المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فرسان الليل - قصة قصيرة - نزار ب. الزين



نزار ب. الزين
31-10-2006, 04:01 PM
فرسان الليل
قصة قصيرة
نزار ب. الزين
*****

" فرسان الليل "
" جرذانا و صبيانا "
" جرذاناً من جميع الأجناس "
" صبيانا من جميع المقاسات و الأعمار "
" للجرذان الهزيع الأول من الليل "
" و للصبيان الهزيع الأخير "
"إنهم يتكاثرون ، أعني الصبيان لا الجرذان"
" أصبحوا يشكلون عصابات "
" أصبحت لهم قيادات "
" كثيراً ما يتشجارون أو يتصارعون "
همس رياض لزوجته ، كانا يمارسان رياضة المشي في شوارع الضاحية الأنيقة ، عندما شاهدا بعض الصبية يقلبون حاوية قمامة ثم يعبثون بما فيها ...
ثم أكمل متسائلاً باهتمام :
" ترى هل أن الأمر مربح إلى هذا الحد "
" أم أن الفقر تجاوز كل حد ؟ "
فأجابته مؤكدة :
" أفضل من مهنة الشحاذة على أي حال"

*****

صبي في الخامسة ، ربما أقل قليلاً أو أكثر قليلاً ،
يتشبث بكيس يحمله، بينما آخرأكبر منه يحاول إنتزاعه منه .
يضربه ، يشتمه ، و لكن الطفل ظل متشبثاً بكيسه ...
يبكي ، يصرخ ، يستنجد ، و لكنه لا يزال يتشبث بكيسه .
يقترب رياض منهما ..
تناشده زوجته :
- لا تحشر أنفك يارياض
- و لكن رياض يستمر ، يأمر الصبي الكبير بالكف عن أذى الصبي الصغير ، فيبتعد هذا شاتماً رياض و زوجته و كل من يلوذ بهما بأقذع الشتائم .
- ألم أقل لك لا تحشر أنفك يا رياض ؟
قالت له معاتبة ؛
إلا أن رياض يتقدم من الصغير و يسأله:
- هل يفرض عليك أحد جمع العلب يا بني ...؟.
- نعم – عمّو – إنه أبي ، هو عاجز ، يأمرنا أن نسرح أنا و إخوتي ، قبل فجر كل يوم لجمعها ؛ أما أمي فتحمل ما جمعناه ثم تبيعه ، لتجلب لنا بثمنه الطعام .
يهز رياض رأسه أسفاً ، بينما تعقب زوجته :
" أفضل من مهنة الشحاذة على أي حال "
ثم يكملان المشوار ..

*****

صبي آخر ، يتسلق حاوية أخرى ، إنه في قلب القمامة الآن ، ينقب بيديه الصغيرتين عن العلب الفارغة ، لا يهم إن كانت من البلاستك أو من الألَمينيم ، و لا يهم إن كانت الحاوية مليئة بالحشرات أو بالديدان أم بملايين الفيروسات و المكروبات و الطفيليات ، و لا يهم إن كانت رائحة القمامة تزكم الأنوف ، أم تخترق الخياشم إلى أعماق الدماغ ، المهم أنه كلما عثر على واحدة ، ناولها للآخر !
يتسلق الحاوية الآن من الداخل فيتعثر و لا يفلح بالخروج منها...
يحاول زميله مساعدته فلا يتمكن ....
كلاهما صغيران ، ضعيفان .....
يهرع رياض نحوهما ....
يُخرج الأول من القمامة بينما يلوذ الآخر بالفرار ....
ربما ظنه شرطيا ...
تلومه زوجته
- ها أنت تحشر أنفك ثانية ، لقد لوثت ملابسك و بدأت تفوح منها رائحة المزابل ..
أجابها معارضاً :
- هل كان بوسعي أترك المسكين غارقا في القمامة ؟ ( ملعون أبو الملابس )
، ثمثم أضاف متألما :
- "يا لها من مهنة تعيسة " ، فأجابته زوجته :
- " أفضل من مهنة الشحاذة على أي حال " ،
- ثم أكملا المشوار .

*****

حاوية أخرى
و صبي آخر ، في التاسعة أو العاشرة
يعثر في الحاوية على كيس مليء
يفرح
ينظر إلى محتوياته
يفرح أكثر
يتناول منه
بفرح أكبر
إنها ثمرة تين
يقربها من فمه
يتناول منها قضمة
يهرع رياض نحوه
يصرخ به منبها :
- إبصقها يا بني في الحال إنها فاسدة و سوف تقتلك إن أكلتها !
يجفل الطفل ، ينظر إلى رياض شذراً ، يبدو عليه بعض خوف ...
و لكنه يتشبث بثروته الصغيرة
ثم يطلق ساقيه للرياح ...
تلتفت زوجته قائلة :
- ألم أقل لك ، لا فائدة من حشر أنفك ؟!
و قبل أن تكمل جملتها ، لمحت دموعه الصامتة تنهمر !
-------------------
* نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
عضو جمعية المترجمين العرب

عبلة محمد زقزوق
31-10-2006, 05:27 PM
أولاد الشوارع
والله يا أخي انني علمت من مصدر موثوق منه أن احد هؤلاء أصبح من اصحاب المليارات . بعد ان عرف طريقه من جمع المعلبات والزجاجات البلاستيكيه خاصة وكبسها بمصنع صغير ثم تصديرها .
ومن ثم يقوم بتأجير مثل تلك الأسر المعدمة ليجمعوا ما يتسنى لهم مما يريد ... وكله بحسابه والحساب زهيد .
عموما قصة ومواقف إنسانية نراها ونلمسها .
تقديري لحسن الصياغة والسرد

جوتيار تمر
31-10-2006, 11:53 PM
متى بدأت المأساة الحقيقية للانسان...اظنها بدأت عندما اصبح الانسان لايحشر انفه في معاناة الاخر الذي يقابله في الحياة..لكم هي صورة مفجعة..ان نشاهد بام اعيننا اطفال يتجولون منذ الفجر على الشوارع حاملين اكياس مليئة بالنفايات...انظروا...نقول عنها نفايات...لكن ماذا يقولون هم عنها...قوت نستمر به لايام اخرى..بل لساعات اخرى ..بل للحظات اخرى...؟
نقول عنها نفايات لاننا عندما نشبع لانفكر بان هناك يجوع في نفس اللحظة التي نشبع نحن فيها..لا..ابدا..فبدلا..من التفكير بالاخر...ياتي بعد الاشباع من الجوع هذا...جوع اخر... وهو جوع اصبح افتك من الاول...جوع جنسي ..وفي غمرة اللذة يتناسى الانسان من يكون وماذا يكون ولماذا هو موجود..؟
اللغة الانسانية الغائبة في الحياة بالطبع هي ليست مسالة اعتباطية انما هي مخلفات لمسببات كثيرة..لعل اهما غياب الوعي الانساني بضرورة التعايش الانساني مع الاخر الذي هو ليس الا نتيجة حتمية لوجود الاول.
رياض هذا..بدمعته تلك..ولن اقول بتلبيته نداء الاغاثة المجهول المبطن وراء تلك الحاويات وداخلها..يسطر لنا هنا...قيمة انسانية فريدة..وهي القيمة ذاتها التي نحن نفتقدها لهذا.. لم يعد للاخر معنا اهمية..بل لم يعد الاب يرى في بقاء ابنائه معه تحت كف رحمته ضرورة..لذا فهو يعاقب الطفل اذا عاد خاوي اليدين..ولايعاقب ذاته لانها اصبت فارغة من انسانيته.
اعلن بان الاباء قد يكونوا معذورين بسبب الاعاقة وغيرها...لكن في ظني لا شيء يبرر اجبار طفل ان يعيش حياته وهو يجمع النفايات داخل الحاويات.
وهذه الصرخة لانطلقها للاباء فقط...انما لمحبي المجون..هولاء الذين يعيشون على اكتاف الاخرين..الذين يصرفون الملايين في المتع الانية...نقول لهم...لسنا نريد ان نمنعكم من اكمال متعتكم..لكن...ليكن للسائل والمحروم حق في مالكم..ومن خلالهم نريد ايصال صرختنا الى اهل الشأن...الى متى تكنزون الذهب والفضة...وانتم قابعون عليين...اليس لشعوبكم حق..اليس للاطفال حق في ان يعيشوا..ويصعدوا الى عليين..؟
لااعلم لماذا هذا الالم يجتاح ذاتي كلما وجدت طفلا يبكي يتالم يمد يده..؟
لااعلم....لااعلم....بل احيانا دمعة رياض تتساقط من عيني..وكأني انا الذي اعيش الحالة وليس هم.
ايتها الانسانية التي خنقت وجودك..بالسماح للجناح المظلم منك بالتغلب على الاخر المضيء.. عليك بنفسك..لان النهاية باتت قريبة...لاننا على ابواب العودة الى الغابة.

الاستاذ الكبير نزار...
لااستطيع كتابة المزيد فعذرا...لان صدري يكاد يختنق..؟

تقديري لانسانيتك المرهفة
ومحبتي لوجودك الرائع
جوتيار

عدنان أحمد البحيصي
01-11-2006, 04:44 PM
وتظل هكذا يا صديقي

تسرد لنا قصص الحياة المؤلمة

ليأنبنا الضمير

وتجلدنا الحكايا

ويظل أغلبنا بلا شعور


شكراً لك

وفاء شوكت خضر
01-11-2006, 05:18 PM
الأخ الفاضل / نزار الزين .

السلام عليك ورحمة الله وبركاته .

هذه المهنة استوردناها من الغرب كما استوردنا المشروبات الغازية ، الفقر ليس حليفنا فقط ، انظروا إلى شوارع لندن ونيويوك ، ستجدوا هذه المهنة موجودة .

نسحن نستورد كل شيء ، حتى قسوة القلب .

قصة مؤلمه حتى النخاع .. صورة صادقة للشارع وحاويات القمامه ، أو حاويات الرزق للبعض .

كما قالت زوجة رياض .. أفضل من مهنة التسول .

شكرا على ما قدت لنا .
تحياتي ..

خليل حلاوجي
02-11-2006, 09:09 PM
أولا ً

أختيار العنوان ... فرسان الليل .... أعطى أنطباع مثري للقارىء عن أن ليلنا وسدنة أمن مدننا الحزينة أصبحت اليوم .... تسكع

وفقر

وضجر

في اشارة بليغة لتفاهة مضموننا للتنمية

نحن نعاني تشويه معالم الامن القومي ففرسان ليلنا ... لصوص وفقراء

أما سائر السرد في القصة فقد أجاد القاص في الحبكة القصصية وتناول بجدارة غائية أبطال قصته ليمزجها مع واقعنا المفجع والمفزع

الاستاذ الكريم

ياأخا العزم في الهيجا

ضاقت علينا أمورنا والخطب .... مظلم

إنا لنرجوك يامجد والنصر ..... لننعم

\

لله درك أستاذي ... هيجت أوجاعي

نزار ب. الزين
04-11-2006, 05:07 PM
أولاد الشوارع
والله يا أخي انني علمت من مصدر موثوق منه أن احد هؤلاء أصبح من اصحاب المليارات . بعد ان عرف طريقه من جمع المعلبات والزجاجات البلاستيكيه خاصة وكبسها بمصنع صغير ثم تصديرها .
ومن ثم يقوم بتأجير مثل تلك الأسر المعدمة ليجمعوا ما يتسنى لهم مما يريد ... وكله بحسابه والحساب زهيد .
عموما قصة ومواقف إنسانية نراها ونلمسها .
تقديري لحسن الصياغة والسرد
=======================

أختي الفاضلة عبلة
تجارة العلب الفارغة و البلاستيكيات عموما تجارة رائجة ، و حتى هنا في أمريكا هناك من جعلها مهنة ،إنهم يتجولون منذ الصباح الباكر و يجسون ما حوته حاويات القمامة بعصيهم ثم يستخلصونها من أكياس القمامة و قد ارتدوا في أيدهم القفازات، ثم يذهبون بها إلى أحد الأجهزة الآلية المجاورة لمراكز التسوق الكبرى ، يضعون فيها العلب بعد ضغطها فتُخرج لهم الآلة مقابل كل علبة بضعة سنتات ؛ و لكن أبدا!!!!... لا يشارك الأطفال في هذه المهنة ، و تحت طائلة القانون .
المأساة في بلادنا العربية هي دفع الأطفال إلى ممارسة هذه المهنة ، بدلا من توجيههم إلى نشاطات تفيد عقولهم و ألعاب تنمي أجسادهم و مواهبهم !
شكرا لافتتاحك النقاش و لثنائك العاطر
نزار

نزار ب. الزين
04-11-2006, 07:33 PM
ايتها الانسانية التي خنق وجودك..بالسماح للجناح المظلم منك بالتغلب على الاخر المضيء.. عليك بنفسك..لان النهاية باتت قريبة...لاننا على ابواب العودة الى الغابة.
الاستاذ الكبير نزار...
لااستطيع كتابة المزيد فعذرا...لان صدري يكاد يختنق..؟
تقديري لانسانيتك المرهفة
ومحبتي لوجودك الرائع
جوتيار
====================

أخي جوتيار
لقد قدمت من خلال ردك على القصة ، قراءة أدبية إجتماعية فذة ، فعبرت بحروفك عن إنسانية راقية تملأ قلبك و عقلك ، أما شهادتك حول النص فهي وسام أعتز به ، فشكرا لك
محبتي و احترامي
نزار

نزار ب. الزين
04-11-2006, 07:41 PM
وتظل هكذا يا صديقي
تسرد لنا قصص الحياة المؤلمة
ليؤنبنا الضمير و تجلدنا الحكايا
ويظل أغلبنا بلا شعور
شكراً لك
====================

أخي الحبيب عدنان الإسلام
كثير من الناس معدومو الضمير و لكن لحسن الحظ ليسم كلهم
" فما أضيق العيش= لولا فسحة الأمل "
شكرا لمشاركتك اللطيفة و دمت بخير
نزار

نزار ب. الزين
04-11-2006, 07:54 PM
الأخ الفاضل / نزار الزين .
السلام عليك ورحمة الله وبركاته .
هذه المهنة استوردناها من الغرب كما استوردنا المشروبات الغازية ، الفقر ليس حليفنا فقط ، انظروا إلى شوارع لندن ونيويوك ، ستجدوا هذه المهنة موجودة .
نسحن نستورد كل شيء ، حتى قسوة القلب .
قصة مؤلمه حتى النخاع .. صورة صادقة للشارع وحاويات القمامه ، أو حاويات الرزق للبعض .
كما قالت زوجة رياض .. أفضل من مهنة التسول .
شكرا على ما قدت لنا .
تحياتي ..
===============

أختي الكريمة
هذه المهنة موجودة حتى هنا في لوس أنجلس و في كل مكان ، إنهم يتجولون منذ الصباح الباكر و يجسون ما حوته حاويات القمامة بعصيهم ثم يستخلصونها من أكياس القمامة و قد ارتدوا في أيدهم القفازات، ثم يذهبون بها إلى أحد الأجهزة الآلية المجاورة لمراكز التسوق الكبرى ، يضعون فيها العلب بعد ضغطها فتُخرج لهم الآلة مقابل كل علبة بضعة سنتات ؛ و لكن أبدا!!!!... لا يشارك الأطفال في هذه المهنة ، و تحت طائلة القانون .
أما قسوة القلب فلم نستوردها من الغرب، و نحن لسنا منزهين عنها ،لأن الإنسانية عموما مبتلية بها في كل زمان و مكان ، و لكنها ليست ظاهرة شاملة بل لحسن الحظ ظاهرة جزئية
شكرا لمشاركتك
مع كل المودة
نزار

نزار ب. الزين
04-11-2006, 08:01 PM
نحن نعاني تشويه معالم الامن القومي ففرسان ليلنا ... لصوص وفقراء
أما سائر السرد في القصة فقد أجاد القاص في الحبكة القصصية وتناول بجدارة غائية أبطال قصته ليمزجها مع واقعنا المفجع والمفزع
لله درك أستاذي ... هيجت أوجاعي
======================

أخي الأستاذ خليل
شكرا لهذه القراءة الأدبية القيِّمة
و ألف شكر لما تضمنته من إطراء دافئ
محبتي
نزار