المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : النائمون مع القهر



محمد سامي البوهي
29-10-2006, 02:19 PM
النائمون في القهر

ألقى بكتلته الثقيلة على السرير المتهالك ، تلاحم مع النوم في لحظات قصار، امتد جسده العملاق بين قواطع الأسرة المزدحمة ، انفجرت الغرفة بالأنفاس المتخمرة ، الأقدام تسبح قرب الوجوة المنصاعة لأوجاع مضت ، وأخرى قادمة مع يومها الجديد، شخير متقطع يتقابل مع هنات الكلمات بأضغاث الأحلام ، الحرارة تشع من الجدران ، غيرت من طبيعة الأجواء الباردة بالشارع الخالي إلا من فلول السيارات الطائشة ، انكمشت الأوسدة على الرؤوس المتداخلة ، بقايا من أرقام ضائعة طبعت علي الجباه ، لم تتناسب يوما مع هموم العيش ، رسم خط النهاية عند حدود الزواج ؛ شقة زوجة ... أولاد ... ياااااه ... أقصى ما وصل اليه مع الحلم على تلال الآلام ، غارت الأمنيات بالفراش المغموس في حوض الدموع المتجمدة بين ثنايا الفراق والحرمان ، وانتظم الشخير خخخخخخخخخخخخ.
احمرت أعين النعاس ، زحفت نحو الجسد الآخر ، صفع أنفاسه بوسادة أسندها على حائط الجوار ، أكلت من كتفيه حجارة نقعت بشمس لا تغيب ، يراها وسط الظلام المختبئ خلف جفونه مع بقايا من بيوت لم تكتمل ، زائره النوم عندما تنطفئ ، تلاعبه أكتافه بصوت الأنين ، صوت الأَََسرة المتهالكة من صوت تصلب العظام، يحمل تحت يديه جبالاً من طين ، وجبالاً من حديد ، لكن َدراجة ابنه الصغير تهون عليه الكثير والكثير ، رفعه ليقبله قبل الرحيل ، فأمسك شاربه الطويل - لا تنس الدراجة يا أبي - ، أسند كتفه عليها ، عانقها ، وانتظم الشخير خخخخخخخخخخخخ.
تهدل حتى خاصمت ساقيه ما تبقى من جسده الراقد على جزء من سرير ، يتأرجح بين الوجود والفراغ ، يعيش مع تجبر البطون بين الموائد الساهرة ، يلبي لها ما تشتهيه من طعام ، يتلقى كلمات تنخر من كرامة الإنسان ، وكلمات تلملم ما بقي له من مقام ، يشبع جوعه من بقايا اللقيمات ، التفت عروق قدميه حول أعناق النائمين ، آلام ... الدماء تندفع ... تعود ... دكت عظام ظهره بظهر أمه المطحون ، أبيه المريض ... الدواء ... ضم لائحة الطعام.. ناااام في أحضان القهر.

محمد سامي البوهي

الكويت : 3/9/2006

خليل حلاوجي
29-10-2006, 05:23 PM
معانقة ومصافحة أولى

\

مدن الزيف والهوان ... مدننا

ضجرة ومضجرة

خائفة ومخيفة

أتدري لم َ ؟

لان أهلها لازالوا يشخرون .... يقاتلهم خوفهم من طغاتهم ... ومن الكسل

\

جميل هو حرفك أيها السامق

محمد سامي البوهي
29-10-2006, 07:27 PM
معانقة ومصافحة أولى
\
مدن الزيف والهوان ... مدننا
ضجرة ومضجرة
خائفة ومخيفة
أتدري لم َ ؟
لان أهلها لازالوا يشخرون .... يقاتلهم خوفهم من طغاتهم ... ومن الكسل
\
جميل هو حرفك أيها السامق

أخي الرائع الرقيق الاديب / خليل

تأويل مبدع من عقل مبدع ، اشكر اهتمامك بنصوصي ، ويشرفني تواجدك بها دائما.

وفاء شوكت خضر
29-10-2006, 08:30 PM
لا زلنا نشد الرحال إلى غربة تنهشنا ، تقضي على الباقي منا ، تستبيح كرامتنا ، في سبيل لقمة العيش .

أخي سامي البوهي .

ما أصعب الغربة ، لكن تشد إليها الرحال بإرغام ، رحلة زوادتها الشوق والحنين ، والدموع ، وفراق الأهل ، لجني دراهم تكون ثمنا للكرامة وفناء للصحة ، يفني العمر بالسعي لتحصيل القرش الذي يوفر الحياة الكريمة للغير ، في الوقت الذي يحرم منها هذا المسافر الغريب عن الوطن والأهل .

قصة تحاكي حال هؤلاء الكادين في سبيل لقمة العيش في الغربه ، نجحت بتصوير المعاناة ، والحلم الصغير الذي لم يتعدى .. عجلة لولد صغير يفرح بها ، أكثر من فرحته بعودة الأب الذي نسي ملامحه .

أخي الفاضل .
نجحت باختيار الفكره ، ونجحت بتصوير البطل ، والحوار الذي اعتمد على المحاكاة المباشرة للكاتب ، دون أن يكون للبطل أي حوار غير الشخير .

تبقى دائما مبدعا في كتابة القصه .

تحياتي .

محمد سامي البوهي
30-10-2006, 01:37 PM
الأديبة والناقدة الكبيرة / وفاء خضر

اشكرك على هذه القراءة المفصلة والتي فسرت النص كما كتب ، وكما قصدته ، فان ما نعانيه من قهر عملي سواء بغربتنا او بأوطاننا نستحق ان نكتب عنه الكثير والكثير .

دمت مبدعة

محمد سامي البوهي
01-11-2006, 10:50 AM
[quote=دخون;194814]لا زلنا نشد الرحال إلى غربة تنهشنا ، تقضي على الباقي منا ، تستبيح كرامتنا ، في سبيل لقمة العيش .
أخي سامي البوهي .
ما أصعب الغربة ، لكن تشد إليها الرحال بإرغام ، رحلة زوادتها الشوق والحنين ، والدموع ، وفراق الأهل ، لجني دراهم تكون ثمنا للكرامة وفناء للصحة ، يفني العمر بالسعي لتحصيل القرش الذي يوفر الحياة الكريمة للغير ، في الوقت الذي يحرم منها هذا المسافر الغريب عن الوطن والأهل .
قصة تحاكي حال هؤلاء الكادين في سبيل لقمة العيش في الغربه ، نجحت بتصوير المعاناة ، والحلم الصغير الذي لم يتعدى .. عجلة لولد صغير يفرح بها ، أكثر من فرحته بعودة الأب الذي نسي ملامحه .
أخي الفاضل .
نجحت باختيار الفكره ، ونجحت بتصوير البطل ، والحوار الذي اعتمد على المحاكاة المباشرة للكاتب ، دون أن يكون للبطل أي حوار غير الشخير .
تبقى دائما مبدعا في كتابة القصه .
تحياتي .[/quot

الغربة هي دين نسدده من أعمارنا ، نحرم انفسنا ونموت من اجل عيش الأخرين ، ولكن هل ما نبنيه لهم الان سيكفيهم في دنياهم القادمة أشك في ذلك لاننا لم نعد نملك حتى ادوات البناء .