المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ضحكٌ كالبكاء !!



ماجد الغامدي
21-12-2006, 12:08 AM
قال السماء كئيبة ! وتجهما = قلت: ابتسم يكفي التجهم في السما ! (1)
قال: الصبا ولى! فقلت له: ابتــسم =لن يرجع الأسف الصبا لمتصرما !!


تقول إحدى النظريات أن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يضحك ويبكي لأنه يستطيع أن يرى فرقاً بين ما ينبغي أن يكون وبين ما يحدث فعلاً !

إذن هو باعث جديد للضحك خلاف العديد من بواعث الضحك.

هل نعتبر السعاده مقياس نسبي أم نخضعها لمقياس شخصي يكون مؤشره مزاجنا وباعثه ظروفنا ويومياتنا ! و هل تنسى أن غيرك يتمنى أن يكون مكانك ليقول ما أسعدني !

هل ستتذكر لحظة كآبه مرّت بك وتراها فرصةً للإبتهاج بالنسبه لبؤسك الحالي أو تعاستك المنتظره !

لا ألومك يا نايف صقر حين قلت : الخوف يجتاحني وجه الطريق أسمر !!



قلت ابتسم مادام بينك و الردى = شبر, فإنك بعد لن تتبسما(1)



هل أصبح الباعث الوحيد للإبتسامه (لاالضحك) هو بقاؤك حيّا!!

http://i134.photobucket.com/albums/q106/abushams/clip_image002.jpg


اعترف أرسطو بضرورة الضحك مع تأكيد الحاجه إلى الإعتدال ، وقال أبو حيان التوحيدي " إيّاك أن تعاف سماع الأشياء المضروبه بالهزل الجاريه على السخف لإنك لو أضربت عنها جملةً لنقص فهمك وتبلّدَ طبعك".

وعلى كثرة ما نرى السخف والهزل موغلاً في الحياه اليوميه المرئيه والمسموعه إلا أن الرغبه في الضحك أصبحت شبه معدومه..!

هل سبق الإنفعال لدينا الفعل وأصبح التبلّد متأصلاً لا تنعشهُ مهازلُ الحياه ولا تحركه سخافات الزمن!


قال : ابتسم , فهممت أن أتبسما=فتسعرت كبدي فأطبقت الفما (2)
ماذا دهى كبدي ؟ وماذا في فمي ؟=لاشيء... لست أطيق أن أتكلما
قال : ابتسم , وأعادها.. وأجادها=فتحفزت شفتي .. فقلصها الظما
ملحٌ دمي , ومطامحي ملحٌ , وفي=عينيَّ ملحٌ مَجّْتاهُ ... وما همى
قال : ابتسم , فسرت بقلبي بسمةٌ=ثم اختفت لما تذكرت الحمى
قلت : الحياة مريرة , قال: انسها=فنسيتها, فنسيت أن أتبسما



السعادةُ التي أعنيها ليست التي يرمقها الطمعُ بنظراته أو التي يمكن أن تجدها في قَناعه !

بل السعادةُ التي يخلقها رضاك عن ما ترى حولك وما تشاهد في مجتمعك وعن النتائج التي تجدها لجهدٍ بذلتهُ فلا تفسدهُ دسيسه ولا تدمرهُ مؤامره.. عن حال إخوانك في الدين والملّه وعن اليوم الذي لا ترى فيه يأس شيخ أو دمعة طفل أو عويل أم أو أرمله !

http://images.google.com.sa/images?q=tbn:5uBcXn38IyvnaM:http://www.prc.org.uk/artimages/soldier1.gif

هل ستكون الحياةُ مبعثاً للأمل إذا كنتَ تعلم أنها حياةٌ بائسه.. هي بالدرجه الأولى منجماً للمآسي أكثر منها مصدراً للأمل ومنهلاً للتفاؤل !؟
أليس من الكذب أن تبتسم للحياه وهي تعتصركَ ألماً !



هبني رسمت على شفاهي بسمة=أيكون قلبي مسرحا أو مرسما (2)
ياناصحي , أرأيت أرضك مرة=بعد الفخار , لدى عدوك مغنما؟
أرأيته يختال في جنباتها=تيها , وشعبك ينحني مستسلما؟
أوما شعرت بان قلبك مضغة=للقهر, والأحداق يسحقها العمى؟!



http://web5.maktoob.com/blog_maktoob/user_files/klasic-a-2006/images/771image.jpeg

لماذا نبشرُ أنفسنا بمزيد من المآسي ونضحك على أنفسنا بالقول :

رُبَّ يومٍ بكيتُ منهُ فلمّا // صرتُ في غيرِهِ بكيتُ عليه !!


