تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الشاعر والجائزة



د.إيهاب النجدي
25-10-2006, 02:40 AM
[/FONT[FONT="Arabic Transparent"]]
الشاعر والجائزة









بقلم : إيهاب النجدي






( 1 )يورق الشِعْرُ وتزهر شجرته بالمدهش والرائع في ظلال الرعاية والحدب والتكريم، وهذه حقيقة أدبية، التمعت أغصانها منذ العهد الأول للشعر، وصاحبت قفزاته الكبرى عبر هضاب التاريخ، حتى وصل إلى سمته المعاصر، فأقيمت الاحتفالات والمهرجانات، وأنشئت الجوائز والمسابقات•
وليس من قبيل الاعتساف إذا قلنا: إن الشعر نفسه صورة من صور التكريم وعطية العطايا من الخالق إلى الشاعر، ذلك المخلوق الاستثنائي في هذا الوجود، وكذلك الشعر عطية الشاعر إلى الإنسانية، كلاهما يرفل في أبهاء هذا الفن الخالد، ويستجير به من هجير الحياة•
إنه ـ إذن ـ الشعر / الجائزة، وجاء في " اللسان " أن الجائزة: العطية، وأصل الجائزة أن يعطي الرجلُ الرجلَ ماءً ويجيزه، ثم كثر هذا حتى سمّوا العطية جائزة، ويقال: أصل الجوائز أن " قَطَنَ بن عبد عوف " من بني هلال ولَّى فارس " عبدالله بن عامر "، فمرَّ به " الأحنف " في جيشه غازياً إلى خراسان، فوقف لهم على قنطرة فقال: أجيزُوهم، فجعل يَنْسِبُ الرجل فيعطيه على قدر حَسَبه، قال الشاعر :
فِدى للأكرمين بني هلال
على علاَّتهم، أهلي ومالي
هُمُ سنُّوا الجوائز في مَعَدٍّ،
فصارت سُنَّة أخرى الليالي
ومنه حديث العباس رضي الله عنه: ألا أمنحك، ألا أجيزك؟ أي أعطيك، والأصل الأول فاستعير لكل عطاء، وأما قول القطامي:
ظللتُ أسأل أهْلَ الماء جائزة
فهي الشربة من الماء•(1)
هكذا ارتبطت الجائزة منذ البدء بالماء / الوجه الأول للحياة، فكانت جداول الجوائز تبعث ـ دائماً ـ في الشعر ألق الحياة•
وإطلالة عجلى على صور من تكريم الشعراء في التراث العربي تجلو ذلك الأثر الكبير الذي سجلته الجوائز على إبداعهم، ونحب أن نحترز هنا بأن الغاية المادية للجوائز لم تكن أبداً هي الغاية الأولى أو الأعمق، فالشاعر مكرَّم على الدوام، كرَّمه الخالق حين اختصه بمزيتي الشعور والتعبير، فهو يشعر بما لا يشعر به غيره، ويأتي تعبيره عن ذلك فذاً بين الكلام، وكرَّمه عصره حين أصغى إليه ومنحه أوسمة الدهشة والإعجاب، وأخيراً كرمته ذواكر الأجيال حين حفظت إبداعه بين حنايا الصدور وسجلته في الدفاتر، لكن يبقى الوجه المادي للجائزة هو الأبرز والأقرب إلى التصور والأذهان•
( 2 )
لقد كانت القبيلة العربية إذا نبغ فيها شاعر " أتت القبائل فهنَّأتها بذلك، وصُنعت الأطعمة، واجتمعت النساء يلعْبن بالمزاهِر، كما يصنعن في الأعراس، لأنه حماية لأعراضهم، وذَبٌّ عن أحسابهم، وتخليد لمآثرهم، وإشادة بذكرهم، وكانوا لا يهنِّئون إلا بغلام يولد، أو فرس تُنْتج، أو شاعر ينبغ فيهم " (2
ونال الشاعر الجوائز لمديحه أصحاب السلطان، وأنتجت هذه الظاهرة ـ ظاهرة التكسب بالمديح ـ قصائد عالية القيمة ـ من الناحية الفنية ـ وإن اختلفت الرؤى حولها من الناحية المعنوية، ومن الصعب أن ننكر ذلك، أو ننفي جزءاً كبيراً من تراث الأمة الشعري، لمجرد الاختلاف•
كما حاز كثير من الشعراء الجوائز لجودة الشعر، وهو الشعر الخالص الذي لم يكن من باب المديح في شيء، وكان الدافع الوحيد للمعطي هو الإعجاب بالفن، وتقدير الإبداع، والمراد الحقيقي من هذه الكلمات هو التأكيد على ذلك، من خلال الشواهد والصور التي حفلت بها كتب التراث العربي

لكن نود أن نبدأ بـ " العطية الشريفة " عطية رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم لـكعب بن زهير، فقد أوعد رسول الله ( ص ) كعباً، عندما أرسل إلى أخيه بجير ينهاه عن الإسلام، وذكر النبي ( ص ) بما أغضبه، ولما ضاقت به الأرض، أتى إلى رسول الله (ص ) متنكراً، وفي صلاة الفجر، وضع كعب يده في يد النبي عليه السلام ثم قال: يا رسول الله، إن كعب بن زهير أتى مُسْتأمناً تائباً أفتُؤمِّنه فآتيك به؟ قال: هو آمن•
فكشف كعب عن وجهه، وقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، هذا مكان العائذ بك، أنا كعب بن زهير، فأمَّنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنشد كعب قصيدته التي أوَّلُها :
بانت سعاد فقلبي اليوم متبُولُ
مُتيَّمٌ عندهـا لم يُجْزَ مكبولُ
ويقول فيها بعد تغزله :
نُبِّئْتُ أن رسـول الله أوعدنـي
والعفوُ عند رسـول الله مأمـولُ
مهلاً،هداك الذي أعطاك نافلة الـ
قرآن فيهـا مـواعيظٌ وتفصيـلُ
لا تأخُذَنَّي بأقـوال الوشــاةِ فلم
أذنبْ، ولو كثرت فيَّ الأقــاويلُ
فلم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم قوله، بل تجاوز عنه، ووهب له بُردته، فاشتراها منه معاوية بثلاثين ألف درهم، ثم توارثها الخلفاء، يلبسونها في الجمع والأعياد تبركاً بها، وقيل أعطاه مع البردة مئة من
الإبل •(3)
وكان العباس بن الأحنف ممن أنِف عن المدح والهجاء، واشتهر بذلك، فلم يكن يكلفه أحد بذلك من الملوك ولا الوزراء، وقد أخذ صِلة الرشيد وغيره "على حسن التغزل، ولطف المقاصد في التشبيب بالنساء (4)
وهو في ذلك يشبه عمر بن أبي ربيعة وجميل بن معمر، شاعري الغزل الشهيرين•
ونال أبوالعتاهية عشرين ألف درهم على القطعة الزهدية التي قالها للرشيد و مطلعها:
الله بغَّض عندك الـدنيا و بغضها إليكا
كما نال الشاعر نفسه من بعض موظَّفي المأمون ألفي درهم على أبيات في الصبر والتجمل والقناعة، وأنشد المأمون قوله الذي أوَّله:
كم غافلٍ أودَى به الموتُ لم يأخذ الأهبة للفوت ( (5
فقال له المأمون : أحسنت وجوَّدت المعنى، وأمر له بعشرين ألف درهم•
ومن ذلك أيضاً الجائزة التي نالها خالد الكاتب على أبياته الغزلية التي استحسنها إبراهيم بن المهدي والتي منها قوله:
رطيـب جسم كالماء تحسبُه
يخطرُ في القلب منه مسلكُهُ
يكاد يجري من القميص مِنَ
النعمة لولا القميصُ يمسكُهُ
ومن الواضح أن الذي أثار رد الفعل المالي هنا " ليس امتداح غرور المتلقي ولا خوفه لسان الشاعر، وإنما هو الانفعال الجمالي البحت، وهو ما يؤكد لدينا أن الفاعل في صاحب المال ـ في صلته بالشاعر ـ ليس دائماً الرغبة أو الرهبة، وإنما المثير الشعري الناجم عن أخص وظائف الشعر وأكثرها تجاوزاً للظرفيات وهو الشجو والطرب" •(6)
( 3 )
كما كان للراوية / الناقد نصيب من العطايا والجوائز، ومثل في هذا الصدد يغني عن أمثلة، يقول حماد الراوية: " استقدمني هشام بن عبدالملك في خلافته وأمر لي بصلة سنية وحملان، فلما دخلت عليه استنشدني قصيدة الأفوه الأودي :
لنا معاشر لم يبْنُوا لقومهم
وإن بني قومُهم ما أفسدوا عادوا
قال: فأنشدته إيَّاها، ثم استنشدني قول أبي ذؤيب الهذلي : " أَمِنَ المنون وريبها تتوجعُ " فأنشدته إيَّاها••• فأمر لي بمنزل وجارية•••، وردني إلىالكوفة (7)
هكذا مُنح الشاعر العطايا والجوائز بعيداً عن موقفي الهجاء والمديح، حتى في الموقف الأخير، فإن ما تمنحه القصيدة للممدوح من رفعة وخلود أكثر مما يأخذه الشاعر من نفع لا يدوم، ولننصت إلى ما قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه لبعض أبناء هرم بن سنان : أنشدني ما قاله فيكم زهير بن أبي سلمى، فأنشده، فقال: لقد كان يقول فيكم فيُحْسن، قال: يا أمير المؤمنين، إنا كنا نعطيه فنُجْزل، قال عمر : ذهب ما أعطيتموه، وبقي ما أعطاكم
وممن رفعه الشعر بعد خمول: الـمُحلَّق ( من بني كلاب)، وذلك أن الأعشى قدم مكة، وتسامع الناس به، وكانت للمحلَّق امرأة عاقلة، فقالت له: إن الأعشى رجل مفوَّه الشعر، ما مدح أحداً إلا رفعه، ولا هجا أحداً إلا وضعه، وأنت رجل فقير خامل الذكر ذو بنات، فلو سبقت الناس إليه فدعوته إلى الضيافة .
فسبق إليه الـمُحلَّق، وأنزله، ونحر له، فلما أكل الأعشى وأصحابه، سأل الـمُحلَّق عن حاله وعياله فعرف البؤس في كلامه وذكر البنات، فقال الأعشى : كُفيتَ أمرهُنَّ، فأصبح بـعكاظ ينشدُ قصيدته:
أرقتُ، وما هذا السهـادُ المؤرِّقُ؟
وما بي من سُقم، وما بي مَعْشقُ
ومنها قوله :
لعمري لقد لاحتْ عيونٌ كثيرةٌ
إلى ضوء نار باليفـاع تُحـرِّقُ
تشـبُّ لمقْرُورين يَصْطَليـانها
وبات على النار النّدى والـمُحَلّق
فما أتم القصيدة إلا والناس يسرعون للـمُحلَّق يهنِّئونه، والأشراف من كل قبيلة يتسابقون إليه يخطبون بناته، ولم تُمْسِ واحدةٌ منهن إلا في عصمة رجل أفضل من أبيها ألف ضعف (8)
نستطيع ـ الآن ـ الاكتفاء بهذا القدر من الإطلالة التراثية، لنرخي النظر على حال الشعر، في عالمنا المعاصر•
( 4 )
ظل الشعر في العقود الأخيرة ـ وحده ـ في العراء، بلا بيت يأوي إليه ، أو أب ـ كبير وقادر ـ يرعاه، ظل منزوياً على قارعة زمننا اللاهث، يرى كل أخ له أو أخت ( من الفنون والآداب ) تدخل مأواها الخاص، حيث تجد هنالك من يحدب عليها ويرعى شؤونها، مع أنه الأصل ومنه تنبت الفروع، مع أنه الكبير وحوله تتحلّق الأطفال، مع أنه الوهج وعليه تتسلَّق الظلال، لكن المنطق ـ أحياناً ـ يخيب، أجل يخيب عندما يفقد الوجدان،عندما يقنعوه بأنه والإحساس ضدان•
بهذا الإحساس ـ وحده ـ الإحساس بيُتم الشعر، وبهذا الإدراك وحده ـ أهمية الشعر ـ احتضنت مجموعة من المؤسسات الثقافية والجوائز الرصينة فن العربية الأول، وهي التي بزغت خلال العقدين الأخيرين من القرن المنصرم، فكانت البيت / المؤسسة التي تمنح الجوائز وتنشر الإبداع وتحتفي بالمبدعين، تأتي في الطليعة منها: مؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري في الكويت، ومؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية في دبي، وجائزة الشاعر محمد حسن فقي في القاهرة ( مؤسسة يماني الثقافية) •
إنها دولة الشعر، الحاكم فيها هو الشاعر والمحكوم هو الذوق العربي، كلاهما ينعم في ظل دستور الحق والنبل والجمال، لا ظالم فيها ولا مظلوم، بل عندها نستطيع أن نقول: طوبى للحاكم والمحكوم•
إيهاب النجدي
الهوامش
1 ـ لسان العرب" جوز"•
2 ـ العمدة: ابن رشيق القيرواني، ج1/153•
3 ـ راجع: ديوان كعب بن زهير، ص 84 ـ 89•
4 ـ العمدة، ج1/185•
5 ـ الأغاني، ج4/57•
6 ـ الشعر والمال، د•مبروك المناعي، 418•
7 ـ الأغاني 24/182•
8 ـ العمدة، ج1/125،180.

د. محمد إياد العكاري
25-10-2006, 03:17 AM
رائعٌ ماقرأت أيها الأديب الجميل د.إيهاب النجدي
وماأجمل ماختمت به

إنها دولة الشعر، الحاكم فيها هو الشاعر والمحكوم هو الذوق العربي، كلاهما ينعم في ظل دستور الحق والنبل والجمال، لا ظالم فيها ولا مظلوم، بل عندها نستطيع أن نقول: طوبى للحاكم والمحكوم•

تذكرت قول المتنبي مطالباً بجائزته
أجزني إذا أنشدت شعراً فإنما =بشعري أتاك المادحون مرددا
ودع كل صوتٍ غير صوتي فإنني= أنا الطائر المحكيُّ والآخر الصَّدى
دمت في دولة الشعر تحمي سياجها وتحفظ حرماتها وتنعم بجمالها
وكل عامٍ وأنتم بخيروالسلام
:0014: :0014: :0014:
:0014: :0014:
:0014:

:sb:

د. مصطفى عراقي
25-10-2006, 04:12 PM
أخي الحبيب الشاعر المبدع والباحث المدقق الدكتور إيهاب النجدي
هنا حصلنا على الشعر والجائزة جميعا في سياق محبب من التأصيل والتمثيل ، في رحلة شائقة في تاريخ أدبنا الحافل كنت فيها الرائد والدليل، فكان هذا البحث الذي تجلى مقدمة بارعة الاستهلال لكل محفلٍ تقدير مخلص، وتكريم صادق للشعر والشعراء.
ولكنْ
وآه من لكن كما يقولون
هل أنت واثق من أن دولة الشعر بهذه الصورة المثالية التي صورتها لنا
ألم يتعرض شعراء للظلم ؟
ثم عن مقالك :" الحاكم فيها هو الشاعر والمحكوم هو الذوق العربي،" أسأل:
ألا يتبادلان الأدوار أحيانا فيصير الحاكم محكموما والمحكوم حاكما؟!
ودمت بكل الخير والسعادة يا أخي الغالي
ودامت كلمتك الطيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء
أخوك المُحب:
مصطفى

محمد إبراهيم الحريري
25-10-2006, 06:43 PM
الأخ الحبيب د إيهاب ـ تحية وكل عام وأنت بخير
وكما شق عصا البيان شعور، وتطاولت فكر بين سحاب فصيح ومزون بلاغة هلت حروفك ندية تضمخ أوجه النواميس التراثية بعفة سر ، ونقاء بحث اضفى على مزهريات الالق لمسات وجدان تحمل اليقين على جناح الشكر لك .
مراحل تتشعب دونها الأخيلة لتتعانق مع مراحل بحث بين تراث مؤتلق ، وسيرة تعامدت مع أشعة النبوغ سواري صدق .
بحث وجدت به ضالتي وتجشمت عني عناء طرق ابواب الفهارس ، ومنافذ الاطلاع بشق عنت ، فجاءت حروفك بردا على الأكباد .
شكرا لك أخي
ودمت مفكرا
أخوك محمد

د.إيهاب النجدي
27-10-2006, 12:33 AM
الأديب النبيل الأستاذ الدكتورمحمد إياد العكاري
أرق كلمات الشكر والعرفان أقدمها لكم ,
على حضورك البهي ,
وتحيتك الجميلة ,
وكل عام وأنتم ترفلون في ثوب الصحة والعافية
إيهاب

د.إيهاب النجدي
27-10-2006, 12:44 AM
أستاذي الشاعر المبدع والناقد الألمعي الدكتور مصطفى عراقي
هكذا يتألق حضورك في كل ميدان من ميادين الفكر والأدب
وتأتي نظراتك لتضيف كأخصب ما تكون الإضافات
ولكن أيضا _ ولولا لكن لا أدري ماذا كنا نفعل _
من المؤكد أن دولة الشعر ليست بهذه المثالية , وليس الشاعر هو الحاكم في كل الأوقات _ بل في أندرها _ لكن ماذا تفعل مع ما يأمله خيال الأديب ؟
واسلم أيها النبيل لمن يودكم ويقدركم.
إيهاب

د.إيهاب النجدي
27-10-2006, 12:53 AM
الأخ الحبيب والشاعر الجميل الأستاذ محمد إبراهيم الحريري
أجدد سعادتي بلقائك والتعرف إليك,
شاعرا أصيلا , يرسخ الأمل في حاضر الشعر الأصيل ومستقبله .
و مذكرا بعنفوان الكلمة العربية في زمن العجمة والرطانات .
أشكرك على حضورك الكريم
و إلى الملتقى
مع مودتي وتقديري

د. سلطان الحريري
29-10-2006, 02:22 AM
الحبيب الدكتور إيهاب:
قرأت مقالتك الرائعة بتمعن ، فرأيتني أغوص في عالمي ، وكانني أنا من كتب ، وهذا لا يتأتى إلا لمن أوتي المقدرة على جلاء الحقيقة مثلك..
يبدو لي يا صاحبي أن الشعر سيبقى جائزتنا الكبرى ؛ لأنه أبرز المنافذ التي ننفذ منها إلى عالم الريّ عندما لا يتحقق لنا في عالم الواقع!!
والشاعر الحق هو ذلك الذي لا يرتجي الجوائز ، فجائزته الكبرى هو تلك الرسالة التي يضطلع بها ، ويحضرني الآن قول الشاعر:

يا أيها الشعر كم لي فيك من أمل=أود أغفو على زنديك مرتغبا
أود ألقاك تحبوني الرجاء غدا=كيما أحقق مـ الأمال ما احتجبا
أود ألقى الدنا تخطو على رغد=وليس ترقب ذاك الرعب والرهبا
وأرتجيك تري الإنسان مسلكه=تغريه بالحب بل تنسيه ما احتربا
فما سوى العدل ما نبغي إشاعته=والخير والأمن لا قهرا ولا وصبا
إني عهدتك يا ذا الشعر مذ قدم= رسول حق فأنهض من تراه كبا
وسدد الفكر إما اعوجّ منهجه=واصلح اليوم ما قد ماد واضطربا
يا شعر أنت الذي ألقاك ملتجئي=وفي مغانيك أنسى ثمة التعبا
نعم يا صاحبي سأقول معك ( طوبى للحاكم والمحكوم!!!!)
دم كبيرا كما عهدتك

أسماء حرمة الله
29-10-2006, 05:39 AM
سلام اللـه عليك ورحمتـه وبركاتـه

تحيـة مكتوبة بالمسك والريحان


الأستاذ الكريـم د. إيهاب النجدي،

للحقّ أقول ! غصتُ في مقالكَ الراقي الدسم، حتّى حلّقـتْ روحي مع الشعر وعصوره، تعيشُ فصولَه وأطوارَه، تشاطر شعراءَه كلّ خلجاتهمْ، وتشاطرهم قبلَ ذلك كلّـه، فخرَهم بهبـة الشعر/ هذه الجائزة الإلهية، التي تفتحُ لنا أبوابَ الروح، لنعيشَ أحاسيسَ الشعراء، ونعيشَ أحلامَهمْ، آلامهم وآمالهمْ، ونعيشَ أزمنةً مختلفـة، كانت عصارةَ تجاربهم وقطافَ أعمارهمْ .

وآلمني كثيراً حديثُكَ عن"يُتمِ الشعـر"، فقد صارَ الشعرُ - بحقّ - في نظر الزمن المرّ وأتباعِـه، معادلاً لأحلام اليقظة، مرفوضاً منبوذاً، متّهَماً بالخروج عن قانون الحياة المعاصرة، التي لاتعترفُ إلاّ بقانون المادة، وترفض كلّ مايخرج عن ناموسها .

وقبلَ أن تحتفي - في عصرنا الحاضر- المؤسساتُ الثقافية بالشعر والشعراء، احتفـتْ به وماتـزال، قلوبٌ تؤمنُ بـالشعرِ لغةً للروح، لغةً للحياة، قاموساً ترتّب فيـه مفرداتِ الإحساس والزمن الجميـل . احتفتْ بـه كتابةً وإحساساً، احتفتْ به وهي تعيشُه إحساساً متدفقاً، وهي تعتبره مسكاً يعطّرُ أنفاسَها وخطوَها وحياتها، عمراً تعيشه، وليسَ فقطْ حرفاً على ورق !

كيف يكون الشعرُ يتيماً، وأصحابُه الأوفياءُ لـه، لزمنه المتدفق إحساساً وصدقاً ونقاءً، يحرسونَ شموعَه من الانطفـاء ؟! يكفي أنـه مازالَ ترياقَهم، في زمنٍ يتنكَّرُ للشعر والشعراء، في زمنٍ يلفظهم خارجَ مضاربـه، فقطْ لأنهمْ يؤمنونَ به بلسماً وملاذاً، واقعاً وحلماً، حياةً بكاملـها !

كيفَ يكونُ الشعرُ شريداً في العراء، وقد اتخذَ من قلوب أصحابـه ومُحبّيـه بيوتاً وسقفاً، ومِن وفائهمْ لـه سماءً يستظلُّ بها، ومِن انسكابهمْ معـه روحاً جديدة تخفق بـه، تمدّه قبلَ أن تمدَّهمْ، بالفيء، بالضوءِ، بزمنٍ جميل وبقطْر الحياة ؟؟

كيفَ يكونُ الشعرُ يتيمـاً، وقد صارَ أصحابُه ومُحبّوه آباءَه وأمهاتِه، أليسَ الشعرُ للشعراء ولِمُحبّي الشعر قطعةً من القلب ؟؟ جزءاً يُقتطَعُ من الروح ؟؟ روحاً تنسكبُ على الورق ؟؟ فلذةً من فلذات أكبادهمْ ؟؟ أليسَ الشعرُ وليدَ الروح ؟؟ عصفوراً يدغدغُ بأغاريده الجميلة، ولحونه الرقيقة، قلوبنا العطشى للإحساس، فنزقزقُ معـهُ كما تزقزقُ الأمُّ مع وليدها ؟؟ محبّـةً وحناناً وتعلُّقـاً ؟؟
هو الشعرُ يزهرُ ويكبرُ ويورق، كلّما أزهـر وكبـر وأورقَ الحنانُ والوفاءُ والإحساسُ حدّ التوحّد، بقلوب مُحبّيـه وأصحابـه .. :001:

بوركتَ سيدي وبوركَ مدادُك، قد أسعدتَني بهذا المقال سعادةَ الورد بقطرات الندى، واعذرني على الإطالـة، فقدْ فتحَ لي مقالك العذبُ نوافذَ البوح، فانسكب مدادي فرَحاً..!


دمتَ لنا ولواحتك، ودمتَ للشعر والنثر عنواناً وألقاً
تقبّل خالصَ تقديري واعتزازي :0014:
وألفَ طاقة من الورد والندى

د.إيهاب النجدي
29-10-2006, 11:38 PM
الأديبة المبدعة أسماء حرمة الله
وعليك سلام الله ورحمته وبركاته
وتحية منداة بأطيب الطيب
قرأت تعليقك البديع حول " الشاعر وجائزته " الحقيقية , والمكرمة الإلهية , التي ينعم بتجلياتها الإنسان , فيشعر بعراقته في الإنسانية.
جاءت كلماتك " قولا على قول " أو في أقرب حالاتها " قطعة أدبية " صدرت عن قلم حصيف , سخي الإدراك ,
وددت لو كانت جزءا من مقالتي المتواضعة ,
ولكن أين لي ذلك ؟ و" طائر الفردوس " لم يحلق بي أبعد مما كان .
اسمحي لي أن أعتز بمقالتي لأنها كانت موحى نصك الذي يقطر عذوبة وجمالا.
أشكرك
وأثني على جهدك في المنتدى ثناء الزهر على القطر .
إيهاب

د. محمد حسن السمان
30-10-2006, 08:31 PM
سلام الـلـه عليكم
الاخ الفاضل الاديب والشاعر الاستاذ الدكتور ايهاب النجدي

لقد اثريت حافظتي بهذا البحث الادبي العلمي , فما احوجنا الى مثل هذه الابحاث القيّمة , وما لفت نظري هذه اللغة الراقية في الاداء , وجمال انسياب المبحث , وأعود لنفسي فلااستغرب ذلك منك .
لقد طربت للشواهد التي اوردت , مجيدا في انتقائها , فجاءت عفوية مقنعة , والشيء الاهم هو التوظيف المتميّز , لهذه الشواهد بما يخدم اغراض البحث , ويؤيد وجهة نظر سامية راقية , كما لفت نظري هذا التسلسل الذكي السهل , والايرادات للمراجع والاصول , والذي اعطى البحث تذكرة مرور , ليلامس قلب القارىء , مع وصوله الى حافظته ومحاكمته العقلية .
اسجّل اعجابي بهذا الجهد , وهذا البحث الرائع .
تقبل محبتي وتقديري

اخوكم
السمان

د.إيهاب النجدي
31-10-2006, 11:08 PM
سلام الـلـه عليكم
الاخ الفاضل الاديب والشاعر الاستاذ الدكتور ايهاب النجدي
لقد اثريت حافظتي بهذا البحث الادبي العلمي , فما احوجنا الى مثل هذه الابحاث القيّمة , وما لفت نظري هذه اللغة الراقية في الاداء , وجمال انسياب المبحث , وأعود لنفسي فلااستغرب ذلك منك .
لقد طربت للشواهد التي اوردت , مجيدا في انتقائها , فجاءت عفوية مقنعة , والشيء الاهم هو التوظيف المتميّز , لهذه الشواهد بما يخدم اغراض البحث , ويؤيد وجهة نظر سامية راقية , كما لفت نظري هذا التسلسل الذكي السهل , والايرادات للمراجع والاصول , والذي اعطى البحث تذكرة مرور , ليلامس قلب القارىء , مع وصوله الى حافظته ومحاكمته العقلية .
اسجّل اعجابي بهذا الجهد , وهذا البحث الرائع .
تقبل محبتي وتقديري
اخوكم
السمان


وعليكم سلام الله ورحمته وبركاته
أستاذنا الجليل الدكتور محمد حسن السمان
تحية الإكبار والإعزاز
قرأت تعليقكم المضيئ على موضوع " الشاعر والجائزة ",
وسعدت أيما سعادة بتقديركم له , وتوجيهكم الحصيف لمواطن الإجادة فيه .
أشكركم بأرق كلمات الشكر
ولكم في القلب ما يعرف من حب
إيهاب

د.إيهاب النجدي
31-10-2006, 11:19 PM
الصديق الحبيب الدكتور سلطان الحريري
تحية الود والورد
لا أود أن أسهب في شكرك يا صديقي على إطرائك على موضوع " الشاعر والجائزة "
وهل يشكر الإنسان نفسه ؟
لكنها فرصة لأثني على جهدك في الرابطة وهو جهد المحب المخلص .
دمت لمحبيك وأنا أولهم .
إيهاب

د. سمير العمري
05-11-2007, 04:36 PM
إن كان الشعر غاية وطلبا للجوائز والعطايا فهو مما أراه لا يليق بالحر الأنف.

وإما كان الشعر وسيلة تعبير وتفرد في التأصيل والتبليغ فهو من فعل الأحرار وشيم الكبار.

إن كتابة الشعر هي من نعم الله على العبد فمن اشترى به الدنيا فأمره له ومن اشترىبه الآخره فأمره إلى الله.


أشكر لك هذا الطرح العالي أخي الكريم د. إيهاب النجدي فقد أثريت بها وأفدت بسردها إخبارا بما كان وتفسيرا لبعض أحوال وأفعال.



تحياتي