تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : يوميات خارج الوطن ....



الضبابية
02-07-2003, 12:00 AM
http://w3.trib.com/~sjlund/pstspsh.jpg

( اليوم الأول )
شوارع متشابهة متشابكة ..
أقسمت المدينة أن أتوه بين قسمات الوجه البارد
و سخرت المباني الشاهقة من حيرتي
أسرعت بين النواصي .. و على عتبة مدرسة عتيقة توقفت
رمقني عصفور صغير من النافذة .. صدح :يا ربوع بلادي ..
و خنقني الدمع


( اليوم الثاني )
لأول مرة أشعر ببعض الألفة !!
تجولت بين الأرفف
أسرتني غيبوبة قراءة بين صفحات الكتب
و أسرتني المكتبة بين أسوارها
و كعاصفة مباغتة
لمح برق العنوان : وطني بين النار .. و النار


( اليوم الثالث )
إلى جبال الشمال ..
كانت الرحلة قصيرة .. و باغتني قرب الجبال
دوما جبال الإسمنت تحمينا من جمال جبال الطبيعة
السعادة طافت بالجميع و فاتتني ..
الأشجار .. النهر .. الجبل .. الغيم الأبيض .. الزرقة النقية
كل همسة نسيم هنا تلفحني بالشوق إلى بلدي
هب يا صبا الوطن
و اصدح أيها البلبل الصادي : غال ترابك يا وطني


( اليوم الرابع )
بدأ العمل .. و غرقت في المكتب
انقشعت سحب الوحدة .. و رشقتني المتعة ببعض سهامها الذهبية
تعبت .. توقفت دقائق للراحة .. و أخذت سبيلي إلى النافذة لعلي أشاركها تطلعها إلى العالم
صدمتني جدران الإسمنت من حولي
أين اللوزة العملاقة ؟
تذكرت .. لقد تركتها ورائي في الوطن !!
هاهي السحب تتكاثف من جديد


( اليوم الخامس )
الأفكار تطوف برأسي منذ الصباح
بعد الانتهاء من العمل أحببت أن أطوف في المدينة قليلا لعل رأسي يرتاح لدقائق
شعرت بأني أرتجف في أعماق معطفي
الوجوه الباردة .. الجدران المتشابكة .. بريكات المياه المتناثرة .. زخات المطر الخفيفة
أي يوم انتقيت لأتجول في هذه المدينة العجيبة ؟
باغتني صوت عذب .. أعرف هذا النقاء
أسرعت في مشيي .. و عنده تجمدت ..
أخيرا .. قطعة من الوطن .. يا لعظمة المسجد !!


( اليوم السادس )
البخار يتصاعد من فنجان القهوة .. ما إن يفرغ حتى تملأه كفي ثانية
و عقلي .. يدور كمكوك بين الأوراق المتناثرة
باغتني رنين الهاتف .. أسرعت إليه : آلو .. و عليكم السلام .. أمي
نسيت العاصفة الرعدية في الخارج .. نسيت الوحدة تضطرم في أعماقي
و غمرني الدفء .. هذا صوت وطني الأول .. أغلى وطن
كم كنت بحاجة لنبرة الحب الحاني !!


( اليوم السابع )
بدأ الخدر يتسلل إلى جسدي و لما أقض ساعة في العمل بعد
حاولت الهروب من أفكاري .. لكن إلى أين ؟
تشاجرت مع ذاتي .. قد أقسمت لي أن تكف عن الدوران في أفلاكها الغائرة
و يبدو أن الدوران لن يكف عنها
استأذنت .. و فررت من أزيز الأجهزة .. من أوراق التقارير .. من الخطوات
رفعني المبنى على ذراعيه .. رمقتني السحب بدفء و ضاحكتني الطيور
غمغم زوج فلامنكو بعيد : أتأتين ؟؟
قهقهت الزرقة ساخرة .. تنفست الهواء الغريب .. و عاد طعم المرارة يملأ فمي
ما أصعب الغربة !!


( اليوم الثامن )
قيدني الفراش .. و انتشلني الخدر من عملي
استيقظت قبيل الظهيرة ..
القلم قريب .. رغبة طاغية تحرك يدي إليه
حاولت اصطياده .. و عندما أفلحت .. وجدت الفريسة أفلتت
طارت الكلمات !!! و غفا المرض على صدري


( اليوم التاسع )
فتحت عيني ببطء
استحال ما حولي رماديا باهتا ..
و ارتعشت الأجسام
يبدو أن صديقتي كانت محقة بشأن الأثاث .. إنه ليس ثابتا
و ... لم أعد أشعر بشيء !!


و للصفحات بقية ...

تحياتي .. و أجمل باقة ورد لكم جميعا
أختكم
غموض

إسلام شمس الدين
02-07-2003, 02:22 AM
الأخت الكريمة غموض

منذ فترة طويلة لم اقرأ عملاً أدبياً بهذه الحرفية و هذا التمكن
لا أجد تعقيباً مناسباً على هذه النص الراقي . . لكنني أستشعرت متعة أدبية رائعة أثناء قراءته .

شكراً لك ِ على هذه اللحظات التي عشتها مع إبداعك
و في انتظار الوفاء بوعدك و استكمال الصفحات

تحياتي و تقديري
إسلام شمس الدين

د. سمير العمري
02-07-2003, 03:45 AM
غموض تعود؟!

بشرى النفوس الظامئة ...

أي ثوب قشيب هذا أي سحر بديع!

أشهد لك بالروعة والإبداع أيتها الغائبة الحاضرة.


لن نرضى لك بالغياب بعد اليوم فقد ترك غيابك في الواحة وحشة.

ولا تنسي قطارك الذي ما زال يقف في محطة منتصف الطريق وبه جميع أحبابك وأصحابك ينتظرون.


في انتظار ألقك المتجدد دائماً ....



تحياتي وتقديري

ياسمين
02-07-2003, 08:52 AM
هذه اللوحة الرائعة المعانى والكلمات
جعل الحروف تمتطى ظهر الخيل
تثور على الارض البراح
وطن .. أتنفس ريحه
وأعس هناك بين الافلاك لعلى تحت تلال الثرثرات
اعثر على نفسى أو بعض من روحى
قبلت مصافحتك فنمت والتصقت بعض دمائى بالحروف
بعض عاد الى كلّ .. كل عاد الى كلّ
وانا من ضعفى فى كل من عاداتى النزف
اتعجل هلاتك
لتأخذنى غيمة
آه عفوا
ضاعت منى الحروف
ولكنى سأحاول ان ألملمها مع بقية اليوميات

,
,

لك تحياتى ,,, وباقة ياسمين

معاذ الديري
11-07-2003, 04:04 AM
أين البقية؟
وعد الحر دين.

الضبابية
20-07-2003, 07:34 PM
تتمة ..

( اليوم العاشر )
تكلل ما حولي ببياض ناصع
ساءلت الأنفاس :
أذا ثلج وطني ؟
غمغمت السخرية شامتة :
بل غرفة المشفى

(اليوم الحادي عشر )
صبية تشاركني الحجرة
في عينيها زرقة سماء بلادي
في شفتيها حمرة الغروب في بلادي
في حركاتها رقة نسيم بلادي
لكنها .. ليست من بلادي

( اليوم الثاني عشر )
مندفعة باشتياق لعناق السماء
خرجت من المشفى
و عانقتني الثلوج
أين أطيارك وطني ؟

( اليوم الثالث عشر )
عدت للعمل
كجبال وطني كانت كدس التقارير على المكتب
ضمني شعور بالكآبة
أعددت القهوة العربية
استرخيت قليلا
و .. اجتاحني صوته :
يا بلادي مهد أمي و أبي ~~~ نحن أبناء لشعب عربي
ارتجف القدح الساخن

( اليوم الرابع عشر )
أشارت الأشجار إلي بالتحية
اليوم إجازة .. لكن المتنزه هادئ لا تعبث به ضحكات الأطفال
جالست كرات الثلج و بقايا الأوراق المصفرة
و عدت تجرجرني الخطوات
كم كان دافئا وطني !!

( اليوم الخامس عشر )
كهمس الريح ..
أو كخفق أجنحة السنونو
تتابع علي الأيام
لا لون و لا طعم و لا رائحة
و في وجوههم أكاد أصرخ : أعيدوني إلى الحياة
أعيدوني إلى وطني

( اليوم السادس عشر )
الطائرات الملونة
الضحكات المتناثرة
الثياب الزاهية
الاحتفالات هنا و هناك
غابت شمس العيد عني اليوم
و ضمتني الأوراق بين ذراعيها
وطني .. كل عام و أنت بخير

( اليوم السابع عشر )
وحيدة
لطالما كنت وحيدة
لكن
كانت أزهار وطني تداعبني
طيور وطني تناديني
غيوم وطني تحييني
و شمس وطني تسليني
و هذه الغربة تقتلني
تقتلني
تقتلني

( غدا : اليوم الثامن عشر )
ترى هل تشرق علي شمس هذا اليوم ؟؟
ترى متى تشرق علي شمس بلادي ؟؟



و للصفحات بقية ...

تحياتي .. و أجمل باقة ورد لكم جميعا:0014::0014:
أختكم
غموض

معاذ الديري
20-07-2003, 11:07 PM
عودا حميدا ..
اهلا من جديد.

يوميات صامتة ناطقة.

الضبابية
09-08-2003, 09:08 PM
الفاضل إسلام شمس الدين

معذرة على تأخري في الرد ..
و شكرا لك على كلماتك المشجعة هذي
كم آمل أن تكون كلماتي قد راقتكم حقا
تحية فل و مودة
أختك
غموض

الضبابية
09-08-2003, 09:25 PM
من ؟؟
أستاذي الفاضل سمير العمري ؟!!
حق لي أن أسعد رغم الأسى
أي ثوب هذا الذي أسبغت علي أستاذي
حذار سأصدق نفسي :005::011:
كم يبالغ الأساتذة !!

شكرا لحروفك المشجعة تعطر هذه الكلمات
و شكرا لوجودك الدائم

أي وحشة ترى في واحتنا الغناء
ما أراها إلا ازدادت نضرة و صفاء بوجودكم جميعا
لم أنس القطار لكنه نسيني .. هلا ذكرتموه ؟؟

تحية و كل التقدير و الشكر
غموض

الضبابية
03-10-2003, 06:29 PM
عزيزتي ياسمين الواحة

و آه من وطن و روح
لا أدري أيهما أكثر غربة
في حروفك ما جدد النزف
و كسا الأوراق كل الأنفاس
ما ضاع من حروف استقر في القلب
فسكن النبض مني

اعذريني لتأخري في الرد

تحياتي و كل الود
غموض

الضبابية
03-10-2003, 06:32 PM
الفاضل عاقدالحاجبين

لا تعلم كم سرني وجودك هنا
آمل أن نلقاك هنا ثانية
و شكرا لمرورك

تحياتي و كل التقدير
غموض

الضبابية
03-10-2003, 08:17 PM
( اليوم الثامن عشر )
لم تطلع الشمس ..
احتجزتها الغيوم
و طفقت تقهقه ساخرة من كل أفكاري
و عندما فارقت وطنها
سالت دموعا على وجه الأرض
و عادت الشمس تصفع الطرقات

( اليوم التاسع عشر )
خرجت كالسائر على السحاب تجرجرني الخطوات
التفت أجوب جدران مكان عملي الصامت بعيني
ثم عدت تدفعني خطواتي باتجاه حجرتي الصغيرة
وصلتها يملؤني الإرهاق
كم أخطأت عندما اعتقدت المسافة قصيرة !
وحدك وطني تضم الجميع بين ذراعي حنان
كم أفتقدك !

( اليوم العشرون )
لملمت ذاكرتي المتعبة
و ضممتها إلى صدري المثقل بالدمع
بينما تقاذفتني الشوارع الدامعة بين جفني السماء
ساءلت الأشجار المتلاصقة كأصابع أمي تضم كفي يوم الرحيل : متى العودة ؟
أطرقت شواهق السماء ..
و همست أسراب الطيور العائدة : في كل آن !

( اليوم ..... )
جف القلم و ملتني الأفكار
فرحلت عن هذه الأوراق
و هاهي الغربة تعيدني إليها ..
ترى ماذا بقي من كلماتي ؟

( اليوم ..... )
هجرت الجدران المتوحدة سجنا للآهات ..
صفعت الحجارة الزاهية بطرقات خطواتي
و أسرعت بالصور حولي حتى كدت أجري
كم حاولت هروبا صامتا
فعاد الصمت يلفني بأسئلته :
أكان الرحيل فرارا و السفر انهزاما ؟؟
ألذا رحلت ؟؟
وطني ..
سأعود بقلب نضر .. و دمعة جفت
لكن
كم أخشى أن تكثر الوعود المنسية !

( اليوم ..... )
باغتتني التساؤلات في عينيه ..
حاولت الابتعاد عن وحشة غربة تقتنصنا شيئا فشيئا ..
حاولت الفرار من آلام الدفن خارج الروح و الجسد
لكنه من النظرة الأولى نبض بها ..
ساءلني عن وطن ما تزود ببريق عينيه من أمد
أما علم أنه سلاه ؟
ساءلني عن قرية توسدت رسائل أبنائها الراحلين
أما علم أنها ملت ؟
ساءلني عن شجرة عانق جذعها صغيرا .. و عانق ذكراها مغتربا ..
أما علم أنها حطبا استحالت ؟
بكت كلماته في قلبي و هو يساءلني عن كف لينة حبيبة آسية ..
و بكى الجواب ..
أما علم أنها توسدت صدر الوطن الذي يعشق ؟؟
ما أصعب فقدان الوطنين .. أم .. و أرض!

( اليوم : ..... )
بحقيبة فارغة .. و قلب ممتلئ قررت العودة
همست الحجرة الباردة بسخرية : ما كل ما يتمنى ..
تجاهلت الصقيع .. ودعت كل جمود ..
و ارتديت أملي .. ثم انطلقت ..
إثر رحلة عمر بوغت ..
( لا مكان لك .. عودي للخناجر المتهيئة لك )
تراجعت القهقرى ..
عانقت عيناي عيني وطني ..
بكينا طويلا
تساءلنا بصمت : متى اللقاء ؟
و عاد الموت يفغر فاه .



تحياتي
غموض

النورس
04-10-2003, 11:39 AM
الأخت الضبابية ...

تتجسد هنا روعة مع انتزاع كلّ ورقة من تقويم يومياتك خارج الوطن ...
خلف كلّ ورقة عنوان وعذوبة صراخ يمتزج في صمت الغربة ويهتف كلّ يوم إلى الوطن...من تعب البعد يا سيدتي غسلتي دموعك بالشمس ..تسامرين الليل تتدلّى أطرافه الداكنة فتواري شقاء النهار ..


سيدتي ....رائعة أنتِ .....

هل أنتظر هنا حتى يهطل من مناهج العودة إبداعات جديدة ...؟

صدقاً ..آمل ذلك ..






النورس

الضبابية
06-10-2003, 11:09 AM
الفاضل النورس ..

دع العودة تصاحبني ..
فنسر معا إلى حيث روحي و قلبي
حينها فقط ..
ستغيب الليالي الداكنة
و تعود النجوم إلى عالمي

لا تطل الانتظار أيها النقي
فالندف هنا قاس
أسكن كلماتك أوراقي .. و دعها تستمع
لعلك تتحس ما أملته

تحياتي و كل الود
غموض

نعيمه الهاشمي
02-11-2003, 03:42 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الغاليه غموض

نسجل هنا مروري فوق هذا البحر من الابداع الفكري وما يحمله

فاقلامنا تنبض بنفس الافكار


تحياتى وخالص الود:0014:

الضبابية
19-11-2003, 12:06 PM
أختي الكريمة العنود الهاشمي

و عليك السلام و رحمة الله تعالى و بركاته
مرور كم سرني .. من أخت أعزها

من قلمي .. ألف تحية لقلمك
و كل التحايا لك

( اعذري أختك على تأخر ردها .. هي مشاكل البريد الالكتروني .. و الذاكرة )

مع محبتي
غموض

يسرى علي آل فنه
03-06-2007, 03:16 PM
غموض ....

هنا مشاعر نقية عذبة وهنا وطن جميل تعبق به الأنفاس والكلمات

امتناني العميق وشكري لوقت رائع قضيته في قراءة تنعش الروح

يتملكني شوق لتتبع إشراقات همسك وجمال فكرك الراقي أيتها الضبابية الرائعة

******


( اليوم الأول )
شوارع متشابهة متشابكة ..
أقسمت المدينة أن أتوه بين قسمات الوجه البارد
و سخرت المباني الشاهقة من حيرتي
أسرعت بين النواصي .. و على عتبة مدرسة عتيقة توقفت
رمقني عصفور صغير من النافذة .. صدح :يا ربوع بلادي ..
و خنقني الدمع


( اليوم الثاني )
لأول مرة أشعر ببعض الألفة !!
تجولت بين الأرفف
أسرتني غيبوبة قراءة بين صفحات الكتب
و أسرتني المكتبة بين أسوارها
و كعاصفة مباغتة
لمح برق العنوان : وطني بين النار .. و النار


( اليوم الثالث )
إلى جبال الشمال ..
كانت الرحلة قصيرة .. و باغتني قرب الجبال
دوما جبال الإسمنت تحمينا من جمال جبال الطبيعة
السعادة طافت بالجميع و فاتتني ..
الأشجار .. النهر .. الجبل .. الغيم الأبيض .. الزرقة النقية
كل همسة نسيم هنا تلفحني بالشوق إلى بلدي
هب يا صبا الوطن
و اصدح أيها البلبل الصادي : غال ترابك يا وطني


( اليوم الرابع )
بدأ العمل .. و غرقت في المكتب
انقشعت سحب الوحدة .. و رشقتني المتعة ببعض سهامها الذهبية
تعبت .. توقفت دقائق للراحة .. و أخذت سبيلي إلى النافذة لعلي أشاركها تطلعها إلى العالم
صدمتني جدران الإسمنت من حولي
أين اللوزة العملاقة ؟
تذكرت .. لقد تركتها ورائي في الوطن !!
هاهي السحب تتكاثف من جديد


( اليوم الخامس )
الأفكار تطوف برأسي منذ الصباح
بعد الانتهاء من العمل أحببت أن أطوف في المدينة قليلا لعل رأسي يرتاح لدقائق
شعرت بأني أرتجف في أعماق معطفي
الوجوه الباردة .. الجدران المتشابكة .. بريكات المياه المتناثرة .. زخات المطر الخفيفة
أي يوم انتقيت لأتجول في هذه المدينة العجيبة ؟
باغتني صوت عذب .. أعرف هذا النقاء
أسرعت في مشيي .. و عنده تجمدت ..
أخيرا .. قطعة من الوطن .. يا لعظمة المسجد !!


( اليوم السادس )
البخار يتصاعد من فنجان القهوة .. ما إن يفرغ حتى تملأه كفي ثانية
و عقلي .. يدور كمكوك بين الأوراق المتناثرة
باغتني رنين الهاتف .. أسرعت إليه : آلو .. و عليكم السلام .. أمي
نسيت العاصفة الرعدية في الخارج .. نسيت الوحدة تضطرم في أعماقي
و غمرني الدفء .. هذا صوت وطني الأول .. أغلى وطن
كم كنت بحاجة لنبرة الحب الحاني !!


( اليوم السابع )
بدأ الخدر يتسلل إلى جسدي و لما أقض ساعة في العمل بعد
حاولت الهروب من أفكاري .. لكن إلى أين ؟
تشاجرت مع ذاتي .. قد أقسمت لي أن تكف عن الدوران في أفلاكها الغائرة
و يبدو أن الدوران لن يكف عنها
استأذنت .. و فررت من أزيز الأجهزة .. من أوراق التقارير .. من الخطوات
رفعني المبنى على ذراعيه .. رمقتني السحب بدفء و ضاحكتني الطيور
غمغم زوج فلامنكو بعيد : أتأتين ؟؟
قهقهت الزرقة ساخرة .. تنفست الهواء الغريب .. و عاد طعم المرارة يملأ فمي
ما أصعب الغربة !!


( اليوم الثامن )
قيدني الفراش .. و انتشلني الخدر من عملي
استيقظت قبيل الظهيرة ..
القلم قريب .. رغبة طاغية تحرك يدي إليه
حاولت اصطياده .. و عندما أفلحت .. وجدت الفريسة أفلتت
طارت الكلمات !!! و غفا المرض على صدري


( اليوم التاسع )
فتحت عيني ببطء
استحال ما حولي رماديا باهتا ..
و ارتعشت الأجسام
يبدو أن صديقتي كانت محقة بشأن الأثاث .. إنه ليس ثابتا
و ... لم أعد أشعر بشيء !!





( اليوم العاشر )
تكلل ما حولي ببياض ناصع
ساءلت الأنفاس :
أذا ثلج وطني ؟
غمغمت السخرية شامتة :
بل غرفة المشفى

(اليوم الحادي عشر )
صبية تشاركني الحجرة
في عينيها زرقة سماء بلادي
في شفتيها حمرة الغروب في بلادي
في حركاتها رقة نسيم بلادي
لكنها .. ليست من بلادي

( اليوم الثاني عشر )
مندفعة باشتياق لعناق السماء
خرجت من المشفى
و عانقتني الثلوج
أين أطيارك وطني ؟

( اليوم الثالث عشر )
عدت للعمل
كجبال وطني كانت كدس التقارير على المكتب
ضمني شعور بالكآبة
أعددت القهوة العربية
استرخيت قليلا
و .. اجتاحني صوته :
يا بلادي مهد أمي و أبي ~~~ نحن أبناء لشعب عربي
ارتجف القدح الساخن

( اليوم الرابع عشر )
أشارت الأشجار إلي بالتحية
اليوم إجازة .. لكن المتنزه هادئ لا تعبث به ضحكات الأطفال
جالست كرات الثلج و بقايا الأوراق المصفرة
و عدت تجرجرني الخطوات
كم كان دافئا وطني !!

( اليوم الخامس عشر )
كهمس الريح ..
أو كخفق أجنحة السنونو
تتابع علي الأيام
لا لون و لا طعم و لا رائحة
و في وجوههم أكاد أصرخ : أعيدوني إلى الحياة
أعيدوني إلى وطني

( اليوم السادس عشر )
الطائرات الملونة
الضحكات المتناثرة
الثياب الزاهية
الاحتفالات هنا و هناك
غابت شمس العيد عني اليوم
و ضمتني الأوراق بين ذراعيها
وطني .. كل عام و أنت بخير

( اليوم السابع عشر )
وحيدة
لطالما كنت وحيدة
لكن
كانت أزهار وطني تداعبني
طيور وطني تناديني
غيوم وطني تحييني
و شمس وطني تسليني
و هذه الغربة تقتلني
تقتلني
تقتلني

( غدا : اليوم الثامن عشر )
ترى هل تشرق علي شمس هذا اليوم ؟؟
ترى متى تشرق علي شمس بلادي ؟؟
( اليوم الثامن عشر )
لم تطلع الشمس ..
احتجزتها الغيوم
و طفقت تقهقه ساخرة من كل أفكاري
و عندما فارقت وطنها
سالت دموعا على وجه الأرض
و عادت الشمس تصفع الطرقات

( اليوم التاسع عشر )
خرجت كالسائر على السحاب تجرجرني الخطوات
التفت أجوب جدران مكان عملي الصامت بعيني
ثم عدت تدفعني خطواتي باتجاه حجرتي الصغيرة
وصلتها يملؤني الإرهاق
كم أخطأت عندما اعتقدت المسافة قصيرة !
وحدك وطني تضم الجميع بين ذراعي حنان
كم أفتقدك !

( اليوم العشرون )
لملمت ذاكرتي المتعبة
و ضممتها إلى صدري المثقل بالدمع
بينما تقاذفتني الشوارع الدامعة بين جفني السماء
ساءلت الأشجار المتلاصقة كأصابع أمي تضم كفي يوم الرحيل : متى العودة ؟
أطرقت شواهق السماء ..
و همست أسراب الطيور العائدة : في كل آن !

( اليوم ..... )
جف القلم و ملتني الأفكار
فرحلت عن هذه الأوراق
و هاهي الغربة تعيدني إليها ..
ترى ماذا بقي من كلماتي ؟

( اليوم ..... )
هجرت الجدران المتوحدة سجنا للآهات ..
صفعت الحجارة الزاهية بطرقات خطواتي
و أسرعت بالصور حولي حتى كدت أجري
كم حاولت هروبا صامتا
فعاد الصمت يلفني بأسئلته :
أكان الرحيل فرارا و السفر انهزاما ؟؟
ألذا رحلت ؟؟
وطني ..
سأعود بقلب نضر .. و دمعة جفت
لكن
كم أخشى أن تكثر الوعود المنسية !

( اليوم ..... )
باغتتني التساؤلات في عينيه ..
حاولت الابتعاد عن وحشة غربة تقتنصنا شيئا فشيئا ..
حاولت الفرار من آلام الدفن خارج الروح و الجسد
لكنه من النظرة الأولى نبض بها ..
ساءلني عن وطن ما تزود ببريق عينيه من أمد
أما علم أنه سلاه ؟
ساءلني عن قرية توسدت رسائل أبنائها الراحلين
أما علم أنها ملت ؟
ساءلني عن شجرة عانق جذعها صغيرا .. و عانق ذكراها مغتربا ..
أما علم أنها حطبا استحالت ؟
بكت كلماته في قلبي و هو يساءلني عن كف لينة حبيبة آسية ..
و بكى الجواب ..
أما علم أنها توسدت صدر الوطن الذي يعشق ؟؟
ما أصعب فقدان الوطنين .. أم .. و أرض!

( اليوم : ..... )
بحقيبة فارغة .. و قلب ممتلئ قررت العودة
همست الحجرة الباردة بسخرية : ما كل ما يتمنى ..
تجاهلت الصقيع .. ودعت كل جمود ..
و ارتديت أملي .. ثم انطلقت ..
إثر رحلة عمر بوغت ..
( لا مكان لك .. عودي للخناجر المتهيئة لك )
تراجعت القهقرى ..
عانقت عيناي عيني وطني ..
بكينا طويلا
تساءلنا بصمت : متى اللقاء ؟
و عاد الموت يفغر فاه .



تحياتي
غموض

سحر الليالي
29-01-2008, 11:22 PM
الغ ــالية :غموض" اشتقت لك ولحرفك...!

كوني بخير دوما ،وبـ إنتظار إشراقتك بيننا دوما

لـ رفع لـ مبدعة نفتقدها .