المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رحلة إلى الأعماق - قصة - من الخيال العلمي - نزار ب. الزين



نزار ب. الزين
29-12-2006, 02:42 AM
رحلة إلى الأعماق

قصة من الخيال العلمي

نزار ب. الزين*

*****

خمسة أصدقاء من بلاد عربية مختلفة ، جمعتهم الدراسة في إحدى الجامعات الأمريكية و السكن المشترك قريبا منها ، عبد الله من المغرب تخصص برمجة و هندسة كمبيوتر ، هشام من سورية تخصص معادن و سبائك معدنية ، مجدي من مصر تخصص طبقات الأرض ، حمود من الإمارات العربية المتحدة /أمارة دبي تخصص نفط و صناعات نفطية ، و رياض فلسطيني يعيش في الأردن تخصص ميكانيك محركات ثقيلة.
لم تلههم المغريات الكثيرة من حولهم ، اللهم سوى حضور أفلام الخيال العلمي التي يشتركون جميعا بعشقها ، إضافة إلى زيارة المتاحف و مطالعة المجلات العلمية ؛ و قد أبدوا جميعا لفرط ذكائهم تفوقا في مجالات دراساتهم ، حتى أن الكثير من مؤسسات البحوث العلمية أو الشركات الأمريكية التخصصية عرضت عليهم وظائف مغرية ؛ إلا أنهم رفضوها جميعا لأنهم تعاهدوا أن يعودوا إلى وطنهم العربي للمساهمة في تطويره و تقدمه .
في سنة التحضير للدكتوراه ، و قبل أشهر من مناقشة أطروحاتهم ، عرض هشام على أصدقائه مشروعا مدهشا ، بدا لهم أول الأمر خياليا و مستحيل التنفيذ ، إلا أنه رويدا رويدا تمكن من إقناعهم به ، مقدما لهم البراهين على إمكانية تنفيذه إذا تضافرت جهودهم معا ، فتعهد حمود بتمويل المشروع ، ليس هذا و حسب ، بل تعهد لهم أيضا بتدبير وظائف لهم في دبي في شركة البناء التي يملكها والده كغطاء يمكنهم من الحصول على التأشيرات اللازمة لدخول الإمارات .
و طوال تلك الأشهر التي سبقت مناقشة أطروحاتهم ، لم يكن من حديث لخمستهم سوى المشروع الذي سيحدث ضجة عالمية من شأنها أن ترفع من مكانة العرب تجاه الشعوب الأخرى التي سبقتهم علميا و تقنيا بمراحل ، بعد أن كانوا رواد العلوم ذات يوم .

*****في مكان ناء من مدينة دبي بنوا مختبرهم الذي بدا ظاهريا كأنه مستودع بضائع .
كان هدف الدكتور هشام السعي لتكوين سبيكة معدنية تحتمل الضغوط الهائلة و درجات الحرارة العالية .
أما الدكتور رياض فكانت أمامه أصعب المهمات ، الأولى منها ابتكار محرك قوي قادر على دفع مركبة خلال طبقات الأرض ، أما الثانية فكانت العمل على تطوير حفارة حلزونية تثبت في مقدمة المركبة ، أما الثالثة فكانت ابتكار ذراع آلية لالتقاط العينات و فحصها ، و قد وظف حمود تحت إمرته عددا من الميكانيكيين المهرة لتحقيق مهمته الصعبة .
أما الدكتور عبد الله فقد انشغل بابتكار برامج حاسوبية تساعده في عدة أغراض ، أولها تصميم المركبة المنشودة ، و ثانيها ربط المجسات و الرادارات و الكاميرات بجهاز حاسوبي واحد يمكن التحكم بها من خلاله ، و ثالثها مساعدة الدكتور حمود في ابحاثة ، فالدكتور حمود يأمل بإثبات فرضية حديثة عن تكوين البترول ، الفرضية تؤكد أن النفط غير قابل للنضوب لأن المواد الهيدروكربونية - و هي أساس تكوينه - في حالة تشكل مستمر نتيجة اتحاد الكربون مع الهيدروجين ( و هما مادتان موجودتان في الأعماق مثل وجودهما في الجو ) هذا الإتحاد يتم تحت درجة حرارة و ضغط هائلين في الطبقات العميقة لجوف الأرض ، لينساب – من ثم - نحو الأعلى ، مجدداً تعبئة الخزانات الطبيعية الموجودة أو تكوين خزانات غير معروفة و لم يتم اكتشافها بعد .
و يقول الدكتور حمود إذا تمكن من إثبات هذه الفرضية يصبح بإمكان البشر تكوين حاجاتهم النفطية بمصانعهم ، و ستكون تلك خطوته التالية ، مما سيحدث ثورة في مجال الطاقة تفوق الثورتين الصناعية و الألكترونية معا .
أما الدكتور مجدي فكان يبحث في صفائح القشرة الأرضية التي تقوم فوقها القارات و التي تعوم فوق طبقة من الصخور شبه المائعة فتسبب حركتها الدائبة التي تؤدي إلى حدوث الزلازل ؛ و ذلك سعيا وراء إيجاد الفالق الباطني المناسب الذي يمكِّن من النفاذ إلى الأعماق .
و يؤكد الدكتور مجدي أن هناك فوالقا زلزالية و أنفاقا و كهوفا طبيعية في الأعماق كما في السطح و من الممكن عبورها بيسر إذا نجح زملاؤه بتصميم المركبة المنشودة ، و التي سوف يكون عليها اختراق عدة طبقات مختلفة التكوين قبل الوصول إلى طبقة المعادن المصهورة و هي بسامكة 2800 كيلومتر و بحرارة تقارب المائة درجة مئوية قرب السطح و 3500 درجة مئوية في أعمق نقطة .
و بما أن جاذبية قلب الكرة الأرضية الصلب المكون من معدن الحديد – و هي جاذبية أقوى من جاذبيتها على السطح - فإن قوة الدفع المكتسبة من تلك الجاذبية سوف تمكن المركبة من الإتجاه بنفس السرعة نحو السطح ثانية و لكن نحو قارة أخرى من خلال فالق زلزالي آخر ، و قد لا تستغرق الرحلة – نظريا - إذا كانت مباشرة ، أكثر من ساعات معدودة ، و الحاسوب يشير إلى أن الإنتقال من غرب آسيا – مثلا -إلى شرق أمريكا قد لا يستغرق أكثر من أربع إلى خمس ساعات.
*
****
بعد ثمانية عشر شهرا من العمل الشاق و إنفاق مبالغ كبيرة قدمها الدكتور حمود و والده بسخاء و بلا أدنى تردد ، اكتمل بناء المركبة التي صنعت من سبيكة معدنية ولَّفها الدكتور هشام ، يمكنها احتمال حرارة تقترب من 4000 آلاف درجة و ضغط عدة أطنان فوق السنتيمتر المربع الواحد ، و بطنت من الداخل بطبقتين من نوعين مختلفين من السيراميك و زودت بمحرك ديزل دافع بقوة تعادل قوة قاطرتي ديزل ، و بمحرك قوي آخر لحفارة حلزونية ثبتت في مقدمة المركبة مستخدمة شفرات شُحذت من نفس سبيكة الدكتور هشام المعدنية ، قادرة على اختراق أصلب الصخور و قذفها إلى ما وراء المركبة ، و بمحرك آخر لتشغيل الذراع الآلية ، و بمحرك رابع لتوليد الطاقة و تشغيل أجهزة التبريد و الأجهزة الكهربائية و الألكترونية الأخرى ، كما زودت بكاميرات ألكترونية خاصة تحتمل درجات الحرارة العالية ، تُمكِّن الباحثين في الداخل من رؤية ما يجري حولهم في الخارج بدل النوافذ ، و برادار قوي و مجسات حساسة لقياس المسافات و الأعماق و درجات الحرارة فوق هيكل المركبة من الخارج ، و أخرى للتعرف على الإتجاهات ؛ و بجهاز إتصال يصلح فقط أثناء وجودهم في أعماق المحيط أو فوق سطح الأرض .
و اقتضت الخطة أن تكون أول رحلة تجريبية و مباشرة ، على أن تكون رحلة العودة رحلة إستكشافية تخصصية ، تليها رحلات .
و ستغوص المركبة في الخليج العربي ثم تتجه جنوبا إلى بحر العرب ثم غربا نحو شرق أفريقيا و من هناك سيتم إختراق فالق البحر الأحمر . أما لماذا اختاروا أن تبدأ رحلتهم من أعماق البحر فالدكتور عبد الله يجيب على هذا السؤال قائلا : " أن القشرة الأرضية تقل سماكتها في أعماق البحر فهي بين – 60إلى70 كيلومتر- مما يوفر الجهد و الوقت ."
و من ثم سوف تغوص المركبة في الأعماق مندفعة نحو قلب الكرة الأرضية الصلب ، ثم تنزلق قبيل بلوغه في اتجاه الصعود لتبلغ فالق المحيط الأطلسي - تماما كما تفعل سفن الفضاء التي تستفيد من جاذبية أحد الكواكب لتنزلق قريبا منه باتجاه كوكب آخر مستفيدة من قوة الدفع التي اكتسبتها من جاذبيته - و لعلها تتجه من هناك إلى إحدى دول أمريكا اللاتينية ، و الأرجح أنها ستكون الجزيرة الكوبية أو أيا من جزر الكاريبي ، و لذا فقد حصلوا على التأشيرات اللازمة من سفارات تلك الدول معلنين لها أن زيارتهم ستكون عبر سفينة أبحاث أسموها << دبي 1 >>.
و في اليوم الموعود ، اتجهت المركبة فوق شاحنة مغطاة إلى منطقة معزولة بين أمارتي عجمان و رأس الخيمة ، و ما أن أُنزلت المركبة على شاطئ الخليج حتى دنت منها سيارة فارهة يعقبها سيارة حماية ، ثم ترجل منها مسؤول رفيع المستوى و برفقته والد الدكتور حمود ، جاءا خصيصا لوداع و تشجيع زمرة العلماء العرب الذين سيخوضون أكبر مغامرة إستكشافية في التاريخ ؛ و قد حرص الجميع أن تكون المغامرة بعيدا عن أية ضجة إعلامية ، خشية الصدمة الكبرى و الإحباط الشديد إذا باءت الرحلة بالفشل .
*
****
عندما غاصت المركبة في الخليج كانت قلوب خمستهم واجفة خشية أن يكونوا قد ارتكبوا غلطة فنية ما ، و لكن لسعادتهم البالغة سار كل شيء على ما يرام ، المحرك الدافع قادهم نحو شرق أفريقية خلال 15 دقيقة فقط ( أي اسرع من اية غواصة ) ، و هناك بدأ الدكتور عبد الله و الدكتور مجدي يبحثان من خلال شاشتي الحاسوب عن فالق البحر الأحمر ، و ما لبث الدكتور مجدي أن صاح صيحة ( أرخميدس ) : وجدته !... وجدته !... ؛ ثم ما لبث الإثنان أن بدءا بالبحث عن الثغرة المناسبة للعبور منها إلى أعماق الأرض ، فوجداها بعد دقائق قرب خليج السويس ، و بدأ من ثم الإختراق ..
كانت الحفارة الحلزونية تعمل بشكل رائع لشق الصخور و الكتل الطينية بينما يدفعها إلى الأمام المحرك الخلفي بسرعة أكبر من سرعة طائرة نفاثة أو صاروخية ، فكانت سعادة خمستهم لا توصف لمدى النجاح الذي حققوه حتى الآن .
كان اتجاههم نحو الشمال الغربي بشكل مائل تحت القارة الأفريقية وعند بلوغهم عمق خمسين كيلومتر ، أحسوا أن الحفارة الحلزونية تدور في فراغ ، رصدوا ما حولهم بقلق بالغ ، فتبين لهم أنهم داخل كهف عملاق يتجه بهم نزولا بخط مائل ، فساروا فيه بيسر دونما حاجة إليها..و قد امتد الكهف أكثر من مائتي كيلومتر تارة يضيق إلى بضعة أمتار و تارة يتسع إلى مئات الأمتار ، أما الإرتفاع فيتراوح بين أمتار قليلة و عشرات الأمتار .
ثم بلغوا نهاية الكهف فبدأ الإختراق من جديد ..
بدأت الحفارة الآن تعمل بشكل أيسر فقد بلغوا طبقة أقل كثافة مكونة من الصخور الحارة شبه المائعة و التي – كما سبق أن أفادهم الدكتور مجدي – تطفو فوقها صفائح القشرة الأرضية و التي تسبب حركتها الدائمة .
أما الدكتور عبد الله فقد أخبرهم أن الحرارة خارج المركبة بلغت الآن مئتي درجة مائوية .
و المركبة لا زالت مندفعة نحو الأعماق ...
قال الدكتور مجدي : "نحن الآن في عمق ألف خمسمائة كيلومتر .."
قال الدكتور عبد الله : " الحرارة خارج المركبة تبلغ الآن خمسمائة درجة مئوية ..."
و المركبة لا زالت مندفعة نحو الأعماق ...
" نحن الآن على عمق ثلاثة آلاف كيلومتر" ، قال الدكتور عبد الله ؛
" و بدأنا نخترق المائع الناري " ، قال الدكتور مجدي ؛
" و بدأت الجاذبية تتزايد وتيرتها بشكل متسارع ، اربطوا الأحزمة جيدا و اتخذوا وضع الإستلقاءعلى ظهوركم " ، قال الدكتور رياض الذي يتولى قيادة المركبة .
و المركبة لا زالت مندفعة نحو الأعماق بوتيرة متسارعة...
" بدأنا الآن بالإتجاه المعاكس " ، قال الدكتور رياض ، و قد خرجت الكلمات من فمه بطيئة و بصوت خافت بسبب الضغط الكبير الواقع على صدره و بطنه ، إنه ضغط السرعة الخيالية التي اكتسبوها من جاذبية قلب الكرة الأرضية المعدني .
و المركبة بدأت تندفع من الأعماق نحو السطح ...
" نحن الآن تحت المحيط الأطلسي ، في وسطه تقريبا ، و الرحلة تسير من نجاح إلى نجاح " ، قال الدكتور عبد الله عندما بدأ الضغط الكبير يزول تدريجيا عن جسده ، و بدأ يتابع جهاز الحاسوب بدون صعوبة..
و المركبة لا زالت تندفع من الأعماق نحو السطح ..
" سنخترق فالق الأطلسي وشيكا " ، قال الدكتورمجدي....
" لقد عثرت بين العينات التي التقتطها من الكهف العملاق الذي مررنا به ، على كميات كافية من عنصر يندمج فيه الكربون بالهايدروجين فيما يمكن أن نسميه خميرة البترول و ليس فيه أي اثر لكائنات عضوية ميتة أو بقايا كائنات عضوية ، و هو ما يؤكد فرضية أن البترول في حالة تكوين مستمر ، و ليس فقط نتيجة المواد العضوية المترسبة كما كان يُظن ، و عندما سنمر في طريق العودة من ذلك الكهف سألتقط عينات أخرى لمزيد من البحث.. إنه لفتح علمي كبير أيها الأعزاء ! "
و المركبة لا زالت تندفع من الأعماق نحو السطح ...
و ما أن اجتازت فالق الأطلسي ، و بدأت الحفارة في تكسير الصخور الصلبة تمهيدا لبلوغ قاع المحيط ، حتى بدت من جديد و كأنها تدور في فراغ .

*****لم يطل قلقهم طويلا
" أنه مدخل كهف عملاق آخر !" صاح الدكتور مجدي فرحا!
" شيء لا يصدق يا إخوان ، المجسات تؤكد أن حرارة الكهف لا تزيد عن 40 درجة مئوية ، و الهواء فيه مليء بالأكسيجين " أضاف الدكتور عبد الله ...
فرد الدكتور مجدي : " أمر غريب نحن على عمق خمسين كيلومترا تحت سطح المحيط الأطلسي ، و الأكسيجين متوفر ، ذلك سيقلب جميع معارفنا الإنسانية رأسا على عقب ، هذا يعني أن الكهف صالح للحياة ، دعونا نتجول قليلا فيه و نريح أقدامنا المتعبة ، و ما يدرينا فقد نعثر على مخلوقات من نوع ما ! "
فأجابه الدكتور حمود : " قد تكون تلك المخلوقات من فئة الداينصورات ، فعلينا أن نكون متيقظين و ألا نبتعد عن المركبة !"
و ما أن هبطوا من المركبة حتى لجمت ألسنتهم مفاجأة لم تخطر على بالهم ، كان الكهف مضاءاً بإنارة لم يتمكنوا من معرفة مصدرها و مزدانا بعشرات اللوحات الفسيفسائية تفصل بينها أعمدة رخامية تتصل في أعلاها بأقواس تشبه أقواس قصر الحمراء في غرناطة الأندلس ، أما أرض الكهف فقد رصفت بالحجارة المنحوتة ..
تساءل الدكتور هشام مشدوها : " هل من المعقول أن نكون أمام مدينة ما أو جزيرة ، غاصت نتيجة زلزال ، و بقيت مبانيها على حالها على هذا النحو ؟ ما رايك يا دكتور مجدي ، هل يمكن علميا أن يقع مثل هذا الأمر البعيد عن كل معارفنا ؟ أفدني يا دكتور مجدي ، هل سمعت أو قرأت عن مثل هذه المعجزة التي نراها ؟ "
أجابه الدكتور مجدي و هو لا يقل شعورا بالذهول عن زملائه : " قد يحدث أن تغوص مدن أو جزر و لكنها تبقى في قاع البحر و لكن ليس تحت خمسين كيلومترا منه ؛ لقد تم اكتشاف بقايا الإسكندرية القديمة قرب سواحلها و لكنها كانت خرائب ، و ادعى روبرت سارماست و هو عالم أمريكي مؤخرا أنه اكتشف خرائب جزيرة أطلنتس التي تحدث عنها أفلاطون ، و لكنه قال أنها آثار ..."
ما أن أكمل الدكتور مجدي جملته ، حتى سمعوا جميعا صوتا أرعبهم : " أنتم الآن في أطلنتيا " ثم اضاف : " أطلننتيا و ليس أطلنتس ، و شعبها يرحب بكم ، تقدموا بمركبتكم خمسمائة متر و ستروننا في استقبالكم ! " .
نظروا إلى بعضهم بعضا و قد عقدت الدهشة ألسنتهم ، ثم قال الدكتور حمود لزملائه : " هيا مِمَّ نخاف ؟ الصوت بدا آدميا و ودودا ، و بالتأكيد نحن لا نحلم ! "
أجابه الدكتور هشام و قد ارتعش صوته لرهبة الموقف : " يا إخوان نحن نعيش الآن معجزة حقيقية ! "

*****
هبطوا من المركبة ثانية ، عندما وجدوا أنفسهم أمام بوابة ضخمة ، ما لبثوا أن سمعوا صوتها و هي تفتح ببطء ، ثم بدؤوا يلمحون بشرا حقيقيين ، نساء و رجالا ، في غاية الجمال ؛ طول فارع ، شعر يميل إلى الحمرة ، عيون واسعة عسلية اللون ، ، الرجال منهم يرتدون ثيابا بيضاء مكونة من قطعتين ، سروال قصير و قميص ( نصف كم ) مزين بزخارف هندسية يتوسط بينهما حزام جلدي مزخرف ، و في أقدامهم نعالا خفيفة ترتفع إلى ما فوق الكاحل مزينة بزخارف شبيهة بزخارف الحزام ، أما النساء فقد ارتدين ملابس زاهية الألوان بلا أكمام ، و طويلة تكاد تلامس الأرض ، و قد زينوا صدورهن بعقود اللؤلؤ و المرجان.
تقدم منهم ما بدا أنه كبير القوم ثم ما لبث أن قال لهم من خلال جهاز بدا و كأنه جهاز للترجمة الفورية : " مرحبا بكم ، هذه هي المرة الأولى التي يشرفنا فيها بالزيارة سكان من سطح الأرض ، و لا بد أنكم تملكون تقنية عالية الكفاءة مكنتكم من الوصول إلى أطلنتيا ."
تقدم الدكتور حمود - و قد استطاع التغلب على دهشته الشديدة – تقدم منه ، ثم مد يده راغبا في مصافحته ، و بعد تردد منه مد الآخر يده ثم تشابك مع حمود بمصافحة حارة و هو يضحك ، ثم ما لبث أن شده نحوه معانقا ، و تنكرر ذلك مع بقية رفاقه ؛ ثم بدأ الدكتور حمود يعرفه ببقية أصدقائه العلماء و بتخصصاتهم ؛ في حين كانت الحشود من حولهم تردد ما يشبه الأهازيج الترحيبية ، و قد تزينت وجوههم جميعا بابتسامات عريضة ملوحين بايديهم مرحبين.
سار بهم كبير القوم مسافة بسيطة ثم تقدمهم صاعدا درجات مايشبه أهرامات ( المايا ) و لكنها مبنية من الرخام ، ثم ولجوا جميعا إلى قاعة كبرى التف حولها مدرج جلس عليه عشرات من النساء و الرجال ممن بدوا أنهم وجهاء القوم ، عرَّف بهم مضيفهم على أنهم نواب شعب أطلنتيا ، فقوبل الدكتور حمود و صحبه بتلويح الأيادي و صيحات الترحيب .

*****بعد أن رحب بهم رئيس المجلس ، توجه بهم مضيقهم إلى قاعة مجاورة التف حول مائدة بيضاوية الشكل مصنوعة من من الرخام النفيس ، حوالي عشر نساء و أربعة رجال ، عرفهم مضيفهم على أنهم وزراء أطلنتيا و أنه شخصيا رئيسهم .
ما أن جلس الضيوف حتى انهالت عليهم الأسئلة ، كيف وصلوا و كيف تمكنوا من اختراق المحيط ، و من أي منطقة جاؤوا و ماهو هدفهم ، كان كل منهم يجب على أحد الجوانب ، و قد أوضح لهم الدكتور مجدي أن مجموعتهم علمية بحتة ، و أنها لم تكن تفكر إطلاقا بالبحث عن حضارة أطلنتنيا أو آثارها ، و أنهم إنما بلغوها بمحض المصادفة ؛ ثم شرح لهم هدف المجموعة و هو إثبات إمكانية اختراق باطن الكرة الأرضية بسرعة قياسية إذا توفرت الشروط المناسبة ، و أنهم قدموا من البلاد العربية و تحديدا من الإمارات العربية المتحدة ، و يهدفون إلى بلوغ أمريكا الوسطى ، و على الأرجح بلوغ إحدى جزر الكاريبي ، و بسرعة قياسية تتجاوز سرعة أية وسيلة ابتكرها البشر حتى الآن ، فنحن قضينا حتى الآن ثلاث ساعات و عشرين دقيقة و هدفنا أن نبلغ إحدى جزر الكاريبي ، في زمن يتراوح بين أربع إلى خمس ساعات .
ثم تناول الدكتور عبد الله الحديث مبينا لهم أنهم لهذا السبب لن يتمكنوا من المكوث أكثر من بضعة دقائق أخرى و إلا فشلوا في تحقيق هدفهم .
ابتسم أحد الوزراء قبل أن يجيبه من خلال جهاز ترجمته ، الذي يستعمل كل منهم مثيله : " أنتم ضيوفنا و لن نتخلى عنكم بالسهولة التي تظنون .!.."
ثم أضافت وزيرة أخرى : " في الحقيقة ، بلدنا ينقصه الذكور ، و عدد سكاننا في تناقص ، فنحن نرحب بكل ذكر يحضر لزيارتنا ، لقد بلغت نسبة الإناث 76% من مجموع السكان ، و هذا يهدد شعبنا العظيم بالانقراض ."
ثم تصدت وزيرة أخرى للحديث ، فقالت : " علامَ عودتكم إلى السطح ؟ و شعوبه لم يتمكنوا حتى الآن من التغلب على حيوانيتهم ، شعوب متناحرة متنافسة متحاربة ، شعوب تملك من وسائل التدمير أكثر من تملكهم لوسائل الإعمار ! "
أجابهم الدكتور هشام : " لهذا السبب اتحدنا نحن الخمسة ، و هدفنا الإسهام في تطوير العلوم و المعارف ، لكي يصبح للناس جميعا مصادر رخيصة للطاقة ، مصادر جديدة للمياه العذبة ، مصادر جديدة للمعادن ، لنحقق في النهاية ما يكفي كل البشر من الغذاء و الكساء و البيوت المريحة و المواصلات السهلة ، و نعتقد أنه إذا تحقق كل ذلك فإن الصراعات سوف تنتهي و أن العدالة سوف تسود ؛ أما إن بقينا في ضيافتكم - كما تطلبون – فإن كل جهودنا ستذهب أدراج الرياح "
ثم أضاف الدكتور حمود قائلا : " لا تنسوا يا أيها المحترمون أن لدينا أهلا و أصدقاء في انتظارنا على أحر من الجمر ، فإذا بقينا في ضيافتكم – كما تقترحون - فسيظنون أننا قُتلنا ، و أن رحلتنا فشلت ؛ و سنسبب لهم خيبة أمل رهيبة و حزنا كبيرا ! "
صمت الجميع و كأن على رؤوسهم الطير ، ثم ما لبث رئيسهم و مضيفهم أن قال لهم : " لقد اقتنعت بما تقولون و بأنكم بشر طيبون و أن أهدافكم نبيلة ، و لكنني أطلب منكم أمرين ، أولهما أن تدخلوا غرفة التاريخ لتتعرفوا على حضارتنا و علومنا و مقومات وجودنا لكي تتخلصوا من كل ما لُفِّق عنا من أقاويل ، و ثانيهما أن تتعهدوا بعدم ذكر أي شيء عن وجودنا و مكاننا لأي إنسان على سطح البسيطة ، و إلا عرضتمونا لخطر فادح ، فهناك دول قوية و عدوانية فوق السطح ، قد تتمكن من الوصول إلينا و إيذائنا و تدمير حضارتنا المعمرة ، و التي بلغت خمسة آلاف سنة ، نعم خمسة آلاف سنة بدون حروب أو أي نوع من الصراعات ، نحن لا نحتاج للشرطة أو الجيش ، و لم يسبق أن تشاجر منا اثنان ، و حكومتنا التي ترون هي حكومة علماء و حكماء ، فإذا بحتم بسرنا فربما تكونوا السبب في القضاء علينا ."
أجابه الدكتور حمود : " أعاهدك باسمي و بإسم إخواني بأن نَكْتم سركم و بأنكم بالتأكيد لن تسمعوا عن لساننا كلمة واحدة ، و لكن ليس لدينا وقت أكثر للاطلاع على ما تحويه غرفة التاريخ ؛ رجائي – و قد اقتربنا من النجاح – أن يحدثنا أحدكم بموجز عن تاريخ أطلنتيا و نحن في طريقنا إلى مركبتنا ."

*****
في الطريق إلى المركبة و في وسط حشود شدها الفضول لمشاهدتهم ، كانت إحدى الوزيرات التي كلفت بمرافقة الضيوف العلماء ، كانت تحدثهم عن تاريخ أطلنتيا ، فقالت : " كنا نعيش في وسط المحيط الأطلسي و أقرب إلى الأمريكتين ، و كانت لنا علاقات تجارية مع مصر الفراعنة و بلاد الإغريق في الشرق ، و مع سكان المايا بعد ذلك في الغرب ، و قد حاولنا إقامة علاقات ودية مع الجميع و لكنهم كانوا يقابلوننا بالعدوان ، كانوا يعتدون على سفننا التجارية و ينهبون ما فيها من بضائع ، ثم قَدِم إلينا الإغريقيون فوق سفنهم الحربية هادفين غزونا فأحرقناها عن آخرها باستخدام الليزر الذي لم يكونوا يعرفونه و الذي عرفتموه أنتم حديثا.
أما سكان المايا فكانوا أكثر توحشا رغم كل مظاهر التقدم التي كانوا عليها ، كانت لهم أبجديتهم الهيروغليفية ، و كانوا بعرفون الأرقام و الحساب ، و كان لديهم إلمام بعلم الفالك ، و لكنهم كانوا دمويين ، كانوا يقيمون كل فترة احتفالات ينتقون خلالها أجمل الشبان أو الفتيات ، فيذبحونهم ذبح النعاج ثم ينتزعون قلوبهم و يقدمونها قرابين لإرضاء آلهتهم كما كانوا يزعمون ، و كانوا يخوضون على الدوام حروبا شرسة فيما بينهم أو مع جيرانهم ، و أما نحن فكنا نتوقع انهيار حضارتهم السريع كما حدث بالفعل .
و عندما اكتشف علماؤنا ، أن هناك بوادر حدوث زلزال كبير قد يغير خارطة الكرة الأرضية ، صنعوا فوق جزيرتنا قبة هائلة الحجم من لدينة قوية ، و قد شارك جميع السكان في تدعيم بيوتهم و تقوية أساسات مباني الجزيرة العامة ؛ ثم جهز علماؤنا الجزيرة أيضا ، بمولدات الطاقة التي ستستفيد من حرارة الأعماق ، لغرض الإنارة و استخلاص الأكسيجين و الماء العذب من مياه المحيط إضافة إلى تعديل حرارة الجو ، و انتظروا - من ثم - اللحظة الحاسمة ."
ثم أضافت بعد أن التقطت أنفاسها : " و حدث الزلزال الكبير و ابتدأت جزيرتنا تغوص في ماء المحيط بهدوء و كأنها فوق مصعد أحد الأبنية ، حتى بلغت القاع ، و بدون إلحاق الأذى بأي من شعبنا على الإطلاق ؛ كل ما حدث أن المباني اهتزت قليلا عندما ارتطمت جزيرتنا بقاع المحيط .
ثم ما أن استقر الوضع حتى ابتدأ الحفر نحو هذا الكهف الذي كان علماؤنا قد اكتشفوه قبلا ، و الذي أصبح مدينتنا المزدهرة كما ترون ، أما القبة فقد تآكلت بالتدريج بتاثير ماء المحيط المالح . "
كانوا قد وصلوا إلى مركبتهم عندما قالت لهم مرشدتهم : " لا حاجة لكم للرجوع إلى أول الكهف ، فلدينا منفذ يؤدي بكم إلى قاع المحيط مباشرة ، تستخدمه مركباتنا الفضائية التي تطلقون عليها اسم الأطباق الطائرة أو الأجسام المجهولة ، نعم أيها السادة إن حضارتنا كانت متقدمة منذ خمسة آلاف سنة على الأقل و لم تقف عجلة تقدمنا لحظة واحدة ، فقد تمكنا مثلا و منذ البداية ، من اكتشاف وسيلة تلغي حاذبية الكرة الأرضية أو الكواكب الأخرى ، مما يَسَّر تنقلنا بين الكواكب ! "
تساءل الدكتور هشام متعجبا : " إذاً أنتم الذين دوختم العالم بأطباقكم مجهولة الهوية ؟! لقد قال بعض الناس أنهم شاهدوها تخرج من المحيط و لكن أحدا لم يصدقهم .. ! "
ضحكت المرشدة و هي تجيبه : " نحن من كنا نجوب بلادكم مستكشفين مدى تقدمها ، و مدى اقترابها من السلام الشامل الذي سبقناكم إليه ، و أحيانا نختطف منكم بعض ذكوركم فيقيمون بيننا ضيوفا معززين مكرمين ، فكما أفادكم رئيس وزرائنا ، نحن نعاني من نقص حاد بالذكور ، و لهذا السبب قمنا باختطاف بعض طياريكم ، أو ركاب سفنكم ، أو مزارعيكم ، دون أن نسبب لهم أي أذى ، و قد عاشوا بيننا سعداء في غاية الرضا ، و منهم من لا يزال بيننا حتى اليوم " .
سألها الدكتور عبد الله : " كما فهمت منك ، فإنكم جِلْتم في الفضاء الخارجي أيضا ، فهل اكتشفتم حياة في أي كوكب غير كوكبنا الأرض؟! "
أجابته و هي لا تزال ترسم على شفتيها ابتسامة عذبة : " لقد جبنا كل مجرتنا ( درب اللبانة ) من أقصاها إلى أقصاها و لم نعثر فيها على كوكب واحد صالح للحياة كما كنا نأمل ، فبعد إلقاء قتبلتي هيروشيما و ناغازاكي النوويتين ، و ما تبعهما من تجارب نووية ، شعرنا أن الكرة الأرضية باتت بخطر الفناء و بأيدي سكانها ، و لهذا السبب كثفنا بحوثنا في الفضاء على أمل العثور على كوكب ملائم نهاجر إليه ، و لكن للأسف دون جدوى .
إن البشر منذ تواجدوا فوق هذا الكوكب ، و هم يتخيلون الفردوس ؛ الفردوس يا سادة بين أيديكم ، الفردوس هنا في كوكب الأرض لو أحسنتم رعايته و تعلمتم أخلاق التعايش فيه ، كوكبنا لا مثيل له في كل مجرتنا المحتوية على ملايين النجوم و الكواكب ، لا مثيل لمناخه ، لتنوع مخلوقاته من حيوان أو نبات ، لألوان أزهاره و أطياره و فراشاته ، لجباله و بحاره و أنهاره و بحيراته ، لمناظره الخلابة ؛ و لكن ناسكم للأسف لا يدركون ذلك و لا يقدرونه ، بل يسعون لتدميره بالتلوث البيئي و الأخلاقي ، من تعصب عنصري إلى استعباد قويِّكم لضعيفكم إلى الحروب المدمرة التي لا تخلف إلا الخراب و القتلى و المشوهين! "
سألها الدكتور حمود : " و ماذا عن المجرات الأخرى ؟"
" المجرات الأخرى تبعد ألاف و بعضها ملايين السنين الضوئية و ليس في وسع تقنيتنا بلوغ أيا منها حتى الآن . " أجابته ، ثم أضافت : " سأصعد معكم لأدلكم على المنفذ ."

*****
عندما بلغوا النهاية لاحظوا وجود عدد كبير من الأطباق الطائرة بأحجام مختلفة بعضها بقياس سيارة صغيرة و بعضها الآخر أكبر من باخرة ، عدد منها على شكل أقراص و مجموعة أخرى في أشكال كروية و مجموعة ثالثة في أشكال أسطوانية .
قالت لهم مرافقتهم : "عندما نفتح البوابة التي تقابلكم ادخلوا فيها بمركبتكم ، ثم سنغلقها من خلفكم ؛ ستمتلئ الغرفة بالماء قبل أن نفتح البوابة العلوية ، عندئذ سوف يكون بوسعكم الإندفاع إلى أعلى لمسافة تزيد قليلا عن خمسين كيلومترا و بعدها ستبلغون قاع المحيط في منطقة مثلث برمودا . "
ثم ودعتهم بحرارة و هي تذكرهم بوعدهم – بلهجة فيها رجاء - ألا يتحدثوا عن وجود أطلنتيا مع أي كان حتى مع أقرب المقربين .

*****
شَغَّل الدكتور عبد الله جهاز الاتصال و لفرحته تجاوّبَ في الحال ، نادي الدكتور حمود قائلا : " هيا اتصل بالوالد و طمنه أننا اقتربنا من الهدف و سنكون في جزيرة كوبا خلال عشر دقائق "
- ألو .. آلو ... مرحبا ( يوبا ) أنا حمود ... أنا حمود هل تسمعني ؟
يجيبه صوت مختلط ببعض التشويش :
= هَلا ( بِولْدي الحبيب ) لقد تأخرتم أكثر من ساعتين ، و بدأنا نقلق عليكم ! ..و لكن أين أنتم الآن ؟
- نحن قريبون جدا من جزيرة كوبا ( يوبا ) ، بلغ سفير الأمارات هناك ، بقرب وصولنا ( طال عمرك ) .
يصيح والد حمود :
= إحذروا من الإقتراب من (غوانتنامو) يا حمود يا ( وِلْدي )...أكرر ، إحذروا ..إحذروا...لا تقتربوا من ( غوانتنامو ) !

*****
- عبد الله .. عبد الله .. إصحَ من نومك يا ( خوي ) ، كف عن الصراخ ، فأنت تحلم !
يلتفت نحو مجدي الجالس بجواره ، قائلا :
- يبدو أن عبد الله تعرض لكابوس اسمه ( غوانتنامو ) !!!
يفتح عبد الله عينيه بصعوبة ، يتلفت حوله ، ثم يغرق بالضحك و هو يجيبهما بكلمات قطعتها قهقهته :
= بل كنت أحلم بأطلنتيا و بمدينة أفلاطون الفاضلة !

***************
* نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
عضو جمعية المترجمين العرب ( ArabWata )
الموقع : www.FreeArabi.com

مصطفى بطحيش
30-12-2006, 08:21 PM
استاذ نزار
قصتك رائعة, عنصر التشويق تغلب على طول القصة , المفاجأة في نهاية القصة لن تكن متوقعة ولكنها استثمرت الاطالة بشكل رائع
فقط عانت القصة من اختراقها لبعض القواعد العلمية , دون ان تحضر حلولا لها , وخاصة تلك التي تتعلق بالجاذبية والحركة
لك الود والتقدير

نزار ب. الزين
01-01-2007, 06:18 PM
استاذ نزار
قصتك رائعة, عنصر التشويق تغلب على طول القصة , المفاجأة في نهاية القصة لن تكن متوقعة ولكنها استثمرت الاطالة بشكل رائع
فقط عانت القصة من اختراقها لبعض القواعد العلمية , دون ان تحضر حلولا لها , وخاصة تلك التي تتعلق بالجاذبية والحركة
لك الود والتقدير
==============

شكرا لمشاركتك و لإطرائك أخي مصطفى
محبتي
نزار

د. محمد حسن السمان
01-01-2007, 07:21 PM
سلام الـلـه عليكم
الأخ الغالي الأديب القاص نزار ب. الزين

"رحلة إلى الأعماق " من قصص الخيال العلمي , عمل موفق جدا , فهذا النوع من أدب القصة , يستلزم ادوات اضافية , عدا ادوات القص , التي اعتادها أدباء القصة أو الرواية , فهي تستلزم ثقافة عامة واسعة , ودراية في المواضيع العلمية , والاحساس بالذهاب الى اقصى المدى , في تطبيق القوانين , ومن المعروف أن الكاتب غالبا , يملك الاحساس المسبق في الاكتشاف , والتبشير به , فكثير من القوانين والتطبيقات المعاصرة , تطرق اليها كتاب الخيال العلمي , وبشروا بها قبل الاكتشافها , بأزمان طويلة .
وقراءة قصة من الخيال العلمي , لابد أن ينحو منحيين :
أولا : المنحى الأدبي والابداعي , في القص . ثم , ثانيا : المنحى العلمي واستشراف المستقبل , وفي قصة "رحلة إلى الأعماق " , نجح القاص في تقديم قصة أدبية , بشكل مشوّق يستثير المتابعة لدى القارئ , ثم جاءت حركة البناء والسرد وتقديم الحوارات والصور , لتخدم حالة التوتر للوصول الى النهاية , وهنا اريد ان أشير الى أن القاص , لم يستطع الخروج , عن حالة التخلف العلمي والاكاديمي , في المنطقة العربية , فوظف احدى الجامعات الامريكية , لتأهيل ابطال قصته , ثم غلب على الكاتب , النسيج المجتمعي والاقتصادي والعلمي الخاطئ , الموجود في المنطقة العربية و فلم يجد بدًا , من الاستعانة بوالد غني لصديق , مدللا على غياب الاشكال التنظيمية والمؤسساتية , وفي هذا حالة تشاؤمية , على الرغم من التفاؤلية , التي بنيت عليها القصة أصلا , ولكن الكاتب كان رائعا , في رسم المشاهد اللاحقة , واحترام خصوصية كل صورة أتى عليها , بتفصيلية متقنة جدا , تدل على الغنى المعرفي والثقافي عند الكاتب , وخصوبة خيالاته , بشكل حمل طابعا منطقيا مقنعا , لدرجة ايصالي الى شعور احسست معه , وكأني أرى نفسي مع الاحداث , اعيشها وأرى ابطالها , ثم جاءت الخاتمة , باسلوب فني لتعلن , عن انتهاء الحلم , ولتجعلني اغفر للكاتب , عدم خروجه من الصور المتخلفة , للنسيج الاجتماعي والاقتصادي , وغياب المؤسسات , وتوظيف الجامعات الامريكية , في تقديم اللوحة .
ثانيا :أما فيما يتعلق بالابعاد العلمية للقصة , فلاشك بأن القاص نجح بشكل لافت , فلقد طرح مواضيعا خطيرة , وسلّط الضوء عليها , وهي رؤى واحلام مستقبلية , والبعض منها يتم مناقشته حاليا , ضمن الافكار التفاؤلية , في المؤسسات العلمية , واعتذر الى الأخ الفاضل الأديب والمهندس الراقي الاستاذ مصطفى بطحيش , عندما علّق على الموضوع , يطلب تفسيرات لبعض الافكار العلمية , التي وردت في القصة , بأن اخالفه في الرأي , فليس ممكنا طلب ذلك , من الكاتب الذي هو صاحب رؤيا استشرافية , وليس عالما باحثا , يقوم بإجراء بحث على موضوع معين , في مؤسسة علمية معينة .
"رحلة إلى الأعماق" يمثل عملا أدبيا رفيع المستوى , ولم يكن لدي مانعا لو لم يكن حلما , مع اعادة صياغة بعض بقع المسرح المكاني .

محمد الدسوقي
01-01-2007, 08:13 PM
أيها الكبير ..

نزار ب الزين

تابعت كل كلماتك حرفا حرف ؛ لأنك أغريتني بجمال الموضوع ، وقد تعايشت مع أبطال قصتك وكأنني معهم وفي نفسي أقول لمَ لا تلك الأماني الجميلة التي تخرج من التعاون والتأزر بين العلماء ، لتكون أتحاد يقوم على ما وهبه الله لهم من علم وأكتشاف ، اللهم ينقصنا إلا الأخلاص في العمل ، وصدق النية ، ربما يأتي اليوم لتتحقق قصتك العلمية وتكون على أرض الواقع ....

صدقني ؛ قصك يجزبني بكل أحاسيسي ومشتقات الفكر الجميل .

تحياتي واحترامي لشخصك البارع

كل عام وأنتم بألف خير

**
لكن ناسكم للأسف لا يدركون ذلك و لا يقدرونه ، بل يسعون لتدميره بالتلوث البيئي و الأخلاقي ، من تعصب عنصري إلى استعباد قويِّكم لضعيفكم إلى الحروب المدمرة التي لا تخلف إلا الخراب و القتلى و المشوهين! "

نزار ب. الزين
03-01-2007, 03:42 PM
أخي الدكتور محمد حسن السمان
كانت قراءتك للقصة دراسة تحليلية جاءت من ناقد محترف موضوعي ، أما إطراؤك فهو إكليل غار يزين هامتي .
أخي الكريم كلمات الشكر لا تفيك حقك و لكنني لا أملك غيرها فعذرا .
دمت كما عرفتك غيورا على الأدب و داعما له
نزار

نزار ب. الزين
03-01-2007, 03:52 PM
أيها الكبير ..
نزار ب الزين
تابعت كل كلماتك حرفا حرف ؛ لأنك أغريتني بجمال الموضوع ، وقد تعايشت مع أبطال قصتك وكأنني معهم وفي نفسي أقول لمَ لا تلك الأماني الجميلة التي تخرج من التعاون والتأزر بين العلماء ، لتكون أتحاد يقوم على ما وهبه الله لهم من علم وأكتشاف ، اللهم ينقصنا إلا الأخلاص في العمل ، وصدق النية ، ربما يأتي اليوم لتتحقق قصتك العلمية وتكون على أرض الواقع ....
صدقني ؛ قصك يجزبني بكل أحاسيسي ومشتقات الفكر الجميل .
تحياتي واحترامي لشخصك البارع
كل عام وأنتم بألف خير

================

أخي الكريم الأستاذ محمد الدسوقي
أتمنى مثلك أن يكون ذلك الحلم واقعا كما أتمنى أن تدرك حكوماتنا العربية أهمية العلم و البحث العلمي فتخصص له الإمكانيات المادية المناسبة لتحريكه و تفعيله ، لقد كنا ذات يوم من رواد العلم في العالم كله، فلِمَ لا نستعيد أمجادنا العلمية ؟
أما شهادتك يا اخي فهي وسام أعتز به
عميق مودتي
نزار

وفاء شوكت خضر
03-01-2007, 11:33 PM
أستاذي الفاضل / نزار بـ الزين ..

قصة مثيرة ، خيال علمي فاق التصور ، قد عرفنا التخيل و التكهن بوجود حياة أخرى في الفضاء ، كواكب أخرى يعيش عليها أناس وتخيلنا لهم أشكال ، وكتبت قصص وريات بهذا الشأن ، وهذا الخيال حقق شيء من النجاح في صناعة المركبات الفضاية والتي أشك حتى الآن أنا وصلت للقمر تحمل ركابا هبطوا عليه ، فاعذرني ، إضافه إلى الطائرات النفاثة التي باتت تقطع أبعد المسافات بعدد من الساعات وكان لخصوبة الخيال في هذا التصور أثره الكبير على السينما العالمية التي صنعت الكثير من الأفلآم .
أما أن يتوغل الخيال ليكون بدل الفضاء باطن الأرض فحقا لأول مرة أسمع بخيال وصل لهذه النقطة ليبدأ تجارب عليمة حتى لو كان خيالا .
كنت رائعا بهذا السرد ، وكأن أنت من كان يحلم أن يصل العلم والتطور بأمتنا العربية لهذه المرحلة المتقدمة ، وأن تنعم بالسلام المفتقد ، أن تنعم أمتنا بالإتحاد الذي يمنحها القوة ، بدل المنازعات على الثروات المائية والمعدنية والبترولية وعلى مقاعد الحكم والمناصب .
عالم مثالي ما تحلم به سيدي ، ولكن من يعلم ...
ربما .. أقول ربما نصل لجزء بسيط من هذا الحلم .

ثقافتك العلمية العميقة ، وأسلوبك الأدبي المميز ، وخيالك الذي يحمل لنا الكثير من المفاجآت ، جعل هذه القصة رائعة ، حتى لكأنها باتت حلم كل من مر من هنا .

لك تحيتي أستاذي القدير .
كل الود ...

نزار ب. الزين
04-01-2007, 01:52 AM
أختي الفاضلة وفاء
تنبثق قصص الخيال العلمي من الأمل و الرجاء و الأحلام بمستقبل أفضل للمجتمعات المحلية و للإنسانية جمعاء ، و قصص المدن الفاضلة عبر التاريخ نحت هذا المنحى .
شكرا لتفاعلك مع النص و لثنائك العاطر الذي أعتبره وساما أعتز به
عميق مودتي و تقديري و احترامي
نزار

نزار ب. الزين
26-09-2007, 06:23 AM
رحلة إلى الأعماق
قصة من الخيال العلمي
الجزء الرابع
نزار ب. الزين*
*****
أبطال القصة :
د.عبد الله من المغرب تخصص ألكترونيا و برمجة و هندسة الحاسوب
د. هشام من سورية تخصص معادن و سبائك معدنية
د. مجدي من مصر تخصص جيولوجيا و طبقات الأرض و علم الزلازل و البراكين
د. حمود من الإمارات العربية المتحدة /أمارة دبي تخصص كيمياء ، فرع النفط و الصناعات النفطية
د. رياض فلسطيني يعيش في الأردن تخصص ميكانيك و محركات ثقيلة .
*****

تجرأ الدكتور رياض ، ففتح بوابة المركبة بيد مرتجفة ، و لذهوله الشديد ، سار كل شيئ كما أخبرهم به ميمون ، لم يندفع ماء المحيط و لم تتفجر المركبة فكأنها فوق السطح ، لم ير اي اثر للفقاعة و لكنها بالتأكيد موجودة بدلالة خروجه من المركبة دون حدوث أي مكروه .
و تجرأ الآخرون ، فخرجوا الواحد إثر الآخر ، ثم قام الدكنور رياض بإغلاق الفتحة ، تولى ميمون إحاطة كل من الدكتور عبد الله و الدكتور حمود و الدكتور هشام بفقاعة من المادة المعتمة غير المرئية و فعل نفس الشيء زينون لكل من الدكتور مجدي و الدكتور رياض . و بلا أدنى وجل أو تردد تبعوا جميعا ميمون مطمئنين واثقين .
تحرك ميمون في المقدمة فتحركوا وراءه ، شعروا كأنهم طيور تحلق بكل يسر ، كان النفق الذي بدؤوا يخترقونه ضيقا للغاية ، و لكنه كان واضحا تحيطه من جميع الجوانب نتوءات ملونة بدت و كأنها زخارف ، و لكنه كان أيضا طويلا و متعرجا ، و ما أن أتموا اختراقه حتى ظهرت أمام أعينهم ما يشبه مدينة كبيرة تعج بالمخلوقات المشعة من فوقهم و تحتهم و من جوانبهم ، ثم بدا لهم ما يشبه البيوت ، و لكنها صغيرة جدا ، مبنية كلها من هياكل مرجانية ملونة ، ثم لفتت أنظارهم بضع أبنية عالية نسبيا تراءت لهم و كأنها قصور أو قلاع أوربية من القرون الوسطى ، ثم ما لبث ميمون و من ورائه زينون أن دخلا أكبرها فدخلوا وراءهما .
كان الملك يتصدر قاعة كبرى و كان يتميز بلونه الأزرق و من حوله عدد قليل ممن بدوا أنهم من العائلة المالكة فذلك لأنهم يشعون جميعا بلون أزرق جميل ، إضافة إلى عدد آخر من المخلوقات العادية من أمثال ميمون و زينون .
رحب بهم جلالته ، و ضحك ملء شدقيه عندما علم أنهم علماء عرب ، و لكنه توقف عن الضحك عندما اقترب منه ميمون و خاطبه بلغة غير مفهومة .
ثم نطق جلالته قائلا بترو و بصوت بدا أوضح من صوتي ميمون و زينون :
- أخبرنا مستشارنا أنكم في رحلة إستكشافية ، و إننا نقدر لكم هذه الجرأة غير المسبوقة من البشر ، كما نقدر علومكم الوفيرة التي أهلتكم لهذا الإنجاز العظيم ، و سنكلف في الحال فريقا من كبار علمائنا للإجابة على كل ما ستطرحونه من أسئلة علمية تهمكم و سيكونون خير معين لكم ، فإن جرأتكم العلمية هذه تستحق منا كل عون .
و لكن : " و لكن هل أعجبتكم مملكتنا ؟ " استدرك قائلا ، فتطوع الدكتور حمود للإجابة :
= نعم يا جلالة الملك ، إنها جميلة و لكن ما لفت نظري و ربما نظر إخواني ، أن البيوت صغيرة جدا مقارنة ببيوتنا .
فتصدى لإجابته زينون وزير العمران قائلا :
- ليس لدينا عائلات و أطفال مثلكم و لا نقضي في بيوتنا مددا طوية كما تفعلون ، نحن نلجأ إلى بيوتنا للراحة مرة كل أسبوع حيث نقضي فيها بضع ساعات من التأمل ، فنحن لا ننام ، أو نلجأ إليها من أجل الإستنساخ مرة كل ثلاث سنوات حيث يقضي فيها واحدنا - عندئذ - حوالي اسبوع ؛ فكما ترى لسنا بحاجة للبيوت الكبيرة ..
يسأله الدكتور عبد الله :
= هل لديكم حكومة و مجلس شعب أو أحزاب سياسية أو اي نوع من التشكيلات السياسية ؟
يجيبه جلالته :
- لاحاجة بنا إلى أحزاب و نرفض كل تشرذم أيا كان نوعه ، فما شوَّه حياتكم أيها البشريون غير التشرذم ، فكل فرد من شعبنا يحق له أن يتقدم بمطالبه في أي وقت ، ثم يقوم الوزير المسؤول أو أحد أعوانه بتنفيذها على الفور إذا كانت معقولة ، اما بالنسبة للتشكيلات التي تسمونها بالحكومة ، فهي ثلاثا لا غير : مجلس العلماء برئاسة وزير العلوم ، و مجلس العمران ويرأسه وزير العمران و هو للقرن الحالي صديقكم زينون ، و مجلس الأطباء برئاسة وزير الشؤون الصحية ؛ و كل منها لديه الصلاحيات المطلقة ، و لا يرجعون إليّ إلا عند الحاجة الماسة .
يسأله الدكتور هشام و لكنني ألاحظ يا جلالة الملك ، أن جسدك يشع باللون الأزرق و هو مختلف عن الآخرين !
يجيبه : " سأترك الرد لميمون " فيقترب هذا منهم و يبدأ بالرد على السؤال :
- في طفرة تطويرية تميز بعضنا بقدرات عقلية فائقة ، فيتحول لونهم إلى الأزرق ، و من مجلس هؤلاء يخرج الملك ! أما الآخرون فيترأسون المجالس العلمية كمجلس الأطباء مثلا ...
ثم أشار جلالته إلى أحدهم ، فتقدم من العرش ، ثم استدار نحو العلماء العرب قائلا :
- لم نكن بحاجة إلى الأطباء أو لمجلس الأطباء حتى قبل حوالي سبعين سنة ، اي عندما بدأ البشر يجرون تجاربهم على القنابل النووية ، فمنذ أول تجربة بدأ من كان متواجدا على السطح منا يشكون من بعض الأعراض كالاضطراب العام و عدم القدرة على الإستنساخ ، ثم تضاعفت المشكلة عندما ظهرت الهواتف اللاسلكية فالهواتف الجوالة التي انتشرت كالتار في الهشيم فأحدثت اضطرابات مغناطيسية كبرى ، لهذا ظهرت الحاجة إلى الأطباء .
قاطعه الدكتور حمود متسائلا :
= ألم تقولوا أن خروجكم إلى السطح بات نادرا ؟
- علماؤنا مضطرون للتواجد ، و قد راينا أن تكون مدة تواجدهم قصيرة ، و هناك بعض منا يحب المغامرة و المخاطرة مهما كلفه ذلك ، و نحن لا نمنع أحدا و نكتفي بالنصح .
تذكر ميمون مستشار الملك أمرا فتقدم من جلالته هامسا ، الذي التفت إليهم قائلا :
- بالتأكيد أنتم جوعى و بحاجة إلى الطعام ، سأعطي أوامري في الحال إلى وزير العلوم ليتدبر الأمر لكم .
ثم اضاف متسائلا :
- ما هي تخصصاتكم العلمية ؟
أجابه الدكتور حمود :
= أخي الدكتور عبد الله إختصاص برمجة حاسوب و هندسة ألكترونية ، أخي الدكتور هشام إختصاس معادن و سبائك معدنية و بفضله و فضل أخي الدكتور رياض المختص بالميكانيك و المحركات الثقيلة نحن هنا ، أما أخي الدكتور مجدي فهو إختصاص جيولوجيا و طبقات الأرض إضافة إلى علم الزلازل و البراكين ؛ أما أنا فاختصاصي كيمياء فرع النفط و الصناعات النفطية .
يجيبه جلالته ، و هو يهز برأسه إعجابا :
- هذا شيئ عظيم يا عرب ، أن تحملوا مثل هذه التخصصات و أن تتفقوا معا في خدمة العلم على هذا النحو ، مع أننا نعلم أن عربيين لا يمكن أن يتفقا ، و أن عشقكم للزعامة يدمر عقلكم الجمعي ؛ و برأيي أن البشر لن ينقذهم من نزعتهم العدوانية و ما تجره عليهم من ويلات غير العلم النظيف ، أي العلم الذي لا يشمل اختراع أو تطوير الأسلحة بجميع أشكالها و على الأخص أسلحة الدمار الشامل .
و سأضع تحت تصرفكم وزير العلوم ليقدم إليكم ما تشاؤون من مساعدة ضمن اختصاصاتكم ، و التي ستوفر عليكم الكثير من العناء .
*****
بعد تناولهم لطعام شهي أعدوه لهم مما لذ و طاب من مأكولات بحرية ، و بعدما أدخلهم إلى قاعة بدا أنها مخصصة للبحوث العلمية ، قال لهم وزير العلوم (جِمنا ) و هو على ما يبدو من لونه الأزرق من العائلة المالكة :
- في هذا المكان نرصد و نسجل كل ما يجري فوق سطح الأرض ، و هناك قاعة ثانية لتتبع ما يجري في أعماقها ، و قاعة ثالثة لرصد الكون ، و في كل منها عشرات العلماء و الخبراء – كما ترون هنا مثلا - مستخدمين مئات الأجهزة العلمية ، و نحن متقدمون عنكم علميا ، و لكننا لا ننكر أننا نستفيد من بحوثكم و اكتشافاتكم العلمية ثم نطورها ، فنحن - عل سبيل المثال لا الحصر - نستخدم مرصد (سييرا باشون) المقام حديثا في شمال جمهورية التشيلي منذ إنشائه ، و قد أضفنا إلى تجهيزاته أجهزة مصنوعة من المادة المعتمة ، و كنا قبل عقود نستخدم مرصد ( بانومار قرب مدينة إسكنديدو ) جنوب كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية ، بحيث لا يرانا أو يرى أجهزتنا أحد ، ذلك لأن الرصد من عمق أحد عشر كيلومتر متعذر ، نحن نتلقى المعطيات من علمائنا فوق السطح و نحللها هنا .
بُهِت الأصدقاء العلماء لما سمعوه ، و تمكن الدكتور عبد الله من تجاوز دهشته فسأله :
= هل تقصد أن لديكم تسجيلات من السطح منذ وُجِد الإنسان ، مثلا ؟
يجيبه جِمنا :
يجيبه جِمنا :
- امسكوا أعصابكم و التفتوا إلى الوراء :
يلتفتون ،
يضطرب الماء قبالتهم قليلا ،
ثم يتشكل فجأة أمام أعينهم ما يشبه شاشة سينمائية بانورامية ،
ثَمَتَ ما بدا أنها سفينة فضائية ضخمة تهبط على السطح ،
تتوقف مثيرة غبارا كثيفاِ ،
يهدأ الغبار ،
تُفتح من أحد جنباتها بوابة كبيرة ؛
يخرج منها أعداد كبيرة من المخلوقات الشبيهة بالبشر ، ذكورا و إناثا و أطفالا ، من مختلف المقاسات ، شقر الشعر ، حفاة عراة ، و قد كسا الشعر الأشقر معظم أجسادهم ،
ثم يصدر من المركبة شعاع يغمرهم جميعا ،
ثم ينغلق الباب لتنطلق المركبة صعودا نحو الفضاء .
قال جِمنا موضحا :
- إنهم منفيون من كوكب بعيد في أقصى مجرة اللبانة ، نسميه الكوكب رقم 18300 ، فقد دأبت الكواكب المتحضرة على نفي كل من يجدون لديه نزعة تمردية أو عدوانية ، يجمعونهم في معسكرات ، ثم يطلقونهم إلى كواكب ليست مأهولة ، كما كان حال الأرض ، يمحون ذاكراتهم بنوع من الإشعاع كالذي رايتموه ، ثم يتركونهم لمصيرهم .
فالأرض أحد كواكب الجنس البشري المنفيين من الكواكب الأرقى ، أما المكان الذي نزلوا فيه فهو الجزيرة التي تسمونها صقيلية ، و قد أسمى سلالتهم بعض علمائكم بالإنسان النيندرتالي.
يسأله الدكتور حمود :
= هل ما شاهدناه هو أول موجة من المنفيين مثلا ؟
يجيبه جِمنا :
- كلا ، بل عرضت لكم إحدى هذه الموجات ، فقد نفي إلى الأرض – مثلا - مجموعة من الكوكب رقم 4222 و هم يمتازون بلون بشرة باذنجانية و شفاه غليظة و شعور مجعدة و قد هبطوا أول مرة في كينيا بأفريقيا ، و أخرى من الكوكب رقم 1402 و لون جلودهم باهت و عيونهم صغيرة و قد نزلوا في وسط الصين ، و هذه مجرد أمثلة ، ذلك أن بعضهم يشبه الإنسان الحالي أما غيرهم فكان إلى القرود أقرب .
يسأله الدكتور رياض :
= تقول أن الأرض كانت غير مأهولة ، بينما تعلمنا أن الأرض كانت مسكونة بالحيوانات الضخمة التي نسميها دايناصورات ، قبل ظهور الإنسان .
يجيبه جِمنا :
- أنا لم أقل خاوية بل عنيت أنها غير مأهولة بالمخلوقات البشرية أو أشباهها .

----------------
* نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
عضو جمعية المترجمين العرب ArabWata
الموقع : www.FreeArabi.com
البريد : nizar_zain@yahoo.com

*****
رحلة إلى الأعماق
رابط الجزء الأول :
http://www.freearabi.com /مجموعة7ولادةمجرة-سفينةالأعماق.
htm
رابط الجزء الثاني :
http://www.freearabi.com/مجموعة7-رحلة-إلى-الأعماق=قصة-من-الخيال-العلمي-نزار-ب-الزين-الجزء-الثاني.htm
رابط الجزء الثالث :
http://www.freearabi.com/مجموعة7=رحلة-إلى-الأعماق=الجزء-الثالث=ن-ز.htm
رابط الجزء الرابع :
http://www.freearabi.com/مجموعة7=رحلة-إلى-الأعماق=الجزء-الرابع.htm

جوتيار تمر
26-09-2007, 09:05 AM
الاستاذ نزار الزين..
العنوان جذبني مرة اخرى/ رحلة الى الاعماق/ ومرافقة الخيال العلمي للعنوان جعلني ابقى مشدوها مرة اخرى/ لاني في البدء ظننت اني ادخل في متاهة الانسان الداخلية/ من حيث النفس الانسانية/ ومخالجاته الذاتية/ لكن ذلك لم يمنعني من ان اتخذ من العنوان مسلكا للولوج في اعماق القصة نفسها/ التي وجدتها تمزج بين بالخيال العملي/ والواقع العياني الملموس/ من حيث الدلالات التي يمكن اسقاطها على واقع الانسان في عصرنا هذا/ وما آلت اليه اموره/ وكيف انه هو يعيش الفراغ الواسع بين نفسه ووحقيقة وجوده/ وكيف انه سار عكس تيار الانسانية / من خلال كثرة طموحاته التي اراد ان يبنيها على جماجم بني جلدته/وكيف انه بطموحه هذا اثر على الكون باجمعه/ والمخلوقات الاخرى التي تشاركه الحياة عليه/ جاء السرد مشوقا/ ومترابطا منذ البدء الى نهاية القصة وقد تخللتها بعض الوقفات العقلية التي تقدم نقداً للواقع/ بالاخص الواقع العربي/ وهذا ما اجده دائما محور من المحاور الاساسية في نصوصك/ ولبعض المفاهيم الساريه فيه/ وغلب على النص اسلوب الرواي / وهذا طبيعي لطبية العمل المقدم هنا/الذي تقمص الدور الفعلي وعاش الحدث بجذوره بل كان جزءا منه/ حيث اخذ يرسم لنا صورا واقعية عن الاحداث الداخلية/ والخارجية/ وبدقة تصويرية مشهدية/ وبلمحة تاريخية ودراية عالية باصول السرد التاريخي/ ولقد اثارت القصة فينا تساؤلات عديدة واظن بان نجاح القصة بدأت من ذلك لكونها غرست فينا انطباعا عاما عن الاحداث التي جرت والمتغيرات/ واثارت مسائل تعمق الفكر الاجتماعي والوطني معا بمزجهما في ضمن سياق الاحداث الجارية في القصة/ كما ابدعت الصور المشهدية من غرس بعضها في اذهان المتلقي لتبقى فيه ولتكون اداة مقارنة دائمة بالمشاهد التي تتكرر كل يوم امامه.


عذرا اذا كنت قد قصرت في حق النص

محبتي لك
جوتيار
رمضان كريم

سعيد محمد الجندوبي
26-09-2007, 03:50 PM
أخي العزيز نزار الزين... تحية خالصة وبعد،
استهواني العنوان كالعزيز جوتيار تمر، فوجدت نفسي سابحا عبر كلماتك... ولقد فاجأني نصّك أخي إيجابيّا.
فاجأني أوّلا لعلمي (القاصر أكيد) بأنّ الأدب العربي لا يعير أهميّة للخيال العلمي ولا يوجد من يكتب فيه ، على أهميّة هذا الباب الأدبي وسعة انتشاره عند غيرنا ( أروبا وأمريكا خصوصا) وذلك منذ القرن التاسع عشر (مثال : الفرنسي جول فارن).

وفاجأني أيضا مستوى نضج الكتابة عندك بحيث تجاوزت مرحلة من يُدخِلُ شيئا جديدا فيكون كالمقتبس الناقل له.. لا وألف لا.. فلقد طوّعت هذا الباب الأدبي إلى بيئتنا العربيّة الإسلاميّة، فأنعكس واقعنا وموروثنا فيما كتبت، مبيّنا أصالتك.. وهذا لعمري ديدن الكاتب المنفتح على الآخر والنتفاعل معه من دون أن يذوب فيه فيفقد كنهه...

أشدّ أخي على يدك مهنّئا ومشجعا على الثبات في هذا المسعى الجليل.. وسأظلّ بإذن الله متابعا لتجربتك الرّائدة

والسلام

سعيد محمد الجندوبي

نزار ب. الزين
07-10-2007, 04:42 AM
أخي العزيز نزار الزين... تحية خالصة وبعد،
استهواني العنوان كالعزيز جوتيار تمر، فوجدت نفسي سابحا عبر كلماتك... ولقد فاجأني نصّك أخي إيجابيّا.
فاجأني أوّلا لعلمي (القاصر أكيد) بأنّ الأدب العربي لا يعير أهميّة للخيال العلمي ولا يوجد من يكتب فيه ، على أهميّة هذا الباب الأدبي وسعة انتشاره عند غيرنا ( أروبا وأمريكا خصوصا) وذلك منذ القرن التاسع عشر (مثال : الفرنسي جول فارن).
وفاجأني أيضا مستوى نضج الكتابة عندك بحيث تجاوزت مرحلة من يُدخِلُ شيئا جديدا فيكون كالمقتبس الناقل له.. لا وألف لا.. فلقد طوّعت هذا الباب الأدبي إلى بيئتنا العربيّة الإسلاميّة، فأنعكس واقعنا وموروثنا فيما كتبت، مبيّنا أصالتك.. وهذا لعمري ديدن الكاتب المنفتح على الآخر والنتفاعل معه من دون أن يذوب فيه فيفقد كنهه...
أشدّ أخي على يدك مهنّئا ومشجعا على الثبات في هذا المسعى الجليل.. وسأظلّ بإذن الله متابعا لتجربتك الرّائدة
والسلام
سعيد محمد الجندوبي

==============================

أخي الحبيب الأستاذ سعيد
كلمات الشكر لا تفيك حقك تجاه هذا الإطراء الدافئ الذي غمرتني به و الذي أعتبره إكليل غار يزين نصي و هامتي
بالمناسبة أنا أعرف جندوبة في تونس و قد زرتها عدة مرات ، فتحية لك و لها
مع كل المودة و التقدير
نزار

نزار ب. الزين
07-10-2007, 04:52 AM
الاستاذ نزار الزين..
/ جاء السرد مشوقا/ ومترابطا منذ البدء الى نهاية القصة وقد تخللتها بعض الوقفات العقلية التي تقدم نقداً للواقع/ بالاخص الواقع العربي/ وهذا ما اجده دائما محور من المحاور الاساسية في نصوصك/ ولبعض المفاهيم الساريه فيه/
ولقد اثارت القصة فينا تساؤلات عديدة واظن بان نجاح القصة بدأت من ذلك لكونها غرست فينا انطباعا عاما عن الاحداث التي جرت والمتغيرات/ واثارت مسائل تعمق الفكر الاجتماعي والوطني معا بمزجهما في ضمن سياق الاحداث الجارية في القصة
/ كما ابدعت الصور المشهدية من غرس بعضها في اذهان المتلقي لتبقى فيه ولتكون اداة مقارنة دائمة بالمشاهد التي تتكرر كل يوم امامه.
عذرا اذا كنت قد قصرت في حق النص
محبتي لك
جوتيار
رمضان كريم
===========================

أخي الحبيب جوتيار
تحليلك للرواية أكثر من رائع و قد غصت عميقا في أهدافها و مراميها
شكرا لهذه الإطلالة الواعية و ألف شكر لثنائك الجميل
مع كل المودة و التقدير
نزار

نزار ب. الزين
08-10-2007, 06:01 AM
رحلة إلى الأعماق
قصة من الخيال العلمي في حلقات
الجزء الخامس
نزار ب. الزين*
*****

أبطال القصة :
د.عبد الله من المغرب تخصص ألكترونيات و برمجة و هندسة الحاسوب
د. هشام من سورية تخصص معادن و سبائك معدنية
د. مجدي من مصر تخصص جيولوجيا و طبقات الأرض و علم الزلازل و البراكين
د. حمود من الإمارات العربية المتحدة /أمارة دبي تخصص كيمياء ، فرع النفط و الصناعات النفطية
د. رياض فلسطيني يعيش في الأردن تخصص ميكانيك و محركات ثقيلة .
*****

بعد أن شاهدوا- و قد عقدت الدهشة ألسنتهم - الموجات الأولى من أشباه البشر المهجرين المنفيين من أقاصي المجرة ، تساءل الدكتور هشام :
- ترى هل تعلم ما إذا كان المنفيون قد تمكنوا من العيش مع الحيوانات العملاقة التي نسميها الدينصورات ؟
أجابه جِمنا :
= قبل عمليات تهجير المنفيين من كواكب مجرة درب اللبان الأخرى ، تلك الموجات التي شهدتها الكرة الأرضية ، قدمت إلى الأرض مركبات من الفضاء البعيد و نظفتها من الحيوانات العملاقة ، أعني سلطت عليها موجات شعاعية خاصة قزمتها ، فما الحرابي و الحرادين و العظايا و الضباء و الإغوانات و الثعابين و الطيور الكاسرة كالنسور و الصقور التي تملأ الأرض حاليا ، إلا أحفاد مقزمة لتلك الدينصورات ، و مع ذلك فقد بقي بعضها في بعض المناطق النائية ردحا آخر من الزمن تشارك الإنسان أو اشباهه العيش في الغابات أو على ضفاف الأنهار و البحيرات ، بل لا زال بعضها موجودا حتى اليوم ، و لكن خشيتها من أسلحة البشر الفتاكة جعلتها تهاجر إلى كهوف في أعماق الأرض أو أعماق بعض البحار و البحيرات ، و هذا ما خلق الأساطير التي تتداولها حكاياتكم التي تسمونها بالخرافية ، كخرافة التنين الذي ينفث نارا ، هو في حقيقته ثعبان عملاق يخرج من فمه بخار كثيف كما يخرج من أفواهكم أيام برد الشتاء فظنوا البخار دخانا ، و طائر الرخ الذي ورد في مسلسل حكايات ألف ليلة و ليلة ، إن هو إلا نسر عملاق ، كان ينقض على أطفال البشر و يختطفهم ليغذي بهم فراخه ، و الكينغ كنغ إن هو إلا غوريلا عملاقة عاشت آلاف السنين في أفريقيا و الأمازون قبل أن تتقزم ، و هكذا ...
يجيبة الدكتور هشام :
- هذا يعني أن لكل أسطورة أساسها من الحقيقة ! أليس كذلك ؟
يقاطعهما الدكتور عبد الله ، موجها سؤاله لمحدثهم جِمنا :
- ترى متى ظهر الإنسان الأول ، كما نعرفه اليوم ، أنت عرضت علينا الإنسان النينتردالي الذي هبط في أفريقيا و إيطاليا و الصين و نحن نعلم أن هذا النوع البشري انقرض ، و لكننا لم نشاهد بشرا حقيقيين أقصد مثلنا ، فهل تطور الإنسان الحالي من تلك المخلوقات ، أقصد هل هذه المخلوقات هي أجدادنا ؟
أجابهم جمنا كعادته عمليا ، فانتصبت الشاشة المائية البانورامية من جديد ، لتظهر مركبة فضائية صغيرة ، تهبط على الأرض بتؤدة ، يخرج منها رجل و امرأة في غاية الجمال ، ما أن ابتعدا قليلا عن المركبة حتى انطلقت ثانية إلى الفضاء ؛ جثا الرجل على ركبتيه مطأطئا راسه حزنا و كمدا و ربما ندما ، أما الإمرأة فأخذت تبكي بحرقة و تلطم و جهها بيديها و تعفره بالتراب ؛ إلا أن المركبة عادت بعد قليل فسلطت عليهما أشعتها المعهودة ثم انطلقت ...
عقب جِمنا قائلا :
= إنهما من خارج المجرة ، ربما أنهما من مجرة أخرى ، أو من وراء الكون المرئي ، و هما كالآخرين منفيان لنزعتهما التمردية ، و لكن لم يستطع علماؤنا – للأسف - تحديد موطنهما الأصلي ؟!..
ثم أضاف قائلا :
= سرعانما نسيا محنتهما و أسباب نفيهما بعد تعرضهما لتلك الأشعة ، فاندمجا مع الأمر الواقع ؛ تناسلا ثم تكاثرت ذريتهما و اختلطت بالمخلوقات الأخرى من أشباه البشر النينترداليين ، فخرج منهم هذا التنوع الكبير في أشكالهم و ألوانهم و مستويات ذكائهم ، تحاببوا حينا معهم و تناحروا حينا آخر ، ثم اختفى أشباه البشر بعد أن اخترع البشر الأسلحة ، و من هنا بدأت محنة الإنسانية الحقيقية ، اخترعوا السلاح بداية لاصطياد الحيوانات الضعيفة و استطعامها ، أو للدفاع عن أنفسهم تجاه هجمات الحيوانات المفترسة القوية ، ثم بدؤوا يستخدمونه ضد النينترداليين ، ثم ضد بعضهم بعضا ، فتعلموا تنظيم الغزوات التي طوروها فيما بعد إلى حروب .
فتاريخكم أيها البشر سلسلة من الحروب ارتكبتها أياديكم الآثمة ؛ شاهدوا معي :
انتصبت الشاشة المائية العملاقة و بعد بعض التشوش ظهرت قرية بنيت بيوتها من أغصان الأشجار و أوراقها ، و ثمت أطفال يلعبون في ساحتها ، و نساء يشوين غزالا تم اصطياده مؤخرا ، و رجال يتسامرون في حلقات ، و كلهم رجالا و نساء و أطفالا عراة كما ولدتهم أمهاتهم ؛ و على حين غرة ، ينقض شبان من مكان آخر على القرية من عدة جهات ، يحملون ما يشبه رماحا صنعت من أغصان الأشجار و قدت رؤوسها من الحجارة المنحوتة التي ربطت إليها بخيوط من لحاء الشجر ؛ فيفاجئون أهل القرية الآمنين ، يقتلون الرجال ثم يسوقون النساء و الأطفال كما تساق السائمة .
و في لقطة ثانية ، يظهر جيشان متقابلان في صفين طويلين قادة جند أحد الجيشين يعتمرون خوذا صنعت من جلود الحيوانات و ظهر منها ما يشبه القرون و أحاطوا صدورهم و ظهورهم بدروع جلدية ، و تصحبهم كثرة من الخيول المطهمة ، يبنما تميز جند الجيش المقابل بخوذهم المعدنية اللامعة و دروعهم المعدنية .
تجري هنا و هناك على طول المجابهة ، مصارعاتزوجية بين جنود من هؤلاء و آخرين من اؤلئك ، ثم يلتحم الجيشان في قتال شرس تتطاير فيه الرؤوس و الأيدي و الأرجل و تجري الدماء في جداول ، و تدوم المعركة طويلا ليبدأ ذوو الخوذ المعدنية بالفرار بعد أن خلفوا وراءهم عشرات القتلى و مئات الجرحى ، ثم يظهر قائد الجيش المنتصر و قد رُفع على الأكتاف ، بينما أخذت جموع ذوي القرون تهتف و تهزج بأهازيج النصر .
يقول جِمنا :
= هذا الذي ترونه فوق الأكتاف هو الإسكندر المقدوني الملقب بذي القرنين ، و الذي غزا بجيشه نصف العالم القديم ، لغاية واحدة هي استعباد الآخرين و نهب ثرواتهم .
و في لقطة ثالثة : يظهر جيشان متقابلان على طول ضفاف نهر طويل متعرج تميز جند أحد الجيشين باثواب خفيفة قصيرة و قطع من القماش تلتف حول رؤوسهم أغلبها أبيض اللون ، و نعال تجعلهم إلى الحفاة أقرب ، يستخدمون الجمال بكثرة إضافة إلى الخيول ؛ و في المقابل كان جند الجيش الآخر مدججين بالسلاح ، يعتمرون الخوذ المعدنية التي تلمع كآلاف الأضواء عاكسة نور الشمس ، و قد تدرعوا أيضا بدروع معدنية ، و ربطت كل مجموعة منهم بالسلاسل ، و هم يستخدمون الخيول و العربات الخفيفة التي يجر كل منها حصان واحد ، و يعتليها جندي واحد مسلح برمح طويل .
و يلتحم الجيشان من ثم في قتال شرس ، يتميز بخفة حركة الجنود غير المدرعين ، و بثبات الجنود المجنزرين رغم وقوع عدد كبير منهم بين قتيل و جريح ، و في الأكمات الخلفية للجيش الأبيض ، تظهر نساء يشبهن البدويات العربيات المعاصرات ، يحملن عصيا و أعمدة الخيام ، فيهاجمن بها كل جندي منهم يحاول الفرار ، و يدفعنه للعودة إلى القتال ، بينما تصيح الأخريات منشدات أهازيج تشجيعية ، و تستمر المعركة شرسة حتى غياب الشمس ، عندما يبدأ الآخرون مولين الأدبار .
يسألهم جِمنا :
= هل منكم من خمن اسم المعركة و ما هي هوية المتحاربين ؟
فتصدى للإجابة الدكتور رياض :
- أعتقد أنها معركة اليرموك بين العرب و الروم البيزنطيين .
و في لقطة رابعة :
تظهر قاعة كبيرة مزدانة بالزخارف العربية و ستائر الديباج و مطارح و مساند الموصلي و الأغباني و غطيت نوافذها بستائر من الحرير الطبيعي الملون ، و في القاعة التي اعتقدوا أنها قاعة العرش ، جلس ما بدا أنهم من كبار الحاشية و القادة و الوجهاء ، بينما تصدر القاعة ما بُظن أنه ملك أو ربما خليفة ، فقد اعتمر قلنسوة من الأغباني توسطتها ماسة كبيرة .
يتقدم منه ما أحد قواد الجيش ، ظهر ذلك من ارتدائه لعدة القتال ، ليقول له : " مولاي ! جيوش المغول تتقدم و قد اجتازت قبل قليل السور الشرقي للمدينة ، و مدينتنا بغداد سوف تسقط بين لحظة و أخرى " فيجيبه الأمير أو الخليفة : "استرضوه ، أرسلوا له الهدايا و الأموال ، و قولوا له أن يأخذ ما يشاء و لكن فليتركني و قصري !!!! " .
ثم يظهر جند المغول و هم يجتاحون بغداد فيفتكون بكل من يشاهدونه في طرقاتها و حواريها من بشر و حيوان ، ثم يهاجمون قصورها و مدارسها و مساجدها و مكتباتها و وراقيها ، فينهبون ما فيها من ذهب و فضة و نفائس عمرت بها ، فحتى قباب المساجد المذهبة قطعوها و تقاسموها ، ثم ألقوا ما صادفوه من كتب و مجلدات جمعت على مدار خمسة قرون ، في نهر دجلة الذي تحول ماؤه إلى اللون الأسود ، و تراكمت قراطيس جلد الغزال في النهر و التي كانت تستخدم بدل الورق ، حتى أصبحت كجزر متناثرة في وسط و أطراف النهر ، أما أغرب مشهد فكان استخدام المجلدات العلمية في بناء معسكر لهم بدل الطوب ، في أكبر ساحات وسط بغداد .
ثم يدخل هولاكو و قواده و ثلة من أعتى جنوده قصر الخليفة ، و بعد أن أرشدهم الخليفة أو الأمير – صاغرا - إلى أماكن ثروته الشخصية و ثروة المدينة ، فتكوا به و بقواده و من تجمع حوله من حاشيته ، ثم التفتوا إلى الحرملك فأخذوا يفتكون بالنساء و الأطفال ، فذبحوهم ذبح النعاج .
ثم التفت جِمنا إلى مجموعة العلماء قائلا :
إنه آخر الخلفاء العباسيين الملقب بالمستعصم ، و ما شاهدتموه هو سقوط بغداد في أيدي المغول بقيادة هولاكو شقيق ملكهم .
تدمع عيون الدكتور عبد الله و الكتور هشام ، بينما يهز الآخرون رؤوسهم يمنة و يسرة حزنا و أسى ..
يسألهم جِمنا : " هل أنتم على استعداد لمشاهدة المزيد ؟ " ، فيهزون برؤوسهم علامة الموافقة
تظهر امامهم مدينة بغداد ، كمدينة عصرية عملاقة بمبانيها الحديثة و ساحاتها الملأى بالنصب التذكارية و حدائقها الغناء ، عرفوها من الأعلام العراقية المرفرفة فوق أكبر مبانيها ، و قد امتدت على ضفتي دجلة ؛ الدخان الأسود يتصاعد من محيط المدينة ، و طلقات مدفعية و صاروخية تنطلق في الجو محاولة تفجير الصواريخ الذكية الأمريكية قبل بلوغها أهدافها ، و قد خلت الشوارع من الناس فالتجؤوا إلى أقبية منازلهم ..
ثم يتحول المشهد إلى مطار بغداد و قد امتلأ بالطائرات الأمريكية العملاقة ، عرفوها من شعار النجمة الخماسية المرسوم على أجنحتها و جذوعها ، أخذت تلفظ ما أجوافها من تجهيزات عسكرية ضخمة ؛ مئات الدبابات و المجنزرات أخذت تحتشد ، و مئات حاملات الجنود ، و مختلف أنواع الشاحنات ، بينما حلقت في الجو عشرات الحوامات و من فوقها عشرات الطائرات الحربية لحمايتها .
ثم يتحول المشهد إلى جهة لا تبعد كثيرا ، حيث انطلقت عشرات الدبابات نافثة دخانها الأسود من عوادمها ، و قد رفعت كل منها العلم العراقي و عليه عبارة الله و أكبر ، و اندفعت متجهة نحو المطار من خلال عدة طرق رئيسية و مسارب ترابية .
و فجأة تلمع فوقها كتلة هائلة من نور شديد السطوع ، تلحقها كتلة ثانية ثم ثالثة ؛ ثم يتكشف المشهد عن دمار رهيب شمل الدبابات و العربات جميعا بلا استثناء ، و ظهر فوق الطرقات ما يشبه ظلالا بشرية ، هي بقايا جنود حاولوا الفرار من مركباتهم فانصهروا مع الإسفلت صهرا ..
و يعلق جِمنا قائلا : " إنه اليورانيم المخضب ! أو ما يسمونه القنابل النووية النظيفة !!!! "
ثم ينتقل المشهد إلى داخل المدينة ، فثمت عشرات من رجال ملثمين يحملون رشيشات خفيفة و مدججين بالقنابل اليدوية ، تنطلق على شكل شراذم في شوارع بغداد ، فيفتك أفرادها بكل من يشاهدونه في طريقهم من بشر و حيوان ، ثم يهاجمون قصور المدينة و مدارسها و جامعاتها و مساجدها و مستشفياتها و مكتباتها و متاحفها ، فينهبون و يحرقون و يقتلون ، بينما كان آخرون يبحثون عن العلماء و أساتذة الجامعات ، مسترشدين بقوائم سجل عليها أسماء و عناوين هؤلاء ، فيقتحمون بيوتهم و يذبحونهم و عائلاتهم ذبح النعاج ..
و في مشهد آخر ، يظهر بعض الرجال ، و قد وقفوا في إحدى الساحات يتفرجون على الدبابات الأمريكية الزاحفة و هم في حالة حزن شديد و ذهول .
يتقدم منهم أحد الضباط ، يعدهم بمنحهم مبالغ خيالية إذا نفذوا السناريو الذي سيلقنه لهم ، فيشير إليهم نحو تمثال توسط الساحة ، فيندفع هؤلاء نحوه ، ثم يعتلونه و يبدؤون في محاولة تحطيمه و إسقاطه ، بينما انتشرت كاميرات السي إن إن و البي بي سي و غيرها عشرات من كل أنحاء الغرب و أقصى الشرق ، و التي شرعت بالتقاط الصور المتلفزة ؛ و لكن عندما عجز هؤلاء عن إسقاط التمثال ، تقدمت مجنزرة نُصب على ظهرها رافعة ضخمة كانت معدة سلفاً ، فتتمكن من إسقاط التمثال بسهولة ، فيعلوه هؤلاء المرتشون ، ثم يدوسون على رأسه باقدامهم ، و هم يتظاهرون بالابتهاج و الفرح ؛ و بعد أن تنتهي المسرحية ، يقدم الضابط إلى كل منهم حقيبة صغيرة ملأى بالدولارات ...
==============================

* نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
عضو الجمعية الدولية للمترجمين و اللغويين العرب ( ArabWata)
الموقع : www.FreeArabi.com
البريد : nizar_zain@yahoo.com

ريمة الخاني
08-10-2007, 10:42 AM
استاذي اتمنى ان ياخذ هذا الجهد العملاق حقه فالجمهور العريض يميل للادب مع اننا بحاجه وبشدة لهذا اللون الراقي العالي الصعب
اتمنى ان احصل على العمل منشورا لو حصل
لك كل التقدير

جوتيار تمر
08-10-2007, 11:17 AM
الاستاذ الزين....
عودة اخرى الى معالم الرحلة التي اتمناها لاتنتهي/ لانها بالفعل زاخرة بالصورة والمشاهد/ والوقائع المعاصرة /التي تمر بنا/ والتي نمر نحن بها/ وبين العبارتين اختلاف كبير/ فالاولى بلاشك تعني القسر والحتمية/ والثانية تعني/ القبول والخضوع/ اعادتني احدث القصة هذه الى اغوار التاريخ السحيق/ حيث الاجتياح الخارجي/ والتفسخ الداخلي/ حيث تذكر مصادر التاريخ ان هولاكو عندما دخل بغداد/ دخل الخليفة مجلسه مرتاعا خائفا/ فابتسم هولاكو/ وقال له انت المضيف ونحن الضيوف فانظر بماذا تكرم ضيوفك/ فهرع الخليفة الى دار الخلافة فاحضر الدنانير والخلع والجياد/ فنظر هولاكو بسخرية اليه وقال هذه ليست لنا بل هي لعبيدنا / نريد الدفائن فدلهم الخليفة على بركة من الذهب الخالص في القصر الملكي / ثم عمدوا الى قتل الخليفة ووضعه في كيس محكم الاغلاق/ كي لايندلق دمه على الارض فيؤخذ بثأره/ وهذا ماكان من قبل/ في عصر الهوان والمذلة والخضوع/ والانشغال بالجواري/ والمجون/ وترك اسباب القوة / وتحصين الاسوار/ وها انت هنا استاذي الكريم تسترجع الامور من البداية من نقطة النهاية/ فارتحلت إلى آفاق تنفتح بها كوى تختزن صور التاريخ والواقع بقتامتها الممتدة عبر جغرافيا المكان و تحولات فصوله /إنها رواية قصيرة تعتمد على الاسترسال في الحكي و متابعة التفاصيل الحدثية/ فلا يتجاوز حضور السارد دور الراوي المتحكم في خيوط تناميها بشكل دائري/و أتصور إمكانية الزج به في مسار التطور دفعا لتأجيج الصراع حول ترسبات الماضي أو إكراهات الحاضر/ من موقع الرؤية السردية العالمة المدركة الواعية/ وها انت توقفنا على عتبة ابواب بغداد في ثوبها الجديد/ وهنا يتوقف الحرف عن المداد/ لعظمة ما حل بها/ ولعظمة التخاذل العربي بالذات والاسلامي بصورة عامة/ انها قصة تجبرنا على ارتياد حانات السكر والهذيان/ قصة تجعل من الحقائق وقائع/ ومن الوقائع حقائق ثابتة كتبتها التاريخ منذ زمن سبق الاجتياح/ لان الداخل كان في الاصل متفسخا/ وكذا تسير الاحوال/ عندما تتفسخ الدواخل/ تفشى الامراض/ وتتدهور الاحوال/ فنكون لقمة سائغة بين فكي الخارج/ وبغداد كانت ولم تزل تحمل الكثير من كنوزها/ في البلاط الملكية بعيدة عن الشعب/ لذا فالشعب يبقى المتفرج/ والذي يعاني والذي يدفع ثمن خزن الذهب/ القصة تحكي الواقع بصورة مذهلة/ القصة تريد ايصال رسالة واضحة المعالم لنا/ ونحن من نكون...؟

دمت بخير
محبتي لك
جوتيار

نزار ب. الزين
14-10-2007, 03:28 AM
استاذي اتمنى ان ياخذ هذا الجهد العملاق حقه فالجمهور العريض يميل للادب مع اننا بحاجه وبشدة لهذا اللون الراقي العالي الصعب
اتمنى ان احصل على العمل منشورا لو حصل
لك كل التقدير
===============================

أختي الكريمة أم فراس
للأسف فإن الرواية لم تطبع ، فأنت تعلمين أنني أعيش في الولايات المتحدة ، و من الصعب طباعة الكتب بالعربية فيها
شكرا لشهادتك التي أعتبرها وساما يزين نصي و صدري
عميق مودتي و كل عام و أنت بخير
نزار

نزار ب. الزين
14-10-2007, 03:37 AM
رائع ما قدمت يا أخي جوتيار ، لقد وفقت تماما في بلوغ أهداف و مرامي الرواية ، و تحليلك قد أثرى النص ، فشكرا لك
و تقبل خالص محبتي و تقديري
و كل عام و أنت بخير
نزار

نزار ب. الزين
17-11-2007, 09:58 PM
رحلة إلى الأعماق
قصة من الخيال العلمي في حلقات
الجزء السابع
نزار ب. الزين*
*****

أبطال القصة :
د.عبد الله من المغرب تخصص ألكترونيات و برمجة و هندسة الحاسوب
د. هشام من سورية تخصص معادن و سبائك معدنية
د. مجدي من مصر تخصص جيولوجيا و طبقات الأرض و علم الزلازل و البراكين
د. حمود من الإمارات العربية المتحدة /أمارة دبي تخصص كيمياء ، فرع النفط و الصناعات النفطية
د. رياض فلسطيني يعيش في الأردن تخصص ميكانيك و محركات ثقيلة .

بعد أن تشاور العلماء العرب الخمسة فيما بينهم ، رفضوا فكرة الإنقسام إلى فريقين و رؤوا ضرورة بقائهم معا ، على أن تتم زيارة المختبرات فيما بعد .
و هكذا توجهوا جميعا إلى المركبة يرافقهم نمرود و كرزون معا ، و سرعانما حررهم نمرود من فقاعاتهم المصنوعة من المادة المعتمة ، ثم اتخذ كل موضعه استعدادا للإنطلاق .
قال لهم نمرود مقترحا : " ما رايكم أن نبدأ بتجمعات المياه العذبة ؟ " فوافقوه في الحال .
تقدم كرزون من الدكتور رياض و أخذ يرشده إلى الإحداثيات التي يجب اتباعها للوصول إلى أول جيب مائي يستحق الإطلاع و الدراسة و بأسرع وقت ممكن .
و تنطلق المركبة بركابها مخترقة باطن الأرض صعودا في اتجاه الشمال الغربي ، و إن هي إلا دقائق لم تبلغ العشر ، حتى وجدوا أنفسهم يسبحون بمركبتهم في وسط مائي شديد الظلمة ، ما أن وصلوا إلى سطحه حتى شاهدوا بكشافاتهم أنهم ضمن كهف ، ما لبث الدكتور عبد الله ان أخبرهم أنه بواسطة المسح الصوتي ، تمكن من التأكد أنهم ضمن كهف عملاق يتوسطه هذا الماء الذي بدا له – أيضا - و كأنه بحر واسع أو محيط مترامي الأطراف ...
قال لهم نمرود مؤكدا :
- نعم إنه محيط ، إنه بحجم ما تطلقون عليه المحيط الهندي ، و كله من الماء العذب !
أصابتهم الدهشة و عقدت ألسنتهم ..
و بعد فترة صمت ، علق الدكتور مجدي بصوت متهدج عَكَسَ انفعاله الشديد :
= لو أن البشر تمكنوا من اكتشاف هذا المحيط من المياه العذبة و تمكنوا من الوصول إليه و استثماره ، لكفوا عن الصراع و الحروب إلى الأبد ، فإن هذا الماء وحده كافٍ ليحوِّل الكرة الأرضية بجبالها و هضابها الجرداء و صحاريها القاحلة إلى جنة وارفة ....
يجيبه نمرود :
- ليس هذا فحسب ، بل هناك تجمعات مائية أخرى من المياه العذبة في عدة أماكن ، ساطلعكم عليها تباعا ، إن شئتم !
و يتساءل الدكتور هشام :
= و لكن كيف تكوَّن هذا المحيط و في هذا العمق ؟ و يلتفت إلى إلى الدكتور عبد الله متسائلا " كم هو عمقنا الآن في جوف الأرض ، أخي عبد الله ؟ " فيجيبه الدكتور عبد الله : " نحن على عمق أقل بقليل من ثلاثة آلاف و خمسمائة متر ! تحت بحر الصين مباشرة ، و هو البحر الذي يفصل اليابان عن الصين . "
و يقاطعهما نمرود مجيبا على استفسار الدكتور هشام :
- على مدى ملايين السنين ، كانت المياه تتسرب من المحيطات و البحار أو من الجبال دائمة الغطاء الثلجي ، إلى أعماق سحيقة في جوف الأرض ؛ و بتأثير الحرارة الشديدة في الأعماق تتبخر متحررة من أملاحها و تتحول إلى أبخرة تبدأ بالصعود بين الشقوق ، إلى أن تصل إلى طبقات أبرد ، فتتحول من جديد إلى ماء و لكنه ماء عذب ، في ظاهرة قريبة من ظاهرة تكون المطر فوق سطح الأرض ، و تحت تأثير الضغط العالي و الجاذبية يحاول الماء التسرب من جديد إلى الأعماق ، إلا أن بعضه و أثناء حركته الراجعة قد يصادف صخورا لا تسمح له بالتسرب فيتجمع فوقها ، و تصادف في هذا المكان وجود صفيحة غرانيتية ضخمة سمحت بهذا التجمع المائي هائل الحجم .
يعلق الدكتور هشام : " هناك مقولة علمية تفيد بأنه حيثما يوجد ماء توجد حياة ، فلِمَ لا نباشر بالبحث عن حياة ما ، هنا ؟ "
يوافقه زملاؤه و يقررون الغوص من جديد ، فيشغل الدكتور عبد الله الكشافات الضوئية جميعا ، بينما استعد الدكتور مجدي لجمع العينات ، أما الآخرون فاتجهوا إلى المراقبة الخارجية عن طريق كاميرات الفيديو أو شاشات الرادار ..
و تبدأ من ثم الأعاجيب بالظهور ، أسماك شبيهة بأسماك البحار المعروفة و لكن لا لون لها و لا عيون ، منها الكبير بحجم قرش و منها الصغير بحجم عقلة الإصبع ، يبدو أنها تعيش في عالم شمي كما يعيش النمل .
و على حين غرة يبرز أمامهم مخلوق مائي عملاق ، بدا وكأنه يتجه نحوهم مباشرة و بسرعة كبيرة ؛ صاح الدكتور عبد الله بأعلى صوته : " أعلى سرعة يا أخي رياض ، إنه يهاجمنا " .
و يتمكن الدكتور رياض بمناورة بارعة من تحاشي الإصطدام بهذا المخلوق الذي يعادل حجم حوتين كبيرين من نوع الحوت الأزرق ، على الأقل .
و بعد التقاط الأنفاس ، يعلق الدكتور عبد الله : " إنه بطول ستين مترا أي أكثر من ضعف طول مركبتنا ، لو أننا ارتطمنا به لكنا واجهنا كارثة ! " فيرد عليه الدكتور هشام واثقا بما يقول : " لا أظن ذلك ، فمركبتنا قوية ، فقد اخترقت الصخور الصلبة و قاومت الضغط الهائل ، و لو أننا اصطدمنا به لقطعناه إربا !.." أما الدكتور حمود فكان سؤاله موجها للدكتور عبد الله : " هل سجلت الواقعة (أخوي) عبد الله ؟ " .
يضحك الدكتور عبد الله و يضحك الآخرون ..و قد تذكروا مقلب الزمن الضائع ..
يقاطعهم كرزون قائلا و قد تملكه الإعجاب الشديد :
- مركبتكم هذه سوف تغير وجه العالم ، أتدرون ؟
*****
تعود المركبة إلى سطح الماء ، فقد قرر العلماء البحث عن شاطئ هذا البحر المذهل ، و لكن بعد بضع دقائق يرصد الدكتور عبد الله صوت هدير عالٍ ، يسلط كشافات المركبة في كل اتجاه للتعرف على مصدر الصوت ، و فجأة يكتشف اقتراب المركبة من شلال هائل ، فيصيح الدكتور عبد الله صيحة ( أرخميدس ) : " إنه شلال ، شلال حقيقي يربو ارتفاعه على المائة متر ، و كأني أمام شلال فيكتوريا الأفريقي الذي شاهدت فيلما عنه ذات يوم . "
يتساءل الدكتور حمود مشدوها :
= بحر و مخلوقات مائية و شلال عظيم في عمق يزيد على ثلاثة آلاف و خمسمائة متر ؟ هذا يعني أننا قرب شاطئ هذا البحر ... و يعني أيضا ، أن الإنسان لا زال يجهل الكثير الكثير عن كوكبه الأزرق !..
يصدق نمرود على كلامه و يضيف :
- أخبرتكم قبلا ، أن البخار الصاعد من الأعماق ، بعد أن يتبرد و يتحول إلى ماء عذب ، و لكنه يحاول العودة من جديد إلى الأعماق بتأثير الجاذبية ، و ما ترونه هو إحدى تلك المحاولات ، لولا أن القاع الغرانيتي قد حبسه ؛ و إذا تجولتم في هذا البحر فسترون في أطرافه الكثير من المصبات المائية بعضها لا يتجاوز نصف متر و بعضها على شكل شلالات أخرى ، و لكن هذا الشلال الذي ترون هو أعظمها ..
يقترح الدكتور تسمية هذا المحيط المائي العذب : " بحر السلام العالمي " فيؤيده الآخرون ؛ و يمتدح نمرود و كرزون هذا الإقتراح ، و يبدأ الدكتور رياض بتحريك المركبة من جديد فوق سطح الماء ، كما يبدأ كل من الدكتورين عبد الله و مجدي بإجراء القياسات اللازمة عن طريق المسح الراداري و المغناطيسي و الليزري ، ليصبح بالإمكان تسجيل هذا الإكتشاف العلمي في الجهة المعنية في الأمم المتحدة .
و بينما هم يقومون بمهمتهم يلاحظون اقترابهم من شاطئ صخري ، فيتوجهون نحوه .
يقترب الدكتور حمود من نمرود سائلا :
- هل بوسعك إحاطتنا بفقاعات من المادة المعتمة لنتمكن من التجوال على الشاطئ ، كما فعل الأخ جِمنا من قبل ؟
يجيبه نمرود:
= بالطبع ، و لكن هل لديكم كشافات خاصة ؟ فكشافاتكم لن تعمل و أنتم ضمن فقاعات المادة المعتمة ؛ نحن مثلا لا نحتاج إلى الضوء ، أما أنتم فلا يمكنكم الحركة بدونه ، فالظلام دامس كما تلاحظون !
يتدخل الدكتور عبد الله قائلا :
- في الحقيقة نحن لم نكن نعلم عن وجود المادة المعتمة أصلا ، و بالتالي ليس لدينا مثل هذه الكشافات .
يقاطعهم كرزون مطمئنا :
= لا تشغلوا بالكم ، سأذهب في الحال إلى المملكة لإحضار ما يلزم
وأمام الأعين المذهولة يتلاشى كرزون ثم يختفي .
يتوجه الدكتور حمود إلى إحدى الخزائن ، فيستخرج منها مجموعة أعلام هي أعلام الإمارات و مصر و سورية و فلسطين و المغرب التي تمثلهم جميعا ، و هو يقول : سأغرس هذه الأعلام على الشاطئ ، لنؤكد أننا أصحاب هذا الإكتشاف الذي سوف يغير وجه العالم كما قال أخونا كرزون .
*****
أثناء فترة الإنتظار ، أخذ نمرود يحدثهم عن أماكن الماء العذب في أعماق الكرة الأرضية ، فقال من ضمن ما قال :
= هذا البحر هو اكبرها ، و لكن هناك بحرا آخر في أعماق المحيط المتجمد الجنوبي ، يختلف عن هذا ، بأنه على شكل بحيرات متعددة تربط بينها شبكة من الأنهار ، و هو أقرب إلى سطح الأرض من ( بحر السلام العالمي ) هذا .
و هناك بحيرة كبرى في أعماق الربع الخالي في السعودية ، و بحيرة كبيرة على شكل جيوب متعددة ، تحت مصر و السودان و أطراف ليبيا و تمتد إلى دارفور حيث تدور الحرب الأهلية هناك من أجل الإستحواذ على مصادر المياه ! أليست هذه مفارقة كبرى ، يتصارعون على الماء و الماء الغزير تحتهم ؟؟
ثم يضيف قائلا :
= و هناك بحر كبير يمتد في أعماق اوربا و تعيش فيه بعض حيوانات ما قبل التاريخ العملاقة و التي تسمونها بالدايناصورات .
ثم أضاف :
= فإذا كنتم ترغبون ، ساصحبكم إليها جميعا .
*****
عندما وصل زكرون ، رش مادة ما لم يتمكنوا من معرفة كنهها و طبيعتها ، و لكن بعد لحظات انتشر الضوء في المكان إلى مسافة عشرات الأمتار بعدا و ارتفاعا ، فتكشف النكان عن شاطئ فسيح .
قال لهم نمرود :
= أنتم الآن ضمن فقاعاتكم ، أنتم ترون كل شيء ، و لكن أحدا لا يراكم ، اعتقد أن الأمير جِمنا أخبركم بهذا من قبل .
ما أود أن أقوله ، أنكم قد تُجابهون مخلوقات مخيفة ، فلا تأبهوا بها أو تخشونها ، فهي لن تراكم و لذا لن تهاجمكم .
أما الأمر الآخر الهام أيضا ، هو أن فقاعاتكم من المادة المعتمة ، سوف تسمح لكم بالتجوال بالسرعة التي ترغبون ، ما عليكم إلا أن تفكروا بالمكان الذي ترغبون بزيارته حتى تجدون أنفسكم فيه .
أما الأمر الثالث فكما تعلمون ، فلكي تتمكنوا من الخروج من مركبتكم ( دبي 1 ) أحطتها بفقاعة من المادة المعتمة ، أي أنكم لن تتمكنوا من رؤيتها ، لذا وضع لكم كرزون علامة ضوئية خضراء فوق تلك الصخرة المجاورة للمركبة ، حتى إذا ابتعد أحدكم عن المجموعة لسبب ما و شعر أنه ضل طريقه ، فتلك هي العلامة التي سترشده إلى المركبة ، حيث عليه الإنتظار فيها حتى عودة الجميع .
عقب الدكتور حمود قائلا :
- فوق تلك الصخرة ساضع أعلام بلادنا .
و عندما أتم الدكتور حمود تثبيت الأعلام ، وسط تصفيق زملائه ، حمل كل منهم مصورته ، بينما حمل الدكتور عبد الله ( كمرة فيديو ) ، و ابتدؤوا التحرك فوق الشاطئ .
كان سقف الكهف الصخري يبتعد حينا عاليا لمسافة تزيد عن المائة متر و ينخفض حينا حتى ليكاد يلامس الرؤوس ، و قد لفتت نباتات فطرية عملاقة انتبهاهم ، تنتشر أفقيا على شكل فروع تمتد إلى مسافات بعيدة ، و فطريات أخرى تنمو عموديا فكانت اشبه بشجيرات الصباريات .
و إن هي إلا دقائق ، حتى برز أمامهم حيوان عملاق يشبه الضب و لكن بدون عينين، و لكن نبت مكانهما قرنا استشعار طويلان ، و قد انهمك بالتهام فروع شجيرة فطرية ، مروا امامه و حوله و التقطوا له الصور ، دون أن يلتفت إليهم أو يشعر بوجودهم ، ثم ما لبثوا بعد قليل أن وجدوا قطيعا كاملا من نوعه يرعى شجيرات الفطر .
كانو يتحركون و كأنهم في مركبات فضائية بخفة و رشاقة و سرعة لم يجربوها من قبل إلا عندما غادروا مركبتهم في رحلتهم المدهشة إلى مملكة المادة المعتمة .
كانوا يفترقون حينا و يتجمعون حينا ، أما الدكتور مجدي فقد انهمك بفحص كل ما تقع عليه عيناه ، فاكتشف الكثير من العروق الذهبية ، و الكثير الكثير من معدني الحديد و النحاس على شكل حجارة من مختلف الأحجام فملأ حقيبة مكتب يحملها ، بعينات منها .
ثم ارتقوا جميعا إلى أعلى الشلال الذي كانوا قد شاهدوه ، و إذا بهم أمام نهر عظيم لا يتجاوز عرضه عشرة أمتار إلا أن ماءه كان غزيرا ، يتسارع جريانه كلما اقترب من نقطة الإنحدار .
و خلال نصف ساعة تمكنوا من اكتشاف معظم ( بحر السلام العالمي ) و شواطئه و من التقاط ثروة من الصور و لقطات الفيديو ، و العينات ، ثم عادوا إلى المركبة و قد غمرتهم السعادة .
=======================

* نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
عضو الجمعية الدولية للمترجمين و اللغويين العرب ArabWata
الموقع : www.FreeArabi.com
البريد : nizar_zain@yahoo.com
========================

رحلة إلى الأعماق
رابط الجزء الأول :
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج1=نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء الثاني :
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج2=-نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء الثالث
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج3=نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء الرابع
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج4=نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء الخامس
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج5=نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء السادس
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج6=نزار-ب-الزين.htm

جوتيار تمر
18-11-2007, 05:18 PM
الاستاذ الكبير نزار الزين......

ابدأ بسؤال / هل يمكن تحقيق ما توصلت اليه من خلال هذه السردية الرائعة / التي تحمل في عمقها وظاهرها / كل ما يمكن ان يحمله لغة الانسان من انسانية / باحثة لتحقيق السلام ضمن اطار انساني وداخل دائرة السكن الانساني نفسه / لقد اجدت من خلال هذه الرمزية الدالة والواضحة المعالم على سبك نص يوحي لنا بأن الاصل في العيش هو التفاهم والسلام والامان والتعايش والتكيف / وليس الاصل هو البحث عن اسباب ومسببات تصنيع الة الدمار / الهدف من الخليقة هو التعايش السلمي وفق معايير انسانية توحي بامكانية البقاء للجيمع وليس لقانون الغاب الذي يجري العمل به الان / يعجبني في نصوصك انك تضعنا امام خيارات ومن خلال الخيارات تضع امام الطريق الاسلم للاختيار / وكانكك تتعمد في استفزاز الذهن ومن ثم تجعله ضمن مساحة يمكنه من خلالها الوعي والادراك / وهذا ما يؤكد على انسانيته وقابليته على الاختيار السليم ضمن وداخل اجتماع يسع للكل / ونشر تعاليم تخدم البشرية كلها / وليست السلام هذا يعم على الارجاء ليعيش الانسان ولو لبضعة ايام الحياة كما يجب ان يعيشها.

دمت بالف حير
محبتي لك
جويتار

نزار ب. الزين
07-12-2007, 03:23 AM
رحلة إلى الأعماق
قصة من الخيال العلمي في حلقات
الجزء الثامن
نزار ب. الزين*


*****
أبطال القصة :
د.عبد الله من المغرب تخصص ألكترونيات و برمجة و هندسة الحاسوب
د. هشام من سورية تخصص معادن و سبائك معدنية
د. مجدي من مصر تخصص جيولوجيا و طبقات الأرض و علم الزلازل و البراكين
د. حمود من الإمارات العربية المتحدة /أمارة دبي تخصص كيمياء ، فرع النفط و الصناعات النفطية
د. رياض فلسطيني يعيش في الأردن تخصص ميكانيك و محركات ثقيلة .
*****

في طريق عودتهم إلى المركبة ، باغتتهم رؤية مخلوق يشبه العقرب إلا أنه عقرب عملاق يزيد طوله عن المترين ، و هو بدوره بلا عينين و حتى بلا قرني استشعار ، بدا و كأنه خرج من الماء لتوه ، يقفز فجأة فوق ظهر واحدة من تلك السحالي العملاقة ، يلدغها بابرته الأطول من منقار مالك الحزين و المُركّبة في نهاية ذيله ، فتتفض السحلية و ترتعش مزلزلة الأرض من تحتها ، ثم تنفق خلال دقائق ؛ و فجأة يخرج من ماء المحيط عقربا آخر بدا أنها أنثاه فقد اعتلى ظهرها أو تبعها عدد كبير مما بدا أنها فراخ العائلة الصغار ، و بدأ الجميع بالإلتفاف حول الوليمة الجبارة و باشروا بالتهامها .
" لعلها تعيش في عالم شمي ، كما يعيش النمل ! " علق الدكتور مجدي ، فأجابه الدكتور عبد الله باشمئزاز : " المسلح يفتك بالمسالم حتى في أعماق الأرض ، يا لها من معادلة موغلة في الوحشية ! "
*****
و إذ دخلوا المركبة و تحرروا من فقاعاتهم فوجئوا جميعا بأن ايا منهم لم يلتقط أية صورة ثابتة كانت أم متحركة ، لمشهد العقرب و أفراد عائلته بالغي الشراهة ؛ فقد ألجمت الدهشة عقولهم عن التفكير بتسجيل ذلك المشهد الفريد المرعب ..
يسألهم الأمير نمرود ، بعد أن هدأ انفعالهم و توقفوا عن تعليقاتهم :
- نحن قريبون نسيبا من سيبيريا ، فهل تفضلون المرور بها لأطلعكم على أمر يهم الدكتور حمود كثيرا ، أم تفضلون الإطلاع على تجمع آخر للماء العذب ؟
تختلف الآراء فيقترح الدكتور عبد الله قرعة ألكترونية ، فيوافقون على ذلك بالإجماع . يسجل الدكتور عبد الله على حاسوبه كلمة ماء ، ثم كلمة نفط ، ثم يترك للحاسوب أن يختار بينهما ؛ و إن هي إلا ثوان حتى ظهرت على شاشة الحاسوب كلمة نفط .
تهللت أسارير الدكتور حمود ، و صاح جزلا : " هيا يا دكتور رياض ، الخيرة فيما اختاره الله ، هيا إلى سيبيريا ."
كان نمرود قد اقترب من الدكتور رياض و بدأ يرشده إلى الطريق التي عليه أن يسلكها ، ثم تحركت المركبة .
*****
خلال خمسة عشر دقيقة تمكنت المركبة من اختراق باطن أرض الصين باتجاه الشمال مع انحراف بسيط نحو الشمال الغربي ، عندما أعلن الدكتور عبد الله أن المركبة الآن في أعماق الروسيا ، شرقي سيبيريا تحديدا .
قال لهم الأمير نمرود :
- أنتم الآن في مصنع أنشأته الطبيعة لصنع البترول ،
فغر الدكتور حمود فاه دهشة و انفعالا ، ثم سأل الأمير نمرود
= هل أنت تؤكد بكلامك هذا ما يشيعه بعض العلماء هذه الأيام من أن البترول غير قابل للنضوب ؟
يجيبه الأمير نمرود بكل ثقة :
- النظريات المتداولة حتى الآن تشير إلى أن مصدر البترول هو عبارة عن بقايا عضوية ، هذا صحيح في جانب ضيق من الحقيقة ، إلا أن الحقيقة الأساسية أنه تحت تأثير ضغط الأعماق الكبير و الحرارة الهائلة فإن هايدروجين الماء الموجود بكثرة في الأعماق كما شاهدتم بأنفسكم ، يندمج بعنصر الكربون الموجود بكثرة أيضا ليشكلا معا البترول الخام ، و هي عملية مستمرة و صناعة طبيعية لا نهاية لها .
يجيبه الدكتور حمود :
= هذا يعني أن البترول سيغرق العالم و بأسعار رخيصة ...
فيعلق الدكتور عبد الله قائلا و بشيء من الأسف :
= و يعني أيضا أن مشكلة التلوث سوف تتفاقم !
*****
بمساعدة كرزون يحيط الأمير نمرود المركبة بفقاعة من المادة المعتمة ، ثم يحيطا معا كل من العلماء العرب الخمسة بفقاعة من المادة نفسها ، تمكنهم من الخروج و التجوال بيسر .
المكان كهف منخفض السقف ، و في وسطه تجمع سائل أسود داكن ، و بواسطة أنبوب يشبه عود القصب المفرغ ، تمكن الدكتور حمود من اختراق فقاعته و شفط جزء من السائل ، و سرعانما صاح بأعلى صوته : " إنه نفط .. بترول .. بترول "
*****
بعد جولة قصيرة فوق سطح البحيرة النفطية هذه ، عادوا إلى مركبتهم و بدؤوا يغوصون في أعماقها ، جامعين ما تيسر لهم من عينات ، بينما انهمك الدكتور عبد الله بقياس البحيرة ، و كانت النتيجة ، أنها تعادل بحيرة طبريا مساحة ، و أن عمقها يتراوح بين ثلاثة إلى عشرين مترا ، و كانت مفاجأتهم الثانية أن أعماق هذه البحيرة مكون من الماء الفائر من شدة الحرارة ، و أنه ماء مشبع بالكبريت ؛ و قد شاهدوا و سجلوا كيف يصعد البترول إلى الأعلى على شكل خيوط سوداء أو على شكل دخان أسود ..
قال لهم كرزون موضحا :
- تحت قاع هذه البحيرة مخزون هائل من الصخور الكربونية تنتشر في عمق كبير ؛ الكربون يتفاعل مع الأبخرة المائية التي تتجاوز حرارتها ألفي درجة مئوية و الصاعدة من أعماق القشرة الأرضية مخترقة شقوقها الكثيرة ، و تحت ضغط يتجاوز 150 كيلوبار يتم اندماج الكربون بهايدروجين الماء لينتج النفط .
و يضيف الأمير نمرود :
هذه البحيرة تقع في عمق أربعة آلاف متر ، و لكن هناك بحيرات أقرب إلى سطح الأرض و أخرى أعمق من هذه ، و تتراوح مساحاتها بين 100 هكتار و ألوف الهكتارات ، و هي مساحات متواجدة في الكثير من أنحاء العالم ، تم اكتشاف قليلها و لا زال أكثرها مجهولا .

=========================
*نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
عضو الجمعية الدولية للمترجمين و اللغويين العرب ArabWata
الموقع : www.FreeArabi.com
البريد : nizar_zain@yahoo.com
=========================

رحلة إلى الأعماق
روابط الأجزاء السابقة :

رابط الجزء الأول :
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج1=نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء الثاني :
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج2=-نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء الثالث
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج3=نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء الرابع
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج4=نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء الخامس
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج5=نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء السادس
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج6=نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء السابع
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج7=نزار-ب-الزين.htm

جوتيار تمر
07-12-2007, 12:49 PM
الاستاذ الكبير نزار الزين.........

انا اتتبع سير خطاك في هذه الرحلة المكوكية الرائعة / للاعماق / اعماق الكون= الانسان / اعماق الواقع العياني / حيث تمتزج فيه رغبات الانسان بشتى اصنافها / وبالموجود بشتى اشكاله / وما يخلفه هذا التمازج الاعتباطي احيانا / والقصدي في اغلب الاحيان / حيث الذات الانسانية تتطلع للسيطرة على قرينتها / تارة / وعلى الطبيعة تارة اخرى / ففي الاولى من اجل خرق القيم الانسانية / وفي الثانية من اجل اثبات ان الانسان سيد المخلوقات / لقد اثارني في الرحلة هذه / ادراك ان البترول مادة لن تنضب ولن يتوقف دفقها / وفي نفس الوقت اعجبني ان اللرد جاء يقول بأن التلوث امر قائم ومستمر بتدفق البترول / التدفق اذا ثنائي هنا / مع اضافة تدفق اخر وهو الصراع البشري البشري / من اجل البقاء / وبما ان البترول افضل سبل للارتقاء والبقاء فان الصراع يبقى الاشرس مع صراع التلوث / والصراعان فيه مصرع الانسان قبل كل شيء / مع ملاحظة بسيطة او ان اوردها هنا / كلما نضب البترول اكثر كلما طمع القوي فينا اكثر وكلما اصبحنا نحن نقتل من بعضنا اكثر وكلما فتحنا الباب امام الاخرين باذلالنا اكثر.

دمت بخير
محبتي لك
جوتيار

نزار ب. الزين
10-12-2007, 05:26 AM
رحلة إلى الأعماق
قصة من الخيال العلمي في حلقات
الجزء التاسع
نزار ب. الزين*
*****


أبطال القصة :
د.عبد الله من المغرب تخصص ألكترونيات و برمجة و هندسة الحاسوب
د. هشام من سورية تخصص معادن و سبائك معدنية
د. مجدي من مصر تخصص جيولوجيا و طبقات الأرض و علم الزلازل و البراكين
د. حمود من الإمارات العربية المتحدة /أمارة دبي تخصص كيمياء ، فرع النفط و الصناعات النفطية
د. رياض فلسطيني يعيش في الأردن تخصص ميكانيك و محركات ثقيلة .
*****
و يكمل الأمير نمرود حديث صاحبه :
- هذه البحيرة النفطية هي أكبرها و تقع في عمق أربعة آلاف متر ، و لكن هناك بحيرات أصغر ، بعضها أقرب إلى سطح الأرض و بعضها الآخر أعمق من هذه ، و تتراوح مساحاتها بين 100 هكتار و بضع مئات من الهكتارات ، و هي متواجدة في الكثير من أنحاء العالم ، تم اكتشاف قليلها و لا زال أكثرها مجهولا بالنسبة للبشر.
و هناك أمر آخر بالغ الأهمية لم تنتبهوا إليه ، ذلك أن تفاعل الهايدروجين مع الكربون ينتج أيضا بعض الغازات و أهمها غاز الميتان ، هذه الغازات قد تتجمع و تختلط مع الوسط النفطي و قد تتطاير و تتسرب بين الشقوق لتتجمع في كهوف أخرى ، و لها دور كبير في تفجر البراكين .
يسأله الدكتور حمود :
= هل لديك علم بمواقع التجمعات النفطية التي لم تكتشف بعد في العالم ؟
يتصدى كرزون للإجابة :
في أعماق جميع المواقع المكتشفة .
بعض تلك المواقع ظنوا أنها على وشك النضوب ، و لكنهم فوجئوا بامتلائها بالنفط من جديد ، أو أن النفط كان يظهر بعد حفر بضع عشرة متراً إضافية في نفس الموقع ، أما أكثرها فلم يكتشف أصلا بسبب عجز أدواتهم عن بلوغ حد معين من العمق .
و هنا اختطف الأمير نمرود الحديث ثانية من صاحبه ، قائلا و مؤكدا :
- محرك مركبتكم الدوار هذا ، سيقلب كل المفاهيم العلمية السابقة في مجال النفط و استخراجه ، ألم أقل لكم أنكم و مركبتكم سوف تنقلون العالم إلى الأمام في قفزة جديدة لا تقل عن قفزة الثورة الصناعية أو أختها الثورة الكهربية ؟!.
و أضاف :
- في أعماق الغرب من سيبيريا قرب بحر الأورال توجد تجمعات نفطية و غازية هائلة ، في أعماق منطقة بحر قزوين و ما جاوره من دول ، في أعماق شبه الجزيرة العربية و حتى جنوب تركيا ، في أعماق الجزء الغربي من أوربا ، في أعماق خليج المكسيك ، و في أعماق حوض الأمازون في البرازيل ، و بدون مبالغة فإن النفط تنتجه الطبيعة أينما كان الماء ، مائعا أو متجمدا أو ثلجا ، و لكن في الأعماق .. دوما في الأعماق ، و من يبلغ الأعماق يحصل على النفط و غاز الميثان ، بكميات لا ينضب معينها .
ثم أضاف و هو يضحك فخرجت ضحكته و كأنها صفير العندليب :
- و الآن ماذا تقترحون لنقلتكم التالية ؟ ماء أم نفط ؟!
يلتفتون نحو الدكتور عبد الله الذي فهم مرادهم على الفور و بدأ في استفتاء حاسوبه ، و كانت نتيجة الإستفتاء هذه المرة : ماء
*****
قال لهم الأمير نمرود :
- هناك تجمعات مائية هائلة للمياه العذبة في أعماق المحيط المتجمد الجنوبي تتصل فيما بينها بأنهار بعضها لا يقل طلا عن نهر النيل ، و هناك تجمع آخر في غرب أوربا و لكنه يمتاز بأنه يعج بالمخلوقات المائية بعضها أكبر من السحالي التي شاهدتموها في ما أسميتموه ب"محيط السلام العالمي " فأيهما تفضلون مشاهدته ؟
لم تطل مناقشتهم هذه المرة فقد أيدوا الإقتراح الثاني .
و بما أن المسافة بين شرقي سيبيريا و غربي أوربا كبيرة ، فقد قرروا استخدام قوة جاذبية مركز الكرة الأرضية كما فعلوا في بداية رحلتهم إلى الأعماق ..
و سرعانما اكتشف الدكتور مجدي شقا مناسبا يمكن الولوج من خلاله .
بدأت الحفارة اللولبية في مقدمة المركبة بالعمل ، تحفر الصخور و الكتل الطينية و تقذفها إلى الخلف بينما بدأ المحرك الصاروخي في الخلف بدفع المركبة ..
بدأت الحفارة الآن تعمل بشكل أيسر فقد بلغوا طبقة أقل كثافة مكونة من الصخور الحارة شبه المائعة و التي – كما سبق أن أفادهم الدكتور مجدي – تطفو فوقها صفائح القشرة الأرضية فتسبب حركتها الدائمة .
أما الدكتور عبد الله فقد أخبرهم أن الحرارة خارج المركبة بلغت الآن مئتي درجة مائوية .
و المركبة لا زالت مندفعة نحو الأعماق ...
قال الدكتور مجدي : "نحن الآن في عمق ألف خمسمائة كيلومتر .."
قال الدكتور عبد الله : " الحرارة خارج المركبة تبلغ الآن خمسمائة درجة مئوية ..."
و المركبة لا زالت مندفعة نحو الأعماق ...
" نحن الآن على عمق ثلاثة آلاف كيلومتر" ، قال الدكتور عبد الله ؛
" و بدأنا نخترق المائع الناري " ، قال الدكتور مجدي ؛
" و بدأت الجاذبية تتزايد وتيرتها بشكل متسارع ، اربطوا الأحزمة جيدا و اتخذوا وضع الإستلقاءعلى ظهوركم " ، قال الدكتور رياض الذي يتولى قيادة المركبة .
و المركبة لا زالت مندفعة نحو الأعماق بوتيرة متسارعة...
" بدأنا الآن بالإتجاه المعاكس " ، قال الدكتور رياض ، و قد خرجت الكلمات من فمه بطيئة و بصوت خافت بسبب الضغط الكبير الواقع على صدره و بطنه ، إنه ضغط السرعة الخيالية التي اكتسبوها من جاذبية قلب الكرة الأرضية المعدني .
و المركبة بدأت تندفع من الأعماق نحو السطح ...
و إن هي إلا دقائق ، حتى اخترقوا شِقًا في عمق ألف و مائتي متر تحت قاع أقصى الطرف الشرقي من المحيط الأطلسي ، ثم ما لبثوا أن وجدوا أنفسهم يسبحون في أعماق بحيرة ؛ أكد لهم الدكتور مجدي بعد أن سحب منها عينة ، أنها ماء عذب قراح .
*****
و كما كان الوضع في " محيط السلام العالمي " فالظلام هنا أيضا دامس ، و الفارق أنها أصغر حجما منه ، و أقرب إلى سطح الأرض .
و أكد لهم الدكتور عبد الله ، أن موقعها تحت اسكتلندا في شمال إنكلترا مباشرة على عمق الف و مائتي متر لا غير .
و ما أن أضاء الدكتور عبد الله الكشافات ، حتى توجه كالعادة كل من د. حمود و د. مجدي و د . هشام ، للمراقبة عبر المناظير في حين آثر متابعة المشاهد المتلاحقة عبر شاشات الرادار و كاميرات الفيديو كل من د.عبد الله و د.رياض .
فصائل كثيرة من الأسماك المضيئة بعض أضوائها يكشف دائرة يزيد قطرها عن العشرة أمتار ، و إن هم منهمكين بتصويرها و إحصاء أنواعها . إذا بمخلوق عملاق يظهر أمامهم فجأة ، يشبه جسمه جسم سلحفاة مائية بطول عشرين مترا ، و لكنه يختلف عنها برقبته الطويلة الشبيهة بأفعى الكوبرا ، مع رأس صغير لا يتناسب مع حجمه الهائل ..
يصيح الدكتور مجدي : " إنه يشبه وحش بحيرة نِس ( Ness ) " ألم تسمعوا به ؟ سأراجع حالا حاسوبي الشخصي بحثا عن إسمه العلمي ! "
يجيبه الأمير نمرود : " بل هو بشحمه و لحمه " ثم يضيف :
- هذا الذي أسموه وحشاً ، إن هو إلا مخلوق مسالم نباتي ، يعيش على نباتات تتكاثر على جوانب هذه البحيرة ، و يوجد من فصيلته الكثير هنا ، كان يحلو لواحدها أن يتسلل عبر نفق يقودها إلى الأعلى نحو بحيرة نِس ، ليتمتع بالضوء الذي يفتقده في الأعماق و في الأيام المشمسة كان يتمدد على شاطئها مستمتعا بالدفء ، إلا أن الناس و العلماء و الصحافة و الصيادين ، أخذوا يضيقون عليها الخناق ، إشباعا لشراهة فضولهم ، و مع كثرة القوارب ذوات المحركات و الغواصات الباحثة عنه ، و ماتنتجه من موجات صوتية ، انهار مدخل النفق مما حال دونها و الخروج إلى السطح ؛ و الفضوليون في الأعلى لا زالوا يبحثون عن الوحش ، و كالعادة لا زال هناك من يكذب وجوده تكذيبهم لكل الظواهر الغريبة الأخرى و التي لا يجدون لها تفسيرا ؛ و لم يدركوا حتى الآن أن ماعرفوه أقل بكثير مما لم يعرفوه .
يقاطعه الدكتور مجدي معلنا نتيجة بحثه على الأنترنيت :
إنه من الداينصورات المائية و اسمه العلمي : ( البلِسيوصور Plesiosaur )
*****
يستأذن الأمير نمرود معتذرا بأن صديقا قديما له اسمه وهجان ، استدعاه لأمر ضروري ، و أن صديقه هذا يعيش في فندق ( فندق رمناد روشيت ) على ضفاف بحيرة نِس منذ أكثر من مائة سنة ، و أنه سيغيب عنده بعض الوقت ، مؤكدا لهم أن كرزون سيكون خير عون لهم أثناء غيابه ؛ و سرعانما تلاشى ثم اختفى .
و يقترح الدكتور رياض إجراء اتصال بالأهل فيوافقون جميعا على اقتراحه .
=========================

* نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
عضو الجمعية الدولية للمترجمين و اللغويين العرب ArabWata
الموقع : www.FreeArabi.com
البريد : nizar_zain@yahoo.com
=========================

رحلة إلى الأعماق
روابط الأجزاء السابقة :
رابط الجزء الأول
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج1=نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء الثاني
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج2=-نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء الثالث
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج3=نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء الرابع
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج4=نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء الخامس
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج5=نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء السادس
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج6=نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء السابع
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج7=نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء الثامن
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=الجزء8=نزار-ب-الزين.htm

نزار ب. الزين
12-12-2007, 04:39 AM
أخي المبدع البديع جوتيار
لا زلت تغوص معي في الأعماق و لكن غوصك بين السطور الذي يتطلب مهارة يملكها جوتيار تمر عن جدارة
سلمت أناملك و دمت رائعا
نزار

جوتيار تمر
12-12-2007, 03:24 PM
الاستاذ الكبير نزار الزين..........

الرحلة المكوكية مستمرة / والحفر في الواقع الانساني الحالي بشتى مجالاته مستمر / وتعرية الانسان قبل الواقع نفسه جاري / والحقائق تبقى هنا كما في سابقتها مهددة بالذبول لان حقائق اخرى تكتشف في كل رحلة مقبلة واتية / ويبقى السرد لديك محكما ومترابطا وعميقا.

دمت بالف خير
محبتي لك
جوتيار

نزار ب. الزين
18-12-2007, 06:02 PM
أخي المبدع البديع جوتيار
لا زلت تغوص معي في الأعماق و لكنك تغوص أيضا بين السطور و هذا يتطلب مهارة لا يملكها غير جوتيار تمر عن جدارة
سلمت أناملك و دمت رائعا
نزار

نزار ب. الزين
25-12-2007, 12:00 AM
رحلة إلى الأعماق
قصة من الخيال العلمي في حلقات
الجزء العاشر
نزار ب. الزين*


*****
أبطال القصة :
د.عبد الله من المغرب تخصص ألكترونيات و برمجة و هندسة الحاسوب
د. هشام من سورية تخصص معادن و سبائك معدنية
د. مجدي من مصر تخصص جيولوجيا و طبقات الأرض و علم الزلازل و البراكين
د. حمود من الإمارات العربية المتحدة /أمارة دبي تخصص كيمياء ، فرع النفط و الصناعات النفطية
د. رياض فلسطيني يعيش في الأردن تخصص ميكانيك و محركات ثقيلة .
*****

كان الأصدقاء العلماء العرب ، يتصلون بأهاليهم بالصوت و الصورة من خلال حاسوب وضعوه في غرفة صغيرة تتسع لشخص واحد في أقصى الجهة الخلفية من المركبة ؛ يلج إليها كل بمفرده ، فيجري اتصاله ، ثم يترك المجال لغيره ..
عندما خرج الدكتور مجدي من غرفة الإتصال ، بدا عليه الحزن و قد ترقرقت الدموع في عينيه .
سأله الدكتور هشام : " مايزعجك يا أخي مجدي ؟ " ، " الوالدة مريضة يا أخي هشام! " أجابه الدكتور مجدي و هو يمسح دمعة نفرت رغما عنه ..
هنا اقترب منه كرزون مواسيا ، ثم أضاف :
- إذا كنت ترغب برؤيتها عن كثب فأنا على استعداد لتلبية رغبتك حالا ، و ستكون إلى قربها خلال دقائق ..
نظر إليه الدكتور مجدي و قد تملكته الدهشة ثم سأله :
= هل تمزح يا صاحبي ؟
فابتسم كرزون و هو يجيبه بكل ثقة :
- لا مزاح في هذه الأمور .
و لا غرابة فيما أقترح ، فعندما تكون داخل فقاعة من المادة المعتمة ، تصبح تماما كأي مخلوق من هذه المادة ، تغوص في الأعماق و تخترق الصهارة و تتسلل بين الشقوق بسرعة مذهلة تتجاوز سرعة مركبتكم هذه !
يتدخل الدكتور هشام قائلا :
= هذه مغامرة ، أتدري كم المسافة بيننا هنا و بين دبي ؟ إنها مغامرة لا أنصحك بها يا صاحبي ، و على الأرجح سوف تتوه و ربما نفقدك إلى الأبد .
يجيبه كرزون مطمئنا :
- لا تقلق ، سأكون برفقته ، فقط نريد اسم الفندق الذي ينزل فيه أهله ، أما الزمن فسيكون أقصر مما تظن ، مدة زيارته مضافا إليها بضع دقائق للذهاب و الإياب .
يسأل الدكتور حمود عن اسم الفندق فيجيبه :
= فندق شاطئ الجميره و يقع على الشارع المسمى بنفس الإسم .
*****
كان الدكتور مجدي و و مرافقه كرزون يتحركان في باطن الأرض حينا و على سطحها حينا آخر بسرعة مذهلة تتجاوز سرعة البرق ، و كان الدكتور مجدي يشعر و كأنه يعيش حلما تتوالى صوره ؛ كانا يتسللان عبر الصدوع الكثيرة في قشرة الأعماق ، أو يتسلقان الجبال أو يخترقان الوديان و الغابات حين يحلو لهما ذلك .
و رغم هذه السرعة الكبيرة فقد تمكن الدكتور مجدي من تمييز نفق بحر المانش معجزة الهندسة في القرن العشرين و هو النفق الذي يفصل بين فرنسا و انكلترا ، و استطاع أن يميز كذلك مدنا كبرى كباريس و فينيسيا ( البندقية ) و استنبول على السطح ، و تجمعات نفطية و مائية في أماكن مختلفة في الأعماق ، و أيضا الكثير الكثير من عروق الذهب و كتل الماس في أماكن متعددة ، و الأهم من كل ذلك بحيرة كبيرة جدا من الماء العذب تحت الربع الخالي ، و الكثير الكثير من البحيرات النفطية صغيرها و كبيرها على أعماق متفاوتة في منطقتي البحر الأبيض المتوسط و الخليج .
و فجأة وجد نفسه يخرج من البحر المحاذي لمدينة دبي و يتجه مع رفيقه كرزون إلى أحد شواطئ المدينة ، و إن هي إلا ثوانٍ حتى كان أمام مجمع سياحي ضخم يتوسطه فندق على شكل موجة بحرية عملاقة و لافتة كتب عليها (فندق شاطئ الجميرة) .
دخل و رفيقه من باب البهو الرئيسي ، و بحكم العادة اقترب من مكتب إستعلامات الفندق ليسأل عن رقم غرفة والديه ، فضحك كرزون منه و قال له منبها و هو لا زال يضحك :
- أنسيت أنك ضمن فقاعة المادة المعتمة ؟ و أن أحدا لا يراك أو يسمعك ؟!
ثم تقدم كرزون داخل المكتب و اخترق أدراج ملفات النزلاء ، و عاد إلى الدكتور مجدي ليبلغه بأن و الديه و شقيقتيه موجودون في الغرفتين رقم 185 و 186 على التوالي في الطابق الثامن عشر .
*****
قال له كرزون :" ساقوم بجولة ألقي خلالها نظرة على هذا المجمع السياحي الفاخر ثم أعود إلى تلك الزاوية هناك .. حيث نلتقي قبل أن نبدأ رحلة العودة " .
سأله الدكتور مجدي راجيا : " ألا يمكنك إزاحة الفقاعة عني لأتمتع بلقاء حي مع أهلي ؟"
فأجابه منبها : " إذا كنت تريد أن تقتلهم ، أفعل ! " ثم أضاف :
- يارجل كلموك قبل أقل من نصف ساعة و أنت في أقاصي شمال اسكتلوندا ، ثم يجدونك في وجوههم ، سوف تقتلهم المفاجأة يا دكتور !
عندما تمكن الدكتور مجدي من دخول غرفة والديه ، شاهد ما جعله يضطرب ، فثمت طبيبة تقوم بفحص والدته ، و قد وقف إلى جوارها والده الذي بدا عليه الإنزعاج ، و في الطرف الآخر من السرير جلست شقيقتاه و قد استبد بهما القلق .
و إذ أنهت الطبيبة فحصها و بدأت تكتب وصفة الأدوية المناسبة ، سالها والده ملهوفا : " خير يا دكتورة ؟ " تجيبه مبتسمة : " كل الخير إنشاء الله ، مجرد نوع فيروس الأنفلوينزا أصاب قصباتها الهوائية ، و مع العناية و الدواء الذي وصفته ، سيزول البأس بعون الله خلال أيام ".
و فجأة سمع والدته تنادي : " مجدي .. مجدي .. مجدي .. تعال إلى حضن أمك يا حياة أمك "
تدمع عيون الفتاتين ، بينما يقترب منها والده قائلا بحنان كبير :
- أنت تعلمين أن مجدي مسافر يا أم مجدي ، و أنه سيعود قريبا مظفرا بعون الله...
فتجيبه ملحة :
= بل هو هنا ، أنا اشعر بوجوده ، أكاد أشم أنفاسه !
و تعود للمناداة :
= مجدي...مجدي ..اقترب مني يا روح أمك ....
يلتفت أبو مجدي إلى الطبيبة متساءلا بعينين دامعتين ...
فتجيبه الطبيبة بصوت خافت :
- لا تقلق يا عم ، هذا مجرد هذيان بسبب ارتفاع حرارتها ، أكثروا من إعطائها السوائل ، و ضعوا ثلجا على جبينها لفترة ثلاث دقائق كل عشر دقائق و قد وصفت لها دواء خافضا للحرارة و آخر مضاد حيوي وقائي لمنع وصول المرض إلى رئتيها ، و غدا سوف أعود لزيارتها و ستكون بحال أفضل بقدرة الله ..
أما مجدي فقد همس إلى ذاته و قد اعتصره الألم : " الآن عرفت أكثر من أي وقت مضى ، أن قلب الأم لا يخيب حدسه ؛ لقد شعرت بوجودي المسكينة ! "
أدرك مجدي أن مرض والدته ليس بالمرض الخطير ، اقترب منها محاولا طبع قبلة على جبينها أو تقبيل يدها ، و لكن فقاعته من المادة المعتمة لم تمكنه من ذلك ، فأرسل لها و للجميع قبلا في الهواء ، ثم مضى للقاء رفيقه كرزون.

=========================
* نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
عضو الجمعية الدولية للمترجمين و اللغويين العرب ArabWata
الموقع : www.FreeArabi.com
البريد : nizar_zain@yahoo.com
=========================

رحلة إلى الأعماق
روابط الأجزاء السابقة :
رابط الجزء الأول
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج1=نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء الثاني
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج2=-نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء الثالث
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج3=نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء الرابع
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج4=نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء الخامس
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج5=نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء السادس
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج6=نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء السابع
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج7=نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء الثامن
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=الجزء8=نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء التاسع
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج9=نزار-ب-الزين.htm

جوتيار تمر
25-12-2007, 01:57 PM
الاستاذ الكبير نزار الزين..........

ربما لم اجد الكثير هنا لاقوله ، لاني دائما اراك تصطحب في رحالاتك هذه ما يجب ان نتوقف عنده ، بتمعن وتعمق ، لذا اريد ان اقف عند نهاية المطاف للرحلة ، بعدما علم الابن ان مرض الام ليس بخطير فقرر العودة الى زملائه ، حيث سجلت هناك لمحة بديعة من القيمة الوجودية للانسان في حياته وعلى هذه المعمورة التي تكاد تكون مخمورة لا معمورة ، هذه اللمحة الانسانية البديعة كانت ضمن تصور مجدي وهذا التصور كان عن الام وحدسها وقلبها ورؤيتها وعظمة حبها ، وكيف هي تخرق المجرات باحساسها وتشعر بقرب الابن او ببعده ، بمرضه او بعافيته ، اعجبتني هذه اللمحة جدا لذا اثرت ان اقف عندها اكثر .

دم بخير

وكل عام وانت بخير

محبتي لك
جوتيار

محمد المختار زادني
25-12-2007, 02:15 PM
- يارجل كلموك قبل أقل من نصف ساعة و أنت في أقاصي شمال اسكتلوندا ، ثم يجدونك في وجوههم ، سوف تقتلهم المفاجأة يا دكتور !


لله درك يازين
المفاجاءة قد تقتل الآن من لم تخنق حسه هذه المبتكرات الحديثة التي أصبحنا نراها مألوفة
إبداع وسعة خيال
بوركت أخي الحبيب

طارق الفياض
31-12-2007, 12:43 AM
بارك الله فيك وشكرا لك

نزار ب. الزين
31-12-2007, 04:17 PM
بارك الله فيك وشكرا لك
====================================

الأخ طارق
شكرا لمرورك
نزار

نزار ب. الزين
31-12-2007, 04:29 PM
لله درك يازين
المفاجاءة قد تقتل الآن من لم تخنق حسه هذه المبتكرات الحديثة التي أصبحنا نراها مألوفة
إبداع وسعة خيال
بوركت أخي الحبيب
============================

الأخ المكرم محمد مختار
شكرا لزيارتك و تفاعلك و ثنائك الجميل
عميق مودتي
نزار

أبوبكر سليمان الزوي
31-12-2007, 05:38 PM
قرأت هنا قصة جميلة تنم عن خيال واسع وجميل ، وهادف .
تحية كبيرة الأخ الأديب المبدع \ نزار الزين .

نزار ب. الزين
31-12-2007, 08:32 PM
قرأت هنا قصة جميلة تنم عن خيال واسع وجميل ، وهادف .
تحية كبيرة الأخ الأديب المبدع \ نزار الزين .

===============================

أخي الكريم أبو بكر
شكرا لزيارتك و تعقيبك الجميل و ثنائك الدافئ
عميق المودة
نزار

خليل حلاوجي
01-01-2008, 08:37 AM
أبدعت ...


عوفيت ياأستاذنا الكريم

نزار ب. الزين
04-01-2008, 03:52 PM
أبدعت ...
عوفيت ياأستاذنا الكريم
=======================

شكرالمرورك أخي خليل و لثنائك الجميل
مودتي ، نزار

نزار ب. الزين
05-01-2008, 03:33 AM
رحلة إلى الأعماق
قصة من الخيال العلمي في حلقات
الجزء الحادي عاشر و الأخير
نزار ب. الزين*


*****
أبطال القصة :
د.عبد الله من المغرب تخصص ألكترونيات و برمجة و هندسة الحاسوب
د. هشام من سورية تخصص معادن و سبائك معدنية
د. مجدي من مصر تخصص جيولوجيا و طبقات الأرض و علم الزلازل و البراكين
د. حمود من الإمارات العربية المتحدة /أمارة دبي تخصص كيمياء ، فرع النفط و الصناعات النفطية
د. رياض فلسطيني يعيش في الأردن تخصص ميكانيك و محركات ثقيلة .
*****

عندما عاد الدكتور مجدي إلى المركبة ، استقبله زملاؤه بحفاوة و كأنه غائب منذ سنين ، فقد كانوا يشعرون بالقلق حول مغامرته التي لم تكن لتخطر على أحدهم ببال .
و بلهفة بدؤوا يطرحون عليه الأسئلة ، فأخذ يجيبهم و قد انتفخت أوداجه ، فهذه هي المرة الأولى التي يجد فيها نفسه موضع اهتمام على هذا النحو :
• نعم وصلت إلى دبي و شاهدت أمي المريضة عن كثب و سمعت بأذني مباشرة تشخيص الطبيبة .
• الحمد لله هي وعكة برد بسيطة تحتاج لبضعة أيام لتتعافى منها ، و الشكر الجزيل لوالد أخي حمود الذي ما أن علم بمرضها حتى أرسل لها الطبيبة الأولى في مستشفى دبي الحكومي .
• كانت سياحتي السريعة هذه تجربة فريدة شعرت خلالها و كأنني طائر الفينق الأسطوري أو كأنني روح حرة تتنقل من مكان إلى مكان ، مع إلغاء كامل لعنصر الزمان .
• الحقيقة يا إخوتي الأعزاء ، أن ما نجهله أكثر بكثير مما نعلمه ، و كل ما أفنينا عمرنا في دراسته .
• و الفضل الأول و الأخير في هذه التجربة الرائعة ، لأخي كرزون الذي لن أنسَ له هذا الجميل .
• هل اقول أنني كنت أحلم ؟ صدقا كأنني كنت أحلم ، و لولا هذه الحقيبة التي ملأتها بالعينات ، لظننت أنني كنت أحلم !!!
*****
يسألهم كرزون و هو يضحك فيخرج ضحكه كصفير الكناري :
- ماء أم بترول ؟
يضحكون بدورهم ، ثم يقترح الدكتور هشام العودة إلى مملكة المادة المعتمة لزيارة المختبرات ، و يثني الدكتور حمود على اقتراحه ثم يضيف :
= لقد حصلنا من المعلومات في رحلتنا هذه ما يحتاج إلى سنوات من الدراسة و التحليل ، و أعتقد أننا لو استمرينا نتنقل من مكان إلى مكان على نحو ما نفعل ، لأمضينا باقي عمرنا في الأعماق .
يقاطعهما كرزون قائلا :
- إطمئنوا ، فكل ما ينقصكم من معلومات ستجدونه في مختبراتنا ..
و هنا يتخذون قرارهم بالإجماع : " العودة إلى مملكة المادة المعتمة للاطلاع على مختبراتها ، و وداع ملكها و علمائها . "
و تبدأ من ثم رحلة العودة ...
*****
يرحب بهم جِمنا العائد لتوه من زيارة لصديقه المقيم في أحد الفنادق على شاطئ بحيرة (نِس) ، و قبل أن يبدأ معهم الجولة المقررة في المختبرات ، يأمر لهم بوجبة طعام بحري شهية .
اثناء تناول الطعام قص عليهم جمنا أطروفة حدثت مع صديقه وهجان ، فقال : " صديقي هذا يحب أن يضحك ، تسليته الرئيسية ، هي ابتكار المواقف المضحكة ، يتسلى بها و يسلي بها الآدميين..
في يوم مشمس قلَّت فيه الغيوم على غير عادة فوق بحيرة ( نِس ) ، حوَّل وهجان نفسه إلى شكل ما يطلقون عليه اسم ( وحش بحيرة نِس ) و سرعانما لفت أنظار الصيادين و نزلاء فندق (( رمناد روشيت )) و المتنزهين على شاطئ البحيرة ، و عن طريق الهواتف الجوالة انتشر الخبر و خلال أقل من ساعة تجمع ألوف البشر ، و اخذت المصورات تلتقط الصور الفوتوغرافية و لقطات الفيديو ، و تحرك أسطول من الصحافيين و الفضوليين ، و ابتدؤوا يقتربون منه ، و فجأة تلاشى .."
و أتم و هو يضحك :
" و لكم أن تتصوروا مبلغ الحيرة و خيبة الأمل التي أصابت الجميع ، و الغريب أن البعض بدؤوا يشككون بما شاهدوه أو صوروه ؟!! ... "
و استمر جِمنا يقهقه يشاركه في الضحك كل من ميمون و زينون و كرزون ، فخرجت أصواتهم كتغريد سرب من العنادل ، و لم يتمالك العلماء العرب أنفسهم عن الضحك .
و عندما توقف جِمنا عن الضحك تمكن من اسئناف خطابه بهدوء ، قائلا : " أنتم الوحيدون في العالم- يا عرب - الذين تعرفون حقيقة ما يسمونه ( وحش بحيرة نِس ) . "
*****
و بدأت الجولة في المختبرات ....
كل ما كانوا يرونه كان مدهشا ، القاعات الفسيحة التي تشغلها المخلوقات المشعة كثيرة العدد ، و قد انكبوا على أجهزتهم المتنوعة _ و التي لم يشاهد العلماء العرب مثيلا لها من قبل - انهمكوا جميعا في دراساتهم و أبحاثهم ..
قال لهم هو وزير العلوم جِمنا : " بإمكانكم طرح ما تشاؤون من الأسئلة إذا شئتم ، و لتنظيم ذلك و اختصارا للوقت ، أقترح أن يرافق أخي ميمون الدكتور حمود إلى مختبر علوم الطاقة ، و يرافق أخي كرزون كل من الدكتور مجدي و الدكتور هشام إلى مختبر علوم الجيولوجيا ، و يرافق أخي زينون الدكتور رياض إلى مختبر علوم الحركة ، أما أنا شخصيا فسيكون لي شرف مرافقة الدكتور عبد الله إلى مختبر علوم الألكترونيات ، و هي العلوم التي تستفزني و تثير اهتمامي على الدوام لما لها من سلبيات بالنسبة لعالم المادة المعتمة ، بل حتى بالنسبة للبشر على المدى الطويل..."
و بعد أن التقط أنفاسه أضاف :
"و في أعقاب الإنتهاء من الجولة ، لنا جلسة فلنسمها مؤتمرا مصغرا ، نناقش خلاله ما تم إنجازه نتيجة تعاوننا معا ، كما نتدارس حول ما يمكن فعله من أجل مستقبل أفضل لنا و لكم . "
و بدون أدنى تردد وافقوا جميعا على اقتراح جِمنا وزير العلوم في مملكة المادة المعتمة .
*****
عقد العلماء العرب اجتماعا خاصا بهم قبيل موعد المؤتمر الذي دعا إليه وزير العلوم و اتفقوا على النقاط التي سيثيرونها ثم كلفوا الدكتور حمود أن يتكلم بالنيابة عنهم ..
و قد ضم المؤتمر كل من العلماء العرب الخمسة إضافة لوزير العلوم في مملكة المادة المعتمة و معاونيه الثلاثة ، و بعد أن افتتح جِمنا المؤتمر بإعلانه عن سروره البالغ للتعرف على هذه الزمرة الرائعة من صفوة العلماء البشريين ، ترك الكلمة للدكتور حمود ، الذي أكد على النقاط التالية :
*أن النفط و الغاز غير قابلين للنضوب و أن إنتاجهما مستمر في أعماق الأرض ، و يشمل تقريبا معظم الكرة الأرضية.
*أن الماء العذب متوفر أيضا في الأعماق و في كل مكان من الكرة الأرضية ، و أن استخراجه سيوقف ظاهرة التصحر بل و سيحول الصحارى و الجبال الجرداء إلى أراض زراعية و غابات، تخفف من ظاهرتي التلوث و الإحتباس الحراري و ربما تلغيهما .
*أن إمكانية العيش للحياتين الحيوانية و النباتية في أصعب الظروف حقيقة واقعة ، و أن حالة الظلام الدامس أو ظروف الحرارة العالية جدا أو الضغط الهائل لا تمنع من نشوء و ارتقاء نباتات أو حيوانات برية كانت أم مائية .
* أن باطن الكرة الأرضية شبيه بقطعة اسفنج لكثرة مافيه من فجوات و كهوف يصل طول بعضها إلى عشرات الكيلومترات
* أن باطن الأرض مليء بالمعادن و أشباه المعادن بما فيها المعادن الثمينة كالذهب و النحاس و الماس
* أن باطن الأرض بقدر ما فيه من ثروات بقدر ما فيه من مخاطر ، فالشقوق التي تخرج منها الصهارة ثم تندفع على شكل براكين ظاهرة أو خفية أكثر بكثير مما كنا ظن و تشكل تهديدا مستمرا لجميع شعوب الأرض بلا استثناء .
ثم أضاف الدكتور حمود
*هذه الحقائق سوف نعلنها حال بلوغنا أرض الوطن ، مدعمة بالبراهين العينية و الصورة و الصوت ، و سندعو العالم للتعاون من أجل تحويل الكرة الأرضية إلى أرض سلام و رفاهية لكل شعوبها ، حيث لن تكون ثمت حاجة للطاقة النووية و مخاطرها الجمة ..و الأهم من كل ذلك ..لن تكون هناك أية حاجة للصراعات و الحروب ..
*و قد اتفقنا أيضا ألا نتحدث إطلاقا عن الظواهر الحية للمادة المعتمة أو عن حضارة أتلنتيا ...
*****
تناول وزير العلوم الحديث ، ليفاجئهم بقوله :
- بإعلانكم ذلك ، سوف ترتكبون غلطة كبرى قد تودي بحياة الكثيرين و قد تودي بحياتكم بل من المرجح أن تودي بحياتكم ......
ينظرون إلى بعضهم بعضا و قد صعقتهم المفاجأة و تملكتهم الحيرة ..
إلا أن جِمنا يستأنف كلامه - غير آبه لهمهماتهم – فأضاف :
- أولا بالنسبة للنفط ، سوف يؤدي إعلانكم إلى تكريس ميزانيات الدول الفقيرة لغرض استخراج النفط ، و سوف تزداد الكميات المكتشفة إلى أرقام خيالية ، مما سيؤدي إلى انخفاض سعره إلى مستويات دنيا تلغي قيمة الإستثمارات التي وظفت من أجله ، مما سيؤدي بالتالي إلى إفلاس الكثير من الدول الفقيرة ، و من جهة أخرى فإن استهلاك النفط سوف يتضاعف مما سيزيد من مشكلتي التلوث و الإحتباس الحراري .
- ثانيا ، لقد ارتكبتم غلطة فاحشة لدى وصولكم العلني إلى كوبا في بداية رحلتكم ، و ما رافقه من ضجة إعلامية ، و لمعلوماتكم فإن الأجهزة الإستخبارية لكثير من الدول صغرى و كبرى ، تتسقط أخباركم منذ تلك اللحظة ، ساعية إما لإجهاض منجزاتكم أو لسرقتها حتى لو اقتضى الأمر تصفيتكم ، فهي دول لا ترضى أن يختطف منها أحد أضواء التفوق ، و لا تقبل بأي شكل من الأشكال إمتلاك العرب لأية تكنولوجيا متقدمة .
و تنتصب الشاشة المائية العملاقة ، يظهر فيها مجموعة من سبعة أشخاص ، يتشاورون حول عدة مخططات موضوعة أمامهم و عليهم إختيار أحدها ، و يبدأ من ثم من نادوه بالكولونيل ، شارحا مخططه :
* عندما يعلنون عن عودتهم ، تندفع ثلاث حوامات من حاملة الطائرات (X) تكون مهمتها تفريغ المنطقة من الجماهير بإطلاق الرصاص و القذائف في الهواء لترويع الناس و الفرار بجلودهم .
* أحد زوارقنا السريعة و المموه على شكل يخت فاخر ، يتحرك بسرعة و عليه رجال مدربون خصيصا لهذه المهمة ، يقومون بقطر المركبة ( دبي 1) بعيدا عن الأنظار .
* إحدى سفننا الحربية المموهة لتظهر على أنها ناقلة نفط ، جهزناها خصيصا لتبتلع ( دبي1) في جوفها حال وصولها .
* في أعالي الجو سيجول سرب من الطائرات الحربية لحماية العملية .
يعلق جِمنا قائلا :
هذا السيناريو التقطناه و سجلناه قبل دقائق ، و الإجتماع الذي شاهدتموه عقد فوق سفينة حربية متواجدة حاليا في مياه الخليج ..
و لمعلوماتكم فإن 530 من العلماء العراقيين و أساتذة الجامعات على الأقل قد تمت تصفيتهم في السنوات الأربع الماضية ، و قد سبق أن عرضنا عليكم بعضا من مشاهد هذه التصفيات ..
أما لماذا سيتسهدفونكم فالقائمة ، تطول أولها هذه المركبة ( دبي 1) التي سبقت و تفوقت على كل تقنياتهم في مجالي الحفر و الدفع ، و ثانيها هذا الكم من المكتشفات و المعلومات التي حصلتم عليها ، و التي ستضعف مراكزهم كأغنى و أقوى البشر ..
يتناول ميمون الحديث :
-بإمكانكم – يا عرب – و هو يحلو له أن يناديهم على الدوام يا عرب و كأنه غير مصدق أن العرب يمكن أن يظهر من بينهم علماء أفذاذ – بإمكانكم أن تعملوا بصمت لخدمة بلادكم و خدمة البشرية ، فالنفط – مثلا - بدلا من أن يكون مصدرا للطاقة القذرة ، يمكن تحويله إلى أسمدة ، و يمكن تحويله إلى أغذية ..
يقاطعه الدكتور حمود قائلا :
جرت تجارب فاشلة في هذا المجال ، فطعم النفط ظل ظاهرا ، حتى في لحوم الحيوانات التي اغتذت بطعام مصنع من النفط .
يبتسم ميمون ، ثم يجيبه :
- نعلم ذلك يا دكتور حمود ، و لكن علماءنا تمكنوا من اكتشاف المعادلة التي بواسطتها يتحرر الغذاء المصنع ، من كل آثار النفط ، طعما و رائحة ، و سنزودكم بها ..
ثم يضيف ميمون قائلا :
- بوسعكم أيضا استخدام الهايدروجين كطاقة نظيفة بديلة عن النفط ، فالماء – كما شاهدتم – متوفر في كل مكان .
هنا يفاجئ ملك مملكة المادة المعتمة الحضور بظهوره الأزرق المشع ، فيحيي الجميع ، ثم يبدأ حديثه متأنيا و مشددا على مخارج الحروف ..
• اتفقوا مع قومكم على أن تكون عودتكم غير معلنة و محاطة ببالغ السرية ، و أقترح على سبيل المثال أن يشيع قومكم أنكم مفقودون ، ثم فليعلنوا أنهم يئسوا من العثور عليكم ..
• اعملوا بسرية تامة و ابتعدوا ما أمكنكم عن الأضواء ..
ثم ختم حديثه قائلا :
* شرفني حقا و أمتعني و شعبي وجودكم بيننا ، و ستظل زيارتكم و التعرف عليكم ، محل فخرنا و اعتزازنا ، و ثقوا أننا مستعدون لنجدتكم و معاونتكم في أي وقت تشاؤون ؛ فما عليكم إلا أن تلفظوا جِمنا حتى يكون جمنا بين أياديكم ، و ما أن ينطق أحدكم باسم كرزون حتى يكون كرزون إلى جانبه ,
ثم ختم حديثه قائللا بصوت حزين ..
*ستعودون إلى وطنكم و ستكون قلوبنا معكم .
*****
الزمان : بعد خمس سنوات
المكان : فندق "حنا بعل" في مدينة سوسة التونسية .
ثمت حفل زفاف ، و قد تصدر القاعة جالسا فوق عرش الزفاف الدكتور المهدي بولعوالي و هو من المغرب و إلى جانبه جلست عروسه التونسية في ملابسها البيضاء .
تقدم منه شاب خليجي ملتحٍ بدا ذلك من ملابسه ، ترافقه زوجته ، حياه ثم قدما للعروس عقدا من اللؤلؤ الأسود الذي يسمونه بالدانه ..
همس العريس و قد ارتسمت على شفتيه ابتسامة عريضة : " أخوي حمود ؟ "
ثم تقدم بعد قليل شاب آخر بشارب كث و نظارتين سميكتين ترافقه زوجته ، فقدما للعريس لفة بدا أنها ثقيلة الوزن ، ما أن فتحها العريس حتى لمعت في وجهه سبيكة من الذهب الخالص عيار 22
همس العريس فرحا : " أخي مجدي ؟؟ "
بعد بضع دقائق أخرى ، تقدم من عرش الزفاف شاب آخر بلحية صغيرة وراس حليق ترافقه زوجته ، فقدما للعروس عقدا مع قرطين من الماس يخطف الأبصار ..
همس العريس و قد كاد يعانقه بعينيه : " أخي هشام ؟؟! "
ثم تقدم شاب ملتح آخر و قد ركب فوق عينيه نظارة شمسية سوداء كأنه خارج لتوه من عملية جراحية عينية ، و مشت إلى جانبه زوجته تسنده بيسراها و ترشده إلى طريقه ، فقدم للعريس ساعة ذهبية ثمينة ، بينما قدمت زوجته للعروس سوارا مرصعا بالأحجار الكريمة..
همس العريس و قد استبدت به فرحة اللقاء : " أخي رياض ؟؟!! "
و لكن المفاجأة الحقيقية كانت عندما تقدمت من عرش الزفاف فتاة بارعة الجمال ، فحيت العروسين ، ثم قدمت لهما علبة مزخرفة ، قائلة : " هذه هدية إخوانك في العتمة ! " ما أن فتحها حتى فوجئ و عروسه ، باحتوائها على حجر ماسي مصقول يزن أكثر من نصف كيلو غرام .
فهمس العريس و قد سازدادت بهجته : " الأمير جِمنا ؟؟!!"

=========================
* نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
عضو الجمعية الدولية للمترجمين و اللغويين العرب ArabWata
الموقع : www.FreeArabi.com
البريد : nizar_zain@yahoo.com
=========================

رحلة إلى الأعماق
روابط الأجزاء السابقة :

رابط الجزء الأول
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج1=نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء الثاني
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج2=-نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء الثالث
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج3=نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء الرابع
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج4=نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء الخامس
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج5=نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء السادس
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج6=نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء السابع
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج7=نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء الثامن
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=الجزء8=نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء التاسع
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج9=نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء العاشر
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج10=نزار-ب-الزين.htm

جوتيار تمر
05-01-2008, 05:38 PM
الاستاذ الكبير نزار الزين......

لم ازل اتابع بشغف هذه الرحلة الطويلة والتي من خلالها اجدك تعاين مواطن الخلل في الكنيونة والبنية الانسانية سواء هنا في الشرق ام في الغرب نفسه ، مع احتمالية تفوق الوعي الذاتي للاخر علينا ، ولكني اراك بلغتك وفكرك الانساني السامي تحاول سد التغرات وفتح ابواب التماس الوجداني والعقلي بين الاتجاهين في سبيل خلق عالم انقى واقرب الى الانسانية من العالم الحالي ، ومما لاشك فيه ان احدى اهم البنى التي يجب ان تراعى في خلق هذا العالم هو التنفاهم والانسجام واحترام المقابل .

دم بالف خير
محبتي لك
جوتيار

نزار ب. الزين
08-01-2008, 07:20 AM
أخي الناقد البارع جوتيار
تحليلك كما جميع قراءاتك تنم عن دراية فلسفية عميقة
و نظرة إنسانية نبيلة
فشكرا لك هذه النظرة التقويمية
و ألف شكر لمتابعتك أجزاء الرواية
و ثنائك العاطر عليها
هذا الثناء الذي أعتبره إكليل غار
يزين نصي و هامتي
و لك مني كل المودة و التقدير
نزار

حسام القاضي
30-06-2008, 09:49 PM
أستاذنا الأديب الكبير / نزار ب الزين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
للمرة الاولى أقرأ روايتك الرائعة تلك
وأدهشني فيها الكثير ، واكثر ما أدهشني
هي فكرتك بالبحث في أعماق الأرض وليس
الاتجاه للفضاء كما تعودنا .. تحتاج مكتبتنا العربية
بالفعل إلى روايات كتلك في مجال الخيال العملي
استمتعت جداً هنا ، ولم اجد ما أضيف بعد القراءة الرائعة
لـ / د. السمان ، وكذلك ما أضافته الفاضلة / وفاء خضر
وإن كنت أتحفظ على النهاية (بالاستيقاظ من النوم)..
ولكن هذا لم يؤثر على روعة العمل.
ـــــــــــــــــ
ملحوظة بحثت عن الجزئين الثاني والثالث فلم اجدهما
أتمنى استكمال باقي الاحداث.
تقبل تقديري واحترامي

نزار ب. الزين
01-07-2008, 01:00 AM
أستاذنا الأديب الكبير / نزار ب الزين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
للمرة الاولى أقرأ روايتك الرائعة تلك
وأدهشني فيها الكثير ، واكثر ما أدهشني
هي فكرتك بالبحث في أعماق الأرض وليس
الاتجاه للفضاء كما تعودنا .. تحتاج مكتبتنا العربية
بالفعل إلى روايات كتلك في مجال الخيال العملي
استمتعت جداً هنا ، ولم اجد ما أضيف بعد القراءة الرائعة
لـ / د. السمان ، وكذلك ما أضافته الفاضلة / وفاء خضر
وإن كنت أتحفظ على النهاية (بالاستيقاظ من النوم)..
ولكن هذا لم يؤثر على روعة العمل.
ـــــــــــــــــ
ملحوظة بحثت عن الجزئين الثاني والثالث فلم اجدهما
أتمنى استكمال باقي الاحداث.
تقبل تقديري واحترامي

*****
أخي المكرم حسام
شهادتك وشاح شرف يطوق عنقي
لقراءة الرواية كاملة ، ارجو التكرم بالضغط على الرابط التالي :
عميق مودتي لك و اعتزازي بك
نزار

ربيحة الرفاعي
24-02-2013, 12:40 AM
قصة جميلة بسرد مشوق نجح كاتبها بالتحكم بانفعال القاري يتصاعد بتواز مع التقدم المشهدي وتطور الحدث في النص

لون جيدي في القص لم نعهد في حرفك
دمت بخير أديبنا الكريم

تحاياي

ناديه محمد الجابي
24-02-2013, 07:51 PM
قصة رائعة وموضوع جميل , مشوق يغرى بالمتابعة إلى آخر كلمة
ويدل على ثقافة واسعة لأستخدام تفاصيل علمية , وخيال خصب جدا
سلط الضوء علي أحلام مستقبلية , وكم من كاتب كتب قصصا من
الخيال العلمى , لنجده بعد سنوات حقيقة واقعة .
سلمت يداك أستاذ نزار .. إن هذه القصة عمل أدبي ممتع وعلي
مستوي رفيع .. ونهاية صادمة في أن يكون كل ذلك حلم .
نتمنى أن يتحقق ذلك الحلم يوما ما , ونرى علماء يخرجوا
من بلادنا ليحققوا أمجما علمية .

نزار ب. الزين
24-02-2013, 10:41 PM
قصة جميلة بسرد مشوق نجح كاتبها بالتحكم بانفعال القارئ
يتصاعد بتواز مع التقدم المشهدي وتطور الحدث في النص
لون جديد في القص لم نعهده في حرفك
دمت بخير أديبنا الكريم
تحاياي

*************
أختي الفاضلة ربيحة
إعجابك بالرواية أسعدني
و هو وشاح شرف طوق عنقي
مع ودي و وردي
نزار

نزار ب. الزين
24-02-2013, 10:49 PM
قصة رائعة وموضوع جميل , مشوق يغرى بالمتابعة إلى آخر كلمة
ويدل على ثقافة واسعة لأستخدام تفاصيل علمية , وخيال خصب جدا
سلط الضوء علي أحلام مستقبلية , وكم من كاتب كتب قصصا من
الخيال العلمى , لنجده بعد سنوات حقيقة واقعة .
سلمت يداك أستاذ نزار .. إن هذه القصة عمل أدبي ممتع وعلي
مستوي رفيع .. ونهاية صادمة في أن يكون كل ذلك حلم .
نتمنى أن يتحقق ذلك الحلم يوما ما , ونرى علماء يخرجوا
من بلادنا ليحققوا أمجادا علمية .[/COLOR]
[COLOR="Green"]
*************
و كم أتمنى مثلك يا أختي ناديه أن يتحقق ذلك الحلم
و أن يخرج من بلادنا علماء يغيروا واقعها المتخلف
أما إعجابك بالنص فهو وسام زينه و شرف صدري
فلك كل الشكر و الامتنان
مع ودي و وردي
نزار

نداء غريب صبري
05-04-2013, 07:50 PM
قصة من قصص الخيال العلمي
جميلة ومشوقة ولها فكرة هادفة

هذه أول مرة أقرأ لك في الخيال العلمي

شكرا لك أخي

بوركت

لانا عبد الستار
13-07-2013, 11:47 PM
قصة جميلة من الخيال العلمي
أظنها ستكون ممتعة جدا للشباب واليافعين
أشكرك

نزار ب. الزين
14-07-2013, 06:12 PM
قصة جميلة بسرد مشوق نجح كاتبها بالتحكم بانفعال القارئ
بتصاعد بتواز مع التقدم المشهدي وتطور الحدث في النص
لون جديد في القص لم نعهده في حرفك
دمت بخير أديبنا الكريم
تحاياي

**************
أختي الفاضلة ربيحة
أسعدني إعجابك بالقصة
و ثناؤك عليها
مع ودي و وردي
نزار

نزار ب. الزين
14-07-2013, 06:18 PM
قصة من قصص الخيال العلمي
جميلة ومشوقة ولها فكرة هادفة
هذه أول مرة أقرأ لك في الخيال العلمي
شكرا لك أخي
بوركت

********
أختي الفاضلة نداء
إعجابك بالقصة أثلج صدري
فلك الشكر و الود بلا حد
نزار

نزار ب. الزين
14-07-2013, 06:21 PM
قصة جميلة من الخيال العلمي
أظنها ستكون ممتعة جدا للشباب واليافعين
أشكرك

***************
أختي الفاضلة لانا
أملي أن تكون ممتعة
لجميع الأعمار
***
شكرا لمرورك و ثنائك الرقيق
مع ودي و وردي :0014:
نزار

نزار ب. الزين
17-07-2013, 10:59 PM
أختي الفاضلة لانا
أملي أن تكون "رحلة إلى الأعماق"
ممتعة لجميع الأعمار
***
شكرا لمرورك يا أختاه
و لثنائك الرقيق
مع ودي و وردي
نزار

آمال المصري
28-10-2013, 11:59 AM
قرأت الجزء الأول الذي استحوذ على اهتمامي رغم طول النص وبمتابعة الردود تبين لي أن هناك أجزاء كثيرة
فلي عودة مرات لاستكمال قراءة هذا النوع الجميل من الأدب الراقي
بوركت أديبنا الجليل
تحاياي

نزار ب. الزين
04-11-2013, 09:55 PM
قرأت الجزء الأول الذي استحوذ على اهتمامي رغم طول النص وبمتابعة الردود تبين لي أن هناك أجزاء كثيرة
فلي عودة مرات لاستكمال قراءة هذا النوع الجميل من الأدب الراقي
بوركت أديبنا الجليل
تحاياي

**************
أختي الفاضلة آمال
أسعدني إعجابك بما قرأتِه من الرواية
راجيا أن تثير بقية الأجزاء إعجابك أيضا
فهو وسام شرف يزينها و يشرف صدري
مع ودي و وردي
نزار