تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : القصة القصيرة جدا في قفص الاتهام



سعيد أبو نعسة
18-11-2006, 06:20 PM
القصة القصيرة جدًا في قفص الاتهام
لم يشهد نوع أدبي ما شهدته القصة القصيرة جدا من جدل محتدم خلال الندوات و المؤتمرات التي عقدت حول هويّتها من جهة و حول أحقيّتها في الحياة من جهة أخرى .
فالأنواع الأدبية الأخرى فرضت نفسها في حيّز الوجود كأسلوب لا غنى عنه من أساليب التعبير ؛ و لم يمانع أحد في تلقّفها و لم يسألها عن بلد المنشأ طالما أنها تقدّم نفسها مرآة للإبداع و الجمال اللذين يتجاوزان حدود الوطن و الجنسية .
لماذا تُحارب القصة القصيرة جدا هذه الحرب الشعواء ؟ تُقام في وجهها السدود و تُغلق دونها الحدود و تكال لها الردود التي تحمل في طياتها التهكّم و السخرية أحيانا .
هذا يسميها ومضة و ذاك يسميها برقية و آخر يقول : لمحة وأخرى تقول:طرفة و خامس يقرّر: إنها فكرة و سادس يشعرنها مطلقا عليها اسم : خاطرة ؛ما جعلني أنضمّ إلى ركب المتفذلكين مختارا لها اسما جديدا: قَصَجَة .اختصارا لاسمها الطويل جدا و الذي لا يتناسب و جوهرها .
إذا كانت حجّة المحاربين تتمركز حول حجمها الصغير جدا فالقصة القصيرة أيضا ثارت على الرواية و أعلنت الانفصال محققة نجاحات لا تُحدّ و جمالات لا تحصى .
وإذا انتُقِدت لاجتزائها بعض عناصر السرد كالزمان أو المكان أو كليهما معا فهذا التحرر يزينها ولا يشينها و يُنصّبها منارة يخترق نورها أمداء الزمان و المكان ويُعلّق على صدرها وسام الشمولية .
و إذا تناوشتها سهام النقد لأنها تُكثّف الصور و المشاهد و الرؤى إلى درجة تقرّبها من الغموض فهذا فخر لها و قد قرّر الإمام النفّري رحمه الله :" كلما ضاقت العبارة اتّسع المعنى." لأن خيال القارئ يسرح في تصوّر المشهد كما يحلو له فيغدو مشاركا في كتابة النص غير مكتفٍ بلعب دور المتلقّي السلبي ؛ولا بأس بمثل يدعم هذا الرأي:
( لو وصفنا الحديقة بأنها قِبلة المتنزهين و أمل الراغبين في السعادة و الجمال ؛ تتطاول أشجارها معانقة كبد السماء وتتلاون أزهارها معلنة أنها السحر بعينه .
ووصفناها بأنها : جنّة .
فأيّ الوصفين أقدر على تحفيز الخيال ؟! )
و إذا جوبهت بأنها تدور حول حدث واحد و حبكة واحدة لا غير فهذا يقدّمها للقارئ على طبق من البساطة و الوضوح بعيدا عن تداخل الأحداث و تشابك العُقد .
و إذا اتّهمت بأنها أباحت نفسها لكلّ من هبّ و دبّ من حملة الأقلام فهذا جُرم هي منه براء و الجاني هو من يستسهلها و ينتهك حرمتها .
و لعل الرمح الذي يكاد يصيب منها مقتلا هو ضبابيتها التي تقلص الرؤية حولها فتجعلها عصيّة على التمظهر بقوام فريد يميّزها عمّا يشبهها من أنواع القصّ الأخرى كالطرفة و النادرة رغم أنّ الفرق بينها شاسع.
فالطرفة ( النكتة و الملحة ) هي نص سردي قصير يهدف إلى الإضحاك تحديدا ،يختلقها الراوي ساخرا من الفكرة التي تختزنها معتمدا على مبدأ الإدهاش و عدم التوقّع ما يجعلها شبيهة بالإحجية. و البعض لا يفرّق بينها و بين النادرة .
بينما القصة القصيرة جدا لا تهدف إلى الإضحاك إطلاقا و إن لبست ثوب الطرافة أحيانا راسمة البسمة على وجه القارئ ؛ و لعل ما يميّزها هو سخريّتها السوداء التي تفضح الواقع المرير والتي تستمطر الحزن بدل الفرح كقصّتي هذه:
وا
(على وقع الاستغاثات الصاخبة بُعث المعتصم من مرقده؛ كانت النداءات حادة و حارّة في لهفتها .
أصمّ أذنيه للوهلة الأولى ثم تلفّت حوله يمنة و يسرة فلم يجد نساء عربيات يستغثن بل ملوكا و رؤساء و أمراء ، فأصيب بسكتة دماغية .)
كما أنّ القصة القصيرة جدا تتميز عن النادرة في كونها تسرح في عالم الفانتازيا الخيالي الرائع بينما النادرة تسجيل حرفي لحدث اجتماعي أو تاريخي غير مألوف يتّصف بالغرابة و الإدهاش لذا فالأَولى تصنيفها في خانة القصص التاريخي كما أن النادرة قد تترهل على مدى صفحات و قد تنكمش في سطور قليلة بحسب عدد الشخصيات و الأحداث فيها، بعكس القصة القصيرة جدا .
أما تشبيهها بالفكرة فخطأ فادح لأن الفكرة قد لا تروي حدثا ولا تتلبس شخصية ولا تتأطّر في زمان أو مكان .
و الخاطرة أيضا تختلف عن القصة القصيرة جدا لأنها أشبه بالمناجاة و البوح الحكيم و هي بعيدة عن السرد المتضمن حكاية كقولنا مثلا :
( لماذا أيها الحُبّ كلّما اقتربنا منك ازددت بُعدا و كلما توددنا إليك ازداد صدّك ؟)
أمّا الومضة فهي لمحة موجزة تتأرجح بين الشعر و الخاطرة وهي إلى الصورة الشعرية أقرب .لذا فهي أبعد ما تكون عن القصة القصيرة جدا .
إزاء ما تقدّم و بعد نفي علاقة القصة القصيرة جدا بالإنواع الأدبية الأخرى فلا بدّ من تحديد معالمها من خلال العناصر الأساسية التي يجب أن تتوافر فيها و هي :
1- الحكاية : فعليها أن تحكي حكاية تماما كالرواية و القصة القصيرة و المسرحية و المقامة و النادرة و...
2- الشخصية : فلا قصة بدون شخصيات تُنجِز الحدث و تشكّل جوهر السرد الأساس و لا يُشترط في الشخصية أن تكون إنسانا فالحيوان و النبات والجماد كلها تصلح للعب الدور.
3- الوحدة : أي الإضاءة على حدث واحد بعينه مصوغ في حبكة واحدة تُبدي وضوحها للعيان لأن تنوّع الأحداث يستدعي تشابكها و يؤدي إلى تعدد الحبكات و العقد التي تقود إلى أكثر من احتمال و إلى تكرار الأفكار في معظم الأحيان ما يرمي بالقصة إلى هاوية الترهل و الذبول .
4- التكثيف المقصود : و لعله الهوية الأبرز التي تحملها القصة القصيرة جدا و هو يعتمد على ضغط الصور و الرؤى بشكل موجز مختصر يحافظ على جوهرها بكل مكوّناته دون شرح أو تفصيل أي على مقاسها تماما دون تطويل مملّ أو إيجاز مُخلّ .و لعل هذا الشرط هو الأصعب بين عناصرها لأنه يحتاج إلى الموهبة المبدعة و الثقافة الثرّة و القدرات اللغوية والتركيز الذهني الشديد و هذه شروط تبدو تعجيزية يجفل منها الكتّاب فيديرون ظهورهم للقصة القصيرة جدا منصرفين إلى مجال إبداعهم الأساس .
5- المفارقة : و هي عنصر جوهري لأنها تتمحور حول تقنية تفريغ الذروة و صدم القارئ بما لا يتوقّع و هنا يلمع وجه الشبه بينها و بين الطرفة و النادرة لأن المفارقة تشكّل عنصر التشويق اللذيذ الذي يميزالقصة الناجحة و يسكب المتعة و الارتياح في نفس القارئ .
6- انتشار الجمل الفعلية بشكل لافت ؛لأنها في إيحاءاتها الدلالية تشير إلى الحركة و الحالة و هما شرطان لازمان من شروط السرد و هذا لا يعني الاستغناء عن الجمل الإسمية لضرورتها في الوصف الذي لا تحتفي به القصة القصيرة جدا في أغلب الأحيان ؛لأنه إن طغى على السرد هدم الحدود التي تفصلها عن الخاطرة وعن المقالة الوصفية .
7- العنوان : وهو رغم أهميته في النصوص على اختلاف أنواعها فإنه في القصة القصيرة جدا يجب أن يختار بدقة لأنه يلعب دورا حاسما مضيئا على المضمون شاحنا للرؤى و الدلالات .
وحين تزدان القصة القصيرة جدا بعناصرها تأتلق فيها الفكرة ماسةً تتعاكس عليها المرامي البعيدة و الدلالات المبطّنة ،يستوحيها القارئ الفطِن متّكئا على المفردات الدالّة و المختارة بدقّة و دراية فإذا هو في دقائق معدودات يقرأ قصّة ماتعة غنية بالرموز و الأبعاد و المعاني التضمينية في جوّ ساحر و ساخر يُشكّله الخيال الخصب المنطلق من أرضية الواقع المرير الذي تعبث به قوى الشرّ و الظلام لتجد القصة القصيرة جدا نفسها الأقدر على ملامسة المواضيع الحساسة كالعولمة و صراع الحضارات و الديمقراطية و الدكتاتورية و قضايا الإنسان العادلة و الإرهاب في أسلوب يتوخّى التلميح مستغنيا به عن التصريح .
و القصة القصيرة جدا إذ تقدّم نفسها نوعا أدبيا جديدا له أنصاره و مؤيدوه المدافعون عنه تضع نفسها تحت المجهر مهيبة بالنقاد أن يفسحوا لها في الطريق كي تأخذ مكانها اللائق بها طالبة منهم الحذر و الدقّة في التعاطي معها لأنها طرية العود تتوق إلى من يحتضنها و يرعاها.
تجارب الكتّاب و المبدعين ما زالت خجولة في ارتياد هذا الفنّ النثري الجديد و هي لا تكفي بضآلتها الحالية لتشكيل نظرة نقدية وافية ومحددة حولها ما يجعل التسرّع في الحكم عليها أقرب إلى النقض منه إلى النقد .
هذا الخجل في التجريب يقابله خلل في المشهد النقدي ,فبين ناقد يُطبّل و يُزمّر لفلان أو علاّن من معارفه كَتَبة القصة القصيرة جدا و بين ناقد محايد،تهتزّ المعايير و يختلّ التوازن وتفقد(القصجة )
عذريّتها و ألقها بعد أن عرّشت الطحالب على صدرها حارمةً ساحتنا الأدبية متعة التلذّذ بنوع أدبي جديد جميل توّاق للظهور، ومناسب لواقع الأمور، اسمه : القصة القصيرة جدا .

عدنان أحمد البحيصي
18-11-2006, 06:30 PM
أهلاً بالأستاذ سعيد


مبدع انت

لي عودة بعد وقفة " تفكر"


شكراً لك

إيمان دلول
19-11-2006, 09:25 AM
الشكر موصول لك أخ سعيد ..

سأعود لا حقا ..

إيمان دلول
19-11-2006, 11:15 AM
وإذا انتُقِدت لاجتزائها بعض عناصر السرد كالزمان أو المكان أو كليهما معا فهذا التحرر يزينها ولا يشينها و يُنصّبها منارة يخترق نورها أمداء الزمان و المكان ويُعلّق على صدرها وسام الشمولية .
.



الفاضل سعيد ..

وهل تبقى القصة قصة إذا فقدت أحد عناصرها ؟! ، وهل تحررها من بعض أجزائها يزينها ؟! أم هذا هروب من عدم اتقان !


فالطرفة ( النكتة و الملحة ) هي نص سردي قصير
.

فما هي القصجة إذن ؟

اخي الفاضل القصة تحتكم إلى عناصرها ولا يعني أن أتحرر من بعض أجزائها لأختلق فنا جديدا أسميه قصة قصيرة جدا وبعد ذلك آتي بفنٍ أحدث أسميه قصة قصيرة جدا جدا ، القصة هي القصة وإن قلت سطورها فهي أقصوصة وهناك الأسطورة والتي يتشبعها عنصر الخيال ، وأيضا الحكاية فهي القصة قديما وإن طالت وتعدت المجلدات سميت بالرواية لكن القصة قصة فليس هناك ما يسمى بالقصيرة جدا وإلا فأين ذهبت الأقصوصة ؟!

وهاهو القرآن الكريم يقص علينا من القصص التي تعلمنا منها كيف تكون القصة .

وهل أكتب جملة أو جملتين ، حكمة أو مقولة او أنقل فكرة أكون كتبت القصجة .

لنعود قليلا إلى القصة ..

هنا (http://www.geocities.com/farraj17/a4.htm)


أخي سعيد أتمنى أن نكون أوسع فكرا ...

مع خالص التحية

إيمان دلول
19-11-2006, 11:59 AM
أستاذنا الكريم / سعيد أبونعسة
أفدتني أفادك الله وبارك لنا فيك وفي قلمك.
واسمح لي أن أسئل الأخت إيمان دلول : ماذا تقصدين ب :
وهاهو القرآن الكريم يقص علينا من القصص التي تعلمنا منها كيف تكون القصة ؟؟؟

شاهين أبو الفتوح اهلا بك مجددا

أي اني لم أجد في القرآن الكريم قصجة واحدة !

صابرين الصباغ
19-11-2006, 12:00 PM
سعيد أبو نعسة

لا املك سوى التصفيق

فقد وجدتني هنا في كل حرف كتبته

دمت مبدعا

إيمان دلول
19-11-2006, 12:00 PM
سأعود بعد تمحيص أكثر ..

حسام القاضي
19-11-2006, 12:34 PM
أخي الحبيب الأديب والناقد المبدع / سعيد أبو نعسة
السلام عليكم ورحمة الله وبركانه
جميل منك جداً هذا الموضوع ؛ فقد جاء في وقته تماماً ، وكم كنا نحتاج لمثل هذه الاضاءة حول ماهية القصة القصيرة جداً ، وأنا معك ومعها تماماَ كفن مهم جداً ، ولكن البعض يستسهلها ويظنها ملخصاً لقصة أكثر منها طولاً ؛ فهؤلاء يبدأون بها مباشرة قبل أن يتمكنوا من كتابة قصة بوجه عام ، لذا تأتي أعمالهم مسطحة و باردة لا فن فيها ، والبعض الآخر للأسف قد يوردها في شكل خبري ، وأنا ( ولتسمح لي) أعترض على هذا الشكل ؛ فإذا أصبحت القصة مجرد خبر فليكتبها إذاً كل من يعرف الحروف الأبجدية ، وهنا أخشى على هذا الفن الجميل من اختلاط الحابل بالنابل فيأتي اليوم الذي لا نستطيع فيه التفرقة بين القصة وبين أي شيء آخر .
تقبل تقديري واحترامي .

د.إيهاب النجدي
21-11-2006, 01:06 AM
الأديب الفاضل والناقد الأستاذ سعيد أبو نعسة
تحية عطرة إلى جهدك واجتهادك في التنظير والتحليل
لكنها بالفعل " قصة قصيرة " تكثفت واعتصمت بالإيجاز حتى أضحت " أقصوصة " , كما أشارت الفاضلة إيمان
والعناصر التي _ نحمد لك تبيانها _ هي نفسها عناصر القصة القصيرة , وهي تتجدد لأن من طبيعتها التجدد .
أثني على مقالك كل الثناء
ودمت مبدعا

سعيد أبو نعسة
22-11-2006, 06:13 PM
أخي الكريم شاهين أبو الفتوح
أشكرك على هذا التعاطف مع النص
دمت في خير و عطاء

سعيد أبو نعسة
22-11-2006, 06:15 PM
أختي الكريمة صابرين الصباغ
أشكرك على هذا الثناء العطر
دمت مبدعة

سعيد أبو نعسة
22-11-2006, 06:28 PM
أخي الكريم حسام القاضي
هذه المقالة تدور حول القصة القصيرة جدا و التي تكتب بيد المهرة المبدعين من الكتاب ولا علاقة لها بمن يستسهلون الكتابة لأنهم عنوان الركاكة سواء أكتبوا الرواية أو القصة أو القصيدة
المهم أنك حين تقرأ قصة قصيرة جدا في قمة الابداع و حائزة على كل الشروط الفنية فإنه لا يسعك إلا أن تشعر بالفرح و المتعة و الفائدة
حقيقة لقد بدأت أميل إلى هذا النوع من القصص لأنه الأنسب للعصر
دمت في خير و عطاء

سعيد أبو نعسة
22-11-2006, 06:30 PM
عزيزي د إيهاب النجدي
سعيد أنا بالتعرف إليكم في هذه الواحة المعطاء
عسى أن أقرأ لك
أشكرك على ثنائك العطر
دمت في خير و عطاء

خليل حلاوجي
24-11-2006, 08:49 AM
ها أنا ذا بحرفي وحبي .... أقف الى جانب الحبيبة ... القصجة
ولهذه المودة تاريخ ينبئنا أني كنت هائما ً ذات نكوص عن هدر ثروتي ( الوقت ) عند بعض الروايات
لأؤشر ماحوته من إطناب

ثم

سحت في طول بلاد ... الادب .... وعرضها
فوقفت عند فن مهيب اسمه ... البلاغة
فأعجبني أن اواصل المكوث عند .... الايجاز والمساواة والتوقيعات
وهي فنون تذوقت بها كلمات ربي في قرآنه
انظر الى الايجاز في قوله تعالى ... (( ألا له الخلق والامر )) ستدرك انها كلمتان تختصر الاشياء والشؤون على وجه الاستقصاء حتى أن عمر بن الخطاب لما سمعها قال
من بقي له شىء فليطلبه
وانظر الى قول الحبيب المصطفى (( الضعيف أمير الركب )) لترى انه عليه الصلاة والسلام جمع من آداب السفر والعطف على الضعيف مالايسهل على البليغ أن يعبر عنه الا بالقول المسهب الطويل
ثم انظر الى قول الاعرابي الذي ساق مالا ً كثيرا ً حين سأله احدهم لمن هذا المال فقال
لله في يدي



وحين نقف عند فن المساواة ونقرأ قول الحق (( وماتقدموا لانفسكم من خير تجدوه عند الله )) ولاحظ أنا لو زدنا أو لفظا ً لجاءت الزيادة فضلا ً أو أردنا اسقاط كلمة لكان ذلك اخلالا ً فالالفاظ مساوية المعاني


والاكثر دهشة
قرأته في توقيعات الحاكم البليغ حين تعرض عليه الامور كتابة ً فيرد واضعا ً حروفه ورأيه وهو يقود دولته

كتب ابراهيم بن المهدي في كلامه للمأمون الخليفة

إن عفوت فبفضلك وإن أخذت فبحقك
فوق المأمون فوق الكتاب ............. القدرة تــُـذهب الحفيظة

وكتب صاحب مصر كتابا ً الى المنصور الخليفة بنقصان النيل فوقع طــّهر جندك من الفساد يـُـعطك النيل القياد

ووقع الرشيد الى صاحب خراسان : داو ِ جــُــرحك لايتسع

ووقع زياد بن ابيه في قصة متظلم ..... كــُــفيت


ووقع جعفر بن يحيى في قصة محبوس
العدل أوقعه والتوبة تطلقه

\\\


بعد كل ماسبق

أفتكرهوننا أن نستمتع بحروف باهرات مختصرات تـُـذهب عنا السأم والملل

اللهم إني من جنود البيان الجذاب

وإني لناصر ....الفتية ....(( القصجة )) .... ماحييت

اللهم فأشهد

محمد سامي البوهي
24-11-2006, 11:36 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
أخي العزيز الفاضل الاديب / سعيد أبو نعسة
جميل جداً أن أقرا هذه الكلمات ، فقد اشعرتني فعلا أن كل حرف بهذا الموضوع يحتفي بي ، بحفل الثأر من المهاجمين للقصة القصيرة ودعني أبدأ تعليقي هنا بمقولة العقاد :
" ما يكتبه الراوي في رواية كاملة يستطيع أن يلخصه الشاعر في بيت شعر واحد "
فعالم القص تم الهجوم عليه منذ القدم ، سواء كان رواية أو قصة قصيرة ، على الرغم أن القص هو أسبق الفنون الادبية إلى الوجود وأقدمها .
قال تعالى " وعلم آدم الأسماء كلها " وبدأت لغة القص منذ الأزل مع قصة آدم وحواء ، ثم قابيل وهابيل ، وغيرهم ، وبعد ان فقد الانسان اللغة وأصبح يتعامل بلغة الاشارة أو بالاصوات الموحية وهي ما تسمى بلغة الغاب أو لغة الانسان الاول بغض النظر عم ذكرته النظرية الدرونية فقد كان القص قائماً على لغة الاشارة ، فالقص نوعا من نوع الاتصال البشري ، الذي يعتمد على أسلوب الاخبار ، وهول أقصر الطرق لوعي الانسان العادي ، وأدلل على ذلك بأن الكتب السماوية اعتمدت على نقل العظات عن طريق القص ، سواء كانت قصص قصيرة كقصة صالح وأيوب مثلاً وجاءت السنة تفصلها ، أم كانت قصص طويلة مفصلة كقصة نوح وقومه ، موسى و فرعون، موسى وبني اسرائيل ، قصة أهل الكهف ، جاءت القصة كل تحمل سمات عصورها ، فجاءت القصص الجاهلية على شكل مقامات و أمثال عربية تعتمد في باطنها على قصة أو نادرة معينه كمثل " وافق شن طبقة " فلهذا المثل قصة معينة وهو يقال في البخل ، وقد فسر تقلص القص في الادب الجاهلي وصدر الاسلام وعصر الخلفاء في مقابل الشعر ، ذلك لأن الشعر لغة تتناسب مع النزاعات القبلية ، رد فعله أسرع من القص ، حيث ان القصة تحتاج إلى جو مناسب لسرد ككرة "البنج بونج" لها رد فعل سريع ووقع مؤثر ، وقد استخدم الشعر للتراشق في عصر صدر الاسلام وقد كان من أشهر الشعراء حسان ابن ثابت الذي كان شعره كوقع النبال على الاعداء ، ولأهداف معينه فرضتها البيئة تعددت أغراض الشعر واتخذت القصيدة شكلا معيناً ، أما القصة فتقلصت نهائياً واحتواها الشعر داخله ، كقصة عمرو بن هند وعمرو بن كلثوم ، وكقصة عنترة وامرؤ القيس ، ولكن كانت هذه القصص عبارة عن تراجم ذاتية أي أنها لم تدخل اي طور النضج كي تكون قصة منفصلة ، ومع مرور الزمن انطلق عالم القص على يد الكثيرين من رواده ولن أدخل في تفاصيل ، لكني سأكتفي بالعصر الحديث ، بعد أن تطورت المقامة الهمزانية ، وظهر رواه يسمون رواة الربابة فكانوا يقصون سير ذاتيه لبعض الابطال كالسيرة الهلالية وأدهم الشرقاوي وغيرهم باتساق سجعي معين يتناسب مع نغمة الربابة ، وبعد دخول ترجمة ألف ليلة وليلة كان هناك تحولا من نوع آخر ، حتى ظهر عهد الرواد الجدد كأمثال يحيى حقي ، وهيكل ، وإدريس ، لكن من الغريب أن عالم الرواية الحديثة أو رواية تيار الوعي ارتبطت منذ الظهور بالسينما الغير ناطقة وكان أول فيلم تم تمثيلة رواية زينب لهيكل ، عودا الي زبد الموضوع القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا ، لقد بدأ حقي وإدريس ككتاب للقصة القصيرة ، ومع ظهور عدة عوامل كانت لابد وان تسرد ويطال فيها السرد ، تحولت اتجاهات القص عندهم الي الرواية ومن هذه العوامل ظهور تيار القومية العربية وما تلاه من أحداث استوجبت القص الطويل وخلقت أرضا خصبة لعالم الرواية ، ولكن البدايات عندهم كانت عبارة عن رواية القصة القصيرة أي ان الرواية عند حقي وادريس بدأت كمجموعة من القصص القصيرة المترابطة ، الي ان تحررت مع مرور الزمن وتطور الاحداث الى رواية تيار الوعي ، المشكلة هنا أننا نعيش في الفترة الحالية فترة انتقال من حقبة زمنية الي حقبة زمنية أخرى ، لكن معظم الانزلاق نحو الحقبة الجديدة بسماتها وجزء أصغر متمثل في جيل الاباء والاجداد هي مازالت هناك ، سمة العصر الحالية هي السرعة ، واعتمدت الصحف على تقنيات أخرى وهي تقنيات الخبر القصير ، للتناسب مع ظروف العصر المتسارع المتصارع مع الزمن ، ومن هنا جاء الرفض والقبول صراع بين الجيل القديم والجيل الجديد ، صراع بين البرق والسحاب ، لكن النتيجة أعتقد بأنها سوف تكون ايجابية .أعتذر عن الاطالة

عدنان أحمد البحيصي
02-05-2007, 10:46 AM
الأخ الفاضل وأستاذي الكبير الحبيب سعيد أبو نعسة

أعود لأطرح تساؤلاً
هل إذا كتب الواحد منا سطرين يكون بذلك قد كتب قصة قصيرة جداً ؟

ينبغي لنا أن نحدد المصطلح قبل الدخول إلى النقاش

شكراً لك

سعيد أبو نعسة
01-07-2007, 05:08 PM
أخي الكريم خليل حلاوجي
أشكرك على مناصرتك هذا الفن الجميل الذي أميل إليه و لا أدعي تمثيله
دمت مبدعا

سعيد أبو نعسة
01-07-2007, 05:12 PM
أخي الكريم محمد سامي البوهي
أشكرك على هذه المداخلة حول تاريخ القصة العربية
ما ينفر القراء من هذا النوع الجديد هو استسهال البعض الغوص فيه حتى اختلط الخبر بالفكرة الرئيسة بالحكمة بالقصة و لهذا رأيت أنه من المناسب عرض هذا البحث الموجز .
دمت في خير و عطاء

سعيد أبو نعسة
01-07-2007, 05:23 PM
أخي الكريم عدنان
المسألة ليست بهذه السطحية و التبسيط
و الأدب لا يقاس بالشبر و السطور
المهم أن تقرأ في هذين السطرين حكاية صنعتها شخصية أو أكثر و لها مغزى و فكرة جميلة تستدعي من القارئ الأخذ و الرد و التفكير و التخيل .
دمت في خير و عطاء

الطنطاوي الحسيني
02-07-2007, 07:32 AM
الحمد لله الذي جعلني سبب في اثارة موضوع جميل ونقاش هادف وتحاول مثمر
رائع التبيان سامق القمة
لكم جميعا مني اجمل المنى
والشكر موصول لحبيبنا الاستاذ سعيد