محمد سامي البوهي
13-10-2006, 02:44 PM
الآنسة "ماغي "
كانت تجلس خلف مكتبها جوار النافذة الزجاجية ، تتوسط عمودين من الأوراق المتخمة بهموم العمل ، لا تكاد ترى شيئاً حولها سوى بؤرة الحاسوب المضيئة من أمامها ، صوت لوحة المفاتيح تحت أصابعها يدلل على مهارة فائقة ، توقفت قليلا ... استوعبتني بنظرة شاردة ، انكبت منها على حقيبتها تبحث عن شئ ما داخلها ، بعد حيرة لم تطول سألتني عن "قداحة" ، نفيت عن نفسي اعتيادي للتدخين ، أظهرت تململاً بحنق خرج مع دفعة هواء أطلقتها من فمها الملون ، نادت الساعي "بلال" بأعلى صوت امتلكته ، انبثق أمامها في لمح البصر ، تناول منها أمراً بإحضار قداحة في الحال ، هز رأسه إليها بالطاعة ، عاد وقد أحضر لها ما وقع تحت أنياب إرادتها ، سحبت من حقيبتها صندوقاً أنيقاً مرصعاً بفراء حيواني ، أزاحت الغطاء كاشفة عن صفين من قضبان السجائر ، انتزعت واحداً ... أشعلته ...احتضنته بين شفتيها ، مدت يدها لإشعال شمعة اسطوانية حمراء ضخمة الحجم ، وضعت أمامها ، ردت ظهرها للوراء ، ثم رفعت رأسها لأعلى ، نشرت دخانها الذي اختلط بضوء الشمعة الخافت ، تشعب داخل الحجرة حتى وصلتني رائحة التبغ المحترق ، عادت لإستيعابي بنظراتها ، سألتني عن اسمي الذي أخبرتها عنه بالأمس ، أجبت سؤالها ، أقرت بتأكدها من ضيقي لتنفسي رائحة الدخان طالما أني لست من فئة المدخنين ، لم تنتظر ردي حتى أخبرتني بأنها لا تقدر على مواصلة العمل دون مواصلة التدخين ، و طلبت من عدم اندهاشي لأنها هي من ألصقت لوحة -ممنوع التدخين- على باب الغرفة ، إلا أنها هي وحدها من تدخن ، لا تسمح لأي شخص آخر أن يدخن في حضرتها مهما إن كان ، فهي تشعر بالغثيان من رائحة دخان السجائر التي تنطلق من أنفاس الآخرين ،تداخل ع حديثها صوت هاتفها النقال المسند على قاعدة أنيقة ، جذبته بأطراف أظافرها اللامعة ، تطلعت رقم المتصل ، قبل أن تضغط زر الاستقبال ، أظهرت تململاً من نوع آخر ، هذه المرة لم يكن تململها مصحوباً بدفعة هواء ساخنة من فمها ، بل صحبته بنوبة سباب خارجة عن عرف الآداب ، صدمت بها ... احمر وجهي خجلاً أمام تلك الكلمات ، لم تعطني الفرصة لمواصلة الاندهاش ، أدخلتني في دائرة أخرى بصوتها الذي انطلق كصاروخ سقط فوق المبنى ، وهي تأنب المتصل ، وتنهره على الحنث بوعد قد وعدها به بالامس ، أغلقت الخط في وجهه ، عادت حيثما بدأت بسباب وشتائم لا تليق بأنثى ، نادت الساعي المسكين ، انشقت الارض وخرج منها "بلال" كعفريت المصباح السحري ، تساءلت عن سبب تأخره عليها من لحظة النداء ، أعقبت تساؤلها بلقب "حيوان"، تصنمت الكلمات داخله، حتى استقبل أمراً آخر بعمل فنجاناً من القهوة ، استدارت نحو لوحة المفاتيح التي أوشكت على الإنفجار ، تقطع من أعمدة الأوراق ، تلصق عليها توقيعها ، ترتشف من القهوة التي