تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أصل الداء ( يحيى السماوي )



حوراء آل بورنو
11-10-2006, 04:50 AM
أصل الداء
يحيى السماوي


أربعةً كُنّا مُصابينَ بِداءٍ
أَعْجَزَ الطبيبَ والعَطّارَ في مدينةٍ
جميعُ أهليها يُعانونَ من التَعاسَهْ . . . .
وَمَرَّتِ الأيامُ
حتى حَلَّ في البلدةِ شيخٌ طاعنٌ
مِهْنَتُهُ الفِراسَهْ . . . .
زُرْناهُ نَسْتَفْهمُ عن أَمراضِنا
بادَرَني بقولِهِ: من أَيِّ شئٍ تشتكي؟
قلتُ: من الضَبابِ في بَصيرتي
ومن شعورٍ غامضٍ أَفْقَدَني الوقارَ والكِياسَهْ
فتارةً أشعرُ أنَّ بلدتي مئذنةٌ
تَرِشُّنا بالنورِ والأريجِ
حتى تستحيلَ جَنَّةً أرضيةً . . . .
وتارةً أشعرُ أَنَّ بلدتي إذاعةٌ
تنهى عن المعروفِ أو تأمرُ بالمُنْكرِ
حتى تستحيلَ حانةً لنخبةٍ
ومخدعاً لساسهْ
فلم أَعُدْ أُمَيِّزُ العهرَ من القداسَهْ
أشارَ للثاني : وأنتَ ؟ أيَّ شئٍ تشتكي؟
أجابَهُ : من عَدَمِ النسيانِ . . . .
من علائمِ انتكاسَهْ
بَدَتْ على وجهِ غَدي . . . .
فَعُمْدَةُ البلدةِ – قبل أنْ يكونَ عُمْدَةً –
كان بشوشاً وتقيّاً . . . .
يبدأُ الحديثَ بالذِكْرِ
ولا يرفعُ حينما يسيرُ راسَهْ
لكنه من بعدما صَيَّرَ منه " الغرباءُ " عُمْدَةً
صارَ جهوماً …… كاسِراً
مثلَ كلابِ الصَّيْدِ والحراسَهْ !
والتَفَتَ الشيخُ إلى ثالثِنِا
( وكان لا زال على مقاعدِ الدراسَهْ ) :
وأنتَ مم تشتكي ؟
أجابه : أشعر حين أفتحُ الكتابَ
أَنَّ مَدفعاً يطلع من بين السطورِ
فاتحاً شدقيهِ لي . . . .
فأستحيل أرنباً يبحث في الصفِ عن الكِناسِ . . .
تغدو لغتي تمتمةً . . . . .
ودفتري كناسَهْ !
وأشتكي من صَدَأٍ
طالَ مَرايا الفكرِ في عالمِنا
فلستُ أدري مَنْ بِنا البائعُ والمُباعُ
في " عولمة " النخاسَهْ
. . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . .
وقالت الرابعةُ " العانِسُ " :
أشكو هاجِسَ الأرملةِ الثكلى
فهلْ من بلسمٍ يوقفُ زحفَ العمرِ
ريثما يمرُّ عابراً شواطئَ البلدةِ حوتُ الحربِ . . .
أو توقِفُ دَوّرانَها طاحونةُ السياسه؟
فأَطْرَقَ الشيخُ مَليِّاً . . . . . .
ثم قال جازماً :
أمراضُكًمْ جميعُها مصدرُها
" جرثومةُ الكرسيِّ " في " مستنقعِ الرئاسهْ " !

[line]

الكناس : بالكاف المكسورة : بيت الظبي ، الأرنب . .
والكناس بالكاف المضمومة : الزبالة . .

محمد سمير السحار
11-10-2006, 05:51 AM
أختي الكريمة حوراء آل بورنو
قصيدة احتوت من البلاغة والفصاحة الشيء الكثير وزادها جمالاً الحكمة والطرافة
أشكركِ على نقلكِ لنا هذه القصيدة الجميلة ليحي السماوي
وكل عام وأنتِ بخير
مع خالص التقدير والاحترام
أخوكِ
محمد سمير السحار

أحمد حسن محمد
11-10-2006, 03:02 PM
جزاك الله خيرا أيتها الأخت الكريمة..
وبارك الله في قلمك وقلقك المحبوب على الوطن والأمة أيها الشاعر الهمام..
وأجد تداخلا مع شاعرنا صلاح عبد الصبور .. إن لم أكن مخطئا..

فقط أحببت ان أسأل عن هذه الجملة، وبالتحديد الشدة فوق الراء: "أو توقِفُ دَوّرانَها طاحونةُ السياسه؟"
وشكرا لكما
تحيتي

تركي عبدالغني
11-10-2006, 04:13 PM
قصيدة جميلة ولا شك

أشكر حسن ذائقتك

وبوركت والوطن وحررنا الله من تلك العباءات المهترئة

د. محمد حسن السمان
11-10-2006, 08:46 PM
سلام الـلـه عليكم
الاخ الفاضل الشاعر الكبير يحي السماوي

قرأت القصيدة , ثم قرأتها , ولم اجد ما اقول , سوى انني اشعر بالطرب والاعجاب , كلما قرأت لك , واردد معك بقوة :

فأَطْرَقَ الشيخُ مَليِّاً . . . . . .
ثم قال جازماً :
أمراضُكًمْ جميعُها مصدرُها
" جرثومةُ الكرسيِّ " في " مستنقعِ الرئاسهْ " !

تقبل محبتي ايها الاخ الرائع
واسجّل موفور الشكر للاخت الفاضلة الاديبة الاستاذة حوراء آل بورنو , التي قامت بتنزيل القصيدة هنا , نظرا للمشكلة الفنية التي يعاني منها الاخ الغالي الشاعر يحي السماوي .

اخوكم
السمان