المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لـن يــعــود



عبدالله المحمدي
14-11-2006, 09:35 PM
لـن يعـود

اندفع راشد إلى أمه وهو يجهش
ببكاء مخنوق وألقى برأسه
الصغير على صدرها قائلا :
أمي أنا لم أضربها ولكنه لم
يصدقني لقد عاقبني مرة أخرى…
رتبت الأم بحنو على ظهره ومررت
أصابعها بين شعره الناعم المنساب
على وجهه ومسحت دموعه ..
لا بأس يا راشد هذا عمك وعليك
أن تطيعه ولا تعارضه ..
ولكن يا أمي ..



قاطعته الأم قائلة قلت لا بأس
فهو مثل أبيك ويحبك مثل ابنه
تماما ولكنه سريع الغضب أحيانا ،
وأنت لا تزال صغيرا فعندما تكبر
ستدرك هذا ..
انتفض راشد من بين يدي أمه قائلا :
لا تقولي مثل أبي إن أبي …
أمي أين أبي لماذا لم يعد كما قلتِ ؟
لماذا لم يكلمني كما كان عندما كان يسافر ؟
لماذا ….!
أمي هل تبكين ؟



لا يا راشد فقط عيناي كما تعلم
مريضة منذ زمن ولكن لا تقلق سأذهب
إلى الطبيب عندما يأذن لي عمك ..
أمي لماذا لم يعد أبي ….؟
قلت لك إنه سيغيب كثيرا …وقد ……
يتهدج صوت الأم ..لم تعد قادرة على الكلام ..
يعود راشد ويرتمي في أحضانها ويدس
رأسه في صدرها ..
لا تخافي يا أمي عندما أكبر سآخذك
إلى الطبيب وسيكون أبي سعيدا عندما
يراني أقود سيارته ..
أمي أين سيارة أبي ..؟
أنتِ قلتي أنه سافر بالطائرة …
هل أخذ السيارة معه في الطائرة ..
ولكنها كبيرة .. أين ستجلس …؟



يضحك راشد ولا تزال دمعة عالقة
بجفنه وأمه مطأطئة الرأس وتلثم
وجهها بطرف منديل تضعه على كتفيها .
راشد هيا نلعب في الخارج ..
اذهب يا راشد والعب مع ابن عمك
ولكن حذار من الشجار ..
أنت تعلمين يا أمي أنني لا أتشاجر
مع أحد ولكنها لا تحبني حتى عمي لا يحبني ..



تبكي دائما فيضربني عمي .. ويأخذ
أخوها لعبتي وإذا استعدتها
بكى فعاد عمي ليضربني مرة أخرى ..
أمي أنا لا أحب عمي هذا ..
عندما أكبر لن أدعه يضربني ..
وعندما يعود أبي سأخبره عن كل شيء ..
أمي متى يعود أبي ..؟
هل يحبني أكثر من السفر ..؟
عندما يعود لن أدعه يسافر مرة
أخرى .. سأخبئ حقيبته الكبيرة …
يصمت راشد برهة ..
يعتدل قائما … كأنما تذكر أمرا
جللا ..



بسرعة ينطلق إلى حجرة النوم
وأمه تراقبه مندهشة ..
يعود راشد وهو يجر خطواته ..
ويداه خلف ظهره .. مطأطئ الرأس ..
أمي أين سيارة أبي .. ؟
أمي هل سيعود .. ؟
أمي حقيبة أبي الكبيرة
موجودة فوق خزانة الملابس …
آه ربما اشترى حقيبة جديدة ..
هيا يا راشد لقد تأخرنا ..
الكرة معي ..
يخرج راشد مع ابن عمه يصل عند
الباب ثم يلتفت إلى أمه ..
يقف برهة ثم يخرج ..
تتعالى ضحكات راشد مع أصدقائه
وهو يلعب معهم الكرة في مدخل
المنزل ..
وفجأة يقوم أحدهم بقذف الكرة
صوب نافذة البيت فيحطمها خاف
الجميع وتسمروا في أماكنهم ..
خرج العم مهرولا متجها صوب
النافذة المحطمة ..



