!
ريان كان في طريقه إلى مدينته .. جامعته .. وطريقه يمر بنفس المدينة التي أصبحت ليلان تدرس فيها ..بالطبع وهذا ما كانت تعقد عليه ليلان الآمال بأنه سيمربها .. انتصف النهار .. كانت السماء قد أفرجت لبعض الوقت عن الشمس .. ليلان مع صديقها .. وصديقتها التي تركت كليتها القريبة لتأتي إليها كي تطمئن عليها .. الثلاثة معا في النادي جالسين يتبادلون أطراف الحديث خاصة الصديق والصديقة .. وقلما تتدخل ليلان في حوارهما لأنها فعلا مقتنعة بعدم قدرتها على مواجهة مثل هذه المواقف لكونها ضعيفة ولعل هذا الأمر يحتاج لوقفة لكون الإنسان في مجتمعاتنا لم يتعود أن يكسر القيود بل اعتاد على الخضوع بداعي العادات والتقاليد .. وشرائع الاجتماع.. وغيرها .. حيث عكست هذه الأمور على شخصية أغلب الناس وليلان منهم حيث وصل الأمر بها .. حتى إنها لا تسمح لنفسها بأن تفكر في صديقتها الجريئة التي تناقش وتبدي رأيها بل وتتمسك به .. أصبحت الساعة الرابعة وخمس أربعون دقيقة .. رفعت ليلان رأسها نظرت حولها ..وجوه .. وابتسامات .. وضحكات .. وأحاديث .. وصوت المسجل يعلو الكل .. أعادت بنظرها إلى حيث ماكان .. كانت تلتهي بكتاب في يديها .. في أعماقها شعرت بأن شيئا ما يقترب فيسرع نبضها .. استجابت لذلك الشعور رفعت رأسها .. واذا بريان واقف على رأسها..ابتسمت من عمق أعماقها .. حاولت أن تنهض منعها ريان ..سلم عليها .. لكنها وقفت صافحته وهي تقول كم أتمنى أن أحضنك الآن..عرفته بصديقتها وصديقها .. ابتسم لهما ..سلم عليهما .. وعرفتهما به .. !
بعد سؤال وجواب وسؤال .. استأذن الصديقان ..وتركاها مع أخيها .. قالت أولا كم أحتاجك..وثانيا أتعلم بأني مازلت أعيش حالة ذهول .. لو علم أبي بأني أصادق شابا منذ يومين .. قاطعها ريان لن يفعل شيئا بل حتى لن يفكر بالأمر .. كيف ترين والدك .. هو ليس بتلك الدرجة من التحجر التي تتصورينها .. كل ما قاله.. كل ما علمه لنا .. كل حياته .. لم تكن إلا حرصا على أن نكون جميعا بأفضل ما يمكن أن يكون عليه أي إنسان .. وإن كنا نشعر بنقص ما الآن لأننا لانستطيع أن نواجه الحياة ومتطلباتها .. فليس ذنبه لأن وسعه كان ماقدم .. ولاتنسي أننا بطبعنا الذي ينعم بالخضوع والذي بدورنا لا ذنب لنا في تكوينه بسبب الظروف التي مررنا بها سواء أكانت سياسية أم اجتماعية .. نتحمل جزءا مما نحن عليه الآن .. وسأذكرك بكلمات سمعتها ذات يوم في إحدى أسفاري من إنسانة لاتنتمي إلى أعرافنا..((قد أركع أمام رغبات القلب ..والحبيب .. قد أكون حملا وديعا أمام جزاري ..حين يساق بي إلى حتفي..قد أكون مستعدة لأن أتحمل المزيد من الألم ..نعم قد أكون كذلك ..لكن لكوني شرقية وسأظل شرقية في طباعي التي لاتؤمن في الأصل وبعكس مايفهمه غيري بأن أسلم رقبتي أمام كل دخيل معتد..لذا.. ياطفلي لاتخشى علي ..واهتم بنفسك..)).
فيا صغيرتي كوني أنت كما تريدين ..لست أقول لك تحدي والدك.. لا .. لأن هناك ثوابت حتى في العلاقات الاجتماعية .. هي أكثر شيء التزامات أخلاقية نتحمل تبعاتها من أجل الحفاظ على ماء وجهنا .. لكننا خارج هذه الثوابت أحرار .. نعم نستطيع برغم قيود المجتمع وآفاته أن نصنع من أنفسنا أحرارا نفعل حسب قناعاتنا خارج إطار قيود الاجتماع لأننا نحاول أن نبقي بذلك على ذواتنا كما نريد أن نكون ولا كما يريد غيرنا لكونه أكثر سلطة وقوة وحضورا اجتماعيا .ويا صغيرتي إن المرأة التي تعاني اللاثقة لاتستطيع أن تحافظ حتى على ثوابتها .. لذا تسلحي بالثقة.. وانسي تلك المرأة التي تشنق دميتها الطفلة الصغيرة لأنها تشعر بأنها تأخذ من نظرات صديقها إليها أكثر.. مما تنظر إليها وهي التي تتزين بالحمرة و ....!
أذهلتها كلمات ريان .. بل أخرستها .. ظلت تنظر إلى شفتيه دون عينيه .. أخذهما الوقت .. أفاقها ريان وقال علينا أن نخرج الآن ... صعقتها .. كلمة نخرج كأنها لم تكن تشعر بشيء سوى كلماته التي كانت تلامس أعماقها .. أمسك بيدها وخرجا .. وفي حديقة الجامعة جلسا تحت شجرة زيتون خضرة .. بالرغم من أن السماء كانت قد عزمت أمرها على أن تمطر .. قالت ليلة أمس وأنا أفكر بطفلك .. شعرت وكأن الموت يجلس بجانبي ينظر إلي وأنظر إليه .. ثم قالت أتذكر ذات يوم قلت لي إن الإنسان دائم التنقل من حالة إلى أخرى .. وقلت نحن ننتقل باستمرار من حالة اللامكان إلى حالة الوجود .. إذ تنفذ أفعالنا إلى صميم الواقع .. فتنقل بنا من دائرة الوجود الضمني إلى دائرة الوجود الفعلي .. الواقع .. وكأنك كنت تعلم ما سأكون فيه وعليه اليوم ..؟ وكأني كنت قبل اليوم أعيش وجودا ضمنيا لم ألتق فيه إلا بذاتي المتعلقة بالمنزل وأهلي .. وكل ما كان غير ذاتي وأهلي كان مجرد فراغ.. لم أبال به .. ولا بسده ..!
أجابها ريان بأن مأساة الانسان هي تلك المرواحة الأبدية بين الفراغ والامتلاء.. الحنين والهجران .. التمرد والخضوع .. إن المرواحة بين النقيض والنقيض تهدد ببطلان المعنى في أفعالنا .. ومن ثم في حياتنا .. وعلينا أن نسلك أو بالأحرى أن نجد معنى لحياتنا لنشق عبره وبواسطته طريق الخلاص.. أي إننا علينا أن نحدد ماهيتنا ونعمل من أجل ترسيخها حتى لو فعلنا ذلك على حساب رغبات وتطلعات غيرنا .. وأن لا ندع للفراغ الموجود أصلا أن تملأه رغبات الغير فتكون عبئا على كاهلنا ولا نجد حينها أنفسنا إلا ونحن نستسلم ونخضع بدافع الاجتماع وكونه الأكثر حضورا ..!
قالت أتراني أخطأت حين تسرعت بالتفكير بصديقي .. بملامح وجهه .. ليلة أمس ..؟ قال .. أنت تحكمين .. ولست أحكم .. إنما أليس انتصارا لكما معا .. أن يستطيع هو بلحظات تغيير بعض ما لم تغيره السنوات التي مضت فيك .. ثم أليس انتصارا لك أن تكسري قيود الاجتماع التي فرضت على عقلك وأن تفكري بما تجدينه أنت بأنه خارج عن أعرافهم وعاداتهم ..؟
صغيرتي .. كلماتي الأخيرة لك لأن الوقت تأخر وعلي أن أغادر لألحق بالقطار الذي سوف أسافر به هذه المرة .. هي أن الجحيم الذي خلقناه في فكرنا ليس بأكبر من ذلك الجحيم الذي يفرض عليك أن تعيشي في مكان ما .. مع إنسان ما .. في وقت ما .. لا يربطك به شيء أكثر مما يربطك بأية آلة داخل مصنع .. أو بيت.. أو حقل .. حيث حينها لا يبقى لك غير الصمت والنظر .. والانتظار .. حين تضطرين أن تسلمي عليه .. أن تبتسمي له .. أن تعاشريه.. أن تسكني معه تحت سقف واحد .. صغيرتي إن مثل هذا الصمت غير الودي .. ليس إلا صمت العجز عن الالتقاء على جسر التفاهم والحوار .. صمت الخضوع لمعاني الاجتماع المفروضة عليك.. صمت الغرباء في مجتمعات بربرية .. صمت الكهوف .. صمت الموتى .. إنه ليس إلا الصمت داخل حجر الصمت .. فعليك أن تفكري قبل كل شيء بنفسك لتجديها ومن ثم ابحثي لها عمّا يريحها .. ودعيني أوصلك للقسم.. لأغادر بعدها. أمسكت هي بيده هذه المرة .. وسارا إلى القسم .. صعدت بسرعة لغرفتها وجلبت في حقيبتها شريطا ووضعته داخل محفظته .. ولم تنس أن تنزل معها صديقتها.. وضع رأس أخته على صدره وقبل رأسها .. ثم صافح صديقتها .. وغادر .. قالت صديقتها أي ملاك هذا .. ردت ليلان وبسرعة إنه الحياة التي يحيا بها كل من يعيش في منزلنا .. بل حتى أقاربنا.. عادتا إلى غرفتهما ..وقد أدركت ليلان تماما ما عليها أن تفعله .. بل اطمأنت أن ريان بفكره سيكون حاضرا معها كلما احتاجت لوجوده .. ! عاد الظلام يفرض .. عباءته الرمادية .. السوداء .. فوق جراح الحرم الجامعي وفي ساعات الليل المتأخرة .. كانت ليلان الفتاة الرقيقة ذات العيون السوداء الجميلة .. تناجي ذاتها .. وتقول من لك غير ذاك المسافر الذي أينما سار يترك وراءه كلمات تظل ترتجف على سطور الحياة كآثار دماء جريح يزحف فوق حقل مزروع بالقطن الابيض ..!
ريان حينها كان هو الآخر قد وصل لغرفتة التي استأجرها مع زميل له آت من الجنوب في منطقة خارج الحرم الجامعي .. ألأنه بطبعه لايحب القيود المفروضة حسب نظام الجامعة على الأقسام الداخلية ..! وصديقه هذا كان هو الآخر غريباً .. بل لعل القدر أراد لريان أن يرى ويشاهد كل شيء ليصبر على محنته الأبدية التي يعيشها .. فصديقه .. كان علوياً.. وكان يحب فتاة مسيحية .. وفي مجتمعنا .. بل حيث نعيش يعتبر مجرد أن يفكر المرء بهكذا علاقة أمر خارج عن العرف والشرع .. بل لعل الأمر يصل أحياناً إلى سفك الدماء ..! فكان صديقه دائماً يرمي بهمومه على صدره .. وكان هو يردد في أعماقه .. متى سيأتي يوم وتنكسر مثل هذه الأعراف التي جعلت الخوف والخضوع وحدهما يكونان شخصية الإنسان لدينا ..؟
ليلان كانت تهمس وبصوت يكاد يكون مسموعا إن الذي يعزف بنبرات صوته موسيقاه الحزينة لطفل رضيع لايفهم .. فيهدأ الطفل وينام علىصدره متخذا من أصابع يده دمية يحضنها هو الآخر ..لهو القائم إلى الأبد بجانب نافذتي هذه .. يحمل نايه ليعزف لي أنا أخته .. نعم إنه قائم .. قائم ..! لكنه قلب الأخت .. نعم الأخت التي ربت طفل أخيها .. سيظل قلباً جشعاً يطالب بقطف الكون من الفضاء ليضعه بين يدي لأرتاح ولأطمئن .. بأنه مع طفله لن يبتعدا عني .. آهٍ يا طفلَيَّ .. ماذا أكون إن لم تكونا .. وداهمها حزن شديد .. ثم صحت من حزنها على ذكرى صديقها .. وهي تردد كلمات سمعتها ذات يوم .." في عتمة مأساوية السواد .. تتمدد رغبات امرأة.. داهمها القدر .. كصليب مقدس .." أسدلت ليلان بعدها ستار نافذتها تلك .. قالت ريان تصبح على خير .. أيها الظلام أراك مساء غد .. ودخلت فراشها .. وغاصت في سبات عميق .
السماء كانت تعيش حينها ظلاماً غير عادي .. حيث الريح كانت تصدر أصواتاً مرعبة .. وعندما قررت السماء أن تمطر أرسلت تحذيراتها البرقية والرعدية أولاً .. ثم أمطرت .. نعم أمطرت .. واستمر المطر.. واستمرت ليلان بعدها في سباتها .. !

19-6-2005

منهل العراقي
07-10-2006, 11:38 PM
جو/

دائما تغزوا الصور مخيلة من يقرأ قصص وكأنك تصور لنا الواقع بشكل فني مباشر.

اعجبتني هذه الصلاة.. (وعندما تسنى لي ان أخرج وأرى البحر ركعت على ركبتيي على شاطئه وبدأت اناجي مجهولاً بعيداً عن الجدران الاربع .. وتاركتاً للريح ذبذبات صلاتي لتنثرها في آفاق الكون الرهيب ..)


تحياتي
العراقي

جوتيار تمر
08-10-2006, 01:24 PM
جو/
دائما تغزوا الصور مخيلة من يقرأ قصص وكأنك تصور لنا الواقع بشكل فني مباشر.
اعجبتني هذه الصلاة.. (وعندما تسنى لي ان أخرج وأرى البحر ركعت على ركبتيي على شاطئه وبدأت اناجي مجهولاً بعيداً عن الجدران الاربع .. وتاركتاً للريح ذبذبات صلاتي لتنثرها في آفاق الكون الرهيب ..)
تحياتي
العراقي




العراقي الجميل..

شكرا لمرورك العبق ككل مرة...

الواقع هو البساط الوحيد الذي اصبحنا عليه نشعر بذواتنا..
لذا لانريد ان نفقد ذواتنا فنبقيها تحت سوط رحمة الكلمة


محبتي لك
جوتيار

محمد إبراهيم الحريري
08-10-2006, 07:12 PM
الأخ جوتيار ـ تحية
كلمات من عبق الذاكرة تخيلتها تنسج بأرج المعرفة جيد حسان ترفل بيقين الواقع على بساط الذاكرة حروف نور
قصة تنسجها بيراع التأمل الفكري ليبدو سجادة صلاة في محراب البلاغة بيان تيتل ، ونقاء سريرة تحيي ببلسم الرؤى واقعا عشناه ليبقى في مذكرة الأيام نبراس شراع يمد أجنحة الأصيل إلى ىفاق بعيدة حيث سرابيل العادات تقهر ، وأنسام الحاضر تتحول جمرات غبن تحرق مآقي البصيرة بومضات شموس لم تعد تجري لمستقر لها لأن الوالقع امتطى خيل التمرد
ليبقى الماضي بين حنايا مظلمة ومستقبل مشرئب الظلمة بأعناق التخلخل
ــــــــــــــ
شكرا جوتيار
وسيبقى الجبل بسمة البرية الحائرة
أخوك محمد

ماريا يوسف النجار
09-10-2006, 08:37 AM
جو/

قصتك تحكي لنا الكثير من ما يعاني منه المرأة في الشرق..فبدأ من العادات والتقاليد وكذلك الخوف وعدم الثقة بالنفس وكذلك البقاء رهينة للهواجس ودن القدرة على فعل اي شيء وعدم تحمل المسورلية والكثير من هذه الجوانب وقد قمت بصياغتها باسلوب فني جميل بحيث لاتخدش رقتها وتبقي على جمال روحها وصفائها.

لهذا اريد ان اهمس لك كما ابفعل دائما

احبك اكثر

مار

جوتيار تمر
09-10-2006, 01:44 PM
الأخ جوتيار ـ تحية
كلمات من عبق الذاكرة تخيلتها تنسج بأرج المعرفة جيد حسان ترفل بيقين الواقع على بساط الذاكرة حروف نور
قصة تنسجها بيراع التأمل الفكري ليبدو سجادة صلاة في محراب البلاغة بيان تيتل ، ونقاء سريرة تحيي ببلسم الرؤى واقعا عشناه ليبقى في مذكرة الأيام نبراس شراع يمد أجنحة الأصيل إلى ىفاق بعيدة حيث سرابيل العادات تقهر ، وأنسام الحاضر تتحول جمرات غبن تحرق مآقي البصيرة بومضات شموس لم تعد تجري لمستقر لها لأن الوالقع امتطى خيل التمرد
ليبقى الماضي بين حنايا مظلمة ومستقبل مشرئب الظلمة بأعناق التخلخل
ــــــــــــــ
شكرا جوتيار
وسيبقى الجبل بسمة البرية الحائرة
أخوك محمد



الحريري الرائع...

شكرا لهذه الق{اة الجميلة والمتأنية للنص..
والتي اجدت في فك رموزه...
وادركت من خلاله ان الماضي والحاضر والمستقبل باتوا معا على محك التاريخ...فمن لايجيدهم لن يجد له مقعدا مع الامم السائرة..


محبتي لك

جوتيار

جوتيار تمر
09-10-2006, 01:53 PM
جو/
قصتك تحكي لنا الكثير من ما يعاني منه المرأة في الشرق..فبدأ من العادات والتقاليد وكذلك الخوف وعدم الثقة بالنفس وكذلك البقاء رهينة للهواجس ودن القدرة على فعل اي شيء وعدم تحمل المسورلية والكثير من هذه الجوانب وقد قمت بصياغتها باسلوب فني جميل بحيث لاتخدش رقتها وتبقي على جمال روحها وصفائها.
لهذا اريد ان اهمس لك كما ابفعل دائما
احبك اكثر
مار



مريم الرائعة..

فكري بما كنا نناقشه في بغداد...

وفكري بوضع المرأة هناك ..مع العلم بانها اكثر مناطق العراق تحررا..
مع التحفظ على الكلمة..


شكرا لمرورك

محبتي لك
جوتيار

عدنان أحمد البحيصي
09-10-2006, 03:42 PM
تألقت كثيراً هذه المرة يا صاحبي


لا يسعني الا أن أقول : يعطيك العافية


شكرا لك

وفاء شوكت خضر
09-10-2006, 09:27 PM
نحن ننتقل باستمرار من حالة اللامكان الى حالة الوجود.. اذ تنفذ افعالنا الى صميم الواقع.. فتنقل بنا من دائرة الوجود الضمني الى دائرة الوجود الفعلي.. الواقع.. وكأنك كنت تعلم ما سأكون فيه وعليه اليوم ..؟ وكأني كنت قبل اليوم اعيش وجوداً ضمنيا لم التقي فيه الا بذاتي المتعلقة بالمنزل واهلي.. وكل ما كان غير ذاتي واهلي كان مجرد فراغ.. لم ابالي به .. ولا بسده ..!
العزيز جو ...
مررت هنا مرات ومرات ، وفي كل مرة كنت أحاول قراءة النص بطريقة مختلفة عن سابقتها ، كنت أحاول أن أنظر إليها من كل الزوايا .
من زاوية الأب أولا ، ثم زاوية الأخ وفي النهاية زاوية البنت أو الأخت ، فعلاقتها بالإثنين معا ومع نفسها .
وقفت عند هذه الكلمات التي حصرتها في داخل إطار ، ونظرت إلى نفسي ، وإلى كل أنثى .
لقد نجحت في تصوير الواقع الذي نتهرب حتى من الإعتراف به رغم أننا نعرفه .
جو أعترف لك بأنك أبدعت في التصوير الثلاثي الأبعاد للشخصيات ، وللمجتمع .
لك كل التقدير على هذا الفكر النير .
لك محبتي وودي .

جوتيار تمر
10-10-2006, 11:51 PM
تألقت كثيراً هذه المرة يا صاحبي
لا يسعني الا أن أقول : يعطيك العافية
شكرا لك



عدنان اسلام...

شكرا لك ايها العزيز ودمت بكل بخير

محبتي لك
جوتيار

جوتيار تمر
10-10-2006, 11:53 PM
نحن ننتقل باستمرار من حالة اللامكان الى حالة الوجود.. اذ تنفذ افعالنا الى صميم الواقع.. فتنقل بنا من دائرة الوجود الضمني الى دائرة الوجود الفعلي.. الواقع.. وكأنك كنت تعلم ما سأكون فيه وعليه اليوم ..؟ وكأني كنت قبل اليوم اعيش وجوداً ضمنيا لم التقي فيه الا بذاتي المتعلقة بالمنزل واهلي.. وكل ما كان غير ذاتي واهلي كان مجرد فراغ.. لم ابالي به .. ولا بسده ..!
العزيز جو ...
مررت هنا مرات ومرات ، وفي كل مرة كنت أحاول قراءة النص بطريقة مختلفة عن سابقتها ، كنت أحاول أن أنظر إليها من كل الزوايا .
من زاوية الأب أولا ، ثم زاوية الأخ وفي النهاية زاوية البنت أو الأخت ، فعلاقتها بالإثنين معا ومع نفسها .
وقفت عند هذه الكلمات التي حصرتها في داخل إطار ، ونظرت إلى نفسي ، وإلى كل أنثى .
لقد نجحت في تصوير الواقع الذي نتهرب حتى من الإعتراف به رغم أننا نعرفه .
جو أعترف لك بأنك أبدعت في التصوير الثلاثي الأبعاد للشخصيات ، وللمجتمع .
لك كل التقدير على هذا الفكر النير .
لك محبتي وودي .


العزيزة وفاء..
التشخص هو في مثل هذه القصص الاساس..تشخيص الحالة...واردت ان اشخصها في هذه المحاور..الاجتماع متمثلا بالشرع والعرف..الذات..الذات الاخرى...ولا اعلم اي حد نجحت..لكني اظنني قد وفقت في شيء وهو اثارة ما يخالج الذات الاخرى..والذات نفسها..
تقديري لمرورك الجميل
ومحبتي لك
جوتيار

منهل العراقي
12-10-2006, 08:27 AM
لمحة وجودية/
كل ذلك أصبح ينبت داخل رأسي ويتسلق جدران روحي كنبات اسطوري شرير.. ثم عادت تقول وأنا التي لطالما قال لي ريان بأن لا افكر بالأمور عاطفيا ..روحيا.. انما ان أستحكم الامور كلها للعقل وادعه هو الذي يوجهني بالاخص في مثل هذه المواقف.. لكنها لم تصمد وعادت تناجي ريان..ريان..ريان..ملاكي الطيب.. هل ستصدق ما يحضرني الان من الكلمات.. ليتك هنا لا قولها لك..

تحياتي
العراقي

مادلين يوحنا
12-10-2006, 03:33 PM
جو/

هل تظن بان المرأة الشرقية سياتي يوم وتعرف قيمتها...؟

وهل سياتي يوم..وتفكر بالعقل الذي وهبه الرب لها...دون ان تجرد نفسها من عاطفتها..؟

هل ستدع التقليد الاعمي ...وتتبع الابداع في مسيرتها..؟

هل ستقف عن انظر الى غيرها على انها وصلت وهي برغم من قيمها الجميلة لاتقل عن غيرها شانا..؟

جو/

قصة اخرى...تخدش ذواتنا...وتجبرنا على التفكير..بحالنا.
جو شكرا لك

حبي لك
العذراء

جوتيار تمر
14-10-2006, 09:30 AM
لمحة وجودية/
كل ذلك أصبح ينبت داخل رأسي ويتسلق جدران روحي كنبات اسطوري شرير.. ثم عادت تقول وأنا التي لطالما قال لي ريان بأن لا افكر بالأمور عاطفيا ..روحيا.. انما ان أستحكم الامور كلها للعقل وادعه هو الذي يوجهني بالاخص في مثل هذه المواقف.. لكنها لم تصمد وعادت تناجي ريان..ريان..ريان..ملاكي الطيب.. هل ستصدق ما يحضرني الان من الكلمات.. ليتك هنا لا قولها لك..
تحياتي
العراقي



العراقي الجميل..

اشتقت لهذه اللمحات الوجودية..التي تقتنصها هنا وهناك

محبتي لك
جوتيار

جوتيار تمر
14-10-2006, 09:34 AM
جو/
هل تظن بان المرأة الشرقية سياتي يوم وتعرف قيمتها...؟
وهل سياتي يوم..وتفكر بالعقل الذي وهبه الرب لها...دون ان تجرد نفسها من عاطفتها..؟
هل ستدع التقليد الاعمي ...وتتبع الابداع في مسيرتها..؟
هل ستقف عن انظر الى غيرها على انها وصلت وهي برغم من قيمها الجميلة لاتقل عن غيرها شانا..؟
جو/
قصة اخرى...تخدش ذواتنا...وتجبرنا على التفكير..بحالنا.
جو شكرا لك
حبي لك
العذراء



العذراء..

هل تساليني انا..؟
النها المرأة نفسها..بكل ما تملكه..من قيم وفكر وعقل وقلب..عليها ان تقرر.. اذا كانت ستفعل ام لا..اذا كانت تملك تلك الارادة ام لا...لست انا من اجيب..قد اجيب لكنها ستكون وجهة نظر قاصرة..انا مهمتي الن اضع يدي على الجرح..واثير فيه اشجانه..عله يستيقض..؟

حبي لك
جوتيار

سالمين القذافى على
15-10-2006, 12:42 AM
أحسنت وأبدعت أختاه فقد تعانقت لديك المفردات لتعطينا مزيجا رائعا من مداد الحب والحرف..فكانت قصة امرأة شرقية صادقة نابعة من قلم يعشق الحرف.
دمت لنا مبدعة ورائعة...
أخنك / سالمين القذافى

حمزة محمد الهندي
15-10-2006, 01:21 AM
الرائع الجوتيارتمر..........



إمرأة شرقية

وماذا ابقيت اخي من صنوف الابداع لاقلامنا لتجتره في
محاولة للدنو من هذا الجمال الادبي والابداع في السرد
والمضمون ..اخي الغالي جوتيارتمر بصراحه مررت من هنا للاطلاع فابت
روعة حروفك الا ان تتشبث بكلي وجزئي وعجزت تماما
عن مقاومة هذا الجمال فانغمست فيه حتى العمق ..
اخي جو نتوقف كثيرا في حياتنا ونحن نحاول ان نفسر
كثيرا مما يعترينا دونما يكون لنا يدا في اسكانه منا عمق
الاعماق او رفضه واستهجانه ولا نجد تفسيرا منطقي لتلك
الظاهره الا ان هناك اناس اكسبهم الله لمسة قبول فبمجرد
ان نرى ضياء وجوههم لا نملك الا ان نزرعهم في اعماقنا
بل ونعتني بذلك ايما عنايه نتفقدهم بانفسنا بين الحين والاخر
خشية ان يغادروها دون علمنا مع ان ذلك مستحيل ولكن
لشدة ارتباطنا بهم وقبولهم بامتياز لدينا ..
نعم تلك الفئة من الناس هي الاقرب الى ما نميل اليه
الاقرب الى انفسنا بل اننا نرى فيهم كل ما نتمنى ان
نراه في الاخرين ..
الاصعب اخي الكريم ان نجد ان ممن نحبهم او اشعرانهم
باننا نحبهم نكران وهروب منا وتعاليا ..
ذلك هو الموت البطئ لنا ..
دمت مبدعا رائعا جميل الحرف رائع الكلمه قوي التاثير
حتى اقصى حدود
الروعه واعتذر ان اوجزت في التعليق على هذه اللوحه
الفنيه التي لا يتقنها الا الكبااار فالوقت لم يسعفني
جوتيارتمر ..
رعاك الله وتقبل وافر تحياتي


حمزة الهندي

ليلك ناصر
16-10-2006, 05:57 AM
جوتيار ...

المرأة الشرقية .. عاشت و مازالت على هذه العادات و التقاليد ..

أخي صورت لنا كل جزء بحياتها كيف يمر ...

كم أنت بارع في سرد و خط مشاعر و حياة غيرك .. فهذا يدل على إحساسك العالي ...

في هذه القصة بينت حالتها وهي تخرج من عادات التي فرضت عليها ، و من كبتها ، وما هو شعورها ، و كيف ردة فعلها ،

لكن يا أخي هناك الكثير و الكثير من لا يستطعن أن يخرجن من هذه العادات ،و لا يستطعن أن يخرجن خطوة خلف جدران المنزل ...

لك كل الاحترام لك ولقلمك الشامخ ...

لك سلامي ..

جوتيار تمر
17-10-2006, 02:18 PM
أحسنت وأبدعت أختاه فقد تعانقت لديك المفردات لتعطينا مزيجا رائعا من مداد الحب والحرف..فكانت قصة امرأة شرقية صادقة نابعة من قلم يعشق الحرف.
دمت لنا مبدعة ورائعة...
أخنك / سالمين القذافى




سالمين...
ايتها العزيزة..شكرا لهذا المرور الكريم...

محبتي لك
جوتيار

جوتيار تمر
17-10-2006, 02:21 PM
الرائع الجوتيارتمر..........
إمرأة شرقية
وماذا ابقيت اخي من صنوف الابداع لاقلامنا لتجتره في
محاولة للدنو من هذا الجمال الادبي والابداع في السرد
والمضمون ..اخي الغالي جوتيارتمر بصراحه مررت من هنا للاطلاع فابت
روعة حروفك الا ان تتشبث بكلي وجزئي وعجزت تماما
عن مقاومة هذا الجمال فانغمست فيه حتى العمق ..
اخي جو نتوقف كثيرا في حياتنا ونحن نحاول ان نفسر
كثيرا مما يعترينا دونما يكون لنا يدا في اسكانه منا عمق
الاعماق او رفضه واستهجانه ولا نجد تفسيرا منطقي لتلك
الظاهره الا ان هناك اناس اكسبهم الله لمسة قبول فبمجرد
ان نرى ضياء وجوههم لا نملك الا ان نزرعهم في اعماقنا
بل ونعتني بذلك ايما عنايه نتفقدهم بانفسنا بين الحين والاخر
خشية ان يغادروها دون علمنا مع ان ذلك مستحيل ولكن
لشدة ارتباطنا بهم وقبولهم بامتياز لدينا ..
نعم تلك الفئة من الناس هي الاقرب الى ما نميل اليه
الاقرب الى انفسنا بل اننا نرى فيهم كل ما نتمنى ان
نراه في الاخرين ..
الاصعب اخي الكريم ان نجد ان ممن نحبهم او اشعرانهم
باننا نحبهم نكران وهروب منا وتعاليا ..
ذلك هو الموت البطئ لنا ..
دمت مبدعا رائعا جميل الحرف رائع الكلمه قوي التاثير
حتى اقصى حدود
الروعه واعتذر ان اوجزت في التعليق على هذه اللوحه
الفنيه التي لا يتقنها الا الكبااار فالوقت لم يسعفني
جوتيارتمر ..
رعاك الله وتقبل وافر تحياتي
حمزة الهندي



الهندي الجميل..
في كل قرأة لك ازداد يقينا بقدرتك الفذة في نفش اغوار الحرف لتصل الى عمقه..وتظهر للاخرين مكنونات الحرف..وسبل فهمه.

لن ازيد فقط..
دمت مبدعا...
ووجودك رائع...

محبتي لك
جوتيار

جوتيار تمر
17-10-2006, 02:23 PM
جوتيار ...
المرأة الشرقية .. عاشت و مازالت على هذه العادات و التقاليد ..
أخي صورت لنا كل جزء بحياتها كيف يمر ...
كم أنت بارع في سرد و خط مشاعر و حياة غيرك .. فهذا يدل على إحساسك العالي ...
في هذه القصة بينت حالتها وهي تخرج من عادات التي فرضت عليها ، و من كبتها ، وما هو شعورها ، و كيف ردة فعلها ،
لكن يا أخي هناك الكثير و الكثير من لا يستطعن أن يخرجن من هذه العادات ،و لا يستطعن أن يخرجن خطوة خلف جدران المنزل ...
لك كل الاحترام لك ولقلمك الشامخ ...
لك سلامي ..



حلا...العزيزة

صدقت هناك الكثيرات من لم يستطعن فعل ذلك...
لكن عساهن يفعلن...

محبتي لك
جوتيار

الصباح الخالدي
17-10-2006, 05:13 PM
جوتيار كالعادة مبهر
حتى أعود فأكمل
أجعلها بالتقسيط

جوتيار تمر
19-10-2006, 12:24 AM
جوتيار كالعادة مبهر
حتى أعود فأكمل
أجعلها بالتقسيط



الصباح...

شكرا لك....

افلتت من يدي...

فجاءت كاملة...

محبتي
جوتيار

الصباح الخالدي
19-10-2006, 02:56 AM
مو مشكلة لاتتعودها
:)
جميل كالعادة في حضورك

جوتيار تمر
20-10-2006, 01:10 PM
مو مشكلة لاتتعودها
:)
جميل كالعادة في حضورك




الصباح...

تدلل...


محبتي
جوتيار

الصباح الخالدي
20-10-2006, 08:05 PM
الصباح...


تدلل...



محبتي

جوتيار

جوتيار كالعادة تمتلك قلوب خصومك ومحبيك
من اين ترتوي لتثمر هكذا

محمد سامي البوهي
20-10-2006, 08:08 PM
اخي جوتيار

النص من النوع الاجتماعي ، نجحت بلغتك واسلوبك في غزو العالم الذكوري الشرقي ، فكان نصك كمصباح اوقد بظلمة قاحلة .

اشكرك ودمت بخير

جوتيار تمر
21-10-2006, 02:03 PM
جوتيار كالعادة تمتلك قلوب خصومك ومحبيك
من اين ترتوي لتثمر هكذا



الصباح....

اذا تعترف لدي خصوم....

هل اخشى...؟

من واقعي ارتوي ايها الصباح...
من واقعي...

محبتي
جوتيار

جوتيار تمر
21-10-2006, 02:05 PM
اخي جوتيار
النص من النوع الاجتماعي ، نجحت بلغتك واسلوبك في غزو العالم الذكوري الشرقي ، فكان نصك كمصباح اوقد بظلمة قاحلة .
اشكرك ودمت بخير



البوهي الجميل..

شكرا لهذه القرأة المتأنية والجميلة...
اردنا ان نقول كلمة حول مشكلة اجتماعية باتت تحاصر وجودنا...
وتدخل بيوتنا...

محبتي لك
جوتيار

سها جلال جودت
24-10-2006, 08:56 PM
جوتيار المتألم دائماً
قرأت القصة منذ مدة وها أنا ذي أعود مرة أخرى لأقول لك لقد أبدعت فيما يسميه إخوتنا المغاربة "ميلو رواية"، قصتك تنتمي إلى مواقع محسوس نعايش احداثه يومياً هنا وهناك لا فرق فالوطن واحد وبيئته على تعدد أقانيم عاداتها وتقاليدها لكنها سقت المرأة/ الطفلة - الشابة ، كل نواميس الشرق وما تزال تسقيها وهي تشرب بطواعية وإيمان لأنه لا مفر من هذا المصير المحكوم إلى عادات الشرق وطقوسه، قصتك جوتيار قدمت الحقيقة وهذا ما نريده.
كل عام وأنت بخير
وكل أعضاء هيئة المتابعة العليا في الموقع المتميز دائماً بألف خير
دمت للقلم ومداده مع تقديري

جوتيار تمر
26-10-2006, 10:54 PM
جوتيار المتألم دائماً
قرأت القصة منذ مدة وها أنا ذي أعود مرة أخرى لأقول لك لقد أبدعت فيما يسميه إخوتنا المغاربة "ميلو رواية"، قصتك تنتمي إلى مواقع محسوس نعايش احداثه يومياً هنا وهناك لا فرق فالوطن واحد وبيئته على تعدد أقانيم عاداتها وتقاليدها لكنها سقت المرأة/ الطفلة - الشابة ، كل نواميس الشرق وما تزال تسقيها وهي تشرب بطواعية وإيمان لأنه لا مفر من هذا المصير المحكوم إلى عادات الشرق وطقوسه، قصتك جوتيار قدمت الحقيقة وهذا ما نريده.
كل عام وأنت بخير
وكل أعضاء هيئة المتابعة العليا في الموقع المتميز دائماً بألف خير
دمت للقلم ومداده مع تقديري



العزيزة سها...

عودتك هذه للقصة تعني لي الكثير...
وصدقيني..عندما نلامس الواقع بادراكنا الشخصي نجده مادة سلسة..
لما يمكن ان نسطره هنا وهناك.
اما الحقيقة...نعم..الحقيقة....هي ما نبقى نطرق ابوابها مدعين باننا نقدمها...؟
لعلنا ذات يوم نقدمها كما هي ...

شكرا لك..
وكل عام وانت بالف خير

محبتي لك
جوتيار

خليل حلاوجي
29-10-2006, 06:08 AM
ولان القصة ليست بالقصيرة

ولانها تضمنت بعض الهنات الاملائية والنحوية

الا أنني وأنا شقيقك في الوجع ذاته

وقفت على كم مذهل من المتون الفلسفية التي ارادت - رائعتك - أن تخبرنا بها

واجدك - كما عهدتك - محلقا ً في فضاءات السؤال

ترى من نحن ؟

والى أين نحن سائرون ؟

ومامعنى ان نفقد مانحب ومن نحب ؟

اسئلة تثير فينا ياجو زوابع الحيرة

\

لله درك ياصديقي .... كم أنت تتألم

دلال كامل
29-10-2006, 11:59 PM
القصة رائعة بتسلسلها وبمضمونها
لقد صورت المرأة الشرقية وعقدة الخوف التي تلازمها في ظل الرجل الشرقي والمجتمع الذكوري
أتمنى أن أقرأ لك المزيد والمزيد
تحياتي

جوتيار تمر
31-10-2006, 01:52 PM
ولان القصة ليست بالقصيرة
ولانها تضمنت بعض الهنات الاملائية والنحوية
الا أنني وأنا شقيقك في الوجع ذاته
وقفت على كم مذهل من المتون الفلسفية التي ارادت - رائعتك - أن تخبرنا بها
واجدك - كما عهدتك - محلقا ً في فضاءات السؤال
ترى من نحن ؟
والى أين نحن سائرون ؟
ومامعنى ان نفقد مانحب ومن نحب ؟
اسئلة تثير فينا ياجو زوابع الحيرة
\
لله درك ياصديقي .... كم أنت تتألم



ايها العزيز...

السؤال وجد مع الانسان...؟
لذا..لااظن من السهل ان نقول اننا انتهينا من السؤال..؟

والفلسفة...
لايمكنها ان تخذل..؟ اذا كنا نجيد سيرها..؟

محبتي لك
وشكرا لانك تشعر بالمي..

جوتيار

جوتيار تمر
31-10-2006, 01:54 PM
القصة رائعة بتسلسلها وبمضمونها
لقد صورت المرأة الشرقية وعقدة الخوف التي تلازمها في ظل الرجل الشرقي والمجتمع الذكوري
أتمنى أن أقرأ لك المزيد والمزيد
تحياتي



العزيزة دلال..
شكرا لمرورك...اتمنى ان لااخيب ظنك

محبتي
جوتيار

ماريا يوسف النجار
05-11-2006, 04:13 PM
(وعندما تسنى لي ان أخرج وأرى البحر ركعت على ركبتيي على شاطئه وبدأت اناجي مجهولاً بعيداً عن الجدران الاربع .. وتاركتاً للريح ذبذبات صلاتي لتنثرها في آفاق الكون الرهيب ..) .


ما ابلغها هذه العبارة جو...


حبي لك
مار

سمرقند حمودي غلام
05-11-2006, 07:23 PM
ليس في الحياة اجمل من ان تخط الروح
بأنامل فضية
كي تراها عيني
ويحبها قلبي
سمرقند/ العراق
كاتبة وشاعرة وتشكيلية
http://www.iraqiwritersunion.com/userimages/samarknd.gif

سحر الليالي
05-11-2006, 09:36 PM
رراع يا جوتيار

دوما أغرق بحرفك...

دام ابداعك أيها الفاضل المتألق

لك خالص إعجابي وتقديري وباقة ورد

جوتيار تمر
06-11-2006, 10:34 PM
(وعندما تسنى لي ان أخرج وأرى البحر ركعت على ركبتيي على شاطئه وبدأت اناجي مجهولاً بعيداً عن الجدران الاربع .. وتاركتاً للريح ذبذبات صلاتي لتنثرها في آفاق الكون الرهيب ..) .
ما ابلغها هذه العبارة جو...
حبي لك
مار




مريم...

شكرا لمرورك الجميل هذا...
ما اجمل ما انتقيته هنا...؟

حبي لك
جوتيار

جوتيار تمر
06-11-2006, 10:38 PM
ليس في الحياة اجمل من ان تخط الروح
بأنامل فضية
كي تراها عيني
ويحبها قلبي
سمرقند/ العراق
كاتبة وشاعرة وتشكيلية
http://www.iraqiwritersunion.com/userimages/samarknd.gif



سمرقند...
هنا في صفحتي هذه اجتمعت اصنا فالادب الرفيع...بوجودك..

محبتي لك
واهلا بك

جوتيار

جوتيار تمر
06-11-2006, 10:46 PM
رراع يا جوتيار
دوما أغرق بحرفك...
دام ابداعك أيها الفاضل المتألق
لك خالص إعجابي وتقديري وباقة ورد



سحر...

يخالجني شعور بالاسى...لانك....؟؟؟

لكني عزاءي انك موجودة...؟

فهذا يكفيني....؟

محبتي
جوتيار

مادلين يوحنا
22-02-2007, 08:44 AM
نحن ننتقل باستمرار من حالة اللامكان الى حالة الوجود.. اذ تنفذ افعالنا الى صميم الواقع.. فتنقل بنا من دائرة الوجود الضمني الى دائرة الوجود الفعلي.. الواقع.. وكأنك كنت تعلم ما سأكون فيه وعليه اليوم ..؟ وكأني كنت قبل اليوم اعيش وجوداً ضمنيا لم التقي فيه الا بذاتي المتعلقة بالمنزل واهلي.. وكل ما كان غير ذاتي واهلي كان مجرد فراغ.. لم ابالي به .. ولا بسده ..!


جو..,,,,,

لااعلم ما الذي جعلني اعود الى هذه القصة بالذات ؟؟؟
لكن ما آلت اليه الظروف في وقعنا جعلني افكر بالمرأة الشرقية فتذكرت قصتك هذه

جو ترى ما يحصل للشرقية في العراق؟؟؟

جو انهن يتجرعن سم الحياة بفم اللاحياة


جو
سامحني على نبشي للجراح لكني لم اصمد

حبي لك
ماد

جوتيار تمر
23-02-2007, 12:25 PM
نحن ننتقل باستمرار من حالة اللامكان الى حالة الوجود.. اذ تنفذ افعالنا الى صميم الواقع.. فتنقل بنا من دائرة الوجود الضمني الى دائرة الوجود الفعلي.. الواقع.. وكأنك كنت تعلم ما سأكون فيه وعليه اليوم ..؟ وكأني كنت قبل اليوم اعيش وجوداً ضمنيا لم التقي فيه الا بذاتي المتعلقة بالمنزل واهلي.. وكل ما كان غير ذاتي واهلي كان مجرد فراغ.. لم ابالي به .. ولا بسده ..!
جو..,,,,,
لااعلم ما الذي جعلني اعود الى هذه القصة بالذات ؟؟؟
لكن ما آلت اليه الظروف في وقعنا جعلني افكر بالمرأة الشرقية فتذكرت قصتك هذه
جو ترى ما يحصل للشرقية في العراق؟؟؟
جو انهن يتجرعن سم الحياة بفم اللاحياة
جو
سامحني على نبشي للجراح لكني لم اصمد
حبي لك
ماد



ماد...
الجراح في لاتنبش ابدا..
لانها لم تقبر حتى تنبش...
انها حية..ازلية...
وفعلا..اصبحنا نخشى من ابادة الانسان في العراق
الانسان..هو المستهدف الاول في العراق...

حبي لك
جوتيار

منهل العراقي
31-08-2007, 02:06 PM
..((قد اركع امام رغبات القلب..والحبيب.. قد اكون حملا وديعا امام جزاري ..حين يساق بي الى حتفي..قد اكون مستعدة لأن اتحمل المزيد من الالم ..نعم قد اكون كذلك ..لكن لكوني شرقية وسأظل شرقية في طباعي التي لاتؤمن في الاصل وبعكس مايفهمه غيري بأن اسلم رقبتي امام كل دخيل معتد..لذا.. ياطفلي لاتخشى علي..واهتم بنفسك..)).



دائما تستهويني العودة

تحياتي

منهل

جوتيار تمر
10-09-2007, 01:36 PM
..((قد اركع امام رغبات القلب..والحبيب.. قد اكون حملا وديعا امام جزاري ..حين يساق بي الى حتفي..قد اكون مستعدة لأن اتحمل المزيد من الالم ..نعم قد اكون كذلك ..لكن لكوني شرقية وسأظل شرقية في طباعي التي لاتؤمن في الاصل وبعكس مايفهمه غيري بأن اسلم رقبتي امام كل دخيل معتد..لذا.. ياطفلي لاتخشى علي..واهتم بنفسك..)).
دائما تستهويني العودة
تحياتي
منهل



العراقي الجميل..........

شكرا لحضورك الدائم...

دمت بخير

محبتي لك
جوتيار

د. داليا فؤاد
11-09-2007, 01:05 AM
أختى العزيزة / جوتيار

أسلوب بسيط لمعاناة المرأة الشرقية لعل من يقرأ يستوعب

لعل من يفهم يحاول تغيير وضع فرضته أولا عادات وتقاليد منها ما عفا عليه الزمن

تحياتى وتقديرى لأسلوبك الرائع ومفرداتك الراقية

أحمد المنصوري
12-09-2007, 02:39 AM
جو وإبداع متألق
دامت هطول أدبك.

ماجدة ماجد صبّاح
22-09-2007, 06:32 PM
أولا يزال قلمك كما هو؟
ظننته يتعب
ولكن بصري تعب القراءة
وقلمك ما يرحم
إنه يكتب ويكتب
وأنا استمتع وأستمتع
لك ودي واحترامي

جوتيار تمر
08-10-2007, 12:15 AM
أختى العزيزة / جوتيار
أسلوب بسيط لمعاناة المرأة الشرقية لعل من يقرأ يستوعب
لعل من يفهم يحاول تغيير وضع فرضته أولا عادات وتقاليد منها ما عفا عليه الزمن
تحياتى وتقديرى لأسلوبك الرائع ومفرداتك الراقية



العزيزة داليا.........

شكرا لمرورك العبق/ ولرؤيتك الناضجة...........

دمت بالف خير

محبتي لك
جوتيار

جوتيار تمر
08-10-2007, 12:17 AM
جو وإبداع متألق
دامت هطول أدبك.



المنصوري الجميل..........

شكرا لمرور ك الكريم...........

دم بخير

محبتي لك
جوتيار

جوتيار تمر
08-10-2007, 12:19 AM
أولا يزال قلمك كما هو؟
ظننته يتعب
ولكن بصري تعب القراءة
وقلمك ما يرحم
إنه يكتب ويكتب
وأنا استمتع وأستمتع
لك ودي واحترامي



العزيزة ماجدة.....

هل تغفرين لي ذلك....؟
عذرا ان كنت اتعب............


محبتي لك
وشكرا لهذا الحضور البهي كبهاء روحك

دمت بخير
جوتيار

جوتيار تمر
10-10-2007, 11:12 AM
جوتيار كالعادة مبهر
حتى أعود فأكمل
أجعلها بالتقسيط





الصباح...................

انتظرت عودتك/ فهل انتهيت....؟


محبتي لك
جوتيار

الصباح الخالدي
10-10-2007, 05:07 PM
الصباح...................
انتظرت عودتك/ فهل انتهيت....؟
محبتي لك
جوتيار
من يذوق حديثك لايشبعه نصوصك
حتى لو لن اعترف ....:002:

جوتيار تمر
10-10-2007, 10:01 PM
من يذوق حديثك لايشبعه نصوصك
حتى لو لن اعترف ....:002:




الصباح..........

تعلم ان لاحديث اصبح يحتاج الى شحنة.............؟

انتظرني في مكان ما في هذه المعمورة/الواحة/ آت اليك............

محبتي لك
جوتيار

احمد القزلي
11-10-2007, 12:31 AM
:pr:


امرأة شرقية
لملمت أغراضها..دخلت خلسة غرفة أخيها تلقي نظرة على ابنه الذي كان يحضن يد والده كأنما يحضن دميته..أقتربت منه..قبلته..عادت أدراجها..وهي في أعماقها تردد..ترنيمة خالدة لشاعر خالد..آه.. (( أيها الطفل يالهناءتك وأنت تقتعد التراب لاهياً بغصن قصيف ، طوال النهار ..إنك تخلق من أي شيء تجده دمىً سارةً ، أما أنا فانني أُبدد قواي ووقتي بحثاً عن الاشياء التي لن استطيع الفوز بها .. )).
بهذه الترنيمة بدأت صباحها..كانت الاشراقة التشرينية قد غزت ذلك الطرف من المدنية التي تسكن هي فيها..وبدت وكأنها تبشر بيوم غير عادي في كل شيء ، نظرت الى غرفتها .. وبدأت تتحسسها شبراً شبراً.. انها متيمة بكل شيء فيها..وقفت أمام نافذة الغرفة.. تأملت ذلك الجبل القريب من منزلها والذي رافق وجودها منذ البدء والجبل هذا ليس من الجبال الشاهقة التي تشتهر بها منطقتها ..فهو أجرد..لا شجر عليه..لكنه يظل في نظرها.. جبلاً مميزاً.. همست ليتك تبقى هكذا للأبد قريباً من عيني.. ادارت بعنقها نحو الشارع القريب من نافذتها..وجدت أطفال يحملون حقائبهم المدارسية على ظهورهم وهم يضحكون فرحاً لأنهم غادروا بيوتهم..أحضان امهاتهم.. ومقبلون على مدارسهم حيث عالم آخر غير الذي رأوه .. وعاشوا فيه .. في داخلها همست بألم ليتكم تعلمون ما أنا فيه .. ؟
اعادت بنظرها الى ارجاء الغرفة ..وقع نظرها على صورة كبيرة لطفل ..معلقة في احدى زوايا الغرفة..قالت بصوت مسموع خارج عن ارادتها أهكذا علي أن اودع غرفتي..؟ صور الاطفال.. تلاحقني اينّما نظرت ..! سمعت صوت أمها وهي تنادي عليها..ومع صوت أمها سمعت صوت سيارة وقفت أمام باب المنزل..رفعت ستار نافذتها..رأت احدى صديقاتها من خلال نافذة السيارة جالسة على المقعد الخلفّي ادركت بان نهاية بقائها بين جدران غرفتها قد آن ..!
كانت السماء حينها قد تغيرت مساراتها.. فالاشراقة الصباحية تلك لم تدوم طويلا ، حيث هبت رياح غربية وحملت معها غيوم سوداء متفرقة وكأنها هي الاخرى أدركت معنى هجر المرء لجدران ضمت أنين والام السنين ..!
وقفت أمام باب غرفتها ونظرت اليها نظرة المودع..اقفلت الباب ورائها..وراحت تودع اهلها.. كان والدها الذي قارب من العمر ثلاث وخمسين عاما واقفا على عتبة باب المنزل ينظر الى ابنته نظرات كلها غرابة ودهشة فهو كرجل محافظ.. لا يستطيع لحد اللحظة تلك تقبل فكرة أن تذهب ابنته لوحدها الى مدينة اخرى بعيدة غريبة..لكنه كان قد خضع لأمر الواقع .. وذلك لألحاح أخوها الاكبر الذي كان هو الاخر في المرحلة الاخيرة من دراسته الجامعية .
الوالد كان ينظر الى المسألة على انها تخالف العادات والتقاليد التي تربى هو عليها لكونه يعيش في مجتمع عشائري .. حيث أعراف وتقاليد العشيرة تمثل الشريعة الأولى في المجتمع .. إن لم نقل بأنها تمثل دستور البلد الذي تعيش فيه.. فالعشائر في وطنها كانت منذ زمن طويل قد ضمنت لها مكانة بارزة في سيرأمور البلد..ولهذا كان الوالد يحاول ان يربي اولاده على قيم وتقاليد الأباء والأجداد.. وحتى تكون صورته اوضح وجدت بأنه من الضروري ان أصف بعض ملامحه لعلها ترسم صورة بدون أبعاد ومنظور في اذهانكم.. هو رجل طويل القامة ، ضخم الجسم ، ذو بشرة بيضاء.. يملك على حافات رأسه شعراً ابيضاً لانه في الاصل قليل الشعر .. ولحيته الطويلة امتزجت شعراتها البيضاء بالسوداء وقد اعطته وقاراً وهيبةً يحسد عليها ، تعلم في المدارس الدينية.. لذلك يملك ثقافة دينية لا بأس بها..له خمسة اولاد من زوجتين ، الاولى خلف منها بنتين تزوجتا بعد وفاة امهما بسنتين.. فتزوج الوالد امرأة ارملة ، وكان للأخيرة ابن واحد فقط وخلف منها ولد وبنت ، وبهذا يكون له أربعة اولاد من صلبه الا انه كان يعتبر الاخر ايضاً من اولاده حتى انه أخرج له بطاقته الشخصية على أسمه حتى لا يأتي يوم ويشعر بانه لم يعامل معاملة اخوته..!
وما يهمنا من الامر هذا هو أن هذا الابن كان وراء سفر اخته لتكلمة دراستها الجامعية .
التمت الغيوم السوداء واجتمعت ، وارسلت على المدينة ريح باردة..رطبة..وكأنها تلوح بأن المطر على الابواب..!
قبلت أمها التي كانت تعيش حالة ذهول تامة ..فقدعانت الأم ويلات الهجروالفراق.. عندما التحق زوجها الاول بالجيش وهي حامل.. ولم يعد إلا جثة صامته في تابوت ملفوف بعلم وهي كانت تواسي نفسها بجنينها ،وجارة لها فقدت هي الأخرى زوجها في نفس الظروف.. وقد تستغربون من ذلك .. لكن هنا حيث نحن نعيش لا شيء مستحيل قد تنام على صوت موسيقى فلكلورية قديمة مما كانت تعزف في أعالي الجبال بناي رعاة الغنم.. وتصحى وقد احترق نصف مدينتك..وصوت المدافع يطرق على سمعك ،عندما عاد زوجها..كان حينها عمر الجنين سنتين..حضنت ابنتها..قبلتها وذرفت دموعها لتلامس خد ابنتها ..مسحت الابنة دموع أمها وقالت آماه لم أمت بعد.. فكفاك ذرفاً للدموع..كلها اشهر وسأعود ..بل ان استطعت ساكون هنا رأس كل شهر..فهدأت الام قليلا.. وكان على الابنة المسكينة أن تواجه والدها..حيث لم يحصل أن خرجت امام والدها الى مكان بعيد وبيدها حقيبتها ..لكنها كانت تجد في وجود أخيها خير دعم وتشجيع لها..وصلت الى عتبة الباب حيث الوالد كان واقفا هناك وضعت حقيبتها امسكت بيديه وقبلتهما ..قبلات المذنب التائب من ذنوبه ..مسح الوالد على رأسها وقبلها مبتسما وقال انتبهي لنفسك ولا تجعليني اندم..وابتسم غصبا لها..بل قبلها..ثم أمسك اخوها بيدها وحمل حقيبتها واوصلها للسيارة ..ونظرالى اخته..حاولت الاخت أن ترفع رأسها لتنظر الى عينيه لكنها كانت تخشى ان تصطدم بالحزن المغروس فيها.. فحاولت ان تتهرب.. أدرك الاخ ما كان يجوب في بال اخته ..قال لها لا بأس ليلان.. تعلمين أين ستجديني وكيف..فلا تتردي لحظة.. قبلها..وقبل ان تركب السيارة..رفعت رأسها متحدية ألمها .. ونظرت الى عينيه.. وهي تقول هل أضفت الى حزنهما جديدا..ابتسم ريان لها.. وقال بل افرحيتهما بسماعك لنداءاتهما لك بتكملة دراستك..قالت اعدك بأني لن أخذ لك .. قال أعدك أن أكون معك كيفما تريدين ..!
دخلت السيارة وجلست بجانب صديقتها شرمين على المقعد الخلفي..لوحت لأهلها..ثم نظرت الى اخيها..ولوحت له مع ابتسامة رضا..أدار السائق محرك السيارة ثم مالبث أن أنطلق حتى توارى عن الانظار..دخل الاخرون الى المنزل..وقبل أن يصعد ريان الى غرفته ليطمئن على طفله ، قال لوالديه .. لا أريد ان أرى الحزن في هذا البيت فيكفينا ما نحمله في اعماقنا..ولا تنسوا بأني سأهتم بها .
كنا قلنا بان ليلان عندما ارادت ان تودع طفل اخيها كان الاخير نائما وقد احتضن يد والده .. وبعدها وضع ريان يد طفله على دمية..وتملص حتى خرج من الفراش دون ان يوقضه .. ريان هذا شاب كان متزوجا .. لكنه ارمل الان .. له طفل لم يبلغ بعد عامه الثاني .. أم الطفل توفت بعد ولادته مباشرة لذا لم يجد غير حضن ليلان يأويه ..ريان يدرس في كلية القانون ولم يبقى له سوى سنة واحدة ويتخرج وهو الاخر يدرس خارج المدينة جامعته قريبة من المدينة التي ستدرس ليلان فيها .
أما أخ ليلان الاخر كان خارج البيت بل انه لم يبت في البيت اصلا..لانه كان يكره لحظات الوداع..وقال قبل خروجه لأخته سأحبك دائما.. وخرج الى بيت اخته الكبيرة المتزوجة .. وبات عندها ليلا ..وعندما عاد كانت قد رحلت .
دخل ريان غرفته فوجد طفله لم يزل يغط في نوم عميق..دمعت عيناه..قال صغيري امك الثانية رحلت هي الاخرى.. ماذا عساك ستفعل عندما تصحو.. ولاتجد حضن يأويك.. بل ماذا عساني أنا أصير.. عندما اسمع بكائك ولااملك الوسيلة لمنحك الامأن والطمأنينة.. آه يا صغيري انها الاقدار..نعم الاقدار التي جعلت غضب الطبيعة يتعانق مع غضب الالهة ومن ثم مع غضب الانسان ..لأقع أنا الكائن الوحيد الذي يعاني الغربة في ذاته في شرك مصيدة الحياة.. ولتكون النافذة الوحيدة المتبقية لي في هذا السجن هي نافذة الموت..بعدك.. لتطل من خلالكما على الابدية..وافقها الغامض..آه ياصغيري.. اقترب منه قبله.. خرج من الغرفة ينادي أمه .. بأن تعتني به .. لحين عودته فهو الاخر على وشك السفر .
كانت السماء حينها تقذف بدموعها خارج اسوارها .. وهكذا أصبح المطر يطفىء بهطوله الحرائق القدرية التي اجتاحت الانفس ..!
ليلان وصديقتها شرمين كانتا في ذلك الوقت قد خرجتا من حدود مدينتهما ..كل واحدة منهما كانت تنظر بلهفة الى كل شيء يقع أمام نظرهما .. واحيانا كانت الدهشة تمتلك اعماقهما لانهما يوما لم تتصورا بان مدينتهم كبيرة هكذا .. لانهما لم تعرفا سوى المحلة.. حيث لم تتجاوز الزيارات التي قمن بها حدودها ..وما زاد من دهشتهما نقاط التفتيش والاسلاك الشائكة والجنود والاليات العسكرية المنتشرة في ارجاء البلد التي يجدها المرء على الطريق ..حتى اصبح بها يُعرف البلد .
اخذهما التفكير في دوامة دون أن تشعرا بالوقت ولم تحسا بنفسهما الا وهما امام باب القسم الداخلي الذي أعد للطالبات..فخرجتا..واخرج السائق اغراضهما..وقال هل تحتاجان الى شيء افعله لكما قبل ان أعود ..شكراه..فرحل هو.. ودخل الاثنتان الى القسم وقدما اوراقهما لمسوؤلة القسم فرحبت بهما وارشدتهما للغرفة التي ستحل مكان الجدران التي كانت تأويهما قبل .
دخلا الغرفة ..ولم تتفوه أي واحدة منهما بكلمة ..لاأراديا توجهت كل واحدة الى سرير معد في الغرفة.. اخرجتا اغراضهما.. ورتبتا ملابسهما ..ثم جلست شرمين على سريرها .. ونظرت الى ليلان ..ثم دمعت عيناها.. حاولت ليلان ان تتجنب النظر اليها.. لكن هي الاخرى وجدت صعوبة في منع دموعها من السقوط..اقتربت منها ضمتها..وبعد رحلة مع البكاء الدموع ..قالت شرمين ..هل هذه هي النهاية أم انها مجرد البداية ..قالت ليلان لاأدري ..ولكن عساها تكون افضل عساها ..عساها..!
ثم دخلت كل واحدة الى فراشها .. وغفت عيناها حتى المساء حيث استيقظا على ضجيج أتى من خارج غرفتهما.. وعندما فتحت ليلان باب الغرفة وجدت الممر ممتلأ بالبنات وهن يتعارفن ويصدرن أصواتا وضجيجا وضحكاً ..فنادت شرمين.. ولكنهما لم تمتلكا الجرأة لتخرجا.. فأقفلا باب الغرفة على نفسهما ..قالت شرمين انني لاأفهم لغة بعضهم.. ردت ليلان لابأس ستتعلمينها.. ثم قالت ألست جائعة..ردت شرمين بلا .. فأخرجت ليلان ماجلبته معها من طعام .. لانها كانت تعلم بان الاقسام الداخلية لايقدم الطعام فيها ..مع ان قسمهم المكون من ثلاث طوابق وكل طابق يحوي على ستة عشرة غرفة كان قريبا من السوق..الا أنهما لم تكونا تعرفان شيئا عن نظام الاقسام ..ولا عن هذه المدينة .. لذا فكرت ليلان قبل مجيئها بأن تحتاط لمثل هذا الظرف..جلسا وآكلا .. وتبادلا الحديث.. واخذهما الوقت..كانت تحاول كل واحدة ان تواسي الاخرى ..حتى تأخر الوقت .. فعادتا الى فراشهما .. لأن امامهما في صباح اليوم التالي رحلة صعبة..!
وسادع ليلان تصف لكم يومها الاول .. لأن بعض اقارب شرمين بل أبن خالتها كان قد أتى الى القسم وأخذ شرمين معه الى كليتها وللعلم فقط فانها لم تكن في نفس اختصاص ليلان , فهي كانت خريجة الفرع العلمي أما ليلان فقد كانت في الفرع الادبي وهذا ما مفاده أن قبولهما في كلية واحدة أمر مستبعد نوعا ما , قالت وهي تصف يومها ..((استيقظت من نومي منذ ساعات باكرة متعبة .. بل اكثر تعبا مما لو بقيت صاحية طوال الليل اعمل في حقل ...... وانتظرت النهار حتى يشق عتمة الليل ..وعندما انبلج.. ردد صوت خفي في اعماقي أعني ذاتي هاهو النهار الموحش يهجم على شباك نافذتي ..كئيبا.. تحمل اشراقته الغاضبة ذرات لامرئية دامية .. لتنثرها في ارجاء الغرفة ..شعرت بثقل مبهم في صدري وكأن قلبي أصبح مهددا بالتوقف عن حركته اللامجدية ، حاولت أن استجمع ما تبقى لي من قوى..ايقظت صديقتي.. خرجنا معا نغسل وجوهنا..عدنا..أفطرنا..انتظرت هي ابن خالتها ..اما أنا فقد خرجت هائمة على وجهي دون ان اعرف من أين ..والى أين وكيف ..؟ ولكني اتبعت بعض الفتيات ..حاولت أن اسألهن .. لكن خانتني قواي .. وعندما أصبح الامر أكثر جدية بين التيه والضياع والجهل بكل شيىء .. تجرأت وسألت احدى الفتيات عن كلية الاداب .. فعرفتني وبسرعة البرق بشاب كان معها وقالت انه ايضا سيذهب الى الاداب.. فابتسم لي الشاب وقدم نفسه..(سامان).. كنت اعيش حينها حالة من الذهول متسائلة ..عن جرأة تلك الفتاة.. وفي أعماقي كنت اناجي ريان أن يلحق بي .. لكني كنت أعلم انه لن يفعل لا لأنه لايريد ..لا ..فقط لأنه يريدني منذ البداية أن اواجه اموري واقداري بنفسي.. فتشجعت عندما استحضرت وجهه.. ورفعت رأسي وابتسمت له وقدمت له بخوف ممزوج بخجل إنسانة لا تعرف ولم تتعود أجواء التعارف نفسي ..فارشدني بل سرنا معا الى الكلية ..وكانت هذه المرة الاولى التي اخرج فيها مع شاب غريب الى مكان ما .. ولا أعلم حينها ماكان يختلج في اعماقي..حيث الشعور بالخوف.. من أن أكون خرقت الحدود واغضبت والدي بعاداته و تقاليده ومعها.. دست على شرائع العشيرة ..خاصة وكلمته الاخيرة لم تزل ترن في اذناي ..(أندم ).. أو أن اكون قد خرقت عقدة الركود التي كان ريان يحاول اخراجي منها ..المهم اتممنا معا معاملات التقديم واستلمنا معا الكتب ودخلنا معا القاعة التي سندرس فيها ، وعندما انتهى الدوام خرجنا معاً.. واوصلني الى باب القسم .. وأنا مازلت اعيش حالة من الذهول .. فانا ليلان اكاد اكون قد قضيت نصف نهار كامل مع شاب لم اعرفه الا في بداية النهار.. أهو الكبت الذي كنت اعيشه جراء شرائع العشيرة ..أم هي الحرية والتوق اليها.. وكأني كنت حبيسة جدران اربع .. (وعندما تسنى لي ان أخرج وأرى البحر ركعت على ركبتيي على شاطئه وبدأت اناجي مجهولاً بعيداً عن الجدران الاربع .. وتاركتاً للريح ذبذبات صلاتي لتنثرها في آفاق الكون الرهيب ..) .
كانت شرمين حينها تنتظرها في القسم وشرمين هذه فتاة لم تعرف هي الاخرى سوى مدرستها واهلها ، حيث في داخلها كانت تعيش نوع من الخوف المخفي لكونها غير قادرة على اتخاذ أي قرار دون تردد.. وقد اعدت أغراضها وابن خالتها كان هو الاخر موجوداً.. وعندما دخلت ليلان القسم ووجدت حقيبتها في يدها ادركت أنها ستعيش مؤقتاً لوحدها.. ودعت صديقتها .. ودخلت غرفتها ..وكم كانت مندهشة عندما وجدت بعد ثلث ساعة فتاة تطرق باب الغرفة .. وكانت هي نفسها التي سألتها في بداية نهارها .. ابتسمت وقالت هل تسمحين لي بمشاركتك الغرفة ..قالت تفضلي..وبعد ان تعارفتا.. بدأت الزائرة.. بل الساكنة الجديدة تسرد لها قصتها الطويلة كيف عاشت في حي فقير بدون أم ..حيث توفت أمها وهي صغيرة ..ومعاناتها مع زوجة أبيها ومن ثم موت أخيها بحادث سير ..وصراعها من أجل تكملة دراستها.. وبعد أن أنهت قصتها.. ألحت على ليلان ان تتعارف مع جاراتها فخرجن وتعارفن وأكلن.. ثم عدن الى غرفتهن.. ودخلن فراشهن ..وفي المساء وعلى صوت الرعد استيقظت ليلان وكان الظلام قد بدأ يرمي بعباءته الرمادية.. المائلة الى السواد ..فوق جراح الحرم الجامعي ..وقفت امام نافذة الغرفة تتأمل السماء الرمادية بغيومها السوداء ..والمطر الهاطل على نافذتها ..ومعهما كانت في اعماقها تتحسر على ذلك الطفل الذي تركته وراءها.. وقالت بصوت مسموع أين هي (( اليثيا )) ربة الطفولة والامومة لتستنجد آهات قلبي وتذهب لتحمل طفلي ذاك وترعاه.. آه يا ايتها السماء انك الان تذكريني بذلك الاله الذي عبدته قبائل الأنكا ( كاتيكويل ) حيث كانت تقدم اطفالها قرابين له لتتجنب غضبه..غضب برقه ورعده..استيقظت صديقتها على صوتها كأنها شعرت بمعاناة صديقتها المناجية.. حيث وجدت عيناها تمطر مطراً مع المطر الهاطل.. وقفت بجانبها.. ضمت رأسها لصدرها ..قالت طفل من هذا الذي تناجين الاله من أجل حمايته ورعايته ..قالت وصوتها اقرب الى صوت أم باكية ..طفلي.. الذي حضنته بعد ولادته.. قالت هل متزوجة انت..قالت..لا..انه طفل اخي الاكبر.. الذي ماتت زوجته بعد ولادته مباشرة..قالت أليست هناك من ترعاه ..؟ اجابت ..أمي ..أمي ..لكنه الصغير ..تعود حضني.. ارتفع صوت بكائها..فاجهشت الصديقة وإسمها سارا .. بالالف..حيث إنها عندما تعرف نفسها لأي شخص تؤكد على ذلك.. لأن الشائع هو سارة.. ولكن ظاهرة كتابة وتلفظ الاسماء بصورة خاطئة تتكرر في مجتمعنا..فإسم الشخص متوقف على الأصابع التي تمسك بالقلم في دوائر الجنسية والأحوال المدنية ..! وأجهشت بالبكاء لبكائها.. وبعد مأتم آخر.. امسكت سارا بيدها وذهبا ليغتسلا .. وقالت سارا سأذهب لأعد مكانا لنا في المطبخ ..حتى نعد طعامنا فيه ..قالت لابأس سارافقك لكن الصديقة أبقتها ..وخرجت لوحدها ..مضى المساء بسرعة.. كانت الصديقة قد وجدت مكانا تضع عليه (مدفئة نفطية صغيرة) جلبته معها فالأقسام هذه لكل جناح فيه مطبخ خاص وهو كبير يستوعب جميع هؤلاء الطالبات..المهم جهزت الصديقة عشاء لهما.. وبعدها زارا بعض الفتيات ..وسهرن لساعة متأخرة من الليل وعندما شعرت الصديقة بالنعاس طلبت من ليلان ان يعودا لغرفتهما فاستجابت ولم تمهل الصديقة لنفسها وقتا للتفكير او أي شيء انما دخلت فراشها ولم تكن سوى لحظات حتى كانت قد غاصت في سبات عميق .
ريان كان حينها قد جهز هو الاخر اغراضه بعد عودته للمنزل..وكان يداعب طفله الذي سيصبح يتيما بعدما يشق النهار جدران الظلام..كان يبتسم لحظة ويئن لحظات.. لكنه تمالك نفسه وفي ساعة متأخرة غفى الطفل على صدره وكعادته امسك بيد والده ليحضنها كأنها دميته.. وظل الوالد ينظر اليه وهو في ذاته يكاد يتلاشى من شدة الالم الذي يغرسه مجرد التفكير بالسفر مضى الليل بظلامه.. واصطدمت آلهة الظلام بجدران قدرية صنعتها الهة النهار.. اشرقت الشمس.. وكان على ريان أن يذهب عند أختيه.. دخل غرفة اخيه الذي كان قد عاد.. وطلب منه ان يأخذ مكانه لحين عودته ..وخرج هو..زار الاخت الكبيرة وطلب منها ان تحاول جهدها لمساعدة أمه في رعاية طفله ..ثم ودعها.. وذهب الى الاخت الاصغر .. بالطبع اصغر المتزوجتان.. مكث عندها لحين الغداء ..لأن مجرد الانتقال من حي الى آخر يحتاج المرء الى ساعات بسبب الازدحامات المرورية ..المهم بعد الغداء اتفق مع اخته بان ترافقه ابنتها المتخرجة والتي تعمل في احدى رياض الاطفال القريبة من منزله..لتساعد جدتها في رعاية الطفل.. خاصة وان الابنة كانت قد اقترحت على أمها ان تفعل ذلك من أجل ريان.. خالها الذي تحبه اكثر من اي شخص آخر.. مضى الاثنان الى المنزل وكان الوقت آنذاك قد قارب على الثالثة وسبع وثلاثين دقيقة ..حيث دنت ساعة رحيله ..التمت العائلة حوله..نظر الى وجهوهم وجدها تعيش حالة من الموت والعذاب ..وكأنها كانت تناجي السماء نفقد في يومين اثنيين من فلذات اكبادنا.. انه لظلم .. ظلم كبير.. قال ريان لن أسافر إذا كنتم ستبقون هكذا.. أنه ليس اول مرة اغادركم فيه .. مابكم.. انسوا موضوع سفري .. وانتبهوا لانفسكم ساكون بخير تعلمون ذلك.. ضمه والده مبتسما قال اعلم بني أعلم .. لكننا سنشتاق لوجودك .. قال لابـأس والدي العزيز.. لن ادعكم تشتاقون.. توجه الى أمه وضمها وقبل رأسها ومسح دمعتها .. قال ألا تعلمين موتي عندما ارى دمعتك فاسرعت الأم تمسح دموعها وقالت عسانا نموت جميعا ولانراك حتى لحظة حزينا فانت لاتعلم حزنك ماذا يفعل بنا.. فكيف ......؟ توجه لاخيه وضمه وقال له اهتم بوالديك .. ودراستك .. فابتسم الاخ له وقال اعتمد على اخوك ولاتنسى انك الوحيد الذي احظر مراسيم توديعه.. ولاتفكر بهم فقط اهتم بنفسك وعد الينا مسرعا.. كان ريان يتجنب حتى النظر الى مكان ابنه ..مع انه كان يسمع صوته احيانا..كان يخشى ان يضعف امام اهله وتنهمر دموعه فيخلق مأتما.. توجه بعدها الى أم طفله الجديدة.. حاضنة طفله الجديدة قبلها واحتضن رأسها وقال لها سأدع بين يديك روح خالك فاعتني بروحه.. قبلته هي الاخرى ودموعها تصيح .. تنادي يا خالي من اجلك سافعل المستحيل ..حمل حقيبته وهو في داخله يقول فقط لو أخرج دون ان أضعف.. دون ان يقول لي احد ألن تودع ابنك..فقط .. لكن صوت أمه قطع عليه تفكيره هذا .. قالت ألن تقبل طفلك ..ألن تودعه ..؟
بريق غريب خرج من عينيه واصبحت دموعه على حافات عينيه ..تماسك.. قال بلا.. بلا .. دخل الى غرفة امه حيث كان طفله هناك ضمه.. ثم اسرع يحمل حقيبته خارجا..وهكذا ودع ريان اهله ..!
اما ليلان فانها قضت وقتها أمام نافذتها في ليلها الطويل وهي تتأمل الظلام..نعم الظلام.. كانت اعماقها تردد بين الحين والاخر.. ما أطول الليل حين تصبح المسافة بين الموت والحياة ليلة انتظار.. غدا..يرحل ريان.. كما فعلت أنا قبل اليوم .. فيزرع برحيله الموت في كل ارجاء البيت..أنه ليس كأي واحد منا ..لانه الوحيد الذي نحيا جميعا به.. غدا.. وآه من غد تصبح الحياة في منزلنا مجرد موت.. استمرت ليلان بتفكيرها هذا ..لكن فجأة داهم تفكيرها.. يومها الذي مضى على غير مامضت ايامها ..وبدت ملامح وجه الشاب الذي تعرفت عليه تجوب في ذهنها وامام انظارها ..وتسألت من جديد ..تراني لن اغضب والدي ..لن أخرق عاداته وتقاليده اذا ما استمرت رؤيتي له.. تراني لن أجعل والدي الطيب يندم.. آه من هذه التساؤلات.. دعني منها.. نعم دعني منها.. لكن كيف لي أن اتخلص منها.. وانا بطبيعتي انسانة لم تمتلك يوما قرار نفسها الا في اتمامي لدراستي.. وحتى هذا القرار لو لا ريان لما كنت استطيع اتخاذه.. انا فتاة شقية.. بل ساصبح شقية اذا ما اعتمدت على نفسي ..نعم فأنا حتى لا أعرف كيف اتخلص من هواجسي هذه ..!
حاولت ليلان جهدها من أجل ان تتخلص من ملامح وجهه الذي رافقها.. لكنها عادت ترضخ للواقع وهي تقول أن كلماته الرقيقة.. ملامح وجهه البريئة ..وتعامله الطيب ..حتى خجله .. كل ذلك أصبح ينبت داخل رأسي ويتسلق جدران روحي كنبات اسطوري شرير.. ثم عادت تقول وأنا التي لطالما قال لي ريان بأن لا افكر بالأمور عاطفيا ..روحيا.. انما ان أستحكم الامور كلها للعقل وادعه هو الذي يوجهني بالاخص في مثل هذه المواقف.. لكنها لم تصمد وعادت تناجي ريان..ريان..ريان..ملاكي الطيب.. هل ستصدق ما يحضرني الان من الكلمات.. ليتك هنا لا قولها لك.. أعلم انك كنت ستفرح بها لانها لأول مرة ستخرج مني لتخرق جدران سمعك.. لكن ساقولها نعم ساقولها لعلك تسمعها.. يا ملاكي.. ان مأساتي الآن..نعم الآن .. هي اني اصبحت مضطرة كعادتي في كل شيء أن اعتمد سبل الروح والغيبيات والعاطفة التي تدور الروح في رحاها.. لاني اذا ما اعتنقت مذهبك حيث لاوسيلة اخرى لأثبت نفسي .. سأعود للضياع والتيه الذي شعرت به اليوم وانا أخرج دون ان اعلم من اين والى اين وكيف .. نعم ياملاكي .. لست على استعداد الان بالذات لأن افلسف مذهب العقليات والواقعيات لاظهره على مذهب العاطفة والروح .. فانا يا أخي سأضيع ..سأتوه .. فدعني اقرر بنفسي ..؟
كان الظلام لم يزل دامسا .. وخيوط ماقبل الفجر الرمادية الداكنة لم تزل تلف الحرم الجامعي .. وصديقتها كانت لم تزل غاصة في سباتها العميق ..لكن فجأة هبت ريح عاتية ..قضت على تلك الخيوط الرمادية.. واظلمت السماء كما لو أن شيئا حجب ما قد يفرج عن تلك الخيوط .. استيقظت صديقتها.. فوجدتها مغروسة امام نافذة الغرفة.. قالت ألم تنامي ..التفتت اليها ليلان .. قالت لا.. ليس بعد ..قالت عليك ان تأخذي قسطا من الراحة لأن امامك يوم طويل .. قالت نعم .. امامي يوم طويل.. طويل.. دخلت فراشها وغصت بعد لحظات في نوم عميق.. وفي الثامنة والربع ايقظتها صديقتها.. واستعدت الاثنتان.. وخرجتا كل الى كليتهما ..! وصلت ليلان الباب كليتها.. عيناها منذ البدء بدأت تبحث عن مجهول ما.. يؤنسها .. قاومت رغبت عيناها .. وحاورتها.. قائلة .. أنا أظل فتاة.. لايمكنني ان أستسلم بهذه السرعة لرغبات علي ان استحكمها للعقل والمنطق قبل أن اهتم بها.. ونجحت ..فدخلت الكلية ..ومن ثم قاعتها .. دون ان تبالي .. لكن صوته جاء لينهي ذلك التحدي..ويهزمه ..عندما اقترب منها وسلم عليها وجلس على مقعد بجانب مقعدها دخلت في صراع مرير ..فهي فتاة لم تعرف هذه المواقف.. ولا تعرف كيف تواجهها ..بل هي مقتنعة تماما بأنها ضعيفة ولا تملك القدرة على مواجهة كل مايمكن ان يتعلق بطبيعة وجودها فهكذا علمها مجتمعها أن تعيش منذ البدء..حتى لو ادركت انها اصبحت داخل دائرة قنص غيرها..!
ريان كان في طريقه الى مدينته.. جامعته.. وطريقه يمر بنفس المدينة التي اصبحت ليلان تدرس فيها ..بالطبع وهذا ما كانت تعقد عليه ليلان الأمال بانه سيمربها ..انتصف النهار..كانت السماء قد أفرجت لبعض الوقت عن الشمس.. ليلان مع صديقها.. وصديقتها التي تركت كليتها القريبة لتأتي إليها كي تطمئن عليها.. الثلاثة معا في النادي جالسين يتبادلون اطراف الحديث خاصة سارا وسامان.. وقلما تتدخل ليلان في حوارهما لأنها فعلا مقتنعة بعدم قدرتها على مواجهة مثل هذه المواقف لكونها ضعيفة ولعل هذا الأمر يحتاج لوقفة لكون الإنسان في مجتمعاتنا لم يتعود ان يكسر القيود بل اعتاد على الخضوع بداعي العادات والتقاليد.. وشرائع الإجتماع.. وغيرها.. حيث عكست هذه الأمور على شخصية اغلب الناس وليلان منهم حيث وصل الأمر بها.. حتى انها لا تسمح لنفسها بأن تفكر في صديقتها الجريئة التي تناقش وتبدي رأيها بل وتتمسك به.. اصبحت الساعة الرابعة وخمس واربعون دقيقة ..رفعت ليلان رأسها نظرت حولها..وجوه ..وابتسامات .. وضحكات.. واحاديث.. وصوت المسجل يعلو الكل.. اعادت بنظرها الى حيث ماكان.. كانت تلتهي بكتاب في يديها .. في اعماقها شعرت بأن شيء ما يقترب فيسرع نبضها.. استجابت لذلك الشعور رفعت رأسها.. واذا بريان واقف على رأسها..ابتسمت من عمق اعماقها.. حاولت ان تنهض منعها ريان..سلم عليها.. لكنها وقفت صافحته وهي تقول كم اتمنى أن احضنك الان..عرفته بصديقتها وصديقها .. ابتسم لهما..سلم عليهما ..وعرفتهما به .. !
بعد سؤال وجواب وسؤال ..استأذن الصديقان..وتركاها مع اخيها.. قالت اولا كم أحتاجك..وثانيا اتعلم باني مازلت اعيش حالة ذهول.. لو علم أبي باني اصادق شابا منذ يومين .. قاطعها ريان لن يفعل شيئا بل حتى لن يفكر بالامر.. كيف ترين والدك ..هو ليس بتلك الدرجة من التحجر التي تتصورينها..كل ما قاله..كل ما علمه لنا..كل حياته.. لم تكن الا حرصا على ان نكون جميعا بافضل ما يمكن ان يكون عليه أي انسان.. وان كنا نشعر بنقص ما الان لأننا لانستطيع ان نواجه الحياة ومتطلباتها.. فليس ذنبه لأن وسعه كان ماقدم.. ولاتنسي أننا بطبعنا الذي ينعم بالخضوع والذي بدورنا لا ذنب لنا في تكوينه بسبب الظروف التي مررنا بها سواء أكانت سياسية أم إجتماعية ..نتحمل جزء مما نحن عليه الان.. وساذكرك بكلمات سمعتها ذات يوم في احدى اسفاري من انسانة لاتنتمي الى اعرافنا..((قد اركع امام رغبات القلب..والحبيب.. قد اكون حملا وديعا امام جزاري ..حين يساق بي الى حتفي..قد اكون مستعدة لأن اتحمل المزيد من الالم ..نعم قد اكون كذلك ..لكن لكوني شرقية وسأظل شرقية في طباعي التي لاتؤمن في الاصل وبعكس مايفهمه غيري بأن اسلم رقبتي امام كل دخيل معتد..لذا.. ياطفلي لاتخشى علي..واهتم بنفسك..)).
فيا صغيرتي كوني انت كما تريدين ..لست اقول لك تحدي والدك..لا.. لأن هناك ثوابت حتى في العلاقات الاجتماعية.. هي اكثر شيء التزامات اخلاقية نتحمل تبعاتها من اجل الحفاظ على ماء وجهنا.. لكننا خارج هذه الثوابت احرار.. نعم نستطيع برغم قيود المجتمع وآفاته ان نصنع من انفسنا احراراً نفعل حسب قناعاتنا خارج اطار قيود الاجتماع لأننا نحاول ان نبقي بذلك على ذواتنا كما نريد ان نكون ولا كما يريد غيرنا لكونه اكثر سلطة وقوة وحضورا اجتماعيا .ويا صغيرتي ان المرأة التي تعاني اللاثقة لاتستطيع ان تحافظ حتى على ثوابتها..لذا تسلحي بالثقة.. وانسي تلك المرأة التي تشنق دميتها الطفلة الصغيرة لانها تشعر بانها تأخذ من نظرات صديقها اليها اكثر..مما تنظر اليها وهي التي تتزين بالحمرة و ....!
اذهلتها كلمات ريان ..بل اخرستها .. ظلت تنظر الى شفتيه دون عينيه..اخذهما الوقت .. أفاقها ريان وقال علينا ان نخرج الان... صعقتها..كلمة نخرج كأنها لم تكن تشعر بشيء سوى كلماته التي كانت تلامس اعماقها.. امسك بيدها وخرجا.. وفي حديقة الجامعة جلسا تحت شجرة زيتون خضرة.. بالرغم من ان السماء كانت قد عزمت امرها على ان تمطر ..قالت ليلة أمس وانا افكر بطفلك.. شعرت وكأن الموت يجلس بجانبي ينظر إلي وانظر اليه.. ثم قالت اتذكر ذات يوم قلت لي ان الانسان دائم التنقل من حالة الى اخرى.. وقلت نحن ننتقل باستمرار من حالة اللامكان الى حالة الوجود.. اذ تنفذ افعالنا الى صميم الواقع.. فتنقل بنا من دائرة الوجود الضمني الى دائرة الوجود الفعلي.. الواقع.. وكأنك كنت تعلم ما سأكون فيه وعليه اليوم ..؟ وكأني كنت قبل اليوم اعيش وجوداً ضمنيا لم التقي فيه الا بذاتي المتعلقة بالمنزل واهلي.. وكل ما كان غير ذاتي واهلي كان مجرد فراغ.. لم ابالي به .. ولا بسده ..!
اجابها ريان بأن مأساة الانسان هي تلك المرواحة الابدية بين الفراغ والامتلاء..الحنين والهجران..التمرد والخضوع ..إن المرواحة بين النقيض والنقيض تهدد ببطلان المعنى في افعالنا .. ومن ثم في حياتنا.. وعلينا ان نسلك او بالاحرى ان نجد معنى لحياتنا لنشق عبره وبواسطته طريق الخلاص.. أي اننا علينا ان نحدد ماهيتنا ونعمل من اجل ترسيخها حتى لو فعلنا ذلك على حساب رغبات وتطلعات غيرنا.. وان لا ندع للفراغ الموجود اصلا ان يملئه رغبات الغير فتكون عبئا على كاهلنا ولا نجد حينها انفسنا الا ونحن نستسلم ونخضع بدافع الاجتماع وكونه الاكثر حضورا ..!
قالت أ تراني اخطأت حين تسرعت بالتفكير بصديقي .. بملامح وجهه ..ليلة أمس ..؟ قال .. انت تحكمين .. ولست احكم ..انما أ ليس انتصاراً لكما معا ..ان يستطيع هو بلحظات تغيير بعض ما لم تغيره السنوات التي مضت فيك ..ثم أ ليس انتصارا لك ان تكسري قيود الاجتماع التي فرضت على عقلك وأن تفكري بما تجدينه انت بانه خارج عن اعرافهم وعاداتهم ..؟
صغيرتي ..كلماتي الاخيرة لك لأن الوقت تأخر وعلي ان اغادر لألحق بالقطار الذي سوف اسافر به هذه المرة .. هي ان الجحيم الذي خلقناه في فكرنا ليس بأكبر من ذلك الجحيم الذي يفرض عليك ان تعيشي في مكان ما.. مع انسان ما.. في وقت ما.. لا يربطك به شيء اكثر مما يربطك بأية آلة داخل مصنع ..او بيت..او حقل.. حيث حينها لا يبقى لك غير الصمت والنظر .. والانتظار.. حين تضطرين ان تسلمي عليه.. ان تبتسمين له.. ان تعاشريه.. ان تسكنين معه تحت سقف واحد ..صغيرتي ان مثل هذا الصمت غير الودي.. ليس الا صمت العجز عن الالتقاء على جسر التفاهم والحوار.. صمت الخضوع لمعاني الاجتماع المفروضة عليك.. صمت الغرباء في مجتمعات بربرية..صمت الكهوف.. صمت الموتى.. انه ليس الا الصمت داخل حجر الصمت.. فعليك ان تفكري قبل كل شيى بنفسك لتجديها ومن ثم ابحثي لها عن ما يريحها .. ودعيني اوصلك للقسم.. لاغادر بعدها. امسكت هي بيده هذه المرة.. وسارا الى القسم ..صعدت بسرعة لغرفتها وجلبت في حقيبتها شريطا ووضعته داخل محفظته.. ولم تنسى ان تنزل معها صديقتها.. وضع رأس اخته على صدره وقبل رأسها.. ثم صافح صديقتها ..وغادر .. قالت صديقتها أي ملاك هذا.. ردت ليلان وبسرعة انه الحياة التي يحيا بها كل من يعيش في منزلنا.. بل حتى اقاربنا.. عادتا الى غرفتهما ..وقد ادركت ليلان تماما ما عليها ان تفعله ..بل اطمأنت ان ريان بفكره سيكون حاضرا معها كلما احتاجت لوجوده .. ! عاد الظلام يفرض .. عباءته الرمادية .. السوداء .. فوق جراح الحرم الجامعي وفي ساعات الليل المتأخرة .. كانت ليلان الفتاة الرقيقة ذات العيون السوداء الجميلة .. تناجي ذاتها .. وتقول من لك غير ذاك المسافر الذي اينما سار يترك ورائه كلمات تظل ترتجف على سطور الحياة كأثار دماء جريح يزحف فوق حقل مزروع بالقطن الابيض ..!
ريان حينها كان هو الاخر قد وصل لغرفتة التي استأجرها مع زميل له آت من الجنوب في منطقة خارج الحرم الجامعي ..هذا لأنه بطبعه لايحب القيود المفروضة حسب نظام الجامعة على الاقسام الداخلية ..! وصديقه هذا كان هو الاَخر غريباً.. بل لعل القدر أراد لريان أن يرى ويشاهد كل شيء ليصبر على محنته الأبدية التي يعيشها .. فصديقه.. كان علوياً.. وكان يحب فتاة مسيحية .. وفي مجتمعنا .. بل حيث نعيش يعتبر مجرد أن يفكر المرء بهكذا علاقة أمر خارج عن العرف والشرع ..بل لعل الأمر يصل أحياناً الى سفك الدماء ..! فكان صديقه دائماً يرمي بهمومه على صدره ..وكان هو يردد في اعماقه.. متى سيأتي يوم وتنكسر مثل هذه الأعراف التي جعلت الخوف والخضوع وحدهما يكونان شخصية الإنسان لدينا ..؟
ليلان كانت تهمس وبصوت يكاد يكون مسموعا ان الذي يعزف بنبرات صوته موسيقاه الحزينة لطفل رضيع لايفهم ..فيهدأ الطفل وينام على صدره متخذاً من اصابع يده دمية يحضنها هو الاخر..لهو القائم الى الابد بجانب نافذتي هذه.. يحمل نايه ليعزف لي أنا اخته.. نعم انه قائم .. قائم ..! لكنه قلب الاخت.. نعم الاخت التي ربت طفل اخيها.. سيظل قلباً جشعاً يطالب بقطف الكون من الفضاء ليضعه بين يدي لارتاح ولأطمئن .. بانه مع طفله لن يبتعداً عني .. اهٍ يا طفلَيَّ.. ماذا أكون ان لم تكونا.. وداهمها حزن شديد.. ثم صحت من حزنها على ذكرى صديقها.. وهي تردد كلمات سمعتها ذات يوم .." في عتمة مأساوية السواد ..تتمدد رغبات امرأة..داهمها القدر..كصليب مقدس .." اسدلت ليلان بعدها ستار نافذتها تلك.. قالت ريان تصبح على خير.. ايها الظلام اراك مساء غد.. ودخلت فراشها.. وغاصت في سبات عميق .
السماء كانت تعيش حينها ظلاماً غير عادياً .. حيث الريح كانت تصدر اصواتاً مرعبة .. وعندما قررت السماء ان تمطر ارسلت تحذيراتها البرقية والرعدية اولاً .. ثم امطرت .. نعم امطرت .. واستمر المطر.. واستمرت ليلان بعدها في سباتها .. !
19-6-2005
..جو ..لا عرف رغم ..انه نص طويل نسبيا ..لما قرأته انا ..ربما بسبب اني اعشق النصوص الاقصر اكثر الا انه متماسك البناء..غني في الصورة و الحس الذي بتر اي طريق قد يسلكه ملل ما ..
..فيه لغة جماعية او اذا اسعفني حرفي ذات بعد يتعد الفرد كمتلقي و ..و كمشارك بالحدث..
..اذا اتسع صدرك و ليس كنقد..انت كجو ..كان بامكانك اختزاله اكثر حسب ما اعرفه من كتابتك..هل روياك لنص كانت هكذا..بالنسبة لطول النص..
....دائما ..انت اجمل ..كل الاعياد

جوتيار تمر
12-10-2007, 03:40 PM
:pr:
..جو ..لا عرف رغم ..انه نص طويل نسبيا ..لما قرأته انا ..ربما بسبب اني اعشق النصوص الاقصر اكثر الا انه متماسك البناء..غني في الصورة و الحس الذي بتر اي طريق قد يسلكه ملل ما ..
..فيه لغة جماعية او اذا اسعفني حرفي ذات بعد يتعد الفرد كمتلقي و ..و كمشارك بالحدث..
..اذا اتسع صدرك و ليس كنقد..انت كجو ..كان بامكانك اختزاله اكثر حسب ما اعرفه من كتابتك..هل روياك لنص كانت هكذا..بالنسبة لطول النص..
....دائما ..انت اجمل ..كل الاعياد



القزلي الجميل...........
ربما النصوص تبنى حسب المواقف هنا ايها العزيز/ وحسب اجناسها/ فرب قصة فلاشية كبسولة قصيرة جدا لاتحتاج سوى الى بضع كلمات/ لتعبر/ وتترك المتلقي يجوب ويجري في رحى الافكار/ ولكن هنا في الرواية القصيرة/ التي اصبحت تسمى بالاخص لدى الادباء المغاربة/ والتي هي ايضا قصة قصيرة لكن بموازين اطول/ وتفاصيل ادق/ ورؤى جانبية/ واهتمام بالزمكانية/ تحتاج الى مساحة اكبر/ لتعبر عن الفكرة المراد ايصالها.


ايها العزيز.........
شكرا لمرورك
كل عام وانت بالف خير
محبتي لك
جوتيار

يسرى علي آل فنه
13-10-2007, 01:23 PM
السماء كانت تعيش حينها ظلاماً غير عادياً .. حيث الريح كانت تصدر اصواتاً مرعبة .. وعندما قررت السماء ان تمطر ارسلت تحذيراتها البرقية والرعدية اولاً .. ثم امطرت .. نعم امطرت .. واستمر المطر.. واستمرت ليلان بعدها في سباتها .. !
********
وقد تستفيق على إشراقة لم تعهدها من قبل
وكل ماعليها أن تهب لعينيها وعقلها فرصة

جوتيار الرائع:-

جعلني ريان أقول.. عندما نتأمل مانبصره ونصغي لما نسمعه
ونعي ماندركه ونؤمن بما نفعله ونفعل مانؤمن به عند ذلك كله
نعرف أين نحن ونحب مانحن عليه ، وخالجني شعور عميق
بأن لريان روح تشبه روحك وحضور يشبه حضورك بين
من يقتربون من عالمك المميز.

حفظك الله وأدام فكرك المشرق نبراس خير

احترامي العميق لك

الصباح الخالدي
13-10-2007, 09:02 PM
الصباح..........
تعلم ان لاحديث اصبح يحتاج الى شحنة.............؟
انتظرني في مكان ما في هذه المعمورة/الواحة/ آت اليك............
محبتي لك
جوتيار

هل انت تغيب لتطلع؟

جوتيار تمر
01-11-2007, 05:56 PM
السماء كانت تعيش حينها ظلاماً غير عادياً .. حيث الريح كانت تصدر اصواتاً مرعبة .. وعندما قررت السماء ان تمطر ارسلت تحذيراتها البرقية والرعدية اولاً .. ثم امطرت .. نعم امطرت .. واستمر المطر.. واستمرت ليلان بعدها في سباتها .. !
********
وقد تستفيق على إشراقة لم تعهدها من قبل
وكل ماعليها أن تهب لعينيها وعقلها فرصة
جوتيار الرائع:-
جعلني ريان أقول.. عندما نتأمل مانبصره ونصغي لما نسمعه
ونعي ماندركه ونؤمن بما نفعله ونفعل مانؤمن به عند ذلك كله
نعرف أين نحن ونحب مانحن عليه ، وخالجني شعور عميق
بأن لريان روح تشبه روحك وحضور يشبه حضورك بين
من يقتربون من عالمك المميز.
حفظك الله وأدام فكرك المشرق نبراس خير
احترامي العميق لك


العزيزة يسرى.......
جعلني ريان أقول.. عندما نتأمل مانبصره ونصغي لما نسمعه
ونعي ماندركه ونؤمن بما نفعله ونفعل مانؤمن به عند ذلك كله
نعرف أين نحن ونحب مانحن عليه ، وخالجني شعور عميق
بأن لريان روح تشبه روحك وحضور يشبه حضورك بين
من يقتربون من عالمك المميز.

اعدتها لك / لاني شعرت بعمق وقفتك مع القصة / وروعة قرأتك ...........
محبتي لك
جوتيار

جوتيار تمر
01-11-2007, 05:58 PM
هل انت تغيب لتطلع؟



الصباح .........

غائب انت / برغم حضورك...........

عساه خير

محبتي لك
جوتيار

نزار ب. الزين
04-11-2007, 05:15 AM
أخي الحبيب جوتيار
إنه نفس روائي رائع يناقش قضية من أهم قضايا مجتمعاتنا العربية ،ألا و هي قضية المرأة الأسيرة للأعراف و التقاليد و التي أفقدتها هذه التقاليد ثقتها بنفسها
روايتك هذه مزيج من الفلسفة و الإجتماع و التداعيات النفسية ، حَبَكْتَها معا في نسيج متكامل ,
اشد على يدك مهنئا و راجيا لك دوام التألق
نزار

جوتيار تمر
02-12-2007, 04:07 PM
أخي الحبيب جوتيار
إنه نفس روائي رائع يناقش قضية من أهم قضايا مجتمعاتنا العربية ،ألا و هي قضية المرأة الأسيرة للأعراف و التقاليد و التي أفقدتها هذه التقاليد ثقتها بنفسها
روايتك هذه مزيج من الفلسفة و الإجتماع و التداعيات النفسية ، حَبَكْتَها معا في نسيج متكامل ,
اشد على يدك مهنئا و راجيا لك دوام التألق
نزار



المبدع الاستاذ نزار الزين.......
شكرا لك مرورك الكريم / وهذه القرأة المتأنية التاملية للنص / الذي بالفعل اجدك قد توصلت الى مكنوناته الذاتية / وتداعياته / من حيث المضمون والشكل .

دم بالف الف خير
محبتي لك
جوتيار

كاظم الموسوي
06-01-2008, 03:54 AM
ماكو هيج بطة تلعب شناو.d:
جوتيار عدنا فد سؤال ، انت عراقي اسمج هواية زين مال اخوتنا كاكا جوتيار بس لهسة ما شوفج تحجي كردي بدنا نتعلم درس مال الكردية خلج ويانا حنين يا يوب انا اقولج لو جنت كردي جنت علمتك اللهجة مالتنا بس ماكو علم عدي بالكردية .
هو شعرج هم كتابتج هواية متميزة نزين نتمنى انك دايما تفلش بنيان قلوبنا نزين يا جكر انت يا جكر .
تحياتي كاظم

جوتيار تمر
06-01-2008, 03:52 PM
الموسوي الجميل....

اهلا بك في الواحة الخضراء..
لابأس ايها العزيز اعلمك ، لكن قبل ان اعلمك الكردية ، اريدك تفرق بين اسمك واسمج ، لان آني مثل ما ده اشوف نفسي ما ينكال الي اسمج ...لاني مو هي لكن هو.....

ج ئاريشه نينه ئه ز دى كردي نيشاته ده م

دم بخير ومحبتي لك
جوتيار

ابن الدين علي
06-01-2008, 10:06 PM
استاذنا جوتيار تمر
القصة بحق رائعة و قد غزت صورها مخيلتي و جعلتني اعيشها عن قرب و وجدت في كل شخصية من شخصياتها جزءا مني و هذا ما يدل على انسانيتها. ركزت فيها على الواقع الذي هو نحن .. هو ذواتنا..
هذا الواقع مع الاسف إطاره الخوف من المستقبل و خلفيته التردد وعمقه عدم الثقة بالنفس..
اخي جو هناك جملا استرعت انتباهي و ارجو توضيحها من قبلك:
1 - الجملة: " و هم يضحكون لأنهم غادروا بيوتهم... أحضان أمهاتهم .."الضحك عند الاطفال مظهر للفرحة و قد عللت فرحة الأولاد بمغادرة أحضان أمهاتهم باستعمال "لأنهم" وهل الطفل يفرح لما يغادر احضان امه؟ و الطفل لا يغادر احضان امه بل ينتزع
2- الجملة " همست ليتكم تعلمون ما انا فيه" لماذا اقحمت هذه العبارة في سياق الواقعية للنص؟
3- الجملة " وجد ان الجنين قد بلغ سنتين " الجنين يسمى جنينا قبل ولادته اما بعد خروجه للعالم يُطلق عليه اسم صبي خاصة و انه بلغ سنتين.هذه تساؤلات خامرتني و أنا أقرأ القصة و رغبت في طرحها عليك طمعا في المعرفة و طلبا للفائدة

جوتيار تمر
14-03-2008, 09:12 AM
استاذنا جوتيار تمر


العزيز والمبدع ابن الدين .......
القصة بحق رائعة و قد غزت صورها مخيلتي و جعلتني اعيشها عن قرب و وجدت في كل شخصية من شخصياتها جزءا مني و هذا ما يدل على انسانيتها. ركزت فيها على الواقع الذي هو نحن .. هو ذواتنا..
هذا الواقع مع الاسف إطاره الخوف من المستقبل و خلفيته التردد وعمقه عدم الثقة بالنفس...


شكرا لك مرورك الكريم وقرأتك المتأنية وصبرك على النص ربما لطوله.......اخي جو هناك جملا استرعت انتباهي و ارجو توضيحها من قبلك:
1 - الجملة: " و هم يضحكون لأنهم غادروا بيوتهم... أحضان أمهاتهم .."الضحك عند الاطفال مظهر للفرحة و قد عللت فرحة الأولاد بمغادرة أحضان أمهاتهم باستعمال "لأنهم" وهل الطفل يفرح لما يغادر احضان امه؟ و الطفل لا يغادر احضان امه بل ينتزع


لقد ارتحت لقرأتك لانها بالفعل كانت قرأة كاتب يعي كنة الكتابة ، اما عن هذه الجملة ، فقد وردت في سياق النص لدلالالة على ومضة سايكولوجية ، تعني بالتربية النفسية للاطفال ، فالاطفال في هذه المرحلة من العمر يمتلكون طاقة كبيرة وهي تحتاج الى ان تصرف ، لكي لا تسببت لهم كبتا داخليا ،لايظهر لديهم ذلك الا عندما ينطلقون في الشوارع متحررين من قيود تفرض عليهم داخل البيوت من قبل والديهم بالاخص ، وبما اني اجعل البيت هنا كحضن الام ، فقد اوردت الجملة بذلك السياق اللظفي الذي اثار حفيظتك ، ولاني عملت في التدريس لفترة فاني لامست هذه الانطلاقة من الاطفال ، حتى ان البعض منهم كان يفضل البقاء بمدة اطول في المدرسة .2- الجملة " همست ليتكم تعلمون ما انا فيه" لماذا اقحمت هذه العبارة في سياق الواقعية للنص؟

ربما هي انفلاتة ، لكنها في سياق النص جاءت وفق معطيات الحالة النفسية التي كانت تعيشها هي ، لذا خرجت هي كمقولة وردة فعل آنية ، لم اجدها تخدش النص ، لذا ابقيتها ، واحيانا التصنع في الامر يسيء للنص ، والعفوية تخدمها ، فابقيت على العفوية ، وهذه هوجهة نظر قد اكون مخطئأ فيها.3
-الجملة " وجد ان الجنين قد بلغ سنتين " الجنين يسمى جنينا قبل ولادته اما بعد خروجه للعالم يُطلق عليه اسم صبي خاصة و انه بلغ سنتين.


هنا الجنين كناية على الخرق الزمكاني ليس الا ،فاسحضار البدء والحاضر جرت من خلال اللظفة هذه الجنين ، مع ادراكي لما تفضلت به ، لكني اردت ان اختصر الزمن من ذاك الوقت لحينه الان .
هذه تساؤلات خامرتني و أنا أقرأ القصة و رغبت في طرحها عليك طمعا في المعرفة و طلبا للفائدة



ايها المبدع ، شكرا لك هذا التواضع وهذا الاهتمام ، ودم بالف الف خير.

محبتي لك تدوم
جوتيار

ناديه محمد الجابي
09-12-2018, 09:02 PM
قصة مصورة بكاميرا عالية الوضوح ـ لا تصور الملامح الخارجية فقط
ولكنها تتغلغل داخل النفس فتبرز ملامح شخصيات أبطالها من أعماقها وتعبر عنها تعبيرا فنيا وأدبيا
ويبق النص رائعا ، وقد ضمنته حسا راقيا ونجحت في تصوير المرأة الشرقية
وما تعانيه من عادات الشرق وطقوسه.
قصة على قدر كبير من النضج والاكتمال الفني
تحياتي وتقديري
وسلم الفكر والقلم.
:002::nj::0014:

جوتيار تمر
07-07-2019, 09:50 AM
قصة مصورة بكاميرا عالية الوضوح ـ لا تصور الملامح الخارجية فقط
ولكنها تتغلغل داخل النفس فتبرز ملامح شخصيات أبطالها من أعماقها وتعبر عنها تعبيرا فنيا وأدبيا
ويبق النص رائعا ، وقد ضمنته حسا راقيا ونجحت في تصوير المرأة الشرقية
وما تعانيه من عادات الشرق وطقوسه.
قصة على قدر كبير من النضج والاكتمال الفني
تحياتي وتقديري
وسلم الفكر والقلم.
:002::nj::0014:

الراقية المبدعة نادية محمد الجابي///
اشكر لك هذا المرور المتأني وهذه الوقفة المتأملة...
واشكر حضورك البهي وعمق قراءتك للقصة...

تقبلي خالص امتناني ومحبتي
جوتيار