المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المَهَمّـــــــــــة



حنان الاغا
11-12-2006, 01:56 PM
المَهَمّـــــــــــة
سارت بحملها متثاقلة بحذاء الجدار الصقيل ، و كادت أرجلها أن تنفسخ لثقل ما تحمل . وكان الطريق يقودها إلى نهاية مغلقة ، ويبدو أنها تعلم ذلك ، لأنها كانت تغذ السير باتجاه الزاوية التي ينتهي لديها الحائط الصقيل .
في طريقها نحو الزاوية التقت بزميلة لها ، ولعلها جارة أو قريبة ، كانت الأخرى تأتي مسرعة خالية الوفاض ، باتجاهها ، وعندما التقتا أسرت لها بأمر ، أثار حوارا سريعا بدا أنه حوار مهم لأن كلا منهما وضعت رأسها قرب رأس الأخرى ، وتمنيت في تلك اللحظة لو أعرف ماذا دار بينهما ، بحيث جعل تلك القادمة تغير خط سيرها وتركض بسرعة بينما استعدت الأولى لمتابعة السيرالمتثاقل .
خلال سيرها توقفَتْ مرات عدة لتثبيت حملها الثقيل ، الذي كاد أن يقع أكثر من مرة ،
وفي إحدى هذه المرات التفتت خلفها ، ثم إلى اليمين واليسار وكأنها كانت تصيخ السمع لصوت ما ، وكان توقعها في مكانه ، فقد وجدت جماعة تتقدم ناحيتها من زاوية الحائط الأخرى وما أن وصلوا إليها حتى وضعت حملها على الأرض ، فعاينوه وتشاوروا بهمس ، ثم أخذوها معهم عائدين من حيث أتوْا تاركين الحمل لغيرها تكمل به الطريق. ثار فضولي وتمنيت أن أفهم ما يدبرون ، وماذا قالت لهم ، ولماذا عادت معهم ، وفيم بقاء الأخرى ، وما صلة القربى بين الجميع !
لحظات سرحت فيها بما يجري أمامي ، وعندما نظرت وجدت الأخرى التي بقيت، وقد وصلت نهاية الطريق وهي تنوء بحملها ، ثم توقفت في رأس الزاوية لتأخذ قسطا من الراحة ربما ..كان التقاء الحائط الصقيل بالجدار الثاني يشكل خطا – طريقا - عموديا مرصوفا بطبقة من مادة بيضاء خشنة نوعا ما ،ويبدو مرتفعا وصعبا ،
انتابني شعور بالحزن ، وأنا أرى هذا المشهد ..ورغم الضوضاء وصوت من الخارج يناديني فقد أصررت على البقاء ،لأن المشهد كان متحديا مستفزا . على أي حال
لا بد من المتابعة ، كي لا يفوتني أيا من التفصيلات الغريبة التي تحدث بهدوء ومثابرة أمام عيني .كيف ستصعد بحملها هذا؟ إنه المستحيل ! ليتها تقبل مساعدتي ، بل ليتني أستطيع مساعدتها !
اقتربت بنظري أكثر ،فرأيتها تلتفت في الاتجاهات جميعها كأنها تنتظر أحدا ،ثم توترت أعصابي وأنا أراها تحزم أمرها وتحمل حملها وتنوي الصعود ..
سارت خطوتين فسقط الحمل ، ودارت حوله دورة أو دورتين ، باحثة عن مكان أسهل للإمساك به ورفعه فوق كاهلها .. هممتُ بالتحرك باتجاهها ، وتوقفتُ وأنا ألجم ابتسامة ساخرة خفت أن يُساء فهمها ! ولكن ممن ؟ الآن لا بد من الضحك إلا أنني استبعدته تماما. حمَلتْ الحمل و رفعت ساقها الرقيقة ووضعتها فوق بداية الطريق الصاعدة فيما يشبه خطوة أولى فزلقت وتدحرج حملها ، وتشبَثتْ بالطريق
بساق واحدة وهي تنظر إلى الأعلى وإلى الخلف ، تخيلتُها تنظر إليّ فخفق قلبي ،
وتفحصْتُ الطرق كلها فزاد خفق قلبي ، فرَحا هذه المرة عندما رأيت الكثير منهم
قادمين مسرعين لنجدتها ! كيف أتوْا بهذه السرعة ؟ ومن أين ؟
نعم من أين ؟! وأنا أرقب كل المفارق والطرقات من مكاني !!
وصلوا إليها ، وبعضهم ينوء بالأحمال مثلها وبعضهم أكثر . جاءت النجدة وتمت المساعدة ، ووقف الجميع صفا منتظما خلفها ، كل ينتظرُ دوره . أما هي فقد استأنفت
الصعود . والتسلق ، بمساعدة صديقة لها أو صديق ، حتى وصلتا /وصلا الطريقَ العلويَ المفضي إلى نفق ما في مكان ما في المنطقة الممتدة أمامهما .. بينما الجميع يواصلون المَهمة بين نجاح وفشل يتبعه نجاحٌ وهكذا ، وأنا أهز رأسي طربا وحزنا ويأسا وغضبا .
في شرعتنا : أنا وأخي على ابن عمي ، وأنا وابن عمي على الغريب ولا نفعل!!
وفي شرعتهم : الفرد للجماعة والكل للفرد والجماعة للجماعة لم أسمع صوت الباب وهو يفتح ، وكل ما رأيته إصبعا تحمل كتلة صغيرة من المعجون الأبيض ، تمتد فوق حافة حوض الاستحمام المصنوع من خزف البورسلين الصقيل ، لتسد بعض الثقوب .
___________
حنان الاغا
8-12-2006

حسام القاضي
11-12-2006, 05:32 PM
الأخت الفاضلة الأديبة / حنان الأغا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شدتني بدايتك القوية للمتابعة بترقب كبير حتى النهاية ، لا اخفيك سراً لو قلت لك أنني سرت في أكثر من طريق..
في أول الأمر ظننتها امرأة ، بل وظننتها تنتمي لتنظيم ما ، عندما ظهر من يحمل عنها حملها ليكمل الطريق وتعود هي..
تجاذبتني الظنون بعد ذلك أكثر من مرة حتىاهتديت لكنهها ، وذلك في ما قبل النهاية ، سرد مشوق ومتقن ضمنته رسالة واضحة ليتها تكون كذلك بين بني البشر .
عمل رائع .

تقديري واحترامي .

محمد سامي البوهي
11-12-2006, 06:55 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة.

الأديبة / حنان

النص من انصوص الرمزية ، أو انه أشبه بمسدس كاتم للصوت ، فظل يحبس أنفاسه حتى أظهر تنفسه عن الفكرة بالنهاية ، لعب عنصر التشويق دورا هاماً في النص ، وكانت النهاية من النهايات المفاجئة .

ما آخذه عليك :

- أولا استخدامك لحروف العطف بكثرة بين فواصل الجمل ، وذلك يفصل الحدث عن اللغة ، فيكتفى بالفصلة .
(سارت بحملها متثاقلة بحذاء الجدار الصقيل ، و كادت أرجلها أن تنفسخ لثقل ما تحمل)
(في طريقها نحو الزاوية التقت بزميلة لها ، ولعلها جارة أو قريبة ) .
مجرد رأي

دمت مبدعة

مصطفى بطحيش
12-12-2006, 12:52 AM
القاصة المجيدة حنان الآغا

طريقة السرد مثيرة ومشوقة , واللغة بسيطة ...., الوصف كان يجرد المكان والزمان و الفعل و الفاعل من خصوصيته ليركز على المنهج والهدف, لم تفصحي عن النملة واخواتها , ولكنك اشرت اليها وتركت للقاريء ان يعمل فكره , قصتك ناجحة عموما

لك التحية والتقدير

وفاء شوكت خضر
12-12-2006, 01:13 AM
الأديبة القاصة / حنان الآغا ..

لن أعلق على النص ، لكني أعلنها .. أبدعت .
كنت أقرأ القصه باهتمام بالغ ، اللغة قوية ، أسلوب يشد القارئ بطريقة سحريه ، لم أستطع حتى التقاط أنفاسي وأنا أتابع سردك الجميل .
نهاية فاقت الروعة ، وقصة هادفة وهذا الأهم .

أسجل إعجابي ..
سأتابعك بشغف عميق .

مادلين يوحنا
12-12-2006, 09:09 AM
الاخت حنان/

صور رمزية رافقتني للنهية ابدعت


مودتي

حنان الاغا
12-12-2006, 03:44 PM
الأخت الفاضلة الأديبة / حنان الأغا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شدتني بدايتك القوية للمتابعة بترقب كبير حتى النهاية ، لا اخفيك سراً لو قلت لك أنني سرت في أكثر من طريق..
في أول الأمر ظننتها امرأة ، بل وظننتها تنتمي لتنظيم ما ، عندما ظهر من يحمل عنها حملها ليكمل الطريق وتعود هي..
تجاذبتني الظنون بعد ذلك أكثر من مرة حتىاهتديت لكنهها ، وذلك في ما قبل النهاية ، سرد مشوق ومتقن ضمنته رسالة واضحة ليتها تكون كذلك بين بني البشر .
عمل رائع .
تقديري واحترامي .
____________________________-
الأستاذ حسام
تحياتي لك
سرني تعليقك جدا ، وجميلة هي الطريقة التي عبرت فيها عن متابعتك لمراوغة النص
نعم أنا كتبتها وأنا لدي هذا الشعور !
فهم تنظيم حقيقي سبحان الله !
أشكرك للتعديل ، وأرجو أن تعلم أيها الأخ الأديب أن ملاحظتك أسعدتني ووجودها هنا ما كان ليزعجني أبدا
شكرا من القلب

حنان الاغا
12-12-2006, 03:53 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة.
الأديبة / حنان
النص من انصوص الرمزية ، أو انه أشبه بمسدس كاتم للصوت ، فظل يحبس أنفاسه حتى أظهر تنفسه عن الفكرة بالنهاية ، لعب عنصر التشويق دورا هاماً في النص ، وكانت النهاية من النهايات المفاجئة .
ما آخذه عليك :
- أولا استخدامك لحروف العطف بكثرة بين فواصل الجمل ، وذلك يفصل الحدث عن اللغة ، فيكتفى بالفصلة .
(سارت بحملها متثاقلة بحذاء الجدار الصقيل ، و كادت أرجلها أن تنفسخ لثقل ما تحمل)
(في طريقها نحو الزاوية التقت بزميلة لها ، ولعلها جارة أو قريبة ) .
مجرد رأي
دمت مبدعة
___________________
الأخ الأديب البوهي
تحية طيبة .
شكرا لردك ولرأيك في النص ، وهو مما يسعدني .
أما ما يتعلق بالمآخذ ، فهو أيضا يسعدني ولا يزعجني
وأحترم وجهات النظر جميعها .أما رأيي فهو :
____
(سارت بحملها متثاقلة بحذاء الجدار الصقيل ، و كادت أرجلها أن تنفسخ لثقل ما تحمل)
لو اكتفينا بالفصلة هنا لبترت الجملة (مجرد رأي وقد أكون غيرمصيبة)
____
(في طريقها نحو الزاوية التقت بزميلة لها ، ولعلها جارة أو قريبة )
المقصود هنا استدراك . قلت زميلة ثم استدركت بقولي ولعلها
أي أنها ليست بمعنى العطف .
شكرا لك
أختك حنان

سحر الليالي
12-12-2006, 06:13 PM
حنان إعذريني تاخرت في معانقة هذه الرائعة

دوما مبدعة

لك ودي وباقة ورد

حنان الاغا
12-12-2006, 07:59 PM
القاصة المجيدة حنان الآغا
طريقة السرد مثيرة ومشوقة , واللغة بسيطة ...., الوصف كان يجرد المكان والزمان و الفعل و الفاعل من خصوصيته ليركز على المنهج والهدف, لم تفصحي عن النملة واخواتها , ولكنك اشرت اليها وتركت للقاريء ان يعمل فكره , قصتك ناجحة عموما
لك التحية والتقدير
________________________________
الأخ الأديب مصطفى بطحيش
شكرا لك أخي ، لرأيك وتقديرك . تحياتي

حنان الاغا
12-12-2006, 08:04 PM
الأديبة القاصة / حنان الآغا ..
لن أعلق على النص ، لكني أعلنها .. أبدعت .
كنت أقرأ القصه باهتمام بالغ ، اللغة قوية ، أسلوب يشد القارئ بطريقة سحريه ، لم أستطع حتى التقاط أنفاسي وأنا أتابع سردك الجميل .
نهاية فاقت الروعة ، وقصة هادفة وهذا الأهم .
أسجل إعجابي ..
سأتابعك بشغف عميق .
_______________________
العزيزة وفاء
أيتها الأديبة الرائعة
أحيانا يتخذ السرد لنفسه مسارا لا نعرف إلى أين يؤدي
وأحيانا نرى أن بعض النصوص نابع من موقف أو مشهد أو ملاحظة عابرة إلا أنها تترك صورتها
والنمل دائما يثير شهيتي للمراقبة ويأخذ مني وقتا
عالم عجيب

حنان الاغا
13-12-2006, 05:29 PM
الاخت حنان/
صور رمزية رافقتني للنهية ابدعت
مودتي
_____________________________
مادلين يوحنا
كل التحيات لك أيتها العزيزة
وإن حدث خلل في ترتيب ردودي فأرجو المعذرة .
شكرا لتعقيبك

حنان الاغا
13-12-2006, 05:31 PM
حنان إعذريني تاخرت في معانقة هذه الرائعة
دوما مبدعة
لك ودي وباقة ورد
_________________________
العزيزة سحر الليالي

عذر مقابل عذر ، انتهت الأعذار .
سيدتي أنا أشكرك جدا لهذا الإطراء المفعم ذوقا وجمالا .
ووردك مقبول مع تحية