عبدالسلام المودني
19-10-2006, 04:09 PM
بعد نشري لسِفر الغياب المشار إليه في الرابط أدناه لمن لم يقرأه و صلتني هذه الرسالة المعنونة بسِفر الرحيل و بعد طول تفكير آثرت نشرها بكل أمانة دون التدخل بما ضمت
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=15034
سِفْر الرحيل
1- قلتَ:
ابنة حرفي كانت، ذرفها القلم بين نزوتين.
من كهف معتكفه يتجشأ وحدة ساكنها. يشعل آخر قصائده. تكتبه على بحر الهجر. أقسم أن يقطع مفاصلها. لن يقرأها أو يدعها تفعل. لم يكن يحب رؤية نفسه على المرآة. بيته بلا مرايا. لم يمعن النظر يوماً في عيني أحد، خشي دوماً أن يرى نفسه هناك.
ظل لصيق أسطح ما صادف. لم يجد الإبحار أو الغوص. كان بطل عدو يسابق تطور الأشياء ليصل إلى خواتمها. يعشق النقطة الأخيرة و خط الوصول.
القصيدة نقطة نهاية علاقتهما التي لما تبدأ.
يضع آخر كلمة في قصيدته و نقطة النهاية.
خط وصوله كان خط البداية. عليه العدو من جديد.
يقف بين صورتها و بين القصيدة.
2-قلتَ:
كنا عاشقين لمعشوق واحد.
كل ملامحه، وجه طفل و قلب شاعر و جسد يضيق بهما. الوجه و القلب عشقا القلب، و الجسد ضاق بهما. عشقه الآخر كان، الفصل و الفواصل و الانفصال بيد أنه لم يتعاطف مع الفصول التي شاكست أجواءه.
كم غضب أنها لم تضع فاصلة هنا أو هناك. يفصل بين عشقه و أستاذيته.
نعم، كان أستاذ حروف المدح في معهد لغة الهجاء.
و كانت وحيدة فصله، طالبة تقرض أنفاسه التي تلهث بالانفصال.
تقف صورتها بينه و بين قصيدة تترنح.
3-قلتَ:
و كنتِ الشمس التي لطختْ سوادي.
سألته و كانت مملكة صمت
لم يجبها و كان سلطان التثاؤب.
- و الوجهة
كتب أشعاراً عن أمه و أخته و بلقيس و امرأة الشيطان و حواء... و نسيها.
خالت نفسها أمه و أخته و بلقيس و امرأة الشيطان و حواء...و نسيها.
يوم تخرجها.. لم يحضر
يوم زفافهما.. لم يحضر
ليلة الحب.. لم يحضر
قصائده فعلت كل شيء عنه
هذا البيت سلّمها شهادة تخرجها
و ذاك رقد جوار وحدتها
و الآخر قبّل خد غربتها
و غيرهم أنجبت منه توأمها .. الحزن و الألم.
كل كلامهما كان كتابة.
وضع علامة استفهام نسيتها على سؤالها، و هو يرمقها بغضب الأستاذ لترتجف:
- و الوجهة؟
متهالكة تقف القصيدة بينه و بين صورتها.
4-قلتَ:
و كنتِ الألم الذي دفن ألمي.
كل يوم " لا أحد" الذي يقدس، يقرع نواقيس خرابه، يتلو قداسه أمام الموتى.
أكثر من ضمير "حاضر" يصلي عليه " الغائب". يختال ببؤس أمام أجنة. ذي تبكي و تلك تنوح و الأخرى تسقط فاقدة لاوعيها و هو الكون، لا أحد كان قبله و لن يفعل بعده أحد.
ترقص الملائكة لفجوره، يضاجع على أسرة عزلته شبقه. يأخذ حمامه عند السَحَر، مسحوراً يندس في سرير غيبتها. يزفر جسده بقايا خيانة. تضع بينهما علامة تعجب عارية.
ينظر إلى القصيدة بعمق، يشرع في تمزيقها منفعلاً.
5-قلتَ:
حكايتنا أنا حكايتها.
أكوانه المقفرة ستغدو عامرة برحيلها. أراها رسائل المعجبات.. هذه من ماري، و تلك من ماري، و اقرئي الأخرى هي .. لماري. كطفل بئيس سجنته أمه تحت سرير عشاقها، يأتيها شره الملامح:
انظري ماذا كتبت هذه هنا؟
و تلك تركت شفتيها مطبوعتين على خطابٍ لم ينتبه لأخطائه اللغوية.
و الأخرى أودعت صورتها كلمات إعجابها.. أليست جميلة؟ سنبروزها.
تدعه لهن كلهن. نسيت أن تقدم له نفسها..
- إسمي ماري سيدي
تنزع خاتماً من أصبعها، تضعه على مكتبه . تقول بغيظ:
- شكله كالسكون، استخدمه في شكل ضجرك.
يكسر كل حواجز الزجاج التي تفصله عنها، يمسك الصورة بغضب، يبحلق فيها بحنق، يشعل ناراً بها. تسمعه ينوح.
6-قلتَ:
كل حقائب سفري .. حقيبة
كل حقائق أسفاري .. حقيقة
أنا السِفر و السَفر.
خمسون عاماً عاشتها تحت رجليه تصفق لتفاهاته و تثاؤبه، كنست كل حزنه، طردت همه و وحدته و انتظرت نهزة ليقول " أحبك".
تعلم أنّه قالها كل يوم .. في اليوم مليون مرة
تمنت أن تسمعها طيلة خمسين سنة .. مرة واحدة
لماذا انطلق من الصفر إلى المليون؟
لماذا نسي أن يقولها مرة واحدة؟
تتذكر نسيانه، مريض هو بالوهم و النسيان.
" لا تنساني، سأجدد شبابي على عتبات رضيع آخر
من العيب التعثر مرتين بنفس الحجر
لن أعود سبية وهم آخر
سأهجر أخطائي معك
لكني سأصفق لتفاهاته و تثاؤبه ، و أكنس . . . ( تترك له ثلاث نقط ، و صندوق به كل علامات الترقيم و كتب البلاغة و النحو و الصرف الذي صرفها )
يسمع طرقاً على الباب، من العين السحرية يبصر وجهاً يعرفه جيداً ـ رغم داء النسيان ـ كان لنادلٍ يحمل كلّ مشروبات الكون بيد، و باليد الأخرى ظرف ما عاد يرتعش
7-لم أقل
حِرْ أو طِرْ.. ما عاد يعنيني
هذه قصيدتك التي مزقتَ أم تحسبني صورة حرقتها بنارك فقط؟
حِرْ أو طِرْ .. ما عاد يعنيني
لك العش و لي العيش.
عبدالسلام المودني
سلا ـ في زمن آخر ـ
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=15034
سِفْر الرحيل
1- قلتَ:
ابنة حرفي كانت، ذرفها القلم بين نزوتين.
من كهف معتكفه يتجشأ وحدة ساكنها. يشعل آخر قصائده. تكتبه على بحر الهجر. أقسم أن يقطع مفاصلها. لن يقرأها أو يدعها تفعل. لم يكن يحب رؤية نفسه على المرآة. بيته بلا مرايا. لم يمعن النظر يوماً في عيني أحد، خشي دوماً أن يرى نفسه هناك.
ظل لصيق أسطح ما صادف. لم يجد الإبحار أو الغوص. كان بطل عدو يسابق تطور الأشياء ليصل إلى خواتمها. يعشق النقطة الأخيرة و خط الوصول.
القصيدة نقطة نهاية علاقتهما التي لما تبدأ.
يضع آخر كلمة في قصيدته و نقطة النهاية.
خط وصوله كان خط البداية. عليه العدو من جديد.
يقف بين صورتها و بين القصيدة.
2-قلتَ:
كنا عاشقين لمعشوق واحد.
كل ملامحه، وجه طفل و قلب شاعر و جسد يضيق بهما. الوجه و القلب عشقا القلب، و الجسد ضاق بهما. عشقه الآخر كان، الفصل و الفواصل و الانفصال بيد أنه لم يتعاطف مع الفصول التي شاكست أجواءه.
كم غضب أنها لم تضع فاصلة هنا أو هناك. يفصل بين عشقه و أستاذيته.
نعم، كان أستاذ حروف المدح في معهد لغة الهجاء.
و كانت وحيدة فصله، طالبة تقرض أنفاسه التي تلهث بالانفصال.
تقف صورتها بينه و بين قصيدة تترنح.
3-قلتَ:
و كنتِ الشمس التي لطختْ سوادي.
سألته و كانت مملكة صمت
لم يجبها و كان سلطان التثاؤب.
- و الوجهة
كتب أشعاراً عن أمه و أخته و بلقيس و امرأة الشيطان و حواء... و نسيها.
خالت نفسها أمه و أخته و بلقيس و امرأة الشيطان و حواء...و نسيها.
يوم تخرجها.. لم يحضر
يوم زفافهما.. لم يحضر
ليلة الحب.. لم يحضر
قصائده فعلت كل شيء عنه
هذا البيت سلّمها شهادة تخرجها
و ذاك رقد جوار وحدتها
و الآخر قبّل خد غربتها
و غيرهم أنجبت منه توأمها .. الحزن و الألم.
كل كلامهما كان كتابة.
وضع علامة استفهام نسيتها على سؤالها، و هو يرمقها بغضب الأستاذ لترتجف:
- و الوجهة؟
متهالكة تقف القصيدة بينه و بين صورتها.
4-قلتَ:
و كنتِ الألم الذي دفن ألمي.
كل يوم " لا أحد" الذي يقدس، يقرع نواقيس خرابه، يتلو قداسه أمام الموتى.
أكثر من ضمير "حاضر" يصلي عليه " الغائب". يختال ببؤس أمام أجنة. ذي تبكي و تلك تنوح و الأخرى تسقط فاقدة لاوعيها و هو الكون، لا أحد كان قبله و لن يفعل بعده أحد.
ترقص الملائكة لفجوره، يضاجع على أسرة عزلته شبقه. يأخذ حمامه عند السَحَر، مسحوراً يندس في سرير غيبتها. يزفر جسده بقايا خيانة. تضع بينهما علامة تعجب عارية.
ينظر إلى القصيدة بعمق، يشرع في تمزيقها منفعلاً.
5-قلتَ:
حكايتنا أنا حكايتها.
أكوانه المقفرة ستغدو عامرة برحيلها. أراها رسائل المعجبات.. هذه من ماري، و تلك من ماري، و اقرئي الأخرى هي .. لماري. كطفل بئيس سجنته أمه تحت سرير عشاقها، يأتيها شره الملامح:
انظري ماذا كتبت هذه هنا؟
و تلك تركت شفتيها مطبوعتين على خطابٍ لم ينتبه لأخطائه اللغوية.
و الأخرى أودعت صورتها كلمات إعجابها.. أليست جميلة؟ سنبروزها.
تدعه لهن كلهن. نسيت أن تقدم له نفسها..
- إسمي ماري سيدي
تنزع خاتماً من أصبعها، تضعه على مكتبه . تقول بغيظ:
- شكله كالسكون، استخدمه في شكل ضجرك.
يكسر كل حواجز الزجاج التي تفصله عنها، يمسك الصورة بغضب، يبحلق فيها بحنق، يشعل ناراً بها. تسمعه ينوح.
6-قلتَ:
كل حقائب سفري .. حقيبة
كل حقائق أسفاري .. حقيقة
أنا السِفر و السَفر.
خمسون عاماً عاشتها تحت رجليه تصفق لتفاهاته و تثاؤبه، كنست كل حزنه، طردت همه و وحدته و انتظرت نهزة ليقول " أحبك".
تعلم أنّه قالها كل يوم .. في اليوم مليون مرة
تمنت أن تسمعها طيلة خمسين سنة .. مرة واحدة
لماذا انطلق من الصفر إلى المليون؟
لماذا نسي أن يقولها مرة واحدة؟
تتذكر نسيانه، مريض هو بالوهم و النسيان.
" لا تنساني، سأجدد شبابي على عتبات رضيع آخر
من العيب التعثر مرتين بنفس الحجر
لن أعود سبية وهم آخر
سأهجر أخطائي معك
لكني سأصفق لتفاهاته و تثاؤبه ، و أكنس . . . ( تترك له ثلاث نقط ، و صندوق به كل علامات الترقيم و كتب البلاغة و النحو و الصرف الذي صرفها )
يسمع طرقاً على الباب، من العين السحرية يبصر وجهاً يعرفه جيداً ـ رغم داء النسيان ـ كان لنادلٍ يحمل كلّ مشروبات الكون بيد، و باليد الأخرى ظرف ما عاد يرتعش
7-لم أقل
حِرْ أو طِرْ.. ما عاد يعنيني
هذه قصيدتك التي مزقتَ أم تحسبني صورة حرقتها بنارك فقط؟
حِرْ أو طِرْ .. ما عاد يعنيني
لك العش و لي العيش.
عبدالسلام المودني
سلا ـ في زمن آخر ـ