مشاهدة النسخة كاملة : عشية العيد - أقصوصة - نزار ب. الزين
نزار ب. الزين
21-10-2006, 07:35 PM
عشية العيد
أقصوصة
نزار ب. الزين*
اشتبه الوالدان أن اللفاية* أم حسين ، تسرقهم ،
سمع منذر ذو العاشرة ، الحديث ،
فكمن في أواخر النهار – تطوعا - في سقيفة* المطبخ .
شاهدها بأم عينه ، تنتقي بقايا طعام من صفيحة القمامة ، ثم و هي تضع أشياء أخرى في جيوب إضافية دستها تحت ثوبها .
هبط من السقيفة مسرعا ،
خرج من المطبخ و هو يصرخ فرحا ، كما لوكان قد اكتشف كنزا : " لقد ضبطتها .. لقد ضبطها متلبسة ! "
قدمت على عجل كل من الوالدة و الجدة ، التي كانت في زيارة الأسرة ،
أمسكتا بتلابيبها و بدءتا في تفتيشها ؛
و هي صامتة مستسلمة ، بينما كانت دموعها تجري فوق خديها ،
كشفتا ثوبها فظهرت الجيوب الخفية ،
ثم بدءتا بإخراج المسروقات : لفيفة ورقية تحوي بعض الشاي ، و اخرى بعضا من السكر .
قطعة جبن صغيرة هنا ، قطعة حلاوة طحينية هناك ، كسر خبز في جيب ثالث ‘ بقايا طعام في الجيبين الأخيرين...
قالت الجدة : " أنت (حرمية)* يا أم حسين !
قالت الوالدة : هل قصرنا يوما بحقك يا أم حسين ؟ سواء براتبك اليومي أو بأكلك أو شربك ؟
و لكنها ظلت صامتة مستسلمة ، بينما كانت دموعها تجري فوق خديها .
نادت أم منذر زوجها : " تعال يا ابا منذر و شاهد ما سرقته أم حسين " ،
قدم أبو منذر ، ألقى بنظره على المسروقات ، هز برأسه يمنة و يسرة ، ثم غمز زوجته ، فتبعته .
قال لها هامسا و قد اغرورقت عيناه : " كل المسروقات بقايا و لا يتجاوز ثمنها بضع قروش ، سرحاها في الحال و اجبرا بخاطرها ، فلولا حاجتها لما دنَّت نفسها حتى لبقايا الطعام الملقى في صفيحة القمامة ؛ ثم لا تنسي أننا على أبواب العيد ! "
قالت له ، و هو ينفحها مبلغا إضافيا كعيدية*: " قسما بالله يا سيدي ، و بهذا الشهر الفضيل ، لولا هذه البقايا لبات أولادي اليتامى الليلة جائعين !.
تدخلت الجدة قائلة : " و الأجر الذي تتناولينه ؟ "
أجابتها كسيرة الخاطر : " يا خانم ، أجْري يكاد يغطي ثمن خبزنا و أجرة كوخنا ! "---------------------------------------------
* اللفاية ، خادمة غير مقيمة
*السقيفة : مسطح خشبي مبني قرب سقف المطبخ ، يصعد إليه بسلم ، و يستخدم لتخزين المؤونة
*حرمية : لصة
* مبلغ من المال يقدمه الناس لأولادهم و للمحتاجين أول أيام العيد .
------------------------------
* نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
الموقع : www.FreeArabi.com
جوتيار تمر
22-10-2006, 12:11 AM
الاستاذ القدير نزار الزين..
ماذا اقول واكتب هنا...
عينايا اغرورقت وانا اقرأ هذه الاقصوصة..وكدت ادعها وشانها واسرحها..قبل ان اكملها..الا اني ارتأيت ان انهي..لا اعلم قد يكون لحاجة في نفسي قضيتها..قد يكون كذلك..نعم.
سيدي..الكريم
ان وقائعية الوجود الانساني تظهر في نصك بصورة جلية والتي بلا شك تظهر مدى محدودية الانسان في كينونته الوجودية..وكذلك حالة العجز التي دائما تغير من سلوكياته اثناء سير عجلة الحياة..
