مشاهدة النسخة كاملة : طحالب الانتظار
حنان الاغا
15-01-2007, 06:38 PM
طحالب الانتظار
جاء الخوف مبكرا في ذلك الصباح .. أطل مع خيوط الفجر الأولى ، مدججا قرع الباب
قرْع الواثق من فتحه ، بل من اقتناص من خلفه.
فُتح الباب ، وكان هو ، وقف في حلق الباب جسدا مصلوبا متأرجحا كالواقف فوق خيط رفيع ومن تحته هوة سحيقة ، ينظر يمنة فيجد واحة من الأمان والحنان ، وينظر
يسرة فيجد القسوة والبغض فما واسعا يستعد لابتلاعه.
بين الأم التي تشبثت بذراع وحيدها ، وبين الخوف المدجج الذي تشبث بالأخرى ، كان هو ، الروح والعقل وباقي الجسد وسط لعبة تشبه لعبة شد الحبل التي كان يلعبها عندما كان تلميذا في حصة الرياضة البدنية .كان فريقه يغلِب تارة ويُغلب تارة أخرى ،
ولكنه الآن في هذه اللحظات يعلم تماما لمن ستكون الغلبة، بالتأكيد لن تكون للحب والأمان في زمن الرعب والشك وتغيير المسميات ، الزمن الذي انتفت فيه البراءة
ونام فيه العقل، واستقال فيه المنطق ، وتلبست شياطين القهر فيه أرواح البشر ، بحيث أصبح الجدار أذنا والنافذة فما والباب أغلالا تسوق الروح والجسد إلى قيعان
غائرة مجهولة لها جدران كابية لا شكل لها ولا لون إلا ما تسمح بتزييفه العتمة
من أخْيلة تثير الريبة في ما تبقّى من شعاعات الروح القانتة إلا من رحمة إلهية .
حرك ظهره وفركه بالجدار الفاقد اللون ، ربما أراد أن يتأكد من أن مجسات الحس ما
تزال تعمل في جسده المنهك.
رفع كفّيْه إلى جانبيْ رأسه كأنما يكبّر للصلاة ، ولكن ساعته الحيويّة ما تزال تعي
أن الوقت ليس وقت صلاة .. كما أن ساعة الظل _الذي بالكاد يسير على الكيانات
اللزجة حوله _ قد اقترحت ذلك أيضا، فأمسك رأسه بين راحتيه بحرص كمن يمسك إناء نفيسا يحتوي على أكسير الحياة ..لم يتبقّ إلا محتويات هذا الإناء ولن يفرط فيها ،
فالروح انتكست قلقا وفقدا وانتظارا ، والجسد انتهك ضربا وذلا وجلوسا إلى الجدران
التي أخذت تزهو يوما بعد يوم مع شبح ضوء يتراءى كل صباح ، ويوحي بلون الطحلب الذي يغشاها .
تحسس الرأس بحب يخبئه عميقا في أغوار تكوينه ، في بقعة ما تزال نظيفة طاهرة
في نخاع عظمه ، وهمس دون أن يحرك شفتيه - لو بقيت أنت فقط فنحن ، أنا وأنت بخير .
حاول أن يتبين الأرقام التي حزّها بأظافره على الجدران أثلاما في طبقة الطحلب ،
والتي حرص على تعميقها كي تبقى مقروءة أو ملموسة حتى ، فيما لو فكرت
الطحالب القميئة أن تنمو وتطول وتملأ الأثلام . قرأ الأرقام بأطراف أصابعه برشاقة مستَغرَبة في مثل هذا الوضع ، وأحس بقلبه يهوي ، وبنبضه يتسارع . تكلم إلى عقله
بهمس - لو كانت حاسة اللمس لدينا ما تزال سليمة فقد اقترب الضوء ، واقتربنا من الحب والحُر..... وأحس بدوامة تجتاح الجسد الهزيل ، وتخيّل أنه في عُرض البحر ،
استسلم لها وهو يستمع إلى صدى قعقعة المعدن من بعيد.ها هو يحرك ظهره الملتصق بالجدار ، جدار الأرقام فينمحي بعضها ويدمج بعضها بالآخر . ما هَمَ
وقد حان الوقت ..
فَرَدَ جسده بصعوبة وهو يدندن على صوت القعقعة ، وهو الصوت ذاته الذي طالما أبكاه طيلة أرقام كثيرة مرت عليه دون أن يدري حقيقة ما جاء به إلى هنا ، وحقيقة ما سيخرجه من هنا بعيدا إلى حضن أمه .
استرخى الجسد تماما على إيقاع الصوت الآتي من بعيد ، واسترخى الجفنان وأُغمِضت العينان على صورة آت قد لا يأتي
______________
حنان الأغا
2006
جوتيار تمر
16-01-2007, 10:23 PM
حنان........
دائما اجدني امام واقع اتهرب منه...لكنه واقع لايريد ان يهرب مني لانه يجيد ادخالي في متاهات اللاوجود واللاشيء..اللذان اجيدهما انا.
الانسان عندما يفكر باصلاح واقعه الارضي انما يفعل ذلك باسم ضرورة الحياة من حيث ان المجموعات الانسانية الممزقة لاتقوى على ايجاد حل او مخرج امام الموت،والاصلاح الذي يتم هو ازالة كاملة وجذرية لدعاة الحياة السطحية الغير مكترثة لاعماق الحياة الانسانية.
وقلما نجد من يفكر..بذلك...الوقت لايسعف..والاصوات تزداد انينا..ولاشيء هو الباقي .
عذرا حلقت بعيدا...
محبتي لك
جوتيار
سحر الليالي
17-01-2007, 03:01 PM
الكاتية المبدعة حنان:
قصة جميلة
أبدعت هنا بما حمله حرفك من معنى وفكرة
تعودنا منك دائما على الإبداع الذي تبهرينا به
رائعة بحق
دام قلمك بألق
لك خالص إعجابي وتقديري وباقة ورد وفل:0014:
ريمة الخاني
17-01-2007, 03:28 PM
ربما يحتفظ كل منا بحيز يشبهه...او ربما كان شيئا من نفسه...حبيسون نحن عندما نسبح في فضاء الذكريات مؤلمة اكثر من وقعها المرير...فعلا حلقت كذلك معها كثيرا
ابداااااااااااااااااااع
الصباح الخالدي
19-01-2007, 09:44 AM
حنان حرفك جميل فقط لاغير
محمد سامي البوهي
19-01-2007, 11:02 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأستاذة الفنانة / حنان
مداخلات :
النص لمحته من النوع الدائري الغارق في فلسفة النفس ، والغير ، والواقع ، بدأت القصة بمجهول متغير ، وانتهت بمجهول ثابت ...
(فُتح الباب ، وكان هو ، وقف في حلق الباب جسدا مصلوبا متأرجحا كالواقف فوق خيط رفيع )
إلى ......
(استرخى الجسد تماما على إيقاع الصوت الآتي من بعيد ، واسترخى الجفنان وأُغمِضت العينان على صورة آت قد لا يأتي)
السؤل الذي يرسم نفس القارىء هنا :
كيف أنه لم يأت وقد أتى بالفعل في البداية ؟!
ولكن الإجابة مجهولة بالفعل ، وفقدناها جميعاً ، وإن وجدناها فأكيد نكون قد عثرنا على ما يحيرنا في هذه الحياة .
دقة فوق الدقة :
طحالب الإنتظار ، عندما نقرا كلمة طحالب تتداعى علينا معان كثيرة ، ( اللون الأخضر / اللزوجة/ البحر/ الدقة )
اللون الاخضر خير ... اللزوجة هي سطوة ... البحر هو الغيب ، الدقة تشعرنا بالجهل وتقدم الآخرين .
أما عن إلصاق الطحالب بالانتظار ، فأظن لأننا ننتظر الخير ، ووننتظر تحررنا من السطوة ، وننتظر الغيب ، ونرقى للتقدم )
لكننا ننتظر شيئاً قد لا يأتي ....
الأديبة حنان .... هكذا فسرتها
لك تقديري
ابن الدين علي
22-01-2007, 04:08 PM
الأستادة حنان .القصة ليس فيها ما يشوبها على الأقل بالنسبة لي . و لكن ما لفت إنتباهي هو مسحة الحزن التي أقرأها في معظم المواضيع.تقريبا كل مبدعي العالم العربي لا يتحدثون إلا عن الكآبة و في الكآبة. هدا يعكس نفسيتنا التي تتأثر بالواقع.
حنان الاغا
24-01-2007, 10:46 PM
حنان........
دائما اجدني امام واقع اتهرب منه...لكنه واقع لايريد ان يهرب مني لانه يجيد ادخالي في متاهات اللاوجود واللاشيء..اللذان اجيدهما انا.
الانسان عندما يفكر باصلاح واقعه الارضي انما يفعل ذلك باسم ضرورة الحياة من حيث ان المجموعات الانسانية الممزقة لاتقوى على ايجاد حل او مخرج امام الموت،والاصلاح الذي يتم هو ازالة كاملة وجذرية لدعاة الحياة السطحية الغير مكترثة لاعماق الحياة الانسانية.
وقلما نجد من يفكر..بذلك...الوقت لايسعف..والاصوات تزداد انينا..ولاشيء هو الباقي .
عذرا حلقت بعيدا...
محبتي لك
جوتيار
____________________________--
جوتيار
مساء طيب وتحية من دمشق
الواقع هو نحن فلا مهرب،
والآتي يحمل احتمالات آكثر تنوعا فلا تقلق
تحياتي ودم محلقا
حنان الاغا
24-01-2007, 10:54 PM
الكاتية المبدعة حنان:
قصة جميلة
أبدعت هنا بما حمله حرفك من معنى وفكرة
تعودنا منك دائما على الإبداع الذي تبهرينا به
رائعة بحق
دام قلمك بألق
لك خالص إعجابي وتقديري وباقة ورد وفل:0014:
__________________________
سحر الليالي
أرجو المعذرة عزيزتي للتأخير فأنا في إجازة وحيث أنا أجد صعوبة في الدخول إلى الشبكة
يسعدني جدا تواجدك حيث كلماتي
تحياتي لك
د. مصطفى عراقي
24-01-2007, 11:22 PM
طحالب الانتظار
جاء الخوف مبكرا في ذلك الصباح .. أطل مع خيوط الفجر الأولى ، مدججا قرع الباب
قرْع الواثق من فتحه ، بل من اقتناص من خلفه.
فُتح الباب ، وكان هو ، وقف في حلق الباب جسدا مصلوبا متأرجحا كالواقف فوق خيط رفيع ومن تحته هوة سحيقة ، ينظر يمنة فيجد واحة من الأمان والحنان ، وينظر
يسرة فيجد القسوة والبغض فما واسعا يستعد لابتلاعه.
بين الأم التي تشبثت بذراع وحيدها ، وبين الخوف المدجج الذي تشبث بالأخرى ، كان هو ، الروح والعقل وباقي الجسد وسط لعبة تشبه لعبة شد الحبل التي كان يلعبها عندما كان تلميذا في حصة الرياضة البدنية .كان فريقه يغلِب تارة ويُغلب تارة أخرى ،
ولكنه الآن في هذه اللحظات يعلم تماما لمن ستكون الغلبة، بالتأكيد لن تكون للحب والأمان في زمن الرعب والشك وتغيير المسميات ، الزمن الذي انتفت فيه البراءة
ونام فيه العقل، واستقال فيه المنطق ، وتلبست شياطين القهر فيه أرواح البشر ، بحيث أصبح الجدار أذنا والنافذة فما والباب أغلالا تسوق الروح والجسد إلى قيعان
غائرة مجهولة لها جدران كابية لا شكل لها ولا لون إلا ما تسمح بتزييفه العتمة
من أخْيلة تثير الريبة في ما تبقّى من شعاعات الروح القانتة إلا من رحمة إلهية .
حرك ظهره وفركه بالجدار الفاقد اللون ، ربما أراد أن يتأكد من أن مجسات الحس ما
تزال تعمل في جسده المنهك.
رفع كفّيْه إلى جانبيْ رأسه كأنما يكبّر للصلاة ، ولكن ساعته الحيويّة ما تزال تعي
أن الوقت ليس وقت صلاة .. كما أن ساعة الظل _الذي بالكاد يسير على الكيانات
اللزجة حوله _ قد اقترحت ذلك أيضا، فأمسك رأسه بين راحتيه بحرص كمن يمسك إناء نفيسا يحتوي على أكسير الحياة ..لم يتبقّ إلا محتويات هذا الإناء ولن يفرط فيها ،
فالروح انتكست قلقا وفقدا وانتظارا ، والجسد انتهك ضربا وذلا وجلوسا إلى الجدران
التي أخذت تزهو يوما بعد يوم مع شبح ضوء يتراءى كل صباح ، ويوحي بلون الطحلب الذي يغشاها .
تحسس الرأس بحب يخبئه عميقا في أغوار تكوينه ، في بقعة ما تزال نظيفة طاهرة
في نخاع عظمه ، وهمس دون أن يحرك شفتيه - لو بقيت أنت فقط فنحن ، أنا وأنت بخير .
حاول أن يتبين الأرقام التي حزّها بأظافره على الجدران أثلاما في طبقة الطحلب ،
والتي حرص على تعميقها كي تبقى مقروءة أو ملموسة حتى ، فيما لو فكرت
الطحالب القميئة أن تنمو وتطول وتملأ الأثلام . قرأ الأرقام بأطراف أصابعه برشاقة مستَغرَبة في مثل هذا الوضع ، وأحس بقلبه يهوي ، وبنبضه يتسارع . تكلم إلى عقله
بهمس - لو كانت حاسة اللمس لدينا ما تزال سليمة فقد اقترب الضوء ، واقتربنا من الحب والحُر..... وأحس بدوامة تجتاح الجسد الهزيل ، وتخيّل أنه في عُرض البحر ،
استسلم لها وهو يستمع إلى صدى قعقعة المعدن من بعيد.ها هو يحرك ظهره الملتصق بالجدار ، جدار الأرقام فينمحي بعضها ويدمج بعضها بالآخر . ما هَمَ
وقد حان الوقت ..
فَرَدَ جسده بصعوبة وهو يدندن على صوت القعقعة ، وهو الصوت ذاته الذي طالما أبكاه طيلة أرقام كثيرة مرت عليه دون أن يدري حقيقة ما جاء به إلى هنا ، وحقيقة ما سيخرجه من هنا بعيدا إلى حضن أمه .
استرخى الجسد تماما على إيقاع الصوت الآتي من بعيد ، واسترخى الجفنان وأُغمِضت العينان على صورة آت قد لا يأتي
______________
حنان الأغا
2006
===================
القاصَّة المبدعة المتميزة حنان
أرفع إليك أسمى تحية لهذه القصة المتميزة المتفردة التي جمعت بحذق بين الواقعية في المستوى الشكلي الظاهري والرمزية في مستواها الداخلي العميق .
فبينما نحن نسترسل مع المستوى الواقعي تأخذنا القصة إلى المستوى الرمزي ببراعة وإتقان فنجد أنفسنا معها نعيش العالميْن معا.
وأرى أن هذا يفسر مسألة تتابع المشاهد .
فمنذ البداية نلمح الصراع بين : الآتي الثقيل : الخوف (وهو شعور) :
" جاء الخوف مبكرا في ذلك الصباح .. أطلمع خيوط الفجر الأولى ، مدججا قرع الباب قرْعَ الواثق من فتحه" ،
وشبح الضوء ،( وهو صورة رمزية للأمل الشفيف):
"وجلوسا إلى الجدران التي أخذت تزهو يوما بعد يوم مع شبح ضوء يتراءى كلصباح ، ويوحي بلون الطحلب الذي يغشاها ."
وبينهما :بطلنا الإنسان الذي كان طفلا، والأم التي تتشبث بذراعه وهي تصارع الخوف، والتي يتوق بطلنا (ابنها) فيما بعد إلى حضنها الحبيب.
وأرى أن قراءة القصة في ضوء تيار الوعي الساري بها يجليها لنا قصة محكمة البناء ، سلسة السرد ، متتابعة المشاهد ، ليس بالمنطق الواقعي الظاهري ولكن بالمنطق الرمزي الكامن فيها والذي آثرته القصة تقنية لها.
وتيار الوعي - كما يقول الدكتور محمد الحضيف - : "تقنية لعرض ما يرد في ذهن الشخصية كما هو.. منثالاً .. متداخلاً .. متتبعاً للتفاصيل.. مسترجعاً للأصوات...... تقنية تصور البطل من أعماقه .. متأملاً ذاته.. محاوراً لها .. متخيلاً .. مناجياً حتى الذين لن يسمعوه..".( انظر: الرمز وتيار الوعي في قصة .. :"زينب يعصرها الأسى" .
)http://www.alhodaif.com/views.php?vw=1 (http://www.alhodaif.com/views.php?vw=1)
وهذا ما أرى أن القاصة قد حققته هنا بتوفيق كبير . واستثمرت إمكاناته بفنية عالية.
وقد أشارت الكاتبة نفسها إلى هذا باسلوب فني درامي موحٍ حين قالت :
: ونام فيه العقل، واستقال فيه المنطق ، وتلبست شياطين القهر فيه أرواح البشر ، بحيث أصبح الجدار أذنا والنافذة فما والباب أغلالا تسوق الروح والجسد إلى قيعان".
إن الذي استقال هنا هو المنطق الواقعي ليفسح المجال للمنطق الخيالي الذي يسيطر على القصة سردا وبناء، وتشخيصا وتصويرا ثم تشكيلا وتوظيفا. ليغوص في أعماق البطل ،
وهو ما يفسِّر طبيعة الحركة في سياقها المتميز، وتتابع المشاهد فيها، وكأن المشهد يتولد مما سبقه كما يتجلى هنا :
".ها هو يحرك ظهره الملتصق بالجدار ، جدارالأرقام فينمحي بعضها ويدمج بعضها بالآخر".
ومن هنا ندرك لجوء القاصة إلى عنصرين فنيين على مستويي التشكيل، والتوظيف في سياق القصة كأنهما صارا شخصين من شخوص القصة الأساسية من جهة ، ووسيلتين من وسائل البناء بما يمثلان من خيوط العقدة والحل معا :
العنصر الأول: اللون:
" ويوحي بلون الطحلب الذي يغشاها ."
هكذا بدون تحديد للون ليختار القارئ اللون الذي يتسق مع رؤيته، غير ان هذا اللون يقوم بدوره في تجسيد رمز الطحلب الذي يدل على مدى قسوة الانتظار . وكأن القاصّة لم تشأ وصفه بالخضرة حتى لا تعطيه قيمة جميلة لا يستحقها.
العنصر الثاني: الصوت:
تفننت القاصة في توظيف الصوت واستثمار مستوياته كالهمس والإيقاع والقعقعة في السياق السردي ، مثل:
"..... وأحس بدوامة تجتاح الجسد الهزيل ، وتخيّل أنه في عَرض البحر،استسلم لها وهو يستمع إلى صدى قعقعة المعدن من بعيد."
ثم في الختام قائما بدوره التشكيلي والدرامي :
"فَرَدَ جسده بصعوبة وهو يدندن على صوت القعقعة ،وهو الصوت ذاته الذي طالما أبكاه طيلة أرقام كثيرة مرت عليه دون أن يدري حقيقة ماجاء به إلى هنا ، وحقيقة ما سيخرجه من هنا بعيدا إلى حضن أمه . استرخى الجسد تماما على إيقاع الصوت الآتي من بعيد ، واسترخى الجفنان وأُغمِضت العينان على صورة آت قد لا يأتي ."
وهكذا تمتد مساحة القصة في وجداننا كما امتدت في وجدان بطلها.
أما فيما يتعلق بالزمن فقد أبدعت كاتبتنا في تصوير ساعات الانتظار الكئيبة الخانقة لا سيما على الأحرار الذين يتوقون إلى الانعتاق والتحرر من قبضتها
لقد جسدتها هنا تجسيدا فنيا في صورة الطحالب اللزجة
وهو اختيار موح جدا فهي بالرغم من هذه اللزوجة الخانقة فإنها ضعيفة جدا ، لا تتطلب إلا رغبة صادقة في التخلص منها!
وهذا ما فعله البطل هنا لقد هم وصدق في همه فكان ما كان
ومن هنا تجلت قيمة عنصر الزمن في هذه القصة الجميلة
وقد حان الوقت ..
نعم يا سيدتي
لقد حان الوقت للانعتاق من قبضة الطحالب وليكن ما يكون
أديبتنا الفنانة ، وقاصّتنا المبدعة:
تحياتي لك وللجميع
وفاء شوكت خضر
26-01-2007, 06:03 PM
الأديبة المبدعة / حنان الآغا ..
ديعني أقول لك ترجمة عقلي لهذه القصة التي كلما قرأتها شعرت برغبة لقراءتها مرة أخرى .. على إحساسي ، يتغير وعل تلك الصور التي توالت على مخيلتي تتغير لكنها للأسف رسخت ..
واقع المعتقلات والسجون السياسية ، كان الجدار أذنا والنافذة عينا .. الكل يرقب الكل ، والطغيان سيد الموقف ، زنزانات في أقبية وسراديب تحت الأرض ، العفونة واللزوجه ، والحائط هو لوحة الأيام ..
صوت المعدن .. هو أصفاد من يأتي ومن يغادر هذا المعتقل العفن ، فالقادم اليها يكون صوت الأصفاد بعيدا ثم يقترب .. والمغادر يكون قريبا فيبتعد ..
ويبقى الأمل ..
هل روزنامة الحائط تنتهي .. فنموالطحالب وارتفاعها عن سطح الحائط أو جفافها وانحسارها يشكلان الفصول ، والأيام المحفورة عدا .. هي أيام الإنتظار ، لموعد الحرية .
هذه الصورة التي مرت في مخيلتي كلما قرأت نصك ..
وكأنها رمزية تحكي واقع السجون والمعتقلات .. وحال المعتقلين فيها ..
حنان الآغا ..
بات بيني وبين حروقك ألفة ..
أتمنى لك إجازة جميلة في ربوع دمشق .. وعودة حميدة تتزين السعادة والهناء .
ننتظر عودتك بفارغ الصبر .
كل الحب والمودة وثلة ياسمين دمشقية .
تحيتي أيتها الغالية .
حنان الاغا
05-02-2007, 03:37 PM
ربما يحتفظ كل منا بحيز يشبهه...او ربما كان شيئا من نفسه...حبيسون نحن عندما نسبح في فضاء الذكريات مؤلمة اكثر من وقعها المرير...فعلا حلقت كذلك معها كثيرا
ابداااااااااااااااااااع
___________________________
ربما وربما
الاحتمالات كثيرة ومفتوحة أيتها العزيزة
ولكن أن نسبح في الذكرى على قسوتها أحيانا لهو خيرمن أن نفقدها
تحياتي ريمة الخاني
حنان الاغا
05-02-2007, 03:39 PM
حنان حرفك جميل فقط لاغير
_____________________
ربما أجدني الآن أقرا في ردك المختصر الكثير مما لم يكتب
شكرا لما كتبت
ولما لم تكتب
الصباح تحياتي
حنان الاغا
05-02-2007, 11:02 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأستاذة الفنانة / حنان
مداخلات :
النص لمحته من النوع الدائري الغارق في فلسفة النفس ، والغير ، والواقع ، بدأت القصة بمجهول متغير ، وانتهت بمجهول ثابت ...
(فُتح الباب ، وكان هو ، وقف في حلق الباب جسدا مصلوبا متأرجحا كالواقف فوق خيط رفيع )
إلى ......
(استرخى الجسد تماما على إيقاع الصوت الآتي من بعيد ، واسترخى الجفنان وأُغمِضت العينان على صورة آت قد لا يأتي)
السؤل الذي يرسم نفس القارىء هنا :
كيف أنه لم يأت وقد أتى بالفعل في البداية ؟!
ولكن الإجابة مجهولة بالفعل ، وفقدناها جميعاً ، وإن وجدناها فأكيد نكون قد عثرنا على ما يحيرنا في هذه الحياة .
دقة فوق الدقة :
طحالب الإنتظار ، عندما نقرا كلمة طحالب تتداعى علينا معان كثيرة ، ( اللون الأخضر / اللزوجة/ البحر/ الدقة )
اللون الاخضر خير ... اللزوجة هي سطوة ... البحر هو الغيب ، الدقة تشعرنا بالجهل وتقدم الآخرين .
أما عن إلصاق الطحالب بالانتظار ، فأظن لأننا ننتظر الخير ، ووننتظر تحررنا من السطوة ، وننتظر الغيب ، ونرقى للتقدم )
لكننا ننتظر شيئاً قد لا يأتي ....
الأديبة حنان .... هكذا فسرتها
لك تقديري
________________________________
قراءتك أخي محمد كعادتها في اللب
لقد قرأت قصتي صورا بل لوحات وهذه براعة مشهودة لك
وما أتى في البدء كان الخوف
أما ما ننتظر فهو الأمل
الأرجح أنه سيأتي
دعواتك
حنان الاغا
05-02-2007, 11:06 PM
الأستادة حنان .القصة ليس فيها ما يشوبها على الأقل بالنسبة لي . و لكن ما لفت إنتباهي هو مسحة الحزن التي أقرأها في معظم المواضيع.تقريبا كل مبدعي العالم العربي لا يتحدثون إلا عن الكآبة و في الكآبة. هدا يعكس نفسيتنا التي تتأثر بالواقع.
_____________________________----
الأخ ابن الدين علي
مرحبا بك
معك حق بالنسبة لمسحة الحزن
ولكن الحزن ليس كآبة بالضرورة
وأين نجد ما يفرح هذه الأيام
فنحن أينما نوجه أنظارنا نجد الاقتتال والقمع والاعتقال، اعتقال الجسد أو اللسان
لكن الأمل مرصود ، موجود
حنان الاغا
05-02-2007, 11:18 PM
الأخ الصديق د. مصطفى عراقي
تغرقني دائما بكرمك
ولا أعرف ما أقول ، وربما أجتهد ببضع كلمات أجدها لا تتناسب وقراءاتك التي تمنح النص روعة ومكانة أعتز بها دائما ، لأنها من أديب شاعر ناقد فذ
استمتعت بالقراءة واستفدت أيها المعلم ،
تحياتي لك دائما
ملحوظة
تخيلت وأنا أقرأ تعليقك أن هناك باحث مستكشف يتسلل إلى نفق أو كهف زلق مطحلب
ورأيته يتلمس بأنامله كل ما يصدفه في طريقه الصعبة
ثم يلملم بعض العناصر والموجودات في كيس شفيف
ولك أن تضحك لهذياني
سلامات
حنان الاغا
05-02-2007, 11:25 PM
الأديبة المبدعة / حنان الآغا ..
ديعني أقول لك ترجمة عقلي لهذه القصة التي كلما قرأتها شعرت برغبة لقراءتها مرة أخرى .. على إحساسي ، يتغير وعل تلك الصور التي توالت على مخيلتي تتغير لكنها للأسف رسخت ..
واقع المعتقلات والسجون السياسية ، كان الجدار أذنا والنافذة عينا .. الكل يرقب الكل ، والطغيان سيد الموقف ، زنزانات في أقبية وسراديب تحت الأرض ، العفونة واللزوجه ، والحائط هو لوحة الأيام ..
صوت المعدن .. هو أصفاد من يأتي ومن يغادر هذا المعتقل العفن ، فالقادم اليها يكون صوت الأصفاد بعيدا ثم يقترب .. والمغادر يكون قريبا فيبتعد ..
ويبقى الأمل ..
هل روزنامة الحائط تنتهي .. فنموالطحالب وارتفاعها عن سطح الحائط أو جفافها وانحسارها يشكلان الفصول ، والأيام المحفورة عدا .. هي أيام الإنتظار ، لموعد الحرية .
هذه الصورة التي مرت في مخيلتي كلما قرأت نصك ..
وكأنها رمزية تحكي واقع السجون والمعتقلات .. وحال المعتقلين فيها ..
حنان الآغا ..
بات بيني وبين حروقك ألفة ..
أتمنى لك إجازة جميلة في ربوع دمشق .. وعودة حميدة تتزين السعادة والهناء .
ننتظر عودتك بفارغ الصبر .
كل الحب والمودة وثلة ياسمين دمشقية .
تحيتي أيتها الغالية .
_________________________
أيتها العزيزة وفاء
سامحيني إن أخطأت في تسلسل الردود وهو أمر لا أعرف كيف أنجو منه
أدهشتني وفاء حقا بهذا التحليل وتلك القراءة
الطحالب هي التقويم الذي يمثل الزمن ، الوقت والأيام
والحدث كما قلت في المعتقل أي معتقل
والبطل هو الإنسان الذي يحاكم دون قضية أو يسجن دون محاكمة
كلاهما الأسوأ
ويا صديقة الحرف أشكر تمنياتك
وها أنا عدت من السفر لأجني بعض الفرح بحروفكم
دمت
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir