تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : رائحة الخشب



محمد سامي البوهي
26-12-2006, 05:03 PM
رائحــة الخشــب

كنت أرسم بقلمي الصغير حدود الدنيا بين ضفاف مدينتي، قدر لها ان يحصرها النيل بزرقته، والبحر بأمواجه، أنظر ناحية البحر فأتعثر بنهاية العالم، استدير ناحية النيل فيواجهني بمنتهى الجمال، بنيت معتقداني الصغيرة ان مدينتنا هي الأرض الشاسعة، وما دون ذلك من أمكنة جزر عالقة بمياه البحر الممتدة، أغمض عيني، أنام كما النيل في أحضان البحر، أصبح على تلك الدقات المتتالية، المنتظمة، تنظمها جواكيش النجارين، الكلمات الصباحية تهشم أقفال ورش النجارة الصغيرة 'يا فتاح يا عليم.. يا رزاق يا كريم.. أصبحنا وأصبح الملك لله'، أشم رائحة الخشب المطحون، أتلذذ بها، أستعيد معها أيام إجازتي الصيفية، حيث الحاقي بإحدى ورش النجارة للعمل، ذلك ما تجري عليه العادة في مدينتي العاشقة 'دمياط'، بل كان تعلم الحياة هو الغاية من هذه العادة، كل شيء في الورشة كان له في ذاكرتي مدلوله الخاص، الغراء بأبخرته الساخنة، يترك داخلي صورا للخوف، أرتعد منه، من سطوته، طغيانه، يغلي فوق الموقد الحجري، يلهث بفقاقيع ملتهبة، أكتم أنفاسه بفرشاة كبيرة، يستعين بها 'المعلم' ليفرض هيبتها على ألواح الخشب المسكينة، كانت 'المنجلة' تمثل لي رمزا للقيد، السجن، بل للموت أحيانا، يعتقل 'المعلم' يد المذنب بين شفرتيها الخشبيتين، يشد عليها بقوة كقطعة خشب صغيرة أبت الانصياع للتشكيل، يأتي يوم الخميس أجمل أيام حياتي، يوم الحصاد، نجني فيه ثمرة تعبنا، اتقاسمها بين نفس الطفل الكامنة داخلي، وبين حصالتي الخشبية، أفرح عندما أهدهدها، أسمع صوت النقود تزغرد داخلها، أشم رائحة الخشب المنبعثة منها ، أهتف بالحياة لكل أشجار العالم، أطير الى البحر لشراء 'الدوم، التين الشوكي، غزل البنات'، اتبادل مع اصدقائي المعلومات، عن ورش النجارة التي يعملون بها، 'المعلمين'، الأجور، عند المغرب نودع الرمال المبللة، جحورنا التي بنيناها، الأمواج العائدة، بقايا أشرعة القوارب البعيدة التي كنا نتسابق على رؤيتها، نطوي الشمس خلفنا تصارع النوارس المهاجرة، نعود، أصبح كي أهشم قفل الورشة، أنظف الأرضية من قشور الأخشاب المتطايرة، أدير مؤشر الراديو، أتوقف به على اذاعة القرآن الكريم، أنشغل برش المياه أمام الباب لإحباط محاولات الغبار من التراكم بالداخل، انتظر 'المعلم' لابدأ معه قطف يوم جديد من باقة إجازتي الصيفية، أودع أيام العمل، استعد لاستقبال أيام الدراسة، أهشم بالفرح المخلوط بالشغف غطاء حصالتي الخشبية، أعد نقودي، أطير صوب أبي كي أبلغه بما جمعت، يطعمني بابتسامته الحانية، يربت على كتفي، يضع بين يدي أضعاف المبلغ، بأول أيام عامي الدراسي، أكتسي ملابسي الجديدة، جوربي، حقيبتي، حذائي، أمشي ببهاء المنتصر، أشم رائحة الخشب العالقة بندى الصباح، فأهدي شكري لكل أشجار العالم .

محمد سامي البوهي
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــ
المنجلة : هي أداة يدوية تستخدم في تثبيث قطع الخشب ليتمكن النجار من تشكيلها.

نشرت القصة بجريدة القبس الكويتية بتاريخ :22/1/2007

القصة من مجموعة: أهرامات الضحك

وفاء شوكت خضر
26-12-2006, 05:20 PM
الخ الفاضل / سامي البوهي ..

كم هي جميلة مراتع الطفولة ، وكم نحن إليها ..
لكني حين قأت نصك أحسست الحسرة ، فلم تكن طفولتي مثلك في ربوع وطني ، بين سهوله وجباله ووديانه ، لم ترَ طفولتي ربيعها في أرض الوطن ولا لاحقت الفراشات ، ولا ركضت وراء قطط الشارع ، ولم تغتسل قدماي بمياه مجرى السيل ، ولا تراشقنا بها .
أكاد أشم رائحة الخشب ، والغراء ، ولكم لفت نتباهي جملة في نصك .
أدير مؤشر الهاتف أتوقف به عل إذاعة القرآن الكريم ،
لعل كلمة الهاتف سقطت سهوا مكان المذياع .

لك التحية والتقدير .

محمد سامي البوهي
26-12-2006, 06:33 PM
الأخت / وفاء

دخون

هناك من ينعمون بأوطانهم ، لكنهم غرباء بها ، وهذا أكثر قسوة ، سمة التشتت لازمتنا جميعا يا وفاء ، اللهم جمعنا ، بأوطاننا .

حسنية تدركيت
26-12-2006, 06:57 PM
ذكريات منسابة جميلة رسمتها يد فنان يتقن فن الرسم
سلمت اخي الفاضل نص رائع

محمد سامي البوهي
26-12-2006, 07:46 PM
الأخت الكريمة / حسنية

أشكرك على هذا المرور العطر ، مع اول التقاء بكلماتي ، أرجو أن اكون عند حسن ظنك دائما .

دمت مبدعة

الشربينى خطاب
26-12-2006, 08:36 PM
يا أجملك يا بوهي سحبت من الذاكرة حيل الذكريات اليريئة , وأختنا إلي مجمع البحرين لنري حافة العالم من أمامنا وإذا نظرنا خلفنا رأينا حضارة وادي النيل المنتهية عند معبد حابي بأعالي الحبشة ، سرد خالي من الغش والبكش والأونطة ، ورائحة الخشب هي عبير دمياط وورش صناعة الأثاث صالون وسفرة وحجرة النوم أمل العرائس جميلة يا متبولي 00 قصدي
يا سامي يا بوهي 00أبعتلك صنية صيادية وقرصين مشبك علي اللنك وأهو كله بثوابه
خالص تحياتي

يمنى سالم
27-12-2006, 12:23 AM
وللخشب حكاياته التي لا تنسى..!!

نعم سيدي ..

هناك في "عدن" ذات الطقس، فرائحة الخشب المحترقة المختلطة برائحة الخبز "الصندوق" وجدتي وهي تقف لتخبز في مطبخها مفضلة خبزها على خبز المخبز..

وصوت الشارع وهو يستيقظ كسلان...

يا الله...بعض الملامح لا تغيب عنا..

رائع هذا النص وبجنون..

يجبرني على العودة للماضي..

كن بخير

محمد سامي البوهي
27-12-2006, 04:35 PM
يا أجملك يا بوهي سحبت من الذاكرة حيل الذكريات اليريئة , وأختنا إلي مجمع البحرين لنري حافة العالم من أمامنا وإذا نظرنا خلفنا رأينا حضارة وادي النيل المنتهية عند معبد حابي بأعالي الحبشة ، سرد خالي من الغش والبكش والأونطة ، ورائحة الخشب هي عبير دمياط وورش صناعة الأثاث صالون وسفرة وحجرة النوم أمل العرائس جميلة يا متبولي 00 قصدي
يا سامي يا بوهي 00أبعتلك صنية صيادية وقرصين مشبك علي اللنك وأهو كله بثوابه
خالص تحياتي
السلام عليكم ورحمة الله

أخي العزيز / الشربيني خطاب

أشكرك على هذاالمرور ، والقراءة الواعية ، أتمنى تواجدك الدائم.

محمد سامي البوهي
27-12-2006, 05:41 PM
وللخشب حكاياته التي لا تنسى..!!
نعم سيدي ..
هناك في "عدن" ذات الطقس، فرائحة الخشب المحترقة المختلطة برائحة الخبز "الصندوق" وجدتي وهي تقف لتخبز في مطبخها مفضلة خبزها على خبز المخبز..
وصوت الشارع وهو يستيقظ كسلان...
يا الله...بعض الملامح لا تغيب عنا..
رائع هذا النص وبجنون..
يجبرني على العودة للماضي..
كن بخير
السلام عليكم ورحمة الله

الأخت الكريمة / يمنى سالم

جميلة جدا هي قريتنا العربية الصغيرة ، جميل أن نستمتع ببحارها ، وأنهارها ، قرية عربية خالصة ، لا تشوبها يد طاغية ، ولا تدنسها أرجل تتستر بالصليب

دمت مبدعة

محمد سامي البوهي
25-01-2007, 06:48 PM
الأخت / وفاء

دخون

هناك من ينعمون بأوطانهم ، لكنهم غرباء بها ، وهذا أكثر قسوة ، سمة التشتت لازمتنا جميعا يا وفاء ، اللهم جمعنا ، بأوطاننا .

د. نجلاء طمان
27-03-2007, 11:43 AM
رائحــة الخشــب

كنت أرسم بقلمي الصغير حدود الدنيا بين ضفاف مدينتي، قدر لها ان يحصرها النيل بزرقته، والبحر بأمواجه، أنظر ناحية البحر فأتعثر بنهاية العالم، استدير ناحية النيل فيواجهني بمنتهى الجمال، بنيت معتقداني الصغيرة ان مدينتنا هي الأرض الشاسعة، وما دون ذلك من أمكنة جزر عالقة بمياه البحر الممتدة، أغمض عيني، أنام كما النيل في أحضان البحر، أصبح على تلك الدقات المتتالية، المنتظمة، تنظمها جواكيش النجارين، الكلمات الصباحية تهشم أقفال ورش النجارة الصغيرة 'يا فتاح يا عليم.. يا رزاق يا كريم.. أصبحنا وأصبح الملك لله'، أشم رائحة الخشب المطحون، أتلذذ بها، أستعيد معها أيام إجازتي الصيفية، حيث الحاقي بإحدى ورش النجارة للعمل، ذلك ما تجري عليه العادة في مدينتي العاشقة 'دمياط'، بل كان تعلم الحياة هو الغاية من هذه العادة، كل شيء في الورشة كان له في ذاكرتي مدلوله الخاص، الغراء بأبخرته الساخنة، يترك داخلي صورا للخوف، أرتعد منه، من سطوته، طغيانه، يغلي فوق الموقد الحجري، يلهث بفقاقيع ملتهبة، أكتم أنفاسه بفرشاة كبيرة، يستعين بها 'المعلم' ليفرض هيبتها على ألواح الخشب المسكينة، كانت 'المنجلة' تمثل لي رمزا للقيد، السجن، بل للموت أحيانا، يعتقل 'المعلم' يد المذنب بين شفرتيها الخشبيتين، يشد عليها بقوة كقطعة خشب صغيرة أبت الانصياع للتشكيل، يأتي يوم الخميس أجمل أيام حياتي، يوم الحصاد، نجني فيه ثمرة تعبنا، اتقاسمها بين نفس الطفل الكامنة داخلي، وبين حصالتي الخشبية، أفرح عندما أهدهدها، أسمع صوت النقود تزغرد داخلها، أشم رائحة الخشب المنبعثة منها ، أهتف بالحياة لكل أشجار العالم، أطير الى البحر لشراء 'الدوم، التين الشوكي، غزل البنات'، اتبادل مع اصدقائي المعلومات، عن ورش النجارة التي يعملون بها، 'المعلمين'، الأجور، عند المغرب نودع الرمال المبللة، جحورنا التي بنيناها، الأمواج العائدة، بقايا أشرعة القوارب البعيدة التي كنا نتسابق على رؤيتها، نطوي الشمس خلفنا تصارع النوارس المهاجرة، نعود، أصبح كي أهشم قفل الورشة، أنظف الأرضية من قشور الأخشاب المتطايرة، أدير مؤشر الراديو، أتوقف به على اذاعة القرآن الكريم، أنشغل برش المياه أمام الباب لإحباط محاولات الغبار من التراكم بالداخل، انتظر 'المعلم' لابدأ معه قطف يوم جديد من باقة إجازتي الصيفية، أودع أيام العمل، استعد لاستقبال أيام الدراسة، أهشم بالفرح المخلوط بالشغف غطاء حصالتي الخشبية، أعد نقودي، أطير صوب أبي كي أبلغه بما جمعت، يطعمني بابتسامته الحانية، يربت على كتفي، يضع بين يدي أضعاف المبلغ، بأول أيام عامي الدراسي، أكتسي ملابسي الجديدة، جوربي، حقيبتي، حذائي، أمشي ببهاء المنتصر، أشم رائحة الخشب العالقة بندى الصباح، فأهدي شكري لكل أشجار العالم .
محمد سامي البوهي
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــ
المنجلة : هي أداة يدوية تستخدم في تثبيث قطع الخشب ليتمكن النجار من تشكيلها.
نشرت القصة بجريدة القبس الكويتية بتاريخ :22/1/2007
القصة من مجموعة: أهرامات الضحك


تنفست معك..
رائحة النيل..
البحر..
الخشب..
فانتشيت..
ثم تنفست..
رائحة الغراء..


فارتعدت
أجمل الشذى من دمياط الحبيبة
الوردة السوداء.

سحر الليالي
27-03-2007, 04:26 PM
مبدع أنت دوما اخي سامي
رائع وأكثر
دمت ودام ابداعك الجميل

لك خالص تقديري وباقة ورد

حوراء آل بورنو
27-03-2007, 04:46 PM
الفاضل

منذ اللحظة الأولى لعرض نصك كنت قد كتبت تعليقاً عليه .. و لكنه للأسف ضاع في لحظة فساد اتصال . و الحق أن جمال نصك يكمن جلّه في صدق الحس و عمق التجربة ؛ فذكريات الطفولة أكثر ما يعلق بالروح و أعظم ما يحفظه القلب و أجود ما يعبر عنه القلم .. فتخرج صادقة .. صادقة لتصل نقية .. نقية و مؤثرة .

بعض زلل لغوي فاتك تصحيحه .

كل التقدير .

محمد سامي البوهي
08-04-2007, 09:58 AM
تنفست معك..
رائحة النيل..
البحر..
الخشب..
فانتشيت..
ثم تنفست..
رائحة الغراء..
فارتعدت
أجمل الشذى من دمياط الحبيبة
الوردة السوداء.

الأستاذة الوردة السوداء

بنفس المكان تنفسنا هواءً مشتركاً ، وضمنا وطن واحد ، وبحر واحد ، وجب له علينا كل الوفاء والولاء .

أشكرك

حسام القاضي
10-04-2007, 11:20 PM
أخي الأديب / محمد سامي البوهي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سكبت هنا ذكريات الطفولة بعفوية
تناسب تلك الفترة البريئة ..
هذه العفوية والتلقائية جعلت نصك يأتي بسيطاً دون تعقيد
صادقاً دون افتعال فمس داخل كل منا مناطق كامنة في تلافيف
الذاكرة .
"أشم رائحة الخشب العالقة بندى الصباح، فأهدي شكري لكل أشجار العالم ."
نهاية رائعة ، أروع ما فيها أنها جاءت من نفس مفردات العمل .

تقبل تقيري واحترامي .

اسامة يس
11-04-2007, 07:51 AM
رائحــة الخشــب

كنت أرسم بقلمي الصغير حدود الدنيا بين ضفاف مدينتي، قدر لها ان يحصرها النيل بزرقته، والبحر بأمواجه، أنظر ناحية البحر فأتعثر بنهاية العالم، استدير ناحية النيل فيواجهني بمنتهى الجمال، بنيت معتقداني الصغيرة ان مدينتنا هي الأرض الشاسعة، وما دون ذلك من أمكنة جزر عالقة بمياه البحر الممتدة، أغمض عيني، أنام كما النيل في أحضان البحر، أصبح على تلك الدقات المتتالية، المنتظمة، تنظمها جواكيش النجارين، الكلمات الصباحية تهشم أقفال ورش النجارة الصغيرة 'يا فتاح يا عليم.. يا رزاق يا كريم.. أصبحنا وأصبح الملك لله'، أشم رائحة الخشب المطحون، أتلذذ بها، أستعيد معها أيام إجازتي الصيفية، حيث الحاقي بإحدى ورش النجارة للعمل، ذلك ما تجري عليه العادة في مدينتي العاشقة 'دمياط'، بل كان تعلم الحياة هو الغاية من هذه العادة، كل شيء في الورشة كان له في ذاكرتي مدلوله الخاص، الغراء بأبخرته الساخنة، يترك داخلي صورا للخوف، أرتعد منه، من سطوته، طغيانه، يغلي فوق الموقد الحجري، يلهث بفقاقيع ملتهبة، أكتم أنفاسه بفرشاة كبيرة، يستعين بها 'المعلم' ليفرض هيبتها على ألواح الخشب المسكينة، كانت 'المنجلة' تمثل لي رمزا للقيد، السجن، بل للموت أحيانا، يعتقل 'المعلم' يد المذنب بين شفرتيها الخشبيتين، يشد عليها بقوة كقطعة خشب صغيرة أبت الانصياع للتشكيل، يأتي يوم الخميس أجمل أيام حياتي، يوم الحصاد، نجني فيه ثمرة تعبنا، اتقاسمها بين نفس الطفل الكامنة داخلي، وبين حصالتي الخشبية، أفرح عندما أهدهدها، أسمع صوت النقود تزغرد داخلها، أشم رائحة الخشب المنبعثة منها ، أهتف بالحياة لكل أشجار العالم، أطير الى البحر لشراء 'الدوم، التين الشوكي، غزل البنات'، اتبادل مع اصدقائي المعلومات، عن ورش النجارة التي يعملون بها، 'المعلمين'، الأجور، عند المغرب نودع الرمال المبللة، جحورنا التي بنيناها، الأمواج العائدة، بقايا أشرعة القوارب البعيدة التي كنا نتسابق على رؤيتها، نطوي الشمس خلفنا تصارع النوارس المهاجرة، نعود، أصبح كي أهشم قفل الورشة، أنظف الأرضية من قشور الأخشاب المتطايرة، أدير مؤشر الراديو، أتوقف به على اذاعة القرآن الكريم، أنشغل برش المياه أمام الباب لإحباط محاولات الغبار من التراكم بالداخل، انتظر 'المعلم' لابدأ معه قطف يوم جديد من باقة إجازتي الصيفية، أودع أيام العمل، استعد لاستقبال أيام الدراسة، أهشم بالفرح المخلوط بالشغف غطاء حصالتي الخشبية، أعد نقودي، أطير صوب أبي كي أبلغه بما جمعت، يطعمني بابتسامته الحانية، يربت على كتفي، يضع بين يدي أضعاف المبلغ، بأول أيام عامي الدراسي، أكتسي ملابسي الجديدة، جوربي، حقيبتي، حذائي، أمشي ببهاء المنتصر، أشم رائحة الخشب العالقة بندى الصباح، فأهدي شكري لكل أشجار العالم .
محمد سامي البوهي
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــ
المنجلة : هي أداة يدوية تستخدم في تثبيث قطع الخشب ليتمكن النجار من تشكيلها.
نشرت القصة بجريدة القبس الكويتية بتاريخ :22/1/2007
القصة من مجموعة: أهرامات الضحك
اخي المبدع/ محمد سامي البوهي
للروائح إذن ذكرى تعود حين تعود اليها النفس ، رائحة تعبق الانف وما تلبث ان تتفلت لتعود ادراجها رغم الأنف الى الماضي التي أتت منه ... وتتمنى النفس ألا تتفلت .. تتمنى لو امسكت بالأماكن واللحظات والروائح، لكن للزمن ناموسه الخاص ...
اجدت في أخذنا الى عالمك ، فكأننا كنا معك ...
وان كان لنا همسة فهي ان مساراً واحداً للنص أفقده بعض التشويق فكأننا توقعنا ما هو آت ..
دمت بكل ود ...
خالص تحياتي ...

محمد سامي البوهي
27-04-2007, 11:42 AM
مبدع أنت دوما اخي سامي
رائع وأكثر
دمت ودام ابداعك الجميل
لك خالص تقديري وباقة ورد
السلام عليكم
أختي الكريمة/ سحر
أشكرك على هذا الإطراء ، والثناء
تحيتي

محمد سامي البوهي
27-04-2007, 11:56 AM
الفاضل
منذ اللحظة الأولى لعرض نصك كنت قد كتبت تعليقاً عليه .. و لكنه للأسف ضاع في لحظة فساد اتصال . و الحق أن جمال نصك يكمن جلّه في صدق الحس و عمق التجربة ؛ فذكريات الطفولة أكثر ما يعلق بالروح و أعظم ما يحفظه القلب و أجود ما يعبر عنه القلم .. فتخرج صادقة .. صادقة لتصل نقية .. نقية و مؤثرة .
بعض زلل لغوي فاتك تصحيحه .
كل التقدير .
الأستاذة الأديبة / حوراء
من سوء حظي اني لم أحظ بهذا التعليق المسهب ، والذي كنت سأستفيد منه بالتأكيد ، فقط كنت أود من حضرتك توضيح الزلل اللغوي على العام كي أتعلم من أخطائي ....
تحيتي

محمد سامي البوهي
03-05-2007, 01:23 PM
أخي الأديب / محمد سامي البوهي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سكبت هنا ذكريات الطفولة بعفوية
تناسب تلك الفترة البريئة ..
هذه العفوية والتلقائية جعلت نصك يأتي بسيطاً دون تعقيد
صادقاً دون افتعال فمس داخل كل منا مناطق كامنة في تلافيف
الذاكرة .
"أشم رائحة الخشب العالقة بندى الصباح، فأهدي شكري لكل أشجار العالم ."
نهاية رائعة ، أروع ما فيها أنها جاءت من نفس مفردات العمل .
تقبل تقيري واحترامي .


السلام عليكم

الأستاذ الأديب / حسام القاضي

لكم هي شهادة أعتز بها من ناقد مثلك ، يعلم ما يقول ، ويقول ما يعلم ، ولا يخرج عن الحيادية .

تحيتي

ريمة الخاني
18-05-2007, 11:54 AM
فيها عبق الماض والبيئة الغائبة والشوق للعودة
تحية لقلمك الشجي

عصام عبد الحميد
20-05-2007, 08:21 AM
الأستاذ الكريم محمد سامى البوهى
جذبنى عنوان قصتك جدا رائحة الخشب... قما أن قرأته حتى شممت رائحته جدا ... وما أن ولجت إلى نصك البديع حتى قرأت فيه ذكريات طفولتى... نعم ياسيدى لايمكن أن يكون هناك إبنا من أبناء هذه البلدة الطيبة ولم يعرف ولم يتذوق رائحة الخشب والغراء والمنجلة... وغيرها من الأدوات التى بنى بها الإنسان الدمياطى حضارة الفن والذوق والجمال... تلك البلدة الطيبة... التى ينهى عندها النيل رحلة عناءه الطويلة مخترقا الحدود والسدود ويلقى بنفسه فى أحضان البحر فى مشهد يرسم كل ملامح أبناء هذه الأرض...
أشكرك أخى الحبيب على هذا الجمال والإبداع...

نبض الزيني
20-05-2007, 11:13 AM
السلام
عليكم ورحمه الله وبركاته
اعجبتني المراحل المتسسلسله في القصه
فقد اختيرت بعنايه
فشكرا للابداع الذي اتاح لنا فرصه
الاتقاء بالمبدعين
تحياتي

محمد سامي البوهي
21-06-2007, 08:23 AM
الأستاذة / ريمة

شاكر اهتمامك جداً ، ومتابعتك القيمة

تحيتي

جوتيار تمر
21-06-2007, 11:06 PM
البوهي الجميل..
القصة تركزت على النهل من مصدرين ثابتين منذ الوهلة الاولى لنهايتها، الخشب والذات الطامحة من اجل بلوغ مرامها، حيث تستعين الذات بكل الوسائل و اليقينيات لتحقق هدف التماهي مع الطموح المتمثل بالخشب وما يهل عليه منه من فرح داخلي وراحة نفسية ومصدر رزق ورسم البسمة وربما تقديس العمل واللمحة الانسانية الفريدة التي لمحت لها في نهاية القصة ربما شكلت بعدا انسانيا فريدا من نوعه..أعجبني إغراقك في التفاصيل ... فقيمة أي حبك تكمن في دقة خيوطه وتدقيق نسيجها في جزئياتها العميقة .. وقد وجدتك هنا تغرق في الجزئيات، جزئيات العمل، وجزئيات النفس البشرية، وهذا بلا شك السبيل لاكتشاف العنصر المشترك بين كل البشر.

محبتي لك
جوتيار

محمد سامي البوهي
23-06-2007, 08:26 AM
الأستاذ الكريم محمد سامى البوهى
جذبنى عنوان قصتك جدا رائحة الخشب... قما أن قرأته حتى شممت رائحته جدا ... وما أن ولجت إلى نصك البديع حتى قرأت فيه ذكريات طفولتى... نعم ياسيدى لايمكن أن يكون هناك إبنا من أبناء هذه البلدة الطيبة ولم يعرف ولم يتذوق رائحة الخشب والغراء والمنجلة... وغيرها من الأدوات التى بنى بها الإنسان الدمياطى حضارة الفن والذوق والجمال... تلك البلدة الطيبة... التى ينهى عندها النيل رحلة عناءه الطويلة مخترقا الحدود والسدود ويلقى بنفسه فى أحضان البحر فى مشهد يرسم كل ملامح أبناء هذه الأرض...
أشكرك أخى الحبيب على هذا الجمال والإبداع...

الأستاذ الغالي / عمر

تحيتي لك على هذه القراءة الماتعة ... ودي وتقديري

محمد سامي البوهي
23-06-2007, 08:28 AM
البوهي الجميل..
القصة تركزت على النهل من مصدرين ثابتين منذ الوهلة الاولى لنهايتها، الخشب والذات الطامحة من اجل بلوغ مرامها، حيث تستعين الذات بكل الوسائل و اليقينيات لتحقق هدف التماهي مع الطموح المتمثل بالخشب وما يهل عليه منه من فرح داخلي وراحة نفسية ومصدر رزق ورسم البسمة وربما تقديس العمل واللمحة الانسانية الفريدة التي لمحت لها في نهاية القصة ربما شكلت بعدا انسانيا فريدا من نوعه..أعجبني إغراقك في التفاصيل ... فقيمة أي حبك تكمن في دقة خيوطه وتدقيق نسيجها في جزئياتها العميقة .. وقد وجدتك هنا تغرق في الجزئيات، جزئيات العمل، وجزئيات النفس البشرية، وهذا بلا شك السبيل لاكتشاف العنصر المشترك بين كل البشر.
محبتي لك
جوتيار
الأستاذ جوتيار
تحيتي لك ولجهدك المبذول ..
أشكرك
تحيتي