تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : القط التائب ـ تجربة جديدة ودعوة عامة لإبداء االرأي



الشربينى خطاب
20-11-2006, 06:11 AM
حكايات جدتي محفوظة
"من قصص الأمثال "
4 ـ القط التائب
زعموا أن قط بدين ، غافل الحراس وقفز علي المسرح المعد للاحتفال بعيد جلوس ملك الغابة علي العرش ، أعلن علي الملأ توبته عن سرقة الطعام من الأوكار وأعشاش العصافير ، سيصوم عن أكل اللحوم والأسماك طوال رحلة الحج هذا العام ، قبل أن يطرده الحراس ، دعا الحاضرين لحفل ساهر في خرابة مهجورة بالغابة ، سوف تذيعه قناة فضائية علي الهواء مباشرة 000!!
أقام سرادق للوداع واستقبل فيه وفود الحيوانات بوجه بشوش ، تمنوا له العودة بالسلامة ثم سألوه بإلحاح أن يدعوا لهم بالصلاح والهداية ، وألا ينسي الهدايا 00!!
لم تحضر وفود الفئران حفل الوداع ولم ترسل مندوباً عنها لعدم ثقتها في القط الماكر ، كظم غيظه
و أصرَّها القط في نفسه ، لم يبح لأحد بما يجول بخاطره 00
جمع القط من أصناف الزاد ما خلا من اللحوم ، أكتفي بطعام نباتي جاف وقرب من الماء القراح ، الطعام لا يسمن ولا يغني من جوع 00
امتطي الفار جمل أعور ، عليه هودج مزين بستائر حريرية خضراء ، يقود من فوقه قافلة الإبل المتجهة إلي الأراضي المقدسة ، تزف القافلة طيور الغابة ، تشدوا بالغناء علي دقات أرجل الحيوانات التي تشبه دقات الدفوف ، ترقص القرود علي جانبي الطريق ، ترفع من علي ظهور الخيل رايات وبيارق بألوان الطيف 000
شقت القافلة صحراء قاسية ترسل شمسها نيران محرقة ، تستغرق الرحلة ثلاث شهور ومثلهم للعودة
تداعب القط الأماني في أن تقبل توبته ، شحب لونه وأصابه الهزال ، غارت عيناه وبرزت عظام الخد والضلوع ، سقط شعر رأسه وحواجبه وتدلت شواربه ، من يراه لا يكاد يعرفه 000
ذاع الهدهد خبر عودة القط من رحلته المباركة ، هرعت الطيور لاستقباله بالغناء ، نعق الغراب فرحاً في الغابة أن القط عاد من رحلة الحج وعليه مهابة 0000
صعد الحاج علي المسرح المعد لاستقباله مرتدياَ جلبابا أبيض وشال وعقال ، علي كتفيه عباءة خضراء مطرزة بخيوط ذهبية ، يحمل مسبحة طولها سبعة أمتار , يوزع البركات وأعواد البخور الهندي ذات اليمين وذات الشمال ، يتلقى تهاني الوفود مبتسماً ابتسامة بلهاء ، كلهم يلتمسون منه البركة قبل أن تدنسه معاصي طباعه ، يدعون له بالقبول وثبات الإيمان ويتمنون له تكرار الزيارة في العام القادم 0
تخرج الوفود محلة بالهدايا ، تمر علي الفئران المختبئة في الشقوق ، تطل غير مصدقة أن القط
صدق في توبته ، 00
عقدت شيوخ الفئران جلسة للتشاور في أمر هذا لقط المكار ، ماذا تفعل حياله ؟ هل تاب وأناب أم طبعه غلاَّب ؟
استقر الرأي علي اختيار فأر فدائي ، ينوب عنهم في تقديم التهاني ، إن عاد سالماً صدقنا القط فيما زعم ،و إن التهمه ، يفتضح أمر توبته وتنكشف حيلته علي الملأ 00
تقدم الفأر المسكين صوب باب السرادق ذائق العينين ، يقدم رجل و يؤخر الأخرى ، طل برأسه داخل الحفلة ، رأي الجالسون علي المقاعد يحتسون القهوة والقرفة ويتمايلون طرباً علي صوت
المنشد ، يجلس الحاج وحده علي المنصة ، يوزع ابتساماته علي الحاضرين دون أن تظهر أنيابه
انتهزها الفأر فرصة وخاطبه بشجاعة
: حمد الله علي السلامة يا حاج 000
سكت المنشد وخيم علي السرادق صمت رهيب ، التفت الأعناق صوب مصدر الصوت ، عادت للقط هيبته ، وقف علي رجليه الخلفية متحفزاً ، تجمعت في عضلاته فجأة شهوته للحم الفئران ، دفعته بقوة دون تفكير إلي القفز لصيد طعامه اللذيذ ، تخطت مخالبه موقع الفأر بمسافة بعيدة ، أطلق المذعور ساقيه للريح غير مصدق أنه نجا من مخالب الحاج بأعجوبة 00!!
انحسر عن رأس القط الشال والوقار وتفرقت حبات مسبحته في أركان السرادق ، بدت للوفود ملامح وجهه الحقيقية ، توجسوا خيفة 00
داعبهم القط مازحاً : " الظاهر اللِّي فينا فينا 00 مهما حاجينا وجينا "
ظل الفأر يلهث في جحره بعض الوقت ، تكالب عليه رفاقه يسألونه بإلحاح
: هل تاب القط واناب أم عاد إلي طبعه القديم
ينظر إليهم وهو في حالة ذهول ، أصابته لوثه ونوبة هذيان , ظل يردد
: "القط بعد ما حاج خطوته وسعت قوي " "القط بعد ما حاج خطوته وسعت قوي "
ثم أغشي عليه ، صبوا علي رأسه ذنوباً من الماء ، لما أفاق أعادوا علية السؤال قبل أن يغشي عليه مرة ثانية قال : عندما تروا مخالبه سوف تعرفون الإجابة
الشربيني خطاب

محمد سامي البوهي
20-11-2006, 12:25 PM
الاديب الكبير / الشربيني خطاب

النص يحمل الينا نوعا من الادب الساخر ، الذي يدفن بين طياته أفكاراً إجتماعية ، وسياسة .
عندما تروا مخالبه سوف تعرفون الإجابة

مجدي محمود جعفر
20-11-2006, 04:06 PM
المبدع الجميل / الشربيني خطاب
التقاط المثل الشعبي والذي يمثل خبرة الشعوب واعادة توظيفه في قصة ونسجها بهذه البراعة ، محاولة جيدة وتستحق الإحتفاء بها ، فإعادة نسج الحكاية وإعادة توظيف المثل الشعبي والإسقاط من خلاله على الحاضر والآني شئ طيب وجميل وتجربة رائعة ، التجربة تستحق الإحترام وخاصة أن الكاتب صاغها لكل المستويات ، الناشئة والكبار ، ولا يقدر على هذا إلا الكاتب صاحب الخبرة والتجربة ولك محبتي

سعيد أبو نعسة
20-11-2006, 06:22 PM
قصة جميلة ذات رمزية عالية التكثيف تذكرني بهذين البيتين من الشعر:
حججت البيت ليتك لم تحجّ ** و كاد البيت منك أن يهجّ
ذهبت و معك قافلة ذنوب ** رجعت و معك قافلة و خُرج
و بهذا المثل الجديد الذي ألّـفته الآن :
راح الحج يتوب رجع بكيس ذنوب
دمت مبدعا

الشربينى خطاب
21-11-2006, 08:20 PM
الاديب الكبير / الشربيني خطاب
النص يحمل الينا نوعا من الادب الساخر ، الذي يدفن بين طياته أفكاراً إجتماعية ، وسياسة .
عندما تروا مخالبه سوف تعرفون الإجابة
أشكر مرورك وتعليقك الجميل وفي المرة القادمة لا تنسي أن تأخذ هديتك
خالص شكري وتقديري

الشربينى خطاب
12-07-2007, 05:44 AM
المبدع الجميل / الشربيني خطاب
التقاط المثل الشعبي والذي يمثل خبرة الشعوب واعادة توظيفه في قصة ونسجها بهذه البراعة ، محاولة جيدة وتستحق الإحتفاء بها ، فإعادة نسج الحكاية وإعادة توظيف المثل الشعبي والإسقاط من خلاله على الحاضر والآني شئ طيب وجميل وتجربة رائعة ، التجربة تستحق الإحترام وخاصة أن الكاتب صاغها لكل المستويات ، الناشئة والكبار ، ولا يقدر على هذا إلا الكاتب صاحب الخبرة والتجربة ولك محبتي
الصديق العزيز الناقد المبدع / مجدي محمود جعفر
لا تدري ماذا فعلت بي كلماتك الساحرة هذه ، أثلجت صدري وشجعتني علي الإستمرار في هذه التجربة
فعدت أجلس بين العجائز أنهل من كنوزهن نوادر الأمثال والحكايات واخشي عدم مقدرتي علي العودة بما ظفرت إلا بعد أن ينقضي العمر
خالص تقديري واحترامي

جوتيار تمر
12-07-2007, 01:11 PM
الشربيني الرائع..
القط التائب..نص محبوك بحرفية ..بالاخص اذا ما علمنا ان توظيف المثل الشعبي في القصص والادب يحتاج الى دراية وقدرة،القصة جاءت وفق ترسيمة ثقافية معبرة، و تداعيات نفسية تقوم باستحضار حادث ما من حادث آخر، الفكرة بسيطة، و لكن استدعاء النفس لصورها و معانيها مجال رحب لطاقة التعبير و الرؤيا المميزة من خلال اسقاط المثل الشعبي على الواقع ونبش اعماقه لرسم صورة واقعية، كم اجد بانك قد اجدت في ربط الحدث ببعضه وفق سردية متماسكة قوية البنية.
والتجربة اجدها ممتعة وليس يضر ان تكون مدخلا لتجارب اخرى اكيد انك ستقف عندها بأبداع اكثر.

دمت بخير
محبتي لك
جويتار

محمد الحامدي
13-07-2007, 07:28 PM
تحية طيبة أخي العزيز ... في النص ثراء ولا شك ... هذا التخييل الطريف يشد انتباه القارئ إلى الفكر في زمن كسدت فيه سوق النصيحة والرأي السديد ... طريقة جيدة للنقد مسلية ... هكذا نغلف الرأي بحلاوة الأدب كما يفعل منتج الدواء المر حينما يغلفه بطبقة من السكر حتى يبتعه المريض ( وما أكثر أمراضنا ) فيعالجه ولا يشعر بمرارته ...
دعني أرجوك بكل أدب واحترام وتقدير أوجهك إلى النص من جديد حتى تصلح ما به من بعض " الزلات النحوية " أذكر منها أنك ذكرت العدد مع شهور وحكمه التأنيث إذ هو من ثلاثة إلى تسعة .. وأول جملة في النص كان يجب أن تنصب اسم أن ( زعموا أن قطا ... ) و " عندما تروا ... والصواب عندما ترون إذ لا داعي للجزم بحذف النون وزلات أخرى أرجو أن تعود إليها إذ تلك لغتنا تريد الكمال ولا ترضى سوى به ...
عفوا أخي وألف شكر على هذا النص الثري

ابن الدين علي
28-07-2007, 01:20 AM
الاخ الشربيني خطاب: لقد جئت بالجديد حيث استقيت من التراث الشعبي و قمت بإسقاطه في هذا العصر اي قمت بتوظيف التراث "Actualisation du patrimoine qui nous est tres cher"

الشربينى خطاب
18-08-2007, 06:46 PM
الشربيني الرائع..
القط التائب..نص محبوك بحرفية ..بالاخص اذا ما علمنا ان توظيف المثل الشعبي في القصص والادب يحتاج الى دراية وقدرة،القصة جاءت وفق ترسيمة ثقافية معبرة، و تداعيات نفسية تقوم باستحضار حادث ما من حادث آخر، الفكرة بسيطة، و لكن استدعاء النفس لصورها و معانيها مجال رحب لطاقة التعبير و الرؤيا المميزة من خلال اسقاط المثل الشعبي على الواقع ونبش اعماقه لرسم صورة واقعية، كم اجد بانك قد اجدت في ربط الحدث ببعضه وفق سردية متماسكة قوية البنية.
والتجربة اجدها ممتعة وليس يضر ان تكون مدخلا لتجارب اخرى اكيد انك ستقف عندها بأبداع اكثر.
دمت بخير
محبتي لك
جويتار
أخي جو
الأمثال الشعبية تجارب حياتية ، قضية ما لها شخوص واحداث ، صدر فيها حكم ، صاغة الشعب صياغة حكيمة ، بعد أن ثبت صحة الحكم استخدم الناس نتيجة التجربة بعد أن تحللت شخصبات القصة الأصليه ، نستديعه من الذاكرة كلما قابلنا حالة مشابهة ، وإعادة صياغة التراث وتطبيقه علي الحالات العصرية
فالمكر والخبث والشهامة والمروءة صفات لم تنقرض بعد
خالص تحياتي

علاء الدين حسو
19-08-2007, 10:49 AM
مررت من هنا للتحية وشكر على هذا الامتاع الايجابي ..