المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : برغوث المهرِّج



الشربينى خطاب
21-11-2006, 08:08 PM
برغوث المهرِّج
تدخل أشعة الشمس من فتحة الشباك المكسور ، تسقط دائماً علي الرجل النائم فيحرك قدماه مبتعداً عن لهيبها الحارق ، لمست ركبتاه ذقنه الوارم ، هب من نومه مذعوراً ، رفع يداه في الهواء يتقي بهم صفعات مجهولة الاتجاه ، عادت إليه الطمأنينة حين أدرك أنه مازال في حجرته 00
أسند ظهره إلي الجدار وفرد ساعديه في الفراغ المحيط به ثم تثاءب ، لم يستطع السيطرة علي أعضاء جسده النحيل ، أشعل بقايا لفافة من التبغ كانت ملقاة علي الأرض ، راقب حلقات الدخان التي تسبح في خيوط الشمس الذهبية ، عادت إليه روحه الخائفة فتذكر سهرة البارحة 00
حفل ختان ابن رجل الأعمال الذي تمني أن يدخل قصره المنيع ، التقي فيه بالأمس بباشاوات وبكوات ورجال المال والسياسة يرافقهم دائماً وسائل الإعلام ونساء جميلات ، يرتدن ملابس شبه عارية ، يمتزج الرجال بالنساء ويتبادلوا القبلات الحارة ، يتفاخر رجل الأعمال بفحولته أماهن ويتبادل معهن النكات دون حرج ، تداعب النسوة العضو المجروح بالسبابة فيدافع الصبي عن موطن العفة بدرع يديه الصغيرتين ، كلهم يهجمون علي الموائد ، يقتاتون منها ما لذ وطاب ، يضحك الرجال والأفواه مملوءة بالطعام 00
بلع ريقه عندما تذكر أنه ملأ بطنه الخاوية تلك الليلة ، بعدها التف حوله المدعون ، يحثونه علي تقديم ألعابه المضحكة 00
توسط المهرِّج حلقة المتفرجين ، أخرج من بين ثنايا ملابسه الداخلية برغوثا ً عجيباً ، تكالب عليه المشاهدين ، كلهم يرغب في مشاهدة هذا المخلوق المدهش من قريب ، جذبته النساء من سرواله
كادوا أن يمزقوه ، وضع برغوثه علي ظهر يده ثم بدأ يداعبه بحركات من حواجبه
صرخ فيه آمراً : العب يا فلفل
قفز البرغوث في الهواء فتلقاه مدربه علي ظهر يده الأخرى ببراعة ثم أمره بالعودة سريعاً ، فقفز عائداً إلي سيرته الأولي 00
انتابت دوائر المشاهدين نوبة من الضحك والتهبت أكفهم بالتصفيق مما دفع العجائز وضعاف البصر إلي ارتداء العدسات المكبرة والاقتراب من المهرِّج ، تملكهن الخوف من أن يتسلل البرغوث داخل ملابسهن ، تراجعن إلي الخلف مسرعين ثم عادوا للاقتراب منه مرة ثانية 00!!
عاد المهرِّج إلي وسط الحلقة ليكرر لعبته ، ثم فجأة هرب برغوثه واختفي بين الجماهير ، ظن المهرِّج أنه يبحث عن نقطة دم مملوءة بالبروتين يمتصها بين السيقان بعيداً عن أعين المتطفلين وظن المشاهدين أن المهرِّج أخفاه عنهم بحيلة بارعة لتشويقهم لألعابه البارعة 00!!
خاب ظنهم لما رأوه يبكي وينتحب ، يدور بيتهم كالمجنون ، يبحث عنه في فتحات الصدور العارية وخلف ياقات القمصان ، تهرب النسوة من لمسة يده الناعمة بحركة راقصة ثم يعدن إليه وسط الحلقة وهن يضحكن بخلاعة 00
ينادي برغوثه تارة باستعطاف وتارة أخري بالوعيد
: أينما تكون أيها العربيد سوف اقبض عليك سواء كنت بين السيقان أو في خصلات الشعر الكثيفة
اقترب المهرِّج من وجيه بدين ، فحصه بدقة ثم التقط بمهارة البرغوث الواقف علي رباط عنقه00!!
عاد ليواصل تقديم فقراته العجيبة ، وقف منتصف الدائرة مبتسماً ، داعب البرغوث ثانية بحواجبه الراقصة ثم أمره هامساً : العب يا فلفل
لكن البرغوث لم يمتثل للأمر 00 نهره غاضبا ً 00 لم يحرك ساكناً 00
صرخ فيه متوعداً : العب يا فلفل
نط البرغوث قفزات بلهاء في الهواء واستقر علي أنف المهرِّج ، التقطه بسرعة وأعاده إلي الوجيه البدين معتذراً
: خذ يا سيدي برغوثك الأبله فهو غير قادر علي الحركة 00!!
اكتست وجنتي الوجيه البدين باللون الأحمر وتصبب عرقاً ، فك رباط عنقه وخلع قميصه ليستنشق قدراً كبيراً من الهواء تركه المهرِّج عارياً يقاوم الغرق في لجة خجله و عاد يبحث عن برغوثه ، يناديه يغضب ويلعنه
: أيها الملعون ، عدت إلي عادتك القديمة ، تتناول طعامك مختبئا ً بين الثنايا 00 سوف أقبض عليك أينما تكون
أخذ يفتش بجرأة في ملابس النساء وجواربهن ، هربن قبل أن تتكشف عوراتهن ، انهالت علي وجهه صفعاتهن وبادر الرجال لمعاونتهن بالضرب تحت الحزام 0
لم يعد يتذكر ماذا حدث له بعد ذلك ، ربما أعاده إلي حجرته سائق رجل الأعمال 00
تحسس بأصابعه آثار حفلة الأمس , أحضر ماءً بارداً وضعه علي ذقنه الوارم ثم أخذ يبحث عن برغوث آخر يعده للحفلة القادمة

عبلة محمد زقزوق
23-11-2006, 07:10 AM
دائما ما تعتلي تلك الإبتسامة وجهي كلما قرأت لك قصة
الشكر أولا على تلك المتعة
ثانيا الشكر لتقديم المهرج وهويداعب البرغوت ... البرغوت ؟!!
حقيقي جديدة ...
ولكن لي سؤال : ـ
هل لو توفر له قوت يومه سيظل يبحث عن برغوت مماثل للذي فقده ؟ ام انها صنعة وإحتراف مهني يسعى إليها مـعدومي الدخل كي يكتسبوا حلال لقمة العيش ؟

لكني اعود واجيب
انها حكمة الله في خلقه ؛ إنه لا يترك كبيرة ولا صغيرة بل يهب جميع خلقه صنعة يتحلون بها لكسب حلال قوتهم ... سبحان الله .

والكلام مني قد يطول في رائعتك أخي الكاتب والشاعر القدير ـ الشربيني خطاب
خالص تقديري لمداد وحرف وفكر رائعين

وفاء شوكت خضر
23-11-2006, 02:00 PM
الأديب / الشربيني خطاب ..

تدهشني أفكارك الجميلة في نصوصك .. البرغوث بطل القصة ، ذلك المشاغب الذي يعرف أين يتلقط رزقه ، وصاحبه الذي يستغله كوسيلة لكسب قوته ، وذلك الجمع الغفير من علية القوم ، وقيمه الخلاقية والمادية ، كل ذلك جمعته في قالب قصصي بديع ، أسعدتنا بظاهره وأبكيتنا ببواطن أموره .

تسعدني متابعة نصوصك .

تحيتي ومودتي .

الشربينى خطاب
26-11-2006, 05:15 AM
دائما ما تعتلي تلك الإبتسامة وجهي كلما قرأت لك قصة
الشكر أولا على تلك المتعة
ثانيا الشكر لتقديم المهرج وهويداعب البرغوت ... البرغوت ؟!!
حقيقي جديدة ...
ولكن لي سؤال : ـ
هل لو توفر له قوت يومه سيظل يبحث عن برغوت مماثل للذي فقده ؟ ام انها صنعة وإحتراف مهني يسعى إليها مـعدومي الدخل كي يكتسبوا حلال لقمة العيش ؟
لكني اعود واجيب
انها حكمة الله في خلقه ؛ إنه لا يترك كبيرة ولا صغيرة بل يهب جميع خلقه صنعة يتحلون بها لكسب حلال قوتهم ... سبحان الله .
والكلام مني قد يطول في رائعتك أخي الكاتب والشاعر القدير ـ الشربيني خطاب
خالص تقديري لمداد وحرف وفكر رائعين
الصديقة العزيزة/ عبلة محمد زقزوق:noc:
أولاً أشكرك سيدتي علي كلامك الجميل النابع أصلاً من احساس مرهف لكاتبة متمكنة من معني الحروف ثانياً يقول الجاحظ : الأفكار ملقاة علي قارعة الطريق المهم من يلتقطها ثم كيف يتناولها وينسج منها قصائد شعرية أو قصة أو رواية أو قطعة نثرية أو مقالةأدبية 000 ألخ
[ثانيا الشكر لتقديم المهرج وهويداعب البرغوت ... البرغوت ؟!!
حقيقي جديدة ...]
لا تندهشي فهذا البرغوث هو أداة استخدمتها في القصة لكشف الفروق الإجتماعية وتعرية المجتمع وأظن أن هدف القص وغايته ، تحريك مناطق التفكير لدي المتلقي لكي يعقد هو المقارنة بما لديه من مخزون معرفي في الذاكرة ولماذ نذهب بعيداً ، فرب العزة علمنا كيف نستخدم الحيوان في القصص فهذا هدهد سليمان عليه السلام ونملته وعفاريته وغنم القوم [ ما دلهم علي موته إلا قرضة الأرض تأكل منسأته 000000 ]
والقرضة هي سوس الخشب يعيش معنا
وهذا حمار العزير الذي جعله الله آية ، علمه وشرح له في بيان عملي كيفية جمع العظام وكسوها لحما ـ إحياء الموتي ـ ولله المثل الأعلي
ومن الحيوان لأنه يتعايش مع الإنسان ضرب الله للناس الأمثال [ البعوض والذباب والحمير والكلاب والجمال والخيل 00000 الخ ]
[ إن ةالله لا يستحي أن بضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها 000 الآية ]
انظري سيدتي إلي أسماء سور القران الكريم انها تكريم إلاهي للحيوان قسميت بأسم حيوان [ البقرة ـ العنكبوت ـ النحل ـ النمل ]
فما رأيك هل زلت منك بعض الدهشة من هذا البرغوث واختيار المهرج لهه بعد تدريبه وسيلة لكسب العيش كحيوانات السيرك 00 ما رأيك سيدتي
خالص تحياتي

خليل حلاوجي
26-11-2006, 09:34 PM
نص باهر من كاتب ساحر

انهم جعلونا نهرج ببراغيثنا وليت السنتنا الآن تستطيع ان تأمر فلفل ليلعب

لقد حرمونا من أيه اوامر نطلقها

سيدي المكرم

انهم يقاتلون اعداءهم بدنانيرنا


وكيف ننتصر في معركة نحن جنودها ونحن ضحاياها

\

بالغ تقديري

فرج مجاهد
26-11-2006, 10:48 PM
تهنئة للصديق الشربينى على هذا النص الجميل الممتع:NJ:

زاهية
27-11-2006, 01:21 AM
نص جميل وخفة دم واضحة بارك الله بك ورعاك
أختك
بنت البحر
تكالب عليه المشاهدين=المشاهدون
وظن المشاهدين =المشاهدون

صابرين الصباغ
27-11-2006, 01:22 AM
أخي الشربيني

نص ادهشني فعلا
كيف ان تلك الحشرة الضعيفة لديها القوة ان تطير النوم من عيون الاقوياء
وهنا ان يستخدم حشرة مثلها رجلا لتمنحه المال مفارقة جميلة جدا
وترويض الإنسان لها
واخيرا ....
قصة رائعة وسرد شيق جدا
وكل برغوث على قد دمه

دمت مبدعا
احترامي وتقديري

الشربينى خطاب
04-12-2006, 05:25 PM
نص باهر من كاتب ساحر
انهم جعلونا نهرج ببراغيثنا وليت السنتنا الآن تستطيع ان تأمر فلفل ليلعب
لقد حرمونا من أيه اوامر نطلقها
سيدي المكرم
انهم يقاتلون اعداءهم بدنانيرنا
وكيف ننتصر في معركة نحن جنودها ونحن ضحاياها
\
بالغ تقديري
الأستاذ الفاضل / خليل حلاوجي
أشكر تفاعلك مع النص وهاأنا قدوجدت فلفلي ، أمرته فأطاعني
اساذي الفاضل احترس عند دخولك حفلة المهرج مرة ثانية فقد يكون البرغوث الأبله مازال موجود 00 أي 00 أي
حبة منوشات اشكرك
خالص تحياتي وتقديري

محمد سامي البوهي
04-12-2006, 07:24 PM
السلام عليكم ورحمة الله
أخي الاديب / الشربيني خطاب
النص من النوع الساخر ، فهو يقدم لنا فلفل وهو يلعب ، حشرة صغيرة ربما لا يمتلكها الا الفقراء ، وقد طوعتها كي تكون ميزة بيد هذا المسكين يتباهى بها في الحفل أمام النساء بحركاته البهلوانيه حتى انه أضاع على الرجل البهي استعراضه وبهائه و خيلائه وسط المدعوين ، استطاع برغوث صغير أن يهزم عظمته وماله ، ولفت اليه الانظار .

دمت مبدعاً

الشربينى خطاب
10-12-2006, 04:40 PM
تهنئة للصديق الشربينى على هذا النص الجميل الممتع:NJ:
أخي العزيز فرج مجاهد
أشكر مرورك علي قصتي فهي منك ولك
خالص تقديري واحترامي

الشربينى خطاب
26-04-2007, 10:07 PM
الأديب / الشربيني خطاب ..
تدهشني أفكارك الجميلة في نصوصك .. البرغوث بطل القصة ، ذلك المشاغب الذي يعرف أين يتلقط رزقه ، وصاحبه الذي يستغله كوسيلة لكسب قوته ، وذلك الجمع الغفير من علية القوم ، وقيمه الخلاقية والمادية ، كل ذلك جمعته في قالب قصصي بديع ، أسعدتنا بظاهره وأبكيتنا ببواطن أموره .
تسعدني متابعة نصوصك .
تحيتي ومودتي .
الأستاذة الفاضلة / وفاء شوكت خضر
أرجوا قبول اعتزاري عن تاخري في الرد
يسعدني جداً هذا التواصل الواعي بمغزي القصة
أميل إلي الأدب الساخر الذي كاد ان ينقرد
دمت خير مشجع لي

الشربينى خطاب
01-05-2007, 06:42 AM
نص جميل وخفة دم واضحة بارك الله بك ورعاك
أختك
بنت البحر
تكالب عليه المشاهدين=المشاهدون
وظن المشاهدين =المشاهدون
أستاذتي الفاضلة واختي الكريمة / زاهية بنت البحر
أعتذر عن التأخير
وشاكر لك مرورك الكريم وملاحظتك القيمة
خالص تقديري واحترامي

الشربينى خطاب
05-05-2007, 04:53 PM
أخي الشربيني
نص ادهشني فعلا
كيف ان تلك الحشرة الضعيفة لديها القوة ان تطير النوم من عيون الاقوياء
وهنا ان يستخدم حشرة مثلها رجلا لتمنحه المال مفارقة جميلة جدا
وترويض الإنسان لها
واخيرا ....
قصة رائعة وسرد شيق جدا
وكل برغوث على قد دمه
دمت مبدعا
احترامي وتقديري
الصديقة العزيزة / صابرين الصباغ
دمت متالقة واعية بالمضامين ن ليس مدهشاً تواصلك الواعي
مع النص فانت كاتبة متمرسه ، والرمز في القص يفضع المضمون
ويعري المجتمع
خالص تقديري واحترامي