المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشرق الأوسط الجديد.. من الزرقة إلى السواد!



د. محمود محمد آل الشيخ
07-11-2006, 09:06 PM
المتأمل في الوضع القانوني الدولي اليوم لا يملك إلا أن يذرف الدمع على الجهود الدولية التي بذلت في أعقاب الحرب العالمية الثانية وأدت إلى قيام المنظمة الدولية المنوط بها حفظ السلم والأمن الدوليين لتفادي نشوب حروب مستقبلية. فالعالم اليوم يُجَرُ إلى حروب إقليمية بسبب عقلية خرقاء تتحكم في البيت الأبيض الأمريكي.
فمن الحرب المدمرة في أفغانستان إلى غزو كامل للعراق ثم حرب ثالثة في لبنان ورابعة في فلسطين والطريق لم ينته بعد! تأتي هذه الحروب التي تخوضها الولايات المتحدة أصالة أو تقوم بها إسرائيل بالوكالة لأجل حماية مصالح الولايات المتحدة القومية، إلا إن الولايات المتحدة تزعم أنها إنما تبني "شرقاً أوسطاً جديداً" من ضمن مزاياه القضاء على "الإرهاب" وإرساء قواعد لحريات وديموقراطيات جديدة لشعوب المنطقة.
ففي ربيع عام 2002 أعلن وزير الخارجية الأمريكي السابق كولن باول أن الولايات المتحدة لن تسمح بتكرار أحداث الحادي عشر من أيلول 2001. وتبعاً لذلك فإنه خلال عشر سنوات ستتغير خارطة الشرق الأوسط برمته. معالم الشرق الأوسط الجديد التي لم يفصح الوزير السابق عن حقيقتها لا تصريحاً ولا تلميحاً، لم يعرف لها لون ولا طعم ولا رائحة. جاء هذا التصريح مرة أخرى معدلاً على لسان رئيس الولايات المتحدة ذاته بعد غزو العراق باسم خلق "شرق أوسط كبير" ليشير إلى أن الولايات المتحدة تريد أن تبسط يدها بطريقة مباشرة على ثروات المنطقة وتحدد مسار سياساتها.
بدأ لون الشرق الأوسط الجديد يتبين بعد الغزو الأمريكي للعراق حين قامت الولايات المتحدة بخرق لا يقبل الجدل للمادة 2(4) من ميثاق الأمم المتحدة التي تنص على أنه "ينبغي على كل الدول أن تمتنع عن اللجوء إلى استخدام القوة في علاقاتها الدولية"، وتعتبر هذه المادة في رأي القانونيين الدوليين عصب القانون الدولي المعاصر الذي لولاه لسهل استباحة استخدام القوة في العلاقات الدولية، فكانت أول ملامح هذا العهد الجديد أن قانون القوة فوق قوة القانون.
ثم بان طعم الشرق الأوسط الجديد في ردة فعل المقاومة العراقية حين أخذت المقاومة بالمقولة المعروفة "ماأخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة" بعد أن فشل القانون الدولي في رد الحقوق لأهلها. ولكن طعم هذا "الجديد" بدا مراً للغاية حيث يشهد العراق اليوم حرباً أهلية مدمرة يقتل فيها العشرات يومياً ويتحمل وزرها من أشعل فتيلها.
اليوم ومع تصريح وزيرة الخارجية الأمريكية الأخير في اعتبار ما يحدث في لبنان وفلسطين من قتل وتدمير وإهراق لدماء الأبرياء بمثابة ولادة عسرة "لشرق أوسط جديد" تبينت رائحة الشرق الذي بشر به الوزير الأمريكي السابق في أن المنطقة مقبلة على حروب لن تُرى نهايتها حتى تأذن الولايات المتحدة بذلك. وأن هذه الرائحة النتنة ليست مقصورة على الأعداء كما في العراق، ولكنها قد تطال الأصدقاء أيضاً.
ولعل الولايات المتحدة قد نسيت في خضم الانشغال بتسهيل أمر الولادة أنها قد أسدت يداً لعدوها الأول اللدود الذي من أجله خلقت هذا العالم الشرق أوسطي الجديد. فحربها ضد "الإرهاب" في العراق الذي بانت فيه أول معالمه قد ساهم في جمع "الإرهابيين المسلمين" من كل مكان وجمع صفوفهم، تماماً كما فعل الاتحاد الاتحاد السوفيتي من قبل، وهو أمر لم تكن القاعدة لتقدر على القيام به لولا فضل الولايات المتحدة بغبائها المحكم. فما هي إلا برهة قصيرة حتى ولدت مقاومة "زرقاوية"، فسخت أيدي العرب والمسلمين لدعم "الجهاد ضد الصليبيين"، كما انهالت جموع الشباب المتحمس والمحبط أصلاً من كل حدب وصوب وقبلتهم "بلاد الرافدين" وهدفهم "دحر القوات الأمريكية أو الحور العين".
غني عن القول أن الأمر في فلسطين ولبنان يسير في نفس الاتجاه، وأنه إذا لم تصلح الأمور –ويبدو أنها سائرة في ذلك الطريق بسبب إرهاصات الحروب التي تلوح في الأفق- فإن هناك اليوم أرض خصبة لإنتاج آلاف الزرقاويين وأبناء اللادنيين.
اليوم يبدو من الواضح أيضاً أن الهجوم الإسرائيلي على لبنان قد وحد الصف اللبناني الذي كان متفرقاً، فلبنان بمختلف طوائفه يقف اليوم صفاً واحداً أمام الولايات المتحدة وإسرائيل. بل إنه ليس من المبالغة القول أن العالم العربي اليوم قد توحدت نظرته من الولايات المتحدة بسبب وقوفها المباشر مع إسرائيل. فقد بدا اليوم لرجل الشارع العربي أن المسألة لم تعد مجرد اغتيال رئيس وزراء سابق تشكل من أجله لجنة تحقيق دولية، ولم تعد مجرد اغتيال دولة بأسرها يروح ضحيتها شعب كامل من القتلى والجرحى والمشردين، المسألة اليوم هي اغتيال أمة بكاملها، المسألة هي اغتيال الشرق الأوسط المنعوت بالقديم لكي يستبدل بالمولود الجديد، ولكن إذا ما اكتمل هذا الاغتيال، فلن تفلح معه لجان تحقيق المنظمات الدولية كلها.
يأتي هذا الاغتيال في عالم فقد صوابه: فالأمم المتحدة تعلن على لسان "أمينها" الذي لم يعد أميناً على ما اؤتمن عليه أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن النفس بموجب المادة 51 من الميثاق، وهو خير من يعلم أن الدفاع عن النفس المنصوص عليه في الميثاق مقصور على حالة وقوع الدولة تحت هجوم من قبل دولة أخرى، كما نصت عليه المادة نفسها: "ليس في هذا الميثاق ما يمنع الدول فرادى أو مجتمعين من استخدام الحق الطبيعي لها في الدفاع عن النفس حين يتعرض إقليميها لهجوم" والتركيز هنا على لفظ "حين يتعرض إقليمها لهجوم" وأما بعد انقضاء الهجوم فلا يعتبر دفاعاً عن النفس ولكن هناك وسائل أخرى حددها الميثاق كاللجوء إلى مجلس الأمن لاتخاذ الخطوات القانونية الدولية المناسبة.
وأما المنظمة العربية الإقليمية الكبرى فقد كانت مشغولة بمبادرة سلام كانت هي الأخرى تعسرت في ولادتها ثم تبين بعد أربعة أعوام على ولادتها أنها ولدت ميتة. فتم نعي المبادرة التي أقرها مؤتمر بيروت عام 2002، من على منبر الجامعة العربية قبل أسبوعين، ولو أنصفت الجامعة لنعت نفسها إلى الأمة العربية.
المواقف المذلة تتوالى من أمة بإمكانها أن تمسك بزمام أمورها بدل أن تستميت لإرضاء خصومها، فالمقدرات الاقتصادية والعسكرية والسياسية بإمكانها أن تعيد هذه الأمة إلى الصدارة في غمضة عين لو أحسن استغلالها.
ولكن، إذا كانت الولايات المتحدة تظن أن حرب الإبادة هذه على لبنان ستقضي على حزب الله وستكون فرجاً في عالم الشرق الأوسط الجديد، فإن الدروس القريبة تعلمنا أن هذه الحرب لن تقضي على حزب الله إلا كما قضت الولايات المتحدة على طالبان والقاعدة في أفغانستان والعراق! وبالتالي فإن المولود المنتظر قد تطول ولادته في أحسن الأحوال!
وأما في أسوء الأحوال فإن الولادة قد تتم أسرع مما يتوقع وقد تتمكن الولايات المتحدة من الحصول على شرف بناء شرق أوسط جديد حقاً، ولكن يبدو أن هذا الشرق الجديد لن يكون متلائماً مع ما تريده الولايات المتحدة منه. حيث قد يأتي المولود زرقاوياً آخر أو ربما يأتي سوداوياً فينتقل الشرق الأوسط من الزرقة إلى السواد، فهل الولايات المتحدة مستعدة لذلك؟

خليل حلاوجي
07-11-2006, 09:57 PM
بعد أن كان من مروجي فكرة تصدير الديمقراطية ، كتب المفكر ناعوم تشوماسكي آخر كتبه ( ردع الديمقراطية ) تبرأ فيه من فواجع المارينز فوق أرض الرافدين بل ودق ناقوس الخطر ولكن الرجل فقد مكانته فبدأ يكتب في الصحافة الفرنسية ..

وأتذكر هنا مفكروا دولتنا الاندلسية حينما حذروا السلاطين من فواجع ماقد يحصل وأنذروهم أن العاقبة ستكون أنهيار دولتنا الاسلامية في الاندلس الرطيب ... فلم ينصت اليهم أحد فإنهارت بهم كراسيهم

\

وبوش اليوم يصرخ في أذن منتفعيه ... أنا ربكم الاعلى
وهو صورة لقراصنة وفراعنة آخر الزمان
قسم البشر
الى محور خير ومحور شر
وسيقع في شر تقسيمه

ثروت الخرباوي
08-11-2006, 12:30 AM
المتأمل في الوضع القانوني الدولي اليوم لا يملك إلا أن يذرف الدمع على الجهود الدولية التي بذلت في أعقاب الحرب العالمية الثانية وأدت إلى قيام المنظمة الدولية المنوط بها حفظ السلم والأمن الدوليين لتفادي نشوب حروب مستقبلية. فالعالم اليوم يُجَرُ إلى حروب إقليمية بسبب عقلية خرقاء تتحكم في البيت الأبيض الأمريكي.



أستاذنا الفاضل د. محمود

والله ياسيدي لقد ضاعت هيبة القانون الدولي

وضاعت جهود الفقهاء والسياسين سدى

لم تعد منظمة الأمم المتحدة منظمة بالمعنى القانوني ... إذ فقدت كينونتها

ومصداقيتها وأصبحت كيانا تابعا لدولة واحدة .

ولم يعد مجلس الأمن مجلسا للأمن

ولكنه في حقيقة الأمر ... مجلس الإعتداء على الأمن

أصدقك القول ... هذه المنظمة منظمة وهمية من بدايتها

وهذا المجلس تم إفتعاله لتبرير الإعتداء

لجعل الإحتلال صورة مقبولة نوعا ما

لذلك أقترح على سيادتكم المبادرة إلى طلب تغيير المسمى العلمي للقانون الدولي

إلى اللاقانون الدولي... حيث لاقانون ولاشرعية في ظل هيمنة دولة واحدة

رحم الله الشاعر الذي قال

لاعدل إلا أن تعادلت القوى *** وتصادم الإرهاب بالإرهاب

لك تحياتي وشكري وتقديري

ثروت الخرباوي
09-11-2006, 05:35 AM
للتثبيت
تقديرا مني لهذا النص الثري

ودعوة للنقاش حوله

زاهية
09-11-2006, 04:34 PM
ولكن يبدو أن هذا الشرق الجديد لن يكون متلائماً مع ما تريده الولايات المتحدة منه. حيث قد يأتي المولود زرقاوياً آخر أو ربما يأتي سوداوياً فينتقل الشرق الأوسط من الزرقة إلى السواد، فهل الولايات المتحدة مستعدة لذلك؟
وسيكون سوادًا فاحما جدًا , فالقضاء على أمة ومبادئها
المتأصلة والمتجذرة في النخاع من الصعب إزالتها بسهولة ..
لك الشكر والتقديرد.محمود :0014:
أختك
بنت البحر

الصباح الخالدي
10-11-2006, 09:27 PM
من أولويات النظر في السياسة ان تصنف القضايا الى اصناف ولاتضع البيض في سلة واحدة ستخسر الكثير من قوانينك في التحليل