تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : جان جاك روسو



سحر الليالي
26-11-2006, 08:23 PM
جان جاك روسو (28 يونيو 1712-2 يوليو 1788)
فيلسوف و كاتب و محلل سياسي سويسري أثرت أفكاره السياسية في الثورة الفرنسية و في تطوير الاشتراكية و نمو القومية. و تعبر مقولتة الشهيرة "يولد الإنسان حرا و لكننا محاطون بالقيود في كل مكان" و التي كتبها في أهم مولفاتة "التناقد الاجتماعي" تعتبر أفضل تعبير عن أفكارة الثورية و ربما المتطرفة.
كان لـ اعترافات جان جاك روسو،[1] التي كُتبت بين 1765-1770 ونُشرت بين 1781-1788 تأثير تاريخي مهم لأنها قدمت طرقاً جديدة لفهم النفس وعلاقتها بالآخرين الذين تعيش في وسطهم. شجاعة الكاتب وتصميمه على إعادة تقييم ما يعتبر القيِّم والتافه، الصواب والخطأ، في حياته يؤثر حتى على من يقرأ الكتاب بعد اكثر من مأتي عام بعد صدوره.
الحقائق المعروفة عن حياة روسو محدودة، ربما بسبب الاعترافات التي أعلن فيها انه سيقول الحقيقة كاملة وان اهتم اكثر في واقع الأمر بشرح مبادئه والدفاع عن نفسه. ترك روسو منزله في سن الخامس عشرة وذهب للحياة مع السيدة دوارنز التي حمته وصارت فيما بعد المرأة التي ارتبط بعلاقة معها. عمل في عدة مجالات من سكرتير الى مسئول حكومي في باريس حيث استقر سنة 1745. وقد عاش هناك مع ثريسال قاسور التي ادعت فيما بعد أنها أنجبت له خمسة أطفال ذهبوا جميعا الى منزل الأيتام لرفضه رعايتهم. ان كانت لم تقدم اي أدلة لاثبات هذه الادعاءات، فهو لم يسع لنفيها. أحياناً كثيرة، اضطر روسو للهرب من فرنسا الى سويسرا بسبب بعض ما كتبه، كما ذهب الى لندن سنة 1766 ونزل في ضيافة الفيلسوف ديفد هيوم. وقد سُمح له بالعودة الى باريس سنة 1770، وكان السماح مشروطا بالتوقف عن أنتقاد نظام الدولة في كتاباته.
أثارت أفكار روسو التي شرحها في رواية جوليا وفي مذكراته ومقالاته السياسية التي كان أهمها العقد الاجتماعي ضجة كبيرة أثناء حياته. فقد آمن روسو بان المؤسسات الحكومية تُدمر حياة الإنسان، وبان الجنس البشري سينحط مع مرور الزمن اذا لم يرجع الناس الى الطبيعة ويطبقون أسسها على نظم الحياة الاجتماعية. وهو كذلك يؤمن بان فضائل الإنسان العادي تميزه على الطبقات العليا التي أفسدها الثراء البالغ والترف المدقع.
مذكراته إذاً تختلف عما كتب من قبل في هذا المجال: فبعكس القديس أوجستن الذي يسعى جاهداً للسمو بروحه فوق سطوة للذات العابرة، وينتقد نفسه بمرارة لبحثه المحموم عنها في شبابه، يقضي روسو الكثير من الوقت في وصف وتحليل اللذات التي يجدها في حياته، وكأن الإقرار بها بصراحة إنجازاً أخلاقياً كبيراً. تصوير نفسه بهذه الطريقة، كلذة وعاطفة، يدل على تعلق الكاتب بنفسه لدرجة النرجسية، اي التركيز على النفس لدرجة عزلها عن الآخرين والواقع الذي تعيش فيه. وهو كذلك يصف نفسه ككائن يتميز بمشاعر سامية عظيمة، وأفكار مشوشة فوضوية، مما يجعله يعتبر العواطف لا العقل أساساً لسلوكه. وهذه النظريات تخلق الشخصية الأساسية في الاعترافات، التي نراها كثيرا وهي تسعى للتعبير عن مشاعر طبيعية يرفضها المجتمع. رسم نفسه بهذه الطريقة، كلذة وعاطفة، بدون اي تحليل لما تعلمه من تجاربه، يدل فعلا على تعلق الكاتب بنفسه.
/
/
اعترافات
من الكتاب الأول: (الأعوام 1712-1719)
سأبدأ بمشروع ما قام به أحد من قبل، ولن يقدر غيري فيما بعد على تكراره. ارغب برسم صورتي بكل صدق الطبيعة للقارئ. انا فقط اعرف مشاعري وأسرار قلبي، وأدرك كم اختلف عن كل من أراه حولي من الناس. أغامر بالقول انه ليس هناك مثيل لي على قيد الحياة، وهذا لا يعني انني افضل بالضرورة، بل انني من نوع آخر فحسب. سيكتشف القارئ بعد قراءة هذه الصفحات هل أخطأت الطبيعة في خلقي، ام صنعت الأفضل.
حين يدق ناقوس الساعة، سأقف أمام خالقي المعظم وهذا الكتاب في يدي، قائلا بشجاعة: "هذا ما فكرت به وفعلته . لم انس ذكر الطالح من أفعالي، ولم أضف من الخير ما لم يكن موجودا بالفعل. أؤكد الان ان الإضافات النادرة الموجودة إنما كانت لتعويض تفاصيل لم أجدها في ذاكرتي، وبانني ما ذكرت ابدا ما عرفت بعدم صدقه. عرضت نفسي كما كنت: حقيراً استحق الاحتقار او عظيماً سامياً في فكري، حسب ما كنت عليه في تلك المرحلة. كشفت نفسي كما رأتها عيناك يا خالقي العظيم. اجمع حولي الان كل اخوتي، ودعهم يسمعون اعترافي ويندبون لفشلي ومساوئي. ثم دع أي واحد منهم يكشف بذات الصدق أسرار قلبه ثم يقول لو كان يجرؤ: "كنت افضل من هذا الرجل."
شعرت قبل ان أفكر، وهذا هو نصيب الإنسان الذي عانيته اكثر من غيري. لا اعرف ما فعلته حتى بلغت سن السادسة، ولا أتذكر كيف او متى تعلمت القراءة. ولكني أتذكر أول قراءاتي وتأثيرها علي. تركت أمي بعد وفاتها بعض القصص الرومانسية، وكنا أنا وأبى نقرا منها كل يوم بعد العشاء. في البداية، كان الهدف هو مساعدتي على تعلم القراءة بمساعدة كتب مسلية، ولكننا بعد ذلك أعجبنا بالقصص وصرنا نقضي جل الليل في هذا العمل. أحيانا، كان والدي يخجل حين يسمع صوت تغريد الطيور في الفجر الباكر ويقول: "لنذهب للنوم، فأنا اكثر طفولة منك."
بهذه الطريقة الخطرة تعلمت ما هو اكثر من القراءة وفهم ما اطلع عليه، لأنني كذلك عرفت اكثر من غيري من الأطفال طبيعة الرغبات والعواطف البشرية. لم افهم بالطبع طبيعة العلاقات بين الجنسين، ولكنني أحسست بالمعاناة التي تتضمنها. هذه العواطف الغامضة التي أحسست بها واحدة تلو الأخرى لم تسيطر على قدراتي الفكرية فحسب، ولكنها ساهمت في صياغة نمط معين من التفكير الذي عانيت منه، بحيث رأيت العالم بصورة رومانسية حالمة، ولم تفلح التجربة حتى هذه اللحظة في معالجة هذا الطبع.
ما كان لي ان اعرف الشر، حين لم أر أمامي سوى أمثلة الخير وافضل الناس. لم بستمع أبى او عمتي او الأقارب والأصحاب لما قلت، ولكنهم وهبوني الحنان والرعاية وأحببتهم لهذا السبب. ما طلبت سوى القليل، وهذا تحقق دائما. اقسم انني لم اعرف معنى كلمة "نزوة" حتى بدأت بالدراسة مع معلم. باستثناء الأوقات التي قضيتها في القراءة والكتابة مع والدي، او حين ذهبت المربية بي للتجول، بقيت مع عمتي، جالسا بجوارها، متطلعا لها وهي تحيك الثياب، مستمعا لغنائها، وكنت قانعا بهذا. مرحها ولطفها وجمالها الرقيق يبقيان في ذاكرتي لدرجة انني أستطيع تذكر نظرتها وسلوكها والحنان الذي أبدته نحوي. أستطيع تذكر ثيابها وطريقتها في التمشي وحتى كيفية ترتيبها لشعرها بدون ان أنسى الخصلتين من الشعر الأسود اللتين تركتهما فوق جبينها، وهو الأسلوب السائد خلال تلك الأيام.
لانها كانت تعرف عددا كبيرا من الأغاني التي غنتها بصوتها الرقيق العذب تعلمت منها حب الموسيقى التي درستها وكتبت عنها في مرحلة مقبلة من حياتي. اما مرحها، فقد طرد كل الأحزان من عالمها وحياة من حولها من الناس. عذوبة صوتها تبقى في ذاكرتي، وحتى هذه اللحظة افرح حين استرجع بعض تلك الأنغام والكلمات. هاأنا الآن، وقد كبر بي العمر وأحاطت بي الهموم، ومع ذلك لا أزال ابكي حين أهمهم بأحد تلك الأنغام بصوت مكسور مرتعش.
قضيت جل حياتي وأنا أتوق لحب متبادل، بدون أن انبس بأي حرف يدل على عواطفي لمن عشقتهم. مع أنني عانيت الأمرين من الخجل الشديد الذي منعني من البوح بمشاعري، فقد كنت دائما أضع نفسي والحبيب في مواقف تدل على مشاعري. كنت أجد لذة في الجلوس بجوار قدمي حبيبتي المتعجرفة، مطيعا لأوامرها، طالبا منها الغفران، وكلما ازداد خيالي التهابا اشتد تمسكي بالعفة. من الواضح ان هذا الأسلوب في ممارسة الحب لا يؤدي الى نتائج ملموسة ولن يشكل أي خطورة تذكر على براءة المحبوب. لهذا السبب لم امتلك من عشقت في الواقع، وان كان لي كل لذات الجسد في الخيال. وهكذا حافظ الخجل على صفاء روحي وعفة جسدي لذات السبب الذي كان، بشيء من الجرأة، سيلقيني في خضم الحسية الحيوانية.
أنا اذا رجل مزدوج الشخصية: في لحظة أكون عاطفيا مجنونا متهورا لا اعرف الحذر والخوف او حتى الحشمة، لا يمنعني من الوقاحة والعنف سوى خوفي على من احب. ولكنني في لحظة أخرى أصير كسولا أعاني من الخجل الشديد الذي يمنعني حتى من الحركة: مجرد كلمة لابد من قولها، او حركة لابد من فعلها، تقض مضجعي. الخوف والخجل يسيطران علي لدرجة أنني أتمنى الهروب من نظرات البشرية جمعاء، وهذا لدرجة أنني لو اضطررت للفعل، فلن اعرف التصرف القويم من شدة الاضطراب. ساعة العاطفة، تأتى لي الكلمات الصحيحة، ولكنني في الحوار العادي لا أجدها، واعاني الأمرين لمجرد ان تبادل الكلمات ضرورة حياتية.
بالإضافة لهذا، لا ارغب بما يمكن للنقود شراءه. لا أريد سوى اللذة التي لا يسممها المال ويشوهها. مثلا، احب الطعام والشراب، ولكنني لا أطيق قيود المجتمع الراقي او فوضى الحانات مما يحتم علي الشرب وتناول الطعام برفقة صديق. وحيدا، يسرح خيالي بعيدا ولا اشعر بلذات الفم. ذات الصفة تميز علاقاتي بالنسوة: فلو رغب دمي بهن، يظل قلبي يبحث عن الحنان. النسوة اللواتي يعرضن أجسادهن للبيع لا يمتلكن السحر الذي يخلبني. وهذا هو الحال مع كل ما أراه حولي من لذات: لو كان للذة سعر، لكانت لذة فاترة بالنسبة لي. أريد اللذة التي تكون فقط للإنسان الذي يعرف كيف يستمتع بها، لا لكل من امتلك القدرة على شرائها.
اعشق الحرية وابغض القيود والصعاب والاعتماد على الغير. طالما تبقى النقود في محفظتي، ستضمن لي الاستقلال وتخلصني من الحاجة للبحث عن وسائل لتعويض ما فقدت وهي ضرورة ابغضها. وهكذا يجعلني الخوف من الفاقة بخيلا. يمكن ان يكون المال وسيلة للتحرر، ولكن في حالة استسلام المرء للجشع والسعي وراء المزيد، يصير وسيلة للاستعباد. ولذلك أتمسك بما لدي و لا اطلب المزيد.
سبب لا مبالاتي هو ان لذة الملكية لا تستحق معاناة السعي لها. اما تبذيري فيسببه نوع من الكسل: حين تأتى الفرصة المؤتية للتلذذ بالصرف، استخدمها. النقود لا تغريني مثل الأغراض، بسبب وجود وسيط بين الرغبة والمرغوب، واختفائه في لحظة الاستهلاك. حين ارى ما أريد، ارغب باقتنائه، أما لو شاهدت الوسيلة للوصول له فقط، فلا يكون للإغراء القوة نفسها. لهذا السبب مارست السرقة، وحتى الان، اسرق الصغائر لان هذا افضل من السؤال والسعي، ولكني لا اذكر أبداً أنني سرقت أي شيء من المال.
من الكتاب الثاني (سنوات 1728-1731)
...تعلمت درسا أخلاقياً هاما، قد يكون الوحيد الذي يملك أي قيمة عملية، وهو ان أتجنب تلك المواقف الني تجبرني على الاختيار بين مسئوليتي ورغبتي، بحيث يكون مكسبي على حساب خسارة الآخرين وإلحاق الأضرار بهم. بغض النظر عن مدى التزام الفرد الذي يصل لهذا الموقع بالفضيلة مبدئيا، ستراه يضعف شيئا فشيئاً بدون ان يشعر بهذا الضعف، ويصير ظالما شريرا بفعله، بدون ان يكف عن تصور انه ما زال عادلا في قلبه.
اعتمادي على هذا المبدأ جعل الكثير من المعارف يتهمونني بالغباء، بعدم القدرة على اتخاذ القرار، وحتى بضعف الشخصية. في الواقع، لم ارغب أبداً بلعب أدوار تشبه أدوار الآخرين او تختلف عنهم، بل رغبت بإخلاص بفعل الصواب. لذلك تجنبت دائما الموقع الذي سيتيح لي حرية الاختيار بين مصلحتي ومصالح الآخرين لانه قد يخلق في قلبي الرغبة السرية لإلحاق الضرر بهم.
...أحببت بصدق واخلاص تام حرمني من السعادة. لم تكن العواطف ابدا اكثر حيوية وصفاء مما كانت عليه في حالتي. فقد كنت مستعدا للتضحية بسعادتي الف مرة من اجل إسعاد الإنسان الذي أحببته للحظة واحدة. كانت سمعتها اكثر أهمية من حياتي، وما كنت مستعدا لإزعاجها للحظة واحدة من اجل لذتي. هذا الإحساس جعلني أعيش الحب في وسط من الحذر والسرية مما حرمني من الوصول لأي نتيجة. عدم نجاحي مع النساء سببه اذا تعلقي الشديد بهن.
من الكتاب الثالث (1731-1732)
شعرت بمدى تعلقي بالسيدة دوانز حين غابت عني. قنعتُ ساعة تواجدنا سويا، أما حين غيابها، فتململتُ وعانت روحي من عدم الاستقرار. حاجتي للبقاء معها عصفت بروحي وملأت عينيي بالدموع أحياناً. لا أستطيع ان أنسى ذلك اليوم حين فرح الجميع بالأعياد، ولكنني، بسبب رحيلها لمدينة أخرى، تركت الأفراح وقريتي وتجولت في الريف وقلبي مفعم بالرغبة في ان اقضي عمري معها. أدركت استحالة ما ارغب به، وعرفت ان ما أسعدني الآن ساعة البقاء معها لن يبقى. هذه المعرفة أحزنتني، ولكنه كان حزنا بلا ألم، شتتته الآمال اكثر من مرة. أصوات الأجراس وتغريد الطيور، جمال النهار وسحر الطبيعة، ومساكن الفلاحين المتناثرة في كل مكان، والتي حلمت بان يكون مسكننا واحدا منها، كل هذه العوامل سمت بروحي لنشوة لا يمكن وصفها. لا أتذكر أبداً أنني وجدت مثل هذه السعادة في الحلم بالمستقبل، وحين تحقق الحلم لم يختلف كثيرا عما رايته في خيالي مما جعلني اعتبره رؤيا منت علي بها السماء. الخطأ الوحيد كان في رؤيتي للمدة: لأنني تصورت أننا سنقضي الأيام والشهور في هدوء دائم، بينما لم يبق الواقع الا لحظات. خسارة! سعادتي الدائمة كانت فقط في حلم تحقق في لحظة ومضى سريعا تاركا الذكرى ومعرفة ما كان.
لماذا، حين وجدت الكثيرين من الشرفاء في طفولتي، لا أري الا القليلين في كبري؟ هل اندثر ذلك النوع من البشر؟ لا، ولكن الطبقة التي ابحث عنها ما عادت كما كانت. بين الناس لا تتحدث العواطف الجياشة الا فيما ندر، اما بين الصفوف الارقى، فهي قد كُبتت تماما، ولا يُسمع الا صوت يدل على الغرور والرغبة في المصلحة.
نقيضان يتحدان في نفسي بطريقة يصعب علي فهمها: عواطف نشطة عاصفة، تقابلها أفكار ضعيفة بطيئة النمو لا تتضح معالمها الا بعد فوات الأوان. من الممكن القول ان عقلي وقلبي لا ينتميان لذات الفرد: فالإحساس يحتل روحي بسرعة البرق، ولكن، بدلا من المعرفة، التهب حماساً وافقد القدرة على الرؤية. اشعر بكل شيء ولا أرى أي شيء. فحين تخترقني العاطفة، افقد القدرة على التفكير الذي يحتاج للسكينة. الغريب هو انني برغم عواطفي الجياشة، أظل قادرا على الوصول للقرار الصائب خاصة لو لم أتعجل.
هذا البطء في التفكير وحيوية العاطفة لا يتدخلان فقط في حواري مع الآخرين، ولكني أحس، حتى في ساعات الوحدة والعمل، بالأفكار تنتظم في رأسي بصعوبة شديدة، تنموا هناك وتنضج فقط مع مرور الكثير من الوقت. العاطفة التي تفيض في داخلي مع بداية اي مشروع فكري تحرمني من القدرة على الكتابة وتجبرني على الانتظار. ثم تهدا العاصفة ويتضح المشهد لناظري ويأخذ كل شيء مكانه الطبيعي، ولكن فقط بعد فترة طويلة قد ضاعت في الفوضى والضياع.

من الكتاب الرابع (1731-1732)
قررت الذهاب الى لوسان حتى أستطيع البقاء بجوار بحيرتها الجميلة. نادرا ما اتخذت القرارات المهمة بمنطقية اكثر. ما يبدو كحلم في الأفق البعيد لا يكفي لدفعي للتصرف. عدم معرفة الفرد بما سيحدث يجعلني أرى التخطيط للمستقبل كعملية خداع يسقط المغفلين ضحايا لها. مثل غيري، كثيرا ما أطلقت العنان لخيالي وحلمت بالمستقبل، ولكن على شرط ان لا يتطلب تحقيق الحلم أي عناء. اقل اللذات العابرة أهمية تغريني اكثر من كل متع الجنة. لكن اكثر ما أخشاه هو اللذة التي ينتج عنها الألم لأنني احب اللذة خالصة بلا أي معاناة.
كلما اقتربت من إقليم فاود، أحس بمشاعر تطغى عليها ذكرى السيدة وارنس التي ولدت هناك، ووالدي الذي عاش في ذات المكان، والمدموزيل دفولسن التي عرفت معها أيام الحب الأول، وعدة رحلات سعيدة أخرى قمت بها لذات المكان حين كنت طفلا. ما أن أملت بالسعادة والآمن اللذين افتقدهما الان حتى شددت رحالي الى إقليم فاود بجوار البحيرة. أتمنى هنالك ان يكون لدي صديق مخلص وزوجة تحبني وبقرة وقارب صغير، وهو كل ما يحتاجه الإنسان ليكون سعيدا في هذا العالم. ما يؤسفني هو طبع السكان المحليين الذي يختلف كثيرا عن جمال المكان.
خلال هذه الرحلة، سلمت نفسي للأحزان السعيدة[2] واستمتعت بألف لذة فريدة. كم مرة جلست على ضفة النهر وبكيت وشاهدت دموعي تسقط للنهر وتذوب في مياهه. زيارتي لباريس خيبت أملى. جمال بعض المدن الريفية التي زرتها من قبل، وتنظيم شوارعها، جعلني أتوقع ان تكون باريس مدينة عظيمة. تصورت في خيالي بلدا جميلة بقدر ما هي جليلة، لا يوجد فيها سوى القصور الذهبية والشوارع الواسعة. ولكني، حين وصلت لضاحية سنت ماركو صُدمت بمرأى الشوارع القذرة والمنازل السود المكفهرة والإحساس العام بالفقر والديون المستحقة، الذي جسده منظر المتسولين ومرقعي الثياب المستعملة وبائعي القبعات القديمة. كل هذا حُفر في ذاكرتي وخلق انطباعا سلبيا لم يغيره كل ما رأيت فيما بعد من عظمة، وحتى هذه اللحظة، لا ارغب بالحياة في العاصمة بسبب هذا الانطباع الأولى. طوال الوقت الذي اضطررت لقضائه في العاصمة، سعيت جاهدا للفرار منها.
هذه هي نتيجة الخيال الذي يبالغ ويتوقع اكثر مما هو موجود فعلا. سمعتهم يمتدحون باريس، فتصورت أنها اعظم من بابل في العصور الغابرة، ثم جاء الواقع ليحطم هذا التصور. ذات الشيء حدث حين زرت الأوبرا التي هرعت لها في اليوم التالي لوصولي وتكرر عدة مرات بعد ذلك.
مناظر الريف الجميلة، الهواء النقي، الصحة التي تتجدد مع المشي، غياب كل ما يذكر الإنسان بالحاجة للآخرين، كل هذا يحرر الروح ويخلق الشجاعة الفكرية في نفس الإنسان ويلقي بها في خضم الطبيعة التي تراها بحيث تستطيع جمع، اختيار، وامتلاك كل ما تريد بلا خوف أو موانع. اشعر وكأنني أتحكم بالطبيعة نفسها، بينما يحلق قلبي من مكان لاخر، مختلطاً ومتوحدا بكل ما يشفيه حتى تسكره النشوة.
في المساء استلقي في الجو النقي، أنام على سرير من الزهور. أتذكر أنني قضيت ليلة سعيدة خارج المدينة حيث أحاطت بي الحدائق من كل ناحية. ذلك اليوم كان شديد الحرارة، اما المساء فكان بديعا، لان الندى رطب الأرض، وهدأ الجو بلا نسيم، بينما تعالى تغريد الطيور. تاركاً لقلبي ومشاعري حرية الاستمتاع بكل شيء، غارقا في حلمي، استمررت في التجول حتى آخر الليل بدون أدنى شعور بالإرهاق.

من الكتاب الخامس (1732-1736)
يقال أن السيف يمزق غمده، وهذه هي قصتي. عواطفي أعطتني الحياة، وعواطفي قتلتني. أي عواطف اعني؟ تفاهات كفت مع ذلك لتشويقي وكأنني أسعى لامتلاك عروش الدنيا بما فيها. أهمها سببتها النساء. فحين امتلكت احداهن، هدأت حواسي، بينما ظل قلبي متأججاً. الحاجة للحب التهمتني حتى ساعة النشوة. كان لي السيدة دوارنز التي لعبت دور الأم، وكان لي صديق مخلص، ولكني مكثت بلا حبيبة. تصورت واحدة في مكانها ورسمتها بألف صورة لخداع نفسي. ولو كانت المرأة التي احتظنتها هي السيدة دوارنز، لما بقيت أي رغبة او متعة. متعة! وهل هذه من نصيب الإنسان؟ لو كنت قد جربت لمرة واحدة متعة الحب التامة، لا اعتقد ان جسدي الضعيف كان سيستحملها. كنت قد مت فورا.
وهكذا احترقت بنار الحب، ولكن بلا شخص احبه، وهذا الوضع كان اكثر ما أتعبني. كنت متململا بعد ان سمعت بعلاقة السيدة دوانز برجل سيئ، وبسلوكها غير الرزين الذي خشيت ان يحطمها في وقت قريب. خيالي القاسي الذي تصور دائما المصائب رسم لي صورة واقعية لما سيحدث. وهكذا تناوبتني حالات الخوف والرغبة حتى وصلت لحال يرثى لها.
من الكتاب السادس
في هذه الأيام بدأت مرحلة السعادة القصيرة في حياتي، تلك الأيام الآمنة التي تجعلني أقول، "لقد عشت فعلا." ليت تلك اللحظات تعود من جديد، وتمضي ببطء شديد. كيف يمكنني تذكر وذكر ما لم يقال بالكلمات، بل أحسست واستمتعت به؟ استيقظت وكنت سعيدا، تركتها وكنت سعيدا. تجولت في الحقول والوديان، قرأت، عملت في الحديقة، بينما جاءت السعادة ورائي في كل مكان بلا سبب. الفرحة نشأت في أعماقي وما تركتني للحظة واحدة.
أتمنى لو عرفت اذا كانت ذات الأفكار الطفولية تأتى لغيري من الناس؟ أثناء دراستي، بينما كنت أعيش حياة الملاك الطاهر، عانيت من الخوف من إمكانية ذهابي الى الجحيم. سالت نفسي، "في أية حال انا الآن؟ لو مت في هذه اللحظة، ماذا سيكون مصيري؟" للكاثوليك اعتقاداتهم بخصوص هذه المسالة، ولي شخصيا رأي آخر. وقد استخدمت وسائل سيجدها البعض مضحكة، بل مجنونة، للتخلص من الخوف الذي عانيته. ذات يوم، بينما كنت أفكر في هذا الموضوع البائس، بدأت بإلقاء بعض الأحجار على الأشجار المجاورة لتسلية نفسي، وفكرت: "سألقى بهذا الحجر على تلك الشجرة، ولو أصبتها، فسيعني هذا ان الله سيرحمني، اما لو لم أصبها، فقد حلت بي اللعنة." ألقيت الصخرة بقلب خافق ويد مرتعشة، ولكنها أصابت الهدف خير إصابة. أقول الحق، كانت شجرة كبيرة سهل علي أصابتها. ومع ذلك، لم اشك أبدا بان روحي قد نجت من نيران الجحيم. حين أتذكر هذا الحدث، لا اعرف هل يجدر بي الضحك او البكاء. العظماء سيضحكون من هذا السفه، ولكنني اقسم بأنني آمنت آنذاك بنجاة روحي من العذاب.

خليل حلاوجي
26-11-2006, 08:33 PM
عندي ملف خاص بهذا الرجل

امهليني بعض الوقت أختي الرائعة سحر لادلو بدلوي

بوركت وبوركت جهودك ... اختاه

سحر الليالي
26-11-2006, 08:53 PM
أخي العزيز خليل:

ممتنة لحضورك ،ولكم سعدت لأنه أعجبك

وبإنتظارك دوما

تقبل خالص تقديري وباقة فل

جوتيار تمر
28-11-2006, 08:51 AM
سحر العزيزة..
لم اشأ ان امر على روسو مرور الكرام...
لانه تحق ان نقف عنده ايام واشهور...؟

لذا ابدأ من هنا...؟واتمنى ان تعيدي النظر وتفكري فيه..وتقولي لي رأيك بما قال.
( كل هذا يحرر الروح ويخلق الشجاعة الفكرية في نفس الإنسان ويلقي بها في خضم الطبيعة التي تراها بحيث تستطيع جمع، اختيار، وامتلاك كل ما تريد بلا خوف أو موانع. اشعر وكأنني أتحكم بالطبيعة نفسها، بينما يحلق قلبي من مكان لاخر، مختلطاً ومتوحدا بكل ما يشفيه حتى تسكره النشوة. ).


تقبلي تقديري
جوتيار

فاطمة أولاد حمو يشو
28-11-2006, 03:49 PM
فشكرا لك ..ومزيدا منها بل لو كان في الامكان نشر الاعترافات كاملة هنا لكنت أول من سيقرأها..
أتدرين ..في لحظات مضت وقضت لم نكن نحظى بالعثور على كتب نقرأ عن عناوينها.. كنا لا نجدها في السوق المحلية..فكنا نصرف عنها النظر بمرارة..
لكن تظل في ذاكرتنا تلك العناوين.. ومنذ الطفولة لم أتمكن من قراءة "اعترافات "جان جاك روسو إلى حد قراءتي لما نقلت عنه ..أعود فأشد على يدك بامتنان بالغ..وشكرا لك مرة أخرى..

سحر الليالي
28-11-2006, 11:46 PM
أخي العزيز جوتيار:

أهلا بك دوما وكم يشرفني زيارتك المتواضعة

اما عن سؤالك:

أرى أن جان قد قال ما نود نحن أن نشعر به ، قد قال الكثير والكثير جدا وأراني أتنفس كل حرف قاله

بحق هو فيلسوف رائد

شكرا لك أخي وبإنتظارك دوما

تقبل خالص ودي وباقة ورد

جوتيار تمر
29-11-2006, 09:08 AM
سحر...

الخص لك المقولة اكثر...(وامتلاك كل ما تريد بلا خوف أو موانع...)

ماذا عساك تقولين الان...؟

تقديري ومحبتي
جوتيار

فاطمة أولاد حمو يشو
29-11-2006, 05:51 PM
"جان جاك روسو"..
وفي نص أقدمه لكم مترجما بجهد ذاتي، مأخوذ من كتابه"julie ou la nouvelle Héloise". يصف روسو حالته اليائسة من هجران حبيبته "جولي" قائلا: " لكن أنت ..يا جولي ..آه..أنت التي عرفت كيف تحبين مرة! كيف نسي قلبك الحنون أن يعيش؟ كيف هذه النار المقدسة انطفأت في روحك الخالصة؟ كيف ضيعت مذاق هذه اللذات السماوية التي أنت وحدك كنت تستطيعين الإحساس بها ومنحها؟ تطردينني بدون رحمة؟ بعدينني بخزي ؟ تتركينني ليأسي ..آه ..يا جولي ..ثقي بي ..أنت تبحثين بدون جدوى عن قلب صديق لقلبك! سيحبك الآلاف بدون شك ..لكن قلبي الوحيد عرف كيف يحبك"

أرجو ان أكون وفقت في ترجمته

فاطمة أولاد حمو يشو
29-11-2006, 06:11 PM
لنأخذ العبارة التي رغبت في مناقشتها وطرحها على طاولة التبادل الفكري..وهي "امتلاك كل ما تريد بلا خوف أو موانع" التي وردت في نص جان جاك روسو المتضمنة في كتابه "الاعترافات"..
فبمعرفتنا بفلسفة "جان جاك روسو " وبمعرفتنا أن عصره هوالعصر الذي سادت فيه نوع من الفلسفة الرافضة للوضع الاجتماعي القائم ..وضع تأثر فيه الناس بالحضارة التي كبلت أفكارهم بمجموعة من القيود التي هم أنفسهم وضعوها وتعاقدوا على تنفيذها وتطبيقها..
صارت صورة الناس مشوهة..تثير التقزز.. في ظل ما وصلت إليه الطبقة الأرستوقراطية من سلوكات آلية تكاد تنسي الإنسان انه كائن حر..لهذا نجد جان جاك روسو يمتنع عن الإقامة في باريس..أو التردد على الأوبرا..
كان يفضل الهروب إلى الطبيعة النقية التي لاحظ من خلال الإصراف في تأملها أنها وحدها بما تملك تستطيع أن تنسي الإنسان الحاجة إلى الآخرين..
يمكن أن نقول ان روسو كان سباقا لقول جان بول سارتر" الجحيم هو الآخر"..
لكن هل يستطيع الإنسان العيش بدون وجود الآخر؟
إن الحاجة هي سبب ارتباط الناس بعضهم ببعض..ولولاها لكان في إمكان الإنسان العيش كمتوحش لايعرف شيئا سوى الإنطلاق كما يريد وقتما يشاء دون خوف ولا موانع..
أهذا ما كان يتوق إليه "روسو"؟ أن يعيش مثل ذلك المتوحش؟
إن سبب غضب روسو من جماعته في آواخر القرن الثامن عشر، يرجع إلى تراجع الحرية السياسية، وكذلك اهتمام الناس بأمور سطحية أحالتهم إلى كائنات تثير سخرية روسو واشمئزازه..
فكانت عزلة روسو رد فعل فلسفي ضد كل مجتمع يستهلك التبعية ويقمع الحرية..الفلسفة هي الحرية وبدونها لما كان في امكان العقل أن يجدد ذاته باستمرار..

سحر الليالي
29-11-2006, 10:28 PM
أخي العزيز جو :

ممتنة لك أيها الفاضل ،وأرى أن ما أود قوله قد قالته العزيزة فاطمة ،أراها فسرت تلك الكلمات واعطته حقه....

فقد تذوق جان طعم الذل والاضطهاد حتى الثمالة، ولم يجد شخصا واحدا يتفهمه، ألم يقسم الوزير شوازيل يمينا بالله بانه سيركعه، او سيقصم ظهره اذا لم يركع؟ ومن يستطيع ان يتحدى ارادة الوزير القوي للويس الخامس عشر حينذاك؟الم يوصلوه في اواخر حياته الى حافة الهذيان والجنون؟ لقد اصبح يخشى ان يشوهوا كتبه بعد موته او يزوروها ويحرفوها لدرجة انه ذهب يبحث عن اصدقاء خلص لكي يضعها وديعة بين ايديهم، لكي تنشر كما هي بعد موته. ينبغي العلم بأن الاعترافات ، و الحوارات ، و احلام المتنزه المتوحد، لم تنشر في حياته لأنه كان ممنوعا عليه النشر بعد ان صدر في حقه حكم بالسجن المؤبد والاعتقال.

وقد وصل به الأمر في احدى المرات الى حد التفكير بايداع مخطوطته في كنيسة نوتردام الواقعة في منطقة الحي اللاتيني وسط العاصمة الفرنسية. وقد كتب عليها الكلمات التالية: يا إله المقهورين المضطهدين. يا إله الحق والعدل، تقبل هذه الوديعة من شخص غريب عاثر الحظ، شخص وحيد على وجه الارض بلا دعامة ولا صديق. شخص أهين واحتقر من قبل جيل بأسره. شخص تهكموا به وأذلوه وخانوه... أنتظر بكل ثقة رحمتك، وأتوكل على عدالتك، وأستسلم لمشيئتك.

ولحسن الحظ فإن الكنيسة كانت مغلقة في اليوم الذي ذهب فيه اليها لايداع المخطوطة. وذلك لأنه لو اودعها هناك ووقعت في يد كاهن كاثوليكي متعصب ضد البروتستانتيين لضاعت حتما او لمزقت. يضاف الى ذلك انهم ما كانوا يعتبرونه فقط زنديقا لانه ينتمي الى مذهب الاقلية البروتستانتية وانما كان كافرا ايضا لأن تفسيره للدين المسيحي يتناقض كليا مع تفسيرهم. وبالتالي فهو مدان في جميع الاحوال. والانكى من ذلك هو ان طائفته ايضا كانت تدينه بسبب افكاره الجريئة اكثر من اللزوم عن الدين.. وهي الافكار التي سوف تنتصر بعد عشر سنوات فقط على موته. بل وسوف تشكل زبدة الاعلان الشهير لحقوق الانسان والمواطن بعد ان دشنت عصر الحداثة الروحية والفكرية. فجان جاك روسو استطاع ان ينقذ الجوهر الروحاني والاخلاقي للدين المسيحي بعد ان قدم عنه صورة عقلانية مقنعة، ولكن سابقة لاوانها. ولهذا السبب فلن يرى الضوء في حياته، لن يرى نهاية النفق. وقد وصل به الامر في لحظة يأس عارم الى حد النزول الى شوارع باريس لتوزيع المنشور التالي على المارة:

الى كل فرنسي لا يزال يحب العدالة والحقيقة. ايها الفرنسيون! اني اتوجه اليكم مباشرة. يا أيتها الامة التي كانت سابقا طيبة واخلاقية، ما الذي اصابكم؟ لماذا تغيرتم؟ ولماذا تضطهدون هذا الاجنبي الفقير الذي يعيش في حماكم؟ لماذا كل هذه المقالب، والمؤامرات، والاكاذيب والاشاعات التي تحاك ضدي؟ ولكن المارة لم ينتبهوا اليه وهو يمد يده اليهم كالشحاذ لكي يعطيهم ورقة المنشور. واذا ما انتبهوا واخذوه منه فسرعان ما كانوا يعيدونه اليه بعد قراءته او يرمونه في الأرض بعد ان يشكوا في قواه العقلية.. ولذلك قصد جان بتلك العبارة بأنه كان يتمنى أن يحقق أفكاره ....

ولكن أتعلم أخي جوتيار ،ان الشيء العجيب في روسو، وهنا تكمن عظمته ايضا، هو انه لم ييأس من رحمة الله على الرغم من كل ما فعلوه به طيلة العشرين سنة الاخيرة من حياته. لم يسقط في مهاوي العدمية كما حصل لبعض المفكرين الآخرين. ولم يكفر بمفهوم الحق والعدل حتى بعد ان مرغوه بالوحل وشوهوا سمعته عن طريق الاشاعات في شتى انحاء اوروبا. لقد ظل واثقا من ان الحقيقة سوف تظهر يوما ما، وان قوى الظلام والدسيسة والاجرام حبلها قصير.والدليل على ذلك انه كتب الكلمات التالية: مهما فعل البشر ضدي، فإن السماء سوف تفعل فعلها يوما ما. لا اعرف متى ولا كيف ولا اين. ولكنها سوف تنتقم لي، سوف تنصفني. كل ما اعرفه هو ان الحكم الاعلى جبار وعادل، وان روحي بريئة ولم استحق كل هذا المصير .

شكرا لك أخي جو ،أنتظرك دوما عبر ضفاف الحرف

دم بخير دوما

لك خالص ودي والف باقة ورد

سحر الليالي
29-11-2006, 10:31 PM
أختي الرائعة فاطمة:

سعدت جدا بمشاركاتك الجميلة

تابعي أختاه بحق انني أتعلم منك الكثير

لك حبي والف باقة ورد

سحر الليالي
29-11-2006, 11:50 PM
اليك نبذه عن ما كتبه المفكر البلجيكي ريمون تروسون عن روسو في

http://www.metransparent.com/images/rousseau_raymond_trousseau.jpg

الجزء الاول من الكتاب يحمل العنوان التالي: المسار الصاعد نحو المجد. وفيه يروي المؤلف قصة السنوات الاولى لروسو بدءا من ولادته في مدينة جنيف وانتهاء بنشره لنصوصه الاولى التي عرفت الناس به مرورا بهربه وهو صغير من جنيف في احدى الامسيات وهيمانه على وجهه في احضان البراري غير مبال بالمخاطر.



واما الجزء الثاني من الكتاب فمكرس للنصف التالي من حياة روسو، اي بعد ان اصبح شهيرا جدا وملاحقا جدا ايضا. ولذلك فهو يتخذ العنوان التناقضي التالي: الحداد الساطع للسعادة. صحيح انها سعادة ان تصل الى المجد بعد ان كنت مغمورا او في الحضيض. ولكن ثمن هذا المجد كان غاليا، بل واغلى مما كان يتصوره روسو. من هنا كلمة الحداد المربوطة بالسعادة.
الفصول الاخيرة من الكتاب تحمل العناوين التالية: روسو يدخل في متاهة لا اول لها ولا آخر، روسو مشردا تائها من مكان الى مكان، النضالات الاخيرة او الصراعات الاخيرة لجان جاك روسو، روسو يستسلم للمقادير ويقول: لتكن مشيئتك يا رب! موت جان جاك روسو، اندلاع الثورة الفرنسية التي رفعت كتاب العقد الاجتماعي الى اعلى مرتبة فأصبح انجيل الثورة، انتشار صوره في كل شوارع باريس على ايدي الثوار والطبقات الشعبية بعد ان كان ممنوعا في حياته ان يقيم في العاصمة الفرنسية او ان يظهر بشكل علني امام الناس، نقل جثمانه الى مقبرة العظماء (البانتيون) حيث لا يزال يرقد حتى هذه اللحظة الى جانب غريمه اللدود: فولتير... كل هذه الفصول والفقرات تتوالى وراء بعضها البعض على هيئة رواية شبه بوليسية شديدة الاثارة والامتاع.

سوف اتوقف قليلا عند صفحة واحدة يتحدث فيها ريمون تروسون عن عودة روسو الى ذلك البيت القديم الذي شهد لحظات السعادة الوحيدة في حياته بعد ان هرب من جنيف، وهو في السادسة عشرة من عمره. من المعلوم انه كان يلعب خارج المدينة هو وبعض رفاقه او ابن خاله بالاحرى. وعندما تأخرا في العودة كانت المدينة قد اغلقت ابوابها فقرر الهرب هائما على وجهه وعدم العودة اليها ابدا. والواقع انه لم يكن ينتظره احد على عكس ابن خاله: فأمه كانت قد ماتت منذ زمن طويل، بل واثناء ولادته، وابوه تزوج.. وبالتالي فلماذا يعود؟ والى اين؟ لماذا لا يركض في البراري المحيطة بجنيف مثلا بحثا عن بيت آخر، عن دفء آخر محتمل. وهذا ما كان، فقد شاءت الصدفة ان تقوده قدماه الى بيت تلك المرأة التي ستصبح أمه بالفعل: اي مدام دو فارنس. فقد استقبلته بعد تردد في البداية، وآوته.

المهم انه في بيت هذه المرأة التي خلّد ذكراها في الاعترافات بصفحات يبلى الزمن ولا تبلى وجد روسو لاول مرة معنى الحنان المنزلي والحب. وعاش اياما سطعت شمسها طويلا قبل ان تغرب. وهذه المرأة التي لم تكن تقربه بأي شكل هي التي يدعوها في الاعترافات بكلمة: ماما.

فأمه الحقيقية لم يتح له ان يتعرف عليها الا من خلال الذكريات التي حكوها له عنها والتي ذكرها في بداية الاعترافات بشكل مؤثر وشبه اسطوري. وبالتالي فعندما يذكر كلمة ماما في كتبه فإنه لا يقصد أمه الحقيقية وانما هذه المرأة التي تعرف عليها وهو في السادسة عشرة من عمره والتي تدعى مدام دوفارنس. ومعلوم ان آخر نص كتبه ولم يكمله (لأنه مات بشكل مفاجئ) كان مكرسا لها، مهدى لذكراها..

ولكن ظروف الحياة اضطرته الى تركها بعد عيشة بضع سنوات لكي يذهب الى العاصمة ويجرب حظه في باريس: مدينة الوصول والشهرة. ثم كان ما كان وانقطعت الاخبار وماتت مدام دوفارنس دون ان يراها. او قل انه راهامرة واحدة قبل موتها بسنوات طويلة وكان قد اشتهر واصبح رجلا اخر. وها هو الآن يعود الى البيت الذي احتضنه وانقذه من هلاك محقق. ها هو الآن يعود على خطاه، الى البيت القديم، واذا بالذكريات تنفجر في وجهه دفعة واحدة.اذا بها تنثال وراء بعضها البعض كفلم سينمائي.

ها هو يعود الى البيت الذي شهد ملاعب صباه وسنوات الفتوة الاولى، البيت الذي كان عامرا بحضور تلك المرأة المشرقة كالشمس. ها هو يعود وقد شاخ واصبح مريضا، مظلما، منهكا من كثرة المناورات والمؤامرات التي تحاك حوله. ها هو يعود وقد اثقلته الهموم وضاقت في وجهه الارض. ولكن بعد خمس وعشرين سنة يكفيه ان يغمض عينيه ولو قليلا لكي يرى) ماما( وهي تركض وراءه في البراري لكي تقبله.

يكفيه ان يغمض عينيه لكي يرى كل الحياة السابقة تتفجر حية كما كانت. ولكن ينبغي عليه أولا ان يذهب الى المقبرة لكي يزورها لكأن صوتا داخليا يناديه: بالله عليك اذا مررت بتلك النواحي القصية، ورأيت ذلك القبر المهجور الذي امَّحت آثاره او كادت ونبتت فوقه الاعشاب البرية حتى غطته، بالله عليك عرج عليه قليلا، انحني فوقه، وقبل عني التراب! وهكذا كان، فبعد ان زار البيت القديم وطاف حوله عدة مرات، بعد ان القى نظرة على البراري المحيطة وهي فاتنة الجمال بين فرنسا وسويسرا، صعد فورا الى مقبرة الفقراء حيث دفنوها على عجل. وهناك انبطح على القبر وراح يقبله ويمرغ وجهه فيه ويبكي حتى ليكاد يسمع نشيجه عن بعد.. هناك انحنى على القبر لكي يحتضنه بكلتا يديه.

راح يكفر عن ذنوبه لأنه لم يستطع ان يشهد موتهاو لم يساعدها في اواخر حياتها قبل ان تموت.. وراح يتذكر: آخر مرة رآها كانت قبل بضع سنوات من موتها، وكان عائدا من باريس بعد فراق طويل وبعد ان اصبح مشهورا، ولم يكد يتعرف عليها في البداية من كثرة ما تغيرت وتدهورت.. واحس بالرعب وهو يسلّم عليها. واحست هي بالفرح ولم تكد تصدق عينيها. لم تكد تصدق ان هذا الطفل المجهول الذي تعرف كل نقاط ضعفه واحدة واحدة والذي جاءها يوما ما مشردا تائها قد اصبح جان جاك روسو! كانت فخورة به ومذهولة في ذات الوقت. وكان هو ينحني عليها، يقبل يديها..
ثم راح يسأل الجيران عنها وعن اخبارها.. وعرف بأنها افتقرت جدا في اواخر حياتها بعد ان كانت عزيزة، بل ومضيافة تفتح بيتها للقريب والبعيد. وادرك عندئذ ان اعداءه ضربوا هنا ايضا... لقد ارادوا ان يذلوه باذلالها. وقد نجحوا.

هذه العودة على الماضي كانت ناعمة، يقول ريمون تروسون، ولكنها سحقت قلبه سحقا. فالماضي لن يعود. وتلك المرأة الشقراء الجميلة التي استقبلته يوما ما من عام (1728) وفتحت له بيتها لم تعد هنا لكي تملأ الدنيا بحضورها. وفي قبرها لم يدفن جسدها الغالي فقط، وانما اجمل سنوات شبابه.

منقول من "جان جاك روسو.. مفكر في زمن الملاحقات،هاشم صالح

معاذ الديري
01-12-2006, 12:14 AM
لا احد يفهم المجانين الكبار ..
و "روسو" من اكابرهم .

ما اسعدني بهذا الموضوع يا سحر . فمثله ما يستحق ان ينفق فيه الوقت.

تحيات مجنونة .

جوتيار تمر
01-12-2006, 02:08 PM
العزيزة فاطمة
ذكرتني كلماتك هذه بالتاوية،(التاو)احدى اهم المصطلحات الفلسفية الصينية ومعناها الطريق او المنهج او اسلوب الحياة.
اما لماذا تذكرتها..؟
فالسبب هو روسو عندما انتهج طريق العزلة..وامتنع من الاختلاط بذلك المجتمع الارستقراطي..المليئ بالطبع بكل ما تقشعر منه النفس،انتهج اسلوب التاوية.. فهولاء عندما وجدوا ان الكونفوشية والموهية بالرغم من انهما فلسفتان فعالتان الا انهما اهتمتا فقط بفنون الحكم في دولة المدينة وبالاخلاق الاجتماعية،فانها لاتعد سوى فلسفات دنيوية،فانتهجت التاوية فلسفتها الداعية الى الطمأنينة والسكينة واتخذت من الارياف والطبيعة نقطة انطلاق لها.
المهم هنا..والسؤال الذي يثير نفسه..ترى عندما تجابه فلسفة ما..في مجتمع ما..بالعنف والرفض من قبل الاجتماع نفسه,,ماذا على اصحاب الفلسفة ان يفعلوا تجاه ذلك..؟
و..اذا ما رفضت فلسفة ما..فهل يصح لها ان تنأى ركنا قصيا..؟
والفلسفة التي هي الحرية..والحرية التي هي الانسان..دائما تواجه ما هو يقيد حركتها..فهل الاكتفاء بالعزلة حل..؟

تقديري ومحبتي
جوتيار

سحر الليالي
01-12-2006, 09:30 PM
أخي الكبير معاذ:

لكم سعدت بك

شكرا لعطرك الفاخر

تقبل خالص شكري وتقديري وباقة ورد

فاطمة أولاد حمو يشو
01-12-2006, 09:49 PM
وبفضل العنف الذي يواجهه، تنمو معرفته بذاته وبالآخر..لكن في خضم هذا العنف يمارس الفيلسوف شجاعته..سواء بالتصريح المباشر أوبالممارسة الفعلية للأفكار التي يريد إقناعنا بجديتها، أو بالتعبير الرمزي الموغل في التجريد والتعالي..ولكن الفيلسوف الحق هو الذي يسير على نهج سلوك سقراط فهل توجد نماذج كثيرة لهذا النوع من الفلاسفة في حياتنا؟

سحر الليالي
01-12-2006, 09:59 PM
أخي جو:

لكم أسعد بمداخلاتك المميزة

سلمت لنا

تقبل خالص شكري وتقديري وباقة ورد

جوتيار تمر
03-12-2006, 08:31 AM
نعم نجدهم..وان كانوا عاشوا قبلنا بسنوات قليلة.
فمثلا...(سارتر....وكامو...وقبل ما نيتشه..وووو)
هولاء عاينوا موجدهم الحقيقي من خلال ملامستهم الواقعية للواقع.
بغض النظر عن ان كانت فلسفتهم مقبولة ام مرفوضة.


تقديري
جوتيار

سحر الليالي
20-12-2006, 01:41 AM
فاطمة ،جو ..شكرا لكما

أخي جو ما رأيك بـــ " نتيشة "؟؟؟
هل لك أن تزودني به ؟؟
سأكون ممتنة
لك خالص شكري وباقة ورد

جوتيار تمر
21-12-2006, 12:03 AM
فريدريك نيتشه
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
فريدريك فيلهيلم نيتشه (15 أكتوبر ، 1844 - 25 أغسطس، 1900) فيلسوف ألماني ، عالم نفس،و عالم لغويات متميز. تميز بشخصية عدوانية جداً، و كونه ناقدا حادّا للمبادئ الأخلاقية،و النفعية، و الفلسفة المعاصرة ، المادية، المثالية الألمانية، الرومانسية الألمانية، والحداثة عُموماً. يعتبر من بين الفلاسفة الأكثر شيوعا و تداولا بين القراء . كثيرا ما توصف أعماله بأنها حامل أساسي لأفكار الرومانسية الفلسفية و العدمية و معاداة السامية و حتى النازية لكنه يرفض هذه المقولات بشدة و يقول بأنه ضد هذه الإتجاهات كلها .
في مجال الفلسفةِ والأدبِ، يعتبر نيتشه في أغلب الأحيان إلهام للمدارس الوجودية وما بعد الحداثة.
روج لافكار اللاعقلانية والعدمية، استخدمت بعض آرائه فيما بعد من قبل ايديولوجي الفاشية.
فر يدريك نيتشه ، "1844-1900م"1260-1318هـ" ، فيلسوف الماني ملحد ..
حياته
كان أبوه قساً بروتستانتيا, وكذلك كان جده, توفي والده وهو طفل,فتولي تربيته نسوة العائلة, فنشأ مدللاً رقيقاً حساساً, مما جعله محل سخرية زملائه في الدراسة, مما دفعه للبحث عن وسيلة تجعله خشناً صلباً, وتخلصه من الطابع الأنثوي الذي نشأ به, وكان سبباً في كونه محطاً لسخرية الآخرين. ولعل رد الفعل هذا له أثره في جنوحه- فيما بعد- إلى مذهب القوة والعنف والقسوة الذي كان طابع فلسفته. كان ابن قس, وحفيد قس, وأراد في حداثته أن يكون قساً, فنشأ على التزام بالنصرانية ديانة آبائه, وكان كثير القراءة في الإنجيل النصراني, وكان يقرأه على زملائه بصورة مؤثرة تجعل الدموع تجري من مآقيهم, حتى أطلق عليه الجميع في هذه الفترة اسم " القسيس الصغير " . لكن هذا القس الصغير لم يلبث وهو في سن الثامنة عشرة أن فقد إيمانه بالنصرانية و كفر بها, ودخل في مرحلة من الشك والحيرة خرج منها كافراً بكل شيئ, ناقماً على كل شيئ, ولم يرجع إلى الدين ثانية, بل اندفع في طريق الإلحاد حتى نهايته, فأعلن موت الآلهة, ثم اتخذ من " السوبرمان " الإنسان الأعلى- كما يسميه- إلهه ومعبوده, وأمضى بقية حياته يبشر به, ويرسم الطريق للإنسانية كي تصل إليه . - درس بجامعتي " بون وليبزج" بألمانيا, حتى حصل على الدكتوراه, ثم عمل بجامعة "بال" بسويسرا أستاذًا لفقه اللغة ((1869 م )) ثم مرض وزادت علته, حتى اضطر إلى التدريس (( 1879م ))والعيش على ((معاش)) تصرفه له الجامعة . وبعد ذلك بعشر سنين انتهى به المرض إلى الشلل الكلي والجنون , وتولت أخته رعايته , حتى لفظته الحياة , كما يلفظ البحر جيفه عكرت بنتنها ماءه الصافي , لكنه خلف وراءه فكرا ضالا ركبه اليهود ليصلوا من خلاله إلى الكثير من أهدافهم الخبيثة , مما جعلهم يشيدون به وبأفكاره في بروتوكولا تهم ومجامعهم.

مؤلفاته
لنيتشه مؤلفات كثيرة أهمها :
• أصل المأساة "1872م". وهو دراسة للثقافة اليونانية من خلال القصص والروايات أو "الدراما" .وفي هذا المؤلف الذي يطلق عليه أحياناً "نشأة التراجيديا" فضل القوة الجسدية, على الفكر الذهني الذي جاء به سقراط ومن بعده.
• إنساني مجاوز للحد " 1878". وفيه تحدث عن الانتخاب الذاتي, وضرورة أن يعمل الإنسان على أن يتجاوز نفسه إلى كائن أعلى منه, والذي سماه فيما بعد: "السوبرمان".
• المسافر وظله"1880م". وفيه بين أن المشاعر الخلقية من الشفقة والرحمة والعدل والتواضع, إنما هي عوامل مضللة, تناقض التفسير العلمي للأشياء, وتعوق مسيرة التقدم لدى الإنسان, وتعرقل الوصول إلى الإنسان المجاوز للحد "السوبرمان".
• الفجر"1881م".
• المعرفة المرحة "1882م".
• هكذا تكلم زرا دشت"1883م". وهذا الكتاب هو أهم مؤلفاته, ألفه في أسلوب أدبي شعري, ووضع فيه خلاصة مذهبه من جانبيه: السلبي الذي تمثل في نقد الدين والقيم والأخلاق, ومحاربة فكرة الوطن والقوم والأمة وكل شيئ موروث, ثم الإيجابي الذي يتمثل في الدعوة إلى الصراع ضد الدين والقيم, والعمل على تحقيق الإنسان المجاوز للحد من خلال التطور الذاتي, وقد جعل بطل هذا المؤلف ينطق بكل ما يريد نيتشه, فكان نيتشه يلقي بآرائه الفلسفيه من خلال "زرا دشت" هذا.
• فيما وراء الخير والشر"1886م". وفيه يكرر أضاليله حول القيم, ويقرر أن القوة والجبروت هو الخير, وأن الضعف والتواضع شر .
• في أصل الأخلاق"1887م". تكلم فيه نيتشه عن الفضائل والقيم, وقرر أنها تزييف للواقع, وتكلم- تحديداً- عن الزهد, ووصف الزاهد الذي يحتقر القوة والعنف بأنه مخادع.
• إرادة القوة "1901م" نشر بعد هلاك نيتشه.
• غروب الآلهة "1989م" وفيه يعلن نيتشة أن الآلهة قد ماتت, كما كان قد قبل ذلك, ويطالب الإنسان بأن يخرج الآلهة من قلبه, ويقبرها في حفرة عميقة, يضع على بابها حجر ثقيل, حتى لا تخرج ثانية فتفسد حياة الإنسان.
• هذا هو الإنسان"1908م" وقد نشر- أيضاً- بعد هلاك المؤلف. وفي هذا الكتاب يبشر" نيتشه" بإنسان جديد يتجاوز الإنسان العادي ويفوقه من حيث القوة والقسوة, يعيش حياة المغامرة والحرب والعنف, وتتحد فيه إرادة الحياة مع إرادة القوة, بحيث يصيران شيئاً واحداً, فالحياة هي القوة, والقوة هي الحياة .
مفتاح شخصيته
يبدو أن شخصية هذا الفيلسوف لا تفهم إلا من خلال ردود الأفعال التي انتظمت فكره وسلوكه وشئونه الحياتية كلها. وردود الأفعال إنما تكون- غالباً- تفسيراً لسلوك نوعين من الناس متضادين. الأول:
إنسان ضعيف الشخصية, ضحل الإمكانات الذهنية, قليل الثقة بنفسه, فهو حين يحب أن يظهر نفسه, ينتظر ليرى الناس يفعلون شيئاً, ثم يفعل هو نقيضه أو ضده. ليؤكد ذاته, وليلفت الأنظار إليه, متخذا من المثل القائل:" خالف تعرف " منهج حياة, وقاعدة سلوك.
الثاني:
على النقيض من الأول, حاد الذهن شديد الذكاء, قوي الثقة بنفسه, مفرط الكبر والغرور, يرفض التقليد والتبعية لأي شيئ ولو كان الدين, حاقد على الآخرين, ماقت لكل شيئ, ناقم على الحياة والأحياء, سعادته كلها في مخالفة الآخرين, ورفض آرائهم وتسفيهها. وقد كان " نيتشه" يمثل النوع الثاني شر تمثيل. فقد كان من أسرة متدينة, على صلة وثيقة بالنصرانية والكنيسة, والوظائف الدينية, حيث كان أبوه قساً, وكذلك كان جده, وقد أعده أهله ليكون قسيساً, وبخاصة لما لاحظوا فيه من ضعف صحته, ورقة إحساسه, وميله إلى العزلة. لكن الرجل اندفع إلى الاتجاه المخالف المضاد, فلم يكتف برفض الوظائف الدينية, بل رفض النصرانية نفسها وكفر بها, بل إنه لم يكتف في ردود أفعاله بهذا, وإنما جعل من أهداف حياته مهاجمة النصرانية ومحاربتها, وبيان أباطيلها, وكشف مفاسد رجالها, بل إنه حارب الدين كله, ولم يفرق بين حق أو باطل. كذلك كان الفيلسوف عليل الصحة, ذا بنية جسمية ضعيفة, ثم مرض مرضاً شديداً فزاد ضعفاً على ضعف, ولقد خلف له المرض آلاماً حادة في الرأس وفي المعدة, وفي العينين حتى تركه شبه أعمي , ولقد لازمته تلك الآثار المرضية طوال حياته. ومرة ثانية نصطدم بردود الأفعال لدى " نيتشه" فبدلاً من أن يسير سيرة فكرية تناسب حالته تلك, فإنه يندفع إلى الاتجاه الضد,فيعيب الضعف والضعفاء, ويمجد القوة والأقوياء, بل إنه ليدعو المرضى والضعفاء إلى قتل أنفسهم انتحاراً, تطبيقاً لمبدأه الذي يقول فيه : "مت في الوقت المناسب", أما في حال عدم استجابة الضعفاء والمرضى لدعوته تلك وانتحارهم ، فإنه يدعو الأقوياء إلى أن يقوموا بهذه المهمة نيابة عن الضعفاء ,فيقتلونهم, حتى يخلو المجتمع مما يعوق تقدم الإنسانية إلى تحقيق " الإنسان المجاوز للحد ". وقد كانت حياة الرجل بما فيها من مرض وضعف وآلام, ليس أقلها إصابته بالشلل, وضعف البصر الشديد, وآلام الرأس والمعدة, كانت مثل تلك الحياة من شأنها أن تجعل صاحبها متشائماً يائساً قنطاً, وبخاصة لرجل مثله لا يؤمن بالله- سبحانه- ولا يؤمن بيوم آخر يكافأ فيه على صبره واحتسابه من ربه. . كان ذلك هو المنتظر من ذلك الفيلسوف الذي جمع بين الخستين: المرض والآلام, ثم الإلحاد . لكن جاء رد الفعل عنده, فرفض التشاؤم, ونعى على التشاؤم والمتشائمين وهاجم بعنف النزعة التشاؤمية لشوبنهاور, وعاش يدعو إلى التفاؤل, وإلى العيش في الدنيا بروح مرحة. ولقد كان من شأن رجل ضعيف مريض مثله, فقد سلامة الصحة والبصر, أن ينحو منحى السلامة, ويدعو إلى التحوط والحذر من كل يوحي بالخطر. ومرة ثالثة نصطدم بردود الأفعال عند نيتشه فقد اندفع الرجل المريض الضعيف شبه الأعمى يمجد الخطر, ويدعو الناس إلى أن " يعيشوا حياة الخطر, وأن يبنوا مساكنهم على حافة بركان " فيزوف" ، وأن يركبوا زوارقهم كي يكتشفوا البحر الذي لم يرتده أحد من قبلهم", وأن يتحدوا جميع المخاطر بروح لا تعرف الخوف. على أن ثمة حدثاً له دلالته وآثاره على تلك النفس المريضة المنحرفة, ذلكم أن " نيتشه" وقع في حب إحدى النساء القريبات منه, ولكنها لم تبادله حباً بحب,وفضلت عليه رجلاً آخر, ولم تجد محاولاته في إقناعها بحبه, وهنا برز رد الفعل عند نيتشه, حيث اندفع هائماً على وجهه يرسل النقد تلو النقد للنساء جميعهن, واصفاً إياهن بأقبح الصفات, مدعياً أنهن لسن أهلاً لحب أحد الرجال, وبخاصة حب رجل عظيم مثله, وهذا الحدث ليس بدعاً من القاعدة التي ذكرناها, وإنما هو تطبيق لها, أعني من أوضح الأمثلة على أن الرجل يعيش على ردود الأفعال.
فلسفته
تقوم فلسفة " نيتشه" على أسس أهمها:
• التأكيد على الذاتية في مقابل الموضوعية بالنسبة للصلة بين الإنسان والعالم. فقد ذهب نيتشه- كما ذهب " شوبنهاور" من قبله- إلى أن أفكار الإنسان ومعارفه عن العلم الخارجي متأثرة بأوهام ذاتية, ومعتقدات شخصية لا حقيقة لها في الخارج. وأن الحقائق الموضوعية للعالم تختلف عما يتصوره الإنسان ويعتقده عنها, لذلك كانت معارف الإنسان عن العالم إنما هي أوهام ذاتية, وخرافات مورثة.
• إن أخطر هذه الأوهام الذاتية, وأكبر تلك الخرافات المورثة التي تخالف الواقع وتصادم الموضوع إنما هو الدين وكل ما يتصل به.فالدين هو أكبر خرافة توارثتها الإنسانية جيلاً بعد جيل, وليس من شك أن الدين والأخلاق وما يتصل بذلك إنما هي مظاهر ضعف وانحطاط, لكن هذه المظاهر يتعهدها رجال الدين القساوسة, ويظهرونها على أنها فضائل, لكي يحتفظوا بسيادتهم على جماهير الناس, وتزداد مكانتهم ومكاسبهم المادية, رغم وضوح الكذبة ورغم أن الدين وما يتصل به أمور يرفضها العلم, ويكفر بها العقل الذكي.
• أهم ما في فلسفته جانبان : جانب سلبي, وجانب إيجابي, أما الجانب السلبي .,فيتمثل في النقد العنيف والقاسي والملح للدين والقيم والأخلاق, فهو لا يفتأ في كل مؤلفاته ينقدها ويحاربها على أمل أن يقضي عليها. وقد استغرق هذا الجانب السلبي القدر الأكبر من مؤلفاته, وأما الجانب الإيجابي., فهو تمجيد القوة والدعوة إليها, وإلى القضاء على كل ما يعارض القوة ويعرقل مسيرتها, ويعوق تقدم الإنسان مما يسمى بالقيم والأخلاق, من مثل : الحب, والرحمة, والعدل, فهذه الأمور أمثالها قد عاقت الإنسان إلى أن يتجاوز نفسه, ويرتفع عن مستواه الحالي, ليصل إلى الإنسان الأقوى, أو ما سماه "السوبرمان" ولن تصل الإنسانية إلى هذا الإنسان الأقوى إلا إذا ألقت وراء ظهرها بما يسمى بالقيم, ثم استعملت القوة في الصراع بين الضعفاء والأقوياء, ومن ثم يقضى على الضعفاء, ولا يبقى إلا الأقوياء, ثم الصراع بين الأقوياء, وهكذا حتى تصل البشرية إلى المستوى الأعلى دائماً.من أجل ذلك دعي الرجل " فيلسوف القوة", ودعيت فلسفته " فلسفة القوة". وهي تسميات غير دقيقة, وإطلاقات خاطئة, والاسم الصحيح, أو الوصف الدقيق لهذه الفلسفة وكل ما يماثلها أنها: " فلسفة الحمقى والمجانين", وليس ذلك إطلاقاً مجاوزاً للحقيقة, فقد صدقت الأحداث ذلك. وكان الرجل حين تسجليه أفكاره هذه وكتابته مذهبه شبه مجنون, ثم أصيب بالجنون فعلاً وظل الأحد عشر عاماً الأخيرة من حياته في جنون شبه كامل, ورغم ذلك كان يكتب ويحرر مذهبه ذاك .
• فيما يتصل بالجانب الخلقي ., فقد وضع مقياساً للأخلاق ربط فيه بين القوة والفضيلة, بصرف النظر عن مجالات استعمالها, فإن القوي عنده له مطلق الحرية في استعمال قوته في كافه المجالات, ولو كان سفك الدماء البريئة, بل إنه يحض الأقوياء على سفك دماء الضعفاء حتى لا يعوقوا مسيرة البشرية إلى الأعلى, كذلك كل ضعف هو رذيلة. بصرف النظر- أيضاً-عن أسباب الضعف, وسواء كانت بفعل الإنسان وإرادته كمن يجهد نفسه فوق الطاقة, أو يتعاطى مطعومات أو مشروبات تضعف الصحة, أو كان ذلك خارجاً عن إرادته وإمكاناته كالضعف بسبب المرض, أو بطبيعة بنية الجسم. وأيضاً :ربط بين الخير والقوة والشر والضعف ؛ فأضحى الميزان الخلقي عنده : أن القوة هي الخير وهي الفضيلة ، وأن الضعف هو الرذيلة وهو الشر.
• دعا " نيتشه" إلى شعار يقول " كن نفسك, ولا تكن غيرك ". وهو يعني بهذا أن يرفض الإنسان كل الأشياء التي ورثها, والتي تربطه بالآخرين, وأن يحطم القيم, والعادات, والأعراف, والتقاليد, بل يجب عليه أن يحطم أخطر تلك القيود التي تمنعه عن " الخلق" والابتكار وتحقيق ذاته, وهذه القيود الأخطر هي في نظره: الدين , والوطن, والأمة. فهذه الثلاثة يمثل كل منها قيداً يمنع الإنسان من الانطلاق نحو " الخلق" والابتكار. فالناس يؤمنون بهذه الأشياء, والإيمان يعوق الإنسان عن تحقيق ذاته: لأن الدين مأخوذ عن السابقين, فأنت لا تخلقه ولا تنشئه, بل تقلد السابقين, وكذلك الأمة والوطن, ومثل ذلك كل القيم. إنما هي موروثات عن الذين سبقوك. فأين أنت؟ أين ما قمت أنت بخلقه واختراعه؟ لا شيئ, ولذلك فأنت صورة مكررة ممن سبقوك. . ولكي تبدع, ولكي تكون نفسك, وتحقيق ذاتك, لا بد أن ترمي بكل شيئ موروث عن السابقين, وتخترع أنت القيم الخاصة بك, والتقاليد والأعراف والسلوك الخاص بك أنت, والذي يناقض كل ما كان عليه الآخرون السابقون.
• يركز " نيتشه" في فلسفته على " خلق" الإنسان الأعلى, أي الوصول بالإنسان عن طريق الصراع, و"التطور الذاتي الصاعد", وهو يطبق هنا مذهب التطوريين, فيذهب إلى أن الكائنات بدأت من الخلية الواحدة" الأميبا", ثم تطورت إلى الأعلى, حتى وصلت في تطورها إلى الإنسان وقف عند حد معين ولم يكمل مسيرة الارتقاء ليصل إلى الأعلى منه, فكل الكائنات من أدناها قد أدت رسالتها في الترقي إلى الإنسان, وكان على الإنسان أن يفعل نفس الشيء, لكنه وقف في محله, وقد عوقته أوهامه الذاتية عن الدين, والأخلاق, والقيم, والإبقاء على الضعفاء, وهذه أفقدت المسيرة أهدافها, وعلى الإنسان أن يبدأ المسيرة من جديد, ولن يتم ذلك إلا بالقضاء على الدين والقيم, وإحياء الصراع, وتطبيق قانون" البقاء للأقوى" حتى يصل في النهاية إلى الإنسان السوبرمان.
• وللوصول إلى هذه الغاية يجب ألا تترك الأمور تسير تلقائياً, بل يجب أن تسير الأمور حسب منهج معين, يلتزم به الجميع دون تهاون, والمنهج اللازم إنما يتم عن طريق أمرين: تحسين النسل, والتعليم, وتحسين النسل يأتي في المرتبة الأولى.وتحسين النسل يتطلب رفض الزواج العشوائي الذي يقوم على ما يسمي: الحب, والذي يقع فيه عظماء الرجال ضحايا للخادمات وأمثالهن تحت ما يسمى بالحب, لكن ينبغي أن يختار الأرقى من الرجال لأمثالهم من النساء, فتتزوج النساء الراقيات الرجال الراقين, ويكون الزواج محكوماً بهذه المعايير, يقول " نيتشه" : " يجب ألا نسمح بزواج يقوم على الحب, وأن يتزوج خير الرجال من خير النساء, أما الحب فلنتركه لحثالة الناس, إذ ليس الغرض من الزواج مجرد النسل, بل يجب أن يكون وسيلة للتطور والترقي... بمثل هذا المولد وهذه التربية يرتفع الإنسان فوق الخير والشر, ولا يتردد في اللجوء إلى العنف والقوة في سبيل الوصول إلى غايته" .. والغاية التي يقصدها الرجل إنما هي الوصول إلى الإنسان الأعلى " السوبرمان".
• وكما بذل " نيتشه" مجهودا ضخماً ومستمراً في الدعوة إلى حياة الصراع والقوة للوصول إلى " خلق " وإيجاد " السوبرمان ". كذلك بذل الفيلسوف مجهوداً مضاعفاً ومستمراً في محاولات القضاء على الأديان التي تمثل عدوه الأول. ويتمركز حولها حقده ومقته الشديد, لقد جعل بطله " زرا دشت " الذي اخترعه ليكون شبيهاً بسميه الفارسي " زرا دشت ". وليكون معلماً كما كان " زرا دشت " الفارسي معلماً, لقد وضع نيتشه على لسان بطله زرا دشت حديثاً طويلاً رمزياً أراد أن يبين فيه أن الدين خرافة, وأن الآلهة قد ماتت, يقول " نيتشه " في كتابه : " هكذا تكلم زرا دشت ": " ينزل زرا دشت وهو في الثلاثين من عمره من جبله الذي أوى إليه سابحاً في تأملاته, ليعظ الجماهير, ولكن الجماهير كانت مشغولة عنه بمشاهدة رجل يرقص على الحبل, ولكن الراقص على الحبل يسقط ويموت, فيحمله زرا دشت على كتفيه ويذهب به بعيداً ليدفنه في قبره ويغلقه عليه" , إن هذه القصة الرمزية أراد بها نيتشه أن يبين للناس الحقائق الصحيحة, لكن الناس كانوا مشغولين بالدين والقيم والخرافات, التي رمز لها " نيتشه" بالأراجوز أو الراقص على الحبل, لكن الدين ما يلبث أن يموت بفضل جهود نيتشه, كما مات الراقص على الحبل عندما رأى زرادشت, وأن نيتشه هو الذي سوف يدفن الدين بيديه, ويعلن موت الآلهة كما فعل زرا دشت... لقد التقى زرادشت وهو نازل من الجبل بناسك يحدث الناس عن الإله ، فقال زرادشت لنفسه : " هل يمكن أن يكون ما قاله الناسك حقاً؟ يبدو أن هذا الناسك العجوز الخرف لم يسمع بعد أن الآلهة قد ماتت, لقد مات الله حقاً وماتت جميع الآلهة... لقد ماتت جميع الآلهة, ونريد الآن أن يعيش " السوبرمان " الإنسان الأعلى ".
• زعم " نيتشه" أن الوجود له غاية ، وغاية الوجود هي " الصيرورة " أو " الدور السرمدي ". وهو يعني بهذا أن ينفي ما جاءت به الأديان من القول بالنعيم الدائم, والعذاب المقيم, وأن هذه الدنيا ستنتهي بدار خالدة أبداً لا تفنى, وحتى يحارب هذه الحقيقة الدينية, قال بنظرية " الدور السرمدي", وهي نظرية معروفة في التراث الثقافي اليوناني, وهي تقرر أن الموجودات جميعها تمر في دورات متتاليات صاعدات, تبدأ الدورة بالخلية الأولي, أو بالذرة, ثم تترقى وتتطور تصاعدياً, حتى تصل إلى أعلى ما يمكن أن تصل إليه الموجودات من ترق صاعد, ثم يفنى كل شيء تماماً, لتعود دورة أخرى من جديد وعلى نفس النمط, وتتكرر نفس الظروف والأحوال والموجودات... وهكذا في دورات دائمة سرمدية لا تنتهي .. قالوا: وهذه غاية الوجود.... وهذه النظرية جمع فيها القائلون بها من اليونان بين أمرين ظنوهما حقيقتين مسلمتين, أولهما: أن العالم الطبعي دائم أزلي أبدي, لا بداية له ولا نهاية, وثانيتهما: أن الوجود الشخصي متغير ولا يبقى على حال , ورأوا أنهم بذلك .


هذه بعض المعلومات سحر واعود اليه لاحقا

محبتي لك
جوتيار

سحر الليالي
21-12-2006, 12:31 AM
يا الهي ..ما أروع ما قرأت...!!!
رائع رائع رائع
شكرا لك أخي جوتيار شكرا لك من القلب
ممتنة جدا لك
بارك ربي بك وبجهودك القيمة
واسمح لي أخي جو أرى انه من الأفضل أن أضعه في موضوع منفصل ..لأنه بحق فيلسوف يستحق أن يقرأه عنه
لك خالص شكري وتقديري وباقة ورد:0014:

جوتيار تمر
22-12-2006, 01:34 PM
شكرا سحر....

افعلي ماترينه الاصح...


لنيتشه اراء رائعة اعود اليها لاحقا...وبحق وجدته اللامنتمي الذي يتحدث عنه كولن ويلسون.

محبتي
جوتيار

سحر الليالي
22-12-2006, 10:47 PM
شكرا لك من القلب جوتيار

سأنتظرك بفارغ الصبر

تقبل خالص شكري وتقديري وباقة ورد

فاطمة أولاد حمو يشو
24-12-2006, 04:17 PM
نعم نجدهم..وان كانوا عاشوا قبلنا بسنوات قليلة.
فمثلا...(سارتر....وكامو...وقبل ما نيتشه..وووو)
هولاء عاينوا موجدهم الحقيقي من خلال ملامستهم الواقعية للواقع.
بغض النظر عن ان كانت فلسفتهم مقبولة ام مرفوضة.
تقديري
جوتيار

الخاصية الأولى وهي :- إبداعه منهج التوليد الفلسفي..
الخاصية الثانية: - شجاعته وعدم خوفه من الموت.

سحر الليالي
10-01-2007, 11:16 PM
فاطمة :
أشكرك على تفاعلك

لك ودي وباقة ورد