المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ليلٌ بلا قنديل



وائل بن يوسف العريني
13-01-2007, 11:46 AM
مسح جبينه ليُسقط حبات الرمل التي علقت به جراء سقوطه في أرض الحديقة ، التفت عله يجد من يساعده في النهوض ، لا أحد ، الكل غارق في نومه صبيحة ذاك اليوم ، فاليوم عطلة ومن ذا الخَبِل الذي يترك نوم العطلة .
نظر إلى مكان السقوط ، هناك كرسيه يقف متأرجحاً تلامس عجلتان منه الأرض، استرجع الحادثة ، ما الذي أعثرني حتى سقطت ؟ ، إنها أنبوبة الماء المعترضة ، لطالما حاذرتها ، اليوم أتى الوقت الذي فيه الرقيب يغفلُ .. كان يحدث نفسه وعيناه تسبحان في خضرة الحديقة .. وقعت عينه على وردة حمراء ، تتأرجح مع نسمات الهواء الرقيقة وكأنها مزهوة بشبابها ونضارتها .
اعتمد على يديه وزحف حتى اقترب من تلك الوردة ، تأملها ، تأمل ساقها ، تأمل ورقتين تمسكان الساق في وجل .. أو ربما ظن هو ذلك ، هل تخاف تلك الورقتان السقوط ، لماذا ؟ أنا سقطت قبل قليل ولكني لا أزال كما أنا ، توقف عند هذا الهاجس وأخذ يردد " كما أنا " ، وما الفارق ؟ هل تلك الورقتان إن سقطتا ستبقيان كما هما ، بالطبع لا ، ستذبلان ثم تيبسان ثم .. لا لا ، الأفضل أن تبقيا ممسكتين بالساق ، تشبثا حتى لا تذهبا إلى النسيان ، إلى لعبة في يد الريح .
عاد يتأمل الوردة وساقها ، ثمة شيء غريب يجعله يتوقف .. يفكر .. لماذا الوردة تبدو منتفخة بينما الساق دقيق ؟ ، نعم الساق دقيق ويحمل أكبر من طاقته ، هل سيأتي يوم ويسأم من ذاك الحمل ؟ ، ثم هو مُثقَلٌ بالورقتين ، ما أشد صبرك أيها الساق !! ، وساقاي لا يحملاني رغم حجمهما المعقول .. الحمد لله على كل حال .
في هذه الأثناء تمايل الساق فأخذت الوردة تتأرجح يمنة ويسرة ، إلى الأمام وإلى الخلف ، ولكن سرعان ما سكن الساق فارتاحت الوردة من هذا العناء .
أعاده هذا المشهد إلى كرسيه ومشهد سقوطه ، لِمَ لم يجنبني الكرسي السقوط كما جنب الساق الوردة من السقوط ؟ ،، الآن فهمت ، الساق يغذي الوردة فحرص عليها وحماها ، أما أنا .. أما أنا .. راح يزحف حتى غادر الحديقة .
التفت .. الكرسي لا يزال تتأرجح إحدى عجلاته مع الريح ، لا يزال جاثماً على إحدى قدميه وإحدى يديه ويصور نظرة ساخرة .. بينما الوردة تنعم بأرجوحة الساق .. تتمايل .. تضحك .. فرت منه دمعة .. انزلقت .. وقعت على رخام الفناء .. عاد يزحف باتجاه القصر ..
تمت
21/ 12 / 1427هـ

محمد سامي البوهي
13-01-2007, 03:50 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
النص يحمل إلينا لمحة إنسانية رائعة ، مقابلة فريدة ، بين إنسان معاق ، وزهرة ، اللغة عالية جداً ، وهذا بالفعل أكثر ما أعجبني ، جاءت النهاية تحمل إلينا أعماقاً وأقداراً ، ما أجمل الصراع الداخلى الدائر بالنص ، أخي وائل .... دعني أهنئك على هذه القصة .
دمت مبدعاً

جوتيار تمر
13-01-2007, 04:37 PM
العريني..
الزمن لايتوقف..وليس هناك من يتأثر بمرور وانقضاء الزمن مثلما يتاثر الانسان.
وليس غريبا ابدا ان يثير عقله كل ما حوله...فقد وضع فيه هذه الملكة ليفكر..ليتامل..لينظر..ليرى..و يحكم على الاشياء من خلال رؤيته ونظرته اليها ومقارنتها بحالته التي يعيشها دون ان ينسى بانها تبقى اشياء خارجة عن نطاق قدرته..انما ليس له سوى التساؤل..وهو الامر الوحيد الذي لن يجد نفسه قد تعداه حتى عندما يصبح مجرد هرم عجوز لايقدر التنفس..فقط هذا الامر ينتمي عندما تفارق روحه جسده.
والوردة..ذات الساق..والورقتين..والكرسي المتحرك..وانبوب الماء..والسقوط...والتفكير..ك هذه الامور معا..ليست الا عوارض من ممكنات الحياة..ومتناقضات الوجود..وهي مكلمة لبعضها البعض.
نص يحمل دلالات قدرية..ورسالة واضحة المعالم.
تقديري ومحبتي
جوتيار

سحر الليالي
13-01-2007, 05:18 PM
رائع ما قرأته هنا

أيها لفاضل :سلمت يداك وأهلا بك في واحة لخير مبدعا نعتز به

بإنتظار جديدك دوما

تقبل خالص إعجابي

الكعبي
14-01-2007, 01:40 AM
اخي
قصة جميلة لكنها تشبه الخاطرة أكثر من القصةة
ثانيا عنوانها لايناسب مضمونها , لو كان العنوان مثلا: السقوط أو الوتد أو العمد
كلامي هذا لاينقص من جمال خاطرتك
كن بخير

أديب قبلان
14-01-2007, 09:04 AM
نبضات حروف متألقة .. ترسم شفاهاً جديدة تنطق برسم الحياة ...

أخي العريني .. لقد أبدعت في وصف ذلك المقعد .. يا لها من تأملات ..بل ليست تأملات .. هي صورة حديثة .. ولمسة عفيفة على واقع مرير أضفى الإيمان إلى قلبه المتعثر وتبين ذلك من قوله الحمدلله على كل حال ...

تقبل التحية

وائل بن يوسف العريني
16-01-2007, 07:07 PM
أولا أحب أن أقدم اعتذاري بين يدي هذا الرد على تأخري في المجيء والاطلاع على تقريض الإخوة لهذا العمل المتواضع
الأخ والأديب محمد البوهي
أشكرك على مرورك الكريم وإطلالتك الرائعة
كما أشكرك على هذا الإطراء الذي ينوء عملي بمثله
واسلم لأخيك ومحبك ..
الأخت جوتيار تمر
أشكرك على تقريضك وقراءتك لهذا العمل وقيمة التساؤلات فيه
أتمنى من الأعماق لك التوفيق وسلمت ..
الأخت سحر الليالي
أشكرك على مرورك الكريم
وحياك الله
الأخ الكعبي
شكراً على رأيك وإن كنت لا أوافقك ،، فالعنوان أصبح اليوم يحمل من الدلالات ما لا تجده في المضمون ،، ولذا فإن هناك أعمالاً نقدية تقوم على قراءة العنوان والتأمل فيه ومحاولة تفكيك دلالاته دون النظر إلى المضمون وهذا ما يطلق عليه قانون السلطات الثلاث للعمل الإبداعي
أما بخصوص تصنيف هذا العمل فلا أخفيك أنني توقفت قليلاً عندما أردت نقل هذا العمل من الحاسب إلى الواحة ، لوقوع هذا العمل على خط التماس بين القصة والمقالة القصصية -لا الخاطرة كما قلت أنت -، إلا أن وجود العقدة جعلني أغلب جانب القصة على المقالة على الرغم من خلوها من الحوار الذي هو أحد الأجزاء المكونة للقصة
أكرر شكري لك على إطلالتك ودمت لأخيك ..
الأخ أديب قبلان :
أهلا بك وشكراً على إطرائك الكريم لهذا العمل المتواضع ودمت أخاً وصديقاً
والله يرعاك ..
خطّه :
وائل العريني