أليس في ذلك مدعاةً للإحباط واليأس والتوجس من مستقبل أكثر فضاعةً من واقعنا المرير !



يئستُ ممّا أراني الدهرُ من ألمٍ=فلستُ أشتاقُ للمستقبلِ الآتي !

لقد أصبحت الحياه متجهمه فعلاً والأيام عابسه وجبين الأمل معقوداً!


قال : ابتسم , فالأرض واسعة المدى=حسبي وحسبك أن نفر فنسلما (2)
قلت : ابتسم عني وغب عن ناظري=إن كنت قد أقسمت ألا تفهما
لوكنت مثلك سادرا فلربما=ولربما لوكنت مثلك أعجما
ولربما لو كنت مدمن ذلة=ولربما لو كنت أعمى أبكما
ولربما لو لم يكن لي عزة=شماء ... تحلم أن تجوز الأنجما
ولربما لولم يرق دم مسلم=غدرا... ولاسحق الشقاء المسلما



http://web5.maktoob.com/blog_maktoob/user_files/klasic-a-2006/images/734image.jpeg


هل بقي من مظاهر التجلّدِ شيئاً لتستطيع مكابدة الألم ومصارعة مظاهر الظلم .. وهل سيكون تجلّدك أمام ما يطرأ من جديد حافزاً للصمود أم معولاً لهدم بقايا العزم وسحق فُتات الأمل !



فال : (( التجلد)) ! . قلت : ليس بان تُرى=متبطرا , ويجود غيرك بالدما (2)
إن التبسم والحرائر تستبى=عار, وشر العار أن تتنعما
و(( الصبر)) في ظل الخميلة خسة=إن كان غيرك للأسنة مطعما


ماقيمةُ الإبتسامه إن كانت للتظاهر بالسعاده أو كانت مهرباً من واقعٍ مرير أو تجاهلاً لأحزانٍ تدعو للبكاء !؟ ألا ترى في مصائب مجتمعك ومآسي أمتك غولاً يغتال بهجتك ويفتك بفرحك !؟


أيكون غيرك مجرما. و تبيت في = وجل كأنك أنت صرت المجرما ؟ (1)
قال: العدى حولي علت صيحاتهم = أَأُسر و الأعداء حولي في الحمى ؟
قلت: ابتسم, لم يطلبوك بذمهم = لو لم تكن منهم أجل و أعظما !



لقد أصبح من غير الممكن الظهور بقناع السعاده وأصبح ضحكنا كضحك المتنبي"ضحكٌ كالبكاء "!

أليس لنا أن نصدُق مرّةً ونشاطر الزمان نصيباً من اللوم !


أترى فيـك يازمـان انتقـاص=..أم بأهليك معظم الانتقـاص؟؟!(3)
كلهـم حملـوك كـل الخطايـا=جعلوا منك راعـي الاختصـاص
وأنـــا لا أراك إلا بـريـئـا=وأرى فيك نزهتـي وخلاصـي



ألسنا الذين نصنع النجاح ونرسم الفشل و نقترف الحماقات ونمارس الجبن ونعيش الذل بل ونوقعُ بعضنا في حبائلِ البعض الآخر ليشاركونا مرارة الفشل بدلاً من أن نأخذ على أيديهم ونتعاون لبناء النجاح لا أن نهلك ويهلكوا جميعاً !



منصف يا زمان رغـم المآسـي=رغم من يزعمون أنـك قـاس(3)
ما أتت منـك كاذبـات الأمانـي=حين بعناك بهرجـات الأماسـي
لم تقل للصراع ، إذ حل فينـا ،:=فلتكن طاغيـا قـوي المـراس
لـوّم نحـن يازمانـي وإنــا=سنحمّلـك مـا يهـد الرواسـي
أنت لم تكتـب الشقـاء علينـا=زاعمـا أنـه نظـام سيـاسـي



http://web5.maktoob.com/blog_maktoob/user_files/klasic-a-2006/images/127image.jpeg



أنت لم تكتـب الشقـاء علينـا=زاعمـا أنـه نظـام سيـاسـي



إذن ماسرُّ الشقاء وما سبب البؤس؟! وما مصدر التعاسه ؟ ومَن ألبسنا عباءة الذل وأثقلَ القيود واستمرأ علقم المؤامره في كأسِ التحالفات وأجبرنا على الإنصياع كَرهاً ؟ ومَن كمّمَ أفواه الحق أمام جبروت الطغاه؟!!



شعب مليـار مسلـم يـوم زادوا=رجعوا للورى إلـى ألـف عـام (4)
وبقـوا بعـد صحـوة كنـيـام=واستحبوا القعـود بعـد القيـام
أمـة شقـق الفضـاء صداهـا=ثـم شـدت لسانـهـا بلـجـام
أمـة سـادت الزمـان بـعـز=ركنـت بعـده إلـى استـسـلام
امة لـم يعـد لهـا مـن نفـوذ=غير قصد الصحرا ونصب الخيـام
عرج الكفر من فلسطيـن حتـى=شُـمِ كابـول والعـراق وشـام
حسبـنا الله قادنا اليـوم قـومٌ=لو تراهم ركائمـاً مـن حطـام
فارقوا العـز والكرامـة عمـداً=كـفـراق الأرواح لـلأجـسـام
همـم الحاكمـيـن لالعظـيـم=غير فعل الخنا وشـرب المـدام
مبلغ الشمس مبلغ الـذل فيهـم=كـف وغـد تقودهـم بـزمـام



لقد أصبح من غير الممكن الظهور بقناع السعاده وأصبح ضحكنا كضحك المتنبي"ضحكٌ كالبكاء !!


لقد أصبحت الحياه متجهمه فعلاً والأيام عابسه وجبين الأمل معقوداً!
مَن صادرَ سعادة الملايين ليحافظ على حفنة أوهام أو بخسِ مطامع شخصيّه!؟

مَن قدّم مصلحةَ الأفراد على مصالح الشعوب؟!

مَن الذين خرجوا من إجتماعاتهم بوثيقة "نفسي ..نفسي!"



دعوني من أمانٍ كاذباتٍ=فلم أجدِ المُنى إلاّ ظنونا(5)
وهاتوا لي من الإيمانِ نوراً=وقوّوا بين جنبيَّ اليقينا !




**********
(1) الشاعر إيليا أبو ماضي
(2) الشاعر السوري عبدالله عيسى سلامة
(3) الشاعر درهم جباري
(4) الشاعر ناصر البنّا
(5) الشيخ الشهيد هاشم الرفاعي

ناصر البنا
21-12-2006, 05:59 PM
اخي وعزيزي وصديقي الغالي الى قلبي ماجد الغامدي
اتشرف ان اكون اول من يعرج على موضوعك هذا الاكثر من رائع

ولقد جعلتني والله ابتسم للسعادة من بحر الالام والاحزان !!!!
وهكذا هي الحياة محورها ومرتكزها التقلبات والتحولات من شيئ لاخر
ولقد هيجت قلبي باشجان كنت قد طويتها لكنها الان عادت !!!
دعني الان معها ولك خالص حبي وتحيتي على الدوام

محبك ناصر البنا

محمد الدسوقي
21-12-2006, 07:31 PM
أيها الفحل الأشم

ماجد العز والشموخ

يا ليت حرفي من كان وكيف سرتُ،، أكتبه بالدم أو أجعله كالسيف

لقد أبدعت وحللت كل ما يجري في أسطرك ..

ولا أظن أنني أستزيد .

تحياتي لشخصك الذي يحمل هموم أمة

كن بخير وتفائل بالغد الذي يحمل بشائر الخير بإذن الله .

رعاك الله

حوراء آل بورنو
21-12-2006, 09:56 PM
رغم المرار .. جعلتني أبتسم ، فشكرا لك .

بحق حديث رائق و عذب ، و حقائقه حقائق نفر منها !

أعجبني صنيعك في الاقتباس ، فبراعة لا تعطى للكثيرين ، مرحى لك .

كل التقدير .

عبدالملك الخديدي
21-12-2006, 10:10 PM
بورك فيك يا ماجد ..
وأين نجد هذه الأيام الإبتسامة الصافية الصادقة .. بدون أن نعطي ثمنها حتى ولو إبتسامة أخرى تقابلها .. بلا معنى بلا شعور أو إحساس .
لا يخفى عليك أيها الحبيب القريب .. الإبتسامة أصبحت مقرونة بالمصلحة والفائدة .. والإبتسامة مطلوبة بكل أنواعها .. فذاك أفضل من ( عبوس الوجه ).
فماذا تقول لمن يصد بوجهه ويتجاهل بنظراته نظراتك .. أنا لن أقول له إلا ما قال إيليا أبو ماضي:
يا أخي لا تصد بوجهك عني / لا أنا فحمة ولا أنت فرقد .
تقبل تحيتي وجل تقديري.. والشكر على هذا الموضوع الأكثر من رائع .

محمد إبراهيم الحريري
21-12-2006, 10:31 PM
الأخ الحبيب ماجد ، تحية طيبة
حوار على قارعة الألم يـُشرب الأسى دموع قهر نزت من مآقي آلام تطبع الواقع بميسم الحنق والغبن .
ومن الشعر ما يشنف الصدق آذانه ليكون الند من مسلمات اليقين جهرا وسرا ، ومن الواقع ما يطيح بكل آمال فتداس كرامة المرء بأحذية الظلم ذلا .
ما قدمت أخي يُسجل إعجابا بذاكرة السعير النقدي للحاضر ، وندما على ماض أزفت شمسه على بيات شتوي طويل ، ربما يحوم الشك برقاد سرمدي لزمن صدأت المعاني بغمد نقده فامسى بين قابين وأدنى من تلبد المشاعر حول نصله .
تحياتي أخي
ولك الشكر

أحمد حسن محمد
21-12-2006, 10:35 PM
هناك صورة ما أراها لك في ملامح أحد النجوم..
ماجد بعيدا عن الموضوع أجد انعتاقا فنيا في سماء الأسلوب الذي أحسبه جديدا في الطرح..

لك احترامي أخي العزيز

د. عمر جلال الدين هزاع
22-12-2006, 12:20 AM
أيها الأحبة
وجلساء الخير
فلتسمحوا لي


بتثبيت


هذه الدرة والاحتفاء بصاحبها

http://www.w6w.net/users/23-06-2005/w6w_20050623101026159953b88ee42.gif

هو مرور أول لتسجيل إعجابي
وعود قريب بحول الله بما يليق ببراعتك اخي المكرم

خالص الود

د. محمد حسن السمان
22-12-2006, 12:47 AM
سلام الـلـه عليكم
الأخ الغالي الشاعر ماجد الغامدي

"ضحكٌ كالبكاء !! "
لقد قادني حسن طالعي , في هذه الأمسية الجميلة , لاقرا هذا الموضوع القيّم , الذي ابحرت معك فيه , تقودنا باشرعة مختلفة الألوان , بدأت الرحلة بمطلع قصيدة مشهورة للشاعر الكبير ايليا ابو ماضي , حيث يقول :


قـال السمـاء كئيـبـة ! وتجهـمـا=قلت: ابتسم يكفي التجهم في السما !

ثم وجدتنا ننعش افكارنا , بمقدمة فلسفية وفكرية , نناقش معك فيها , امر اصطفاء الانسان , دون بقية المخلوقات , ليميّز بين الضحك والبكاء :

تقول إحدى النظريات أن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يضحك ويبكي لأنه يستطيع أن يرى فرقاً بين ما ينبغي أن يكون وبين ما يحدث فعلاً !
ثم تنقلنا ببراعة الى ابعد مما جاءت به المقدمة الفكرية , الى باقة فلسفية :

هل نعتبر السعاده مقياس نسبي أم نخضعها لمقياس شخصي يكون مؤشره مزاجنا وباعثه ظروفنا ويومياتنا ! و هل تنسى أن غيرك يتمنى أن يكون مكانك ليقول ما أسعدني !

هل ستتذكر لحظة كآبه مرّت بك وتراها فرصةً للإبتهاج بالنسبه لبؤسك الحالي أو تعاستك المنتظرة

ثم تعود لتتذكر ايليا ابو ماضي من جديد , في بيت آخر من قصيدته :

قلت ابتسم مادام بينك و الردى=شبر, فإنك بعد لن تتبسمـا

ونلمح شذرة فكرية فلسفية , مشفوعة بصورة معبّرة :
هل أصبح الباعث الوحيد للإبتسامه (لاالضحك) هو بقاؤك حيّا!!

وبعد الصورة , تأتي عودة من جديد الى الفلسفة والفكر , لدى اعلام من مثل ارسطو وابي حيان التوحيدي , لتؤكد على ضرورة رسم الابتسامة على الوجه , او حتى الضحك , ضمن اطار التأكيد على انسانية الانسان :

اعترف أرسطو بضرورة الضحك مع تأكيد الحاجة إلى الإعتدال ، وقال أبو حيان التوحيدي " إيّاك أن تعاف سماع الأشياء المضروبة بالهزل الجارية على السخف لإنك لو أضربت عنها جملةً لنقص فهمك وتبلّدَ طبعك".

وقبل ان تنتقل بنا الى ابيات للشاعر السوري عبد الله عيس سلامة , نراك تتدخل في مجرى الاحداث , لتعطي صورة من مخزونك الفكري :
وعلى كثرة ما نرى السخف والهزل موغلاً في الحياه اليوميه المرئيه والمسموعه إلا أن الرغبه في الضحك أصبحت شبه معدومه..!

هل سبق الإنفعال لدينا الفعل وأصبح التبلّد متأصلاً لا تنعشهُ مهازلُ الحياة ولا تحركه سخافات الزمن!

وتأتي الابيات على عجالة :

قال : ابتسم , فهممت أن أتبسما=فتسعرت كبدي فأطبقت الفما

ماذا دهى كبدي ؟ وماذا في فمي ؟=لاشيء... لست أطيق أن أتكلمـا

قال : ابتسم , وأعادها.. وأجادها=فتحفزت شفتي .. فقلصها الظمـا

ملحٌ دمي , ومطامحي ملحٌ , وفـي=عينيَّ ملحٌ مَجّْتاهُ ... ومـا همـى

قال : ابتسم , فسرت بقلبي بسمةٌ=ثم اختفت لمـا تذكـرت الحمـى

قلت : الحياة مريرة , قال: انسها=فنسيتهـا, فنسيـت أن أتبسمـا

وتعود الينا من جديد , لتزودنا من معين اشراقاتك الفلسفية الخاصة :
السعادةُ التي أعنيها ليست التي يرمقها الطمعُ بنظراته أو التي يمكن أن تجدها في قَناعه !

بل السعادةُ التي يخلقها رضاك عن ما ترى حولك وما تشاهد في مجتمعك وعن النتائج التي تجدها لجهدٍ بذلتهُ فلا تفسدهُ دسيسه ولا تدمرهُ مؤامره.. عن حال إخوانك في الدين والملّه وعن اليوم الذي لا ترى فيه يأس شيخ أو دمعة طفل أو عويل أم أو أرمله !



هل ستكون الحياةُ مبعثاً للأمل إذا كنتَ تعلم أنها حياةٌ بائسه.. هي بالدرجه الأولى منجماً للمآسي أكثر منها مصدراً للأمل ومنهلاً للتفاؤل !؟
أليس من الكذب أن تبتسم للحياه وهي تعتصركَ ألماً !
وفي عودة للشاعر عبد الله عيسى سلامة , تختار منه الابيات التالية :


هبني رسمت على شفاهي بسمـة=أيكون قلبي مسرحا أو مرسما

ياناصحي , أرأيت أرضك مـرة=بعد الفخار , لدى عدوك مغنمـا؟

أرأيتـه يختـال فـي جنباتـهـا=تيها , وشعبك ينحني مستسلمـا؟

أوما شعرت بان قلبـك مضغـة=للقهر, والأحداق يسحقها العمى؟!
وتعود بنا من جديد بين مد وجذر , لتؤكد فلسفة ناجحة كل النجاح :

"لماذا نبشرُ أنفسنا بمزيد من المآسي ونضحك على أنفسنا بالقول :

رُبَّ يومٍ بكيتُ منهُ فلمّا // صرتُ في غيرِهِ بكيتُ عليه !!


أليس في ذلك مدعاةً للإحباط واليأس والتوجس من مستقبل أكثر فضاعةً من واقعنا المرير !

يئستُ ممّا أراني الدهرُ من ألـمٍ=فلستُ أشتاقُ للمستقبلِ الآتي !

لقد أصبحت الحياه متجهمه فعلاً والأيام عابسه وجبين الأمل معقوداً!
ماقيمةُ الإبتسامة إن كانت للتظاهر بالسعادة أو كانت مهرباً من واقعٍ مرير أو تجاهلاً لأحزانٍ تدعو للبكاء !؟ ألا ترى في مصائب مجتمعك ومآسي أمتك غولاً يغتال بهجتك ويفتك بفرحك !؟
وتوغل في تلخيص الافكار الفلسفية التي سقتها سابقا و لتستند على المتنبي , في مشابهة قوية الوقع :
لقد أصبح من غير الممكن الظهور بقناع السعادة وأصبح ضحكنا كضحك المتنبي"ضحكٌ كالبكاء "!

أليس لنا أن نصدُق مرّةً ونشاطر الزمان نصيباً من اللوم !

وتنتقل الى الشاعر درهم جباري و لتستعير بعض فكره :


أتـرى فيـك يازمـان انتقـاص=..أم بأهليك معظم الانتقاص؟؟!

كلهـم حملـوك كـل الخطايـا=جعلوا منك راعـي الاختصـاص

وأنـــا لا أراك إلا بـريـئـا=وأرى فيـك نزهتـي وخلاصـي

ثم تتفجر لديك صرخات غاضبة , فيها الكثير من اللوم والمراجعة النفسية :

ألسنا الذين نصنع النجاح ونرسم الفشل و نقترف الحماقات ونمارس الجبن ونعيش الذل بل ونوقعُ بعضنا في حبائلِ البعض الآخر ليشاركونا مرارة الفشل بدلاً من أن نأخذ على أيديهم ونتعاون لبناء النجاح لا أن نهلك ويهلكوا جميعاً !


منصف يا زمان رغم المآسـي=رغم من يزعمون أنك قاس

ما أتت منك كاذبات الأمانـي=حين بعناك بهرجات الأماسـي

لم تقل للصراع ، إذ حل فينا ،:=فلتكن طاغيا قـوي المـراس

لـوّم نحـن يازمانـي وإنـا=سنحمّلك ما يهـد الرواسـي

أنت لم تكتب الشقـاء علينـا=زاعما أنـه نظـام سياسـي

وبعد هذا الغضب والثورة , نجدك قد رجعت الى مناقشة هادئة , ذات طابع تقريري :

إذن ماسرُّ الشقاء وما سبب البؤس؟! وما مصدر التعاسه ؟ ومَن ألبسنا عباءة الذل وأثقلَ القيود واستمرأ علقم المؤامرة في كأسِ التحالفات وأجبرنا على الإنصياع كَرهاً ؟ ومَن كمّمَ أفواه الحق أمام جبروت الطغاه؟!!

ثم تأتينا بشواهد من الشاعر ناصرالبنا , يقول فيها :


شعب مليار مسلم يـوم زادوا=رجعوا للورى إلى ألف عام

وبقوا بعـد صحـوة كنيـام=واستحبوا القعود بعـد القيـام

أمة شقـق الفضـاء صداهـا=ثـم شـدت لسانهـا بلجـام

أمـة سـادت الزمـان بعـز=ركنت بعـده إلـى استسـلام

امة لم يعـد لهـا مـن نفـوذ=غير قصد الصحرا ونصب الخيام

عرج الكفر من فلسطين حتـى=شُمِ كابول والعـراق وشـام

حسبنا الله قادنا اليـوم قـومٌ=لو تراهم ركائماً مـن حطـام

فارقوا العز والكرامـة عمـداً=كفـراق الأرواح للأجـسـام

همـم الحاكميـن لالعظـيـم=غير فعل الخنا وشـرب المـدام

مبلغ الشمس مبلغ الذل فيهـم=كف وغـد تقودهـم بزمـام

لقد أصبح من غير الممكن الظهور بقناع السعاده وأصبح ضحكنا كضحك المتنبي"ضحكٌ كالبكاء !!

لقد أصبحت الحياه متجهمة فعلاً والأيام عابسه وجبين الأمل معقوداً!
مَن صادرَ سعادة الملايين ليحافظ على حفنة أوهام أو بخسِ مطامع شخصيّة!؟

مَن قدّم مصلحةَ الأفراد على مصالح الشعوب؟!

مَن الذين خرجوا من إجتماعاتهم بوثيقة "نفسي ..نفسي!"
لتختتم رحلتنا بابيات ايمانية للشاعر الشهيد هاشم الرفاعي :


دعوني من أمانٍ كاذبـاتٍ=فلم أجدِ المُنى إلاّ ظنونا

وهاتوا لي من الإيمانِ نوراً=وقوّوا بين جنبيَّ اليقينـا !

والعمل الذي قدمته هنا , عمل رائع , يدلل عن غنى فكري , وتذوّق شعري عال , واحساس ادبي مرهف , وسعة اطلاع , بالاضافة الى الموقف الانساني والغيرة النبيلة على الأمة والوطن .
تقبل محبتي وتقديري

اخوكم
السمان

مصطفى بطحيش
22-12-2006, 01:31 AM
ابحر معك ايها الربان الحاذق

في بحور المعرفة العميقة الهادئة المعدة بعناية
غزارة في المصادر , جدة في الاسلوب والطرح , تراوح بين قراءة الواقع وقراءة الفكر

لك الود والتقدير

محمد المختار زادني
22-12-2006, 04:22 PM
وأنا على أثركم إخوتي في صحاري الألم

غير أني لا أبكي إلا قوما هذا شأنهم:


وأنتم غفـل أسْمـاعٍ مشمعةٍ = كأنكمُ لدى الصرخـاتِ أصنـامُ
غثـاء تنبتـون بحقـل أسمـاء=وتحصـركم علـى الأوراق أرقام
"سنافـر" والجهـالة فوقكم ضلل=وسادتكـم بعيـن الخصم أقزام
جهنـم في العـراق تنفسـت حممـا=وبالدم فاض في لبنان حمـام

لكنني لم أعرف اليأس أبدا

وكم ابتسمت حين كان يلويني الألم!

لكم تحياتي الخالصة أيها الفذاذ

د. عمر جلال الدين هزاع
22-12-2006, 05:04 PM
عودة لحوارك يا حبيب :



تقول إحدى النظريات أن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يضحك ويبكي لأنه يستطيع أن يرى فرقاً بين ما ينبغي أن يكون وبين ما يحدث فعلاً !


يقول رب العزة :

( وأنه هو أضحك و أبكى ) .. النجم

وليس في ذلك دلالة على تفرد الإنسان بالضحك دون بقية المخلوقات

ثم تكتمل الآيات متتابعة :

( وأنه خلق الزوجين الذكر و الأنثى ) ... النجم

وهنا استطراد كدليل آخر على أن ما سبق مشمول في هذه الآية
والله اعلم



هل أصبح الباعث الوحيد للإبتسامه (لاالضحك) هو بقاؤك حيّا!!

بل ربما يكون ذلك مصدر حزن وكآبة عندما لا يجد المرء له معنى في هذه الحياة
وعندما لا تكون الحياة إلا مصدراً لمزيد من الذنوب و المآسي



وعلى كثرة ما نرى السخف والهزل موغلاً في الحياه اليوميه المرئيه والمسموعه إلا أن الرغبه في الضحك أصبحت شبه معدومه..!

وهل بعد الذي نلقى من قهر يومي وبعد إنحسار مد الشفافية والتقى والطهر
هناك حاجة للضحك
فلنضحك من أنفسنا إن استطعنا الضحك ( من القلب ) في هذا الخضم ..

http://www.aljoood.com/forums/images/news/7_5_131.gif

أما الابتسام
فهو إطار لصورة نحب أن نكون عليها وأن نتظاهر بها

http://vb.vip600.com/images/smilies/MM3golah.gif

فإن اقتحم عنوة ملامح وقسمات وجوهنا
فما أحلاه من اقتحام

http://smilies.sofrayt.com/fsc/thumbs-up.gif


بارك الله بك أخي المكرم
موضوع مميز بحق
وجهد كبير في اختيار الصور و الأبيات
والمفردات
والتساؤلات التي قد ذكرتني بفيصل قاسم واتجاهاته المتعاكسة
ولكنها تظل الأنقى والأجمل

خالص المحبة

http://www.gwafi.net/vb/images/smilies/006.gif

والتقدير

ماجد الغامدي
23-12-2006, 10:19 PM
اخي وعزيزي وصديقي الغالي الى قلبي ماجد الغامدي
اتشرف ان اكون اول من يعرج على موضوعك هذا الاكثر من رائع
ولقد جعلتني والله ابتسم للسعادة من بحر الالام والاحزان !!!!
وهكذا هي الحياة محورها ومرتكزها التقلبات والتحولات من شيئ لاخر
ولقد هيجت قلبي باشجان كنت قد طويتها لكنها الان عادت !!!
دعني الان معها ولك خالص حبي وتحيتي على الدوام
محبك ناصر البنا


ناصر البنّا الشاعر الأنيق والصديق الشقيق

شكراً لحضورك الواعي وإحساسك الصادق

إنها لحظة نقاش مع الواقع مع علمي المسبق بفداحة النتائج :009:

وقد كان لكم الفضل في بلورة الفكره وخروجها بهذا الكم من الصرخات

شكراً لك يا عزيزي ولك تحيتي

خليل حلاوجي
24-12-2006, 08:00 AM
همـم الحاكميـن لالعظـيـم
غير فعل الخنا وشـرب المـدام

استوقني البنا الهمام ...
الحق اني لاارى للحاكم اي ذنب من قبل ان يثبت المحكوم براءته من الجرم

وعندي ان الاثنين سيان في فعل التحفيز للتقهقر

وقولك اخي الرائع عن فعل الخنا وشرب المدام ... لم أستبن منه اكان سببا ً أم نتيجة

أخي المتألق

نحن بحاجة ماسة اليوم لاعادة صياغة وعينا بمفواجع مايحصل لنا

والامر موجع ومفزع ومقرع

فهل الى هذه الهمة في شعرك الغزير ... نصيب

ومعك الماجد وباقي الفحول

\
د

تقبلوا عزائي بغد الامة ... ونحن معكم منتظرون

علي أسعد أسعد
26-12-2006, 01:11 AM
أيها الماجد ...

سكنت هنا ليس قليلا ً من الوقت ...

وكنت حائراً بين الصمت
وبين المرور على مهل ....


رأيتك شاعراً
ورأيتك فيلسوفاً

وعالم نفس

كبير أنت

كبير وربي

ماجد الغامدي
26-12-2006, 09:47 PM
أيها الفحل الأشم
ماجد العز والشموخ
يا ليت حرفي من كان وكيف سرتُ،، أكتبه بالدم أو أجعله كالسيف
لقد أبدعت وحللت كل ما يجري في أسطرك ..
ولا أظن أنني أستزيد .
تحياتي لشخصك الذي يحمل هموم أمة
كن بخير وتفائل بالغد الذي يحمل بشائر الخير بإذن الله .
رعاك الله


صديقي العزيز محمد شكراً لقدومك الجليل وثنائك العاطر وهو شعاعٌ من قبسكم..

نحن نرجو أن يكون الغد أفضلَ حالاً ولكنّا غير متفائلين..

أحيانا كثيره نُجبر على أن نقول:

ابتسم عني..! كما قال المبدع عبدالله عيسى سلامة

شكراً لك يا عزيزي وعلى روحك اللطيفه

ماجد الغامدي
26-12-2006, 09:52 PM
رغم المرار .. جعلتني أبتسم ، فشكرا لك .
بحق حديث رائق و عذب ، و حقائقه حقائق نفر منها !
أعجبني صنيعك في الاقتباس ، فبراعة لا تعطى للكثيرين ، مرحى لك .
كل التقدير .


إنه ضحكٌ كالبكاء..

أشكرك على حضورك ومشاركتنا العويل :008:

الإقتباسات كانت لأنها نكأت الجرح فجمعتها لتكتمل اللوحه !!

شكراً ولك تقديري وامتناني

ماجد الغامدي
26-12-2006, 10:08 PM
بورك فيك يا ماجد ..
وأين نجد هذه الأيام الإبتسامة الصافية الصادقة .. بدون أن نعطي ثمنها حتى ولو إبتسامة أخرى تقابلها .. بلا معنى بلا شعور أو إحساس .
لا يخفى عليك أيها الحبيب القريب .. الإبتسامة أصبحت مقرونة بالمصلحة والفائدة .. والإبتسامة مطلوبة بكل أنواعها .. فذاك أفضل من ( عبوس الوجه ).
فماذا تقول لمن يصد بوجهه ويتجاهل بنظراته نظراتك .. أنا لن أقول له إلا ما قال إيليا أبو ماضي:
يا أخي لا تصد بوجهك عني / لا أنا فحمة ولا أنت فرقد .
تقبل تحيتي وجل تقديري.. والشكر على هذا الموضوع الأكثر من رائع .

العزيز الصديق عبد الملك الخديدي

نعم هذا التصرف ممقوت والتبسم مطلوب ولكن الموانع كثيره..

والمراد هنا بالإبتسام كظاهره وليس حاله خاصه..

أشكرك أيها الصديق الشقيق ولك تحياتي :0014: