تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أربع قصص قصيرة جدا، لحسين علي محمد



د. حسين علي محمد
07-10-2006, 10:48 PM
أربع قصص قصيرة جدا، لحسين علي محمد
من مجموعة «الدار بوضع اليد» تحت الطبع
.......................................

( 1 ) قف! الإشارة حمراء

قصة قصيرة جدا، بقلم: حسين علي محمد
................................................
قال أخي عبد الله ـ الذي يكبرني بعامٍ ـ موجهاً حديثه لأبي الصامت، وهو مفتَّح العينين، وفي فصاحةٍ لا يُحسد عليها:
ـ لا تُجهد نفسَك يا أبي، واسمعْ مني جيداً .. ما أقوله لك صباح مساء! .. أنا لا تُعجبني السلطةُ، ولا يعجبني الحكام، فكيف أنخرطُ في الكلية الحربية لأدافع عنهما؟!
ـ ماذا تريد؟
ـ سألتحق بكلية الفنون الجميلة.
ـ لترسم خيبتك؟
لم يرد عبد الله.
ضحك أبي .. بينما كانت أمي تحاول أن تكتم حسرتها على ابنها، فصحتُ:
ـ لا تُبدِ رأياً يا أبي الآن فيما يقوله عبد الله!؛ فمصرك محزونة الآن بفعل النكسة، والشباب حزين لجري الجنود المهزومين، وتركهم سلاحهم في سيناء!
قال في حسرة مغيراً مجرى الحديث:
ـ ولهذا لن يُقام «المولد» هذا العام، ولن يركب الأطفال الأراجيح. وستمضي أيامهُ بدون فرحٍ حتى يأتي العامُ القادم وتحصل أنتَ على الثانوية العامة.
...........
كدتُ أقولُ له:
ـ ماذا تقول أيها الشيخُ؟
قال وهو يُنظر إلى الأرض:
ـ حينما تجتازُ الثانوية العام القادم، لا تُقدم أوراق التحاقك بكلية الآداب التي تحبها، أو دار العلوم. بل قدمها إلى الكلية الحربية!
....
أدرتُ وجهي للناحية الأخرى، وأنا أقولُ:
ـ يا لحظي الجميل!!
هكذا يقفُ أخي عبد الله سداً في طريق طموحي. ولا أدري ـ لجموحه ـ كيف سأعبرُ أنا ورغباتُ أبي وعورةََ الطريق؟!!

الرياض 6/10/2006م

د. حسين علي محمد
07-10-2006, 10:50 PM
( 2 ) ليل آخر!

قصة قصيرة جدا، بقلم: حسين علي محمد
.....................................
كما يقراُ الموتُ الخريفَ المُصفِّدا
كدتُ أكتبُ ـ يا نجوى ـ قصيدةً مهداة إلى الشاعر عبد الله البردوني، وهذا مطلعها المأمول .. لكني توقفتُ بعد هذا الشطر!
لماذا تموت أحلام كثيرة قبل أن تولد؟!
الطريق إلى صنعاء مازالت طويلةً!
وقد استسلمت سفن الموتى المنهكة، مساءً للقرصان العجوز، الذي وقفَ ـ غبيا ـ كالعادةِ، عند قرية «الكميم» معصوبَ الرأسْ، يغسل موجَ الشاطئ في السد! .. ولا يني يتعذب من غياب أفقِ الوحدةِ اليمنية المؤجلة ... ويعد الجثث الملقاةَ على ثبجِ الرملِِ تباعاً .. واحدةً، ثنتيْنِ، ثلاثاً، ... خمسينْ!
...
هذا ليلٌ آخر يا نجوى!
أفرُّ فيه من حصار القصيدة، فلا أجد فيه إلا وجهك القمري الذي يمنح للوجود معنى!
الظلامُ يُحاصرنا قبل أن نصلَ إلى «معبر»!
ما هذا الظلام الجامح .. الذي يُهاجمنا من كل جانب، ويكاد يخفي أيَّ أثرٍ للسيارة المتأرجحة على الطريق الرملي الضيق؟!!
ليلٌ آخرُ يأتي إليَّ مكسوراً، وجريحاً، وأنا وحدي أتأملُ في سفن الرملِ، والمراكب الشمسيةُ لا تُطفئ سراجك الباهتَ، وتحملُ نصلََ الليل، لتقتلَ منْ تجدُهُ يُحدق قي ضوء القمر، محدثاً نفسه بوحدةٍ محتملة.

الحديدة 24/1/1986م

د. حسين علي محمد
07-10-2006, 10:51 PM
( 3 ) سهرة.. مع أحزان المغني!
قصة قصيرة جدا، بقلم: حسين علي محمد
....................................
أصحو ..
لستُ فرحاً ولا حزيناً!
أسمعُ أحزان المغني، وأسمع ... يا أبا سُعاد!
وتنامُ سرادق عرسٍ ابنتك ـ التي حلمت بي يوماً ـ ذات العشرين ربيعاً!
ولم يأت الذي تنتظره.
(هل كنتُ أنا؟!!)
أسهرُ في ضوءِ القمرِ الحالمِ،
أرنو إلى حدقاتِ الموتى، على الدكك المتراصة!
في آخر ذلكَ الليلِ!
وأحوقلُ ...
ولا تشغلني كلماتُ المغني
ولا آهاتُ سعاد!!
الرياض 21/9/2006م

د. حسين علي محمد
07-10-2006, 10:52 PM
( 4 ) سفن للموتى
قصة قصيرة جدا، بقلم: حسين علي محمد
................................................
قالت امتثال:
ـ تزعمُ أن سفنك لا تغرق! .. فلماذا تدمنُ الضياع؟
أدرتُ وجهي مبتسماً، أحاولُ أن أُداري ظلال خوفي على جبيني!
قالت:
ـ مازلتُ أرقبُ سفنكَ تتهادى في اليمَِّ وأنت تبتهل صباحاً، في أفقِِ الموتى.. كأنك تُلقي على الآخرين اللومِ لملحمةَ ضياعِ البحارةِ في صحراءِ خوف!!
قلتُ:
ـ تمهلي أيتها الشاعرة! .. هكذا الشعراء، يخفون خيبتهم عن الشمس التي تفضحهم، بغربال!
قالتْ:
ـ دعْني أمضغُ وهْمي، أو أرقص .. ميتةً في عالمك!
وصرختْ:
ـ قُل لي .. يا أيها الإنسانُ الطيبُ ماذا قالتْ تلكَ الجثثُ المنفوخةُ حينَ خطفها الموت خريفاً ؟
قلتُ لها:
ـ يا للخيبة! أحلامي ظلت موءودةً، لم تعرف أيةُ نجمةٍ، ولم تهجسْ بخطيئة .. أو بكلمة صدق.. ولم تسمع شكوى الجثث!
...
كان صدري الذي لم يعرف إلا ظلمة الليالي، ولم يُبصرْ غير الكوابيسَ التي تجثم فوقَ القلب، يُحاولُ أن يبتسم!!
الرياض 7/10/2006م

د. حسين علي محمد
29-10-2006, 02:50 PM
للــــــرفع.

خليل حلاوجي
29-10-2006, 05:47 PM
الظلامُ يُحاصرنا قبل أن نصلَ إلى «معبر»!


الظلامُ يُحاصرنا قبل أن نصلَ إلى «معبر»!


الظلامُ يُحاصرنا قبل أن نصلَ إلى «معبر»!


\

نصوص ثرية

د. حسين علي محمد
29-10-2006, 07:57 PM
شكراً للأديب القاص الأستاذة خليل حلاوجي
على تعليقه،
مع موداتي.

د. حسين علي محمد
29-10-2006, 08:00 PM
النموذج البنائى للقصة القصيرة جدا

بقلم: سيد محمد قطب
-----------

كل أقصوصة فى هذه الرباعية الوترية ( نسبة إلى العزف على أوتار الروح المرتحلة دوما فى بحار الإبداع ) تعد نموذجا بنائيا مكتملا للقصة القصيرة جدا.
تعميق اللحظة.. والغوص فيها لتنفتح دوائر الهم الخاص على الهم العام..
توظيف الأداء الشعرى.. بكل مافيه من كثافة إيقاعية واختزال دلالى..
التصوير المشهدى البصرى الذى يتداخل فيه مايمكن رؤيته بالعين مع ماهو رابض فى الوعى والذاكرة..
الأفق الممتد بلانهاية لعالم لايكتمل.. ويظل مشحونا بكبت إنسانى مختنق..
الاستحضار الجمالى للمرأة عبر الرومانسية والواقعية والرمزية..
تحميل الدوال بإيحاءات رمزية تظل تتردد فى أفق القراءة كلحن أساسى يتحرك إلى الخلفية ويظل حاضرا(اسم نجوى على سبيل المثال)..
وقوف الذات الساردة على حافة العالم كشخصية مأساوية..
كل هذه السمات تجعل هذه الوحدات نماذج حقيقية من الناحية الجمالية للقصة القصيرة جدا.
.............................
*موقع "أزاهير" ـ في 27/10/2006م.