لقد جعلتني هذه الاقصوصة ان اراجع نفسي مرارا لابحث عن مكامن الوجود الفعلي فيها..ولاحاول ان اجد مكمن ومنبع هذا الدمع..الذي جعل من ابو منذر فريسة لواقع مؤلم وجد نفسه فيه دون سبق انذار.. دون تصنع..دون سيناريو معد مسبقا.. ومن ثم قارنت تلك الدموع بالدموع الصامتة لام حسين..وهي تواجه هذا الكم الهائل من الاتهامات والتي تخدش بكل حوف من حروفها كيانها ووجودها الانساني..وقد لايشعر الانسان العادي وقع كلمة انت حرامية وهي تقال وجها لوجه للمرء.. ليس هذا فقط وانما معها سيل من الكلمات التي تقلل من تبريرات العمل..السرقة..حيث يصفعانها..ببضع كلمات مثل هل قصرنا معك السنا نعطيك راتبا وووو.
سيدي الكريم..ان العمل الانساني عندما يتجلى في الحرف..في وقت تلاشت فيه القيم الانسانية واصبحت مادة تدرس باسم الحقوق في المدارس دون اي اعبتار لها في الوجود الفعلي..حينها.. يصبح الدمع..الذي غزا عيون ابو منذر هي القيمة الاصيلة للانسان الحي الذي حافظ على كينونته الانسانية ولم يبعها للزمن ولا للواقع.
سيدي الكريم..
هذه كانت اجمل عيدية لام حسين..بانها اكتشفت في ابو منذر الانسان..قبل ان تجد من ماله القوت لابنائها..ويالها من مفارقة ان لانكتشف انسانية الانسان الا في هذه الظروف الصعبة.
ويالها من ام..نعم..يالها من ام تحملت اصناف التهم..وسالت الادمع من عينيها.. وهي صامتة تموت حية وببطئ لا ان هناك من يتهمها بالسرقة فقط..انما لانها لم تزل تقول في ذاتها من لاطفالي الليلة سيموتون جوعا.
صدقني استاذي الكريم..باني تالمت...لاني لطالما وجدت مثل هذه الحالة.
محبتي التي لاتحدد بشيء
جوتيار
د. محمد حسن السمان
22-10-2006, 12:48 AM
سلام الـلـه عليكم
الاخ الفاضل الاديب القاص الاستاذ نزار ب . الزين
قصة مؤثّرة , وعلى الرغم من بساطة المساق فيها , إلا انها قدمت رسالة سامية , وفكرا راقيا .
تقبل محبتي وتقديري
اخوكم
السمان
سارة محمد الهاملي
22-10-2006, 02:14 AM
الأستاذ الفاضل الأديب نزار ب. زين
قصة قصيرة موجعة ذكرتني بمشاهد لا إنسانية كثيرة، وأناس لا هم لهم سوى تحطيم إنسانية الإنسان. ليس الفقر نقمة، بل هو نعمة ورحمة إذا ما قيس بالعري الذي قد يجلبه الغنى للبعض!
تقبل خالص تحياتي وتقديري.
نزار ب. الزين
25-10-2006, 03:52 PM
أخي الكريم جوتيار
أسعدني تفاعلك الإنساني مع النص و استفاضتك في تحليله
دمت أديبا رائعا
محبتي،
نزار
نزار ب. الزين
25-10-2006, 04:03 PM
سلام الـلـه عليكم
الاخ الفاضل الاديب القاص الاستاذ نزار ب . الزين
قصة مؤثّرة , وعلى الرغم من بساطة المساق فيها , إلا انها قدمت رسالة سامية , وفكرا راقيا .
تقبل محبتي وتقديري
اخوكم
السمان
===================
أخي الحبيب الدكتور محمد حسن
شكرا لمرورك و تقريظك الجميل للنص و ثنائك العاطر عليه
مودتي الخالصة و اعتزازيبك
نزار
نزار ب. الزين
25-10-2006, 04:06 PM
الأستاذ الفاضل الأديب نزار ب. زين
قصة قصيرة موجعة ذكرتني بمشاهد لا إنسانية كثيرة، وأناس لا هم لهم سوى تحطيم إنسانية الإنسان. ليس الفقر نقمة، بل هو نعمة ورحمة إذا ما قيس بالعري الذي قد يجلبه الغنى للبعض!
تقبل خالص تحياتي وتقديري.
========================
الأخت الفاضلة ساره
تحية لأولى مصافحاتك و مشاركاتك ، شكرا لمرورك و اهتمامك بالنص
و دمت بخير
نزار
خليل حلاوجي
28-10-2006, 08:11 PM
أجزم واثقا ً
أن عشية العيد تمر في بلادنا فوق أرصفة الخوف والجوع تحوي ملايين من ( أم حسين )
وليتنا نعترف بجدوى ماتفعله أم حسين هذه
وبعقم حلولنا التنموية وطول لافتاتنا وشعاراتنا وعنترياتنا
والطامة الكبرى
أن بلداننا تجلس على كنوز الارض وأغنى خاماتها
وأم حسين .... ستموت وهي جائعة ... مع أطفالها وحلمنا
\
بالغ اعتزازي ... بقلمك
عبلة محمد زقزوق
28-10-2006, 08:35 PM
تحياتي وتقديري لحرفك ونصك القصصي أخي وأستاذي نزار ب. زين
نزار ب. الزين
28-10-2006, 08:42 PM
تحياتي وتقديري لحرفك ونصك القصصي أخي وأستاذي نزار ب. زين
-------------------------------------
أختي الكريمة عبلة
شكرا لمشاركتك الطيبة و عباراتك اللطيفة
مودتي
نزار
نزار ب. الزين
28-10-2006, 08:52 PM
أجزم واثقا ً
أن عشية العيد تمر في بلادنا فوق أرصفة الخوف والجوع تحوي ملايين من ( أم حسين )
وليتنا نعترف بجدوى ماتفعله أم حسين هذه
وبعقم حلولنا التنموية وطول لافتاتنا وشعاراتنا وعنترياتنا
والطامة الكبرى
أن بلداننا تجلس على كنوز الارض وأغنى خاماتها
وأم حسين .... ستموت وهي جائعة ... مع أطفالها وحلمنا
بالغ اعتزازي ... بقلمك
=======================
و أنا معك يا أخي في كل ما ذكرت ، أموال البترول لوحولت إلى مشاريع في البلاد العربية لتخلصت أم حسين و ملايين الفقراء من أمثالها من ثالوث التخلف ( الجوع و الجهل و المرض ) و لكن.... لا حياة لمن تنادي !
شكرا لمرورك و لثنائك الحافز
مع كل المودة و التقدير
سحر الليالي
18-06-2007, 11:16 PM
أستاذي الفاضل "نزار":
نفتقدك بيننا
أدعو الله أن تكون بخير
بإنتظار جديدك دوما
نزار ب. الزين
01-10-2008, 03:41 AM
عشية العيد
أقصوصة
نزار ب. الزين*
*****
اشتبهت أم منذر بأن اللفاية* أم حسين تسرق من المطبخ ما يمكنها سرقته ، حدثت بذلك والدتها الزائرة ،
سمع منذر ذو العاشرة ، الحديث ، فكمن في أواخر النهار – تطوعا - في سقيفة* المطبخ .
شاهدها بأم عينه ، تنتقي بقايا طعام من صفيحة القمامة ، ثم و هي تضع أشياء أخرى في جيوب إضافية دستها تحت ثوبها .
هبط من السقيفة مسرعا ، خرج من المطبخ يسابق الريح و هو يصرخ فرحا ، كما لوكان قد اكتشف كنزا : " لقد ضبطتها .. لقد ضبطها متلبسة ! "
قدمت على عجل كل من الوالدة و الجدة ، التي كانت في زيارة الأسرة ، أمسكتا بتلابيبها و بدءتا في تفتيشها ؛ و هي صامتة مستسلمة ، بينما كانت دموعها تجري فوق خديها ، كشفتا ثوبها فظهرت الجيوب الخفية ، ثم بدأتا بإخراج المسروقات : لفيفة ورقية تحوي بعض الشاي ، و اخرى بعضا من السكر ، قطعة جبن صغيرة هنا ، قطعة حلاوة طحينية هناك ، كسر خبز في جيب ثالث ‘ بقايا طعام في الجيبين الأخيرين...
قالت الجدة : " أنت "حرمية*" يا أم حسين !
قالت الوالدة : هل قصرنا يوما بحقك يا أم حسين ؟ سواء براتبك اليومي أو بأكلك أو شربك ؟
و لكنها ظلت صامتة مستسلمة ، بينما كانت دموعها تجري فوق خديها .
نادت أم منذر زوجها : " تعال يا ابا منذر و شاهد ما سرقته أم حسين " ، قدم أبو منذر ، ألقى بنظره على المسروقات ، هز برأسه يمنة و يسرة ، ثم غمز زوجته ، فتبعته .
قال لها هامسا و قد اغرورقت عيناه : " كل المسروقات بقايا و لا يتجاوز ثمنها بضع قروش ، سرحاها في الحال و اجبرا بخاطرها ، فلولا حاجتها لما دنَّت نفسها حتى لبقايا الطعام الملقى في صفيحة القمامة ؛ ثم لا تنسي أننا على أبواب العيد ! "
قالت له ، و هو ينفحها مبلغا إضافيا كعيدية*: " قسما بالله يا سيدي ، و بهذا الشهر الفضيل ، لولا هذه البقايا لبات أولادي اليتامى الليلة جائعين !.
تدخلت الجدة قائلة : " و الأجر الذي تتناولينه ؟ "
أجابتها كسيرة الخاطر : " يا خانم ، أجْري يكاد يغطي ثمن خبزنا و أجرة كوخنا ! "
---------------------------------------------
* اللفاية ، خادمة غير مقيمة
*السقيفة : مسطح خشبي مبني قرب سقف المطبخ ، يصعد إليه بسلم ، و يستخدم لتخزين المؤونة
*حرمية : لصة
* مبلغ من المال يقدمه الناس لأولادهم و للمحتاجين أول أيام العيد .
------------------
* نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
عضو الجمعية الدولية للمترجمين و اللغويين العرب ArabWata
الموقع : www.FreeArabi.com
د. سمير العمري
28-07-2009, 07:19 PM
نص يرصد حالة اجتماعية تحدث وحالة أنسانية مؤثرة.
ولكني أرى أن السرقة لا تبرر بحال وإلا لبررنا للمتاجرات بأعراضهن باعتبار حاجتهن.
الخطأ خطأ لا يبرره خطأ آخر.
دمت مبدعا!
أهلا ومرحبا بك دوما في أفياء واحة الخير.
تحياتي
نزار ب. الزين
28-07-2009, 09:05 PM
نص يرصد حالة اجتماعية تحدث وحالة أنسانية مؤثرة.
ولكني أرى أن السرقة لا تبرر بحال وإلا لبررنا للمتاجرات بأعراضهن باعتبار حاجتهن.
الخطأ خطأ لا يبرره خطأ آخر.
دمت مبدعا!
أهلا ومرحبا بك دوما في أفياء واحة الخير.
تحياتي
أخي المبدع الدكتور سمير العمري
وجهة نظرك محقة ،
و لكن الفقر يا أخي يعمي البصائر
***
أخي المكرم
زيارتك تشريف و تعقيبك رفع من قيمة النص
فلك الشكر و الود ، بلا حد
نزار
مصطفى السنجاري
28-07-2009, 09:44 PM
** نص رائق راق
نعم أيها العملاق كاد الفقر أن يكون كفرا
رصد أنيق لحالة انسانية
ولو كانت تصرف اجرتها على مريض
ربما لكان وقع ذلك أقوى
تحياتي لسمو يراعك البارع
نزار ب. الزين
30-07-2009, 05:25 PM
** نص رائق راق
نعم أيها العملاق كاد الفقر أن يكون كفرا
رصد أنيق لحالة انسانية
ولو كانت تصرف اجرتها على مريض
ربما لكان وقع ذلك أقوى
تحياتي لسمو يراعك البارع
***
أخي الكريم مصطفى
عباراتك النيِّرة أضاءت نصي و أدفأتني
أما ثناؤك فهو إكليل غار يتوج هامتي
فلك الشكر و الود ... بلا حد
نزار
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir