المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المؤامرة



مصطفى بطحيش
29-12-2006, 05:18 PM
المؤامرة

-الحمد لله على السلامة !

قالها السائق والتفت إلينا وقد رسم على شفتيه بسمة رضا أراد أن تكون رسالة لا تستطيع حملها الكلمات .
كانت رحلة مجهدة, بدأت بلقاء صاحبيَّ علي و عقبة , وائتمرنا على سرٍ بيننا , ثم انطلق كل واحد يبلغ من خلفه من الثقات , ويختم حديثه قائلا :
الانطلاق الساعة الثانية عشرة ليلاً عند أبي بكري .
كنا نلتقي بشكل شبه يومي عند السمان أبي بكري نتداول آخر الأخبار بروح مرحة ساخرة , تخفي وراءها آراء متباينة يحاول كل واحد إيصال رأيه إلى الآخرين بثوب الفكاهة والمرح ذاك !
قطع الصخب المتعالي صوت احدهم :
- جاء أبو حسين
وتوقفت سيارة أبي حسين جانب الحانوت وانطلقنا واحداً تلو الآخر نمازح أبا حسين بشيء من الهرج الظاهر إلى أن صعدنا جميعاً بينما أغلق أبو بكري حانوته وانطلق إلى بيته .
التفت إلى السائق ؛ هيا انطلق.
انطلقت المركبة إلى فضاء المؤامرة تلك ثم توقفت أمام منزل عقبة على صوت احد المتآمرين : أين عقبة ؟!
وساد لغط لا تكاد تفهم منه شيئا , وميزت من بين العبارات , كلمه يا سعيد !
أخرجت هاتفي وطلبته , وبعد رنات طويلة جاء الرد باردا ممطوطاً :
- آلوووو مييييين !
-أنا سعيد , أين عقبة ؟
ارتفعت حدة الصوت القادم فجأة وقست لهجته وبعصبية ظاهرة جاء الرد :
- دعوه وشأنه , ماذا تريدون منه, لا تتصلوا به ثانية .... ... , وأغلق الهاتف .
-يا رجال هذا والده لا يريد له أن يرافقكم , وكأني سمعت صوته بعيدا مخنوقاً متوسلاً ؛ انتظروني أرجوكم !
- إذن فقد أفشى السر لأهله
بعد فترة من الترقب والانتظار جاء أخوه لينبئنا بأمره ؛
- لقد منعه والدي من الذهاب معكم وقيده بالحديد, وهو يرجوكم انتظاره بعد نصف ساعة عند صيدلية أبي معروف, في طرف المدينة.
تداولنا الأمر فيما بيننا وخلصنا إلى ما أراد عقبة من ابتعادنا , يريد أن يوهم والده بسفرنا فيرق للطبيب الحاذق المثقل بالحديد فيطلقه .
مضينا في غايتنا , عند أبي معروف كانت المفاجأة , والد عمر وأخويه ينتظروننا ودون مقدمات وبصوت واحد - أين عمر ؟
اجبنا دون تردد , ليس معنا يا سيدي , وبهدوء انسحب عمر إلى الحيز الخلفي الإضافي حيث أدواتنا فاندس بينها متواريا , شيئاً فشيئاً ارتفعت حدة صوت أبي عمر , وتحت إصراره لم نجد بداً من فتح الباب الخلفي ليجدوا عمر متواريا فيخرجونه عنوة , ثم يرمقنا والده بنظرة احتقار أسقطت سنوات من الاحترام والثقة بلحظة واحدة !
نظر بعضنا إلى بعض بعين الخيبة
- انطلقوا يا رجال
-ألن ننتظر عقبة ؟
-لا , أخشى من مفاجآت أخرى
وأذعن الجميع, فالطريق طويلة اختصرت منا عقبة وعمر ولمَّا نبدأ رحلتنا بعد , بقي على متن المركبة السائق الذي تكفل بنقلنا إلى غايتنا ورفيقَا سفرٍ يؤنسا طريق عودته ,علي وأخوه , وطارق الذي يمت بصلة قرابة إلى علي, لا اعلمها على وجه الدقة, ومروان اخو طارق, وبرغم أنهما شقيقان إنما فوارق كثيرة بينهما , زادت عليها أسمال مروان تباينا, لكن حديثها يوحي بأكثر من الالفة والمودة والاحترام , رحت أراجع ذكرياتي عن طارق علّي أجد تفسيرا لهذا التباين الذي استرقني , وشيئا فشيئا سرحت مع الذكريات
الطريق أمامنا ممتدة طويلة تبدو لانهاية لها , والليل مدلهم ونسمات ربيعية باردة تلفح الوجوه الجامدة الخالية من التعابير إلا من عيون متسعة تبدو كأنها كهوفاً لا قرار لها , ومسحة من الوجوم تغشى الوجوه.
انكسر حاجز الصمت بضحكة مقهقهة من علي , وهو ينظر إلى قصاصات ورقية أخرجها من جيبه قائلاً :
هذه الرسالة من مروة ابنتي وهذه من ابني حسام وقد أوصياني بعدم فتحهما قبل أن ابلغ غايتي , أتصدقون أكاد لا اصبر على الانتظار واجد نفسي تراودني على فتحهما ... , لقد تمكن الصغيران من العبث بي , لا بأس سأصبر قليلا , أما أخي الأصغر هذا فقد عهدته إلي أمي وودعته بدمعة باكية حينا وضاحكة أخرى ... حالة من الهذيان ... انه الأحب إلى قلبها , عجيب أمر حماتك يا طارق .
أخرجتني هذه الكلمة من استغراقي لتفسر ما استعصى علي من سر التباين بين الأخوين , إذن هي سعة ويسر حال الزوجة
عدت ثانية إلى استغراقي عشرون عاما إلى الخلف لم يتغير عليّ من الأمر شيئ إلا ما أجد في نفسي من الطمأنينة و الرضا وابتسامة خفيفة واثقة رغم كل الغليان الذي يعتمل في داخلي , قلت لنفسي :
- كانوا يقولون غارق في المراهقة والطيش , ماذا يقولون الآن عني وقد قاربت الأربعين ؟!
التفت إلى الصحب لأجدهم غارقين في أحلامهم , ساعتين والمركبة تنطلق بسرعة كبيرة ولم نتجاوز ثلث الطريق , رن جرس الهاتف ؛ انه عقبة !
آلو عقبة اين انت ؟!
وبصوت متهدج مزيج من الفرح والرجاء انتظروني أرجوكم, استأجرت سيارة خاصة لألحق بكم , أين انتم الآن؟
- ماذا جرى معك يا عقبة
- سأشرح لك لاحقا فقط اخبرني أين انتم
- حسنا سأكلمك بعد قليل عند أول استراحة تصادفنا
أبا حسين – وبروح مداعبة - لقد تخلص عقبة من الأسر , انه الآن على الطريق سننتظره عند اقرب استراحة للمسافرين .
- طيب على بركة الله
واستمر هدير المحرك على نمطه دون أن يأبه لمجريات الأحداث, كثيرا ما يخيل إلي أن الجمادات تعرف ما تريد أكثر منا نحن بني البشر , تمضي في طريقها مطمأنة مستقرة لا تحيد عن هدفها , و تتنازعنا الأهواء والرغبات, نابية قاصية طاغية حادة, لا تلبث أن تتهذب أطرافها وتلين جوانبها وتستقيم في أواخر العمر .
لم ادر كم مضى من الوقت عندما أفقت على صوت أبي حسين
- سعيد ها قد بلغنا استراحة الرشيد, قم وكلم عقبة
تناولت هاتفي وطلبته
- آلو عقبة نحن ننتظرك في استراحة الرشـ...ـيب .... بيب ....بيب !
أيعقل هذا؟! انقطع الاتصال !
لا بأس سأعيد الكرة : آلو ... آلو استراحة الرشـيد ... الرشـ ...يب ... بيب ...بيب بيب !
وقبل أن أعاود , رن جرس الهاتف انه عقبة :
- آلو الرشيد فهمت فقط انتظروني أرجوكم ... انتظ ... بيب ... بيب ... بيب !
إذن لقد وصلت الرسالة و علينا أن ننتظر الوقت نفسه الذي قطعته السيارة تبتلع ما تيسر من الطريق دون تململ, يزيد قليلا أو ينقص قليلا !
و تسلل النعاس إلى أجفاني ثقيلا طاغياً , ولم أفق إلا والفجر مستطيرا واثقا مبشرا بنهار جديد , وصوت عقبة فرحاً ضاحكاً كزقزقة العصافير .
- عقبة الحمد لله على السلامة , ما جرى لك يا رجل
- قيدوني بمجرد أن علموا بما عزمت عليه
- وكيف علموا بالأمر
- كان لا بد أن اخبر أختي على الأقل , لقد غالبتها وفضحتها دمعتها ولم تستطع إخفاء الأمر
- وكيف تحررت من قيدك
- أطلقوني بعد أن اطمأنوا إلى ابتعادكم , وها انذا لم آلُ جهدا في اللحاق بالركب
قطع الحوار صوت أبي حسين
- سنصلي الصبح ثم ننطلق
وتبادرنا إلى الوضوء والصلاة, ثم تزودنا من استراحة الرشيد بما يعيننا على بلوغ غايتنا , وانطلقت بنا المركبة تنهب الأرض نهبا , لكأنها أكثر منا شوقا لبلوغ مأربنا !
وبدأ شعاع الشمس يتسلل من وراء الأفق وئيدا واثقا يرتسم لامعاً على شطب النخيل يلونه بأشعة ذهبية فيبدو وكأنه تيجان ملكية مركوزة على جذوع متسامقة نحو السماء , تنتظر عمالقة عجنتهم الصحراء بشظف عيشها , و رسمت لظى شمسها المحرقة على وجوههم , و أورقت في دمائهم عذوقاً تبشر بمواسم الفرح .
وبدت الظلال مستلقية طويلة لانهائية لصيقة بالبلاقع و التلاع , تنكمش كلما تسلقت نجداً وتتعاظم فيما وراءه من الوهاد , وكلما ارتفعت الشمس توارت الظلال خلف الجذوع إلى أن انتصف النهار فغدت مجرد قطع ممزقة تتلبس الجذوع لتجلو ما جرحت منها السنون.
وانتبهت ثانية إلى صوت أبي حسين:
- لقد وصلنا !
- الحدود عند هذا الساتر الترابي الذي ترونه
وبدت على شفتيه ابتسامة الرضا تختصر الغاية التي جاء من أجلها , تفضلوا بالنزول , وعانقنا جميعاً ,شد الله من أزركم , سأعود إلى عملي , وقفل راجعاً مع صاحبيه.
بنظرة فاحصة سريعة مسحت المكان , ساتر ترابي مرتفع يعلوه غطاء نباتي زاحف يستلقي على جانب الساتر يمتد حينا إلى الأرض , ويتقلص أخرى فلا يكاد يغطي أكثر من القمة , فيبدو الساتر طويلا ممتدا إلى اليمين واليسار كطرة ثوب قدته يد عابث فبدت قليلة التهذيب , وعلى بعد خطوات من الساتر صف من الجنود يفصل الواحد عن الآخر ما لا يزيد عن مئة خطوة , في وسط الساتر بوابة عريضة يخترقها الطريق الإسفلتي وكلما اقترب النظر من البوابة تقلصت المسافة بين الجنود المدججين بالسلاح حتى يتزاحموا بالأكتاف في عمق البوابة , وجنح بي الخيال لأتصور في الطرف الآخر من الساتر صفاً مشابها من الجنود .
بعيداً عن الساتر رجال متجمعون وفرادى , إذن لم نكن وحدنا المتآمرون !
تشاورنا الامر فيما بيننا
- هل ستعبرون البوابة
- لا , مجرد العبور من البوابة خطر مقيم في هذه الظروف
- وكيف سنعبر وهذا الطابور اليقظ من الجنود الممتدين على طول الساتر , ومثلهم في الجانب الآخر منه
وانقسمنا مجموعتين علي وأخوه وعقبة يعبرون البوابة , والآخرون لابد لهم من مكان في الساتر الترابي بعيدٍ عن أعين الجنود, و نلتقي في ذاك المسجد الذي تلوح مئذنته على بعد بضعة كيلومترات
وقبل أن ينطلق علي اخرج الرسائل من جيبه , ليقرأها ودفعنا الفضول
- اسمعنا يا علي
- حسنا هذه رسالة مروة ؛ احبك يا بابا , وأرجوك أن تعود بسرعة وتحضر لي شجيرة من حدائق بابل المعلقة , أعلقها فوق سريري , مع السلامة.
- أما حسام , ونفرت دمعة من عين علي ثم قال بصوت متهدج ؛ لا أعرف كيف خرجت بعيدا عن ناظريه , كان يصر على مرافقتي وعندما غبت عنه ويئس من مرافقتي أعطى الرسالة لأمه , ليعبر فيها عن حبه وحنقه ؛ انتظرك يا بابا و لا تنس أن تحضر لي مسدساً كبيراً , رافقتك السلامة .
وانطلقا وعلي يخفي انفعالا شديداً على وجهه لمحته من طرف خفي , لم يشأ أن نراه فتهتز المعنويات
استودعكم الله , رافقتكم السلامة .
عدت وصاحبيَّ طارق ومروان وأنا اعتصر ذهني باحثا عن طريقة نعبر بها, أراجع في ذهني قبعة الإخفاء , وحصان علاء الدين , و ساقي شيبوب وقلب عنترة وسيف الزير , وكلما عدت من الخيال إلى الواقع اصطدمت بالساتر الترابي وصف الجنود على مقربة منه كأنهما سور في سجن كبير يمتد على محيط الوطن !
- طارق لنبتعد عن البوابة علنا نجد ثغرة ننفذ منها
وسرنا على مهل باتجاه اليمين على مسافة من السور الكبير , وبدأ عدد الجنود بالتقلص كلما ابتعدنا عن البوابة و أوغلنا في المسير حتى ظننا أن ذاك الذي يلوح من بعيد هو آخر صف الجلاوزة !
وكلما اقتربنا بدت الصورة أكثر وضوحا إنهما جنديان يتنادمان , لا بل جندي وشخص آخر لعله أحد الرعاة وشيئاً فشيئاً بدأ الصوت يطرق مسامعنا وبدت حدته واضحة , شيخ في الستين من عمره جلدته قسوة الحياة فلم تبق منه سوى جلد مغضن كوته الشمس وجذع منتصب لا يبدو عليه اثر للإنحاء ونشاط لا تجده في أقرانه يدور في جدل لانهاية له مع جندي طويل القامة مفتول العضل , الساتر الترابي من خلفهما تكلله سوق العرقد خضراء زاهية مقبلة على الحياة لا تخجل من دقة سوقها بقدر ما تتيه بأشواكها الحادة المعقوفة وكأنها أطراف خناجر تتحدى كل من يجرؤ على الاقتراب منها, وتناهي إلي صوت الشيخ ؛
- سأعبر ولن تمنعني , وانطلق نحو الساتر الترابي وتبعه الجندي لثنيه عن عزمه مرغماً , ودار بينهما عراك غير متكافئ , ثم تهاوى الجندي متدحرجاً وتبعه العجوز ينزع عنه سلاحه وذخيرته وينطلق ليختفي خلف الساتر الترابي
- التفت إلى صاحبيَّ , ينبغي إن نتخذ قراراً سريعا في هذه اللحظات العصيبة , ودون تردد انطلقنا نعبر الثغرة التي أحدثها العجوز في جدار العرقد .

كل عام وانتم بخير .:os:

الشربينى خطاب
29-12-2006, 06:21 PM
إنها مؤامرة لخداع الأهل للإنضمام إلي صفوف المقاومة العراقية دون علمهم ، فكرة تتأجج في قلوب شباب أي وطن لا يري نفسه ولا يفكر في حياته بل كل تفكيره ينصب في الدفاع عن كرامته ووطنه ولكن ألأهل يتنازعهم حب المال والبنون فيخافون علي أبنائهم حتى ولو كانوا يدافعون عن كرامةالوطن ، رغم كثرة الأحداث والأسماء إلا أن عنصر التشويق القابض عليه القاص بمهارة جعلني اتشعلق في سيارتهم كي أعرف باقي خيوط المؤامرة ، وعجب ما اكتشفت
{وكلما اقتربنا بدت الصورة أكثر وضوحا إنهما جنديان يتنادمان , لا بل جندي وشخص آخر لعله أحد الرعاة وشيئاً فشيئاً بدأ الصوت يطرق مسامعنا وبدت حدته واضحة , شيخ في الستين من عمره جلدته قسوة الحياة فلم تبق منه سوى جلد مغضن كوته الشمس وجذع منتصب لا يبدو عليه اثر للإنحاء ونشاط لا تجده في أقرانه يدور في جدل لانهاية له مع جندي طويل القامة مفتول العضل , الساتر الترابي من خلفهما تكلله سوق العرقد خضراء زاهية مقبلة على الحياة لا تخجل من دقة سوقها بقدر ما تتيه بأشواكها الحادة المعقوفة وكأنها أطراف خناجر تتحدى كل من يجرؤ على الاقتراب منها, وتناهي إلي صوت الشيخ ؛}
إلي هذا الحد يخاف الأباء وألإمهات علي فلذات اكبادهم ،وهذا الشيخ الذي بلغ الستين يسبقهم في المؤامرة هو الآخر خدع أهله ، فلا عجب إذن أن يتآمر الفتيان علي ذويهم ويذهبون إلي مقاومة المحتل دون علمهم ، وعندما يستشهد أحدنا يفخروا بنا أمام العالم 00!!

سحر الليالي
29-12-2006, 06:27 PM
قصة شدني من أول حرف الي آخر حرف..
أستاذي مصطفى بطحيش قصتك لها ألف قصة
سلم قلمك ودمت رائعا
تقبل خالص إعجابي وتقديري وألف باقة ورد

مأمون المغازي
29-12-2006, 07:11 PM
ويبقى الجد في القلب يحدث الزلزال

ويفتح الطريق

فليبق الجد وإن وارته السنون


الأستاذ مصطفى بطحيش

أسرتني القصة وتشعبت بي طرق المؤامرة

أبدعت يا أستاذ


تحياتي

مصطفى بطحيش
29-12-2006, 11:27 PM
إنها مؤامرة لخداع الأهل للإنضمام إلي صفوف المقاومة العراقية دون علمهم ، فكرة تتأجج في قلوب شباب أي وطن لا يري نفسه ولا يفكر في حياته بل كل تفكيره ينصب في الدفاع عن كرامته ووطنه ولكن ألأهل يتنازعهم حب المال والبنون فيخافون علي أبنائهم حتى ولو كانوا يدافعون عن كرامةالوطن ، رغم كثرة الأحداث والأسماء إلا أن عنصر التشويق القابض عليه القاص بمهارة جعلني اتشعلق في سيارتهم كي أعرف باقي خيوط المؤامرة ، وعجب ما اكتشفت
{وكلما اقتربنا بدت الصورة أكثر وضوحا إنهما جنديان يتنادمان , لا بل جندي وشخص آخر لعله أحد الرعاة وشيئاً فشيئاً بدأ الصوت يطرق مسامعنا وبدت حدته واضحة , شيخ في الستين من عمره جلدته قسوة الحياة فلم تبق منه سوى جلد مغضن كوته الشمس وجذع منتصب لا يبدو عليه اثر للإنحاء ونشاط لا تجده في أقرانه يدور في جدل لانهاية له مع جندي طويل القامة مفتول العضل , الساتر الترابي من خلفهما تكلله سوق العرقد خضراء زاهية مقبلة على الحياة لا تخجل من دقة سوقها بقدر ما تتيه بأشواكها الحادة المعقوفة وكأنها أطراف خناجر تتحدى كل من يجرؤ على الاقتراب منها, وتناهي إلي صوت الشيخ ؛}
إلي هذا الحد يخاف الأباء وألإمهات علي فلذات اكبادهم ،وهذا الشيخ الذي بلغ الستين يسبقهم في المؤامرة هو الآخر خدع أهله ، فلا عجب إذن أن يتآمر الفتيان علي ذويهم ويذهبون إلي مقاومة المحتل دون علمهم ، وعندما يستشهد أحدنا يفخروا بنا أمام العالم 00!!

القاص المجيد الشربيني خطاب

اشكر لك مرورك الكريم , واعتذر على الاطالة التي ارغمتني ولم اجد منها بدأ لاكتمال عناصر القص

اشكر لك مرورك الكريم وتعليقك والاشارة الى روح القصة

لك الود واتقدير وكل عام وانت بخير :0014:

خليل حلاوجي
31-12-2006, 09:07 AM
عدت ثانية إلى استغراقي عشرون عاما إلى الخلف لم يتغير عليّ من الأمر شيئ إلا ما أجد في نفسي من الطمأنينة و الرضا وابتسامة خفيفة واثقة رغم كل الغليان الذي يعتمل في داخلي

\

كقصة
أرى أنها بلغت ماأراده الكاتب ...
أنه أراد إقناع القراء أن مؤامرة أبطال قصته نجحت لانها في الحقيقة ماكانت الا مؤامرة على الخداع والخوف والكسل الذي يسكن جماجمنا
وجعلنا نتأخر عن عبور الحدود

الحبكة واضحة الاجادة في كل سطور القصة وهذه تحسب للكاتب الاديب الطبير الاستاذ مصطفى

ولكن

ماأحزنني حقا ً

هو طلب حسام من ابيه ....

جيلنا لم يعد حساما ً لان سيوفنا على الحقيقة من خشب ولولا كان اسم الابن ... ماهر .... مثلا ( الاسم العلم ودلالاته الفلسفية مهمة في القصة )

وحزني الاكبر ان الاستاذ مصطفى جعلنا الغرقد في بلاد الجنائن المعلقة

اما ثالثة الاثافي

فان معركتنا الحقيقية اراها في الحياة في سبيل الله وليس الموت في سبيله

الحق اقول
اننا مكلفون بقتال الظالمين اينما وجدوا وبأي زي تزيوا ولكن البندقية ليست سلاحنا الاول

انها معركة تجديد الوعي لاستبصار من قاوم ومن ساوم
ورص الصفوف

فكم من نحسبه عدو وهو يبكي قضيتنا معنا ويدافع عن حقوقنا
وكم من صديق بل واخ لنا نحسبه بيننا ومعنا وهو الد الخصام

وليت القصة أشرت هذه الاشكالية من قبل عبور الحدود ومن بعدها

\

بالغ تقديري للأديب العزيز أستاذي الكريم مصطفى بطحيش

مصطفى بطحيش
31-12-2006, 07:49 PM
قصة شدني من أول حرف الي آخر حرف..
أستاذي مصطفى بطحيش قصتك لها ألف قصة
سلم قلمك ودمت رائعا
تقبل خالص إعجابي وتقديري وألف باقة ورد

الكريمة سحر الليالي

شكرا لمرورك الكريم , واعتذر للإطالة

لك الاحترام والتقدير

مصطفى بطحيش
03-01-2007, 07:34 PM
ويبقى الجد في القلب يحدث الزلزال
ويفتح الطريق
فليبق الجد وإن وارته السنون
الأستاذ مصطفى بطحيش
أسرتني القصة وتشعبت بي طرق المؤامرة
أبدعت يا أستاذ
تحياتي

اخي مأمون

نعم هم خلاصة الخبرات وعروة الربط بالتاريخ والجذور
وهم الاشداء في المواقف

لك التحية والتقدير

حسام القاضي
04-01-2007, 08:59 PM
قصة مشوقة جداً..
عشت تفاصيلها معك ، اجدت تماماً في وصف الحالة..
الحوار حي لديك ، الحالة النفسية لهم ، وخاصة الأب الذي يعيش حالة فراق ابنه وابنته ..كانت مشاعره صادقة للغاية.
صورت صراعهم الداخلي مع اهليهم وانفسهم ، وكذلك صراعهم الخارجي مع الظروف المحيطة ، والحدود التي تفصلهم عن هدفهم .
وفقت في جذبنا للمتابعة حتى النهاية .

قصة ناجحة أحييك عليها .

تقبل تقيري واحترامي .

وفاء شوكت خضر
05-01-2007, 01:31 PM
الأستاذ / مصطفى بطحيش ..

مررت تلميذة على صفحتك ، فوجدت أكثر مما كنت أبتغي ..
وأن كان نفس القصة طويلا ، فإنه لم يخلوا من تشويق وجذب انتباهنا ونحن نتابع معك بانفعلات اختلفت مع كل موقف .

ويكفي أن تكون قصة سامية بهدفها التي تصبو إليه الفكرة .

أسجل مروري وإعجابي .
تقبل تحيتي ......

مصطفى بطحيش
05-01-2007, 08:20 PM
ماأحزنني حقا ً
هو طلب حسام من ابيه ....
جيلنا لم يعد حساما ً لان سيوفنا على الحقيقة من خشب ولولا كان اسم الابن ... ماهر .... مثلا ( الاسم العلم ودلالاته الفلسفية مهمة في القصة )


يا سيدي فما تقول عن اطفال الحجارة الذي اوقفوا مشاريع يهود وخارطة الطريق !
وما تقول عن المقاومة العراقية التي مرغت القوة العاتية في وحل العراق فلا تجد لها مخرجاً سوى ما تفعله من تأجيج الحرب الأهلية !



وحزني الاكبر ان الاستاذ مصطفى جعلنا الغرقد في بلاد الجنائن المعلقة


اخي الحبيب اراك استعجلت الحكم !

فالعرقد كان يكلل الساتر الترابي فحسب وكان يحميه صف من الجنود من الجانبين فيمنعه من المتآمرين , كان لابد للشيخ ان يلجأ الى العنف كي يخترق جدار العرقد .



اما ثالثة الاثافي
فان معركتنا الحقيقية اراها في الحياة في سبيل الله وليس الموت في سبيله
الحق اقول
اننا مكلفون بقتال الظالمين اينما وجدوا وبأي زي تزيوا ولكن البندقية ليست سلاحنا الاول
انها معركة تجديد الوعي لاستبصار من قاوم ومن ساوم
ورص الصفوف

الموت قضية نسبية ومعنوية !
فكم من حي لايرضى بحياته الاموات , وكم من ميت كان موته شعلة تنير درب من خلفه !

ويحضرني قول عنترة :
لاتسقني كأس الحياة بذلةٍ *** بل فاسقني بالعز كأس الحنظل

وقول آخر :
ولجنة بالذل لا ارضي بها *** وجهنم بالعز اطيب منزل

اما الحياة في سبيل الله فنعما هي عزيزة كريمة
اما السلاح فهو الاداة التي تذود عن الفكر وتدفع الذل والمهانة , فتغدو ظافراً حياً , شهيداً أو منتظراً

" ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون "



فكم من نحسبه عدو وهو يبكي قضيتنا معنا ويدافع عن حقوقنا
وكم من صديق بل واخ لنا نحسبه بيننا ومعنا وهو الد الخصام
وليت القصة أشرت هذه الاشكالية من قبل عبور الحدود ومن بعدها


أينما كنت انظر جيدا في جدار العرقد !
ثم انظر اليه جيدا من الجانب الآخر !

لك الود والتقدير

مصطفى بطحيش
09-01-2007, 11:45 PM
قصة مشوقة جداً..
عشت تفاصيلها معك ، اجدت تماماً في وصف الحالة..
الحوار حي لديك ، الحالة النفسية لهم ، وخاصة الأب الذي يعيش حالة فراق ابنه وابنته ..كانت مشاعره صادقة للغاية.
صورت صراعهم الداخلي مع اهليهم وانفسهم ، وكذلك صراعهم الخارجي مع الظروف المحيطة ، والحدود التي تفصلهم عن هدفهم .
وفقت في جذبنا للمتابعة حتى النهاية .
قصة ناجحة أحييك عليها .
تقبل تقيري واحترامي .

اخي الحبيب حسام

اشكر مرورك الكريم وتشجيعك لي على اقتحام هذا الفن , ولكمي اعتقد انني احتاج الكثير , فقد اعياني التوفيق بين الفكرة والاختصار , ولم استطع التخلص من الاطالة

لك الحب والتقدير :001: