تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : فرحٌ مسروق ..



نور الجندلي
30-12-2006, 02:41 AM
فرحٌ مسروق ..

كانت تغمضُ عينيها لتنعم بظلمةٍ لذيذة تسمّى النّوم ، قبل الموعد بساعة ، وربما أكثر ! لعلّ ساعات الليل تتلاشى ، ويطلّ العيد ، فتحظى بهدية رائعة مغلّفة بغلافٍ لمّاع ، فتسلبها الدهشة وعيها ، وتنسى أن تطبع قبلة على خدّ والديها ، كما تنسى العبارة التقليديّة التي ما انفكّت طوال الليل ترددها ، لكيلا تنسـاها في تلك اللحظة .. كلّ عام وأنتم بخير ..

ينقضي الليلُ سريعاً فتصحو على تكبيرات المسجد تملأ قلبها بهجة ، ترتدي الثّوب الذي أقعدته على كرسي مكتبها الصّغير ، مع الحذاء الأحمر الذي أصرّت أن تبتاعه على غرابة شكله ، وتمضي تدفئ يدها الصّغيرة في كفّ والدها التي تقبضُ عليها برّقة ، تسابقُ قلبها إلى المسجد ، فتحيا روح التكبير الفَرِح ، لأمّة في مسجدٍ عريق .

كلّ الخراف كان لها مسمّى تطلقه عليها تباعاً في كلّ عام ، تعقدُ صداقة ووداً ، وتأسرها لحظاتُ مرحٍ يشوبها رعبٌ من قرونٍ مفتولة وصوف كثيف .
لم تذق طعم اللحم يوماً حزناً على أصدقائها ، وكم نعتت نفسها بالخائنة ، إذ وقفت تشهدهم ينحرون وتراقُ دماؤهم وهي صامتة ، متشحة بوجوم وحزنٍ يرتدي الفرح صباح العيد ..
لكن الحلوى احتلت في جيبها مكاناً واسعاً ، وهي تنهالُ عليها من القريب والغريب ، فتسعدُ قلبها كما تسعدها أناشيد دجلة العذبة ، وأرجوحة خشبية تضمّها بشدّة لتمنعها من الهروب من بين ذراعيها ، وتفرضُ عليها وقتاً إضافياً للمرح ..

العيدُ كان حقيقة تلمسها بيديها ، تعيش تفاصيله بكلّ جمالها . تؤكده بسمة لا تفارقُ ثغرها إلا مع إغفاءة استسلام على السّرير ..
.
.
.
مازالت ريم اليوم تغفو قبل موعد نومها بساعة .. بساعات .. بأيّام ..
لكنها تبقى نائمة حتى يمضي العيد ..
وقد تسوّلُ لها نفسها لحظات يقظة ، فتجلسُ لتتناول حلواها التي تسلمتها دفعة واحدة من والديها قبل حلوله ..
اقتنعت راغمة أن ترتدي ثوباً قديماً لم يعد يليقُ بها ، وهي كالنبتة تتطاول نمواً نحو الشّمس ..
مع أنها دُفنت طويلاً في ظلمة إلا أنها مازالت تتبع شمساً رسمتها لها معلمتها في صباحٍ بغدادي مشرق ، وعلمتها أن تتبعها مهما أظلمت في وجهها الدروب ..
ريمُ النباتية لم تذق لحماً منذ سنين ، مع أنها نكثت عهد صداقتها مع الخراف فما عادت تطيق وداعتها مُذ سمعت جدها يقول لوالدها : إنهم يقتلوننا كالخراف !
في مدينة جديدة باردة غريبة ؛ لم تجد ريم أرجوحة تحضنها إلا ذراعي والدتها ، فاتخذت منهما سريراً ، وغفت تحلم أن تعود لتصافح دجلة ، وتنشد مع سفنه العائدة أناشيد الفرح بالعيد السعيد ..

الصباح الخالدي
30-12-2006, 08:34 AM
بورك القلم العائد من جديد

ليلى الزنايدي
30-12-2006, 09:00 AM
نور الجندلي.... فعلا هو فرح مسروق... أو لنقل...
فرح مشنوق

نور الجندلي
31-12-2006, 09:21 PM
الأخ الكريم صباح الخالدي
الفاضلة ليلى

كل الشكر لمروركما الطيب

وجعل الله أياكم كلها فرحاً

وفاء شوكت خضر
01-01-2007, 01:35 AM
الأخت نور ...

تأخرت بالوصول هنا ..
وكم حزنت على أني لم أعانق هذه الدموع باكرا ..
رغم كل الحزن والألم المزروع في النفوس أشواكا لا تحصد ، ورغم الألم الذي سكبته هنا مدادا ..
رااااااااااااائعة بكل مشاعري .

دمت بألق أيتها النور ..

نور الجندلي
01-01-2007, 04:35 AM
الكريمة وفـــــــــاء
قد لا نتمكن من التعبير عن الحزن ، أو رسم الألم
لأن الحقيقة أشد إيلاماً
لذلك لا نملك إلا الدعاء بأن يرفع الله عن أمتنا ما أهمها وأن يفرج كربة المسلمين في كل مكان ..
لك الشكر الخالص
وتحية من القلب


تقديري

سحر الليالي
02-01-2007, 02:51 PM
رائعة يا نور

بحق قصتك آسرتني

سلمت يداك ودمت مبدعة

لك ودي وباقة ورد

نور الجندلي
02-01-2007, 08:30 PM
سحر الليالي
مرور كريم له تقديره
بارك الله بكِ وجزاكِ كل خير