لا أعلم متى أحضرها المسكين ، تجذب أنفاساً من سيجارها ، تعود للوح المفاتيح ، حركات متتالية ومتشابهه ، ولدت داخلي شعوراً بعدم الأمان داخل هذا المكان المشحون ببركان مجنون ، تمنيت أن أترك العمل ، أبحث عن عمل آخر بمكان آخر ، لكني كنت أتوقف عند حدود متطلبات المعيشة التي لوحت لي من خلف تلك الصور الغريبة التي ألصقت بها الجدار من خلفها ، هيئتها الخارجية المطعمة بشعرها الاسود الطويل ، نظارتها الطبية الصافية ، لا تكشف عن هذا الجنون الرابض داخلها ، سمعتها بالأمس تقص لأحد الزملاء بأنها قامت بالاعتداء على سائق حافلة ركاب قد أغلق عليها الطريق ، فأوشكت أن تصتدم سيارتها بالرصيف ، ظننت أنها تبالغ بقصتها فأدخلت عليها بعض من الخيال الذكوري الذي تتمني أن تصل إليه الانثى ، لكن ما رأيته اليوم يؤكد لي صدق قصتها ، وينفي انطباع السذاجة عن زميلي الذي كان يصدقها في كل كلمة تقولها ، انقطع صوت تفكيري ، وصوت لوحة المفاتيح بصوت المدير العام الذب اقتحم المكان :
- صباح الخير.
- صباح النور.
- كيف حالك آنسة "ماغي ".
- على مايرام .
- وأنت أستاذ "محمد ".
- الحمد لله.
- مرتاح معنا.
- الحمد لله .
- عليك بمتابعة "ماغي" فأنا شخصياً أتعلم منها.
- أقوم بذلك بالفعل ، وقد تعلمت منها الكثير.
- عظيم .
غادر المكتب منادياً الآنسة"ماغي" التي لملمت بعض من الأوراق لتلحق به بمكتبه المجاور ، لإعطائة جرعة جديدة من التعلم .
كانت تجلس خلف مكتبها جوار النافذة الزجاجية ، تتوسط عمودين من الأوراق المتخمة بهموم العمل ، لا تكاد ترى شيئاً حولها سوى بؤرة الحاسوب المضيئة من أمامها ، صوت لوحة المفاتيح تحت أصابعها يدلل على مهارة فائقة ، توقفت قليلا ... استوعبتني بنظرة شاردة ، انكبت منها على حقيبتها تبحث عن شئ ما داخلها ، بعد حيرة لم تطول سألتني عن "قداحة" ، نفيت عن نفسي اعتيادي للتدخين ، أظهرت تململاً بحنق خرج مع دفعة هواء أطلقتها من فمها الملون ، نادت الساعي "بلال" بأعلى صوت امتلكته ، انبثق أمامها في لمح البصر ، تناول منها أمراً بإحضار قداحة في الحال ، هز رأسه إليها بالطاعة ، عاد وقد أحضر لها ما وقع تحت أنياب إرادتها ، سحبت من حقيبتها صندوقاً أنيقاً مرصعاً بفراء حيواني ، أزاحت الغطاء كاشفة عن صفين من قضبان السجائر ، انتزعت واحداً ... أشعلته ...احتضنته بين شفتيها ، مدت يدها لإشعال شمعة اسطوانية حمراء ضخمة الحجم ، وضعت أمامها ، ردت ظهرها للوراء ، ثم رفعت رأسها لأعلى ، نشرت دخانها الذي اختلط بضوء الشمعة الخافت ، تشعب داخل الحجرة حتى وصلتني رائحة التبغ المحترق ، عادت لإستيعابي بنظراتها ، سألتني عن اسمي الذي أخبرتها عنه بالأمس ، أجبت سؤالها ، أقرت بتأكدها من ضيقي لتنفسي رائحة الدخان طالما أني لست من فئة المدخنين ، لم تنتظر ردي حتى أخبرتني بأنها لا تقدر على مواصلة العمل دون مواصلة التدخين ، و طلبت من عدم اندهاشي لأنها هي من ألصقت لوحة -ممنوع التدخين- على باب الغرفة ، إلا أنها هي وحدها من تدخن ، لا تسمح لأي شخص آخر أن يدخن في حضرتها مهما إن كان ، فهي تشعر بالغثيان من رائحة دخان السجائر التي تنطلق من أنفاس الآخرين ،تداخل ع حديثها صوت هاتفها النقال المسند على قاعدة أنيقة ، جذبته بأطراف أظافرها اللامعة ، تطلعت رقم المتصل ، قبل أن تضغط زر الاستقبال ، أظهرت تململاً من نوع آخر ، هذه المرة لم يكن تململها مصحوباً بدفعة هواء ساخنة من فمها ، بل صحبته بنوبة سباب خارجة عن عرف الآداب ، صدمت بها ... احمر وجهي خجلاً أمام تلك الكلمات ، لم تعطني الفرصة لمواصلة الاندهاش ، أدخلتني في دائرة أخرى بصوتها الذي انطلق كصاروخ سقط فوق المبنى ، وهي تأنب المتصل ، وتنهره على الحنث بوعد قد وعدها به بالامس ، أغلقت الخط في وجهه ، عادت حيثما بدأت بسباب وشتائم لا تليق بأنثى ، نادت الساعي المسكين ، انشقت الارض وخرج منها "بلال" كعفريت المصباح السحري ، تساءلت عن سبب تأخره عليها من لحظة النداء ، أعقبت تساؤلها بلقب "حيوان"، تصنمت الكلمات داخله، حتى استقبل أمراً آخر بعمل فنجاناً من القهوة ، استدارت نحو لوحة المفاتيح التي أوشكت على الإنفجار ، تقطع من أعمدة الأوراق ، تلصق عليها توقيعها ، ترتشف من القهوة التي لا أعلم متى أحضرها المسكين ، تجذب أنفاساً من سيجارها ، تعود للوح المفاتيح ، حركات متتالية ومتشابهه ، ولدت داخلي شعوراً بعدم الأمان داخل هذا المكان المشحون ببركان مجنون ، تمنيت أن أترك العمل ، أبحث عن عمل آخر بمكان آخر ، لكني كنت أتوقف عند حدود متطلبات المعيشة التي لوحت لي من خلف تلك الصور الغريبة التي ألصقت بها الجدار من خلفها ، هيئتها الخارجية المطعمة بشعرها الاسود الطويل ، نظارتها الطبية الصافية ، لا تكشف عن هذا الجنون الرابض داخلها ، سمعتها بالأمس تقص لأحد الزملاء بأنها قامت بالاعتداء على سائق حافلة ركاب قد أغلق عليها الطريق ، فأوشكت أن تصتدم سيارتها بالرصيف ، ظننت أنها تبالغ بقصتها فأدخلت عليها بعض من الخيال الذكوري الذي تتمني أن تصل إليه الانثى ، لكن ما رأيته اليوم يؤكد لي صدق قصتها ، وينفي انطباع السذاجة عن زميلي الذي كان يصدقها في كل كلمة تقولها ، انقطع صوت تفكيري ، وصوت لوحة المفاتيح بصوت المدير العام الذب اقتحم المكان :
- صباح الخير.
- صباح النور.
- كيف حالك آنسة "ماغي ".
- على مايرام .
- وأنت أستاذ "محمد ".
- الحمد لله.
- مرتاح معنا.
- الحمد لله .
- عليك بمتابعة "ماغي" فأنا شخصياً أتعلم منها.
- أقوم بذلك بالفعل ، وقد تعلمت منها الكثير.
- عظيم .
غادر المكتب منادياً الآنسة"ماغي" التي لملمت بعض من الأوراق لتلحق به بمكتبه المجاور ، لإعطائة جرعة جديدة من التعلم .