تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : من لنفط العراق؟



د. محمود محمد آل الشيخ
07-11-2006, 12:55 AM
المتأمل في الوضع العراقي فيما يتعلق بإنتاج النفط العراقي والاستفادة من عوائده، لا يشك أن العراقيين اليوم أصبحوا كالأيتام على مائدة اللئام. ففي الوقت الذي تستفيد فيه الدول المصدرة للنفط من ارتفاع أسعار النفط غير المسبوقة واستمرار زيادة الطلب عليه، لا يجني العراقيون من ذلك كله سوى رائحته.
فالعراق الذي يطفو على بحيرة من النفط، ولديه ثاني أكبر احتياطي نفط في العالم، يحرم اليوم من عوائده النفطية من قبل قوات الاحتلال الأمريكية بطريقين: الطريق الأول هو أن قوات الاحتلال هي المتصرف الأول في مقدرات العراق النفطية وعائداتها، والطريق الآخر هو عدم شروع قوات الاحتلال في تطوير الصناعة النفطية وحفظها.
فأما الطريق الأول فقد بدا واضحاً للمراقبين منذ الأيام الأولى لنهاية الحرب على العراق أن الولايات المتحدة كانت تعد العدة لإعطاء امتيازات نفطية لشركات أمريكية وبريطانية تعمل في العراق. ورغم إن هذا يعد اعتداءً محرماً بموجب القانون الدولي، إذ إنه لا يجوز للقوات المحتلة أن تتصرف في مقدرات وممتلكات البلاد التي تحتلها، إلا إن الولايات المتحدة أعدت سياسةً نفطيةً تقضي بإعطاء حق استثمار ما يربو على 64% من حقول النفط العراقية لشركات متعددة الجنسيات، الأمر الذي أثار انتقادات المهتمين. ففي تقرير لها في نوفمبر الماضي، حذرت منظمة بلات فورم للبيئة والعدالة الاجتماعية من أن "مقاسمة إنتاج النفط العراقي يعني سيطرة الشركات الأمريكية والبريطانية على صناعة النفط العراقية الأمر الذي يعني تجريد العراق من ثرواته الوطنية وخسارة قرابة مائتي مليار دولار".
بيد أن إدارة بوش تعاملت بسرية كاملة مع خطة إعطاء الشركات الأجنبية امتيازات استثمار حقول النفط العراقية التي قيل إنها شملت عقوداً تتراوح مدتها مابين 25-40 عاماً. ومعلوم أن مثل هذا التصرف أمر يتعدى الصلاحيات المخولة لأي قوة تحتل أي بلد، إذ إنه لا يجوز للقوات المحتلة أن تتحكم في مصير اقتصاديات البلد المحتل.
وأما عن عدم اهتمام الحكومة الأمريكية بتطوير حقول النفط العراقية، فقد ثبت اليوم بما يغني عن الجدل أن إدارة الرئيس بوش لم تسع إلى تطوير صناعة النفط العراقية، لا من حيث التنقيب والاستكشاف، ولا من حيث التصدير وحماية أنابيب النفط.
فالعراق الذي كان ينتج أكثر من ثلاثة ملايين برميل نفط يومياً قبل حظر عام 1990، وكان يتوقع له أن ينتج أكثر من خمسة ملايين برميل يومياً بحلول عام 2006، لم يزد معدل إنتاجه على مليون ونصف برميل يومياً في العام 2005. ورغم إن العراق يعتبر من أهم الدول المنتجة للنفط عالمياً، ويقدر احتياطي النفط فيه بأكثر من مائة وخمسة عشر مليار برميل، ويمكن أن يرفع إنتاجه إلى ثمانية ملايين برميل يومياً أي ما يفوق ربع إنتاج أوبك الحالي، الذي يقارب مستوى الثلاثين مليون برميل يومياً، إلا إن إنتاج العراق من النفط يتوقع له في هذا العام أن ينخفض عما كان عليه في العام الماضي بسبب تزايد الهجمات المسلحة على أنابيب النفط والحالة المتردية لصناعة النفط. ولا يخفى أن مسئولية القوات المحتلة تشمل المحافظة على مقدرات البلاد، ومنها إمدادات النفط التي تعتبر العامل الاقتصادي الأول في دولة كالعراق. وواضح أن هجمات المقاومة العراقية –التي تتهم القوات الأمريكية والبريطانية بنهب ثرواتها- قد زادت ضراوتها، حيث بلغ معدل الهجمات على أنابيب النفط العراقية ثلاث هجمات يومياً، وهو معدل عال يصعب معه إبقاء إمدادات النفط.
ولكن مسئولية القوات المحتلة لا تتوقف عند هذا الحد، فهناك أسئلة حول عوائد استغلال ثروات العراق النفطية لا تزال تحوم. ويبدو أن هناك مشكلة عدم ثقة في القوات التي تحتل العراق من حيث صدقيتها. إذ إن عدم إفصاح القوات المحتلة عن حقائق أرقام عائدات النفط العراقي قد آلت باتهاماتٍ بالسرقة للمسئولين عن إنتاج وتصدير القطاع النفطي. فقد أشار تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية Bbc أن "الفساد ينخر قطاع النفط في العراق". ونسب التقرير إلى مسئول نفطي عراقي قوله "إن منتجات نفطية قد تم تهريبها بطرق غير مشروعة تقدر مجموع قيمتها بـ 4.2 مليار دولار أمريكي، كما تم سرقة نفط خام بشكل مباشر من أنابيب النفط ومن التسريبات".
يجيئ هذا كنتيجة مباشرة لعدم الشفافية في التحقق من عائدات النفط العراقية التي كان يجب أن تعلن بالتفصيل كما نص على ذلك قرار مجلس الأمن رقم 1483(2003). فقد نصت الفقرة 21 من القرار الآنف الذكر الصادر في 22 أيار 2003، على "أن تكون جميع صادرات العراق من مبيعات النفط والمنتجات النفطية والغاز الطبيعي عقب تاريخ اتخاذ هذا القرار متفقة مع أفضل ممارسات السوق الدولية السائدة، وأن يتولى مراجعة حساباتها محاسبون عموميون مستقلون مسؤولون أمام المجلس الدولي للمشورة والمراقبة...من أجل كفالة الشفافية...وأن تودع جميع العائدات في صندوق التنمية للعراق..."، وهو الأمر الذي لم يتحقق إلى ساعته، وقد أثار غياب ذلك تساؤلات جادة عن حقيقة الفساد الذي تتهم به القوات المحتلة.
تهم الفساد هذه، أعادت إلى الأذهان من جديد التهم التي أحاطت بأمين عام الأمم المتحدة السيد كوفي عنان في تورط ابنه في صفقات غير مشروعة فيما عرف آنذاك بفضيحة النفط مقابل الغذاء قبيل الغزو الأمريكي للعراق. ولا شك أنها مؤشر آخر لعدم الثقة في صدقية القوات المحتلة وإن كانت مدعومة من قبل أعلى منظمة دولية في العالم.
هذه الاتهمات أيضاً تدعم الرأي القائل أن السبب وراء غزو العراق ليس الزعم الذي انكشف غطاؤه اليوم، حول أسلحة الدمار الشامل أو علاقة الرئيس العراقي السابق بالقاعدة، ولكن السبب هو نفط العراق ذاته. ولعل أول وأبرز القائلين بهذا الرأي الزعيم الأفريقي المعروف نيلسون مانديلا، الذي صرح أن حرب الولايات المتحدة ضد العراق هي من أجل النفط ولكي "يضع بوش يده على بترول العراق".
وليس هذا بجديد في هذا العصر، فالنفط كان سبباً لعدد من الحروب قد لا تكون الحرب على العراق آخرها. فغزو العراق للكويت عام 1990لم يكن لشيء سوى ثروة نفط الكويت. بل وفي رأي البعض الحرب الأمريكية على أفغانستان كانت لأجل السيطرة على نفط بحر قزوين وتسهيل إمداداته عبر أفغانستان. ولكن -بحسب هذا الرأي- حين تبين أن منطقة قزوين تضم ما بين عشرة إلى عشرين مليار برميل فقط، في حين كان يتوقع أن تضم نحو مائتي مليار برميل، عندها تحولت الأنظار إلى العراق كبديل. وبغض النظر عن صحة هذا القول من عدمه، فإن العبث الأمريكي- البريطاني بثروات العراق اليوم أمر لا يجوز السكوت عليه مطلقاً.
ولعله مما يزيد أسىً هو أن مسألة العبث الأمريكي- البريطاني بنفط العراق لم يُثر كوامن الفضول عند كثير من الصحفيين. ولعل السؤال الذي يجب أن يطرح بقوة اليوم: هو لماذا هذا الصمت المريب حول سرقة نفط العراق؟ أليس نفط العراق للعراقيين فحسب؟ لماذا لا يشار إلى الأيدي التي تمتد لسرقة نفط "الأيتام" الذين تسبب السارق ذاته في تيتمهم ومن ثم سرقة خيراتهم؟ إذ يبدو أن الاعتداء على نفط العراق لم يعد مجرد مسألة "أيتام على مائدة اللئام"، ولكن مجموعة لئام سطوا على مائدة الأيتام!

محمود المبارك

حقوقي دولي

خليل حلاوجي
07-11-2006, 08:10 AM
الفوضى الخلاقة

هكذا أسمتها السياسية الماكرة رايس وهي تصف المحور الفكري لهجمة المارينز على ترابنا الطاهر

نعم

انهم ينفذون متون تلك النظرية

فيوم كان يبياع برميل النفط بعشرة دولارات كنا جياع واليوم يناطح الستين وجوعنا أشد

قبل عام كتبت مقالة لم ترض أي من صحفنا العربية بعنوان

بوش يقاتل أعداءه بدنانيرنا

\

مايحصل اليوم في العراق يرسخ بشاعة من يحاربنا
ويؤكد تواصل شخيرتنا


\

الاستاذ الفاضل
مقالة في غاية الاهمية وتساؤلات قد تحاول ايقاظنا لنجدد رؤيتنا

شكرا ً تمام الشكر لجهدك

د. توفيق حلمي
07-11-2006, 10:52 AM
مقال رائع ودراسة أكاديمية رفيعة. استفدت كثيراً فشكراً لكاتبنا الكبير الذي أنتظر منه المزيد ولعلني أقترح أن يقوم بنشر مقالات هنا لمبادئ القانون الدولي الذي يجهله الكثيرون ولعها تكون سلسلة مقالات تثري الواحة.
تقديري

نورا القحطاني
20-11-2006, 11:21 PM
http://framboise78.free.fr/Fleurs/bouquet4.gif
¸.•°°·.¸.•°°·.¸¸.•


فإن العبث الأمريكي- البريطاني بثروات العراق اليوم أمر لا يجوز السكوت عليه مطلقاً.
ولعله مما يزيد أسىً هو أن مسألة العبث الأمريكي- البريطاني بنفط العراق لم يُثر كوامن الفضول عند كثير من الصحفيين. ولعل السؤال الذي يجب أن يطرح بقوة اليوم: هو لماذا هذا الصمت المريب حول سرقة نفط العراق؟ أليس نفط العراق للعراقيين فحسب؟ لماذا لا يشار إلى الأيدي التي تمتد لسرقة نفط "الأيتام" الذين تسبب السارق ذاته في تيتمهم ومن ثم سرقة خيراتهم؟ إذ يبدو أن الاعتداء على نفط العراق لم يعد مجرد مسألة "أيتام على مائدة اللئام"، ولكن مجموعة لئام سطوا على مائدة الأيتام!
محمود المبارك
حقوقي دولي
فعلا ...أمر مريب والله ..!!
يسرقنا القوم ونحن نرى ونسمع ونشاهد ..ونعرف وشهود على ذلك
والصمت ...منطقنا ....ولا حول ولا قوة إلا بالله.
"
"
حياك الله استاذنا وسلمت على النقل الحيوي المهم.
تقديري واحترامي
¸.•°°·.¸.•°°·.¸¸.•
*
*
*
http://framboise78.free.fr/Fleurs/rosereflet.gif
تحية ورد

جوتيار تمر
21-11-2006, 08:28 AM
ما زلنا نقول من لنفط العرق...؟

محبتي
جوتيار