الزجاج تناثر في كل مكان وكل
الأولاد ينظرون إليه بخوف شديد ..
يحمل الكرة بيمينه ويتجه إليهم
يتقدمه ( كرش كبير ) وبملامح
قاسية .. يمرر عينيه على الأولاد
كلهم حتى تسمرت على راشد ..
يكاد راشد أن يتجمد مكانه ..
يقترب منه بعد أن ألقى الكرة ..

أغمض راشد عينيه .. وراح يتذكر
أشياء كثيرة ..
الحقيبة السوداء .. سيارة أبي ..
بكاء أمي ..
شد قبضتيه الصغيرتين .. وألصقهما بجنبه .. أمال رأسه قليلا ..
أغمض عينيه بقوة .. ضغط على
أسنانه .. وصاح بأعلى صوته ..
نعم .. نعم .. أنا كسرت النافذة
……لأن أبي لن يعود ….

سحر الليالي
15-11-2006, 12:24 AM
قصة مؤلمة ،مؤلمة ومحزنة حد الثمالة..!!!

أخي الفاضل عاشق الخيل:

لله درك من مبدع
سلم قلمك وفكرك

تقبل خالص إعجابي وتقديري وباقة ورد

سعيد أبو نعسة
15-11-2006, 08:12 PM
سرد جميل بلغة سهلة و أسلوب سلس يتناول الفكرة من طرف خفي و يقول الكثير رغم قلة الكلمات.

خليل حلاوجي
15-11-2006, 08:31 PM
ماهذا

أدهشتني والله

تابعت الى آخر حرف وأنا في لهفة
وكأن قلق ( راشد ) تلبسني

لكني

في الانتظار العسير ... يهدر دمي

\

بالغ تقديري

لنص بالغ الروعة

وفاء شوكت خضر
16-11-2006, 04:09 AM
الأخ عاشق الخيل .......

ما أصعب اليتم ..

نص كتب بمداد الحزن .

ولكن رغم الحزن .. القصة جميلة...


تحيتي .

حنان الاغا
16-11-2006, 12:13 PM
عاشق الخيل
أحييك أخي ، نص بالغ العذوبة من حيث السرد وتماسك اللغة والتعبير عن موضوع متعدد الجوانب . اليتم وتبعاته
شدني النص من أعماق قلبي فانسقت معه أبكي

ليلك ناصر
16-11-2006, 06:54 PM
عاشق الخيل ..

لن يعود ..... نعم الذي يذهب لن يعود ...
ما أقبح فقدان الأب أو الأم منذ الصغر ، يأتي و يتحكم به قريب له فإن كانت معاملته سيئة
سيشتاق للفقيد كثيرا و ستتحول أيامه للحزن و الهم منذ الصغر .. أما إن كان من هناك يعوض و لو القليل عن
الذي فقده سيعيش على ذكراه الجميلة دون كثير من الحسرة و الألم ..

قصة في منتهى الواقعية سمعت كثيرا مثل هذه القصص .. لكن أسلوبك الجميل و الرائع الذي جعلنا
ندخل للأحداث و نسمع كلمات الطفل كلمة كلمة .. بورك هذا القلم الذي يكتب عن مآسي المجتمع و يشعرنا بألمهم
من خلال حسه العميق الذي يوصله لنا عبر كلماته المتينة ... أسجل إعجابي الشديد ..

و تقبل مروري .. دمت بخير .

حسنية تدركيت
17-11-2006, 08:26 PM
قصة حزينة ومؤلمة لكنني استمتعت بقراتها لانها جد شيقة مسيرة موفقة ارجوها لك اخي عاشق الخيل دمت بود :v1:

مجدي محمود جعفر
18-11-2006, 06:29 PM
عاشق الخيل
سرد هائل وممتع وجميل ، والجميل جدا أنه جاء على لسان الطفل وبسيطا وعميقا وقريبا من الطفل ، وصورت مشاعر الصبي باقتدار ، وكثيرا ما يقع الكبار في المبالغة والتهويل في تصوير نفسية الصبي ولكنك كنت رائعا ومحلقا جميلا وواقعيا وأنت تغوص في نفس الصبي / البطل ، وتكرارك لبعض الجمل والعبارات كانت في غاية الروعة وقمة الواقعية لأن الطفل يعيد دائما ويزيد من الإعادة في التعبير عن همومه ، قصة لافتة ومميزة ولك شكري ومحبتي

الشربينى خطاب
19-11-2006, 03:35 PM
أغمض راشد عينيه .. وراح يتذكر
أشياء كثيرة ..
الحقيبة السوداء .. سيارة أبي ..
بكاء أمي ..
شد قبضتيه الصغيرتين .. وألصقهما بجنبه .. أمال رأسه قليلا ..
أغمض عينيه بقوة .. ضغط على
أسنانه .. وصاح بأعلى صوته ..
نعم .. نعم .. أنا كسرت النافذة
……لأن أبي لن يعود ….

أسجل حضوري مع هذا النص الرائع، ولي عودة
مع هذه الفقرة بعد أن أسترد عواطفي المتأججة
خالص تحياتي وتقديري

عبدالله المحمدي
20-11-2006, 07:30 PM
سحر الليالي :

اشكر لك سيدتي حضورك الجميل ..والابداع ياسيدتي لانستمده الا منكم


دمت بهذا النوور


الى اللقاء

عبدالله المحمدي
20-11-2006, 07:36 PM
سعيد ابو نعسه :

مرحبا بأديبنا واستاذنا الكبير سعيد ابو نعسه

فخر لي ياسيدي تواجدك هنا بين حروفي المتواضعه


لك مني عميق الامتنان


دمت في رعاية الله

الى اللقاء

عبدالله المحمدي
20-11-2006, 07:44 PM
خليل حلاوجي :

مرحبا بك اخي د. خليل سعدت بتواجدك

أدامك الله في طاعته ....وحفظك الله من كل سوء


تحياتي لك اخي

زاهية
21-11-2006, 02:58 PM
وأنا أنتنقل بين الكلمات كانت عيناي تقفز فوق السطور تستعجل التالي من الأحداث ..عاشق الخيل أخي المكرم ..إبداعك هنا جاء بدمعة وقلبٍ صغير يتسع لآلام الكون بفقد العزِّ والراسمال ..القلب الحنون والسند القوي والعاطفة الفياضة بالحنان ..بعد الأب ليس هناك حنان مهما كان كبيرا هكذا شعرت بعد وفاة والدي رحمه الله رغم دفء القلوب التي حولي ومحبتها لي وتفانيها برعايتي وأنا كبيرة ,ولكن لحنان الأب طعما آخر يختلف عن أي حنان فكيف به لصغير؟.
دمت مبدعًا تحرك العواطف الخامدة بالسلوى ..:0014:
أختك
بنت البحر

عبدالله المحمدي
22-11-2006, 07:46 PM
وفاء خضر :

كم كنت سعيدا حينما شاهدت توقيعك هنا ....والاجمل هو تواجدك في صفحاتي

لك اشواقي


الى اللقاء

عبدالله المحمدي
22-11-2006, 08:09 PM
حنان الآغا :

الفنانة التشكيلية وصاحبة الحس المرهف ...
حنان .. أشكر لك مرورك المبهج وتوقيعك الذي أعتبره وسام شرف لي

دمت في رعاية الله وإلى اللقاء

عبدالله المحمدي
22-11-2006, 08:16 PM
حلا :

دعيني انطق بهذا الاسم ان اذنت لي

... لن تتخيلي سيدتي أي روعة تلفني عندما قرأتك هنا

وسيبقى حضورك حلو المذاق ..

دمت رائعة حلا كما عرفتك دائما


الى اللقاء

عبدالله المحمدي
23-11-2006, 10:21 PM
حسنيه تدركيت :

تحيات تليق بك ...تليق باحساسك النقي ....تليق بحروفك الراقية

دمت بخير سيدتي .....الى اللقاء

عبدالله المحمدي
23-11-2006, 10:30 PM
مجدي محمود جعفر :
صدقا سيدي ..... لا أملك قبعة وإلا لرفعتها
احتراما لك ..
ولو أنني أمتلك انحناءة
لوهبتها لك ولحرفك المضيء ..


لك محبتي ومودتي


الى اللقاء

عبدالله المحمدي
23-11-2006, 10:36 PM
الشربيني خطاب :

أخي هي كذلك ربما سبقتك
بإحساسك هذا ولكنك هنا
تشرق هنا بوجه مضيء وإحساس
عذب ..
وأتوق لقراءتك
أكثر فلا تجلعنا ننتظر كثير

لك محبتي ومودتي

عبدالله المحمدي
25-11-2006, 01:45 PM
زاهيه :

أستاذة زاهيه احمد ... أي شرف منتحتني إياه سيدتي بمرورك هذا ، وأي روعة تلفني الآن وأنا أقف قزما أمام إبداعك .. سأبقى وفيا لكل هذا ماحييت ..

دمت أستاذتي بهذه الروعة

إلى اللقاء

ابراهيم عباس
25-11-2006, 02:21 PM
رغم الالم الذى اصطحبنى وانا اقرأها
وماتركته بداخلى من معاناه بعد قرائتها
لابد ان ارفع لك القبعه واحييك
قصه رائعه
امتلاك ادوات القصه بحرفيه شديده0
دام قلمك رائعا
ودمت متوهجا
خالص تحياتى
:hat: :hat: :hat:

لحن الحياة
25-11-2006, 08:36 PM
رغم الألم الذي اعترى صدري
وأزيز الصوت الخافت
كتمت أنفاسي لوهله
ما أجمل أن نتقبل الواقع
ولكن هي الحياة
كبرت أم صغرت
ولكن متى يزول الألم


تحياتي
لحن الحياة

عبدالله المحمدي
26-11-2006, 08:55 PM
ابراهيم عباس :

سيدي..... الوهج والروعة نستمدها منكم


دمت بروعتك
دمت بنقائك

عبدالله المحمدي
27-11-2006, 06:54 PM
لحن الحياة :

انت ياانا ....وانا ياانت


ولغيابك هنا مرارة تنعقد في فمي

لك مني اجمل تحية


دمت بهذا النور

ناديه محمد الجابي
28-04-2019, 10:14 PM
سرد سلس وأداء قصي محكم لقصة واقعية
مضمون هادف ، وتصوير دقيق وبليغ
ورقي في التعبير.
قصة مؤثرة لقلم قدير
تحياتي.
:hat::nj::hat:

تسنيم الفراصي
01-05-2019, 08:48 PM
النهاية مؤثرة جداً،
ما أصعب أن يُحرَم الطفل من أحد والديه،
القصة لامست قلبي حقيقةً،
بل و أحدثت به ضجيجاً لا يهدأ!،
أَنَّى لي بشعور ما قبل قراءة قصتك؟!.

قصة غلب بها الحوار على السرد،
أسلوبك جميل و راقي أحييك عليه.

لحرفك الخلود أستاذي.

أسيل أحمد
09-11-2020, 11:26 AM
لا شيء قي هذه الحياة أشد مرارة وانكسارا وألما من فقدان الأب ـ رحيل الأب كسر لا يشعر به إلا من عاناه ـ فراق الأب يقتل.
رائعة هذه القصة بكل المقاييس ـ بناء سردي مميز ، وحوار واقعي مؤلم ، واداء جميل زانه تمكن من الفكرة.
تحياتي وتقديري.