تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : هل بقي للشعـر دور يلعبه في عصرنا ؟



عبد القادر رابحي
18-12-2006, 06:23 PM
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد و على آله و صحبه..أما بعد:

بودي ان أستأذن أدباء و شعراء الواحة الكريمة في طرح موضوع هو بالنسبة لي في غاية من الأهمية على اعتبار أن كل أدباء الواحة الأكارم معنيون به بصورة مباشرة لأننا نمارسه جميعا بصفة يومية..
و هذا الموضوع هو:
هل بقي للشعر دور يلعبه في عصرنا الحاضر؟
و بصورة أخرى:
ما معنى أن يكتب الشاعر؟
و ماذا يكتب؟
و لمن يكتب؟
و هل لكتابته تأثير على واقعه المحيط به مباشرة؟
أم أن ممارسة الكتابة هي مجرد تفتّج لمثقفين بعيدين عن الواقع
هاربين منه..و هم في كل الحالات مجرد وصافين سلبيين له
و هل هناك جدوى من ممارسة الكتابة ، و ممارسة كتابة الشعر خاصة؟
طبعا.. المسألة قد تتجاوز الآطار الإبداعي البحت إلى ما يحيط به من اطر مؤثرة فيه و متأثرة به..
و هي تطرح كذلك إشكالية القراءة، و هل بقي للشعر قراء يؤمنون به؟
و يؤمنون بدوره في تغيير الواقع بصورة أو باخرى؟
هذا بالإضافة إلى إشكاليات أخرى قد تطرحها حالة النقاش العام الذي أتمنى أن يكون على شاكلة المساجلة الشعرية ، و لكن حول الشعر و ليس بالشعر
شدّ انتباهي امران يبدوان لي هامين و هما:
1ـ العدد الهائل للشعراء الذين شاركوا في المساجلة الشعرية التي فتحها الدكتور جمال مرسي
2ـ وصول الواحة إلى عدد5000 قصيدة بنشرها لقصيدة المجدوب المشراوي الأخيرة..
هل طرحنا على أنفسنا سؤالا يتمثل في :
ما جدوى هذا الكم الهائل من القصائد..؟؟؟
هل هي مجرد تجميل و ماكياج لهزائمنا المختلفة، و تغطية مسلّية لواقعنا المرير؟
أم أن هذا الكم الهائل يحمل في طياته مقومات تغيير ما؟؟
أشكر أدباء الواحة بدايةً على المشاركة و على إثارة النقاش

د. محمد حسن السمان
24-12-2006, 09:27 PM
سلام الـلـه عليكم
الأخ الفاضل الأديب رابحي عبد القادر

لقد أثرت نقطة هامة جدا , وتزداد أهمية هذه النقطة الحوارية , كونها تطرح في ملتقى الواحة الثقافية , الذي يضم نخبة كبيرة , من الشعراء الرائعين , وحيث كما اشرت أن القصائد المنشورة في الواحة قد وصلت الى 5000 قصيدة , منذ فترة .
الشعر فن من فنون الأدب , بل هو واسطة العقد , انه التأكيد على تراث الأمة , ومرآة حياتها الاجتماعية والفكرية والسياسية , والشعر العربي , هو الاكثر خصوصية , والأكثر تميّزا , فهو درة التراث العربي , والمفخرة الاسمى , وعندما أخذت الواحة على عاتقها , العودة بالشعر العربي , الى اصالته وهويته , فهي تساهم في احياء التراث , والتأكيد على الهوية .
الشعر العربي مرّ بحالات متفاوتة , من التأثير على مدى التاريخ , ونحن حاليا في مرحلة الاعلام الفضائي , وبروز مؤثرات جديدة في المجتمع , انحسر معها , دور الشعر العربي في التأثير .
لابد لي من عودة للموضوع .

اخوكم
السمان

عبد القادر رابحي
03-01-2007, 03:26 PM
أخي الأديب الفاضل محمد حسن السمان
تحية عطرة
و عيد مبارك
قرأت ردك على المساءلات التي طرحتها بخصوص دور الشعر في حياتنا المعاصرة و جدواه..
انا أنتظر عودتكم للموضوع
و ردكم عليه
أشكركم جزيل الشكر
و لي عودة إن شاء الله

محمد الأمين سعيدي
16-01-2007, 05:58 PM
أستاذ رابحي شكرا على هذه التساءلات و على هذا الموضوع الذي طرقته و الذي يلمس الجرح العظيم الذي طالما أعيا مسيرتنا الكتابية ..

شعراء الواحة كثر لكن ...

من منهم يضمن أنه لا يمشي عكس زمنه بقرن على الأقل ..

أستاذ رابحي شكرا على هذا الطرح الجميل و لنا عودة له ..

نادية بوغرارة
17-01-2007, 04:37 PM
السلام عليكم

أشكرك على طرح الموضوع الذي طالما فكرت فيه ،

و لازلت، تراودني نفس الأسئلة التي عرضت علينا ،

لا تراودني فقط ، بل تسكنني ...

لا شك أن الشعر لا بد أن يكون له دور في حياتنا اليوم ،

لا بد أن يؤرخ لواقعنا و يستشرف مستقبلنا ،

بل يمكن أن يصل إلى كشف مكامن الضعف فينا ،

و يصف لنا العلاج.

الحقيقة أنني لم أومن يومنا بشعر الفذلكة و استعراض

العضلات اللغوية ، و الجمل الغريبة و المصطلحات القديمة،

التي يحتاج القارئ لمعجم ليفهم معاني القصيدة،

و ياليته يفهم ، بل يرى نفسه يبحر في غموض و مجاز مبهم.

إن واقعنا يحتاج للكلمة المناضلة ، لترن في أذهان جيلنا

و توقظه من غفلته، و ترجه رجا عنيفا لتخرج منه موات همته،

و تضعه من جديد على طريق الفوز و النصر.

إذا لم يكن للشعر دور فلا كان الشعر

أسماء حرمة الله
31-01-2007, 07:49 PM
سلام اللـه عليك ورحمته وبركاته

تحيـة قطفتُها من حدائق البنفسج



الكريم عبد القادر رابحي،

شكراً لكَ أيّها الشاعر الصادق على هذه الشرفة المزهرة، وبارك بك ربّي وبغيرتك على الشّعر وعالمـه، على الأدب وزمنه الجميل .

توقفتُ كثيراً عند كثيرٍ من النقاط التي أوردتَها، وبردود الأحبّة جميعاً، ولمتُ نفسي لأنّي تأخرتُ عن موكب النقاء هذا، هذا الموكب الذي ينقلنا من عوالم شاحبة إلى أخرى مفتوحة على الشروق .

طرحتَ مجموعةً من الأسئلة في غاية الأهمّية، سأحاول قدر استطاعتي الرّدّ على كل سؤال على حدة . والشكرُ موصول لكَ وللأحبة الذين أثروا الموضوع .


- ما معنى أن يكتب الشّاعر ؟ ماذا يكتب ؟ لمن يكتب ؟

تُحيلنا هذه الأسئلة إلى تساؤلات جان سارتر، حين تساءل: ما الأدب ؟ لمن نكتب ولماذا ؟ وما مدى موقف الكاتب بالعالم المحيط به ؟
وهي تساؤلات لا يمكن أن تختفي من ذهن الشاعر أو الكاتب عموماً، قبلَ عملية الكتابة/ أثناءَها/ وبعدَها، هي أسئلة تظلّ ممتزجةً بأنفاسه، وعلى الدوام .

يكتب لمنْ :

* للأحلامِ التي تشكلّ ألوانَ لوحاته، دواتَه، حبرَه وأنفاسَ أنفاسه !
* للآمال التي تلوّح له من وراء الأفق، حتّى وإن بدا الأفقُ غائماً .
إن لم يكن له رصيدٌ من الأحلام رغمَ المثبّطات والعراقيل التي تكبّل خطوَه، بل وتكسر قلمَه أحياناً، فسينتهي قبلَ أن يبدأ ! رصيدٌ من الأحلام والآمال، رصيدٌ وكبيرٌ من الصبر، رصيدٌ من الإيمان، كل ذلك هو بمثابةِ مخزونٍ مهمّ للشاعر، حتى يستطيع أن يُنتِج، أن يكتب، أن ينسكب حتّى وإن كان ينازع !
* للآخر، لأنّ أيّ نص هو "مكتوب لأجل قارئ"، إضافةً إلى أنّ كل شاعر وهو ينسكب/ وهو يحترق/ وهو يعاني آلامَ المخاض حين يكتب، يضع نُصبَ عينيه المتلقي المثالي الذي سيتلقّى نصّه، ويتفاعل معه، ويقف إلى جواره جنباً إلى جنب، من أجل غرس زمن الإحساس والقيم الجميلة .
* للزمن الجميل، حتّى وإن كان حفلُ قطافـه قد تأخّر .

يكتب لماذا ؟

* ليهَبَ المعاني السامقة روحاً، ليهَبَ للزمن الجميل عمراً، ليدافع عن مبادئَ تعيش فيه ويعيش بها، ليُعيد الثقة إليها، ليحاربَ الزمن المرّ بكل ما استطاع من قوة، أوعلى الأقلّ ليغيّر ولوْ بعضَ ما يشوّه أحلامَ زمنه الجميل الذي ينتظره . وقبلَ كلّ ذلك ومعـه، يكتب من أجل تطهير ذاته من كل قسوةٍ محتملة .
لماذا يكتب أيضاً ؟ يكتب لتنظيم العالم كما قال سارتر، لبناء ثقةٍ بين الكاتب والقارئ، ثقةٍ تحمل وجوديْهما معاً إلى وجودٍ يحترمهما ويحترم وجودَيْهما .

- هل للكتابة تأثير على واقع الشاعر المحيط به بشكل مباشر ؟

الكتابةُ فعلٌ، والتأثّر ردّ فعل ينجم عن العلاقة التي تُبنَى بين الكاتب والقارئ، فإذا لم يحدث تأثّر وتأثير، فإن العمل الأدبي/ القصيد/ النص يكون فاشلاً، لأنّ الرسالة التي أراد بعثَها لم تصل. فالعرب قديماً حين كانوا يكتبون شعراً، كانوا يفعلون ذلك لوجهين: يشبّهون كل شيء ليعجبوا بحسن التشبيه، ولإحداث أمرٍ في النفس يعد به إلى انفعال، حتّى ينحو بما يكتب منحى التعجيب والإغراب كما قال حازم .

إنّ وظيفةَ الشاعر/ الكاتب في تغيير الواقع أو في محاربةِ صوره المشوّهة، لايمكن أن تنجح إلاّ إن كان الصدقُ الملهمَ والمحرّكَ لأحاسيسه وأفكاره، بل والغيمة التي تسقي خطوَه قبلَ أن تسقي حبرَه، ولكننا نجد رغمَ ذلك، رغمَ أنّ الصدق يتأبّط ذراع كثير من الكتّاب والشعراء، فإن رسائلهم/ قصائدهم/ نصوصهم تؤثّر في واقعنا حيناً، وحيناً آخر نراها قد أخفقتْ، رغم أنها لاتخفق البتّة في إضاءة الأمل بداخلنا، في غرس مساحات الصبر والحلم فينا، بل وحراستها من الانطفـاء . ربما لأن التغيير لا يتأتّى دفعةً واحدة، بل يحتاج لاجتياز مراحل وفترات وفصول، تماماً كالنجاح في الحياة .

- هل هناك جدوى من ممارسة الكتابة، وممارسة الشعر خاصةً ؟

بالرغم من أن قطّاع الحلم كثُر، ورغمَ أنّ سارقي الأمل في ازديادٍ مستمرّ كتزايد الآلام والمآسي، فإنّ الكتابة لا يمكنها أن تفقد مصداقيتها ولا قيمتَها ولاغاياتها النبيلة. ربّما يفقد الكاتب / الشاعر – في فترات معيّنة ولأسباب ما- القدرةَ على حراسة الحلم، على إعادة البريق نفسِه للأمل الساكن بأعماقه، ربّما يتعثّر أحياناً حين تتعثّر بداخله خطواتُه، ولكنّ الكتابة أبداً لاتموت ولاتموت غاياتها، لاتفقد "بريقَها" مهما حدث، تبقى هي الحقيقة الراسخة الثابتة وإن تزلزلتْ أشياء كثيرة من حولنا وبداخلنا .

الكتابةُ كائنٌ حيّ يعيش بداخل كلّ كاتب، احتراق، مخاضٌ عسير، يخرج الكاتب / الشاعر منه بصرخةِ الوجود، الكتابة تظلّ هي الأجنحة التي تنقله إلى أوطانٍ زارها وإلى أخرى لم يزرها بعدُ، يتمنى أن يدخلها منتصراً ومعه الزمن الجميل هانئ البال، الكتابة هي الدم الذي يجري في عروقه، هي الحياة التي تُجدّد بداخله فورةَ الحياة إذا هدأتْ بين ضلوعه، هي الورقةَ التي تحمله بين دفّتيْها، فتتحمّله وتتحمّل حكاياه بصبر وصمت.

لايمكن أن نتحدث عن " لا جدوائية" الكتابة، مهما تأخّرتْ بذور التغيير في النموّ، ومهما تعطّلت المراكب التي تحمل القطاف، لأن الكتابةَ قبل أن تكون جسراً بين الكاتب والواقع، فهي جسر بين الكاتب وذاته، هي رسالةٌ يحملها الكاتب لروحه قبل أن يحملها للعالم الآخر، هي تشبه ما تفعله التراجيديا بالمشاعر الإنسانية من عملية تطهيرٍ كلّي لدواخلنا، اكتشافٍ للأماكن القصيّة فينا التي لم نصل إليها بعدُ. ولا يعني أنّ فشل الكتّاب أحياناً في تغيير بعض سمات هذا الزمن المرّ، أنّ العيب فيهمْ أو فيما يكتبون، أو في رحلة الكتابة التي تكبّدوها إلى عوالم الأمل في غدٍ أجملَ، غد تختفي معه الآلام والحروب والمآسي، ويختفي الوجعُ المرير من خارطة العالم .

والشعرُ، هذا الكائنُ الرقيق المشاكس، هذا الطفلُ المشاغب تارةً والحكيم تارةً أخرى، هذا النايُ الذي يعزفُ صاحبَه، فتنعكسُ الألحان على ملامح الواقع كما ينعكس ضوء القمر على صفحات الماء، هذا الكائنُ المسمّى : حياة، ليسَ "أغنية يسلّي الشاعر بها نفسَه" كما قيل على لسان أحد المفكّّرين، بل هو تهذيبٌ للذائقة وللشعور وللعقل، وتعليمٌ و بناءٌ للذات الكاتبة والقارئة على السواء، قبلَ أن يكونَ بناءً لأزمنةِ الخير، لأزمنةٍ يعيش الشاعر من أجلها ومن أجل تحقيقها، سواء عاصرَ تحقَّقَها أم لا، المهمّ أنّ تلك الأزمنةَ واقعٌ متحقّق ولكنّه مؤجَّل، سيكتمل في موعدٍ محدّد يقدّره الرحمن .

كم أتخيّل الشعرَ جالساً قربَ المدفأة، يتدفأ أحياناً بانتصاراته، وأحياناً أخرى يذرف خيباته، وهو يرى نفسَه وفريقَه، تارةً مضمّخينَ بالفوز، وتارةً مضرّجينَ بالخسران ! بيْد أنّ هذا ديدن الحياة، لكنّ الشّعرَ لم يفقد بريقَه ولن يفعل، حتّى وإن علا وجهَه الملائكي بعضُ رماد، أو جرحَ أناملَه الرقيقة وخزٌ ! ما يزال مصرّاً وسيبقى، على مواصلة الرحلة، والغلبةُ بإذن الله ستكون له ولأنصاره !

- هل بقي للشعر قرّاء يؤمنون به، وبدوره في تغيير الواقع بصورة أو بأخرى ؟

الشعرُ يُعمّقُ وعي المتلقّي بالواقع، بكلّ ما فيه من أحداث مؤلمة وآمال مؤجّلة .
لن أنكرَ أنّ المستهزئين بقيمته كثيرون، لن أنكرَ بأنّ المقلّلينَ من شأنه أكثر من أن تعدّهم أصابع اليد، وأولاءِ أشبّههم بمن يحيا بلا روح، بمَن ينكر ضوءَ الشمس وهو يراه بأمّ عينيْه، بمن ينكر شذا الورد، رغم أنه يداعب أنفاسَه ويبعث بروحه الرّوح، بمَن ينادم النجومَ كلّ ليلـة، وهو ينكر بريقَ عيونها ! زمنُنا هذا ليس مثلَ الزمن الذي كان يُنزَّل فيه الشاعرُ منزلة النبي، ينقادون لحكمه جميعاً، ولكنّه أيضاً لم يخلُ من المؤمنين به حدّ التوحّد، المؤمنين بقيمته، بوظيفته، القارئين له بعين القلب، الغافين على كتفه، هم كالعصافير الجميلة تغرّد يوماً بعد يوم وبلا توقّف، لا أتحدث عن أشباه الشعراء بل عن الشعراء الحقيقيين، الذين يكتبون بالصدق وله، يتدفّقون به وله، في كل غرضٍ وفكرة، في كل لوحة وهمسة، وواحتنا خير شاهدٍ على ذلك، هي موطنُهم وميناءٌ أيضاً لمَن لم يفِد بعدُ منهمْ، ميناءٌ ينتظر باقي الوافدين من الشعراء الصادقين إليها ..

لعلّ مشكلَتنا أيها الشاعر الصادق، أنّ التفرّقَ لا يحدث على مستوى الأمّة وحسبُ، بل وعلى مستوى الإبداع أيضاً ! كم من شاعر وناثر يتفيّأون ظلال الصدق والجمال، بعضُهم يوزّع غيماته الممطرةِ نقاءً بعيداً عنّا، وبعضُهم مستسلمٌ لغيماتٍ خرساء، سكنَها حدّ التوحّد حينَ سكنتْه مآسي العالم فأخرستْه !


- هل هي مجرّد تجميل لهزائمنا المختلفة ؟ أم تحمل في طيّاتها مقومات لتغيير ما ؟

لن أخفيكَ، أنّه كثيراً ما كنتُ أسأل نفسي السؤالَ نفسَه، وكدتُ أراها كذلك في لحظاتِ انطفاء البريق فينا، ونحن نرى العالمَ الجميلَ الذي بنيناه بأحلامنا، وسقيناه وهدهدناه، جريحاً ينزفُ بين أيدينا، ونحن نرى الزمنَ المرّ يشتدّ عودُه : حروبٌ ودمارٌ ودماءٌ بريئة تُراق، ومشاعر تُغتال ومبادئ تُطعَن، والقمرُ من جذوة الغضب غائب ! لكنْ لا، لن يكون الشعرُ تجميلاً لهزائمنا المختلفة مهما كانت الرحلة قاسية، مهما كانت الألوان شاحبة والطرقاتُ معتمة إلاّ من طيفِ نور، مهما انطفأت الأحلامُ تترى، فربّما نجد حلماً لم يضعْ في الزحام، حلماً يضيء ما اسودّ من عالمنا، حلماً ولو كان صغيراًً، ينتظرنا عند مفترق الطرق أو عند خطّ الوصول، مُضاءً بقبس الصبر، ببسمةٍ ترمّم ولوْ جزءاً متناثراً من أجزاء عالمنا المرّ !


حديثٌ ذو شجون وربّي ! ليحمِكَ اللـهُ أيها الكريم
شكراً لك واعذرني على الإطالـة



خالص تقديري :0014:
وألف طاقة من الورد والندى

د.إيهاب النجدي
01-02-2007, 07:54 PM
الأديب الفاضل عبد القادر ربحيتحية تقدير وثناء وافر على طرح هذا الموضوع المهم, والذي يتجدد طرحه كلما استحكمت الأزمات السياسية والثقافية وعصفت بالأمم , إذ يصبح الفن كله والفكر كله في مهب سؤال الجدوى.
وهذا لا يعني اختفاؤه تماما في أيام العافية , لكن الظلال المصاحبة تختلف من حال إلى أخرى
سؤال الجدوى مهم ومتجدد

وأعجبني هنا _ كالعادة _ تجليات أديبتنا الرائعة أسماء حرمة الله حول أسئلة الموضوع
واسمحوا لي أن أستدعي من تراثنا إجابة شعرية
أبدعها صاحب " العمدة " ابن رشيق القيرواني ( ت . 463 ه ) وماهو من أسماء ببعيد , يقول :


الشـعر شيء حسن ليس به من حــرج
أقل ما فيه ذهـاب الهم عن نفس الشجي
يحكم في لطـــافة حل عقــــود الحجج
كم نظرة حسنهـــا في وجه عذر سمج
وحرقـة بردهـــا عن قلب صب منضج
ورحمــة أوقعهــا في قلب قاس حرج
وحاجـة يسرهــــا عند غـــزال غنــج
وشــاعر مطــرح مغلـق بـاب الفــرج
قربــه لســـانــه من مــلك متـــــــوج
فعلمــوا أولادكم عقــار طب المهــج

ابن رشيق القيرواني

عبد القادر رابحي
02-02-2007, 06:14 PM
أستاذ رابحي شكرا على هذه التساءلات و على هذا الموضوع الذي طرقته و الذي يلمس الجرح العظيم الذي طالما أعيا مسيرتنا الكتابية ..
شعراء الواحة كثر لكن ...
من منهم يضمن أنه لا يمشي عكس زمنه بقرن على الأقل ..
أستاذ رابحي شكرا على هذا الطرح الجميل و لنا عودة له ..
اخي محمد الأمين..
تحية طيبة..
و بعد:

أشكر لك اهتمامك بهذه الأسئلة التي طالما أرقت كبار الأدباء والشعراء..

وأعيب مسيرة كتاباتهم..كما قلت...
أتمنى أن تعو لمناقشة هذا الموضوع
و تدلي بدلوك...
اشكر للخت نادي المغربية مرورها الكريم.. و رأيها
كما أشكر للخت أسماء حرمة الله مداخلتها القيمة
كما للأستاذ إيهاب مداخلته...
و ساعود إن شاء الله إلى الرد عنهم ..
و أتمنى أن يتدخل أساتذتنا الأفاضل في إثراء هذا الموضوع..
و ششكرا..

عبد القادر...

عبد القادر رابحي
29-03-2007, 06:26 PM
السلام عليكم
أشكرك على طرح الموضوع الذي طالما فكرت فيه ،
و لازلت، تراودني نفس الأسئلة التي عرضت علينا ،
لا تراودني فقط ، بل تسكنني ...
لا شك أن الشعر لا بد أن يكون له دور في حياتنا اليوم ،
لا بد أن يؤرخ لواقعنا و يستشرف مستقبلنا ،
بل يمكن أن يصل إلى كشف مكامن الضعف فينا ،
و يصف لنا العلاج.
الحقيقة أنني لم أومن يومنا بشعر الفذلكة و استعراض
العضلات اللغوية ، و الجمل الغريبة و المصطلحات القديمة،
التي يحتاج القارئ لمعجم ليفهم معاني القصيدة،
و ياليته يفهم ، بل يرى نفسه يبحر في غموض و مجاز مبهم.
إن واقعنا يحتاج للكلمة المناضلة ، لترن في أذهان جيلنا
و توقظه من غفلته، و ترجه رجا عنيفا لتخرج منه موات همته،
و تضعه من جديد على طريق الفوز و النصر.
إذا لم يكن للشعر دور فلا كان الشعر
الأخت الكريمة نادية المغربية
سعدت لمرورك كثيرا
معذرة لكل هذ التأخر عن الرد
و رد دين علي..
قرات.. و استفدت من كلماتك الرقيقة الصادقة الثائرة..
فإن كان الشعر يقعل في الناس غير القيم و المبادئ التي نطمخ إلى تحقيقها ...
فما الجدوى من كتابته...
أتابعك ...
بوركتِ

أخوك اللمخلص المعتذر عن تأخره في الرد
عبد القادر

عبد القادر رابحي
22-09-2008, 12:21 AM
سلام اللـه عليك ورحمته وبركاته
تحيـة قطفتُها من حدائق البنفسج
الكريم عبد القادر رابحي،
شكراً لكَ أيّها الشاعر الصادق على هذه الشرفة المزهرة، وبارك بك ربّي وبغيرتك على الشّعر وعالمـه، على الأدب وزمنه الجميل .
توقفتُ كثيراً عند كثيرٍ من النقاط التي أوردتَها، وبردود الأحبّة جميعاً، ولمتُ نفسي لأنّي تأخرتُ عن موكب النقاء هذا، هذا الموكب الذي ينقلنا من عوالم شاحبة إلى أخرى مفتوحة على الشروق .
طرحتَ مجموعةً من الأسئلة في غاية الأهمّية، سأحاول قدر استطاعتي الرّدّ على كل سؤال على حدة . والشكرُ موصول لكَ وللأحبة الذين أثروا الموضوع .
- ما معنى أن يكتب الشّاعر ؟ ماذا يكتب ؟ لمن يكتب ؟
تُحيلنا هذه الأسئلة إلى تساؤلات جان سارتر، حين تساءل: ما الأدب ؟ لمن نكتب ولماذا ؟ وما مدى موقف الكاتب بالعالم المحيط به ؟
وهي تساؤلات لا يمكن أن تختفي من ذهن الشاعر أو الكاتب عموماً، قبلَ عملية الكتابة/ أثناءَها/ وبعدَها، هي أسئلة تظلّ ممتزجةً بأنفاسه، وعلى الدوام .
يكتب لمنْ :
* للأحلامِ التي تشكلّ ألوانَ لوحاته، دواتَه، حبرَه وأنفاسَ أنفاسه !
* للآمال التي تلوّح له من وراء الأفق، حتّى وإن بدا الأفقُ غائماً .
إن لم يكن له رصيدٌ من الأحلام رغمَ المثبّطات والعراقيل التي تكبّل خطوَه، بل وتكسر قلمَه أحياناً، فسينتهي قبلَ أن يبدأ ! رصيدٌ من الأحلام والآمال، رصيدٌ وكبيرٌ من الصبر، رصيدٌ من الإيمان، كل ذلك هو بمثابةِ مخزونٍ مهمّ للشاعر، حتى يستطيع أن يُنتِج، أن يكتب، أن ينسكب حتّى وإن كان ينازع !
* للآخر، لأنّ أيّ نص هو "مكتوب لأجل قارئ"، إضافةً إلى أنّ كل شاعر وهو ينسكب/ وهو يحترق/ وهو يعاني آلامَ المخاض حين يكتب، يضع نُصبَ عينيه المتلقي المثالي الذي سيتلقّى نصّه، ويتفاعل معه، ويقف إلى جواره جنباً إلى جنب، من أجل غرس زمن الإحساس والقيم الجميلة .
* للزمن الجميل، حتّى وإن كان حفلُ قطافـه قد تأخّر .
يكتب لماذا ؟
* ليهَبَ المعاني السامقة روحاً، ليهَبَ للزمن الجميل عمراً، ليدافع عن مبادئَ تعيش فيه ويعيش بها، ليُعيد الثقة إليها، ليحاربَ الزمن المرّ بكل ما استطاع من قوة، أوعلى الأقلّ ليغيّر ولوْ بعضَ ما يشوّه أحلامَ زمنه الجميل الذي ينتظره . وقبلَ كلّ ذلك ومعـه، يكتب من أجل تطهير ذاته من كل قسوةٍ محتملة .
لماذا يكتب أيضاً ؟ يكتب لتنظيم العالم كما قال سارتر، لبناء ثقةٍ بين الكاتب والقارئ، ثقةٍ تحمل وجوديْهما معاً إلى وجودٍ يحترمهما ويحترم وجودَيْهما .
- هل للكتابة تأثير على واقع الشاعر المحيط به بشكل مباشر ؟
الكتابةُ فعلٌ، والتأثّر ردّ فعل ينجم عن العلاقة التي تُبنَى بين الكاتب والقارئ، فإذا لم يحدث تأثّر وتأثير، فإن العمل الأدبي/ القصيد/ النص يكون فاشلاً، لأنّ الرسالة التي أراد بعثَها لم تصل. فالعرب قديماً حين كانوا يكتبون شعراً، كانوا يفعلون ذلك لوجهين: يشبّهون كل شيء ليعجبوا بحسن التشبيه، ولإحداث أمرٍ في النفس يعد به إلى انفعال، حتّى ينحو بما يكتب منحى التعجيب والإغراب كما قال حازم .
إنّ وظيفةَ الشاعر/ الكاتب في تغيير الواقع أو في محاربةِ صوره المشوّهة، لايمكن أن تنجح إلاّ إن كان الصدقُ الملهمَ والمحرّكَ لأحاسيسه وأفكاره، بل والغيمة التي تسقي خطوَه قبلَ أن تسقي حبرَه، ولكننا نجد رغمَ ذلك، رغمَ أنّ الصدق يتأبّط ذراع كثير من الكتّاب والشعراء، فإن رسائلهم/ قصائدهم/ نصوصهم تؤثّر في واقعنا حيناً، وحيناً آخر نراها قد أخفقتْ، رغم أنها لاتخفق البتّة في إضاءة الأمل بداخلنا، في غرس مساحات الصبر والحلم فينا، بل وحراستها من الانطفـاء . ربما لأن التغيير لا يتأتّى دفعةً واحدة، بل يحتاج لاجتياز مراحل وفترات وفصول، تماماً كالنجاح في الحياة .
- هل هناك جدوى من ممارسة الكتابة، وممارسة الشعر خاصةً ؟
بالرغم من أن قطّاع الحلم كثُر، ورغمَ أنّ سارقي الأمل في ازديادٍ مستمرّ كتزايد الآلام والمآسي، فإنّ الكتابة لا يمكنها أن تفقد مصداقيتها ولا قيمتَها ولاغاياتها النبيلة. ربّما يفقد الكاتب / الشاعر – في فترات معيّنة ولأسباب ما- القدرةَ على حراسة الحلم، على إعادة البريق نفسِه للأمل الساكن بأعماقه، ربّما يتعثّر أحياناً حين تتعثّر بداخله خطواتُه، ولكنّ الكتابة أبداً لاتموت ولاتموت غاياتها، لاتفقد "بريقَها" مهما حدث، تبقى هي الحقيقة الراسخة الثابتة وإن تزلزلتْ أشياء كثيرة من حولنا وبداخلنا .
الكتابةُ كائنٌ حيّ يعيش بداخل كلّ كاتب، احتراق، مخاضٌ عسير، يخرج الكاتب / الشاعر منه بصرخةِ الوجود، الكتابة تظلّ هي الأجنحة التي تنقله إلى أوطانٍ زارها وإلى أخرى لم يزرها بعدُ، يتمنى أن يدخلها منتصراً ومعه الزمن الجميل هانئ البال، الكتابة هي الدم الذي يجري في عروقه، هي الحياة التي تُجدّد بداخله فورةَ الحياة إذا هدأتْ بين ضلوعه، هي الورقةَ التي تحمله بين دفّتيْها، فتتحمّله وتتحمّل حكاياه بصبر وصمت.
لايمكن أن نتحدث عن " لا جدوائية" الكتابة، مهما تأخّرتْ بذور التغيير في النموّ، ومهما تعطّلت المراكب التي تحمل القطاف، لأن الكتابةَ قبل أن تكون جسراً بين الكاتب والواقع، فهي جسر بين الكاتب وذاته، هي رسالةٌ يحملها الكاتب لروحه قبل أن يحملها للعالم الآخر، هي تشبه ما تفعله التراجيديا بالمشاعر الإنسانية من عملية تطهيرٍ كلّي لدواخلنا، اكتشافٍ للأماكن القصيّة فينا التي لم نصل إليها بعدُ. ولا يعني أنّ فشل الكتّاب أحياناً في تغيير بعض سمات هذا الزمن المرّ، أنّ العيب فيهمْ أو فيما يكتبون، أو في رحلة الكتابة التي تكبّدوها إلى عوالم الأمل في غدٍ أجملَ، غد تختفي معه الآلام والحروب والمآسي، ويختفي الوجعُ المرير من خارطة العالم .
والشعرُ، هذا الكائنُ الرقيق المشاكس، هذا الطفلُ المشاغب تارةً والحكيم تارةً أخرى، هذا النايُ الذي يعزفُ صاحبَه، فتنعكسُ الألحان على ملامح الواقع كما ينعكس ضوء القمر على صفحات الماء، هذا الكائنُ المسمّى : حياة، ليسَ "أغنية يسلّي الشاعر بها نفسَه" كما قيل على لسان أحد المفكّّرين، بل هو تهذيبٌ للذائقة وللشعور وللعقل، وتعليمٌ و بناءٌ للذات الكاتبة والقارئة على السواء، قبلَ أن يكونَ بناءً لأزمنةِ الخير، لأزمنةٍ يعيش الشاعر من أجلها ومن أجل تحقيقها، سواء عاصرَ تحقَّقَها أم لا، المهمّ أنّ تلك الأزمنةَ واقعٌ متحقّق ولكنّه مؤجَّل، سيكتمل في موعدٍ محدّد يقدّره الرحمن .
كم أتخيّل الشعرَ جالساً قربَ المدفأة، يتدفأ أحياناً بانتصاراته، وأحياناً أخرى يذرف خيباته، وهو يرى نفسَه وفريقَه، تارةً مضمّخينَ بالفوز، وتارةً مضرّجينَ بالخسران ! بيْد أنّ هذا ديدن الحياة، لكنّ الشّعرَ لم يفقد بريقَه ولن يفعل، حتّى وإن علا وجهَه الملائكي بعضُ رماد، أو جرحَ أناملَه الرقيقة وخزٌ ! ما يزال مصرّاً وسيبقى، على مواصلة الرحلة، والغلبةُ بإذن الله ستكون له ولأنصاره !
- هل بقي للشعر قرّاء يؤمنون به، وبدوره في تغيير الواقع بصورة أو بأخرى ؟
الشعرُ يُعمّقُ وعي المتلقّي بالواقع، بكلّ ما فيه من أحداث مؤلمة وآمال مؤجّلة .
لن أنكرَ أنّ المستهزئين بقيمته كثيرون، لن أنكرَ بأنّ المقلّلينَ من شأنه أكثر من أن تعدّهم أصابع اليد، وأولاءِ أشبّههم بمن يحيا بلا روح، بمَن ينكر ضوءَ الشمس وهو يراه بأمّ عينيْه، بمن ينكر شذا الورد، رغم أنه يداعب أنفاسَه ويبعث بروحه الرّوح، بمَن ينادم النجومَ كلّ ليلـة، وهو ينكر بريقَ عيونها ! زمنُنا هذا ليس مثلَ الزمن الذي كان يُنزَّل فيه الشاعرُ منزلة النبي، ينقادون لحكمه جميعاً، ولكنّه أيضاً لم يخلُ من المؤمنين به حدّ التوحّد، المؤمنين بقيمته، بوظيفته، القارئين له بعين القلب، الغافين على كتفه، هم كالعصافير الجميلة تغرّد يوماً بعد يوم وبلا توقّف، لا أتحدث عن أشباه الشعراء بل عن الشعراء الحقيقيين، الذين يكتبون بالصدق وله، يتدفّقون به وله، في كل غرضٍ وفكرة، في كل لوحة وهمسة، وواحتنا خير شاهدٍ على ذلك، هي موطنُهم وميناءٌ أيضاً لمَن لم يفِد بعدُ منهمْ، ميناءٌ ينتظر باقي الوافدين من الشعراء الصادقين إليها ..
لعلّ مشكلَتنا أيها الشاعر الصادق، أنّ التفرّقَ لا يحدث على مستوى الأمّة وحسبُ، بل وعلى مستوى الإبداع أيضاً ! كم من شاعر وناثر يتفيّأون ظلال الصدق والجمال، بعضُهم يوزّع غيماته الممطرةِ نقاءً بعيداً عنّا، وبعضُهم مستسلمٌ لغيماتٍ خرساء، سكنَها حدّ التوحّد حينَ سكنتْه مآسي العالم فأخرستْه !
- هل هي مجرّد تجميل لهزائمنا المختلفة ؟ أم تحمل في طيّاتها مقومات لتغيير ما ؟
لن أخفيكَ، أنّه كثيراً ما كنتُ أسأل نفسي السؤالَ نفسَه، وكدتُ أراها كذلك في لحظاتِ انطفاء البريق فينا، ونحن نرى العالمَ الجميلَ الذي بنيناه بأحلامنا، وسقيناه وهدهدناه، جريحاً ينزفُ بين أيدينا، ونحن نرى الزمنَ المرّ يشتدّ عودُه : حروبٌ ودمارٌ ودماءٌ بريئة تُراق، ومشاعر تُغتال ومبادئ تُطعَن، والقمرُ من جذوة الغضب غائب ! لكنْ لا، لن يكون الشعرُ تجميلاً لهزائمنا المختلفة مهما كانت الرحلة قاسية، مهما كانت الألوان شاحبة والطرقاتُ معتمة إلاّ من طيفِ نور، مهما انطفأت الأحلامُ تترى، فربّما نجد حلماً لم يضعْ في الزحام، حلماً يضيء ما اسودّ من عالمنا، حلماً ولو كان صغيراًً، ينتظرنا عند مفترق الطرق أو عند خطّ الوصول، مُضاءً بقبس الصبر، ببسمةٍ ترمّم ولوْ جزءاً متناثراً من أجزاء عالمنا المرّ !
حديثٌ ذو شجون وربّي ! ليحمِكَ اللـهُ أيها الكريم
شكراً لك واعذرني على الإطالـة
خالص تقديري :0014:
وألف طاقة من الورد والندى

أولا .. وددت أن ارجع لهذا الموضوع الذي طرحته للنقاش في فترة سابقة و لم يتسن لي الرد على جميع من تدخل مشكورا في موضوع أراه في غاية الأهمية و لا يزال..
و ليعذرني الإخوة الذين شاركوا في النقاش على كل هذا التاخر..
و ربما وجد الموضوع من يجدد النقاش في دائرته و يثريه للإفادة و الإستفادة..

و أعتذر أيما اعتذار للأخت الرائعة أسماء حرمة الله كذلك ..
و أثمن مجهوده الكبير الذي بذلته في الرد باقتدار على السئلة التي طرحتها..
فهي مشكورة أيما شكر..

و لها منا وافر التقدير و الاحترام..

عبد القادر رابحي

معروف محمد آل جلول
22-09-2008, 02:45 AM
الاستاذ الفاضل : عبد القادر رابحي.
خلق الانسان في مشقة و معاناة..هذه طبيعته..يقضي أيامه يتقلب ؛ متراوحا في واقع تحفه الفوضى ؛ ويكتنفه الصخب..فتلتبس عليه الظواهر..و القضايا ..والمفاهيم..حتى يفقد محجة الخروج من عتمة الاحداث المحيطة به..
يأتي حامل الفكر ؛ ومنه الاديب و الشاعر..فيفكك أمامه الالغاز التي تحيره..و يكشف له أسباب الفو ضى التي يتقلب في أرجائها..ويرشده إلى المسلك الصحيح؛ ويفصح له ـ أخيرا عن الحلول..فينكشف المستور ..وينتقل من حال إلى حال ..فيشعر بالتغيير..ويرتقي درجة في سلم الصعود..
أستاذي الفاضل..
هذا الكم الهائل من القصائد الشعرية دلالة قاطعة على حضور الشاعر في سا حة الواقع إلى جانب الحيارى؛ المكلومين..يمسك بأياديهم..ويخرجهم من غيابات جب الواقع الأليم..
الشاعر حاضر بقوة يؤدي رسالته..والقراء قلة لأسباب..قد نتعرض لها معا..في وقتها..
الشاعر يقترح ..يعبر..يروح عن النفوس..يعالج الأمراض النفسية الاجتماعية....
ثلة من القراء قليلة جدا قد تحمل رسالتة إلى الوجود..وعند الحاجة إليها ينتبه لها المجتمع ..ربما دون الحفاظ على حقوق مهندسها..الفكرة تبقى ..الاحساس مسجل ..القصيدة حافظة لفنياتها..و رونقها..وبالتالي روحها الخاصة بها..
الذكرى تبقى والأيام تزول......................وكل وردة مصيرها الذبول
رسا لتكم أيها الشاعر المجيد..خالدة في الزمان..وللقراءة أهلها..ولحضور القصيدة في المجتمع زمانها و مكانها..
دمتم ذخرا لأمتكم و تقبل الله رسالتكم.
//إن من الشعر لحكمة..//وما كان فيه خيرفهو من الصالحات..
هذا الموضوع طرح في الساحة الفكرية الادبية منذ ردح من الزمن..
لماذا نكتب مادمنا لانقرأ؟أقترح سؤالا عمليا: كيف نذيع الشعر في المجتمع ..ونجعله رسالة يؤمن بها؟
والجواب ليس في مقال..وليس عند شخص..بل عمل جماعي..
لك مني كل التقدير والاحترام أيها الشاعر..

ماجدة ماجد صبّاح
23-09-2008, 11:43 AM
ربّما تكون كتابة الشعر والنثر سوياً..شاهد على حاضرنا، وباكٍ على ماضينا، ومتطلع لمستقبلنا..
أو لو غار أبناء المستقبل على تاريخنا، وزيفوه كما هو حال الأسبق، ربما تبقى هذه القصائد شواهد..


/مودتي وتقديري لكَ على موضوعك القيم

بابيه أمال
24-09-2008, 01:44 AM
سلام الله عليكم

للأسف، شعر اليوم لم يفلس منه الشكل والوعاء فحسب في الكثير مما يعرض على المنتديات، بل إننا نجده يواجه التفجر في بنيته العددية أمام تزايد كل من يكتب جاعلا من المداد سيولة تفي الانتشاء والتعجب بالنفس التي تضيف لها ردود الاستحسان ما ينقصها من مشاعر قد تصل بالبعض حد العلو على باقي خلق الله..

والكثير من شعر الحاضر يعاني من إفلاس في المحتوى والمضمون، ويواجه قوى من بعض الشعراء أنفسهم تدعو إلى تحطيم ما فيه من مناهج ومبادئ عن طريق ما يبثونه في القراء من انهزامية تخدمها ما يجدونه من تضارب بين أقوال وأفعال شعراء قرءوا عنهم ما يخدم الصالح العام ووجدوا في أفعالهم على الشبكة نفسها ما لا يتفق وما يدعون له من تغيير نابع من القلب !

وبما أنه لكل شاعر أو كاتب عاقل صفة ذاتية تؤهل للإلزام والالتزام بما له وعليه، وأن الشرط الرئيسي لصحة الإلزام والالتزام أن يكون العمل حقا للملتزم وسائغا في نفسه لا يستدعي ضررا على من ألزم أو التزم بالقراءة ولا على غيرهما، فكل من كتب أو نذر قلمه للكتابة ضارا بنفسه أو بغيره، فنذره ومداده لغو ينتهي متى ما مل القراء حديثه ولو كان ذا شجون..

وحتى لا يتشعب بنا الحديث إلى نقط أخرى، فإن الالتزام الحقيقي هو موقف حياتي كلي وشامل أمام قضايا المجتمع والعصر، التزام ينبع أساسا من معايشة صادقة لكل المخاضات الفكرية والاجتماعية والسياسية على أرض الوطن الكبير.. ثم على الأرض بمعناها الشمولي الواسع الرحيب. كما لا يمكن أن يكون الالتزام عملية ضاغطة تطرح نفسها على هذا الشكل: "يجب أن يلتزم الشاعر أو الكاتب"، لأن (يجب) هذه حتى وإن أثمرت إبداعا رائعا من أي لون، فستبقى دليل على أن هذا الإبداع إبداع هيكلي ومجوف لا ينبض داخله إيمانا بقضية ما.. ولا يستند في وجوده على خلفية عقائدية أو حتى عاطفية كما لا يمكن أن يعطيه التصميم الخارجي الملون قيمة أصيلة تملأ الحس أو تملأ الوجدان..

مهمة الكاتب أو الشاعر المعاصر والملتزم لم تعد مجرد أن يقول ما حدث، وإنما هي بالدرجة الأولى أن يقول ما سيحدث بفكر كاشف ووعي عميق.. وهذا بالطبع يعرض عليه لونا من ألوان المعاناة الفكرية اللامحدودة..

مهمة الكاتب أو الشاعر المعاصر والملتزم أن يكون على مستوى فكري وثقافي لا يتخلف فيه لحظة واحدة عن معرفة المستجدات المحيطة به بما يتيح له إمكانية أن يجعل من قضيته محور التزامه قضية عالمية بارزة لا تعيش معه داخل الأسوار الإقليمية فحسب، وإنما تتعدى ذلك إلى كل رقعة على سطح هذا الكوكب العظيم..

لكن وللأسف ثانية.. فإن وجه الكتابة اليوم غالبا ما تسدل عليه آلافا من الأقنعة حتى تغيم حوله الرؤيا فما يبين !!

سيد عبد القادر..
شكرا لكل الفكر السديد هنا ودمتم للخير..

عبد القادر رابحي
24-09-2008, 05:43 PM
الأخوة الأعزة الكرام ..

تحياتي و سلامي ثانية..
أشكر الإخوة الذين أدلوا بدلوهم في النقاش العام الذي تطرحه جدوى الكتابة الشعرية في عصرنا الحاضر بكل أبعادها.. منذ أن أعدنا إلى الواجهة هذا الموضوع القديم المتجدد..
و أخص بالذكر الأختين الكريمتين : ماجدة ماجد صباح و بابية أمال..
و الأخين الكريمين جلال الصقر و محمد معروف آل جلول
جازاكم الله خيرا على المجهود المبذول في إثراء النقاش الذي سيبقى مفتوحا..
و سنحاول أن نثري النقاش إن شاء الله فيما يتعلق بمجمل الأفكار الأساسية التي وردت في مداخلات الإخوة..
و هي دعوة عامة للجميع..
عبد القادر

عبد القادر رابحي
25-09-2008, 12:05 AM
سلام اللـه عليك ورحمته وبركاته
تحيـة قطفتُها من حدائق البنفسج
الكريم عبد القادر رابحي،
شكراً لكَ أيّها الشاعر الصادق على هذه الشرفة المزهرة، وبارك بك ربّي وبغيرتك على الشّعر وعالمـه، على الأدب وزمنه الجميل .
توقفتُ كثيراً عند كثيرٍ من النقاط التي أوردتَها، وبردود الأحبّة جميعاً، ولمتُ نفسي لأنّي تأخرتُ عن موكب النقاء هذا، هذا الموكب الذي ينقلنا من عوالم شاحبة إلى أخرى مفتوحة على الشروق .
طرحتَ مجموعةً من الأسئلة في غاية الأهمّية، سأحاول قدر استطاعتي الرّدّ على كل سؤال على حدة . والشكرُ موصول لكَ وللأحبة الذين أثروا الموضوع .
- ما معنى أن يكتب الشّاعر ؟ ماذا يكتب ؟ لمن يكتب ؟
تُحيلنا هذه الأسئلة إلى تساؤلات جان سارتر، حين تساءل: ما الأدب ؟ لمن نكتب ولماذا ؟ وما مدى موقف الكاتب بالعالم المحيط به ؟
وهي تساؤلات لا يمكن أن تختفي من ذهن الشاعر أو الكاتب عموماً، قبلَ عملية الكتابة/ أثناءَها/ وبعدَها، هي أسئلة تظلّ ممتزجةً بأنفاسه، وعلى الدوام .
يكتب لمنْ :
* للأحلامِ التي تشكلّ ألوانَ لوحاته، دواتَه، حبرَه وأنفاسَ أنفاسه !
* للآمال التي تلوّح له من وراء الأفق، حتّى وإن بدا الأفقُ غائماً .
إن لم يكن له رصيدٌ من الأحلام رغمَ المثبّطات والعراقيل التي تكبّل خطوَه، بل وتكسر قلمَه أحياناً، فسينتهي قبلَ أن يبدأ ! رصيدٌ من الأحلام والآمال، رصيدٌ وكبيرٌ من الصبر، رصيدٌ من الإيمان، كل ذلك هو بمثابةِ مخزونٍ مهمّ للشاعر، حتى يستطيع أن يُنتِج، أن يكتب، أن ينسكب حتّى وإن كان ينازع !
* للآخر، لأنّ أيّ نص هو "مكتوب لأجل قارئ"، إضافةً إلى أنّ كل شاعر وهو ينسكب/ وهو يحترق/ وهو يعاني آلامَ المخاض حين يكتب، يضع نُصبَ عينيه المتلقي المثالي الذي سيتلقّى نصّه، ويتفاعل معه، ويقف إلى جواره جنباً إلى جنب، من أجل غرس زمن الإحساس والقيم الجميلة .
* للزمن الجميل، حتّى وإن كان حفلُ قطافـه قد تأخّر .
يكتب لماذا ؟
* ليهَبَ المعاني السامقة روحاً، ليهَبَ للزمن الجميل عمراً، ليدافع عن مبادئَ تعيش فيه ويعيش بها، ليُعيد الثقة إليها، ليحاربَ الزمن المرّ بكل ما استطاع من قوة، أوعلى الأقلّ ليغيّر ولوْ بعضَ ما يشوّه أحلامَ زمنه الجميل الذي ينتظره . وقبلَ كلّ ذلك ومعـه، يكتب من أجل تطهير ذاته من كل قسوةٍ محتملة .
لماذا يكتب أيضاً ؟ يكتب لتنظيم العالم كما قال سارتر، لبناء ثقةٍ بين الكاتب والقارئ، ثقةٍ تحمل وجوديْهما معاً إلى وجودٍ يحترمهما ويحترم وجودَيْهما .
- هل للكتابة تأثير على واقع الشاعر المحيط به بشكل مباشر ؟
الكتابةُ فعلٌ، والتأثّر ردّ فعل ينجم عن العلاقة التي تُبنَى بين الكاتب والقارئ، فإذا لم يحدث تأثّر وتأثير، فإن العمل الأدبي/ القصيد/ النص يكون فاشلاً، لأنّ الرسالة التي أراد بعثَها لم تصل. فالعرب قديماً حين كانوا يكتبون شعراً، كانوا يفعلون ذلك لوجهين: يشبّهون كل شيء ليعجبوا بحسن التشبيه، ولإحداث أمرٍ في النفس يعد به إلى انفعال، حتّى ينحو بما يكتب منحى التعجيب والإغراب كما قال حازم .
إنّ وظيفةَ الشاعر/ الكاتب في تغيير الواقع أو في محاربةِ صوره المشوّهة، لايمكن أن تنجح إلاّ إن كان الصدقُ الملهمَ والمحرّكَ لأحاسيسه وأفكاره، بل والغيمة التي تسقي خطوَه قبلَ أن تسقي حبرَه، ولكننا نجد رغمَ ذلك، رغمَ أنّ الصدق يتأبّط ذراع كثير من الكتّاب والشعراء، فإن رسائلهم/ قصائدهم/ نصوصهم تؤثّر في واقعنا حيناً، وحيناً آخر نراها قد أخفقتْ، رغم أنها لاتخفق البتّة في إضاءة الأمل بداخلنا، في غرس مساحات الصبر والحلم فينا، بل وحراستها من الانطفـاء . ربما لأن التغيير لا يتأتّى دفعةً واحدة، بل يحتاج لاجتياز مراحل وفترات وفصول، تماماً كالنجاح في الحياة .
- هل هناك جدوى من ممارسة الكتابة، وممارسة الشعر خاصةً ؟
بالرغم من أن قطّاع الحلم كثُر، ورغمَ أنّ سارقي الأمل في ازديادٍ مستمرّ كتزايد الآلام والمآسي، فإنّ الكتابة لا يمكنها أن تفقد مصداقيتها ولا قيمتَها ولاغاياتها النبيلة. ربّما يفقد الكاتب / الشاعر – في فترات معيّنة ولأسباب ما- القدرةَ على حراسة الحلم، على إعادة البريق نفسِه للأمل الساكن بأعماقه، ربّما يتعثّر أحياناً حين تتعثّر بداخله خطواتُه، ولكنّ الكتابة أبداً لاتموت ولاتموت غاياتها، لاتفقد "بريقَها" مهما حدث، تبقى هي الحقيقة الراسخة الثابتة وإن تزلزلتْ أشياء كثيرة من حولنا وبداخلنا .
الكتابةُ كائنٌ حيّ يعيش بداخل كلّ كاتب، احتراق، مخاضٌ عسير، يخرج الكاتب / الشاعر منه بصرخةِ الوجود، الكتابة تظلّ هي الأجنحة التي تنقله إلى أوطانٍ زارها وإلى أخرى لم يزرها بعدُ، يتمنى أن يدخلها منتصراً ومعه الزمن الجميل هانئ البال، الكتابة هي الدم الذي يجري في عروقه، هي الحياة التي تُجدّد بداخله فورةَ الحياة إذا هدأتْ بين ضلوعه، هي الورقةَ التي تحمله بين دفّتيْها، فتتحمّله وتتحمّل حكاياه بصبر وصمت.
لايمكن أن نتحدث عن " لا جدوائية" الكتابة، مهما تأخّرتْ بذور التغيير في النموّ، ومهما تعطّلت المراكب التي تحمل القطاف، لأن الكتابةَ قبل أن تكون جسراً بين الكاتب والواقع، فهي جسر بين الكاتب وذاته، هي رسالةٌ يحملها الكاتب لروحه قبل أن يحملها للعالم الآخر، هي تشبه ما تفعله التراجيديا بالمشاعر الإنسانية من عملية تطهيرٍ كلّي لدواخلنا، اكتشافٍ للأماكن القصيّة فينا التي لم نصل إليها بعدُ. ولا يعني أنّ فشل الكتّاب أحياناً في تغيير بعض سمات هذا الزمن المرّ، أنّ العيب فيهمْ أو فيما يكتبون، أو في رحلة الكتابة التي تكبّدوها إلى عوالم الأمل في غدٍ أجملَ، غد تختفي معه الآلام والحروب والمآسي، ويختفي الوجعُ المرير من خارطة العالم .
والشعرُ، هذا الكائنُ الرقيق المشاكس، هذا الطفلُ المشاغب تارةً والحكيم تارةً أخرى، هذا النايُ الذي يعزفُ صاحبَه، فتنعكسُ الألحان على ملامح الواقع كما ينعكس ضوء القمر على صفحات الماء، هذا الكائنُ المسمّى : حياة، ليسَ "أغنية يسلّي الشاعر بها نفسَه" كما قيل على لسان أحد المفكّّرين، بل هو تهذيبٌ للذائقة وللشعور وللعقل، وتعليمٌ و بناءٌ للذات الكاتبة والقارئة على السواء، قبلَ أن يكونَ بناءً لأزمنةِ الخير، لأزمنةٍ يعيش الشاعر من أجلها ومن أجل تحقيقها، سواء عاصرَ تحقَّقَها أم لا، المهمّ أنّ تلك الأزمنةَ واقعٌ متحقّق ولكنّه مؤجَّل، سيكتمل في موعدٍ محدّد يقدّره الرحمن .
كم أتخيّل الشعرَ جالساً قربَ المدفأة، يتدفأ أحياناً بانتصاراته، وأحياناً أخرى يذرف خيباته، وهو يرى نفسَه وفريقَه، تارةً مضمّخينَ بالفوز، وتارةً مضرّجينَ بالخسران ! بيْد أنّ هذا ديدن الحياة، لكنّ الشّعرَ لم يفقد بريقَه ولن يفعل، حتّى وإن علا وجهَه الملائكي بعضُ رماد، أو جرحَ أناملَه الرقيقة وخزٌ ! ما يزال مصرّاً وسيبقى، على مواصلة الرحلة، والغلبةُ بإذن الله ستكون له ولأنصاره !
- هل بقي للشعر قرّاء يؤمنون به، وبدوره في تغيير الواقع بصورة أو بأخرى ؟
الشعرُ يُعمّقُ وعي المتلقّي بالواقع، بكلّ ما فيه من أحداث مؤلمة وآمال مؤجّلة .
لن أنكرَ أنّ المستهزئين بقيمته كثيرون، لن أنكرَ بأنّ المقلّلينَ من شأنه أكثر من أن تعدّهم أصابع اليد، وأولاءِ أشبّههم بمن يحيا بلا روح، بمَن ينكر ضوءَ الشمس وهو يراه بأمّ عينيْه، بمن ينكر شذا الورد، رغم أنه يداعب أنفاسَه ويبعث بروحه الرّوح، بمَن ينادم النجومَ كلّ ليلـة، وهو ينكر بريقَ عيونها ! زمنُنا هذا ليس مثلَ الزمن الذي كان يُنزَّل فيه الشاعرُ منزلة النبي، ينقادون لحكمه جميعاً، ولكنّه أيضاً لم يخلُ من المؤمنين به حدّ التوحّد، المؤمنين بقيمته، بوظيفته، القارئين له بعين القلب، الغافين على كتفه، هم كالعصافير الجميلة تغرّد يوماً بعد يوم وبلا توقّف، لا أتحدث عن أشباه الشعراء بل عن الشعراء الحقيقيين، الذين يكتبون بالصدق وله، يتدفّقون به وله، في كل غرضٍ وفكرة، في كل لوحة وهمسة، وواحتنا خير شاهدٍ على ذلك، هي موطنُهم وميناءٌ أيضاً لمَن لم يفِد بعدُ منهمْ، ميناءٌ ينتظر باقي الوافدين من الشعراء الصادقين إليها ..
لعلّ مشكلَتنا أيها الشاعر الصادق، أنّ التفرّقَ لا يحدث على مستوى الأمّة وحسبُ، بل وعلى مستوى الإبداع أيضاً ! كم من شاعر وناثر يتفيّأون ظلال الصدق والجمال، بعضُهم يوزّع غيماته الممطرةِ نقاءً بعيداً عنّا، وبعضُهم مستسلمٌ لغيماتٍ خرساء، سكنَها حدّ التوحّد حينَ سكنتْه مآسي العالم فأخرستْه !
- هل هي مجرّد تجميل لهزائمنا المختلفة ؟ أم تحمل في طيّاتها مقومات لتغيير ما ؟
لن أخفيكَ، أنّه كثيراً ما كنتُ أسأل نفسي السؤالَ نفسَه، وكدتُ أراها كذلك في لحظاتِ انطفاء البريق فينا، ونحن نرى العالمَ الجميلَ الذي بنيناه بأحلامنا، وسقيناه وهدهدناه، جريحاً ينزفُ بين أيدينا، ونحن نرى الزمنَ المرّ يشتدّ عودُه : حروبٌ ودمارٌ ودماءٌ بريئة تُراق، ومشاعر تُغتال ومبادئ تُطعَن، والقمرُ من جذوة الغضب غائب ! لكنْ لا، لن يكون الشعرُ تجميلاً لهزائمنا المختلفة مهما كانت الرحلة قاسية، مهما كانت الألوان شاحبة والطرقاتُ معتمة إلاّ من طيفِ نور، مهما انطفأت الأحلامُ تترى، فربّما نجد حلماً لم يضعْ في الزحام، حلماً يضيء ما اسودّ من عالمنا، حلماً ولو كان صغيراًً، ينتظرنا عند مفترق الطرق أو عند خطّ الوصول، مُضاءً بقبس الصبر، ببسمةٍ ترمّم ولوْ جزءاً متناثراً من أجزاء عالمنا المرّ !
حديثٌ ذو شجون وربّي ! ليحمِكَ اللـهُ أيها الكريم
شكراً لك واعذرني على الإطالـة
خالص تقديري :0014:
وألف طاقة من الورد والندى
تحيلنا الأخت أسماء حرمة الله في هذه المداخلة المستفيضة إلى عالم الكتابة الشعرية و ما يعتورها من مستعصيات و متغيرات .. و تحاول الأخت الكريمة أن تجيب عن بعض الأسئلة التي كنا قد طرحناها بوصفها إشكالية للموضوع عند طرحه..
و تستفيض الأديبة أسماء حرمة الله في تقديم الأدلة الشافية على جدوى الكتابة على الرغم مما يعترض صاحبها من عوائق حيايتة بمختلف أنواعها..
إن الكتابة هي التزام مع الذات أولا.. في عالم متغير القيم ..متهالك بما ينتجه من نظريات و فلسفات و أطروحات عادة ما تكون عائقا في وجه معتنقها أكثر مما تكون عونا له للوصول إلى السبيل..
و إذا قلنا إن الكتابة هي التزام مع الذات .. فهل يعني هذا أنها ليست ملتزمة بطروحات المجتمع أو الجماعة أو الأمة التي ينتمي إليها الشاعر...؟
هنا تبدأ المشكلة..و هنا يبدأ الاختلاف في فهم ما معنى أن يعبر الإنسان عن نفسه أو عن مجتمعه أو عن الأفكار التي يؤمن بها..
تحياتي لكم ..
و لي عودة..
عبد القادر

معروف محمد آل جلول
29-09-2008, 05:05 AM
الدكتور المحترم : عبد القادر...

هذا الموضوع الحساس ؛الجدير بالطرح..هو دافعي الى التفكير في بسط قضية الموضوعية النقدية ../م باطل أريد به الحق /م

وإني ـ والله ـ لأتمنى أن يشاركنا جميع إخواننا في المناقشة ؛نظرا للأهمية..

في إطار جدلية الصراع الأبدي بين الحق و الباطل..أعلن المولى ـ سبحانه وتعالى ـ من فوق سبع سموات : // ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتنع ملتهم //

اغتاظ الأعداء من المد الحضاري للأمة ..انتشر المستشرقون ..يبحثون
ــ أسباب التفوق
ــ طبيعة المسلم..

انتهت بحوثهم إلى أن هذه الأمة قوية بقرآنها..

نهجوا كل السبل لتدميرالإسلام في صدور المسلمين ..

ثم اهتدوا في إطار جدلية الصراع الدائر إلى :

ــ التكنولوجيا ليس لها أي تأثير ..لابأس أن يقرأها المسلم ..الحرية في ممارستها ..بيقى المسلمون مجرد سوق لمصنوعاتهم ...منعهم من انتاجها ..

ـــ العلوم الإنسانية عامة ؛الأدب خاصة سريع النفاذ الى الشعور الباطن ...لمخاطبته الأحاسيس والعقول معا..يمكن أن يتلقاه المخاطب المسلم ..و يتعاطاه بإيجابية ..ويتفاعل معه بيسر ..فنفذوا في أعماقه من حيث تحب النفس و تشتهي ..الإباحية..القصص الغرامية ..الفساد بكل أشكاله..

ــ تكثيف النظريات النقدية التي تنطبق مع النظرة الغربية للأدب

ــ نشر إيديولوجيات مناهضة للإسلام..

ــ منع المجتمعات الإسلامية من دراسة اللغة العربية ..من تداول القرآن ..

ــ فرض الثقافة الغربية في المدارس النظامية ـ فترة الاستعمار ..

ــ تشجيع كتاب سلختهم عن ثقافتهم الأصيلة سلخا..

ــ كتبوا ثقافة غربية بلغة عربية ..

ــالقرآن الذي ظل يسري في عروق المسلمين مسرى الدم ..فرض الوعي الإسلامي ..وتصدى للحضارة الزائفة ..

ــ لم يعد القارئ العادي يفرق بين ما هو كائن ..وما الذي ينبغي أن يكون ؟

.........................لم يعد في منظوره الشاعر ذلك النبع الفياض الذي يستلهم منه غذاءه الروحي ..........

..........هذه واحدة من سلسلة أسباب سنعود إليها ....لاحقا ..

...........أعتذر عن الطول هنا فهو من أسباب عزوف القارئ...

عبد القادر رابحي
15-10-2008, 10:45 PM
أشكر للأخ الكريم معروف مداخلته القيمة..
ففيها ما فيها مما يجب التوقف عنده طويلا..
كيف تتشابك المفاهيم المتعلقة بما هو بعيد عن الشعر بعدا كبيرا..
ثم تنعكس على العملية الإبداعية من خلال النظريات المتعلقة بالنص و طرق الولوج إليه..
إن أية عملية نقدية أو تاطيرية للنص الإبداعي هي عملية فلسفية تيتند في ركائزها المنطقية على الموقف الفكري و الحضاري.. و من ثمة.. فيبدو لنا أن كل شئ مؤدلج في نهاية الأمر..
ثم ما مكانة الجرجاني و ابن طباطبا و المرزوقي و غيرهم ممن وضعوا أسسا تقعيدية للعملية النقدية المنطلقة من الخيال الحضاري العربي؟؟؟

كل شيء مرتبط ببعضه أيما ارتباط..
فأين الطريق؟
و كيف المسلك؟
إشكاليات في صميم ما تطرحه المساءلة الأساسية المطروحة في هذا الموضوع...

لي عودة بإذن الله تعالى

معروف محمد آل جلول
15-10-2008, 11:54 PM
أستاذي الكريم .. أهمية الموضوع ..التدخلات المثمرة من المحترمين والمحترمات ..تفتح الشهية لمواصلة الحديث .. الشعر ــ بعد المصدرين ــ عبق الحياة وروحها ..نور العقل ..وعنفوان المشاعر ..مصقل المواهب ..وظل واحة الوجدان .. ذكرت في كتابي ://حوار أم جدل : الحياة في هوية الأمة //مايلي:ص161 لكن الاستعمار نجح إلى حد ما في بث فكره المناهض؛بدليل وجود عملاء له في كل مكان ؛وقد صرح بعد الاستقلال ؛عبد العزيز الرفاعي في محاضرة بعنوان :// التراث /م قائلا : //إن بعض المثقفين يصطنع طرائق جديدة للتعبير ذات ظلال فكرية غريبة عن المناخ العربي...استعملوا الحرف العربي؛ولكنهم كانوا يفكرون بعقول غير عربية أو بعقول انفصمت كليا عن التراث العربي فهي إنما تتحدث عن أجواء غربية ؛ثم لاتطاوعها في ذلك ملكة عربية ...فالملكة العربية إنما هي حصيلة تراث//1 وقد أثارت المحاضرة سنة 1968ضجة وسط المثقفين .. هذه الطيور التي غردت ..وتغرد خارج سربها ..شوهت فطرة القارئ ..خالفت ذوقه وسليقته ..فحكم على كل منتوج جديد بالعمالة ..وأحجم عن القراءة ..بل فضل القراءة للعالم بلغاته ..على العربية مادامت مجرد ترجمة لفكر غربي .. وعزلت الظروف التراث ودعاته ..ردحا من الزمن .. هذه الواحة الغراء ..تعقد مصالحة جديدة مع القارئ ..وهو في عودة ملحة ومستمرة .. أنا من الذين أعرضوا على الشعر فترة للأسباب المذكورة ..والآن اجد مبتغايا في شعراء الواحة المحترمين ..وتأثيرهم سيتضح بعد حين على المستوى اللغوي والفكري .. إن الكتابة في إطار هوية الأمة هي إهم مرجعية فكرية يعول عليها القارئ الجاد .. مازال للحديث بقية ..ولكن نذكر بأن للشعر في كل وقت دور يلعبه ..المهم أن الشعراء حاضرون ..بقوة تبهر المتعطش لاستئناف الحضارة بأمجادها المعهودة .. الشعر أرقى ألوان الأدب وأنا لاأكتبه ..إنما الموضوعية هي دافع الإنصاف ..وللأدب تأثير على الحياة السياسية ..والإجتماعية والفكرية ..شئناأم أبينا الأدب دائما في علاقة حب وخصومة مع الحياة ..هوالموجه للجميع .. هوباعث الوعي .. أساتذتنا الكرام ..دمتم لسان صدق لأمتكم ..تذكروا دائما علاقة الرسول ــصلى الله عليه وسلم ــ مع شعراء الدعوة ..

عبد القادر رابحي
20-10-2008, 08:34 PM
كم أتخيّل الشعرَ جالساً قربَ المدفأة، يتدفأ أحياناً بانتصاراته، وأحياناً أخرى يذرف خيباته، وهو يرى نفسَه وفريقَه، تارةً مضمّخينَ بالفوز، وتارةً مضرّجينَ بالخسران ! بيْد أنّ هذا ديدن الحياة، لكنّ الشّعرَ لم يفقد بريقَه ولن يفعل، حتّى وإن علا وجهَه الملائكي بعضُ رماد، أو جرحَ أناملَه الرقيقة وخزٌ ! ما يزال مصرّاً وسيبقى، على مواصلة الرحلة، والغلبةُ بإذن الله ستكون له ولأنصاره !
(من مداخلة أسماء حرمة الله)

إن مجرد الكتابة عن دور الشعر في العصر الحاضر يستدعي من الشعراء الوقوف طويلا في طابور المجازفة الفكرية للإدلاء برأيهم أمام هذا الكم الهائل ممن يعتقدون أن لهم الدور الأساسي في تحريك المنابع النائمة للأمة..
هل للشاعر دور تغييري فعلا..أم أنه من المكتوب عليهم بأن يبقوا وصافين للحالة..ذكّارين للناسين من الأجيال القادمة ما كان أسلافهم يرتكبون..؟؟
هل انتهى دور القصيدة التي كانت تهز الشارع.. و تغير من مجريات التاريخ؟
كيف يستطيع الشاعر أن ينزوي أمام مدفأته الشتوية منتشيا بقصيدة غزل رقيقة ، أو باكيا على جرح نازف؟؟
لعل الإشكال كله يكمن في عدم قدرتنا على استيعاب دور الشعر ، و اعتباره نوعا من أنواع التفكير.. و لعله أرقاها على الإطلاق..
و لعل هذا ما فهمه الغرب جيدا.. فجعل من منزلة الشعر أرقاها.. و لذلك ننظر إليه نحن على أساس أنه نخبوي منعزل في العبارة الممجوجة التي يرددها الكثير من المثقفين بخصوص أهله الذين هم الشعراء، و هي أنه و أهله منزويان في برجهم العاجي..
إن أهم النصوص الشعرية الغربية هي النصوص التي كثيرا ما قدمت للفكر الغربي مساحات جديدة من الخييل و التوغل في المسائل الفلسيفية التي عادة ما تولدت عنها وؤى فلسفية و مذاهب فكرية انكوينا بنارها نحن المقلدون التابعون لكل ما هو غربي..
متى كان للشاعر مكانة يستحقها..
ألا يموت الشعراء عندنا كما تموت الأحصنة الهرمة وحيدة حزينة؟
ألم يحترف الشعراء البكاء و النحيب على حال الأمة دون أن ينصب إليهم أحد؟
و متى يصبح الشعر مساحة فكرية ؟ لأنه أصلا ممارسة فكرية قبل كل شئ آخر..

يحيى سليمان
20-10-2008, 11:15 PM
بالطبع مجرد قراءتي لهذا الطرح يضيف الكثير إلى مفهومي عن هذا العالم الغامض ولكنك أخي الشاعر الجميل طرحت عدة نقاط بالفعل لهم من الأهمية الكثير
وبالطبع أقف كولد ساذج يظن أنه يملك الحل دائما
ولكني على يقين أن قضايا الشعر أصبحت قضايا فردية
الفلسفة قضية شعرية
أم الشعر قضية فلسفية ؟
وما الشعر بلا فلسفة الأشياء؟
ولكننا كأمة لها تاريخ جديرون بفلسفة تليق بهويتنا ( وهي المحرك الأول لشاعرية هذا الجيل)
أما عن القصيدة التي ستهز عالمنا العربي
وأظنك تعني الصدى والأثر
والصدى هنا للخواء
(ليست النظرة التشاؤمية بل التجربة )
هناك هوة ومتسع بين الشاعر والجمهور يسمى اللغة العربية الفصحى
ألا يموت الشعراء عندنا كما تموت الأحصنة الهرمة وحيدة حزينة؟
لا أظنهم يموتون على الأقل في قلوبنا نحن محبيهم
ألم يحترف الشعراء البكاء و النحيب على حال الأمة دون أن ينصب إليهم أحد؟
إذن هو الاحتراف
ولكني أظن الشعر هو الوقوف على حقيقة الأشياء ( بالطبع كلمة الحقيقة هنا خاوية)
ولكن بعض التجارب العارفة يكون لها أثر كبير في هداية أجيال
بالطبع أعود لأنهل أكثر
ولنتفق ولنختلف ولا أظنني أهل لخلاف في حضرتك

مصطفى بطحيش
26-10-2008, 09:58 PM
الشاعر المجيد عبد القادر رابحي
لقد طرحت موضوعا على جانب كبير من الاهمية في حياة الكاتب ولا يخلو لقاء ادبي من تناول بعض جوانب هذا الموضوع

ما معنى أن يكتب الشاعر؟
ان يكتب الشاعر تعني اعادة تشكيل و صياغة الواقع بروح متوثبة متطلعة إلى زمن جميل قادم؟
و ماذا يكتب؟
يكتب الشاعر نفسه كما يراها في فضاء الحلم والأمل باعتبارها الحلقة الأقرب إلى روحه ثم التي تليها ثم التي تليها حتى يكتب الكون وانعكاس هذا الكون في ذاته .
و لمن يكتب؟
عندما اكتب, اكتب لروحي بالدرجة الأولى هذه الروح التي لا ترضى سوى بخلاصة الخلاصة , وعندما اصدق الكتابة مع روحي أجد نفسي وكتابتي في جميع النفوس الصادقة والأرواح الشفيفة.
و هل لكتابته تأثير على واقعه المحيط به مباشرة؟
دون أدنى شك للكتابة تأثير وردة فعل في المحيط قد تكون مباشرة وقد تكون في زمن آخر.
أم أن ممارسة الكتابة هي مجرد تفتّج لمثقفين بعيدين عن الواقع
هاربين منه..و هم في كل الحالات مجرد وصافين سلبيين له
و هل هناك جدوى من ممارسة الكتابة ، و ممارسة كتابة الشعر خاصة؟
ليست الكتابة حالة سلبية حتى وان ابتعدت عن الواقع, إنها إعادة ترتيب داخلية لذات الكاتب – وقد تكون بعثرة في حالات خاصة - تستطيع أن تعبُر ذاته إلى الآخرين بقدر ما تكون صادقة وعميقة وارى أنها اقدر على الانتشار والاتساع بقدر ما تكون منبثقة من الواقع.
طبعا.. المسألة قد تتجاوز الآطار الإبداعي البحت إلى ما يحيط به من اطر مؤثرة فيه و متأثرة به..
و هي تطرح كذلك إشكالية القراءة، و هل بقي للشعر قراء يؤمنون به؟
و يؤمنون بدوره في تغيير الواقع بصورة أو باخرى؟
سيبقى للشعر قراءه ما دامت النفس البشرية تواقة للجمال لان الشعر مادة فنية مزيج من أجناس راقية متنوعة ( لغة جميلة – صورة شعرية جميلة – موسيقى شعرية – نفحات روحية تصهر هذه الأجناس الجمالية وتنقلنا إلى عالم جميل )
كل ذلك ينعكس على الرؤيا الجمالية للمحيط والأشياء في نفس القارئ فيؤثر به بشكل أو بآخر
هذا بالإضافة إلى إشكاليات أخرى قد تطرحها حالة النقاش العام الذي أتمنى أن يكون على شاكلة المساجلة الشعرية ، و لكن حول الشعر و ليس بالشعر
شدّ انتباهي امران يبدوان لي هامين و هما:
1ـ العدد الهائل للشعراء الذين شاركوا في المساجلة الشعرية التي فتحها الدكتور جمال مرسي
2ـ وصول الواحة إلى عدد5000 قصيدة بنشرها لقصيدة المجدوب المشراوي الأخيرة..
هل طرحنا على أنفسنا سؤالا يتمثل في :
ما جدوى هذا الكم الهائل من القصائد..؟؟؟
هل هي مجرد تجميل و ماكياج لهزائمنا المختلفة، و تغطية مسلّية لواقعنا المرير؟
أم أن هذا الكم الهائل يحمل في طياته مقومات تغيير ما؟؟
يا سيدي إن الشعر حالة شعورية تنقلنا إلى العالم الجميل الذي نطمح وهي ولا شك مقدمة لتغيير يقرع الأبواب هذا التغيير يمكن تلمس مساره بقراءة شمولية نستقرأ فيها المحاور الأساسية التي تتوثب إليها نفوس الشعراء.
شكراً لك على طرح هذا الموضوع القديم الحديث.

عبد القادر رابحي
07-11-2008, 09:58 PM
الإخوة الأعزاء ...
السلام عليكم...

نشكر للخوين الكريمين
يحي سليمان
و مصطفى بطحيش..
مداخلتهما القيمتين الجديرتين بالنقاش و الاستزادة فيما تطرحانه من أفكار قيمة..
و سنحاول بإذن الله تعالى و عونه أن نعود إليهما و إلى مداخلات سبقتهما من أجل تفعيل مجمل الأفكار المطروحة في هذه الصفحة..

عبد القادر رابحي

معروف محمد آل جلول
11-11-2008, 11:23 PM
لطالما غيرت قصيدة من أبيات قليلة ..مجريات الحياة ..
فقد كانت القصيدة هي الكل ..ونافسها ..بعد ردح من الزمن ..النثر..
ثم في عصرنا ..المذياع..التلفاز..آلاف الفضائيات..
الجرائد والمجلات..الخطب السياسية ..وانشغال المواطن بحياته اليومية..تعقد الحياة..
ولكن سؤالكم أستاذ:أليس للشعر تأثير..؟؟هل حصر في النخبة ؟
المجتمع الإسلامي مر بمرحلة عسيرة من الاستعمار ..هذا الاستدمار..ترك بعده مخلفات..
تمثلت في:
ـ النخبة التابعة له ثقافيا..
ـ غالبية الشعوب الإسلامية التي حرمها لغتها..
وفي الموقع المناوئ..حركات الإصلاح التي غذت فئة كبيرة بالفكرالإسلامي..والشعب يتبعها طواعية عن ثقة ..لا عن يقين ومعرفة ..وقناعة..
ومازلنا إلى يومنا هذا نعيش الصراع بين ايديولوجيتين متناقضتين..
ـ حركة إسلامية .
ـ حركة علمانية .
العلمانية من العولمة ضاغطة ..
الحركة الإسلامية مغلوبة ..محكومة.. مضغوطة..
الشعب مشتت بين مصالحه الدنيوية ..وروحه الدينية ..
قلبه على دينه ..حاجته في يد عدوه..تبعية سياسية واقتصادية ..وحتى فكرية ..
حتى الأدباء تغربوا أحيانا بأفكارهم الصميمة عن المجتمع الذي جهله الاستدمار.
يكتب الفصحى والقارئ يلقى عناء الفهم من العودة إلى القاموس..لذا قال النقاد..اللفظة المتداولة ..البسيطة.
غربة متضاعفة..متعددة..
المجتمع يعود إلى هذه الأشعار اليوم أو غدا..
والأدب بين المد ..والجزر..تابع ..رافض..في غالبيته لكل اعتداء على مقومات الشخصية.
الشاعرالمتحرر بفكره ..المستوعب لرسالته.. بصفته واعٍ بما يحدث من حوله..
مازال واقفا ..ولايدرك أن المجتمع محيط به ..عاجز عن تفعيل واحتضان رسالته ..للأسباب المذكورة ..
ومن الحلول الجديرة بالإقتراح والمتابعة الحثيثة ..
ـ حتمية حوار حضاري بناء بين أبناء الأمة الواحدة ..هذا الحوار موجود..متواصل ..
يوميا يدرك المنسلخ ..الذائب ..حقيقة وضعه..وينضم إلى المتحصن المقاوم..
لو عدنا إلى الشعر السياسي التحرري ..فترة الاستدمار ..نجده قد ساهم بقسط وافر في ترجمة رؤىالمصلحين ..
ومازال كذلك ..
ـ لايهم أن يقرأ الجميع ..المهم أن تحمل مجموعة من القراء الفكرة إلى الشارع..وتترجمها إلى ميدان..
أعتبر الشاعر قمة قمم الفكر ..ومازال محرك الميدان ..لكن الذي يساهم في تغييبه ..ونقصد الأصيل ..هو بعض السلطات التي مازالت تشجع الفكر الغربي ..وتعتبره الثقافة الصميم ..هذا واقع معيش ..وبالدليل..
ولو كان للشاعر موت ماخلده القرآن الكريم..
النتيجة : الشعر اليوم ..شأنه شأن الإصلاح ..يخوض وبضراوة معركة ..تصفية الفكر الإسلامي من مخلفات الفكر الغربي.
يستحيل أن تعيش أمة بإيديولوجيتين متناقضتين..لابد أن تنتصر الأصالة ..ما لم تنتصر ..الصراع مستمر..
الشعوب مخدرة بين الفكرتين المتناقضتين ..تعرف الطريق ..لكنها مغلوبة ..الانتصار..انتصار فكري ..
لايبقى في الأمة من يكتب العربية بفكر غربي.
ـ أولا النصر الثقافي.ماذا ننتظر من شعب ..حكامه يلقون عليه الخطب بالفرنسية.
ـ وشجعوا على تداول العامية حتى في المنابر الرسمية.
ـ هذا الجهازبيننا في صالح الشاعر ..تدريجيا سيعيد له القراء..
والمعركة مستمرة ..والحرب سجال..
أعتذر عن بعثرت هذه الكلمة.
تحياتي لإخوني المجاهدين بأشعارهم..تقبل الله منا ..ومنكم..

نادية بوغرارة
05-03-2009, 08:30 PM
ماهذا الثراء الموجود هنا ؟

أحيي كل من كتب في هذا الموضوع .

مازن لبابيدي
09-03-2009, 06:12 AM
أخي الشاعر الكبير عبد القادر الرابحي
طرحت تساؤلات على قدر كبير من الأهمية ، وهموم تحتاج للكثير من المسؤولية .
لست من الناقدين وإن كنت أقرض الشعر لكني أحببت المشاركة بالرأي .
بداية أقول أنك محق يا سيدي في الطرح ، وأرى أن التحديات التي يواجهها الشعر من ضعف تأثيره في عالم العولمة والمادية الخانقة ، ومن القلة النسبية لقراء الشعر ومتذوقيه وابتعاد كثير من الشعراء عن الواقعية في الكتابة ، كل ذلك لا يقلل حقيقة من ضرورة - وأقول ضرورة - الكتابة بشكل عام ، وبخاصة ... الشعر .
أما ماذا يكتب الشاعر ؟ فهناك بالتأكيد أمام الشاعر موضوعات تفوق كثيرا حصان عنترة وناقة امرؤ القيس وليلى قيس وسيف المتنبي ... ، ومن ثم يأتي جواب التساؤل الآخر ... لمن يكتب ؟ ، يكتب لكل المعنيين بتلك الموضوعات الإنسانية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، والحروب والظلم والاستبداد والاستعمار والاضطهاد والفقر والجوع والحب والجمال والحضارة والتخلف والعلم والتقدم والتقنية والدين والدنيا والتاريخ والمستقبل ، والخيال والطموح والفرح والترح والحزن والقهر والطموح والأمل والتفاؤل و.. و...و .
أما لماذا يكتب الشاعر ؟ فهذا السؤال الذي لم أحبه - واعذرني أخي عبد القادر
عندم تقول لماذا يكتب الشاعر ؟ فكأنك تقول :
لماذا يسبح السمك وتطير الطيور ؟
لماذا تشرق الشمس ؟
لماذا تنفجر البراكين ؟
لماذا تتدفق الشلالات ؟
لماذا تهطل الأمطار ؟
نعم يكتب الشاعر لأنه يرى ويسمع ويحس ويتألم ويحزن ويفرح ويطرب ويفخر ويرجو ويعتب .....و...و...و
باختصار يجب على الشاعر أن يقول الشعر لأنه يشعر ، حتى لو كان هو الوحيد الذي يستمع لشعره .
.....
هل لا زال الشعر ضروريا ؟
نعم بل هو أكثر ضرورة من ذي قبل . بالله عليك قل لي أيهما أكثر أهمية ، وجود عشرات الأطباء بين مئات الأصحاء ، أم وجود طبيب واحد بين آلاف المرضى ؟
كان العرب على سليقتهم في اللغة وكان منهم الكثير من الشعراء . والآن لا سليقة ، أفلا يكون الشعر ؟
نعم إن الله تعالى قد حفظ لنا لغتنا بالقرآن المعجز ، لكن هذا لا يلغي دور الشعر وأهميته في التعبير الفردي والجماعي ، الجمالي ، فالإنسان يحتاج للتغني بمكنونات صدره أينما كان وفي كل وقت .
هذا ما حضرني في هذا الموضوع وعذرا للإطالة .

د. سمير العمري
18-07-2009, 08:11 PM
موضوع يستحق المتابعة والاهتمام ولست أدري كيف غاب عني طوال هذا الوقت.

هي أسئلة مهمة والإجابة عليها أهم وأحسبها تشكل محورا قويا لحوار لا يقف عند حدود هذه الأسئلة بل قد يفرض علينا المزيد منها في آفاق أخرى إما مكملة وإما كاشفة.

أتيت هنا لتأكيد أهمية هذا الموضوع وضرورة استكمال جميع جوانبه ليكون هاديا لمسلك شعري أصدق وأوثق ويمنعني ضيق الوقت الآن لأكثر من تثبيت الموضوع والوعد بعودة بل بأكثر من عودة لمناقشة ما طرح وطرح ما لم يناقش.

للتثبيت


ودعوة للأدباء جميعا لطرح أفكارهم أو مناقشة أفكار وآراء الآخرين.


تحياتي