تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ذكرى من خوالي الصيف



أديب قبلان
27-10-2006, 10:38 PM
كان من يناديني هو صوت أمي الذي طرق أذني لكي يدعوني إلى القيام و الشروع في استمرار الحياة ، كان يومها صوتاً حلواً زاد حلاوته زقزقة العصافير التي جعلت حلاوتها قيامي نشيطاً .

اتجهت إلى باب الغرفة الخشبي العجوز الذي بقي له (خطوات ) قليلة ليصل إلى القبر ، فتحته فصرخ وكأنه يتألم من فتحي له .

اتجهت إلى ( الدرج ) المعانق لـ ( دالية ) العنب الخضراء التي ملأت بيتنا من ورقها الغض الذي لطالما أكلنا منها على مر الأزمنة والعصور ، انطلقت أتلوح باتجاه البحرة تحت شجرة الياسمين التي جعلت رائحتها حياتي ذات طعم آخر معطر بعطرها .
تمر أمي حاملة ( صينية ) الخيش القديمة الحاملة لأشهى مأكولات القرن العشرين :
" صباح الخير "
" صباح النور "

واتجهت إليها فقبلت رأسها ثم حملت عنها الصينية واتجهت أسبقها إلى القبو ، وجلست على الأريكة القديمة المستندة إلى الصندوق الخشبي الذي فجعه فقد أحد أرجله الأربعة في حادث أليم .
" سأحاول أن أعود باكراً من دكان أبي عبدو ، عل العمل ليس كثيرا الليلة "

" بالتوفيق ، ارجع متى شئت لكن مر على أبي سعيد لتحضر الحـناء "

تناولت فطوري و اتجهت إلى باب البيت الحديدي الذي بفتحه أرى عالماً آخر يختلف عن عالم البيت ، بدأت مشوار الحارات القديمة التي تشبه الخيوط المتداخلة التي كنت أضيع فيها في صغري ، حتى أصبحت على الشارع العام و ركبت في ( السرفيس ) الذي يكون معظم الأحيان ضيقاً ومزعجاً صعوده .
وهكذا توجهت إلى ( سوق الحميدية ) المغطى بذلك الغطاء الذي جعله بارزاً في دمشق الحبيبة ، إلى أن وصلت إلى دكانة أبي عبدو :
" صباح الخير أبا عبدو "

" صباح الخير همام ، أبلغ أمك عن احتمال تأخرك الليلة لأن العمل كثير "

هذا ما كان ينقصني ، اليوم خميس وسيقيد نهاري أبو عبدو بالعمل
اتجهت إلى الهاتف واتصلت بجارتنا أم خلدون وأخبرتها أن تخبر أمي عن هذه المأساة ، ثم بدأت بالعمل ، وكان من الذين قطعوا عملي سعيد الخاني الذي أرسله رياض لدعوتي لحضور سهرة الليلة عند أبي الوفا ، فلم أجد جواباً إلا ما قد أوجعه ، فماذا أفعل إذاً
رفضت هذه الدعوة وكثيراً من الدعوات التي قدمها الأصدقاء ، ولكن للأسف لا أستطيع أن أجتمع مع أي منهم إلا يوم الخميس ، وكان نصيبي من هذا الخميس العمل إلى بزوغ الفجر .
عدت إلى البيت بعد معركة طاحنة مع أبو عبدو بسبب تعليقي على كلامه الذي يمده كالمطاط ، ولكن في النهاية عدت لأبدأ رحلة أحلامي التي لطالما اشتقت لها كلما تعبت ، بدأتها بعد أن أنهيت الجدال مع العمل والسعي ، " ما أجمل أن أنهي السعي بالنوم " .

د. محمد حسن السمان
31-10-2006, 12:48 AM
سلام الـلـه عليكم
الاخ الفاضل القاص اديب قبلان

اجدت في قصتك , وقد لونتها بجماليات فن القص , فالبداية جميلة , رغم الارباك الحاصل , عن الاخطاء الناتجة عن لوحة المفاتيح , ثم اعطيتنا صورة لفسيفساء المنزل والحارة القديمين , ثم الانتقال الى العمل , وجو العمل , ولم ينقصك سوى عملية التداعي , وجاءت النهاية , متوسطة القوة , وبالعودة الى العنوان , والذي هو مهم في القصة , لم الحظ ما يعزز هذا العنوان , او يجعله لافتا , من خلال مساقات القصة , على اية حال انت قدمت قصة جميلة بحق , ولابد لي من العودة للنقاش .
تقبل محبتي وتقديري

اخوكم
السمان

أديب قبلان
31-10-2006, 11:10 AM
أستاذي الكريم الدكتور محمد حسن السمان

لك كل محبتي وتقديري وأنا أرى في كلامك كل الوضوح والرزانة والصحة ففعلاً كان العنوان ليس إلا رسم يشد القارئ وهناك مشروع صغير لتغييره


تقبل تحيتي
أديب قبلان

مجذوب العيد المشراوي
07-11-2006, 02:03 PM
لك مميزات المحترف ..
سأتابعك عن كثب

سحر الليالي
07-11-2006, 08:48 PM
قصة جميلة ...

سلم قلمك أستاذ أديب

تقبل خالص تقديري وباقة ورد

أديب قبلان
22-04-2007, 01:44 PM
أستاذي المشرواي

متابعتك شرف لي ...

الأستاذة سحر

أشكر مرورك وثناءك

جوتيار تمر
24-04-2007, 10:18 PM
قبلان......

سرت معك في رحلة شيقة داخل بيت غرس فينا بعض اجمل ملامح الفن المعماري القديم، ذلك الفن الذي اذهل الكثيرين لكونه اعتمد على البسيط السلس والسهل المتوفر، والموجود الرائع، وكذلك الوصف الجميل للاثاث الخشبي وحتى الصينية ، وما يدل على ان اهل اليبت هم من متذوقي الاصالة ومن المحافظين على اطر الحياة القديمة داخل بيت اكثر حضاري من حيث كونه يعيش في عصر اكثر تطورا وتوسعا في المفاهيم والمعارف، ولقد اذهلني الوصف لباحة البيت الداخلية وجعلني استحضر بعض الصور واخلق البعض الاخر لاصل الى رؤية واضحة المعالم لذلك البيت ولباحته الداخلية ولاثاثه الخشبي، ولعل الاهتمام بالتفاصيل الدقيقة والصغيرة لم تجعل من القصة تبتعد عن سياقها الجميل وتسلسل احداثها والتي بلاشك لم تكن بالاحداث الكثيرة لكنه كانت على علاقة وثيقة فيما بينها، ولاضافة اللمحة الانسانية على العمل كان لابد من الغوص اكثر في الحياة البشرية لاهل البيت وذلك من خلال همام وعمله وتعبه وعلاقته بالام، وكذلك علاقاته الاجتماعية من خلال دعوات الاصدقاء، ولعل النهاية كانت جميلة قوة اضافية للنص لانها لم تعرف مسالكها الا عند الوصول اليها.

النص رائع بحق
محبتي وتقديري
جوتيار

أديب قبلان
25-04-2007, 04:24 AM
أستاذ جو

قصتي البسيطة هذه كتبت لهدف واحد .. وهو تفريغ العشق الأصيل للحارة الدمشقية خلقاً وأخلاقاً من خلال عمل أدبي متواضع ، وكما تفضلت ..ربما كانت النهاية قوية لأنها لم تعرف مسالكها إلا عند الوصول إليها ...


محبتي