المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وجاءت الثانية



أديب قبلان
24-11-2006, 11:35 AM
هذه قصة بعنوان " وجاءت الثانية " وفكرتها وبعض العبارات مقتبسة من قصة الأستاذ القاص الكبير نوزت شمدين عن قصته " كاوبوي " ولكنها بأسلوبي الخاص .....












وقفت أشعة الماضي تلاعب ذهني المشتت وأبقت على أثار من دماء الحاضر لتذكرني بأن لي ابناً شهيداً يعانق الأرض ، ويبكي دماءً تذكر بالوطن الخالد وتمحو آثار جريمة الزمن الشنعاء ، كما نفضت أفكاري غبار الزمن عن عيني لتذكرني بابني هشام الذي قرر اللحاق بأخيه عبد الله ووهب حياته لتحرير عراق الإيمان والمودة فلم يصل عنه خبر منذ أكثر من شهر ، وتناولت أذهاني أفكار تراكلته مؤنبة ضميري المنغرس في أحشاء جثة راقدة رقود المياه العميقة ، فذكرتني بأبناء أختي " منى " ، هؤلاء الذين ظلمتهم ، فبعد وفاة أمهم آثروا اصطحاب الطريق الأعوج على اصطحاب الصراط المستقيم ، كنت أحس برعشة في جسدي كلما رن جرس الهاتف ، أحس أن شيئاً يؤنبني ، بل يهددني ، فما كنت أفهمه حتى النهاية .
****************
يوم السبت كان يوماً مشمساً بعض الشيء ، كنت أجلس في حجرتي وكل ما وصفت كان يصاحبني فيها ، كانت سيوف الشمس ، تخترق ستار الغرفة مذكرة إياي باستمرار الحياة ، إبريق الماء البلاستيكي يجلس على مكتبي وكأنه ملك متربع على عرش ذهبي ، يرعبني شكل الهاتف ذي الأقراص العابسة ، الكرسي مفجوع بإحدى عجلاته ، فكلما تحركت حركة ناداني من تحتي موبخاً ، المكتب مكون من رقعة خشبية تعلو أربعة قوام معدنية .
قطع صفوي المعتاد نقر على باب حجرتي الخاصة :
- " تفضل "
فكان وردان نصيبي من باب الحظ ذاك ، رجل ذو وجه ناصع البياض وشعيرات تختتم وجهاً مليئاً بالتجاعيد التي أوجبها الزمن عليه :
- " أهلاً بمن أحب "
- " أهلاً بك أبا عبد الله ، أنت من أحب "
ناولني الصفيحة التي تحمل كوباً مليئاً بالقهوة الخليجية - التي انتشرت في الموصل - و انصرف ، انتابتني حيرة ... ليس من عادتي أن أشاطره عناء حملها ، لكن هذه الحيرة غادرت عندما قرأت الورقة البيضاء التي علاها فنجان القهوة ذاك :
( مازن ، موعدنا يوم الاثنين في شعبة الحراسة ببغداد )
حاولت تذكر كل من لي ببغداد ، لم يستطع تفكيري أن يحصر شخصاً من عليه الزمن وعمل بمنصب في شعبة الحراسة ، فمن لي هناك هم أبو محمد سعيد الموصلي ويعمل تاجراً صغيراً في سوق الذهب ، وأبو أسعد محمد الفران ويعمل موظفاً في وزارة الداخلية ، والحاج سمعان الذي يملك قبواً صغيراً في سوق الأقمشة .
لم أطل التفكير واستدعيت وردان الذي لم يأت ، اجتاحني شعور غامض بالخوف ، لماذا لم يأت وردان عندما طلبته ؟! يبدو أن الأمر خطير ... وهنا بدأت هواجس الخوف تلاحقني تارة وهواجس الفضول تهاجم دماغي الضئيل تارة أخرى ، ولكن في النهاية كان ذهابي هو قراري الذي لم أغيره .
يوم الأحد :
وضعت مفتاحي المتعرج الذي غلب على لونه اللون البني موضحاً قرب نهايته في فتحة باب مكتبي الذي يشكل بيتاً لي ناسياً وجود ثلاثة أولاد وأم في المنزل ينتظرون الراتب الشهري الذي لا يتواجد إلا بعد مناقصة تقدم لمدير الشركة الأستاذ برزان الناصح .
كانت آلام قدمي قد أعيتني ، لونها يميل إلى الزرقة ، مخيفة حيث أن ابنتي سناء تخاف النظر إليها ، لم آبه إلى تلك النكرات التي تخترق حياتي اليومية المعتادة ، ولكن ما كان يشغلني هو الخوف والفزع من المواجهة لأنني تذكرت التواجد الأمريكي اللعين الموجود على حدود بغداد .
المفاجئ أن وردان لم يحضر اليوم ! ، استغربت الموضوع ثم توقعت أن يكون مريضا أو به شيء ، لكنني لم ألبث أن ربطت غيابه بحادثة الأمس .
******************
يوم الاثنين :
منذ الخامسة فجراً ، كنت مستقلاً سيارتي البيضاء التي تشبه في واجهتها القط المريض وعجلاتها الأربع تصدر صريراً كلما ضغطت على المكابح ، كانت إذاعة صوت الجماهير تطرق أذني معلنة وجود أخبار جديدة ، حسبت هدفي نزهة من نزه العائلة التي كانت تتابع قبل الاحتلال ، أوقف شرود ذهني وتشتت الأفكار ذكريات الأب الحنون الذي طالما عطف علينا ، كم من نزهة ترافقنا فيها ؟! ، جاءني خيال أمي ينادي كصدر حنون تباعد عني إلى أن تلاشى ، ولدي عبد الله الذي أقسم على الثأر لعراق العرب و المسلمين ، تذكرت التهاني التي ملأت ألسنة الجيران والأقارب عند استشهاد عبد الله ، طيف هشام لاحقني فلم أسلم منه وهو أكثر ما أبكاني على طريق بغداد ، تذكرت بسمته الناعمة وعيونه الغائرة في وجهه الأسمر الذي يفيض براءة ممتزجة بحياء وليس خجلاً ، وهنا استرسلت أذهاني ذكريات " منى " هي أختي ولكني كنت أمثل لها أباً وأخاً وصديقاً ، كانت في زهرة العمر عندما قصدها ملك الموت قابضاً ، كانت فترة مرضها من أجمل فترات حياتها التي قضت ، فقد وجدت نفسها بصورة لم تكن معهودة لدينا ولديها .
كل هذه الأفكار وأكثر أخذت تلوي روحي وكأنها تغلي على نار هادئة ، بقيت أذرف دمعاً قلبياً لا عينياً إلى أن وصلت مشارف بغداد ......
*****************
كانت الحدود البغدادية مكتظة بجموع جيش الاحتلال ، وقفت عند أول حاجز عسكري ، تلفت قليلاً ... فوجدت رجلاً عظيم الجثة مكشراً عن ابتسامته الماكرة ، يقترب مني وفي يده اليمنى بندقية كبيرة بدت عليها آثار التطور وفي يده اليسرى يحمل بطاقة لم أفكر في مضمونها ، عفوياً ؛ انطلقت يدي تبرم مقبض النافذة التي غلب عليها التعب أدخل رأسه من النافذة وابتسم ابتسامة عريضة وقال :
- " جوازك .. "
ناولته جواز سفري الذي بدى وكأنني آكل أطرافه بجانب حساء ما ، اطلع على الصفحة الأولى التي تضمنت اسمي وصورتي ، وفجأة .... قال وعيونه منفتحة انفتاح عيون الليث :
- " أنت؟! "
ارتبكت بعض الشيء ، وتمتمت قليلاً ! فقال : " أهلاً وسهلاً " و ناولني الجواز وانطلقت خائفاً إلى خارج المنطقة الحدودية ، تذكرت الجواز وانطلقت يدي إليه مرتجفة ، تناولته .. فتحته .. نظرت في داخله .. البطاقة ، نعم إنها البطاقة التي لمحتها بيد ذلك الشرطي ، قلبتها ثم قرأتها ( في فندق البستان في شارع السلام ... ) .
شعرت نفسي بالتعب عند قراءة هذه العبارة ، ولكن ما هون علي هو تغيير مكان الموعد من شعبة الحراسة إلى الفندق .
من هو ذا صاحب الرسائل هذه ؟! ، أهو شخص أعرفه ؟! ، أم أنه مجهول المصدر والمصير ؟! ، كانت الأفكار تقوم على التضارب الذهني الذي لم يغادر إلى بعد أن أعياني .
وصلت إلى فندق البستان الذي قصدته من الموصل ، دخلت .. واتجهت إلى موظف الاستقبال ، ثم وقفت أمامه وكأني أبله لا يعرف لماذا جاء ، حدق إلي بعينيه الزرقاوين ، ثم قال :
- " الأستاذ مازن ؟ "
فبدا لي أنه على علم بالرسالة التي وصلتني ، فقلت بصوت مبحوح يصبحه نشيج بسبب النخام المتعلق بجدران حلقي " نعم .. نعم ، أنا من تقصد "
وهنا استقبلني وكأنني أعرفه وطلب مني أن أجلس على أحد المقاعد الفاخرة الموجود في ساحة الاستقبال ، ثم تحدث إلي في أذني :
- " أحد أعضاء الكونجرس الأمريكي يطلبك "
انحلت مفاصلي وخفت شديد الخوف ، وقلت له :
- " ربما أنا الشخص الخطأ ! "
فأجاب :
- " بل أنت هو "
أخافني جداً وبدأت أفكاري تستبعد احتمالات وتقرب احتمالات ، ثم اتجه الموظف إلى السلم الطويل المتعرج الذي غلب عليه اللون الأبيض لامعاً لمعان الشمس ، واختفى عن الأنظار .
هنا تذكرت ولدي هشام ... تذكرت صغره الذي كان زهرة من زهرات الوجود ، تذكرت ما انبثق عن يدي عندما لم أمنعه من الذهاب للجهاد ، أصبح الناس يهنئونني باستشهاده قبل أن يعرف عنه أحد شيء ، أهي شماتة الأعداء ؟ ، أم هي استهزاء بالشهيد الحي ؟ ، تراكلت أذهاني قصص كثيرة ، وتواردت عليها خواطر غريبة عجيبة ، كنت أخاف هذه الأفكار كلما دقت بابي ، قلبي يرتعش كلما قصدتني هذه الأفكار ، أخاف أن يصدقها الزمن ويحكم عليها بالوجوب على رأسي الأقرع الذي نمت في وسطه شعيرات ربما هي من الارهاق العقلي .
ماذا يريد مني أحد أعضاء الكونجرس ؟! ، هل وصلت خبرتي الهندسية إلى أمريكا ؟ ، لا أعتقد .. ولكن يبدو أن أحد الأقارب في المهجر وجه إلي رسالة عن طريق هذا الشخص ، وهذا ما هدأ من روعي .
جموع من الصحفيين الفرنسيين يلتفون حولي هنا وهناك ، منهم من وقف بلا حراك ومنهم من يشرب عصيراً كان أو خمراً ، ومنهم من يقف إلى جانب أحد المسؤولين يكتب ملاحظته .
ما هي إلا دقائق ، فإذا برجل ضخم ضخامة نخلة في وسط الصحراء يلبس بزة سوداء حالكة وكأنها ليلة بلا قمر ، على وجهه الاسطواني تربعت عدستان لونهما شديد السواد وعلى ثغره ارتسمت ابتسامة حسبتها خبيثة وحركت في نفسي شبح الخوف مرة أخرى .
اتجه نحوي .... وعندما وصل قال لي "أهلاً بك " ، أشعرتني هذه الكلمات بشيء من الراحة ، فقصصت له قصتي ، عندها طلب هويتي فأبرزتها ، مد يده إلى جيبه وأخرج ورقة صغيرة سجل عليها بعض الملاحظات وكأنه أحد أفراد المخابرات العسكرية ، ثم انطلق إلى أعلى يتبع خطوات الموظف الذي لم يعد إلى الآن .
ثوان بسيطة ، فإذا بشخص طويل القامة ، يرتدي ملابس زرقاء ، يتوسط صدره ربطة عنق بيضاء ، ذو لحية شقراء خفيفة ، يتأخر عنه شخصين ذوي نظارتين شمسيتان كالمرآة يعكس زجاجهما صورتي البريئة ، يتوجه إلي مبتسماً فاتحاً ذراعية الواسعتين ، لم أملك من حيلتي إلا أن اتجهت نحوه وفتحت ذراعي وعانقته معانقة الأخ لأخيه وأخذ يربت على كتفي كمضرب ينفض الغبار عن فراش امتلأ بالغبار ، ثم قال بلهجة مصرية متقنة :
- " ماذا يا مهندس مازن ، أنسيت جوزيف ناي ؟ "
فككت اشتباك الأيدي واشتباك الأفكار ، ثم تمعنت قليلاً في وجهه ، وابتسمت ابتسامة نبعت من القلب معبرة عن ارتياح نفسي كبير طالما انتظرته طوال هذه الرحلة الصعبة ، قلت له :
- " أنا سعيد جداً بلقائك "
- " آه يا مازن ... مر زمن طويل على افتراقنا ، وربما بعد سنوات ستجدني رئيساً للولايات المتحدة "
أجبته مازحاً :
- " وعندها ستضطر إلى تحويل العراق إلى جنة خضراء "
قهقه بصوت عظيم رج أركان الفندق و أفزع من كانوا في ساحة الاستقبال ، ثم أردف :
- " هذا ما لا أستطيع فعله "
اتجهنا إلى ( الكوفي شوب ) ، لم أتوقع أن يبتسم لي الزمن مثل هذه الابتسامة الحقيقية ، كيف انتقلت من مهندس مدني في شركة لشخص كبرزان إلى شخص مهم يعرف أحد أكبر أعضاء الكونجرس الأمريكي ؟! ، آه يا زمن كم أنت تسعد أحياناً وتخزي أحياناً أخرى .
منذ عشرة أعوام أرسلتني وزارة التخطيط العمراني إلى مصر لأحصل على الماجستير في الهندسة وهناك التزمت المشاريع البنائية الضخمة أبحث فيها عن أكبر قدر من الخبرة وخصوصاً أن المصريين قد برعوا في فن العمارة والتصميم ، وأثناء وجودي هناك كان " جوزيف ناي " أحد أفراد الفرقة التي انضممت إليها وهو أمريكي الجنسية ، وكنا سوياً في سكن واحد واستمرت علاقتي معه مدة ثلاث سنوات من الزمان ، نشأت هذه العلاقة على أصول من المحبة وعبق من عطر التآخي وغلب عليها الحب الصادق الذي بقي إلى أن رأيته الآن .
أخبرني جوزيف أنه ترك القاهرة بعد سنتين من مغادرتي ، وعاد إلى الولايات المتحدة وهناك أصر شديد الإصرار على تعلم اللغة العربية لما وجد فيها من معاني عريقة أصيلة ، وكان هدفه من أسهل ما وصل إليه ، حيث أجادها إجادة متقنة و كان السبب الوحيد لذلك هو إعجابه بالحضارة العربية الشرقية وميوله إلى العرب وحبه لهم .
اقتحم جوزيف المجال السياسي وبدأ الطريق بخطوات واسعة ، أبديت له استغرابي الشديد ونحن نشرب العصير ، وذلك لأنني طوال علاقتي معه لم يظهر أي اهتمام بالسياسة وإنما بقي اهتمامه منصباً على الإعمار والتعمير .
تبادلنا الأحاديث العشوائية وتراكلتنا الذكريات الجميلة في مصر ، تذكرنا أيام الجامعة التي كم سعدنا بوجودنا مع سيد وحسني ويونس والبقية ، تذكرنا رحلتنا إلى الصحراء وتخييمنا فيها ، تذكرنا كثيراً مما رفض الزمن تذكيري فيه بمفردي .
اتجهت إلى فندق الرشيد بعد حجزي لغرفة فيه ، أخذت حماماً دافئاً ، بعدها أخذت فترة استرخاء للمفاصل التي تعبت اليوم من لقاء جوزيف ، كانت ذاكرتي حينها تقلب دفتر الأيام وتنفض الغبار عن وجه فظيع ، أبكتني الكثير من الذكريات واعتصر قلبي كثير من الهواجس ، فكانت النهاية نوم طويل .
استيقظت في الخامسة والنصف ، في السابعة كنت في طريقي إلى فندق البستان ، انتظرت جوزيف في السيارة إلى أن أتى لابساً بدلة سوداء و يحمل على طرف خصره آله تصوير ويلبس نظارة كالتي ارتداها بالأمس .
- " اليوم أنت أمريكي ، وليس مصرياً "
- " بل أنا عربي أمريكي ، فسرها بنفسك ... "
أردف :
- "إياك أن تأخذني إلى ملجأ العامرية ! "
- " اجلس في السيارة وحسب "
انطلقت في السيارة إلى أن وقفنا على الإشارة الحمراء :
- " كيف كانت إقامتك في بغداد ... أرجو أن لا تكون متعبة "
- " وكيف ستكون مريحة ومسؤولوكم لا يتركون مجالاً للتعاون "
- " جوزيف .. أريد أن أرى المهندس جوزيف وليس السياسي "
صمت برهة فأردفت :
- " سآخذك إلى مقهى شعبي لأريك قيمة النرجيلة العراقية "
فأجاب موافقاً و بدت أمارات البهجة على وجهه الأشقر المموه بلحيته الشقراء البسيطة ، أوقفنا السيارة بعيداً عن الزحام المتدخل ، وأكملنا الطريق مشياً على الأقدام إلى أن وصلنا إلى مقهى الزهاوي ، شعر جوزيف أثناء الطريق بتوتري ، فحاول أن يخفيه على نفسه ، فأقبل يتفحص المحلات التجارية و يعلق على كل ما يراه ولم يفتح أي موضوع قد يخصني .
أثناء جلوسنا في ذلك المقهى الذي ينقل لي صورة الآباء والأجداد ، ويرسم لي أزهى صورة عن العادات والتقاليد القديمة التي اعتاد الجميع على المحافظة عليها ، ولم يخف عن جوزيف نظرتي السليمة لحفظ العادات ، مما شجعه على انطلاق لسانه بصورة لم أعهدها عنه طيلة علاقتي الوطيدة به .
نفث دخان النرجيلة من أنفه الأفطس ثم قال بهدوء :
" سمعت أن ابنك قتل في الحرب "
هنا بدأ قلبي يرتجف وبدأت قدمي تعوي علي ، ارتبكت مفاصلي وارتجف قلبي واتجهت أفكاري يميناً وشمالاً لم تعرف الهدوء ، ثم ارتسمت على وجهي عقدة ربما أخافته وقلت :
- " لم يقتل ... كلكم تقولون قتل ، هو لم يقتل وسيعود يوماً من الأيام "
هدأ من روعي واستغل الموقف ، ليبدأ السؤال عن العائلة ، وكأنه تناسى الموضوع فقلت له :
- " كيف علمت بأمر ابني ؟ "
فأجاب وهو يغير من جلسته ويخلع النظارة عن وجهه :
- " حكاية طويلة سأحكيها لك لاحقاً "ً
غيرت الموضوع وفتحت موضوع المطاعم الشعبية ، فتحدثنا عن كثير من الأكلات التي اعتد أن أتناولها طوال فترة إقامتي في بغداد منذ خمس سنوات ، ثم نصحته بأكل أكثر الأكلات فقداً عند غير العراقيين وهو سمك دجلة الملون الرائع الطعم ، ثم استأذن جوزيف قائلاً :
- " غداً طائرتي إلى نيويورك في الساعة الحادية عشرة ظهراً ، وأريد أن أتحدث معك في موضوع مهم جداً قبل أن أغادر "
اتفقنا على موعد في اليوم التالي ، ولكنني أخفيت فضولي ، فقد حركت آخر عباراته شيئاً في داخلي أخافني ، فأنا منذ البداية لم أكن أتحرى المواضيع الغامضة خوفاً من الصدمة لكن يبدو أن ما شدني إلى الحضور لبغداد هو ما سيقوله لي غداً.
*********************
في اليوم التالي كان بانتظاري في ساحة الاستقبال في فندق البستان ، رحب بي ثم اتجهنا إلى الحديقة الخلفية للفندق وأنا ألحظ وجود كلام في فمه لا يقدر على إخراجه ، أخافني أن يكون شيئاً يؤذيني أو يؤذي شيئاً من أفكاري .
فقلت له :
- " جوزيف .. ألا تعتبرني أخاً لك ؟ "
فأجاب وقد كشر عن عقدة بريئة في جبينه :
- " بلى .. هو كذلك "
وقبل أن يبدأ بالكلام ، قلت له :
- " أأنت من استقبلني في حدود بغداد ؟ "
- " أنا ..! أه تقصد الجندي ، فعلاً أنا من وضعه ليخبرك ، وهو عراقي الأصل انخرط في سلك الحراسة الأمريكية ، وكان وضعه على الحدود هدفاً لتوجيهك إلى الفندق لا إلى شعبة الحراسة "
ثم أردف :
" اسمع مازن .. قابلني القس هورنر ، وهو رجل دين طيب جداً ، وظف من قبل الكونجرس ليقوم بتطبيب الجرحى مع مجموعة أطباء ، فاستطاع أن يحصل على كثير مما كان بحوزة جنودكم الذي قتلوا من هويات وأوراق وممتلكات ، ومن بين ما وجدوا هذه الرسالة "
ثم أخرج من جيبه ورقة صفراء مربعة وتابع :
- " كانت هذه الورقة في مظروف كتب عليه اسمك وعنوانك "
أخذت منه الورقة ويدي ترتجف ، و يتصبب من رأسي عرق بارد مخلوط بخوف حار جداً ، ثم نهض وربت على كتفي وابتعد إلى أن تلاشى .
فتحت الورقة ثم كانت المفاجأة :
( أبي الحبيب أرجو أن تكون بخير وصحة جيدة قد تتأخر عودتي قليلاً.. أنا
بخير فلا تقلق ، في الغد سيعود صديقي عزيز إلى الموصل وسوف يخبرك بكل شيء.
وأنا إن شاء الله سأكون بينكم في الأسبوع المقبل. أشواقي ومحبتي وقبلاتي
إلى أمي الغالية والعزيزة سناء.
ابنك هشام مازن الحمداني ) .

إسماعيل صباح
24-11-2006, 09:43 PM
احببت ان اكون اول المصافحين ولي عودة بعد إكمال قراءة الرواية إن شاء الله

ابني الحبيب أديب :ــ
أسعدتني معرفتك على المسنجر , واليوم وأنا أقرأ هذه الرواية. أشعر بالفخر لتواجد إسم على مسمى . لا أجاملك ولا أشيد بروايتك ــ ولا أقول قصتك ــ وأترك الشهادة لهل لغيري من أهل الإختصاص , بداية تبشر بموهبة تفخر بها الواحة .استمر واتمنى لك التوفيق.

الدعيكي

أديب قبلان
25-11-2006, 09:12 AM
الأستاذ إسماعيل صباح ...

كان لي الشرف الكبير بالتحدث معك على المسنجر ، وأنا جداً أعتز بهذا الكلام الذي وجهته ، أعتقد أنه يمكنك اعتبارها رواية أو قصة طويلة لأنها فعلاً طويلة وأتمنى أن نرى رأيك مجدداً عند إكمال قرائتك لها ....





تلميذك
أديب قبلان

زاهية
25-11-2006, 10:38 AM
قرأتها كلها دفعة واحدة ..شدَّتني حتى كدت أنسى نفسي فيها
استطعت بنجاح أن تصحبنا بهذه الرحلة الشاقة المؤثرة
أنتظر منك المزيد من هذه الإبداعات التي تحكي عن معاناة
الشعب العراقي الشقيق ,وهي غنية بالقصص التي يشيب
لها الولدان..
دمت بخير أخي المكرم أديب قبلان
أختك
بنت البحر

أديب قبلان
25-11-2006, 11:01 AM
أختي زاهية

لي كل الشرف بأن تكون قصتي مقبولة القراءة لدى جميع الأحبة ، أرفق لك تحيتي واعتزازي برأيك وأتمنى أن تقترحوا اسماً لهذه القصة التي هي ربما ناجحة ....




تلميذكم

أديب قبلان
25-11-2006, 11:02 AM
لكم مني جميعاً سلام

مجدي محمود جعفر
25-11-2006, 07:00 PM
الصديق المبدع الجميل / أديب
بالفعل نصك يشي بأن كاتبه اسم على مسمى ، وقلت في البداية أن فكرة القصة للكاتب ( نوزت شمدين )وأن ثمة اقتباسات من النص الأصلي ، وطبعا نحن لم نقرأ النص الأصلي حتى نستطيع أن نقف على مقدار التناص أو الاقتباس كما أنك لم تقم بتنصيص الجمل والعبارات المقتبسة من النص الأصلي - أي وضعها بين قوسين - على أية حال لو حذفنا تقديمك هذا ، سنجد أننا أمام نص جيد ، يملك كاتبه قدرات سردية جيدة ويعي تماما الأصول التي يقف عليها العمل القصصي دون عثرات ، سعيد بقراءة هذا النص ، وستتنامى سعادتي عندما أقرأ نصا آخر لك ولك محبتي

أديب قبلان
27-11-2006, 10:52 AM
الأستاذ مجدي محمود جعفر
تحية طيبة وبعد .....

أشكر مرورك على ما كتبت وأتمنى أن تكون كلماتك التي تركتها حلقة توضع في أذني فلا أنساها ...
أنا معك في وجود وضع علامات تنصيص حول ما تم نقله من أساليب لدى الكاتب الأصلي لقصة كاوبوي ....
ولكني أنا من استخدم الأساليب كاملة وما استخمته من لغة الكاتب الأصلي هو بعض جمل الحوار وبعض المسميات العامية وذلك كوني لا أفقه المسميات العراقية العامية ، ولكني فعلاً رأيت عالماً آخر عندما كتبت هذه القصة لما في فكرتها من معاني جلية ونقاط جميلة وأساليب لها إضفاء جميل على هذا المجال ....


تحياتي
أديب قبلان

محمد المختار زادني
30-11-2006, 04:57 PM
أيها اليافع الشامخ


قد شدني أسلوبك هنا:

«...كنت أجلس في حجرتي وكل ما وصفت كان يصاحبني فيها ، كانت سيوف الشمس ، تخترق ستار الغرفة مذكرة إياي باستمرار الحياة ، إبريق الماء البلاستيكي يجلس على مكتبي وكأنه ملك متربع على عرش ذهبي ، يرعبني شكل الهاتف ذي الأقراص العابسة ، الكرسي مفجوع بإحدى عجلاته ، فكلما تحركت حركة ناداني من تحتي موبخاً ...»

لله درك
واصل وأتوقع لك تألقا أكثر

أديب قبلان
30-11-2006, 07:38 PM
الأستاذ محمد المختار ....

يسرني تشجيعك لي وبكم نرتقي ونتمنى أن نكون عند حسن الظن ....

تحياتي

حسام القاضي
30-11-2006, 10:33 PM
الأخ الفاضل الأديب / أديب قبلان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أرى هنا عملاً مختلفاً عن كل ما قرأته لك من قبل ..
ولكن كما قال أخي الأستاذ ( مجدي جعفر ) لا نستطيع الحكم على قصتك دون رؤية العمل الأصلي ، والذي اقتبست منه الفكرة ، وبعض العبارات ، وأنا أحيي صراحتك وشجاعتك الأدبية إذ نوهت إلى أن قصتك مقتبسة عن عمل لكاتب آخر ، وهذا يحسب لك بكل تأكيد .
كنت على وشك ان أسألك لم وضعت عبارات الحوار بين علامات تنصيص ؛ فإن كان هذا لأنها مقتبسة من النص الأصلي فقد فعلت الصواب ، وأما إن كان غير ذلك فيجب عليك في هذه الحالة محو علامات التنصيص ما دمت قد استخدمت
(شرطة الحوار) .
هذه هي ملحوظتي الوحيدة على قصتك ، وفيما عداها لا أرى امامي إلا قصة مكتملة عناصرها ذات حبكة قوية ، وأسلوب مميز ، هو أسلوبك الشيق الذي عودتنا عليه .
استمر يا صديقي الموهوب في هذا الطريق الجميل الذي وضعت أقدامك عليه بثبات واضح هذه المرة .
بخصوص اسم لهذا العمل فأنا أقترح اسمين ، وفاضل أنت بينهما ، أو فكر في غيرهما :
" رسالة من هناك " أو " ورقة صفراء "

تقبل أمنياتي بمستقبل واعد بإذن الله .

أديب قبلان
01-12-2006, 07:04 AM
الأستاذ الفاضل حسام القاضي ...
لقد نبهتني مرة أخرى على إحدى النقاط الهامة وأرى أنني قد نسيت أن ملاحظتك الموجودة على قصة صفير الموت كانت إحداها عدم وضع علامات تنصيص على الحوار إلا إذا كان بين الكلام ، وهذا هو الخطأ الذي وقعت فيه ، ولكني وبكل تأكيد سأعدلها لكي تصبح قصة جميلة وأرفق لك في ردي قصة كاوبوي للكاتب الكبير الأستاذ نوزت شمدين ....







كاوبوي
للأستاذ نوزت شمدين


1-

منذ أن وصلني خبر وفاة أختي نعيمة وأنا لا أطمئن إلى الأجراس ومنبهات
القلق . تصبغني صفرة ليمونية كلما سمعت جرس الباب ويضيق صدري مع كل رنين متقطع أو طرقة مخنوقة على خشب باب مكتبي البارد .

فكرت في استبدال جهاز الهاتف الأسود الثقيل بمنحنياته العابسة وقرصه
الحديدي العاصر للسبابة بأخر أحدث يبهج القلب بألوانه ووظائفه المتطورة .
ولكنني سرعان ما اكتشفت أن التكنولوجيا الهاتفية لا تليق برسوخ أسمي
التجاري .
فالأشياء القديمة تعزز ثقة الزبون كما أن هاتفي الجنائزي هو الأسهل
بالنسبة لسمعان الحارس الذي لا يجيد التعامل مع جهاز آخر . كنت الوحيد في قيصرية المأمون الذي ينتظر الأخبار السيئة لذلك اعتدت على إخراج الهاتف إلى الممر ووضعه بعد إغلاقي للمكتب تحت تصرف سمعان تحسباً لأي طارئ فالكوارث والمصائب عادة ما تحدث في غياب القلق ، وهذا الأجراء وفر الأمان للمكاتب
الأخرى
ولكنه جعلني أكثر اعتقادا أن الحرائق في انتظار غفلة مني .

في صباح السبت فتحت باب المكتب بغياب سمعان . هاجمتني روائح الأسمدة
والبذور المتعفنة . اضطررت إلى مسح جلد الكرسي الدوار بنفسي . في عملنا نحتاج دائماً إلى التراب والغبار لأن ذلك يجعلنا أكثر واقعية في التعامل مع أدوات الزراعة لذلك لم أكن أهتم سوى بالكرسي وقيامي بهذا العمل يشعرني بخسارة فادحة .
أطل سمعان برأسه البصلي وقال بصوت أجش وهو يرمقني بنظرة ينقصها
الاحترام :

في الليل اتصلوا بك من بغداد وقالوا إن الكنغر يريدك .

تسمرت في مكاني بلا حراك . لم يجد سمعان ما يقوله فتركني وغاب دون أن يبرهن لي أن مسح الكراسي يحتاج إلى خبرة .

قبضت على سمعان في مكتب عبد العزيز واستطعت أن أعرف منه أن الاتصال مصدره الوزارة ولكنني لم أعثر في ذاكرته البالية على أكثر من أن الكنغر يريدني .
عدت إلى مكتبي وأنا أرتجف والنمل يجتاح فروة رأسي .



-2 -



في فجر الأحد كنت أقطع بسيارتي الطريق إلى بغداد ومذياع السيارة مفتوح على إذاعة صوت الجماهير . لم أكن قد توصلت إلى شيء ولم أستطع الإمساك بخيط ما بعد تقاعد عبد الرحمن البكري انقطعت علاقتي تقريباً بوزارة الزراعة .
الاحتمال الذي يتوافق مع المنطق أن في الأمر استشارة ما أو عقد مع شركة أجنبية تسمى الكنغر والوزارة تحتاجني كخبير . كان هذا هو تفسير زوجتي التي قاومت ببسالة آلام مفاصلها ونبشت معي في أوراقي القديمة بحثاً عن أي شيء يذكرني بالكنغر اللعين خاصة وأن الأمر كسر ما حرصت على ترسيخه وأصبح مثل وصمة عار فالكنغر يحيل السامع الى أسم حركي لسفاح تجاري واللئيم سمعان وضع الخبر في أذن جاري عبد العزيز الذي لف مسبحته الطويلة حول معصمه وقال حاسداً :

ها دكتور عبد الكريم .. من أين لك بهذا الكنغر .. حوت والله العظيم حوت .

وافقت على اقتراح زينب فقد يكون وراء هذا الاستدعاء فرصة عمل كبيرة ولكنني
كنت لا اعرف كيف أتصرف . ساعدني صوت عفيفة اسكندر ومائدة نزهت على تنشيط
قلبي وتجديد دمي .

دخلت من بوابة بغداد في الساعة العاشرة صباحاً ، وعلى الفور اتجهت إلى
ديوان الوزارة في ساحة الأندلس وأنا أكثر عزماً على مواجهة الأمر
والاستعانة
بما تراكم لي من خبرة برغم مضي مدة طويلة جدا على التصرف كممثل لجهة رسمية
عالية المستوى .

استقبلني موظف الاستعلامات بالترحيب . شعرت بالخجل من نسياني أسمه ولكنه
سهل علي الأمر فقد بدا أنه على علم بالمكالمة الهاتفية وقال لي بصوت عال
أثار انتباه من حولي :

أحد أعضاء الكونغرس الأمريكي سأل عنك .

جف ريقي . قلت له :

أنت عل خطأ .. قد تكون شركة الكنغر هي التي سألت عني .

ليس بالكنغر يا دكتور .. إنه أحد أعضاء الكونغرس جاء على الطائرة الأردنية
التي هبطت قبل يومين وهو ينتظرك في فندق الرشيد .

وقبل أن أتركه سألني بصوت خافت :

دكتور.. هل أدخلت الوزارة الكنغر ضمن خطتها للإنتاج الحيواني ؟ .





-3-

لم أدر مفتاح التشغيل . بقيت أمسك بالمقود يتلبسني الانفعال مثل متسابق
مغامر . فكرت في الاتصال بزينب من أقرب كشك اتصالات . سيطر علي هذا الهاجس
لفترة ولكن قلقي المتزايد أبعدني عن أي فعل ورحت أتأمل الإسفلت مستنطقاً
الذاكرة . شدني منظر أحد الوفود الرياضية وهو يترجل داخلاً إلى فندق
السدير
. لعل الأمر ليس أكثر من حاجة الوزارة إلى مرشد له دراية واسعة في واقع
الزراعة الشمالية . لمت نفسي على تركي الوزارة بهذه السرعة فقد كان علي
البحث عن تفاصيل أخرى . وجدتني أقود سيارتي بسرعة وأنا أكثر ثقة من أن
الأمر
لا يستحق البحث عن استنتاجات ذهنية خاطئة . وجدت الفندق في حركة كثيفة .
تمكنت من الانفراد بموظف الاستقبال وأخبرته بالأمر . سألني إن كنت أعرف
أسم
الرجل الأمريكي فأجبته بالنفي . غاب الشاب لدقيقة ثم عاد برجل في عقده
الرابع أنيق المظهر ، طويل القامة . استقبلني بصفته المسؤول عن الوفد .
شرحت
له الموقف وأبرزت له هويتي . كتب الرجل الأنيق ملاحظاته على ورقة صغيرة
أودعها في جيبه وطلب مني الانتظار في صالة الجلوس .

حاصرتني شبكة نسائية من إعلاميات فرنسيات فمدني ذلك التوهج بالاسترخاء
ورحت أتأمل تلك المساحات الحرة من اللحم في غفلة من وقاري . كنت على ثقة
من
أن خبرتي الزراعية لم تصل إلى أمريكا وقد يكون الأمر ليس أكثر من رسالة
أراد أحد المعارف من المهاجرين إيصالها ألي عن طريق الرجل الأمريكي . شعرت
بالاطمئنان وزال عني التوتر ولكن الانتظار طال أكثر مما يجب . راودتني من
جديد فكرة الاتصال بزينب وعزمت على أن أفعل هذا بعد أن أخرج من هنا بسلام
.

وقع بصري على رجل طويل القامة يتجه نحوي وعلى وجهه ابتسامة عريضة . شدتني
الملامح الوردية واللحية الصفراء الخفيفة . تكاثرت في نفسي الهواجس . تقدم
الرجل بثقة فاتحاً ذراعيه . صدمتني المفاجأة . لم أملك سوى أن أنهض
لاستقباله غير مصدق لهذه الصورة الحقيقية القادمة من زمن بعيد . حياني
بلغة
عربية وهو يضمني إليه بقوة وكفه تربت على ظهري مثل مضرب ينفض الغبار . قال
لي
بلهجة مصرية :

ماذا يا دكتور عبد الكريم ..هل نسيت جورج راي ؟

حاولت فك الاشتباك والنظر إليه بتمعن . أجبته وابتسامة الارتياح تملأ وجهي
:

أنا سعيد جداً بلقائك .

مر زمن طويل يا دكتور وربما بعد سنوات ستجدني رئيساً للولايات المتحدة .

قلت له مازحاً :

وعندها ستضطر أنت أيضا إلى ضربنا بالقنابل .

ضحك بصوت عال أفزع الفرنسيات وقال :

- هذا ما قد يحث يا صديقي .. هذا ما قد يحدث .

انتقلنا إلى الكوفي شوب . لم أتوقع أن يستيقظ الزمن هكذا فجأة وعلى هذا
الشكل الجديد . كانت وزارة الزراعة قد أرسلتني في بداية الثمانينات إلى
مصر
لأحصل على شهادة الدكتوراه من جامعة عين شمس . وفي القاهرة التقيت بجورج
راي الخبير الزراعي الأمريكي الذي يعمل في المركز الأفريقي للأبحاث
الزراعية . وكنا وقتها نستخدم مختبرات المركز المتطورة في إجراء البحوث
فنشأت
بيننا علاقة متينة دامت لأكثر من سنتين .

أخبرني جورج أنه ترك القاهرة بعد سفري بستة وأنه عاد إلى الولايات المتحدة
ليبدأ بعد ذلك في التفكير باقتحام المجال السياسي والتدرج فيه . أبديت له
استغرابي ونحن نحتسي القهوة فلم تكن هذه الميول ظاهرة عليه . ربما لأنني
وجدت في سعة علمه وحبه العميق للشرق والحضارة العربية وإصراره على إجادة
اللغة العربية ما يثير اهتمامي أكثر من أي شيء آخر .

تحدثنا عن أشياء كثيرة بطريقة عشوائية في محاولة لردم الفجوة الزمنية إلا
أن جلستنا لم تدم طويلاً فقد كان جورج على موعد مع نائب رئيس مجلس الوزراء
. اتفقنا على اللقاء في المساء وكانت تلك هي فرصتي الوحيدة للاتصال بزينب
.







-4-

ذهبت للمبيت في فندق أبن الهيثم . حجزت غرفة بسريرين للحصول على شيء من
الأتساع يخفف عني كآبة العقد الخامس من العمر . لم أستطع النوم رغم ما كنت
أشعر به من استرخاء بعد الحمام الحار . كانت ذاكرتي تقلب دفاتر الأيام
وتحيلني بشكل قسري إلى ليالي القاهرة وذلك الهوس الذي كان يقدح في عقلي
الجنون
تلو الجنون . كان جورج راي يمتلك شخصية ساحرة . وجدته خارج العمل أكثر
تقيداً وانضباطاً وهو التزام لا يتوافر عادة لدى الأمريكي . تعجبني فيه
حالة
الافتتان الدائمية وقدرته على التفاعل ليس كسائح وإنما كانسان يريد أن
يتعلم وينظر إلى الآخرين من حوله بمستوى أفقي . وجدتني لا أفهم سر عدم
الاتصال به طوال هذه المدة .

وفي الساعة السابعة مساءً كنت مع جورج . استقبلني بطريقة أكثر حميمية وهو
يرتدي بدلة جينز وقد علق على كتفه حقيبة جلدية مربعة . قال لي ونحن نسير
باتجاه باب الخروج :

تبدو يا دكتور مثل دب اسكندنافي .. بهذا الشكل لن نستطيع القول أن
العقوبات باتت مؤثرة .

قلت له على الفور :

ما ينقص حكومتكم هو الضمير وليس الحقائق يا جورج !

أنتبه إلى عدم ارتياحي لمظهره فأخبرني أنه يجد من الضروري الالتزام بالزي
التقليدي لاعتبارات تخص الشرف الوظيفي رغم أنه يكره أن يبدو مثل السيد (
لانكستر ) . اقترحت عليه أن نقوم بجولة في بغداد . استوقفني قبل أن أفتح
باب سيارتي :

إياك أن تأخذني إلى ملجأ العامرية ..؟!! .

طلبت منه الجلوس في السيارة وترك الأمر لي . بدت عليه البهجة . سـألته إن
كانت إقامته في بغداد جيدة . أجابني بمرح :

في البداية شعرت بالإرهاق أما الآن فأنا أكثر سعادة ..

أعلم أنك تحب الأماكن الشعبية .. ما رأيك أن نجلس في مقهى وندخن النرجيلة
العراقية .

وافق وهو يقول :

هذا ما أنا بحاجة إليه بعد الجلسة الساخنة مع مسئوليكم .

توقفت عند الإشارة الحمراء . التفت إليه فتابع :

- إنهم يعرفون كيف نفكر ، ويعرفون أيضاً ماذا نريد أن نفعل .

وجدتني أقول له بانفعال :

جورج .. أريدك أن تكون معي الباحث الزراعي الذي أحترمه وليس السياسي الذي
لا أعرف عنه شيئاً .

رد بعد صمت :

أفهمك يا عبد الكريم .. كما تريد يا صديقي .

تركنا السيارة في مرآب وغادرنا ساحة الميدان باتجاه شارع الرشيد . شعر
جورج ببرودي وتوتري فراح يكثر من الأسئلة ويتوقف متفحصاً المحلات
والدكاكين .
جلسنا في مقهى الزهاوي



وطلبنا الشاي والنرجيلة . حدثني جورج عن الظروف التي رافقت عمله والصعوبات
التي تعرض لها بعد إقامته الصغيرة في تونس

وعودته بعد ذلك إلى أمريكا

كنت أحدثه عن الأضرار التي لحقت بالزراعة في العقد الأخير عندما أعتدل في
جلسته وانشغل عني بتحريك الفحم ثم ما لبث أن أمسك بذراعي ونظر ألي بتمعن .
نفث الدخان من أنفه ثم قال بهدوء :

- سمعت أن أبنك قد قتل في الحرب .

أحتقن وجهي . ساورني الصمت وشعرت بألم في ساقي . بقي جورج منتظراً ردي :

إنه لم يقتل .. لقد سجل مفقوداً .. هو الآن في مكان ما في الكويت أو
السعودية .. ابني صادق لم يقتل يا جورج .

ضغط على ذراعي بقوة وهو يقول :

أنا أفهم ..

قاطعته :

كلا أنت لا تفهم .. نحن هنا لا نموت وأبني سيعود في يوم ما .

قال باضطراب :

هذا واضح يا عبد الكريم .

سألته :

كيف علمت بأمر أبني ؟

اتكأ ومد ساقيه إلى الأمام وقال :

إنها قصة طويلة سأخبرك بها لاحقاً .

أخذت ألف الخرطوم حول عنق النرجيلة وأنا أقول :

- مهما يكن الأمر أنا سعيد برؤيتك أيها الكاوبوي .. من الضروري أن تأكل
سمك دجلة لأنه سيذكرك بأشياء كثيرة عندما تصبح رئيساً للولايات المتحدة
الأمريكية .

قال لي وهو ينهض معي :

- سأغادر بغداد في صباح الغد .. لا بد أن التقي بك قبل سفري لأنني أود
إبلاغك بشيء مهم .







-5-





اتصلت بزينب قبل ذهابي إلى فندق الرشيد وأخبرتها أنني سأرجع إلى الموصل
هذا اليوم . وفي الساعة الثامنة صباحا وجدت جورج ينتظرني في صالة
الاستقبال
. طلب مني أن نتجه الى الخارج . سرنا في الحديقة الخلفية . بدا جورج قليل
الكلام وكأنه يمهد لشيء ما . حاولت أن أخفف عنه قليلاً فقد مدني منظر
الحديقة الجذاب بطاقة لم أمتلكها منذ زمن . جلسنا على مصطبة بالقرب من
المسبح
. سألته بعد أن اكتشفت تردده :

ماذا هناك يا جورج ؟

أشعل سيجارة وهو يقول :د

أرجوك أن تفهم يا عبد الكريم أن هناك معارضة قوية من جانبنا لسياستنا
الخارجية .

قاطعته :

جورج لا أريد سماع هذا .. ما يهمني هو جورج الباحث الزراعي .

قال بتوتر :

عليك أن تسمعني ولا تقاطعني .. لقد أتخذت قراراً مهما ووقف معي العديد من
أعضاء الكونغرس .. لا أقول أننا حققنا نتيجة طيبة ولكن المحاولة قائمة ..
نحن نريد إيقاف هذا التدمير خاصة بعد أن تكشفت لنا الحقائق وصرنا أكثر
معرفة بما حدث ويحدث .

قلت له :

ولهذا السبب جئتم الى هنا وزرتم ملجأ العامرية ومستشفيات الأطفال .

نعم ولكن ليس هذا هو كل شيء . قبل أكثر من عام زارني القس هورنر وهو رجل
فاضل تربطني به علاقة صداقة متينة . جاءني القس وأخبرني بقصته وقدم لي
الأدلة التي تثبت صحة كلامه . حدث هذا بعد أن أعلنت في مقابلة أجرتها Cnn
عن
ضرورة إعادة فتح الملف العراقي . كان القس هورنر برفقة مجموعة من الجنود
والضباط مهمتها تنظيف ساحة المعركة بعد انسحاب الجيش العراقي من الكويت .
زوى لي الكثير من القصص البشعة حول تعامل الجيش الأمريكي مع جيشكم المنسحب
وحتى بعد وقف إطلاق النار . أرادوا من وجود القس معهم إظهار الوجه الحسن
وقد قام الرجل تحت الضغط بالصلاة لراحة أرواح جنودكم .



قلت له :

ليس هذا بالجديد .

عاد جورج ليقول :

أخبرني القس هورنر أنهم عثروا على مجموعة من الجنود العراقيين الجرحى .
وقد قامت وسائل الإعلام بتصوير محاولات تقديم الإسعافات الأولية إليهم .
بعد
ذلك بقليل تم سحب البعثة الإعلامية وقام الجنود الأمريكيون بعملية تفتيش
دقيقة للجرحى ثم تم تعريتهم بالكامل وأمر أحد الضباط بربطهم في منخفض من
الأرض . بعد ذلك جاءت الجرافات وجرى دفن الجنود الجرحى وهم أحياء .

قلت له وأنا أضرب بقبضتي راحة يدي اليسرى .

بالأمس تساءلت مع نفسي عن سبب انقطاع الاتصال بيننا طوال هذه المدة ..
ماذا تريدني أن أقول لك يا جورج ؟ يبدو أن علاقتنا قد انتهت ما أن بدأتم
الحرب .. هل تريدني أن أقول لك شكراً يا جورج ؟ .

أطرق برأسه ثم قال بعد صمت :

لقد جئت إلى هنا من أجل أن أعتذر يا صديقي . . وما أردت إبلاغك به أن القس
هورنر استطاع بطريقة ما أن يحصل على بعض ما كان بحوزة جنودكم من حاجيات
وهويات وأشياء أخرى، ومن بين ما حصل عليه هذه الرسالة التي كتبها أحد
الجنود
ولم يستطع إرسالها .

أخرج جورج من جيبه ورقة صغيرة صفراء وتابع :

كانت الرسالة مغلفة بورقة كتب عليها أسمك الكامل وعنوانك.

أخذت الورقة المطوية على شكل مربع وجسدي يرتجف. نهض جورج، وضع يده على
كتفي ثم أنسحب مبتعداً . أردت الوقوف لكنني لم أستطع . قاومت بأقصى ما
أمتلك
من إرادة ولكنني ما أن رأيت الخط الأزرق حتى تفجر وجهي عرقاً بارداً
ودمعاً ساخناً وأنا أقرأ:

( أبي الحبيب أرجو أن تكون بخير وصحة جيدة. قد تتأخر عودتي قليلاً.. أنا
بخير فلا تقلق. في الغد سيعود صديقي عزيز إلى الموصل وسوف يخبرك بكل شيء.
وأنا إن شاء الله سأكون بينكم في الأسبوع المقبل. أشواقي ومحبتي وقبلاتي
إلى أمي الغالية والعزيزة سناء.
ولدك صادق عبد الكريم الحمداني )

حسام القاضي
01-12-2006, 12:20 PM
العزيز / أديب قبلان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قرأت اليوم القصة الأصلية التي اقتبست منها عملك ، وعقدت مقارنة بين الاثنتين ، واتضح لي أنك قمت بعملية اقتباس جيدة ؛ فأخذت من العمل ما أخذا وتركت ما تركت..
لقد قمت بافراغ العمل من مضمونه السياسي ، وركزت على الجانب الانساني فيه ، وهذا يحق لك حسب وجهة نظرك التي أردت رؤية العمل من خلالها ..
وضح أسلوبك المميز في معظم العمل ، وتصرفك في أكثر من موضع فيه؛ فقمت ببعض عمليات الحذف ، وأحياناً الاضافة ، وهذا يحسب لك ؛ فقد نجحت في اصباغ القصة بصبغتك ، وذلك باستثناء بعض العبارات التي ذكرت انك لم تستطع استبدالها لعدم اتقانك لهذه اللغة .
أعتقد أن استفادتك عظيمة من عملية الاقتباس تلك ؛ فقد استطعت من خلالها الوصول لعمل مكتمل العناصر ، وأرجو ان يتمر هذا المستوى في اعمالك الخالصة القادمة بإذن الله .
نسين أن انوه في ردي السابق إلى موضوع المقدمة ؛ فوجودها غير مستحب في القصة ، وإن كان لابد من تنويه ما فليكن في أسفل الصفحة ، وبعد عمل هامش .

تقبل تقديري واحترامي أيها الموهوب الجميل .

محمد سامي البوهي
01-12-2006, 12:40 PM
السلام عليكم

الأخ / أديب
ربما اقتبست من اسمك حبك للأدب ، فانفصلت عنه وقررت ان تكون اديبا اسماً على مسمى ولكن بمسماك أنت لا باسم لم تتدخل في اختياره ، بالطبع المقدمة على ان النص مقتبس قد اصابني بنوع من التحفظ أثناء القراءة حيث أنني كنت اقرأ وأشعر أ ما افرأه ليس سبيكة ذهبية خالصة مختومة بختمك الملكي ، بل اشترك في طبع الخاتم أديب آخر ، لذلك لا استطيع الحكم على النص .
أشكرك جداً
دمت أديباً

أديب قبلان
01-12-2006, 03:23 PM
الأستاذ حسام القاضي ...

كان تنبيهك لوجود المدقمة أو عدمها وافياً في مكانه ، لك مني تحية وشكر عرفان ، أشكر رأيك بعد قراءتك للقصة الأصلية وأشكر إطراءك عليها ...


تقبل مودتي ...

أديب قبلان

أديب قبلان
01-12-2006, 03:24 PM
الأستاذ محمد سامي
أشكر تسجيل مرورك على هذه القصة وأشكر تعليقك على وجود المقدمة ودمت بخير









أديب قبلان

جوتيار تمر
15-12-2006, 10:16 PM
العزيز اديب قبلان...
في البداية عذرا لاني تاخرت عن قرأة قصتك...مع العلم باني سبق وان قرأت لك..واشدت بقدراتك الهائلة في توظيف الكلمة.
اليوم وانا اقرأ لك هذه القصة..زاد يقيني بهذه القدرات التي تمتلكها.
القصة بصورة عامة تحمل الطابع الواقعي..حيث استطعت ان توظف الظرف الراهن بصورة جميلة لتقدم لنا قصة تحكي واقع شعب يعاني الاحتلال..من جهة..وكذلك لتقدم لنا وبصورة مميزة الحالة النفسية لاحد ابناء هذا الشعب الذي يحمل على عاتقه هموم الوطن.
مازن..صورة حية ومباشرة للمواطن العراقي الذي تفوق دائما في مجال عمله وتخصصه..حيث لطالما سمعنا بتفوق ابناء هذا الوطن في اختصاصانهم اينما وجدوا..وهو نفسه الذي يتفوق ويبرز كانسان يحمل احاسيس جياشة ومشاعر الوفاء لكل من يعرفه سواء في رحلته التفوقية ام في حياته اليومية..وهو نفسه الاب.. الذي هو مستعد لان يقدم الغالي والرخيص من اجل حرية شعبه وتحرير وطنه.
اذا فانت تقدم لنا الانسان المثالي الذي يجب ان يكون الفرد العرقي هو ما عليه الان..حتى يرسخ عقيدته وايمانه وعلمه ومهارته من اجل غد افضل لوطن محتل ويعيش تحت براثين الاحتلال.
الابن الشهيد..وصور الاهل...وصور ابناء الاخت..والابن الاخر..والاصدقاء...كل هذه الصور..مع الوصف الجميل للاماكن..اعطت للقصة بعدا انسانيا جميلا..اضيف الى ما لها من جمال في السرد..ونقل الاحداث والتسلسل الرائع لها.
والصور الانسانية لم تتوقف هنا..بل استمرت..الى وصوله الى جوزيف..ولقائه بها..بل حتى جوزيف نفسه كان مثالا للانسان المتفهم الوفي الرائع الذي لم ينسى صديقه فقدم وهو صاحب تلك المكانة السياسية المرموقة اليهخ ليبلغه بنفسه ما آل اليه مصير ابنه هشام.
انت تعطينا هنا..صورة الانسان الامريكي الذي يقتل هنا..والاخر الذي يقدم لوحة انسانية لصديقه هناك.
ولعل هذا مايمكن ان يؤخذ عليك..لان السؤال قد يطرح نفسه ..هل يمكن لعربي امريكي ان يفعل ذلك...؟
اظن بان الامريكي...سواء أكان عربيا ام لا...ولائه الاول والاخير لامريكا..لذا يصعب خلق مثل هذا النموذج في مجتمعاتنا الشرقية على الاقل.
المهم..القصة رائعة..وفيها تعمق جميل..واهنئك على هذه المقدرة الفذة.
وتمنياتي لك بدوام الابداع

محبتي لك
جوتيار

أديب قبلان
16-12-2006, 02:22 PM
الأستاذة الفاضلة جوتيار

لقد أبدعت في النقد ....

بالطبع الأمريكان معروفين بأنهم لا يكنون الوفاء إلا لأمريكا ، ولكن بصراحة أحببت أن تكون الشخصية فيها لمسة من الوفاء باعتبار أنها تدور حول محور الوفاء سواءً للوطن أو للعائلة ....


وأتمنى أن تكون الفكرة قد وصلت متمنيًا أن أرى رأيك في توضيحها .....



أديب قبلان

حنان الاغا
17-12-2006, 12:15 AM
ضيت وللحق وقتا ممتعا مدهشا مع هذه القصة الطويلة ، أو التي قد تكون فصلا من رواية
أسلوب السرد هنا روائي بالتأكيد أكثر من كونه قصصي، لأنه يحتمل الكثير من التفاصيل والحوارات والزمن وتغير الأماكن ، واللغة سلسة جميلة .
ألمحت أديب إلى الرواية التي اقتبست منها هذا النص ، والتي لم أطلع عليها للأسف ، إلاأن ما قرأته يبشر باستعداد وموهبة لكتابة الرواية
تحياتي أديب قبلان

نزار ب. الزين
17-12-2006, 02:41 AM
أكاد لا أصدق ، هل هذه صورتك الحالية أم هي صورتك أيام المدرسة الثانوية ، لقد أدهشني أسلوبك حتى لو فيه بعض اقتباس ، و الرواية من ألفها إلى يائها شدتني بسلاستها و متانة لغتها ، أما الخاتمة فكانت مأسوية تدمي القلب .
إذا كان ما شاهدته في صورتك دلالة على عمرك الحقيقي ، فأمامك المجد أيها الأديب أديب
تحيتي الصادقة مقرونة باحترامي الكبير
نزار

أديب قبلان
17-12-2006, 12:16 PM
الأستاذ الفاضل والموقر نزار الزين .....

إن كلماتك هذه تضع في ثقة كبيرة جدًا وإيماناً ضخمًا بتحقق المستحيل ، هذه الصورة هي صورتي الآن و أنا فعلاً الآن في الثانوية ، وإن بانتظار ابتسامة القدر الذي بإذن الله سيمنحني - بمشيئة من الله - الثقة الكبيرة والتطوير الحكيم الذي سيبقى معي إلى النهاية ....


تحية عطرة ...

أديب قبلان

أديب قبلان
17-12-2006, 12:20 PM
الأستاذة الفاضلة حنان الآغا ....

لقد كتبت في أحد ردودي القصة التي اقتبست منها ويمكنك الاطلاع عليه في الصفحة الثانية للرواية .....

أنا أحيي فيك هذه الروح الفذة التي تدعو إلى التعمق ....

أما بالنسبة لكون الأسلوب روائي فهو فعلاً أسلوب روائي واضح ، ولا أرى فيها سوى رواية لكنها قصيرة بعض الشيء وإن شاء الله سأحاول تدوير الأحداث أكثر لأصل إلى رواية تسر الجميع .....


تحية عطرة ...

محمد إبراهيم الحريري
18-12-2006, 05:00 PM
الأديب : أديب قبلان ، تحية طيبة كظبية البيان :
أيها الأديب : بداية شكرا لك ، وأنت تعرف سبب الشكر وقصد التحية فمثلك يؤتى ، ربما زحف الحروف على ركب التواضع ، أو تؤتى للنهل بلاغة من ينابيع مدادك الثر .
قصة كل ما فيها إلا لمم التخمين تشي بولادة أديب متمكن من فن القصة كما رايت وسبقني بالفضل أولو الفضل ، فكانت شهادتهم بسمة رضا لي ارتسمت على شفاه ود لك .
قبل الولوج إلى عتبة القصة قلبت الطرف بين حروفها سراع النظر لآقطف منها زهرات تناثرت بين سطورها لتكون باقة ترحيب أو بساط تهليل بمن يقدم على قراءة أدب مثل هذا فعدت مكررا ما قرأت ولكن بتمهل بصيرة لآرى بيان فكر ارتسم قصة أبدع فيها القاص من خلال رسم الصورة التي تخدم الفكرة .
فإبريق الماء من بلاستيك صورة تنم عن قصد من خلال توضيح المادة .
والشمس سيوف تقطع على خلاف تكوين مادتها ، وحجرتي وكان بالإمكان استعمال غرفة ، ولكن الدلالة تحتم استعمال اللفظ لقصد مرسوم ، والأسماء هشام ووردان مثلا لم تكن ضربا من شذوذ رؤى بل للتعبير عما يداخل الفكرة من هدف ، والكرسي مفجوع وكأنه يشاطر الروح أحزانها ، والأيام تبدأ من السبت للدلالة على حالة نفسية تحكي من خلال الهمس ما يحيق بها من آلام .
جواز المرور المهترئ ، ووصف الشرطي أو الحارس ...
كل ذلك له دلالات موضوعية وصولا للعقدة التي بدأت منذ الحرف الأول ، وتشعبت ثم وصلت للذروة عند اللقاء في الفندق ومعرفة الصديق ، ثم كشف اسرار اللقاء بعد تمهل وانتظار ليوم آخر ...
أخيرا
لك الشكر
ودمت مبدعا
وللنص قراءات أخرى
أخوك محمد

أديب قبلان
18-12-2006, 05:10 PM
الأديب المبدع محمد إبراهيم الحريري ....

لقد كانت حروفك الذهبة المرصعة مثالاً واضحاً عن أديب قدير وأن أشهد - ولستَ بحاجة لشهادتي - أنك فعلاً كتلة من نور تمتطي صهوة الأرض لتخلد مسرعة سرعة خيالية فلا ينوبها من شوائب الهواء شيء ....


دام فضلك وعزك ..
لي ملاحظة صغيرة لو سمحت .... أنا لا أساويك منزلة لذلك أتمنى أن تناديني بـ ( تلميذي النجيب ) أو بني العزيز ، صدقني هي أحب إلى قلبي ...


تلميذك المحب
أديب قبلان

محمد إبراهيم الحريري
18-12-2006, 05:45 PM
الحبيب الأديب أديب
ربوة أدب ، أم شلال بيان ، بماذا أختم لك قولي ؟
لست دري غير أني أعرف التبيان صمتا
من بديع اللفظ حبوا أو على معراج ود
سكب الفضل شعورا بكؤوس من بيان
لست أدري ؟
ألهذا كان شعري ؟ أم به أنات عمري
فوق قيثار المبادي
ترفل الآهات موال الحنايا فوق
صدري
لست أدري
أيها الحب أعني فأنا تلميذ عبقر
ولنا بالحب مصدر
من شعور الآه سكر
أنت لي تلميذ ؟
شكرا
ذاك فضل أرتجيه
فخذ الحب وفني
أيها الشاعر مهلا
قد ترى الناي بأني
بولايات المشاعر
غير أني
غير هذا ، فاعني
يا أديب القلب
عني
أبعد العذال
واحكم
إنني بالحب عامر
ـــــــــــــــــــــ
تحياتي أيها الأديب
شرف لي ما قلت
تحياتي

أديب قبلان
19-12-2006, 10:50 AM
الأستاذ الرائع الفاضل محمد الحريري

تحية طيبة وبعد .....

لقد أكثرت من الثناء المبرح لقد جعلت من خدي بقعاً حمراء وردية تبكي الثناء الذي ألقيته ....


ألف تحية رقيقة ...

أديب قبلان

الشربينى خطاب
19-12-2006, 04:41 PM
بداية أهلا بك المبدع / اديب قبلان :noc:
:os: :0014: :os:
هناك مقولة مشهورة " ما الليث إلا عدة خراف مهضومة "
وهضمك لقصة ( كاوبوي ) للأستاذ القاص الكبير " نوزت شمدين " ثم إعادة صياغتها بإسلوبك تدخل في مجال الاقتباس ، وهو نوع من الكاتبة ، انتشربعد ظهور حركة ةالترجمة للأعمال العالمية في مصر إلي اللغة العربية ـ الروايات والمسرحيات والقصص والحكايات الأشعار 000 ـ واطلق عليه حركة تمصير النصوص العالمية وتحولت إلي أفلام ومسرحيات وتمثليات سينمائية وتليفزيونية فهذا شيء قديم ،استفاد منه الأدباء في كيفية كتابة قصصهم هم دون اقتباس أو تمصير المهم كيف تستفيد من التجربة وتخلق لنا عمل جديد من إبداعك ، يقول الجاحظ { الأفكار ملقاة علي قارعة الطريق فيإمكان كلاً منا أن يتناولها ولن بطريقته وأسلوبه } فكيف نفرق بين اسلوبك واسلوب صاحب القصة الأصلي ؟؟ ربما نظلمك وننسب براعة العمل و الأسلوب الجديد إلي مؤلفه الأصلي
واتفق تماماً مع استاذنا وشيخنا مجدي جعفر في أن تنشر لنا مع ماكتبته ، النص الأصلي لقصة " كاوبوي "فنتعرف ونفرق بين طريقة تناولك للفكرة والفرق بينك وبين أسلوب صاحب النص الأصلي وبعدها نتعاون معاً علي تلميع وتقديم موهبتك بالشكل الذي يليق بها ، ونحن في الإنتظار
أشكر اتصالك وسف أتواصل معاً دوماً انشاء الله
خالص نحياتي وتقديري

أديب قبلان
19-12-2006, 06:44 PM
الأستاذ الفاضل الشربيني خطاب .....

القصة موجودة في الصفحة الثانية من صفحة القصة ، أرفقتها لكي تتم المقارنة وتحقيق أفضل نتيجة .....

تقبل تحيتي
أديب قبلان

وفاء شوكت خضر
21-12-2006, 11:10 PM
العبقري الصغير / أديب قبلان ...

بغض النظر عن الإقتباس ، وعن القصة التي هي أقرب للرواية ، لك أسلوب أدبي رائع ، وقد قلت ذلك من قبل .
القصة طويلة ولكنها متقنة السرد ، مترابطة ، تحاكي موقف إنساني ، ووضع راهن يعيشه إخوة لنا في العراق ، تحكي عن الإنتماء ، والتضحية ، والخوف والترقب في أجواء مشحونه بسبب الإستعمار ، والتضحية في سبيل الوطن ، وصور العجز التي تظهر أحيانا على بعض الأشخاص ، أجدت التصوير ، وأجدت الحكي عن أمور دقيقة تخدم النص وترابط السرد .
أتمنى أن يكون عملك القادم بعيدا عن أي اقتباس حتى تنمي هذه الموهبة الفذة لديك ، فأنت قادر على أن تكتب بتلقائيتك ، فلديك كل الإمكانات .
أتمنى أن تتبع النصائح والإرشادات التي توجه لك من قبل أساتذتنا وأدبائنا الكبار المهتمين بك ، وبمسيرتك الأدبية ، وأن تتقبل كل نقد بصدر رحب حتى تصقل هذه الموهبة صقلا جيدا ، وتسير على الطريق الصحيح في مشوارك الأدبي .

كن فخورا بنفسك ..
تحيتي ..

أديب قبلان
22-12-2006, 11:35 AM
الأستاذة وفاء خضر .....
تحية طيبة وبعد .....

لقد كان رأي عدد من أدباء الواحة وغيرهم أن أسلوب القصة هنا أقرب إلى الرواية ... أشكر ملاحظتك الدقيقة هذه ...

وقد صدقت في قولك : "وأن تتقبل كل نقد بصدر رحب حتى تصقل هذه الموهبة صقلا جيدا " .

وأنا لم أدع هذا الكم من الأدباء إلا لكي أرى وجهة نظرهم ولكي يوجهوني بنقدهم البناء ....

أشكرمرورك الفذ ... تحياتي


ولدك
أديب قبلان

مجذوب العيد المشراوي
22-12-2006, 08:03 PM
أديب قبلان لك مستقبل مضمون في القصة وحتى الرواية ..

فقط لا تتهاون في الكتابة يوميا لأن هذا سيجعل عودك أصلب للأعمال الكبيرة ..

أديب قبلان
22-12-2006, 10:20 PM
الأستاذ مجذوب العيد ....

تحية عذبة وبعد ....
أشكر هذا المرور النير على صفحة من الصفحات التي قمت بتخطيطها ....


تقبل تحيتي

محمد اللغافي
08-01-2007, 08:16 PM
حبيبي ..وأنا أقرألك..تمنيت لو كنت معك لحظة كتابتها ..جيد أيها الأديب الرائع.
محبتي

أديب قبلان
09-01-2007, 06:53 AM
الأستاذ محمد اللغافي ...

أشكر مرورك على قصتي المتواضعة هذه و أشكر اثناءك البالغ ...


تقبل التحية

صابرين الصباغ
11-01-2007, 01:56 PM
ابني الأديب أديب
مررت من هنا لم أقرأ إبداعك
بل قرأت تعليقات اصدقائي الكبار وهذا ماسيدفعني لقراءة إبداعك
أقلامهم هنا تشير لوجود قلم يستحق القراءة والاعتناء به
ولي عودة
مودتي واحترامي
ابني المبدع

أديب قبلان
12-01-2007, 08:09 AM
الأم الغالية والأستاذة الفاضلة صابرين الصباغ ...

قد كان لي شرف مرورك على قصتي المتواضعة ويكفيني فخراً وجود تعليقك في صفحة كتبت فيها قصتي البسيطة ....

تقبلي تحيتي
ولدك