مشاهدة النسخة كاملة : معَ ابْنِ تيْميةَ في سجن القلعة..
د. مصطفى عراقي
28-12-2006, 02:11 AM
• قصيدة:
"مع ابن تيمية في سجن القلعة"
شعر: مصطفى عراقي
-1-
نور ٌ، وبهاءٌ يخترقانِ ظلامَ السجنِ الحالكْ
وهُنالِكْ
يتلو منْ آي القرآنْ
ويسبِّحُ باسْم الرحمنْ
وينيرُ الليلَ صلاةً ، ومناجاه.
يبعثُ في أرْكانِ الزنزانةِ رُوحًا ، وحياه .
ويفيضُ على أوراقٍ من بحْرِ العلمِ الزاخرْ
ينهلُّ النور من الأوراقْ
-2-
لكني ألمسُ وجْهَ المأساه
أحملها جُرحًا في الأعماقِ
- يا شيخي الطيِّبْ
- - ماذا يا ولدي؟
- حدِّثني عن آفاقِ القُرْبْ
- - ذاك حديثٌ علويٌّ غامرْ
- حدِّثني
- فلتجْلِسْ يا ولدي
هذي زنزانتُنا ضيقة
لا تحزنْ
- إني في سجْنٍ أضيقْ
وظلامٍ أعمقْ
حدثني
أخرجني من إظْلامي من سجْني!
-3-
"ويزورُ الفجرُ حديقتنا ويرِفُّ علينا بحنوِّ
والشيخُ الطيِّبُ يصعدُ بي يرقَى لسموٍّ فوق سموِّ
رقَّتْ زِنْزانتُنا، وتخلَّتْ عن قسْوتِـها
رحبُتْ دُنيانا واتسعتْ كُلُّ الآفاقْ
وشعرتُ بدفءٍ يسْري في أوْصالي
وانشقَّ الفجْرُ ، وشعَّ القلبْ
شكرًا يا شيخي الطيبْ"
-4-
- ماذا في جعْبته؟!
فليرشقْنا بسهامٍ بعد سهامْ
ولْيرمِ علينا الأوهامْ
وليقذفنا بالأضغانْ
ليس لكفِّ الباطلِ يا ولدي سُلطانْ
يدُهُ مهما بطشتْ شَلَّاءْ
أينالُ الباطلُ مني ؟ هيهاتْ
و نعيمي في صدري أصحبه يصحبني حيث أكونُ بغير فراقْ
-5-
" يخبو وجهُ المأْساةِ الشاحِبْ في إطراق"
- ماذا يبقى إن هُمْ سجنوا النورْ؟
- لا يسجنُ يا ولدي نورْ
سيشعُّ النورُ الصادقُ يـخْترِقُ الـجُدرانْ
يسعى في كل مكانْ بالإشراقْ
-6-
ماذا يبغي أعدائي منِّي؟
ما أهونَ كيْدَ الأعْداءْ!
إنْ أُسجنْ فهي الخلوةُ خلوةُ حبّْ
تسعى روحي بالأشواقْ
تُسقى من نـهْرِ القُرْبْ
والنفي سياحة قلبٍ يستلهم أنوارًا
أني يذهبْ في الآفاق
يشهدْ
يتأملْ
يرقُبْ
يرهبْ
يرغبْ
بالقلب الخفاقْ
- والقتلْ؟
القتلُ شهادة
القتلُ لِقـاءْ
وأنا مشْتاقٌ يا ولدي لِلِقَــاءْ
وأنا مشتاق يا ولدي لتلاقْ
ختام:
"إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ . فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ"
(سورة القمر: 54،55)
محمد الأمين سعيدي
28-12-2006, 10:56 AM
أستاذي الكريم إن ابن تيمية في حد ذاته حجة ..
رحمه الله و جازاك على هذا الحوار الصحفي الجميل..
تحياتي..
عدنان أحمد البحيصي
28-12-2006, 11:39 AM
تعرف أخي
لقد أهتز بدني وأنا أقرأ هذه الرائعة
كيف لا وشيخي ابن تيمية جالسته طويلاً في كتابه الرائع "مجموع الفتاوى" وجعلت أطارح الإسئلة فيأتيني ببيانها
علماء إن سآلتهم كشفوا العمى *** بفقاهة وفصاحة وبيان
عشت معه جل عمري ، ولا زلت أعيش ، أنقب في كتبه ، وأقف مع تأملاته، وأهزأ بمن عذبوه وسجنوه ، فأين هم بل أين ذكرهم ، طوتهم الأيام ، وبقي العلم العلامة شامخاً ، ما يذكر علماء السلف إلا كان رأسهم ، ولا يذكر الفقهاء إلا كان حجتهم، ولا يذكر الوعاظ إلا كان سيدهم .
لله دره ، أبكتني رائعتك هذه ، وصدقت في أنه يحلق خارج سجنه رغم القيود ، فقد أخرج لنا من بين القضبان من روائعه ما لا تقدر بثمن ، فهناك خط العقيدة الواسطية ، وهناك صنف الرسالة الحموية ، وهناك راجع الفتاوى وغيرها.
شكراً لك وأعذر اطالتي ، فما قرأته هنا كان فوق حدود طاقتي
د. مصطفى عراقي
28-12-2006, 12:05 PM
أستاذي الكريم إن ابن تيمية في حد ذاته حجة ..
رحمه الله و جازاك على هذا الحوار الصحفي الجميل..
تحياتي..
==========
أخي الفاضل
وجزاك الله خير الجزاء على حضورك
واسمح لي أن أختلف معك
فما تعلمناه من ابن تيمية رحمه الله ، ومن علمائنا الأجلاء لا يجعل من أحد من البشر ، بعد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم حجة في الدين ، لا في ذاته ولا في غير ذاته مهما بلغ من العلم، ومهما شعرنا نحوه من حب وتعظيم.
أما وصفك للحوار بأنه صحفي فإنه إن صحَّ فإنني أكون قد فشلت فشلا ذريعا، واعتذر لك وللإخوة الأفاضل، فما إلى هذا أردت ، وإنما أردتها مناجاة قلب ، وحديث حب
ولا حول ولا قوة إلا بالله
ودمت وأسرة الواحة الغراء بكل الخير والسعادة
د. مصطفى عراقي
28-12-2006, 12:16 PM
تعرف أخي
لقد أهتز بدني وأنا أقرأ هذه الرائعة
كيف لا وشيخي ابن تيمية جالسته طويلاً في كتابه الرائع "مجموع الفتاوى" وجعلت أطارح الإسئلة فيأتيني ببيانها
علماء إن سآلتهم كشفوا العمى *** بفقاهة وفصاحة وبيان
عشت معه جل عمري ، ولا زلت أعيش ، أنقب في كتبه ، وأقف مع تأملاته، وأهزأ بمن عذبوه وسجنوه ، فأين هم بل أين ذكرهم ، طوتهم الأيام ، وبقي العلم العلامة شامخاً ، ما يذكر علماء السلف إلا كان رأسهم ، ولا يذكر الفقهاء إلا كان حجتهم، ولا يذكر الوعاظ إلا كان سيدهم .
لله دره ، أبكتني رائعتك هذه ، وصدقت في أنه يحلق خارج سجنه رغم القيود ، فقد أخرج لنا من بين القضبان من روائعه ما لا تقدر بثمن ، فهناك خط العقيدة الواسطية ، وهناك صنف الرسالة الحموية ، وهناك راجع الفتاوى وغيرها.
شكراً لك وأعذر اطالتي ، فما قرأته هنا كان فوق حدود طاقتي
أخي الحبيب الشاعر المبدع عدنان الإسلام
سلمك الله يا أخي الكريم وسلم عينيك الغاليتين
وأحمد الله سبحانه على نعمة حضورك السمح ، وحروفك الصادقة.
فالحمد لله أن كان لمناجاتي مع شيخنا الحبيب هذا المكان الأثير في قلبك النضير، فلم أكن وحدي ، إذ كنت معي أيها الحبيب
فتقبل الشكر على هذه الإطلالة المضيئة، و التحية لتلك الكلمة الطيبة كشجرة مثمرة
ودمت بكل الخير والسعادة والصدق
مصطفى
تركي عبدالغني
28-12-2006, 04:15 PM
ذاك ابن تيمية
وهذا مصطفى عراقي
اجتما معا في زنزانة مغلقة معتمة ليخرجا لنا حوارا شعريا من نور
ذاك هو العالم الذي أحبه كثيرا
وهذا هو الشاعر الذي أحبه أكثر
بوركتما والوطن
أسماء حرمة الله
28-12-2006, 05:11 PM
سلام اللـه عليك ورحمته وبركاته
تحية كتبتُها برحيق الورد
أستاذي د. مصطفـى،
في كلّ قصيدٍ لك، أدخل عوالم من نورٍ، عوالم ترفعني إلى غيماتٍ تهطلُ أملاً ، إيماناً يتحدّى بعزمٍ وإصرار ..
ذكّرتني هذه القصيدة الراقية الصافية بنونيتك السامقة، تنقلنا دوماً من مدائن يأسٍ إلى مساحاتِ أملِ حبلى بالندى والبسمات والغد الأجمـل ..
تعلم أستاذي ؟ قد اقتفيتُ آثارَ قصيدكَ، وهو يتأبّط شعاعَ الأمل الخفّاق، حتّى حلّقتُ خارجَ أسوار الأرض، بل أعلى وأعلى من أسوار الأحزان، فدلفتُ إلى حيثُ جلستَ وشيخنا القدير ابن تيمية بسجن القلعة، تحلّقان حولَ قمرالإيمان، وهو يضيء مساحاتِ الروح التي هدّمتها أوجاعُ الدنيا والأمّة، التي كسرتْها معاول الحزن الهدّامة، وبقايا الروح ممزقةٌ لايضمّدها غير ذكر الرحمن، وأمل تقطفه النفس من حدائق الإيمان المزهرة .
لم أشعر وأنا أنصت لحديثكما بضيق السجن، ولا برائحة الأحزان، رغمَ أنّ العتمة كانت منزويةً ترتعش في خوفٍ، وهي تسترق السمع إليكما، تحاول أن تسرقَ منكما ماجمعتماهُ من رحيقٍ ولكنْ هيهات ! منعتْهـا العطور التي انسكبتْ نوراً، نوراً خرجَ من مبخرة قلبيْكما الصادحيْن بالإيمان والسموّ، نوراً يسقي المكان والزمن وأفياء الغد الاجمل . وليس ذلك على اللـه بعزيز ..!
ماأروعَ أن تتوحّد روحان، وهما تحطّان على قوس المطر، لتجمعا منه ألوانَ الصبر والشروق !
توحّد الأمكنة والأزمنة، والتقاء الأرواح شعراً وإيماناً وفكراً من بشائر النصر القريب .
قصيدٌ نديٌّ يستحق التثبيت وأكثر .. !
شكراً لك ولقصيدك الراقي، شكراً لزجاجات الصبر والأمل التي سكبْتَها هنا .. باركَ بك ربّي وبمدادك .
فائق تقديري وإعجابي :0014:
وألف طاقة من الورد والندى
إكرامي قورة
28-12-2006, 07:23 PM
أجدني أمام لوحة مسرحية بديعة ، توفرت فيها على قصرها مقومات المسرحية الشعرية الطويلة ، غير أننا لم نشعر بملل وكأننا نصر على كونها قصيدة قصيرة رغم استمتاعنا بمسرحتها .
"مع ابن تيمية في سجن القلعة"
اسم العمل يشي بمضمونه ، حوار ومناجاة وقرب ، باختصار لحظات حياتية مع البطل في مكان اختبار للإيمان ، وبرغم أن مسرح العمل في السجن حيث الظلم والظلمة ، إلا أن الشاعر ينقلنا لحالة مغايرة لما توقعناه من لفظة (السجن) بالنور والبهاء في بداية النص ، هذه هي الخلفية المرئية ( الديكور ) التي يتسلل منها التأثير الصوتي المصاحب وهو هنا ليس موسيقى تصويرية كالمعتاد بل كلمات سماوية وتسابيح قلبية ، وما أجمل هذا التأثير الروحاني كمدخل للنص.
ثم ينتقل الشاعر نقلة مسرحية بالحوار بين الشاعر والشيخ في فلسفة جذابة وإشارة لسجن الجسد وسجن الروح ، ثم ينقلنا نقلة عالية جدا بعد الحوار الذي أثمرت كلمات الشيخ فيه ثمراتها في قلب الشاعر ، ليتحول السجن الضيق إلى حديقة ، وما أجمل حديقة الرضا والإيمان حتى إن شيدت في قلب أعتى السجون ، بل إن الزنزانة لترق من رقة قلوب ساكنيها ، وتتسع المسافة الضيقة لتبصر العين منها رحابة ما بعدها رحابة:
ويزورُ الفجرُ حديقتنا ويرِفُّ علينا بحنوِّ
والشيخُ الطيِّبُ يصعدُ بي يرقَى لسموٍّ فوق سموِّ
رقَّتْ زِنْزانتُنا، وتخلَّتْ عن قسْوتِـها
رحبُتْ دُنيانا واتسعتْ كُلُّ الآفاقْ
وشعرتُ بدفءٍ يسْري في أوْصالي
وانشقَّ الفجْرُ ، وشعَّ القلبْ
شكرًا يا شيخي الطيبْ"
وبعد هذه الطمأنينة الإيمانية الذي أدخلها الشيخ على قلب الشاعر يتحول الحديث مرة أخرى بعد انقشاع الظلمة إلى الأمل فى انقشاع الظلم :
- ماذا في جعْبته؟!
فليرشقْنا بسهامٍ بعد سهامْ
ولْيرمِ علينا الأوهامْ
وليقذفنا بالأضغانْ
ليس لكفِّ الباطلِ يا ولدي سُلطانْ
يدُهُ مهما بطشتْ شَلَّاءْ
أينالُ الباطلُ مني ؟ هيهاتْ
و نعيمي في صدري أصحبه يصحبني حيث أكونُ بغير فراقْ
هنا يشب الإيمان جبلا في قلب الرجل ، فالنعيم يحمله أينما رحل، فما عسى الظالم أن ينال منه ، بل إن الظالم المعتقد بأنه سجن النور واهم ،
" يخبو وجهُ المأْساةِ الشاحِبْ في إطراق"
- ماذا يبقى إن هُمْ سجنوا النورْ؟
- لا يسجنُ يا ولدي نورْ
ثم يعود الحوار مرة أخرى مستهينا بما يلقاه القلب المؤمن من كيد وما يصلاه البدن الصابر من قيد :
ماذا يبغي أعدائي منِّي؟
ما أهونَ كيْدَ الأعْداءْ!
إنْ أُسجنْ فهي الخلوةُ خلوةُ حبّْ
تسعى روحي بالأشواقْ
تُسقى من نـهْرِ القُرْبْ
والنفي سياحة قلبٍ يستلهم أنوارًا
أني يذهبْ في الآفاق
يشهدْ
يتأملْ
يرقُبْ
يرهبْ
يرغبْ
بالقلب الخفاقْ
- والقتلْ؟
هنا مربط الفرس ، فالكلام الطيب الجميل يقدر عليه الكثيرون ، والصبر المصطنع يتحمل مرارته المراءون ، ولكن الموت يبقى فارقا بين المخلص وغيره وهو هنا في النص عند الشيخ موعد للقاء آخر يتوق إليه :
القتلُ شهادة
القتلُ لِقـاءْ
وأنا مشْتاقٌ يا ولدي لِلِقَــاءْ
وأنا مشتاق يا ولدي لتلاقْ
هنا لابد أن يكون الختام ، وقد أحسن الشاعر الخاتمة بآخر آيتين من سورة القمر ، ختام ولا أروع :
"إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ . فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ"
(سورة القمر: 54،55)
الله الله الله
رائعة يا رجل الروائع
ومعذرة لما سكبه قلبي هنا فلست ناقدا ولكني هذا ما استقر بقلبي من قراءتي الأولى للنص .
http://www.nawafbiz.com/tothenet/upload/nsk_314999994.gif
دامت الروائع
إكرامي قورة
28-12-2006, 07:26 PM
استجابة لتوصية الفاضلة أسماء
وقناعة من إعجابي بالقصيدة
للتثبيت
إعجابا وتقديرا
د. سمير العمري
28-12-2006, 08:26 PM
قصيدة معبرة ، وتجسيد جميل.
لا فض فوك أخي الكريم.
تحياتي
الصباح الخالدي
28-12-2006, 08:51 PM
كنت معه حتى الآن لايفارقني ولا افارقه
ابن تيمية كما قال اخي عدنان كان نورا للدنيا
ومايزال سراجه
بعض حقه هذه الأبيات الحلوة الجميلة حركت مقلتي قنثرت بعض الدموع
لله درك ليتني اقول الشعر فاصنع نهجا لقصيدتك لكنني لااعرف
د. مصطفى عراقي
28-12-2006, 09:00 PM
ذاك ابن تيمية
وهذا مصطفى عراقي
اجتما معا في زنزانة مغلقة معتمة ليخرجا لنا حوارا شعريا من نور
ذاك هو العالم الذي أحبه كثيرا
وهذا هو الشاعر الذي أحبه أكثر
بوركتما والوطن
=========
وهذا هو أنت أخي الغالي : تركي عبد الغنى
صوت الشعر الغريد ، ونبض الوطن الصادق ترنو إلى أخيك بعين الحب والفضل والكرم، فتفيض عليه من نورها نورا، ومن جمالها جمالا
فبارك الله فيك يا شاعر الحب والجمال
والصدق والجلال
ودمت بكل الخير والسعادة والإشراق
محبك: مصطفى
محمد إبراهيم الحريري
28-12-2006, 09:20 PM
الأخ الحبيب د مصطفى
تحية ملؤها الاحترام والتقدير
لك الأجر من الله على رائعة سكبت الود والإجلال رحيق قلب اطمئن لمعنى البيان رسول قلوب
شكرا لك
ورعاك الله
أخوك محمد
د. محمد حسن السمان
28-12-2006, 09:42 PM
سلام الـلـه عليكم
قراءة سريعة
في قصيدة "مع ابن تيمية في سجن القلعة"
للشاعر المبدع والناقد الكبير
الاستاذ الدكتور مصطفى عراقي
"إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة."
" ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري، أين رحت فهي معي، لا تفارقني، أنا حبسي خلوة. وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة."
غريب هذا الشعور الذي انتابني , وأنا أقرأ القصيدة , فقد رحت في حالة من اللاوعي , لاشاهد العالم شيخ الاسلام , المبتلى في سجنه , في قلعة دمشق , بهيبته وحضوره , يذكر الـلـه في حالة عشق وتبتل , يقرا سورة الفاتحة , من بدء الفجر حتى مطلع الشمس , يتلو آيات الـلـه , يسبّح باسم الرحمن , ويضيء الظلمات , ويصب النور على الصفحات , يعيش جنّة لايعرفها إلا من حباهم الـلـه بها نعمة , هل يعقل هذا الذي فعله الشاعر , أية مقدرة هذه , وأي تمثّل لحالة مرت في التاريخ .
"نور, وبهاءٌ يخترقانِ ظلامَ السجنِ الحالكْ
وهُنالِكْ
يتلو منْ آي القرآنْ
ويسبِّحُ باسْم الرحمنْ
وينيرُ الليلَ صلاةً ، ومناجاة.
يبعثُ في أرْكانِ الزنزانةِ رُوحًا ، وحياة .
ويفيضُ على أوراقٍ من بحْرِ العلمِ الزاخرْ
ينهلُّ النور من الأوراقْ "
ولايكتفي الشاعر بما قام به من رسم حركي ووجداني للشيخ والزنزانة, بعبق شعري لافت , وتدفق جميل أخّاذ , وكأننا امام فيلم مصور , بل يدخل في حوار مع الشيخ الجليل , ليرسم لنا ومضات من داخل النفس , ويلامس فيها منحنيات التفكير والايمان والرؤية عند الشيخ , بشكل لايقدر عليه إلا أديب وشاعر , وقبل هذا مفكّر عميق التحليل , حّاد الرؤية .
" لكني ألمسُ وجْهَ المأساة
أحملها جُرحًا في الأعماقِ
- يا شيخي الطيِّبْ
- - ماذا يا ولدي؟
- حدِّثني عن آفاقِ القُرْبْ
- - ذاك حديثٌ علويٌّ غامرْ
- حدِّثني
- فلتجْلِسْ يا ولدي
هذي زنزانتُنا ضيقة
لا تحزنْ
- إني في سجْنٍ أضيقْ
وظلامٍ أعمقْ
حدثني
أخرجني من إظْلامي من سجْني! "
وبحركة موفقة ينتقل الشاعر , وقد توحد مع الشيخ الجليل , في تفاؤله الايماني بنصرة الحق , وشعوره بتفاهة أثر الزنزانة والسجن , على جهاده الفكري , فترى الشاعر يرى الفجر وقد انشق , وانطلق مع الشيخ من ضيق الزنزانة , للعالم الرحيب المتسع .
"ويزورُ الفجرُ حديقتنا ويرِفُّ علينا بحنوِّ
والشيخُ الطيِّبُ يصعدُ بي يرقَى لسموٍّ فوق سموِّ
رقَّتْ زِنْزانتُنا، وتخلَّتْ عن قسْوتِـها
رحبُتْ دُنيانا واتسعتْ كُلُّ الآفاقْ
وشعرتُ بدفءٍ يسْري في أوْصالي
وانشقَّ الفجْرُ ، وشعَّ القلبْ
شكرًا يا شيخي الطيبْ"
ثم يتناول الشاعر , مسالة هامة في مسيرة حياة شيخ الاسلام , بين فطرة الشاعر واحساسه , وبين الثقافة الغنية , والاستيعاب المترع بالقوة , وهي مقارعة الباطل , والحركات الزائغة عن الدين القويم , والتأكيد على منهج الوسطية , والالتزام بالفكر النبوي .
"- ماذا في جعْبته؟!
فليرشقْنا بسهامٍ بعد سهامْ
ولْيرمِ علينا الأوهامْ
وليقذفنا بالأضغانْ
ليس لكفِّ الباطلِ يا ولدي سُلطانْ
يدُهُ مهما بطشتْ شَلَّاءْ
أينالُ الباطلُ مني ؟ هيهاتْ
و نعيمي في صدري أصحبه يصحبني حيث أكونُ بغير فراقْ "
ثم يعود الشاعر للتأكيد على فلسفة الشيخ , تاركا ايّاه يعبّر عن فكره , مقتربا في عدسته , من المشهد , واضعا الشيخ في بؤرة الصورة المتحركة , ليقول : بأن لاشيء يمكن أن يحجب نور الحق , فنور الحق يخترق الجدران , ولعل في ذلك مايشير الى ايمانه , بأن الـلـه لابد ناصر لدينه .
" يخبو وجهُ المأْساةِ الشاحِبْ في إطراق"
- ماذا يبقى إن هُمْ سجنوا النورْ؟
- لا يسجنُ يا ولدي نورْ
سيشعُّ النورُ الصادقُ يـخْترِقُ الـجُدرانْ
يسعى في كل مكانْ بالإشراقْ "
وفي اسلوب ذكي , يعود الشاعر لضبط المشهد , وكأنه قد رفع يده مودعا الشيخ الجليل , ليردد ما قاله شيخ الاسلام ابن تيمية , من خلال حالة التوحد معه , مذكرا ومقدما جرعات غنية من فكره ومسيرته الجهادية المباركة .
" ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري، أين رحت فهي معي، لا تفارقني، أنا حبسي خلوة. وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة."
ماذا يبغي أعدائي منِّي؟
ما أهونَ كيْدَ الأعْداءْ!
إنْ أُسجنْ فهي الخلوةُ خلوةُ حبّْ
تسعى روحي بالأشواقْ
تُسقى من نـهْرِ القُرْبْ
والنفي سياحة قلبٍ يستلهم أنوارًا
أني يذهبْ في الآفاق
يشهدْ
يتأملْ
يرقُبْ
يرهبْ
يرغبْ
بالقلب الخفاقْ
- والقتلْ؟
القتلُ شهادة
القتلُ لِقـاءْ
وأنا مشْتاقٌ يا ولدي لِلِقَــاءْ
وأنا مشتاق يا ولدي لتلاقْ "
في قصيدة اخذت شكلا متطورا من الأداء الشعري , قدّم لنا الشاعر المبدع , انموذجا متقدما في الابداع الشعري , ملتزما بأبجديات الاصالة , حرفا وكلمة وبناء ووزنا , جعلنا ننظر باعجاب ودهشة , ولنشهد دون تردد بقوة الشاعر , وتمكنه من كل الادوات , وثقافته الثّرة , وطلاوة جرس البوح , والذكائية العالية في انهاء القصيدة , وقبل كل هذا وذاك , نشهد له بتقديم فكر ورسالة .
أخوكم
السمان
د. مصطفى عراقي
28-12-2006, 09:55 PM
سلام اللـه عليك ورحمته وبركاته
تحية كتبتُها برحيق الورد
أستاذي د. مصطفـى،
في كلّ قصيدٍ لك، أدخل عوالم من نورٍ، عوالم ترفعني إلى غيماتٍ تهطلُ أملاً ، إيماناً يتحدّى بعزمٍ وإصرار ..
ذكّرتني هذه القصيدة الراقية الصافية بنونيتك السامقة، تنقلنا دوماً من مدائن يأسٍ إلى مساحاتِ أملِ حبلى بالندى والبسمات والغد الأجمـل ..
تعلم أستاذي ؟ قد اقتفيتُ آثارَ قصيدكَ، وهو يتأبّط شعاعَ الأمل الخفّاق، حتّى حلّقتُ خارجَ أسوار الأرض، بل أعلى وأعلى من أسوار الأحزان، فدلفتُ إلى حيثُ جلستَ وشيخنا القدير ابن تيمية بسجن القلعة، تحلّقان حولَ قمرالإيمان، وهو يضيء مساحاتِ الروح التي هدّمتها أوجاعُ الدنيا والأمّة، التي كسرتْها معاول الحزن الهدّامة، وبقايا الروح ممزقةٌ لايضمّدها غير ذكر الرحمن، وأمل تقطفه النفس من حدائق الإيمان المزهرة .
لم أشعر وأنا أنصت لحديثكما بضيق السجن، ولا برائحة الأحزان، رغمَ أنّ العتمة كانت منزويةً ترتعش في خوفٍ، وهي تسترق السمع إليكما، تحاول أن تسرقَ منكما ماجمعتماهُ من رحيقٍ ولكنْ هيهات ! منعتْهـا العطور التي انسكبتْ نوراً، نوراً خرجَ من مبخرة قلبيْكما الصادحيْن بالإيمان والسموّ، نوراً يسقي المكان والزمن وأفياء الغد الاجمل . وليس ذلك على اللـه بعزيز ..!
ماأروعَ أن تتوحّد روحان، وهما تحطّان على قوس المطر، لتجمعا منه ألوانَ الصبر والشروق !
توحّد الأمكنة والأزمنة، والتقاء الأرواح شعراً وإيماناً وفكراً من بشائر النصر القريب .
قصيدٌ نديٌّ يستحق التثبيت وأكثر .. !
شكراً لك ولقصيدك الراقي، شكراً لزجاجات الصبر والأمل التي سكبْتَها هنا .. باركَ بك ربّي وبمدادك .
فائق تقديري وإعجابي :0014:
وألف طاقة من الورد والندى
=========
أختنا الفضلى ، وشاعرتنا المبدعة وأديبتنا الأثيرة أسماء
أيتها اليمامة السماوية المقيمة على أجنحة حلمٍ نضير
يا لهديلك المبارك يرتل على قلوبنا فيوض الندى والشذا !
فيرفعنا وحروفَنا الشاردات إليه في سُحب عليا ، ويأخذنا معه إلى مدائن النور.
أختاه
كان لإنصاتك الكريم هنا سرٌّ أضفى على القصيدة نورا جديدا يضاف إلى أنوار كلمات شيخنا الجليل ،
أما حضورك فقد سكب على القلب طمأنينة بددت غيمة خوف اعترت كلماتي أن تكون خدشت ما كنت آمل من مناجاة تليق به إنسانا فاضلا، وعالما جليلا ، ومجاهدا صادقا، ليس بالقلم فحسب بل بالسيف أيضا ضد تتار الأمس الغابر
فما أروع أن تتوحد الأرواح إذن يا أختاه تمهيدا لاتحاد القلوب والهمم والعزائم ضد تتار اليوم الحاضر
وما أسمى هذا الحضور يحمل في كفِّ شمس أمل تنير الطريق، وفي الأخرى فسيلة خيرٍ تزرع بشارة غدٍ
وشكرا لتقديرك الغالي ، ولوردك السماويّ، ولنداك المبارك
وأسعدك البارئ كما أسعدتِ قلب القصيدة
وقلب أخيكِ
ودمت بكل الخير والسعادة والنور
علي أسعد أسعد
29-12-2006, 02:04 AM
بارك الله بك يادكتور ...
تعودنا على روائعك وهذه واحدة منها ..
كن بخير سيدي
محمد إبراهيم الحريري
29-12-2006, 04:51 AM
• قصيدة:
"مع ابن تيمية في سجن القلعة"
شعر: مصطفى عراقي
http://www.9q9q.org/index.php?image=sBH432wurUYuUu
-1-
نور ٌ، وبهاءٌ يخترقانِ ظلامَ السجنِ الحالكْ
وهُنالِكْ
يتلو منْ آي القرآنْ
ويسبِّحُ باسْم الرحمنْ
وينيرُ الليلَ صلاةً ، ومناجاه.
يبعثُ في أرْكانِ الزنزانةِ رُوحًا ، وحياه .
ويفيضُ على أوراقٍ من بحْرِ العلمِ الزاخرْ
ينهلُّ النور من الأوراقْ
-2-
لكني ألمسُ وجْهَ المأساه
أحملها جُرحًا في الأعماقِ
- يا شيخي الطيِّبْ
- - ماذا يا ولدي؟
- حدِّثني عن آفاقِ القُرْبْ
- - ذاك حديثٌ علويٌّ غامرْ
- حدِّثني
- فلتجْلِسْ يا ولدي
هذي زنزانتُنا ضيقة
لا تحزنْ
- إني في سجْنٍ أضيقْ
وظلامٍ أعمقْ
حدثني
أخرجني من إظْلامي من سجْني!
-3-
"ويزورُ الفجرُ حديقتنا ويرِفُّ علينا بحنوِّ
والشيخُ الطيِّبُ يصعدُ بي يرقَى لسموٍّ فوق سموِّ
رقَّتْ زِنْزانتُنا، وتخلَّتْ عن قسْوتِـها
رحبُتْ دُنيانا واتسعتْ كُلُّ الآفاقْ
وشعرتُ بدفءٍ يسْري في أوْصالي
وانشقَّ الفجْرُ ، وشعَّ القلبْ
شكرًا يا شيخي الطيبْ"
-4-
- ماذا في جعْبته؟!
فليرشقْنا بسهامٍ بعد سهامْ
ولْيرمِ علينا الأوهامْ
وليقذفنا بالأضغانْ
ليس لكفِّ الباطلِ يا ولدي سُلطانْ
يدُهُ مهما بطشتْ شَلَّاءْ
أينالُ الباطلُ مني ؟ هيهاتْ
و نعيمي في صدري أصحبه يصحبني حيث أكونُ بغير فراقْ
-5-
" يخبو وجهُ المأْساةِ الشاحِبْ في إطراق"
- ماذا يبقى إن هُمْ سجنوا النورْ؟
- لا يسجنُ يا ولدي نورْ
سيشعُّ النورُ الصادقُ يـخْترِقُ الـجُدرانْ
يسعى في كل مكانْ بالإشراقْ
-6-
ماذا يبغي أعدائي منِّي؟
ما أهونَ كيْدَ الأعْداءْ!
إنْ أُسجنْ فهي الخلوةُ خلوةُ حبّْ
تسعى روحي بالأشواقْ
تُسقى من نـهْرِ القُرْبْ
والنفي سياحة قلبٍ يستلهم أنوارًا
أني يذهبْ في الآفاق
يشهدْ
يتأملْ
يرقُبْ
يرهبْ
يرغبْ
بالقلب الخفاقْ
- والقتلْ؟
القتلُ شهادة
القتلُ لِقـاءْ
وأنا مشْتاقٌ يا ولدي لِلِقَــاءْ
وأنا مشتاق يا ولدي لتلاقْ
ختام:
"إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ . فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ"
(سورة القمر: 54،55)
الأخ الحبيب د مصطفى ، تحية طيبة
جريا على عادة سلكت مناهجها أينما ضربت بي ، في وديان تيه أم على نجود ربى بيان ، آثرت العودة للنص مخالفا راي الأحبة ، فلقد وجدت الرد أعرج الخطا ، كسيح القصد ، لم يبلغ شأو غاية ، لذا أقول :
في وجه الظلمة
منتعشا وتحدى العار
ويحوقل صدقا ويقينا
ليقيه النار
ربي.... فالوحشة تحملني
بجناح محب
لعرين السدرة يا ربي
والقلب يحب
عرش الرحمن
ويصهرني شوقي
لله
روحا والنفس
بها تقوى
لخدور الآه
والكوثر نهر برحيق
يسقى للصب ْ
وأنا بصبابة وجداني
ارجوك إله
أن تجعل حبي بشعور
نقاه الله
من زلة شيطان أخرس
أو حرفة آه
برجوع الروح تعانقي
ربي بالغار
في الدنيا شمس
تجعلني للطهر صلاة
وعلى أنوار مواهبها
احلام فلاة
من عوسج خير
عطرني فجر بنداه
الله الله فقد حانت
للدنيا صلاة ْ
هيا فلنذهبْ ونصلي
فالأمر أتاه
قلبي من شوق أجنحة
بنجوم ضياه
والقمر السابح في فلك
لله نداه
ياربي حلمك
ما عاشت
في القلب جروح
رحماك البلسم
رؤيته دوما بنقاه
يا فلق الرؤية
مرتجعي دوما لله
أن تجعل نوري
بيقيني
قمرا بمدار
وبرحمة ربي
فردوسي
شمس وحياة ْ
ما زلت بربي معتقدا
والعمر فناء
والأخرى أخلد في فكري
والحب لقاء
دنيانا يا قلقا يسري
بعيون الموت
فحذار يا دنيا صدقا
فالروح فداه
ما حملت أنثى بطهور
لن أفتح فاه
إلا وأحدق مشتاقا
بضياء علاه
ياربي
يارب الشعرى
يا أزلا يسري بيقيني
يا فتيا تجتاح عريني
يا من ارسلت إلى دربي
شمسا تهواه
أن تجعل فرحي
أزليا الله الله
ــــــــــــــــــ
تحياتي
أكاد أخرج من جسدي
العذر منك أخي الحبيب
د. مصطفى عراقي
29-12-2006, 09:25 AM
أجدني أمام لوحة مسرحية بديعة ، توفرت فيها على قصرها مقومات المسرحية الشعرية الطويلة ، غير أننا لم نشعر بملل وكأننا نصر على كونها قصيدة قصيرة رغم استمتاعنا بمسرحتها .
"مع ابن تيمية في سجن القلعة"
اسم العمل يشي بمضمونه ، حوار ومناجاة وقرب ، باختصار لحظات حياتية مع البطل في مكان اختبار للإيمان ، وبرغم أن مسرح العمل في السجن حيث الظلم والظلمة ، إلا أن الشاعر ينقلنا لحالة مغايرة لما توقعناه من لفظة (السجن) بالنور والبهاء في بداية النص ، هذه هي الخلفية المرئية ( الديكور ) التي يتسلل منها التأثير الصوتي المصاحب وهو هنا ليس موسيقى تصويرية كالمعتاد بل كلمات سماوية وتسابيح قلبية ، وما أجمل هذا التأثير الروحاني كمدخل للنص.
ثم ينتقل الشاعر نقلة مسرحية بالحوار بين الشاعر والشيخ في فلسفة جذابة وإشارة لسجن الجسد وسجن الروح ، ثم ينقلنا نقلة عالية جدا بعد الحوار الذي أثمرت كلمات الشيخ فيه ثمراتها في قلب الشاعر ، ليتحول السجن الضيق إلى حديقة ، وما أجمل حديقة الرضا والإيمان حتى إن شيدت في قلب أعتى السجون ، بل إن الزنزانة لترق من رقة قلوب ساكنيها ، وتتسع المسافة الضيقة لتبصر العين منها رحابة ما بعدها رحابة:
ويزورُ الفجرُ حديقتنا ويرِفُّ علينا بحنوِّ
والشيخُ الطيِّبُ يصعدُ بي يرقَى لسموٍّ فوق سموِّ
رقَّتْ زِنْزانتُنا، وتخلَّتْ عن قسْوتِـها
رحبُتْ دُنيانا واتسعتْ كُلُّ الآفاقْ
وشعرتُ بدفءٍ يسْري في أوْصالي
وانشقَّ الفجْرُ ، وشعَّ القلبْ
شكرًا يا شيخي الطيبْ"
وبعد هذه الطمأنينة الإيمانية الذي أدخلها الشيخ على قلب الشاعر يتحول الحديث مرة أخرى بعد انقشاع الظلمة إلى الأمل فى انقشاع الظلم :
- ماذا في جعْبته؟!
فليرشقْنا بسهامٍ بعد سهامْ
ولْيرمِ علينا الأوهامْ
وليقذفنا بالأضغانْ
ليس لكفِّ الباطلِ يا ولدي سُلطانْ
يدُهُ مهما بطشتْ شَلَّاءْ
أينالُ الباطلُ مني ؟ هيهاتْ
و نعيمي في صدري أصحبه يصحبني حيث أكونُ بغير فراقْ
هنا يشب الإيمان جبلا في قلب الرجل ، فالنعيم يحمله أينما رحل، فما عسى الظالم أن ينال منه ، بل إن الظالم المعتقد بأنه سجن النور واهم ،
" يخبو وجهُ المأْساةِ الشاحِبْ في إطراق"
- ماذا يبقى إن هُمْ سجنوا النورْ؟
- لا يسجنُ يا ولدي نورْ
ثم يعود الحوار مرة أخرى مستهينا بما يلقاه القلب المؤمن من كيد وما يصلاه البدن الصابر من قيد :
ماذا يبغي أعدائي منِّي؟
ما أهونَ كيْدَ الأعْداءْ!
إنْ أُسجنْ فهي الخلوةُ خلوةُ حبّْ
تسعى روحي بالأشواقْ
تُسقى من نـهْرِ القُرْبْ
والنفي سياحة قلبٍ يستلهم أنوارًا
أني يذهبْ في الآفاق
يشهدْ
يتأملْ
يرقُبْ
يرهبْ
يرغبْ
بالقلب الخفاقْ
- والقتلْ؟
هنا مربط الفرس ، فالكلام الطيب الجميل يقدر عليه الكثيرون ، والصبر المصطنع يتحمل مرارته المراءون ، ولكن الموت يبقى فارقا بين المخلص وغيره وهو هنا في النص عند الشيخ موعد للقاء آخر يتوق إليه :
القتلُ شهادة
القتلُ لِقـاءْ
وأنا مشْتاقٌ يا ولدي لِلِقَــاءْ
وأنا مشتاق يا ولدي لتلاقْ
هنا لابد أن يكون الختام ، وقد أحسن الشاعر الخاتمة بآخر آيتين من سورة القمر ، ختام ولا أروع :
"إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ . فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ"
(سورة القمر: 54،55)
الله الله الله
رائعة يا رجل الروائع
ومعذرة لما سكبه قلبي هنا فلست ناقدا ولكني هذا ما استقر بقلبي من قراءتي الأولى للنص .
http://www.nawafbiz.com/tothenet/upload/nsk_314999994.gif
دامت الروائع
=============
أخانا العزيز ، وشاعرنا المجيد
نضَّر الله قلبك مقرا للخير والجمال
وما أجمل ما فاض علينا حيث فاض بهذه القراءة المبدعة التي تفضلت بها عليَّ فانتشلت حروفي الشاردات إلى آفاق عالية تتسق مع علو رؤيتك الكريمة ، التي تتبعت كل شاردة بحنوٍّ، وكل واردة بسموٍّ، لتضمها برفق في إطار لوحة نقدية زاهية ، تأملتُها حُلما شفيفا ، ورؤيا سامقة.
فجزاك الله خير ما يجزي به عباده الكرماء النبلاء
وأظلني وإياك بظله يوم لا ظلَّ إلا ظله
ودمت بكل الخير والسعادة والفضل
مصطفى
د. سلطان الحريري
29-12-2006, 02:59 PM
إن غنى الشعر ليس في غموضه كما يرى الذين لا يميزون بين العمق والغموض ، غير أن الغنى والغموض يتولدان من كثافة التجربة الحية التي يريد الشاعر أن يعقلها عبر وعيه.
والقصيدة العظيمة تلك التي لا تنتهي مطلقا بأن تذوب في وعي سامعها ؛ لأنها لم تنه البتة تعبيرها عن الغنى الخفي الذي حضنت بذرته.
كنت دائما أقول : إن القصيدة العربية بحاجة إلى أن تتخطى حدود الحاضر إلى ما يجب أن يكون عليه ذلك الحاضر ، ولكن أن تتخطى قصيدة حدود الحاضر لتجلب مثاله من الماضي بهذا الأسلوب الدرامي ما يجعلني أقف وقفة المشدوه أمام إبداع الدكتور مصطفى عراقي ، ولكنني لا أستغرب ذلك ، فقد عودنا شاعرنا الكبير على الانفصال عن التقليد والعادة فيما يكتب ، فهو يخرجنا بهذه الحوارية من الخدر ، ومن الأفكار المشتركة الضيقة ، ليدهشنا ويحير طرائقنا في الفكر والرؤية ، إذّاك لابد من الوقوف عند مفردات هذا الخلق الشعري المميز ، فكثيرا ما يشد القارئ إلى ما لا تحجبه عنا الألفة والعادة ، لنكشف معه وجه الفكرة المخبوء ، وعلائقها الخفية .
إن مما شدني بها أنها تجمع بين فنين من فنون الأدب وهما الشعر والقصة ، وبذلك يصبح هيكل القصيدة ومضمونها منسجمان مع الفكرة ، ومنسجمان مع حضورها في ذائقة متلقيها.
أما استدعاؤه لشخصية ابن تيمية فله دلالات عدة من أهمها عندي أنها تحولت من القصيدة الفكرة إلى القصيدة الرؤية ، وهذا السفر إلى ماوراء الواقع لا يعني هربا من الواقع ، بل يحمل حنينا إلى المزيد من التجذر ، والهجرة هنا عتبة ثانية إلى العودة ، وبها يغدو السفر إيابا آخر .
إنه باستدعائه لشخصية مؤثرة في تاريخ الأمة يوصلنا بواقع آخر أغنى وأسمى ، وهذا البحث عن الواقع الآخر هو ما أعطى لكشفه الشعري فرادة الإبداع العالي ؛ ففيه يتعانق الحاضر مع الماضي ، والواقع المحسوس بالحلم ، وهنا تتكامل رؤية الشاعر في جدلية البشخص والتاريخ ، والذات والموضوع ، والواقع وما فوق الواقع،وهو في ذلك كله يثور في وجه التقليد والثبات .
ولا أريد أن أقف عند كل لفظ في القصيدة ؛ لأن ذلك متعذر هنا ، ولعلها تتتحقق في قراءة شاملة أخرى، ولكنني أود الإشارة إلى أن الشاعر مثل شخصية عصرنا في حواره مع الشيخ ، ومثل الشيخ القيمة المأسورة ، والتي يسعى شاعرنا إلى أن يجعل هذه الحوارية رؤى غارقة في قرارة الروح من خلال معطيات ثقافية يملكها المتلقى عن الشخصية المستدعاة.
ويبقى ما وراء حدود النص غموض مطلوب لذاته ، وأنا مع الغموض في القصيدة ؛ ذلك الغموض الذي لا يجعل من القصيدة سطحا بلا عمق ، ويبقي للمتلقي مساحة من الإبحار في الرؤية.
وقد تحقق ذلك في الثنائيات ( السجن والرضا ) ، و( السجن الضيق ، والسجن الأضيق)،( قسوة الزنزانة واتساعها)،( الباطل والنعيم ).... وغيرها كثير مما يطفو على سطح المعنى ، مؤذنا برؤية لا حدود لها.
هذه مقدمة لقراءة طويلة أرجو أن أجد الوقت لإنجازها ، فمثل هذه القصيدة تستحق منا الوقوف عن خفاياها ، والغوص في أعماقها.
يبدو لي – أيها الحبيب – أنني سأعقد صفقة مع الجمال في عالمك السامق، وأعدك بعودة أخرى تبحث في التفاصيل، بل أعد نفسي بمساحة أخرى من الجمال في رحابك .
اعذرني للتأخر في الرد ، ولك من تلميذك خالص الحب والتقدير.
إبراهيم محمد
29-12-2006, 10:45 PM
لله درك اخي مصطفى
فعلا لقد اثرت فيَّ ورسمت الدمعة على وجنتي
فلكم ذاق شيخنا من ويل العذاب
ولقد اثبت ان العلم مهما حوصر الا انه ظاهلا الى النور ومنتصر باذن واحد
اشكرك على رائعتك
مع أشواقي التي ليست تموت
طبيب
د. مصطفى عراقي
30-12-2006, 12:58 PM
استجابة لتوصية الفاضلة أسماء
وقناعة من إعجابي بالقصيدة
للتثبيت
إعجابا وتقديرا
============
أخي الكريم
بارك الله فيك وفي قناعتك الغالية
وجزى أختنا الجليلة أسماء، وتوصيتها الكريمة خير الجزاء
وثبتكما بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة
وبكل الصدق أقول ، كان بحسبي تشريفكما الجميل لي ولحروفي بكرم الحضور ، وجمال التأمل، وطيب الكلمة.
فلكما الشكر موصولا
ولله الحمد من قبل ومن بعد
مصطفى
د. مصطفى عراقي
31-12-2006, 08:52 AM
قصيدة معبرة ، وتجسيد جميل.
لا فض فوك أخي الكريم.
تحياتي
=======
وحضور كريم مشرق، يفيض ودا وكرما
لاحرمنا الله إطلالتك الغالية يا أخانا الجليل
ولك أسمى تحياتي ، وأصدق دعواتي
مصطفى
خليل حلاوجي
31-12-2006, 09:40 AM
القصيدة ... باهرة
ولكن
لو فرضنا جدلا ً بعث بن تيمية في زمان الزيف هذا ... زماننا
الم يكن ليثور على فكرنا وعلى مسّلمات تسكن جماجمنا
مسلمات
لانصدق انها هي من تخرب تجديد وعينا
هذا في احسن الاحوال ... ان انصتنا اليه ولم نحاربه نحن ايضا ً بدعوى المحافظة على تراثنا
لقد فعلها بن تيمية في زمانه وثار
ثار
على رجال ألفوا الموجود وأطمئنوا به
الموجود من فكر وشعر وادب وقيم
قال لهم
لا ... لنسخ افكار الرجال
قال لهم
لا .... للرضوخ بواقع الحال
وقال وقال وقال
واليوم لو قال احدنا بمعشار ماذهب اليه في اصل فكرته وثورته
لقال عنه الناس انه حداثوي بغيض او عقلاني وجرمه مقيت
اخي المكرم الغالي الكتور مصطفى
اعتقد ان اغلبنا يخفي في اعماقه بن تيمية ولكننا نخشى التصريح بالثورة فنخاف ووحده بن تيمية لم يخف
فهل انت معي ... في كشف هذه الفجيعة ؟
د.إيهاب النجدي
31-12-2006, 11:29 PM
الصمت _ هنا _ في حرم الجمال جمال
فهذه الرائعة التي تعتصم بصدق الإيمان , وأفق الحرية الوسيع , وفن الحاذق , وسبحات الخيال , وببعض من مواجيد الصوفية , تدعونا لقراءتها متأملين متجردين من أدران الواقع اليومي الذي يستبد بالجسد ويهلك الروح, وتدعونا إلى بعض من التوحد والصعود من مقام إلى مقام , لكنها أبدا لا تدعونا إلى الغياب , فصحوة العقل حاضرة لتعانق الشعور الذي يصدح في القلوب .
إن شاعرنا وهو يستدعي هذه الشخصية المفعمة بالدلالات , والمحكوم عليها بالظلم في حياتها , وبعد مماتها, وربما ظلم الرجل من كثير من أتباعه المعاصرين, يستدعي الشخصية لأمرين معا :
تجسيد أبرز مواقفها الإنسانية والإيمانية ( موقف السجن ) حيث التعاطف الإنساني هنا نابت في كل نفس , وهكذا بلغ التوفيق في الاختيار الغاية .
والأمر الثاني ليتحدث بالشخصية عن رسالته الخاصة , حيث الإيمان بحرية الفكر , والمقت والضجر من الاستبداد والظلم المطبقين على أنفاس العباد , أنى اتجهت .
لم يكن في غايتي النقد , ولا في حسباني تقمص دور الناقد , وأنا أهم بالتعليق أو تحية الجمال في في قصيدة أستاذنا , فلا يكفيها نظر المتعجل الذي يعالج الأقدار بالأقدار , بل تحتاج إلى وقفة المتأني , هي ورصيفاتها من قصائد هذا الطراز عند شاعرنا المفتن حقا .
كما أن ما كتبه الأصدقاء من أدباء الواحة ونقادها حول القصيدة أجهز على كثير مما مما دار في خلدي , وأخص هنا قراءات غامرت بمهارة في آفاقها :أسماء حرمة الله ( أفق الشعور ) د. محمد حسن السمان ( أفق الفكر ) د. إكرامي قورة ( أفق الفن ) د.سلطان الحريري ( أفق النقد ) .
سامحهم الله جميعا , فقد أتعبوا من جاءوا بعدهم .
أستاذنا الحبيب وشاعرنا القدير الدكتور مصطفى عراقي
أشكرك على المتعة التي أهديتنا على جناح القصيد
فأنعشت القلب والعقل بكل جميل
مع خالص تقديري وإكباري .
إيهاب
د.جمال مرسي
01-01-2007, 05:43 AM
رحم الله شيخ الاسلام ابن تيمية و جميع مشائخنا الأافاضل
نقلت لنا صورة حية و حوارية بديعة فكأننا عشنا لحظات سجنه لحظة بلحظة
بارك الله بك و بشعرك و بنفحتك الايمانية أخي د. مصطفى
قصيدة جميلة و مشاعر متدفقة
أكرمك الله
د. مصطفى عراقي
02-01-2007, 02:16 AM
كنت معه حتى الآن لايفارقني ولا افارقه
ابن تيمية كما قال اخي عدنان كان نورا للدنيا
ومايزال سراجه
بعض حقه هذه الأبيات الحلوة الجميلة حركت مقلتي قنثرت بعض الدموع
لله درك ليتني اقول الشعر فاصنع نهجا لقصيدتك لكنني لااعرف
========
صباحَنا المشرق
تقول ليتني أقول الشعر
وهل ما قلته هنا إلا الشعر صدقا وجمالا ؟
إن الشعر كما يقول أستاذنا العقاد: التعبير الجميل عن الشعور الصادق
فما أجمل تعبيرك شعَّ هنا شروقا، وما أصدق شعورك فاح هنا رحيقا!
دمت ودام إشراقك الغالي يا صباحنا الكريم
د. مصطفى عراقي
02-01-2007, 09:40 AM
الأخ الحبيب د مصطفى
تحية ملؤها الاحترام والتقدير
لك الأجر من الله على رائعة سكبت الود والإجلال رحيق قلب اطمئن لمعنى البيان رسول قلوب
شكرا لك
ورعاك الله
أخوك محمد
=============
أخي الحبيب الشاعر المجيد الأستاذ محمد إبراهيم الحريري
ما أغلى تحيتك
وما أسمى دعاءك
شكرا لأول الغيث قطرة ندى ، وإلى لقاء مع هطولك الزاكي
محبك : مصطفى
د. مصطفى عراقي
02-01-2007, 12:15 PM
سلام الـلـه عليكم
قراءة سريعة
في قصيدة "مع ابن تيمية في سجن القلعة"
للشاعر المبدع والناقد الكبير
الاستاذ الدكتور مصطفى عراقي
"إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة."
" ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري، أين رحت فهي معي، لا تفارقني، أنا حبسي خلوة. وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة."
غريب هذا الشعور الذي انتابني , وأنا أقرأ القصيدة , فقد رحت في حالة من اللاوعي , لاشاهد العالم شيخ الاسلام , المبتلى في سجنه , في قلعة دمشق , بهيبته وحضوره , يذكر الـلـه في حالة عشق وتبتل , يقرا سورة الفاتحة , من بدء الفجر حتى مطلع الشمس , يتلو آيات الـلـه , يسبّح باسم الرحمن , ويضيء الظلمات , ويصب النور على الصفحات , يعيش جنّة لايعرفها إلا من حباهم الـلـه بها نعمة , هل يعقل هذا الذي فعله الشاعر , أية مقدرة هذه , وأي تمثّل لحالة مرت في التاريخ .
"نور, وبهاءٌ يخترقانِ ظلامَ السجنِ الحالكْ
وهُنالِكْ
يتلو منْ آي القرآنْ
ويسبِّحُ باسْم الرحمنْ
وينيرُ الليلَ صلاةً ، ومناجاة.
يبعثُ في أرْكانِ الزنزانةِ رُوحًا ، وحياة .
ويفيضُ على أوراقٍ من بحْرِ العلمِ الزاخرْ
ينهلُّ النور من الأوراقْ "
ولايكتفي الشاعر بما قام به من رسم حركي ووجداني للشيخ والزنزانة, بعبق شعري لافت , وتدفق جميل أخّاذ , وكأننا امام فيلم مصور , بل يدخل في حوار مع الشيخ الجليل , ليرسم لنا ومضات من داخل النفس , ويلامس فيها منحنيات التفكير والايمان والرؤية عند الشيخ , بشكل لايقدر عليه إلا أديب وشاعر , وقبل هذا مفكّر عميق التحليل , حّاد الرؤية .
" لكني ألمسُ وجْهَ المأساة
أحملها جُرحًا في الأعماقِ
- يا شيخي الطيِّبْ
- - ماذا يا ولدي؟
- حدِّثني عن آفاقِ القُرْبْ
- - ذاك حديثٌ علويٌّ غامرْ
- حدِّثني
- فلتجْلِسْ يا ولدي
هذي زنزانتُنا ضيقة
لا تحزنْ
- إني في سجْنٍ أضيقْ
وظلامٍ أعمقْ
حدثني
أخرجني من إظْلامي من سجْني! "
وبحركة موفقة ينتقل الشاعر , وقد توحد مع الشيخ الجليل , في تفاؤله الايماني بنصرة الحق , وشعوره بتفاهة أثر الزنزانة والسجن , على جهاده الفكري , فترى الشاعر يرى الفجر وقد انشق , وانطلق مع الشيخ من ضيق الزنزانة , للعالم الرحيب المتسع .
"ويزورُ الفجرُ حديقتنا ويرِفُّ علينا بحنوِّ
والشيخُ الطيِّبُ يصعدُ بي يرقَى لسموٍّ فوق سموِّ
رقَّتْ زِنْزانتُنا، وتخلَّتْ عن قسْوتِـها
رحبُتْ دُنيانا واتسعتْ كُلُّ الآفاقْ
وشعرتُ بدفءٍ يسْري في أوْصالي
وانشقَّ الفجْرُ ، وشعَّ القلبْ
شكرًا يا شيخي الطيبْ"
ثم يتناول الشاعر , مسالة هامة في مسيرة حياة شيخ الاسلام , بين فطرة الشاعر واحساسه , وبين الثقافة الغنية , والاستيعاب المترع بالقوة , وهي مقارعة الباطل , والحركات الزائغة عن الدين القويم , والتأكيد على منهج الوسطية , والالتزام بالفكر النبوي .
"- ماذا في جعْبته؟!
فليرشقْنا بسهامٍ بعد سهامْ
ولْيرمِ علينا الأوهامْ
وليقذفنا بالأضغانْ
ليس لكفِّ الباطلِ يا ولدي سُلطانْ
يدُهُ مهما بطشتْ شَلَّاءْ
أينالُ الباطلُ مني ؟ هيهاتْ
و نعيمي في صدري أصحبه يصحبني حيث أكونُ بغير فراقْ "
ثم يعود الشاعر للتأكيد على فلسفة الشيخ , تاركا ايّاه يعبّر عن فكره , مقتربا في عدسته , من المشهد , واضعا الشيخ في بؤرة الصورة المتحركة , ليقول : بأن لاشيء يمكن أن يحجب نور الحق , فنور الحق يخترق الجدران , ولعل في ذلك مايشير الى ايمانه , بأن الـلـه لابد ناصر لدينه .
" يخبو وجهُ المأْساةِ الشاحِبْ في إطراق"
- ماذا يبقى إن هُمْ سجنوا النورْ؟
- لا يسجنُ يا ولدي نورْ
سيشعُّ النورُ الصادقُ يـخْترِقُ الـجُدرانْ
يسعى في كل مكانْ بالإشراقْ "
وفي اسلوب ذكي , يعود الشاعر لضبط المشهد , وكأنه قد رفع يده مودعا الشيخ الجليل , ليردد ما قاله شيخ الاسلام ابن تيمية , من خلال حالة التوحد معه , مذكرا ومقدما جرعات غنية من فكره ومسيرته الجهادية المباركة .
" ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري، أين رحت فهي معي، لا تفارقني، أنا حبسي خلوة. وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة."
ماذا يبغي أعدائي منِّي؟
ما أهونَ كيْدَ الأعْداءْ!
إنْ أُسجنْ فهي الخلوةُ خلوةُ حبّْ
تسعى روحي بالأشواقْ
تُسقى من نـهْرِ القُرْبْ
والنفي سياحة قلبٍ يستلهم أنوارًا
أني يذهبْ في الآفاق
يشهدْ
يتأملْ
يرقُبْ
يرهبْ
يرغبْ
بالقلب الخفاقْ
- والقتلْ؟
القتلُ شهادة
القتلُ لِقـاءْ
وأنا مشْتاقٌ يا ولدي لِلِقَــاءْ
وأنا مشتاق يا ولدي لتلاقْ "
في قصيدة اخذت شكلا متطورا من الأداء الشعري , قدّم لنا الشاعر المبدع , انموذجا متقدما في الابداع الشعري , ملتزما بأبجديات الاصالة , حرفا وكلمة وبناء ووزنا , جعلنا ننظر باعجاب ودهشة , ولنشهد دون تردد بقوة الشاعر , وتمكنه من كل الادوات , وثقافته الثّرة , وطلاوة جرس البوح , والذكائية العالية في انهاء القصيدة , وقبل كل هذا وذاك , نشهد له بتقديم فكر ورسالة .
أخوكم
السمان
=========
أخانا الغالي وأديبنا القدير وناقدنا المتميز : السمان
وما أجمل النقد عندما يتوحَّد فكرا وشعورا مع النص وما وراء النص ليتجلَّى ، ويُجلِّي
يتجلَّى في ذاته إبداعا موازيا زاهيا
ويُجلِّي النص لصاحبه وللقراء كاشفا عن سياقاته الداخلية والخارجية لغةً وثقافةً ، ثم يتجاوز ذلك لإثراء الوعي وإنماء الإدراك، بتفعيل رسالة النقد بالجمع بين الأنساق الأدبية والأنساق الحضارية في توازن بديع.
فيأتي توظيف أدوات النقد الثرية لترسيخ المفاهيم الإيجابية والجمالية في عقل القارئ ووجدانه
والجميل أنك تعرض علينا كل هذا باسلوبٍ رشيق أنيق يحببه إلى القلب ، ويقربه النفس فنقبل عليه بشوقٍ وشغف. ننهل من ثراء الفكر الراقي ، ونستمتع بجمال الأداء الأخاذ.
فشكرا للقراءة والإضاءة باستحضار نصوص مناجاة ابن تيمية الأصلية ، ثم الولوج بنا في رحلة نقدية رائعة محلقة في سحب الوعي واللاوعي، والعبارة والإشارة ، ورهافة الحس الفني بتنوع أشكاله وتعدد مظاهره بتأمل حميم ، وتتبع كريم
فلك من أخيك المحب :
أجمل الشكر
وأجل التحية
وأصدق الدعاء
ودمت لنا نبراس فكر
ومعين جمال
محبك: مصطفى
عبد القادر رابحي
02-01-2007, 12:45 PM
[QUOTE=د. مصطفى عراقي;224234]• قصيدة:
"مع ابن تيمية في سجن القلعة"
شعر: مصطفى عراقي
http://www.9q9q.org/index.php?image=sBH432wurUYuUu
" يخبو وجهُ المأْساةِ الشاحِبْ في إطراق"
- ماذا يبقى إن هُمْ سجنوا النورْ؟
- لا يسجنُ يا ولدي نورْ
سيشعُّ النورُ الصادقُ يـخْترِقُ الـجُدرانْ
يسعى في كل مكانْ بالإشراقْ
ختام:
"إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ . فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ"
(سورة القمر: 54،55)[/QUO
أخي الدكتور الفاضل المحترم مصطفى عراقي..
قرأت قصيدتك..
و أعجبني هذا التمكن من خلق الجو الشعري عن طريق الحوار..مما يجعل القارئ يتنقل بين شخصيات القصيدة بطريقة هي أقرب إلى الكتابة المسرحية بكل ما توحيه كلمة "مسرحية" من إبداع و تفتح و قدرة على إدارة آلية الحوار داخل النص الابداعي.. و داخل النص الشعري على الخصوص..
ثمة صدق متدفق من الكتابة و في الكتابة... و بغض النظر عن إمكانية الاختلاف ،المضمونة ضرورة، مع ما أصبحت تحمله رمزية الرجل ، و مع من يوظفون أفكاره لأغراض لا تخدم الأمة بالضرورة، فأنني أرى أن القصيدة قابلة للتطوير الابداعي المسرحي
ثمة شروط كثيرة متوفرة في مَسْرَحَةِ هذا العمل:
-القدرة على إدارة الحوار الهادئ الذي يفضله العمل المسرحي..
- القدرة على توظيف الرمز و تطبيقه على ما يحمله عصرنا و واقعنا المرير من تناقضات...
- توفر شرطية الابتلاء في رمز قصيدتك.. و التي بإمكانها أن تصبح من الوجهة المسرحية ب"الشرط المأساوي" أو "الشرط التراجيدي" الذي يوفر للعمل المسرحي النجاح من منظور الكتابة المسرحية، أي كتابة المسرح الشعري..
أستاذنا الكريم
تذكرني قصيدتك بالعمل الجاد و العميق الذي قدمه الشاعر المصري الكبير "صلاح عبد الصبور" ألا و هو "مأساة الحلاج"...
هذه هي وجهة نظري..
هنيئا لك..
أخوك عبد القادر
د. مصطفى عراقي
02-01-2007, 08:49 PM
بارك الله بك يادكتور ...
تعودنا على روائعك وهذه واحدة منها ..
كن بخير سيدي
========
أخي الحبيب الشاعر المبدع : علي
أسمى الشكر لحضورك العذب الكريم
ولجمال كلمتك النضيرة
دمت بكل الخير والسعادة والإبداع
حوراء آل بورنو
02-01-2007, 10:11 PM
أيها الفاضل
لا فض الله فاك .
بحق نحن بحاجة لمثل هذا النوع من الأدب العميق و الأصيل ، صاحب النهج و المنهج ، و ما غاياته تصل بنا إلى أعنان السماء فكراً و أداة .
ليتنا نرى خطاً جديداً في الواحة يعتمد الفكر الأصيل دوماً مع إبداع في الرسم و الصورة و الظلال .
حياك ربي .
حنان الاغا
02-01-2007, 10:45 PM
سجينان كانا
أحدهما أصبح سجنه ضياءونورا والآخر أضحت حرية واقعه المزيف سجنا أعتى وأصعب
حوارية شفافة وكلمات من نور
الامام الفقيه العالم الذي عذبته كلمته الحرة
ونحن الذين نكتوي حتى الآن بكل ما نؤمن به من خير وحق
أخي مصطفى
دائما أنت للكلمة الراقية والغرض النبيل نبراس
د. مصطفى عراقي
04-01-2007, 11:39 AM
الأخ الحبيب د مصطفى ، تحية طيبة
جريا على عادة سلكت مناهجها أينما ضربت بي ، في وديان تيه أم على نجود ربى بيان ، آثرت العودة للنص مخالفا راي الأحبة ، فلقد وجدت الرد أعرج الخطا ، كسيح القصد ، لم يبلغ شأو غاية ، لذا أقول :
في وجه الظلمة
منتعشا وتحدى العار
ويحوقل صدقا ويقينا
ليقيه النار
ربي.... فالوحشة تحملني
بجناح محب
لعرين السدرة يا ربي
والقلب يحب
عرش الرحمن
ويصهرني شوقي
لله
روحا والنفس
بها تقوى
لخدور الآه
والكوثر نهر برحيق
يسقى للصب ْ
وأنا بصبابة وجداني
ارجوك إله
أن تجعل حبي بشعور
نقاه الله
من زلة شيطان أخرس
أو حرفة آه
برجوع الروح تعانقي
ربي بالغار
في الدنيا شمس
تجعلني للطهر صلاة
وعلى أنوار مواهبها
احلام فلاة
من عوسج خير
عطرني فجر بنداه
الله الله فقد حانت
للدنيا صلاة ْ
هيا فلنذهبْ ونصلي
فالأمر أتاه
قلبي من شوق أجنحة
بنجوم ضياه
والقمر السابح في فلك
لله نداه
ياربي حلمك
ما عاشت
في القلب جروح
رحماك البلسم
رؤيته دوما بنقاه
يا فلق الرؤية
مرتجعي دوما لله
أن تجعل نوري
بيقيني
قمرا بمدار
وبرحمة ربي
فردوسي
شمس وحياة ْ
ما زلت بربي معتقدا
والعمر فناء
والأخرى أخلد في فكري
والحب لقاء
دنيانا يا قلقا يسري
بعيون الموت
فحذار يا دنيا صدقا
فالروح فداه
ما حملت أنثى بطهور
لن أفتح فاه
إلا وأحدق مشتاقا
بضياء علاه
ياربي
يارب الشعرى
يا أزلا يسري بيقيني
يا فتيا تجتاح عريني
يا من ارسلت إلى دربي
شمسا تهواه
أن تجعل فرحي
أزليا الله الله
ــــــــــــــــــ
تحياتي
أكاد أخرج من جسدي
العذر منك أخي الحبيب
=================
الله الله
إبداع يتفجر في الأرض عيونا
ويرصع في سقف الكون نجوما
ويصب الحب نشيدا في قلبِ حياه
الله الله
يرعاك الله
يا حامل أقمار الشعر بيمناه
وشموس السر بيسراه
وخطوط النور تضوي فوق جبين محيَّاه
الله الله
سلمك الله
يا نبض الشعر الساري في واحتنا يسعدها مسراه
وتهلل فرحا لما تلقاه
يسعى بفيوض الحب يبارك ربي مسعاه
دمت لنا يا شاعرنا الفذ
ودامت أشعارك أنشودة قلبٍ
أقصودة حبٍّ
ترنيمة فجرٍ يدعونا لصلاه
محبك: مصطفى
مجذوب العيد المشراوي
04-01-2007, 12:35 PM
مصطفى الأنيق ..
سبحان الله كأني معكما أسمع وأرى .
أعدت إلي فؤادي ومخيلتي حجة الإسلام شيخنا المتوضىء بتوحيده سبحانه ، مصطفى هذا جزء من شخصيتك مهم لمن أراد أن يعرفك ..
جعلها الله في ميزانك يوم العرض.. آمين
د. مصطفى عراقي
05-01-2007, 09:26 AM
إن غنى الشعر ليس في غموضه كما يرى الذين لا يميزون بين العمق والغموض ، غير أن الغنى والغموض يتولدان من كثافة التجربة الحية التي يريد الشاعر أن يعقلها عبر وعيه.
والقصيدة العظيمة تلك التي لا تنتهي مطلقا بأن تذوب في وعي سامعها ؛ لأنها لم تنه البتة تعبيرها عن الغنى الخفي الذي حضنت بذرته.
كنت دائما أقول : إن القصيدة العربية بحاجة إلى أن تتخطى حدود الحاضر إلى ما يجب أن يكون عليه ذلك الحاضر ، ولكن أن تتخطى قصيدة حدود الحاضر لتجلب مثاله من الماضي بهذا الأسلوب الدرامي ما يجعلني أقف وقفة المشدوه أمام إبداع الدكتور مصطفى عراقي ، ولكنني لا أستغرب ذلك ، فقد عودنا شاعرنا الكبير على الانفصال عن التقليد والعادة فيما يكتب ، فهو يخرجنا بهذه الحوارية من الخدر ، ومن الأفكار المشتركة الضيقة ، ليدهشنا ويحير طرائقنا في الفكر والرؤية ، إذّاك لابد من الوقوف عند مفردات هذا الخلق الشعري المميز ، فكثيرا ما يشد القارئ إلى ما لا تحجبه عنا الألفة والعادة ، لنكشف معه وجه الفكرة المخبوء ، وعلائقها الخفية .
إن مما شدني بها أنها تجمع بين فنين من فنون الأدب وهما الشعر والقصة ، وبذلك يصبح هيكل القصيدة ومضمونها منسجمان مع الفكرة ، ومنسجمان مع حضورها في ذائقة متلقيها.
أما استدعاؤه لشخصية ابن تيمية فله دلالات عدة من أهمها عندي أنها تحولت من القصيدة الفكرة إلى القصيدة الرؤية ، وهذا السفر إلى ماوراء الواقع لا يعني هربا من الواقع ، بل يحمل حنينا إلى المزيد من التجذر ، والهجرة هنا عتبة ثانية إلى العودة ، وبها يغدو السفر إيابا آخر .
إنه باستدعائه لشخصية مؤثرة في تاريخ الأمة يوصلنا بواقع آخر أغنى وأسمى ، وهذا البحث عن الواقع الآخر هو ما أعطى لكشفه الشعري فرادة الإبداع العالي ؛ ففيه يتعانق الحاضر مع الماضي ، والواقع المحسوس بالحلم ، وهنا تتكامل رؤية الشاعر في جدلية البشخص والتاريخ ، والذات والموضوع ، والواقع وما فوق الواقع،وهو في ذلك كله يثور في وجه التقليد والثبات .
ولا أريد أن أقف عند كل لفظ في القصيدة ؛ لأن ذلك متعذر هنا ، ولعلها تتتحقق في قراءة شاملة أخرى، ولكنني أود الإشارة إلى أن الشاعر مثل شخصية عصرنا في حواره مع الشيخ ، ومثل الشيخ القيمة المأسورة ، والتي يسعى شاعرنا إلى أن يجعل هذه الحوارية رؤى غارقة في قرارة الروح من خلال معطيات ثقافية يملكها المتلقى عن الشخصية المستدعاة.
ويبقى ما وراء حدود النص غموض مطلوب لذاته ، وأنا مع الغموض في القصيدة ؛ ذلك الغموض الذي لا يجعل من القصيدة سطحا بلا عمق ، ويبقي للمتلقي مساحة من الإبحار في الرؤية.
وقد تحقق ذلك في الثنائيات ( السجن والرضا ) ، و( السجن الضيق ، والسجن الأضيق)،( قسوة الزنزانة واتساعها)،( الباطل والنعيم ).... وغيرها كثير مما يطفو على سطح المعنى ، مؤذنا برؤية لا حدود لها.
هذه مقدمة لقراءة طويلة أرجو أن أجد الوقت لإنجازها ، فمثل هذه القصيدة تستحق منا الوقوف عن خفاياها ، والغوص في أعماقها.
يبدو لي – أيها الحبيب – أنني سأعقد صفقة مع الجمال في عالمك السامق، وأعدك بعودة أخرى تبحث في التفاصيل، بل أعد نفسي بمساحة أخرى من الجمال في رحابك .
اعذرني للتأخر في الرد ، ولك من تلميذك خالص الحب والتقدير.
============
أخي الحبيب الأديب القدير والناقد الواعي والعالم الجليل
سلطان القلوب والحروف الأستاذ الدكتور سلطان الحريري
أقف إجلالا واحتراما لهذا النقد الذي ينبثق عبر طرح قضية مهمة شاغلة بما يدل على مدى إخلاص ناقدنا الأديب للأدب وقضاياه ، ورغبته الصادقة في تعميق رؤيتنا من خلال عمق نظرته
وأشكر له هذا التشريف الجميل بأن تكون قصيدتي محل عنايته الكريمة ، حيث يلقي عليها من أشعة أنواره الكاشفة ما يمنحها من أبعاد رؤيته بُعدا جديدا ، ويضفي عليها من كرم تأملاته جمالا.
وبكل الصدق أقول إنني هنا لا أملك إلا الشعور بالرضا، والإعجاب ، والامتنان ، لكل ما تفضلت به هنا والإحساس بلذة اكتشاف ما يغيب في غمرة الكتابة، ويجليه النقدُ الواعي .
والشكر لله أن تحظى قصيدة لي بكل هذه العناية الكريمة من نقادٍ مبدعين أجلاء
أخي الحبيب
بارك الله لنا فيك أديبا وناقدا وعالما
وحفظك لنا سلطانا وفنانا وإنسانا
ودمت بكل الخير والسعادة والود
أخوك المحب: مصطفى
د. مصطفى عراقي
06-01-2007, 06:06 AM
لله درك اخي مصطفى
فعلا لقد اثرت فيَّ ورسمت الدمعة على وجنتي
فلكم ذاق شيخنا من ويل العذاب
ولقد اثبت ان العلم مهما حوصر الا انه ظاهلا الى النور ومنتصر باذن واحد
اشكرك على رائعتك
مع أشواقي التي ليست تموت
طبيب
==========
أخي الحبيب الطبيب
الأديب الصادق
والشاعر المبدع :إبراهيم محمد
صاحب الحوار الروحي الجميل والمناجاة السامية
ما أسعدني بحضورك الكريم
وإطلالتك الغالية
فلست أنسى أبدا فضل استقبالك الحفيّ بي هنا، وروعة أشواقك التي ليست تموت
فبارك الله فيك وفي كلمتك الطيبة
ودمت بكل الخير السعادة والود
أخوك:
مصطفى
د. مصطفى عراقي
07-01-2007, 06:53 PM
القصيدة ... باهرة
ولكن
لو فرضنا جدلا ً بعث بن تيمية في زمان الزيف هذا ... زماننا
الم يكن ليثور على فكرنا وعلى مسّلمات تسكن جماجمنا
مسلمات
لانصدق انها هي من تخرب تجديد وعينا
هذا في احسن الاحوال ... ان انصتنا اليه ولم نحاربه نحن ايضا ً بدعوى المحافظة على تراثنا
لقد فعلها بن تيمية في زمانه وثار
ثار
على رجال ألفوا الموجود وأطمئنوا به
الموجود من فكر وشعر وادب وقيم
قال لهم
لا ... لنسخ افكار الرجال
قال لهم
لا .... للرضوخ بواقع الحال
وقال وقال وقال
واليوم لو قال احدنا بمعشار ماذهب اليه في اصل فكرته وثورته
لقال عنه الناس انه حداثوي بغيض او عقلاني وجرمه مقيت
اخي المكرم الغالي الكتور مصطفى
اعتقد ان اغلبنا يخفي في اعماقه بن تيمية ولكننا نخشى التصريح بالثورة فنخاف ووحده بن تيمية لم يخف
فهل انت معي ... في كشف هذه الفجيعة ؟
=======
أخانا الخليل الجميل
بارك الله فيك أيها القلب المتوقدُ شعورا
والعقل المتوهج فكرا
أيها المحلِّق بقلوبنا وحروفنا في سموات فكرك النيِّر ، وأدبك السامق
مخترقا قيود الزمان والمكان بكتابتك الكونية الكاشفة النازفة
ما أجملك أيها الكريم العظيم وأنت تسلط وهجك الساطع على حروفنا ، وتسكب جمالك الذاتي في ذواتنا
فتمنحنا الأمل رغم ما يعتصرك من ألم في نبلٍ ووفاء وصفاء
الخليلُ الجليل
كم أتشرف بك أنك معنا
وكم أعتز بأنني معك
ودمت وأسرة الواحة بكل الخير والنور والجمال
أخوك:
مصطفى
د. مصطفى عراقي
11-01-2007, 05:01 AM
الصمت _ هنا _ في حرم الجمال جمال
فهذه الرائعة التي تعتصم بصدق الإيمان , وأفق الحرية الوسيع , وفن الحاذق , وسبحات الخيال , وببعض من مواجيد الصوفية , تدعونا لقراءتها متأملين متجردين من أدران الواقع اليومي الذي يستبد بالجسد ويهلك الروح, وتدعونا إلى بعض من التوحد والصعود من مقام إلى مقام , لكنها أبدا لا تدعونا إلى الغياب , فصحوة العقل حاضرة لتعانق الشعور الذي يصدح في القلوب .
إن شاعرنا وهو يستدعي هذه الشخصية المفعمة بالدلالات , والمحكوم عليها بالظلم في حياتها , وبعد مماتها, وربما ظلم الرجل من كثير من أتباعه المعاصرين, يستدعي الشخصية لأمرين معا :
تجسيد أبرز مواقفها الإنسانية والإيمانية ( موقف السجن ) حيث التعاطف الإنساني هنا نابت في كل نفس , وهكذا بلغ التوفيق في الاختيار الغاية .
والأمر الثاني ليتحدث بالشخصية عن رسالته الخاصة , حيث الإيمان بحرية الفكر , والمقت والضجر من الاستبداد والظلم المطبقين على أنفاس العباد , أنى اتجهت .
لم يكن في غايتي النقد , ولا في حسباني تقمص دور الناقد , وأنا أهم بالتعليق أو تحية الجمال في في قصيدة أستاذنا , فلا يكفيها نظر المتعجل الذي يعالج الأقدار بالأقدار , بل تحتاج إلى وقفة المتأني , هي ورصيفاتها من قصائد هذا الطراز عند شاعرنا المفتن حقا .
كما أن ما كتبه الأصدقاء من أدباء الواحة ونقادها حول القصيدة أجهز على كثير مما مما دار في خلدي , وأخص هنا قراءات غامرت بمهارة في آفاقها :أسماء حرمة الله ( أفق الشعور ) د. محمد حسن السمان ( أفق الفكر ) د. إكرامي قورة ( أفق الفن ) د.سلطان الحريري ( أفق النقد ) .
سامحهم الله جميعا , فقد أتعبوا من جاءوا بعدهم .
أستاذنا الحبيب وشاعرنا القدير الدكتور مصطفى عراقي
أشكرك على المتعة التي أهديتنا على جناح القصيد
فأنعشت القلب والعقل بكل جميل
مع خالص تقديري وإكباري .
إيهاب
أخي الحبيب الشاعر الناقد الباحث الدكتور إيهاب:
ولك الشكر يا صاحب ( أفق الرؤيا )
ولهذا الحضور الذي دلَّ على آفاق مشاركاتٍ كريمةٍ وقراءات مضيئة ، ثم لم يكتفِ بالدلالة الجميلة على جمالها الأصيل بل أضاف إليها أفقا جديدا إلى آفاقهم و نورا إلى أنوارهم فصرت هائما في هذه الآفاق التي أكرمني الله بها وقصيدتي فله- سبحانه- الفضل والمنة، ولكم أيها الحبابُ الشكر والإعزاز.
وأرجو أن تتقبل أسمى تحية لهذه العبارات الغالية العالية وتلك الإشارات السامية الحانية ، التي هطلت على حروفي غيثا مباركا فاهتزت وربت.
ودمت لنا مبدعا صاحب أسلوب ٍسامق
وناقدا صاحب رؤية كاشفة ورؤيا صادقة
وما زلت في ارتقاب أن تفتح لنا من كنوز خزائن أدبك المتميز
محبك: مصطفى
د. مصطفى عراقي
12-01-2007, 04:15 PM
رحم الله شيخ الاسلام ابن تيمية و جميع مشائخنا الأافاضل
نقلت لنا صورة حية و حوارية بديعة فكأننا عشنا لحظات سجنه لحظة بلحظة
بارك الله بك و بشعرك و بنفحتك الايمانية أخي د. مصطفى
قصيدة جميلة و مشاعر متدفقة
أكرمك الله
=========
اخي الحبيب وأستاذي الفاضل الشاعر المُجيد الدكتور جمال مرسي
اسمى الشكر لحضور عذب يشع في المكان والزمان والقلب
وأطيب التحيات لكلمتك الطيبة المحلقة
حفظك المولى لنا اخا غاليا ، وشاعرا عاليا
محبك: مصطفى
د. مصطفى عراقي
12-01-2007, 04:33 PM
[QUOTE=د. مصطفى عراقي;224234]• قصيدة:
"مع ابن تيمية في سجن القلعة"
شعر: مصطفى عراقي
http://www.9q9q.org/index.php?image=sBH432wurUYuUu
" يخبو وجهُ المأْساةِ الشاحِبْ في إطراق"
- ماذا يبقى إن هُمْ سجنوا النورْ؟
- لا يسجنُ يا ولدي نورْ
سيشعُّ النورُ الصادقُ يـخْترِقُ الـجُدرانْ
يسعى في كل مكانْ بالإشراقْ
ختام:
"إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ . فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ"
(سورة القمر: 54،55)[/QUO
أخي الدكتور الفاضل المحترم مصطفى عراقي..
قرأت قصيدتك..
و أعجبني هذا التمكن من خلق الجو الشعري عن طريق الحوار..مما يجعل القارئ يتنقل بين شخصيات القصيدة بطريقة هي أقرب إلى الكتابة المسرحية بكل ما توحيه كلمة "مسرحية" من إبداع و تفتح و قدرة على إدارة آلية الحوار داخل النص الابداعي.. و داخل النص الشعري على الخصوص..
ثمة صدق متدفق من الكتابة و في الكتابة... و بغض النظر عن إمكانية الاختلاف ،المضمونة ضرورة، مع ما أصبحت تحمله رمزية الرجل ، و مع من يوظفون أفكاره لأغراض لا تخدم الأمة بالضرورة، فأنني أرى أن القصيدة قابلة للتطوير الابداعي المسرحي
ثمة شروط كثيرة متوفرة في مَسْرَحَةِ هذا العمل:
-القدرة على إدارة الحوار الهادئ الذي يفضله العمل المسرحي..
- القدرة على توظيف الرمز و تطبيقه على ما يحمله عصرنا و واقعنا المرير من تناقضات...
- توفر شرطية الابتلاء في رمز قصيدتك.. و التي بإمكانها أن تصبح من الوجهة المسرحية ب"الشرط المأساوي" أو "الشرط التراجيدي" الذي يوفر للعمل المسرحي النجاح من منظور الكتابة المسرحية، أي كتابة المسرح الشعري..
أستاذنا الكريم
تذكرني قصيدتك بالعمل الجاد و العميق الذي قدمه الشاعر المصري الكبير "صلاح عبد الصبور" ألا و هو "مأساة الحلاج"...
هذه هي وجهة نظري..
هنيئا لك..
أخوك عبد القادر
=======
أخي الحبيب الشاعر المتجدد المتفرد رابحي
كم تشرفت يا اخي الكريم بهذا الحضور النفيس يحمل وهجا خاصا وإشراقا جديدا ، نابع من رؤية صادقة تسعى إلى الدعوة للتجديد بوعي راقٍ ، وإدراكٍ حكيم ، ومن قلب عامر بالحب والنبل والأريحية والإيثار
فبارك الله لنا فيك ونفعنا بما تحمل من مشاعل تنير
ولك الشكر على ما تفضلت به من فضائل سكنت في القلب ، وفي الصدارة منها تشريفك لي بذكر الشاعر القدير صلاح عبد الصبور ورائعته المسرحية التي انبهرت بها انبهارا كبيرا،
فلك أسمى آيات الشكر
وأطيب نسائم التحيات
محبك الفخور بك مجددا صادقا
مصطفى
د. مصطفى عراقي
13-01-2007, 05:26 PM
أيها الفاضل
لا فض الله فاك .
بحق نحن بحاجة لمثل هذا النوع من الأدب العميق و الأصيل ، صاحب النهج و المنهج ، و ما غاياته تصل بنا إلى أعنان السماء فكراً و أداة .
ليتنا نرى خطاً جديداً في الواحة يعتمد الفكر الأصيل دوماً مع إبداع في الرسم و الصورة و الظلال .
حياك ربي .
============
أختنا الجليلة الأديبة الصادقة : حوراء
بارك الله في حضورٍ نفيس يحمل لنا بوصلة طيبة تشير إلى الدربِ درب الخير والنور
فجزاك الله عنا خير الجزاء
ودمت لنا نبراسا ومشكاة
مصطفى
سامي البكر
13-01-2007, 08:11 PM
أستاذنا القدير
المبدع
مصطفى عراقي
لقد افتقدت قصائدك
الرائعة كثيرا
وإن كان العتب يعود
علي لانقطاعي
المرعب
هذه الواحة الغناء
أما القصيدة فقد قرأتها
قبل واستعذبت بصداها
الذي يبقى أياما لا يفارق
مسمعي
قرأتها في بعض المنتديات التي فارقتَها
وإن كنتُ تألمتُ لذلك
إلا أني أراك هنا أبهى
وأجمل
والقوم هنا أعرف بحقك والمكانة اللائقة
بمبدع مثلك
د. مصطفى عراقي
17-01-2007, 04:52 PM
سجينان كانا
أحدهما أصبح سجنه ضياءونورا والآخر أضحت حرية واقعه المزيف سجنا أعتى وأصعب
حوارية شفافة وكلمات من نور
الامام الفقيه العالم الذي عذبته كلمته الحرة
ونحن الذين نكتوي حتى الآن بكل ما نؤمن به من خير وحق
أخي مصطفى
دائما أنت للكلمة الراقية والغرض النبيل نبراس
==========
أديبتنا الصادقة السامقة : حنان
ولك الشكر يا بنت يافا الأبية لهذا الحضور النوراني الشفيف يشع حكمةً وشروقا، ويضوع صدقا رحيقا
فلا حرمنا الله من كلمتك النضيرة ، وإطلالتك السامية
ودمت بكل الخير والسعادة والأمل
مصطفى
د. مصطفى عراقي
17-01-2007, 05:01 PM
أستاذنا القدير
المبدع
مصطفى عراقي
لقد افتقدت قصائدك
الرائعة كثيرا
وإن كان العتب يعود
علي لانقطاعي
المرعب
هذه الواحة الغناء
أما القصيدة فقد قرأتها
قبل واستعذبت بصداها
الذي يبقى أياما لا يفارق
مسمعي
قرأتها في بعض المنتديات التي فارقتَها
وإن كنتُ تألمتُ لذلك
إلا أني أراك هنا أبهى
وأجمل
والقوم هنا أعرف بحقك والمكانة اللائقة
بمبدع مثلك
أخي الحبيب الغالي، وشاعرنا المبدع الصادق : سامي
الحمد لله رب العالمين أن جمعني وإياك في رحاب هذه الواحة الظليلة المباركة
ويعلم الله مدى اشتياقي إلى كلمتك الطيبة وشعرك المتألق إبداعا متفردا وإلقاءً عذبا
بارك الله فيك وأظلنا بظله يوم لا ظل إلا ظله
ودمت أخا كريما وصديقا صدوقا وشاعرا جليلا
محبك: مصطفى
د. أيمن العتوم
10-07-2008, 05:02 PM
لا فُضّ فوك أخي العزيز الدّكتور مصطفى عراقي ...
إنّ حال ابن تيمية هو حال العلماء العظماء الّذين ثبّتهم الله على الحقّ، مثل أحمد بن حنبل، وسيّد قطب، وغيرهم كثير ... إنّ السّجن - كما يقول ابن تيمية - خلوة، ومناجاة لله، فهم إذْ يسجنون مثل هؤلاء العمالقة، إنّما يُسدون لهم معروفًا ويصنعون معهم يدًا، إذْ يوفّرون لهم الخلوة لمناجاة الله، ومساءلة الذّات، وحِسابها كي تسقيم على الصّراط ولا تتنكّبه ... العلماء الثّابتون بَقَوا بنور علمهم أعلامًا يُهتَدى بها في ظُمات الدّروب، والطّغاة المتجبّرون انتهَوا في ظلمات جبروتهم، وإذا ذكرهم التّاريخ فلا أسوأ ولا أشنأ من ذِكرهم ...
سلمتَ أخي الدّكتور مصطفى على هذه الرّائعة، وأهنّئك عليها وعلى علمك الجمّ وأدبك الرّفيع ... ودمتَ بخير ...
وائل محمد القويسنى
10-07-2008, 05:08 PM
حبيبى د مصطفى
والله لا زلت أحاول التعليق
http://www.arabsys.net/pic/thanx/20.gif
:hat::hat::hat:
تحيات أخيك ووده
وائل القويسنى
لطفي الياسيني
10-07-2008, 07:15 PM
الاديب الراقي الاستاذ د. مصطفى عراقي
جزاك الله جنة الفردوس الاعلى
التي اعدت للمتقين
لك مني عاطر
واطيب المنى
دمت بخير
د. مصطفى عراقي
26-02-2009, 12:58 AM
لا فُضّ فوك أخي العزيز الدّكتور مصطفى عراقي ...
إنّ حال ابن تيمية هو حال العلماء العظماء الّذين ثبّتهم الله على الحقّ، مثل أحمد بن حنبل، وسيّد قطب، وغيرهم كثير ... إنّ السّجن - كما يقول ابن تيمية - خلوة، ومناجاة لله، فهم إذْ يسجنون مثل هؤلاء العمالقة، إنّما يُسدون لهم معروفًا ويصنعون معهم يدًا، إذْ يوفّرون لهم الخلوة لمناجاة الله، ومساءلة الذّات، وحِسابها كي تسقيم على الصّراط ولا تتنكّبه ... العلماء الثّابتون بَقَوا بنور علمهم أعلامًا يُهتَدى بها في ظُمات الدّروب، والطّغاة المتجبّرون انتهَوا في ظلمات جبروتهم، وإذا ذكرهم التّاريخ فلا أسوأ ولا أشنأ من ذِكرهم ...
سلمتَ أخي الدّكتور مصطفى على هذه الرّائعة، وأهنّئك عليها وعلى علمك الجمّ وأدبك الرّفيع ... ودمتَ بخير ...
====
سلمك الله يا أخي الكريم الشاعر المُجيد الدكتور أيمن
وأسعدك الرحمن كما أسعدت قلب أخيك بهذا الفيض النوراني الحبيب ,وهذه الشهادة الغالية النابعة من معين فضلك وعلمك وأدبك
بوركت
ودمت بكل الخير والسعادة والنور
محبك: مصطفى
د. مصطفى عراقي
26-02-2009, 01:00 AM
حبيبى د مصطفى
والله لا زلت أحاول التعليق
http://www.arabsys.net/pic/thanx/20.gif
:hat::hat::hat:
تحيات أخيك ووده
وائل القويسنى
أحبك الله وأعزك أيها الأخ الحبيب القريب
بل علقت وعلقت في جيدي عقدا من عقود فضلك المتواترة
بوركت
ودمت بكل الخير والسعادة والودّ
د. مصطفى عراقي
26-02-2009, 01:02 AM
الاديب الراقي الاستاذ د. مصطفى عراقي
جزاك الله جنة الفردوس الاعلى
التي اعدت للمتقين
لك مني عاطر
واطيب المنى
دمت بخير
-
اللهم آمين
نحن وإياكم وكل الحاضرين
وجزاك الله خير الجزاء يا شيخنا الحبيب الكريم
ولا حرمنا من بركات حضورك
د. مصطفى عراقي
26-02-2009, 09:15 PM
أجدني أمام لوحة مسرحية بديعة ، توفرت فيها على قصرها مقومات المسرحية الشعرية الطويلة ، غير أننا لم نشعر بملل وكأننا نصر على كونها قصيدة قصيرة رغم استمتاعنا بمسرحتها .
"مع ابن تيمية في سجن القلعة"
اسم العمل يشي بمضمونه ، حوار ومناجاة وقرب ، باختصار لحظات حياتية مع البطل في مكان اختبار للإيمان ، وبرغم أن مسرح العمل في السجن حيث الظلم والظلمة ، إلا أن الشاعر ينقلنا لحالة مغايرة لما توقعناه من لفظة (السجن) بالنور والبهاء في بداية النص ، هذه هي الخلفية المرئية ( الديكور ) التي يتسلل منها التأثير الصوتي المصاحب وهو هنا ليس موسيقى تصويرية كالمعتاد بل كلمات سماوية وتسابيح قلبية ، وما أجمل هذا التأثير الروحاني كمدخل للنص.
ثم ينتقل الشاعر نقلة مسرحية بالحوار بين الشاعر والشيخ في فلسفة جذابة وإشارة لسجن الجسد وسجن الروح ، ثم ينقلنا نقلة عالية جدا بعد الحوار الذي أثمرت كلمات الشيخ فيه ثمراتها في قلب الشاعر ، ليتحول السجن الضيق إلى حديقة ، وما أجمل حديقة الرضا والإيمان حتى إن شيدت في قلب أعتى السجون ، بل إن الزنزانة لترق من رقة قلوب ساكنيها ، وتتسع المسافة الضيقة لتبصر العين منها رحابة ما بعدها رحابة:
ويزورُ الفجرُ حديقتنا ويرِفُّ علينا بحنوِّ
والشيخُ الطيِّبُ يصعدُ بي يرقَى لسموٍّ فوق سموِّ
رقَّتْ زِنْزانتُنا، وتخلَّتْ عن قسْوتِـها
رحبُتْ دُنيانا واتسعتْ كُلُّ الآفاقْ
وشعرتُ بدفءٍ يسْري في أوْصالي
وانشقَّ الفجْرُ ، وشعَّ القلبْ
شكرًا يا شيخي الطيبْ"
وبعد هذه الطمأنينة الإيمانية الذي أدخلها الشيخ على قلب الشاعر يتحول الحديث مرة أخرى بعد انقشاع الظلمة إلى الأمل فى انقشاع الظلم :
- ماذا في جعْبته؟!
فليرشقْنا بسهامٍ بعد سهامْ
ولْيرمِ علينا الأوهامْ
وليقذفنا بالأضغانْ
ليس لكفِّ الباطلِ يا ولدي سُلطانْ
يدُهُ مهما بطشتْ شَلَّاءْ
أينالُ الباطلُ مني ؟ هيهاتْ
و نعيمي في صدري أصحبه يصحبني حيث أكونُ بغير فراقْ
هنا يشب الإيمان جبلا في قلب الرجل ، فالنعيم يحمله أينما رحل، فما عسى الظالم أن ينال منه ، بل إن الظالم المعتقد بأنه سجن النور واهم ،
" يخبو وجهُ المأْساةِ الشاحِبْ في إطراق"
- ماذا يبقى إن هُمْ سجنوا النورْ؟
- لا يسجنُ يا ولدي نورْ
ثم يعود الحوار مرة أخرى مستهينا بما يلقاه القلب المؤمن من كيد وما يصلاه البدن الصابر من قيد :
ماذا يبغي أعدائي منِّي؟
ما أهونَ كيْدَ الأعْداءْ!
إنْ أُسجنْ فهي الخلوةُ خلوةُ حبّْ
تسعى روحي بالأشواقْ
تُسقى من نـهْرِ القُرْبْ
والنفي سياحة قلبٍ يستلهم أنوارًا
أني يذهبْ في الآفاق
يشهدْ
يتأملْ
يرقُبْ
يرهبْ
يرغبْ
بالقلب الخفاقْ
- والقتلْ؟
هنا مربط الفرس ، فالكلام الطيب الجميل يقدر عليه الكثيرون ، والصبر المصطنع يتحمل مرارته المراءون ، ولكن الموت يبقى فارقا بين المخلص وغيره وهو هنا في النص عند الشيخ موعد للقاء آخر يتوق إليه :
القتلُ شهادة
القتلُ لِقـاءْ
وأنا مشْتاقٌ يا ولدي لِلِقَــاءْ
وأنا مشتاق يا ولدي لتلاقْ
هنا لابد أن يكون الختام ، وقد أحسن الشاعر الخاتمة بآخر آيتين من سورة القمر ، ختام ولا أروع :
"إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ . فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ"
(سورة القمر: 54،55)
الله الله الله
رائعة يا رجل الروائع
ومعذرة لما سكبه قلبي هنا فلست ناقدا ولكني هذا ما استقر بقلبي من قراءتي الأولى للنص .
http://www.nawafbiz.com/tothenet/upload/nsk_314999994.gif
دامت الروائع
أخي الحبيب الشاعر القدير الناقد المتمكن الدكتور إكرامي
أستأذنك ألها الكريم في نشر هذه القراءة الرائعة مع القصيدة في ديوان يحمل العنوان ذاته
ودمت بكل الخير والسعادة والنور
محبك: مصطفى
محسن شاهين المناور
26-02-2009, 09:37 PM
أخي الحبيب الدكتور مصطفى عراقي
عشت مع نور هذا الحرف وهذه التجليات
لحظات من الطمأنينة والرضا فهذه التجليات
بمعانيها السامية تخرجنا من أجسادنا إلى عالم
آخر نحس فيه بطعم آخر للحياة
دمت بهذا الألق أخي وحبيبي
هيثم محمد علي
26-02-2009, 09:44 PM
أستاذي الفاضل د/ مصطفى عراقي
قرأتها أمس واستمتع جداً
ولكن خشيت ان اعلق
أراها أكبر من تعليقي بكثير
فقلت سأقرأها مرة اخرى وأسجل فقط حضوري
لينالني شرف قراءتها
دمت بكل خير وسعادة أستاذي العزيز
د. مصطفى عراقي
22-03-2009, 12:30 AM
أخي الحبيب الدكتور مصطفى عراقي
عشت مع نور هذا الحرف وهذه التجليات
لحظات من الطمأنينة والرضا فهذه التجليات
بمعانيها السامية تخرجنا من أجسادنا إلى عالم
آخر نحس فيه بطعم آخر للحياة
دمت بهذا الألق أخي وحبيبي
أخي الكريم الشاعر القدير الأستاذ محسن شاهين المناور
وما أسعدني بهذا الحضور النوراني الشفيف في القلب والوجدان
أسعدك الرحمن
ودمت بكل الخير والسعادة والودّ
مصطفى
د. مصطفى عراقي
26-03-2009, 06:26 PM
أستاذي الفاضل د/ مصطفى عراقي
قرأتها أمس واستمتع جداً
ولكن خشيت ان اعلق
أراها أكبر من تعليقي بكثير
فقلت سأقرأها مرة اخرى وأسجل فقط حضوري
لينالني شرف قراءتها
دمت بكل خير وسعادة أستاذي العزيز
بل شرفني حضورك الطيب الأنيق يا شاعرنا المبدع الأستاذ هيثم محمد
جزاك الله خير الجزاء
ودمت بكل الخير والسعادة والنور
د.إسلام المازني
29-04-2009, 02:16 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى ءاله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الأستاذ الفاضل الغالي د. مصطفى عراقي
بارك الله عليك، وأحسن إليك إحسانا بعد إحسان
ورحم الله ابن تيمية، وهكذا نحسبه والله حسيبه ..وكذا كل النبلاء أمثاله من المؤمنين..
طريقه أنوار .. أنوار نجوم وأقمار ..
شموس وشموع ..
أنوار أفكار وأنوار أقدار .. أضواء أحاسيس تنير الأحايين، أنوار علوم وأفهام، رحلة قلب مستقر مهما رأى..."يثبت الله الذين ءامنوا " سبحان الله
سالم سليمان سلامة
29-04-2009, 03:09 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رائعة بديعة تجعل قارئيها اسير نغماتها المترنمة وكانها تردد صوت تلك اليمامة المترنمة على غصنها الميادِ
محمود فرحان حمادي
29-04-2009, 06:41 PM
• قصيدة:
"مع ابن تيمية في سجن القلعة"
شعر: مصطفى عراقي
-1-
نور ٌ، وبهاءٌ يخترقانِ ظلامَ السجنِ الحالكْ
وهُنالِكْ
يتلو منْ آي القرآنْ
ويسبِّحُ باسْم الرحمنْ
وينيرُ الليلَ صلاةً ، ومناجاه.
يبعثُ في أرْكانِ الزنزانةِ رُوحًا ، وحياه .
ويفيضُ على أوراقٍ من بحْرِ العلمِ الزاخرْ
ينهلُّ النور من الأوراقْ
-2-
لكني ألمسُ وجْهَ المأساه
أحملها جُرحًا في الأعماقِ
- يا شيخي الطيِّبْ
- - ماذا يا ولدي؟
- حدِّثني عن آفاقِ القُرْبْ
- - ذاك حديثٌ علويٌّ غامرْ
- حدِّثني
- فلتجْلِسْ يا ولدي
هذي زنزانتُنا ضيقة
لا تحزنْ
- إني في سجْنٍ أضيقْ
وظلامٍ أعمقْ
حدثني
أخرجني من إظْلامي من سجْني!
-3-
"ويزورُ الفجرُ حديقتنا ويرِفُّ علينا بحنوِّ
والشيخُ الطيِّبُ يصعدُ بي يرقَى لسموٍّ فوق سموِّ
رقَّتْ زِنْزانتُنا، وتخلَّتْ عن قسْوتِـها
رحبُتْ دُنيانا واتسعتْ كُلُّ الآفاقْ
وشعرتُ بدفءٍ يسْري في أوْصالي
وانشقَّ الفجْرُ ، وشعَّ القلبْ
شكرًا يا شيخي الطيبْ"
-4-
- ماذا في جعْبته؟!
فليرشقْنا بسهامٍ بعد سهامْ
ولْيرمِ علينا الأوهامْ
وليقذفنا بالأضغانْ
ليس لكفِّ الباطلِ يا ولدي سُلطانْ
يدُهُ مهما بطشتْ شَلَّاءْ
أينالُ الباطلُ مني ؟ هيهاتْ
و نعيمي في صدري أصحبه يصحبني حيث أكونُ بغير فراقْ
-5-
" يخبو وجهُ المأْساةِ الشاحِبْ في إطراق"
- ماذا يبقى إن هُمْ سجنوا النورْ؟
- لا يسجنُ يا ولدي نورْ
سيشعُّ النورُ الصادقُ يـخْترِقُ الـجُدرانْ
يسعى في كل مكانْ بالإشراقْ
-6-
ماذا يبغي أعدائي منِّي؟
ما أهونَ كيْدَ الأعْداءْ!
إنْ أُسجنْ فهي الخلوةُ خلوةُ حبّْ
تسعى روحي بالأشواقْ
تُسقى من نـهْرِ القُرْبْ
والنفي سياحة قلبٍ يستلهم أنوارًا
أني يذهبْ في الآفاق
يشهدْ
يتأملْ
يرقُبْ
يرهبْ
يرغبْ
بالقلب الخفاقْ
- والقتلْ؟
القتلُ شهادة
القتلُ لِقـاءْ
وأنا مشْتاقٌ يا ولدي لِلِقَــاءْ
وأنا مشتاق يا ولدي لتلاقْ
ختام:
"إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ . فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ"
(سورة القمر: 54،55)
مشاعر مباركة وكلمات طيبة أسجل إعجابي بهذا الحرف الرائع
والكلا المعبر الهادف والشعر الخميل
د. مصطفى عراقي
15-07-2010, 08:57 PM
-4-
- ماذا في جعْبته؟!
فليرشقْنا بسهامٍ بعد سهامْ
ولْيرمِ علينا الأوهامْ
وليقذفنا بالأضغانْ
ليس لكفِّ الباطلِ يا ولدي سُلطانْ
يدُهُ مهما بطشتْ شَلَّاءْ
أينالُ الباطلُ مني ؟
هيهاتْ
و نعيمي في صدري أصحبه يصحبني حيث أكونُ بغير فراقْ
محمد ذيب سليمان
16-07-2010, 10:30 AM
لله درك أيها العالم المعلم
قصيدة نسجت من نور
ومن لا يهتز له بدن أثناء قراءتها
كنت رااااااااائعا
أيها المعلم
شكرا لك
سامية الحربي
12-12-2013, 01:23 PM
ومن يقول اليوم "يا ابن تيمية ألا فتوى تسيرها تحرك فينا جيش نور يمحق الظلام!"
مسرحية من مشهد واحد العزة في جنباتها.
رحمك الله.
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir