تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : النحو المبرَّر! والضرورة الشعرية



أحمد حسن محمد
19-01-2007, 10:47 AM
تعبت النفس في هذا المضمار ورغم أنه يجب أن يكون هناك إضبارات حتى تشفي الصدي هنا، إلا أنه مرحلة بعد القطع في بداية المسألة..
قد يكون لضعف قراءتي لم أطلع على ما يروي عطشي في مثل ذلك الأمر،
ولكن أرجو من اللـه أن تكون هناك فائدة كبرى لي لي ولغيري هنا في الواحة القريبة الكريمة..
فقط أريد أن أطرح وجهة نظر هنا في علاقة النحو العربي بالنصوص الإبداعية، أو بالعملية الإبداعية كلها..
نجد هناك لفظة الضرورة الشعرية واستخدامها، والتي أدت ببعض النحويين أن يقولوا بالقاعدة وحدودها، ولكنهم يجوزون للشاعر أن يخالفها أو يكسر هذه القاعدة بسبب أنه في حالة إبداع.. وأطرح وجهة نظر بسيطة ألا وهي ما معنى القاعدة النحوية؟
أو بالتحديد معنى كلمة "القاعدة" وهل كان تحديدها لأجل رواية سمعت ولم يبررها الراوي، فكان هذا هو السبب الذي جوّز اختراقها للشاعر، مع أنه في إمكانه أن يأتي بتركيب آخر..
فهل السبب هو الوزن؟
أم حالة الإبداع؟
وإن كان للوزن فأسأل ما القيمة الجمالية أو النفعية التي جُعلت لها قواعد اللغة؟
وهل يعوضها الوزن مع أنه لم يكتشف معنى معين للوزن .. حتى الآن.. أقصد معنى كاملا التميز والحدود..
وهل كان أولى بالشاعر الذي يوصف نصه برفعة وفنية وأحسنية عن نصوص النثر أن يلتزم بالقاعدة.؟
قال إن ابن مالك فرق هناك بين ظروف الإبداع والكلام العادي، فابن مالك استشهد على جواز عدم الربط بالبيت:
من يفعل الحسنات الله يشكرها
وهذا الشاهد حاولت أن أقدم له نظرة إعرابية بأن يكون الجملة خبراً، وهذا يبعدنا عن اختراق القاعدة التي أكد ابن مالك في بيته:
اسمية طلبية وبجامد بما وقد وبلن وبالتسويف
ولكن هناك الكثير من أساتذة النحو العربي والذين لهم باع كبير في الإبداع الطيب الثريّ البيت يجعلون ذلك الخلاف في حيازة علاقة الإبداع وقواعد النحو..
أنا لا أجزم بخطأ النظرة الشرطية، ولا أجزم بصحتها وأنا هنا أطرح فقط وجهة نظر أرجو أن يناقشها أمامي كبار المنتدى من أهل اللغة..
ومثل آخر يا أيها الكرام..
قضية التسكين في الحشو.. وأحقيتها أن تكون من وجهة نظر تفسيرية منطقية فمثلا: لو قلنا "((إذا رحلت فمن حزنْ يكون لنا؟!))، وهنا حدث تسكين في الحشو ولكنه صعب أن يمر على مبتدئ في ممارسة اللغة ناهيك عن شاعر كبير.. أما تسكين حروف العلة فمن السهل جدا أن لا ينتبه إلى منتبهٍ حتى في حالة شاعر كبير، ولكني استغربت حين اطلعت على كثير من إعرابات كبار النحويين في أبيات وقع فيها تسكين حروف العلة كأواخر لكلمات وقعت في الحشو.. إنهم يقولون :
فكثيرا ما نقرأ فيكتب النحو كلمة "نقلا عن" وهذا يكون كل ما في القاعدة من تفسير وتبرير..
نعم نحن نثق في ذائقة الكبار، ولكنا كنا نحتاج إلى موازنة وتفسير ما لكي نتعلم فقط، لا أقول لكي نناقش، ولكن لنقتنع..
ويحضرني جملة قرأتها في أحد الكتب التي مارست تلك العملية بشأن هذه المسألة وهي تسكين الحرف في الحشو
((ونقل البغدادي عن الدماميني : في خزانة الأدب أن هذا مقبول في غير الشعر أيضا فقال:
"وعلى تقدير النصب فالفتحة مقدرة كما في قوله:
أبى الله أن أسمو بأم ولا أب))
وماذا على القارئ البسيط في النحو أن يفعل..
أن يقول صدق البغدادي وصدق الدماميني، ولكن بأي منطق؟ هل لأن شاعر كبير ارتكبها ذات يوم؟
طيب الفرزدق ارتكب أخطاء نحوية في شعره، ولكن هناك من قال له: "لا"..
فما المعيار هنا؟
هل هو الوزن؟
أم الشاعر؟ أقصد شهرة الشاعر؟ وقدمه؟
من زاويتين:
- الأولى: سكنت النون هنا في كلمة "وطن" وهي قد تسكن في العروض أو الضرب على لغة ربيعة، ولكن في الحشو كالذي وقع هنا الآن هل ترضاه طبيعة التركيب في جملة حتى ولو استخدمها شاعر قديم؟
في "وطن" سكنت النون، والدماميني والبغدادي نقلا أحقية تسكين حروف أخر في الحشو وراحوا يقدرون الحركة..
- والزاوية الثانية: هي أنه من أبسط حقوق الكلمة وقت التركيب أن تعطى حقها في الإعراب وهو حركة التشكيل. فما الفارق بينها وبين كلمة دون جملة وحدها؟
تكرارا:
من ناحية أقوال العلماء فما وجدت إلا انهم راحوا يبحثون عن مبرر للوضع الذي جاءت به الأبيات من شعراء كالذي ذُكرت أسماؤهم..
ولكن معنى التركيب أن لا تسكين في الحشو ولكن هناك من شعرائنا الكبار من فعل هذا ..
وما جاء على لسان شيخنا البغدادي إنما كان تبريرا لوضع وجد عند شاعر فصيح.. وإن كان الفرزدق فعلها فقد أصلح له أهل النحو بعضا من شعره الذي
خالف فيه بعض القواعد وإن لم تحضرني الذاكرة في ذكر مواضع خطئه، فهل أخذ النحوي الذي انتقده وقتها خطأه تأسيساً لقاعدة جديدة في الجواز..
أوليس من الممكن في الفرق بين ((الواو والياء) وبين ((النون)) أن السهو بتسكين النون لا يمكن أبدا لمبتدئ في الشعر ..
أما السهو بتسكين الواو أو الياء فمن الممكن جدا حتى ولو لمحترف لغة..
فهل قال الشاعر القديم نفسه إنه قصدها؟؟
هل يمكننا أن نقول إن مثل ذا التخريج لشيخنا البغدادي لتسكين حرفي العلة هذين مثل بعض من تخريجات الزمخشري في التقدير والتي كان يرفضها كبار من أهل أهل النحو واللغة، أقول بعضها وليس كلها..
أنا لا أرفض قول العلماء ممن ذكرت ولا أرفض منطق الشعراء أيضاً ولكني فقط احتاج إلى أن أفهم ما هي الضرورة الشعرية وما هي القاعدة النحوية وما وجوب القاعدة أن تكون أمرا تزمتيا فقط ليس له هدف حتى نرى أن يتخلى الشاعر عن فائدة تطبيق القاعدة مقابل الوزن أو الحالة الإبداعية حتى في ظل الوضع الحالي للكتابة ذلك الوضع الذي ليس ارتجالياً، ولكنه على الورقة حوار بين الورقة والشاعر والورقة تصبر ولو لأسابيع فليس قوم يستمعون إلى الشاعر وهو يجب عليه أن يرتجل قصيدة مطولة في لحظتها فيمكن السماح له بكسر نبرره له بما يسمى "الضرورة".. أو نخرجه له كما فعل البغدادي.. أو نسامحه فيه كما تفهم ابن مالك ونقول هي حالة إبداع..
من زاوية الاقتناع بمدى منطقية القاعدة أنا أدخل للنص وإحساسي بلزوم اتباع القاعدة أو عدم اتباعها..
هل كان النحاة ذوي حكم صحيح ومنطق سليم حين يقولون عن كلمة في تركيب من تراكيب "الحديث الشريف" أو بعض الشواهد التراثية بأن يقول النحاة هذه الجملة الغريبة: "وهذا سماعي فقط ولا يقاس عليه"
يسعدني أن أسمع سيبويه وهو يشرح فهمه للجملة ومن ثم حكمه في إعراب هذه الكلمة أو تلك..
حين يقول الشاعر القديم نقول ضرورة، وحين يقول الحديث الشريف نجد من يقول: سماعي وليس قياسيا..
وحين نسأل لماذا؟
يأتي من يقول لأن النحوي فلانا قال كذا نقلا عن فلان..
من آخر تساؤلاتي كيف نحاسب النحو، أم هو فقط الذي يحاسبنا إن رفضنا المنطق؟
وما هو المعيار الشافي في المحاسبة ورد الحقوق إلى أهلها، وكشف الكربة عن المظلوم؟
وألقي سؤالا جريئا جداً- وليعذرني فيه أساتذتي- ولكنه يحيرني للغاية:
هل من أرسى قواعد النحو ناس مثلنا، وإن كان الجواب أنه لا علم بهذا فكيف نستخدم القطعية في الصواب والخطأ بكلمة "نقلا عن" بعيدا عن المنطق؟

مجذوب العيد المشراوي
19-01-2007, 11:19 AM
أحمد قرأنا وفهمنا أشياء لم نكن ندركها ..

أجزم فقط بأن الضرورة للشاعر الحي ساقطة ما دام يملك حق التنقيح والتغيير فإن مات أصبحت ضرورة إذا لا دخل للآخر في التصرف بشعره ..

ثم هناك أحيانا لفظة بها ضرورة يستمسك بها الشاعر نظرا لبعدٍ نفسيٍّ جد ّمهم بالنسبة إليه هذه لا أطلب تغييرها وعلى الشاعر أن يثبتها ولو كلفته الكثير ..

أحمد حسن محمد
20-01-2007, 07:56 PM
أحمد قرأنا وفهمنا أشياء لم نكن ندركها ..
أجزم فقط بأن الضرورة للشاعر الحي ساقطة ما دام يملك حق التنقيح والتغيير فإن مات أصبحت ضرورة إذا لا دخل للآخر في التصرف بشعره ..
ثم هناك أحيانا لفظة بها ضرورة يستمسك بها الشاعر نظرا لبعدٍ نفسيٍّ جد ّمهم بالنسبة إليه هذه لا أطلب تغييرها وعلى الشاعر أن يثبتها ولو كلفته الكثير ..



شاعرنا الكبير..
ولكنني رغم ما كان أعود لأكررها أني لا أجزم في شيء..

فقط أنفعل!!

هل هناك من يرفق بي ويمسح على رأس فكرتي ويقول لها: "من هنا الطريق!"

د. مصطفى عراقي
20-01-2007, 10:06 PM
أرى أنه من المفيد هنا الاطلاع على مؤلفات أستاذي الفاضل الأستاذ الدكتور محمد حماسة عبد اللطيف
مثل:
- النحو والدلالة ، القاهرة ، عام 1968.
- - الجملة فى الشعر العربى ، القاهرة ، عام 1990.
- ظواهر نحوية فى الشعر الحر، القاهرة ، عام 1990.
- لغة الشعر ، القاهرة ، عام 1996. ، وهو ذاته أطروحة بعنوان: - الضرورة الشعرية فى النحو العربى.
- اللغة وبناء الشعر ، القاهرة ، عام 2001.
- الإبداع الموازى ، القاهرة ، عام 2001.
وهي بين داريْ الشروق ودار غريب بالقاهرة
كما أنصح بالاطلاع على أطروحتي للماجستير بعنوان:
"دور النحو في تفسير النص الشعري" بكلية دار العلوم جامعة القاهرة.
كما أحب ان أوضح أن النحو مفسر وليس مبررا، وأن الشعراء لا يذهبون إلى ما يسمى بالضرورة عن ضعف وإنما عن اقتدار كما يقول ابن جني:
"فمتى رأيت الشاعر قد ارتكب مثل هذه الضرورات على قبحها، وانخراق الأصول بها، فاعلم أن ذلك على ما جشمه منه وإن دل من وجه على جوره وتعسفه، فإنه من وجه آخر مؤذن بصياله وتخمطه، وليس بقاطع دليل على ضعف لغته، ولا قصوره عن اختياره الوجه الناطق بفصاحته. بل مثله في ذلك عندي مث لمجرى الجموح بلا لجام، ووارد الحرب الضروس حاسراً من غير احتشام. فهو وإن كان ملوماً في عنفه وتهالكه، فإنه مشهود له بشجاعته وفيض منته؛ ألا تراه لا يجهل أن لو تكفر في سلاحه، أو أعصم بلجام جواده، لكان أقرب إلى النجاة، وأبعد عن الملحاة؛ لكنه جشم ما جشمه على علمه بما يعقب اقتحام مثله، إدلالاً بقوة طبعه، ودلالة على شهامة نفسه".(الخصائص: 1: 216)
ويشرح المحقق القدير العلامة البغدادي هذه الظاهرة قائلا:
" وإنما معنى الضرورة أن الشاعر قد لا يخطر بباله إلا لفظه ما تضمنته ضرورة النطق به في ذلك الموضع إلى زيادة أو نقص أو
غير ذلك، بحيث قد ينتبه غيره إلى أن يحتال في شيء يزيل تلك الضرورة.
ثم يفسرها بتفاسير من أهمها:
* أنه قد يكون للمعنى عبارتان أو أكثر، واحدة يلزم فيها ضرورة إلا أنها مطابقة
لمقتضى الحال، ولا شك أنهم في هذه الحال يرجعون إلى الضرورة، لأن اعتناءهم بالمعاني
أشد من اعتنائهم بالألفاظ. وإذا ظهر لنا في موضع أن ما لا ضرورة فيه يصلح هنالك فمن
أين يعلم أنه مطابق لمقتضى الحال.
والمعنى : أن الشاعر يؤثر ما يتسق مع تجربته الإبداعية حتى لو خالف القياس الإصلي ، كما عبر سيبويه ببراعة قائلا:"
وليس شيء يضطرون إليه إلا وهم يحاولون به وجهاً".
والله أعلم
ودمتم بكل الخير والتوفيق
مصطفى

أحمد حسن محمد
20-01-2007, 10:26 PM
وإن لم يكن لدي سعة من المادة لا لكي أشتري تلك الكتب ولا لكي أسافر للبحث عنها..
فهل يسمح لنا الكريم بتوضيح الخلاصة ولو إلى أي حد ممكن..

أحمد حسن محمد
21-01-2007, 12:31 AM
أرى أنه من المفيد هنا الاطلاع على مؤلفات أستاذي الفاضل الأستاذ الدكتور محمد حماسة عبد اللطيف
مثل:
- النحو والدلالة ، القاهرة ، عام 1968.
- - الجملة فى الشعر العربى ، القاهرة ، عام 1990.
- ظواهر نحوية فى الشعر الحر، القاهرة ، عام 1990.
- لغة الشعر ، القاهرة ، عام 1996. ، وهو ذاته أطروحة بعنوان: - الضرورة الشعرية فى النحو العربى.
- اللغة وبناء الشعر ، القاهرة ، عام 2001.
- الإبداع الموازى ، القاهرة ، عام 2001.
وهي بين داريْ الشروق ودار غريب بالقاهرة
كما أنصح بالاطلاع على أطروحتي للماجستير بعنوان:
"دور النحو في تفسير النص الشعري" بكلية دار العلوم جامعة القاهرة.

والله أعلم
ودمتم بكل الخير والتوفيق
مصطفى


وإن لم يكن لدي سعة من المادة لا لكي أشتري تلك الكتب ولا لكي أسافر للبحث عنها..
فهل يسمح لنا الكريم بتوضيح الخلاصة ولو إلى أي حد ممكن..


كما أحب ان أوضح أن النحو مفسر وليس مبررا، وأن الشعراء لا يذهبون إلى ما يسمى بالضرورة عن ضعف وإنما عن اقتدار كما يقول ابن جني:
"فمتى رأيت الشاعر قد ارتكب مثل هذه الضرورات على قبحها، وانخراق الأصول بها، فاعلم أن ذلك على ما جشمه منه وإن دل من وجه على جوره وتعسفه، فإنه من وجه آخر مؤذن بصياله وتخمطه، وليس بقاطع دليل على ضعف لغته، ولا قصوره عن اختياره الوجه الناطق بفصاحته. بل مثله في ذلك عندي مث لمجرى الجموح بلا لجام، ووارد الحرب الضروس حاسراً من غير احتشام. فهو وإن كان ملوماً في عنفه وتهالكه، فإنه مشهود له بشجاعته وفيض منته؛ ألا تراه لا يجهل أن لو تكفر في سلاحه، أو أعصم بلجام جواده، لكان أقرب إلى النجاة، وأبعد عن الملحاة؛ لكنه جشم ما جشمه على علمه بما يعقب اقتحام مثله، إدلالاً بقوة طبعه، ودلالة على شهامة نفسه".(الخصائص: 1: 216)
ويشرح المحقق القدير العلامة البغدادي هذه الظاهرة قائلا:
" وإنما معنى الضرورة أن الشاعر قد لا يخطر بباله إلا لفظه ما تضمنته ضرورة النطق به في ذلك الموضع إلى زيادة أو نقص أو
غير ذلك، بحيث قد ينتبه غيره إلى أن يحتال في شيء يزيل تلك الضرورة.
ثم يفسرها بتفاسير من أهمها:
* أنه قد يكون للمعنى عبارتان أو أكثر، واحدة يلزم فيها ضرورة إلا أنها مطابقة
لمقتضى الحال، ولا شك أنهم في هذه الحال يرجعون إلى الضرورة، لأن اعتناءهم بالمعاني
أشد من اعتنائهم بالألفاظ. وإذا ظهر لنا في موضع أن ما لا ضرورة فيه يصلح هنالك فمن
أين يعلم أنه مطابق لمقتضى الحال.
والمعنى : أن الشاعر يؤثر ما يتسق مع تجربته الإبداعية حتى لو خالف القياس الإصلي ، كما عبر سيبويه ببراعة قائلا:"
وليس شيء يضطرون إليه إلا وهم يحاولون به وجهاً".
والله أعلم
ودمتم بكل الخير والتوفيق
مصطفى


اما الأولى فالعفو أيها الكبير الكريم..

واسمح لتلميذكم أن يعبر عن إحساسه أمام كبير قدره مثلكم..
شيخنا الكريم ابن جني رأيت في تشبيهه نزعة سقراطية المنهج تماما، والمفارقة كبيرة جدا كما أرى أنا ، فلو سمحتم أن توضحوا لنا وتفهمونا بصدر رحب كم عودتمونا، فما المتحمس العنيف في الحرب وإن قربه ذلك للمخاطر بشبيه بالشاعر الذي وقع في ضرورة.. فإن دلت الأولى على حماسة أو قوة أو عنف أو أو فكيف يستنتج قارئ أن الشاعر حين يكسر قاعدة تحت مسمى الضرورة ففي ذلك أي جانب أو دليل على إثبات قوة أو شجاعة أو احتراف..
وإن وجدت وجه شبه هنا فهو التسرع.. وعدم التريث في الأمر..

وأن نقول النحو مفسر فلم نختلف، ولكن بأي معيارية نحكم على قطعية الصواب والخطأ في تنفيذ القاعدة..
نقطة : فائدة القاعدة النحو النفعية أو الجمالية .. حين يستبدلها الشاعر بالضرورة فهل ذلك في صالح النص ؟ أن نترك بعض الجماليات أو الفائدة النفعية التي جعلت لها القاعدة.. والشاعر بحكم قدر نصه أولى بهذا من الناثر بنظرة البلاغة العربية من زوايا زمنية معينة..
وإن لم يكن لها أي فائدة لا نفعية ولا جمالية فما هو سر التمسك بمثلها؟

وأما قول البغدادي وسيبويه فأنا أسأل إن كان الشعراء القدامى أرادوا ذلك بغية حدوث فائدة ما..
وإن كان حقا على البغدادي أن يطرح لنا أمثلة ويشرحها.. ونرجو من سيادتكم أيها الكريم.. أن تفعل هنا أرجوك.. في أن تطرح أمثلة لأبيات وقع فيها الضرورة وينطبق عليه قول سيبويه..
ولكن من زاوية أخرى فهل تعتقد أن مثل قول سيبويه واقع على ما يفعله شعراء العصر الحديث من ""ضرورات شعرية"" إن كانت عند القدامى مطابقة لمقتضى الحال (وأنا لم أفهم هذه النقطة لأني أفتقد لأمثلة عليها نظرا لقلة كتب عندي) فهل هناك ما يماثل في عصرنا الحالي.

ومع أني أرى تناقضا بين قولي الشيخ البغدادي فهي في أول كلامه -ما فهمته- لم ينتبه لها الشاعر وقت النطق، وإنما يتنبه إليها غيره..
ثم بعد هذا يقول "الشاعر يؤثر" وفي ذلك معنى القصدية فيما أحسب..
فهل هو لم ينتبه أم آثر؟


وقبل هذا أو ذاك وبعدهما أنا لم أهاجم الضرورة الشعرية، ولكن فقط أحببت أن أقول ما هو معيارها، وهل تمكن أن تكون هناك ضرورات شعرية جديدة؟


عفوا أستاذي الكريم..
قد تبدو كلماتي فجة ..
ونرجو أن تعاملنا بما أنت أهله لا بما نحن أهله

د. مصطفى عراقي
21-01-2007, 05:36 AM
وإن لم يكن لدي سعة من المادة لا لكي أشتري تلك الكتب ولا لكي أسافر للبحث عنها..
فهل يسمح لنا الكريم بتوضيح الخلاصة ولو إلى أي حد ممكن..
========

كم كنت أتمنى أن لو كنت في مصر لأرسلها لك هدية

أرجو ان يتاح لي ذلك في الصيف إن شاء الله

د. مصطفى عراقي
21-01-2007, 06:07 AM
شيخنا الكريم ابن جني رأيت في تشبيهه نزعة سقراطية المنهج تماما، والمفارقة كبيرة جدا كما أرى أنا ، فلو سمحتم أن توضحوا لنا وتفهمونا بصدر رحب كم عودتمونا، فما المتحمس العنيف في الحرب وإن قربه ذلك للمخاطر بشبيه بالشاعر الذي وقع في ضرورة.. فإن دلت الأولى على حماسة أو قوة أو عنف أو أو فكيف يستنتج قارئ أن الشاعر حين يكسر قاعدة تحت مسمى الضرورة ففي ذلك أي جانب أو دليل على إثبات قوة أو شجاعة أو احتراف..
وإن وجدت وجه شبه هنا فهو التسرع.. وعدم التريث في الأمر..

وأنا لا أرى أية نزعة سقراطية ولا غير سقراطية وإنما هو تشبيه للتوضيح ، ووجه الشبه فيه واضح جلي، فالقاعدة في ركوب الخيل أن يمسك الراكب باللجام وفي دخول الحرب أن يحتمي ولكن المتمكن الشجاع يكسر هذه القاعدة لشدة اقتداره ، إدلالاً بقوة طبعه، ودلالة على شهامة نفسه.
وكذلك الأمر بالنسبة للشاعر حين يؤثر الخروج عن القاعدة والاستعمال الأصلي ، إلى استعمال مغاير وهو ما يسميه علماؤنا الأجلاء بالضرورة لتحقيق غرض فني يتسق مع "مقتضى الحال" أي مع الموقف والسياق الخارجي والتجربة.
فما لسقراط ولهذا التشبيه ؟!
إن النحاة هنا في هذه الظاهرة كانوا بين أمرين
أن يخطئوا الشعراء
أو ينحازوا إلى الإبداع
فاختاروا الثاني مشكورين مأجورين.
أما من أراد النحو المعياري التعليمي فله كتبه التعليمية وليكتفِ بها.
وإليك هذا المثال: قال الرضي في شرح الكافية:"
ويجمع بين " يا " والميم المشددة، ضرورة، قال:
126 - إني إذا ما حدث ألما * أقول يا اللهم يا اللهما
من السهل هنا أن تقول إن الشاعر أخطأ حين جمع بين أداة النداء "يا" والميم المشددة .
ولكن النحاة كانوا منصفين حين قالوا إن ذلك ضرورة بمعنى أنها تجوز في الشعر.
وهذا يجعلنا نسأل لماذا آثر الشاعر استعمال يا رغم أن الميم عوض عنها ولا يجوز الجمع بين العوض والمعوض
فأقول إن الشاعر هنا شعر بأنه في حاجة إلى الإلحاح في النداء بدليل أنه كرر أسلوب النداء.
وقد ذكر الرضي أيضا هذا البيت:
جمعت وفحشا غيبة ونميمة * ثلاث خلال لست عنها بمرعوي
في الضرورة
والأصل أن يقول : جمعت غيبة ونميمة وفحشا
ولكن الشاعر لا يلتزم بهذا الاستعمال الأصلي بل يفتن في الاستعمال وكأنه أراد أن يبين مدى احتشاد هذه الخلال فجاء بهذا التركيب الإبداعي.
وهكذا.

د. مصطفى عراقي
21-01-2007, 06:34 AM
وأن نقول النحو مفسر فلم نختلف، ولكن بأي معيارية نحكم على قطعية الصواب والخطأ في تنفيذ القاعدة..






أما المعيارية فتكون في مستوى التعليم
أما في التعامل مع النصوص البليغة فالأولوية للتفسير
لأنه لا يمكن إخضاع النصوص البليغة للقاعدة
فإذا كانت القاعدة تقول:
بالجر والتنوين والندا وأل ومسند للاسم تمييز حصل

وقال الشاعر:

ما أنت بالحكم الترضى حكومته= ولا الاصيل ولا ذي الرأي والجدل.
فلا يلجأ النحاة إلى المعيارية هنا بل إلى التفسير فيقولون:
ال: موصول اسمي نعت للحكم
وأنشد الفراء:
قال: وأنشد الفراء في مثله:
أخفْن اطِّنائي إن سَكَتُّ وإنّني ... لفي شُغل عن ذَحْلها اليُتَتَبَّعُ
وأنشد المفضل:
يَقول الخَنا وأَبْغض العُجم ناطقاً ... إلى ربِّنا صوتُ الحِمار اليُجَدَّعُ
يريد: الذي يُجَدَّع.

ومن هنا كان التفسير أولى من المعيارية والتخطئة



في نحو النص

د. مصطفى عراقي
21-01-2007, 06:41 AM
ولكن من زاوية أخرى فهل تعتقد أن مثل قول سيبويه واقع على ما يفعله شعراء العصر الحديث من ""ضرورات شعرية"" إن كانت عند القدامى مطابقة لمقتضى الحال (وأنا لم أفهم هذه النقطة لأني أفتقد لأمثلة عليها نظرا لقلة كتب عندي) فهل هناك ما يماثل في عصرنا الحالي.



أما مصطلح مقتضى الحال فهو مصطلح بلاغي شهير ويسمى أيضا "الاعتبار المناسب" أو ما يتناسب مع المقام.
وهو ما يعبر عنه الآن بجو النص أو سياق الحال أو مراعاة الموقف.

وأما عن لسؤالك الوجيه فقد أفرد ابن جني في الخصائص له بابًا، هو:
باب في هل يجوز لنا في الشعر من الضرورة ما جاز للعرب أو لا؟
سألت أبا علي رحمه الله عن هذا فقال: كما جاز أن نقيس منثورنا على منثورهم، فكذلك يجوز لنا أن نقيس شعرنا على شعرهم. فما أجازته الضرورة لهم أجازته لنا، وما حظرته عليهم حظرته علينا.
وإذا كان كذلك فما كان من أحسن ضروراتهم، فليكن من أحسن ضروراتنا، وما كان من أقبحها عندهم فليكن من أقبحها عندنا. وما بين ذلك بين ذلك.". الخصائص1: 93
وبهذا يتبين أن الضرورات ثلاثة:
1- ضرورات مقبولة: ومنها قصر الممدود،مثل:
لا بد من صنعا وإن طال السفر
وصرف ما لا ينصرف مثل:
كأن قواريرا على قسماتهم
وتأنيث المذكر وتذكير المؤنث المجازيين
مثل:
فلا مزنة ودقت ودقها=ولا أرض أبقل إبقالها
والأصل: أبقلت ولكنه أراد الموضع
ومثل:
ةتشرق بالقول الذي قد أذعته = كما شرقت صدر القناة من الدم
أنث الصدر وهو مذكر كأنه اكتسب التأنيث من المضاف إليه.
وإثبات التنوين في المنادى مثل:
سلام الله يا مطرا عليها=وليس عليك يا مطرُ السلامُ
فنونه في الشطر الأول تجهيلا له ، ثم أتى بالأصل في الشطر الثاني كأنه يقول له نعم انا أعرفك تمام المعرفة ومع ذلك فليس عليك السلام .
يُتبع

أحمد حسن محمد
21-01-2007, 10:10 AM
========
كم كنت أتمنى أن لو كنت في مصر لأرسلها لك هدية
أرجو ان يتاح لي ذلك في الصيف إن شاء الله
اما هذه فالشكر ..
وما أراني حسبتك بغير هذا يوما..
وأنا سوف أنتظر الصيف!!
وأشكر لك كرمكم
وأسعد باللقاء أو الهدية منكم!!

أحمد حسن محمد
21-01-2007, 10:22 AM
وأنا لا أرى أية نزعة سقراطية ولا غير سقراطية وإنما هو تشبيه للتوضيح ، ووجه الشبه فيه واضح جلي، فالقاعدة في ركوب الخيل أن يمسك الراكب باللجام وفي دخول الحرب أن يحتمي ولكن المتمكن الشجاع يكسر هذه القاعدة لشدة اقتداره ، إدلالاً بقوة طبعه، ودلالة على شهامة نفسه.
وكذلك الأمر بالنسبة للشاعر حين يؤثر الخروج عن القاعدة والاستعمال الأصلي ، إلى استعمال مغاير وهو ما يسميه علماؤنا الأجلاء بالضرورة لتحقيق غرض فني يتسق مع "مقتضى الحال" أي مع الموقف والسياق الخارجي والتجربة.
فما لسقراط ولهذا التشبيه ؟!
.
أما هذه فأنت فيها أستاذنا، ولكني ودجت السقرطة كما شبه الوفاء بالذهب..
ولكني أكتفي بما قلتم فيها..
وأبدأ منها
إن النحاة هنا في هذه الظاهرة كانوا بين أمرين
أن يخطئوا الشعراء
أو ينحازوا إلى الإبداع
فاختاروا الثاني مشكورين مأجورين.
أما من أراد النحو المعياري التعليمي فله كتبه التعليمية وليكتفِ بها.
.
وهذه لك الرقي بنا إليها.. فالشكر أشده أيها الكريم الكبير الحبيب..
وما قصدت المعيارية لألجأ إليها.. ولكني قصدتها لأهرب منها كما يأتي، ولكن إن كان التفسير انحيازاً للإبداع.. أو ليس النص النثري عامة بإبداع وفي العصر الحديث خاصة بإبداع.. فهل يجوز فيه ما جاز في النص الشعري باعتبار الاتجاهات الفنية في النثر والتي صيرته لا فارق بينه وبين الشعر إلا من زاوية واحدة في معظم اتجاهاته..

وإليك هذا المثال: قال الرضي في شرح الكافية:"
ويجمع بين " يا " والميم المشددة، ضرورة، قال:
126 - إني إذا ما حدث ألما * أقول يا اللهم يا اللهما
من السهل هنا أن تقول إن الشاعر أخطأ حين جمع بين أداة النداء "يا" والميم المشددة .
ولكن النحاة كانوا منصفين حين قالوا إن ذلك ضرورة بمعنى أنها تجوز في الشعر.
وهذا يجعلنا نسأل لماذا آثر الشاعر استعمال يا رغم أن الميم عوض عنها ولا يجوز الجمع بين العوض والمعوض
فأقول إن الشاعر هنا شعر بأنه في حاجة إلى الإلحاح في النداء بدليل أنه كرر أسلوب النداء.
وهكذا.
ولا أقول الشاعر هنا أخطأ..
ولكني أسعد جد السعادة حين أعلم أن هناك شاعرا عربيا اقترف هذا التشكيل في حق القاعدة حين نحفرها كالأرض فتخرج لنا كنوزا وعنبا ..
فما ألذه وأمتعه من ذنب أسعد باقترافه..
جمعت وفحشا غيبة ونميمة * ثلاث خلال لست عنها بمرعوي
في الضرورة
والأصل أن يقول : جمعت غيبة ونميمة وفحشا
ولكن الشاعر لا يلتزم بهذا الاستعمال الأصلي بل يفتن في الاستعمال وكأنه أراد أن يبين مدى احتشاد هذه الخلال فجاء بهذا التركيب الإبداعي.
وهكذا.
وتفسير تشكيل هذه أمتع وأقرب وأحسن..
ومن هذا كله ننطلق..!!

أحمد حسن محمد
21-01-2007, 10:42 AM
أما المعيارية فتكون في مستوى التعليم
أما في التعامل مع النصوص البليغة فالأولوية للتفسير
لأنه لا يمكن إخضاع النصوص البليغة للقاعدة
فإذا كانت القاعدة تقول:
بالجر والتنوين والندا وأل ومسند للاسم تمييز حصل
وقال الشاعر:
ما أنت بالحكم الترضى حكومته= ولا الاصيل ولا ذي الرأي والجدل.
فلا يلجأ النحاة إلى المعيارية هنا بل إلى التفسير فيقولون:
ال: موصول اسمي نعت للحكم
وأنشد الفراء:
قال: وأنشد الفراء في مثله:
أخفْن اطِّنائي إن سَكَتُّ وإنّني ... لفي شُغل عن ذَحْلها اليُتَتَبَّعُ
وأنشد المفضل:
يَقول الخَنا وأَبْغض العُجم ناطقاً ... إلى ربِّنا صوتُ الحِمار اليُجَدَّعُ
يريد: الذي يُجَدَّع.
ومن هنا كان التفسير أولى من المعيارية والتخطئة
في نحو النص
نعم التفسير أولى من المعيارية بصفة عامة..
ولكن إلى أي مدىً؟
وفي أي نوع؟ أفي الشعر فقط؟ أم فيه وفي النثر والنصوص المفتوحة؟
ومن الذي يقوم به؟
أهو أي دارس؟
أم دارس لمرحلة نحوية أو بلاغية معينة؟
سألت أهو في الشعر أم في الشعر وغيره باعتبار القيم البلاغية والفنية التي دخلت على النصوص النثرية واحتياج ناثري العصر الحديث إلى أية تشكيلات ممكنة لتكوين النص الذي لهم..
يعني هل يمكننا أن ندخل "ال" على أشباه الجمل والأفعال والأسماء الجامدة في النثر أيضا؟
هل يمكن تكرار المنادى به والعوض عنه لنفس السبب في النثر؟
أو لكاتب مبتدئ ذلك الذي ليس قويا في لغته، كما في مثال ابن جنى؟
وأشكر الأستاذ الكريم لما يبذله لنا من وقته..
وأدعو اللـه أن يأجره لهذا

د. حسان الشناوي
21-01-2007, 10:53 AM
اقرأ بروح تلميذ ن وأستمتع بهذا الحوار ،

عسى أن أجد لي مكانا هنا طالب علم ، حريصا على الفائدة .


فلأخينا أحمد ولأستاذنا العراقي كل تقدير .

أحمد حسن محمد
21-01-2007, 11:01 AM
أما مصطلح مقتضى الحال فهو مصطلح بلاغي شهير ويسمى أيضا "الاعتبار المناسب" أو ما يتناسب مع المقام.
وهو ما يعبر عنه الآن بجو النص أو سياق الحال أو مراعاة الموقف.
وأما عن لسؤالك الوجيه فقد أفرد ابن جني في الخصائص له بابًا، هو:
باب في هل يجوز لنا في الشعر من الضرورة ما جاز للعرب أو لا؟
سألت أبا علي رحمه الله عن هذا فقال: كما جاز أن نقيس منثورنا على منثورهم، فكذلك يجوز لنا أن نقيس شعرنا على شعرهم. فما أجازته الضرورة لهم أجازته لنا، وما حظرته عليهم حظرته علينا.
وإذا كان كذلك فما كان من أحسن ضروراتهم، فليكن من أحسن ضروراتنا، وما كان من أقبحها عندهم فليكن من أقبحها عندنا. وما بين ذلك بين ذلك.". الخصائص1: 93
وبهذا يتبين أن الضرورات ثلاثة:
1- ضرورات مقبولة: ومنها قصر الممدود،مثل:
لا بد من صنعا وإن طال السفر
وصرف ما لا ينصرف مثل:
كأن قواريرا على قسماتهم
وتأنيث المذكر وتذكير المؤنث المجازيين
مثل:
فلا مزنة ودقت ودقها=ولا أرض أبقل إبقالها
والأصل: أبقلت ولكنه أراد الموضع
ومثل:
ةتشرق بالقول الذي قد أذعته = كما شرقت صدر القناة من الدم
أنث الصدر وهو مذكر كأنه اكتسب التأنيث من المضاف إليه.
وإثبات التنوين في المنادى مثل:
سلام الله يا مطرا عليها=وليس عليك يا مطرُ السلامُ
فنونه في الشطر الأول تجهيلا له ، ثم أتى بالأصل في الشطر الثاني كأنه يقول له نعم انا أعرفك تمام المعرفة ومع ذلك فليس عليك السلام .
يُتبع
والشكر لهذه يا أستاذنا..
ولكني لا أحسب أني قصدت هذا في سؤالي عن جواز الضرورات الشعرية التي كانت لأجدادنا لأصحاب العصر الحديث..
ولكن ما أحببت أن أقوله أو أسأل عنه هو :
هل يجوز لنا في العصر الحديث بنفس المعيار أو المقياس أن نخضع قاعدة نحوية، أو مبدأ نحويا لتشكيل مقتضى الحال والظرف أو المعنى البلاغي الذي نريده..
هذا باعتبار أننا أتينا مثلا بما من الممكن أن نسميه ضرورة شعرية ولم يكن مثله عند قدامانا الكرام..
فهل يجوز هذا.. ونحن بنفس المعيار الذي دخل العرب منه إلى مفهوم "الضرورة الشعرية"..
يعني إذا استخدم كاتب ما اسم الإشارة "ذ" بدل "ذا" في جملة وهو يحكي موقفا اكتئاب وحزن من النوع الثقيل.. يعني هو في معرض اختصار والكلمات ثقيلة على لسانه..
هذا كتفسير لمقتضى الحال مثلا.. فهل يجوز لنا حق الابتكار لمثل هذه ونسميها ضرورة شعرية؟
وهناك الكثير مما اضطر إليه، أو وجد فيه كتّاب نوعا من مقتضى الحال والظرف النفسي على الأقل أو المعادل الموضوعي لمفردة كونية أو موقف ما.. فهل يجوز له هذا ويُعتمد كضرورة؟
أم يعتمد كخطأ؟
وإن اعتمد كخطأ، فهل نقول المعيارية التعليمية ليس يؤخذ بها في حالة الإبداع بصفة عامة وإنما في حالة الإبداع القديم فقط؟
أستاذي لك الشكر كله..
وأرجو أن يتسع لنا وقتك الكريم..
وتبذر فينا من فكرك السامي

أحمد حسن محمد
21-01-2007, 09:46 PM
اقرأ بروح تلميذ ن وأستمتع بهذا الحوار ،
عسى أن أجد لي مكانا هنا طالب علم ، حريصا على الفائدة .
فلأخينا أحمد ولأستاذنا العراقي كل تقدير .


آسف يا دكتور حسان ..
يا أستاذي الحبيب الأريب..
منكما جئت أنهل من عبق العلم .. وأطرح وجهة حيرتي كأي تلميذ يفعل في حضرة أساتذته..
فأرجوك...
واللـه لا يكفي مثل هذه المشاركة من كبير عالم مثلكم

عبد القادر رابحي
22-01-2007, 09:42 AM
أخي أحمد حسن
تحية صباحية..
اقرأ
و أستفيد
كان من المفروض ان أدخل أنا الأول
لأنني كنت أول من قرأ المقال الهام
لا بأس
حسنا فعلتٌُ
لأنني هكذا سأستفيد أكثر
لأنني أشعر أن الحوار الهام بينك و بين أستاذنا الدكتور مصطفى عراقي هو تتمة لما جرى من حوار حول قصيدة"منفى و لا أصل"؟؟؟؟
هذا يسعدني
دمتما عالمين نستفيد منهما
عبد القادر

د. مصطفى عراقي
22-01-2007, 07:59 PM
أما مصطلح مقتضى الحال فهو مصطلح بلاغي شهير ويسمى أيضا "الاعتبار المناسب" أو ما يتناسب مع المقام.
وهو ما يعبر عنه الآن بجو النص أو سياق الحال أو مراعاة الموقف.
وأما عن لسؤالك الوجيه فقد أفرد ابن جني في الخصائص له بابًا، هو:
باب في هل يجوز لنا في الشعر من الضرورة ما جاز للعرب أو لا؟
سألت أبا علي رحمه الله عن هذا فقال: كما جاز أن نقيس منثورنا على منثورهم، فكذلك يجوز لنا أن نقيس شعرنا على شعرهم. فما أجازته الضرورة لهم أجازته لنا، وما حظرته عليهم حظرته علينا.
وإذا كان كذلك فما كان من أحسن ضروراتهم، فليكن من أحسن ضروراتنا، وما كان من أقبحها عندهم فليكن من أقبحها عندنا. وما بين ذلك بين ذلك.". الخصائص1: 93
وبهذا يتبين أن الضرورات ثلاثة:
1- ضرورات مقبولة: ومنها قصر الممدود،مثل:
لا بد من صنعا وإن طال السفر
وصرف ما لا ينصرف مثل:
كأن قواريرا على قسماتهم
وتأنيث المذكر وتذكير المؤنث المجازيين
مثل:
فلا مزنة ودقت ودقها=ولا أرض أبقل إبقالها
والأصل: أبقلت ولكنه أراد الموضع
ومثل:
ةتشرق بالقول الذي قد أذعته = كما شرقت صدر القناة من الدم
أنث الصدر وهو مذكر كأنه اكتسب التأنيث من المضاف إليه.
وإثبات التنوين في المنادى مثل:
سلام الله يا مطرا عليها=وليس عليك يا مطرُ السلامُ
فنونه في الشطر الأول تجهيلا له ، وغعراضا عنه ، ثم أتى بالأصل في الشطر الثاني كأنه يقول له نعم انا أعرفك تمام المعرفة ومع ذلك فليس عليك السلام .
وهذا دليل على التصرف .
يُتبع


==========


واما الضرورات التي تقبلها النحاة رغم وصفهم لها بالرداءة فمثل:
مد المقصور (لأنه خلاف للأصل عكس قصر الممدود)
ومثاله:
قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
إنما الفقر والغناء إلى الله = فهذا يعطي وهذا يحدُّ

وقطع ألف الوصل:
ظلمت نصف إسمها = هي دنيا وآخرة
بقطع ألف كلمة اسم وحقها أن تكون وصلا
ومثاله في الحديث قول أمير الشعراء

الإشتراكيون أنت إمامهم = لولا دعاوى القوم والغلواء
فقطع :الاشتراكيون، وهي من الفعل الخماسي

ووصل ألف القطع:
فقالت وما همت برجعٍ جوابنا = بل انت أتيت الدهر إلا تصدعا
فوصل : "أنت" وهي في الأصل قطع
والفصل بين المبتدأ والخبر والنعت والمنعوت والصلة والموصول كما في قول الفرزدق:

وما مِثْلُهُ في الناسِ إِلا مُمَلَّكاً = أَبو أُمِّه حَيٌّ أَبوهُ يُقاربُه

فهذا كلام ملتبس لأنه موضوع في غير موضعه. وتقديره: وما مثله حي مقا رب له في الناس إلا مملكا وهو "خالُه" : أبو أمه أبوه .

ويرى أستاذي الأستاذ الدكتور محمد حماسة عبد اللطيف أن الشاعر هنا أراد أن يعبر عن مدى تداخل العلاقة فعبر عن ذلك بتداخل الألفاظ كما رأيت.

والترخيم في غير أسلوب النداء، مثل:
ديار مية إذ ميٌ تساعفنا = ولا يرى مثلها عجمٌ ولا عرب
على أن الترخيم في غير النداء ضرورة، إذ "مي" مرخم مية وهو غير منادى.

تأمل معي كيف جعل مية مرة على الأصل ، وأخرى غير مرخمة

في الأولى : كان يتحدث عن ديار مية فلم يكن ثم داعٍ لترخيمها لأن المقصود هنا التعريف بهذه الديار ، ولكنه عندما انتقل إلى ذكر مية ذاتها متذكرا خيرها لجأ إلى الترخيم الذي يدل على الود .


حذف أداة النداء مع المنادى المبهم كاسم الإشارة، ومنه قول المتنبي:
هَذي بَرَزتِ لَنا فَهُجتِ رَسيسا = ثُمَّ اِنثَنَيتِ وَما شَفَيتِ نَسيسا

والأصل: يا هذي يعني يا هذه
وكأنها لشدة حضورها في وجدانه وقربها منه حذف أداة النداء استعجالا لمخاطبتها.


وقد جمع الزمخشري أكثر الضرورات شيوعا فقال:

ضرورة الشعر عشر عد جملتها = قطع ووصل وتخفيفٌ وتشديدُ
مدٌّ وقصرٌ وإسكان وتحركةٌ = ومنع صرفٍ وصرفٌ . تمَّ تعديدُ




ودمت وأسرتنا الطيبة بكل الخير

د. مصطفى عراقي
22-01-2007, 08:02 PM
اقرأ بروح تلميذ ن وأستمتع بهذا الحوار ،
عسى أن أجد لي مكانا هنا طالب علم ، حريصا على الفائدة .
فلأخينا أحمد ولأستاذنا العراقي كل تقدير .
======

أهلا بأستاذنا القدير وشيخنا الكريم الأستاذ الدكتور حسان

في انتظار مشاركتكم الكريمة في الحوار لنفيد من علمكم النافع
كما أفدنا من أدبكم الجميل



ودمت بكل الخير والسعادة والفضل

د. مصطفى عراقي
22-01-2007, 08:04 PM
أخي أحمد حسن
تحية صباحية..
اقرأ
و أستفيد
كان من المفروض ان أدخل أنا الأول
لأنني كنت أول من قرأ المقال الهام
لا بأس
حسنا فعلتٌُ
لأنني هكذا سأستفيد أكثر
لأنني أشعر أن الحوار الهام بينك و بين أستاذنا الدكتور مصطفى عراقي هو تتمة لما جرى من حوار حول قصيدة"منفى و لا أصل"؟؟؟؟
هذا يسعدني
دمتما عالمين نستفيد منهما
عبد القادر



ودمت بكل الخير يا شاعرنا المجيد
وهيا ألق دلوك في الدلاء


محبك: مصطفى

د. مصطفى عراقي
22-01-2007, 08:29 PM
نعم التفسير أولى من المعيارية بصفة عامة..
ولكن إلى أي مدىً؟
وفي أي نوع؟ أفي الشعر فقط؟ أم فيه وفي النثر والنصوص المفتوحة؟
ومن الذي يقوم به؟
أهو أي دارس؟
أم دارس لمرحلة نحوية أو بلاغية معينة؟
سألت أهو في الشعر أم في الشعر وغيره باعتبار القيم البلاغية والفنية التي دخلت على النصوص النثرية واحتياج ناثري العصر الحديث إلى أية تشكيلات ممكنة لتكوين النص الذي لهم..
يعني هل يمكننا أن ندخل "ال" على أشباه الجمل والأفعال والأسماء الجامدة في النثر أيضا؟
هل يمكن تكرار المنادى به والعوض عنه لنفس السبب في النثر؟
أو لكاتب مبتدئ ذلك الذي ليس قويا في لغته، كما في مثال ابن جنى؟
وأشكر الأستاذ الكريم لما يبذله لنا من وقته..
وأدعو اللـه أن يأجره لهذا

ابني العزيز أحمد
بكل ثقة أقول إن الإبداع غير مقصور على الشعر، بل للنثر منه نصيب وافر كبير ، بل إنني أرى أن من النثر ما يفوق الشعر أحيانا كثيرة
ومن هنا أحب أن أوضح أن للكلام مستويين :
الأول : مستوى الكلام الجاري على الأصل والقاعدة والقياس ، الذي ينتمي إلى اللغة العادية، والغرض منه التفاهم وتكون اللغة هنا وسيلة ليس أكثر.
الثاني: الكلام الإبداعي ، الذي ينتمي إلى اللغة الأدبية وتشمل الشعر والنثر جميعا
ولهذا أجاز النحاة في النثر ما يجوز في الشعر حيث ربطوا بين الفواصل في السجع والقوافي في الشعر،
يقول سيبويه:
" وجميع ما لا يحذف في الكلام وما يختار فيه أن لا يحذف، يحذف في الفواصل والقوافي.
فالفواصل قول الله عز وجل: " والليل إذا يسر "
" وما كنا نبغ " ،
و " يوم التناد " ،
و " الكبير المتعال " .
والأسماء أجدر أن تحذف؛ إذ كان الحذف فيها في غير الفواصل والقوافي.
وأما القوافي فنحو قوله - وهو زهير:
وأراك تفرى ما خلقت وبع ... ض القوم يخلق ثم لا يفر
وإثبات الياءات والواوات أقيس الكلامين. وهذا جائز عربيٌّ كثير.
فجعل الكلام بمعنى الكلام العادي في جهة ، واللغة الأدبية التي يمثل لها هنا من القرآن الكريم ذروة الفصاحة والبلاغة والبيان، ثم الشعر فيما يتصل بالحذف.
فإذا كان إثبات الياءات والواوات هو القياس فإن اللغة الأدبية لا تلتزم بهذا القياس كما رأيت
وأوضح من ذلك قول المبرد:"والأمثال (يعني امثال العرب المأثورة وهي فن جميل من الفنون النثرية) يستجاز فيها ما يستجاز في الشعر لكثرة الاستعمال
- افتد مخنوق
- وأصبح ليل
- وأطرق كرا
يريدون ترخيم الكروان . قال الزمخشري : ". يقال له ذلك إذا أريد اصطياده أي تطأطأ واخفض عنقك للصيد "
فتأمل كيف وحَّد المبرد بين لغة الشعر ولغة الأمثال(وهي نثر) في استجازة ما لا يجوز في الكلام العادي (غير الأدبي) مما يدل على أن كليهما (أعني الشعر والنثر الفني الذي يمثله هنا المثل العربي ) ينتميان إلى مستوى أدبي خاص . بدون تفرقة بينهما من حيثُ الإبداع. وإليك هذا المثال من حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو أشرف وأفصح من نطق بالضاد:
يقول ابن أبي الإصبع في كتابه القيم : "تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر":
ومن امثلة المناسبة التامة في السنة قول الرسول صلى الله عليه وسلم مما كان يرقي به الحسنين عليهما السلام:
"أعيذكما بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة" .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم "لامة" ولم يقل ملمة، وهي القياس، لمكان المناسبة اللفظية التامة؛
ومثله قوله عليه السلام: "ارجعن مأزورات غير مأجورات"
والمستعمل: موزورات، لأنه من الوزر غير مهموز
فلفظ به النبي صلى الله عليه وسلم مهموزاً لمكان المناسبة اللفظية التامة، وهذا من الفصاحة العجيبة.
ودمت بكل الخير والسعادة والجمال

أحمد حسن محمد
22-01-2007, 08:59 PM
==========
واما الضرورات التي تقبلها النحاة رغم وصفهم لها بالرداءة فمثل:
مد المقصور (لأنه خلاف للأصل عكس قصر الممدود)
ومثاله:
قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
إنما الفقر والغناء إلى الله = فهذا يعطي وهذا يحدُّ
وقطع ألف الوصل:
ظلمت نصف إسمها = هي دنيا وآخرة
بقطع ألف كلمة اسم وحقها أن تكون وصلا
ومثاله في الحديث قول أمير الشعراء
الإشتراكيون أنت إمامهم = لولا دعاوى القوم والغلواء
فقطع :الاشتراكيون، وهي من الفعل الخماسي
ووصل ألف القطع:
فقالت وما همت برجعٍ جوابنا = بل انت أتيت الدهر إلا تصدعا
فوصل : "أنت" وهي في الأصل قطع
والفصل بين المبتدأ والخبر والنعت والمنعوت والصلة والموصول كما في قول الفرزدق:
وما مِثْلُهُ في الناسِ إِلا مُمَلَّكاً = أَبو أُمِّه حَيٌّ أَبوهُ يُقاربُه
فهذا كلام ملتبس لأنه موضوع في غير موضعه. وتقديره: وما مثله حي مقا رب له في الناس إلا مملكا وهو "خالُه" : أبو أمه أبوه .
ويرى أستاذي الأستاذ الدكتور محمد حماسة عبد اللطيف أن الشاعر هنا أراد أن يعبر عن مدى تداخل العلاقة فعبر عن ذلك بتداخل الألفاظ كما رأيت.
والترخيم في غير أسلوب النداء، مثل:
ديار مية إذ ميٌ تساعفنا = ولا يرى مثلها عجمٌ ولا عرب
على أن الترخيم في غير النداء ضرورة، إذ "مي" مرخم مية وهو غير منادى.
تأمل معي كيف جعل مية مرة على الأصل ، وأخرى غير مرخمة
في الأولى : كان يتحدث عن ديار مية فلم يكن ثم داعٍ لترخيمها لأن المقصود هنا التعريف بهذه الديار ، ولكنه عندما انتقل إلى ذكر مية ذاتها متذكرا خيرها لجأ إلى الترخيم الذي يدل على الود .
حذف أداة النداء مع المنادى المبهم كاسم الإشارة، ومنه قول المتنبي:
هَذي بَرَزتِ لَنا فَهُجتِ رَسيسا = ثُمَّ اِنثَنَيتِ وَما شَفَيتِ نَسيسا
والأصل: يا هذي يعني يا هذه
وكأنها لشدة حضورها في وجدانه وقربها منه حذف أداة النداء استعجالا لمخاطبتها.
وقد جمع الزمخشري أكثر الضرورات شيوعا فقال:

ضرورة الشعر عشر عد جملتها = قطع ووصل وتخفيفٌ وتشديدُ
مدٌّ وقصرٌ وإسكان وتحركةٌ = ومنع صرفٍ وصرفٌ . تمَّ تعديدُ
ودمت وأسرتنا الطيبة بكل الخير


وأنا جد مستمع مستمتع بكوني أمام عالم مثلكم..
وأدعو اللـه أن يمن علينا بمن هو مثلك قريبا معلما واسع الصدر

د. مصطفى عراقي
23-01-2007, 03:29 AM
وأنا جد مستمع مستمتع بكوني أمام عالم مثلكم..
وأدعو اللـه أن يمن علينا بمن هو مثلك قريبا معلما واسع الصدر
===============

بارك الله فيك وأسأل الله أن أكون عند حسن ظنك الجميل

عبد القادر رابحي
23-01-2007, 05:51 PM
ابني العزيز أحمد
بكل ثقة أقول إن الإبداع غير مقصور على الشعر، بل للنثر منه نصيب وافر كبير ، بل إنني أرى أن من النثر ما يفوق الشعر أحيانا كثيرة
ومن هنا أحب أن أوضح أن للكلام مستويين :
الأول : مستوى الكلام الجاري على الأصل والقاعدة والقياس ، الذي ينتمي إلى اللغة العادية، والغرض منه التفاهم وتكون اللغة هنا وسيلة ليس أكثر.
الثاني: الكلام الإبداعي ، الذي ينتمي إلى اللغة الأدبية وتشمل الشعر والنثر جميعا
ولهذا أجاز النحاة في النثر ما يجوز في الشعر حيث ربطوا بين الفواصل في السجع والقوافي في الشعر،
يقول سيبويه:
" وجميع ما لا يحذف في الكلام وما يختار فيه أن لا يحذف، يحذف في الفواصل والقوافي.
فالفواصل قول الله عز وجل: " والليل إذا يسر "
" وما كنا نبغ " ،
و " يوم التناد " ،
و " الكبير المتعال " .
والأسماء أجدر أن تحذف؛ إذ كان الحذف فيها في غير الفواصل والقوافي.
وأما القوافي فنحو قوله - وهو زهير:
وأراك تفرى ما خلقت وبع ... ض القوم يخلق ثم لا يفر
وإثبات الياءات والواوات أقيس الكلامين. وهذا جائز عربيٌّ كثير.
فجعل الكلام بمعنى الكلام العادي في جهة ، واللغة الأدبية التي يمثل لها هنا من القرآن الكريم ذروة الفصاحة والبلاغة والبيان، ثم الشعر فيما يتصل بالحذف.
فإذا كان إثبات الياءات والواوات هو القياس فإن اللغة الأدبية لا تلتزم بهذا القياس كما رأيت
وأوضح من ذلك قول المبرد:"والأمثال (يعني امثال العرب المأثورة وهي فن جميل من الفنون النثرية) يستجاز فيها ما يستجاز في الشعر لكثرة الاستعمال
- افتد مخنوق
- وأصبح ليل
- وأطرق كرا
يريدون ترخيم الكروان . قال الزمخشري : ". يقال له ذلك إذا أريد اصطياده أي تطأطأ واخفض عنقك للصيد "
فتأمل كيف وحَّد المبرد بين لغة الشعر ولغة الأمثال(وهي نثر) في استجازة ما لا يجوز في الكلام العادي (غير الأدبي) مما يدل على أن كليهما (أعني الشعر والنثر الفني الذي يمثله هنا المثل العربي ) ينتميان إلى مستوى أدبي خاص . بدون تفرقة بينهما من حيثُ الإبداع. وإليك هذا المثال من حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو أشرف وأفصح من نطق بالضاد:
يقول ابن أبي الإصبع في كتابه القيم : "تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر":
ومن امثلة المناسبة التامة في السنة قول الرسول صلى الله عليه وسلم مما كان يرقي به الحسنين عليهما السلام:
"أعيذكما بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة" .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم "لامة" ولم يقل ملمة، وهي القياس، لمكان المناسبة اللفظية التامة؛
ومثله قوله عليه السلام: "ارجعن مأزورات غير مأجورات"
والمستعمل: موزورات، لأنه من الوزر غير مهموز
فلفظ به النبي صلى الله عليه وسلم مهموزاً لمكان المناسبة اللفظية التامة، وهذا من الفصاحة العجيبة.
ودمت بكل الخير والسعادة والجمال
أساتذتي الأفاضل
السلام عليكم و رحمة الله...
لا تتوقفوا بالله عليكم..
و اسمحوا لنا نشرب من هذا الفيض ...
و نتمتع بهذا"الريض"
و لا تلخلوا عنا بما انتم فيه عزة
و لا عزة بعد عزة العلم..
بارك الله فيكما
اتابعكما..
عبد القادر

أحمد حسن محمد
23-01-2007, 10:18 PM
طيب أيها العالم الجليل..
ما زالت تحيرني بعض الأسئلة:
- هل قول سيبويه والبغدادي عن مطابقة مقتضى الحال ينطبق على كل ما كان من ضرورات شعرية؟ يعني هل كل من لجأ إلى ضرورة من الضرورات كان يحاكي موقفا ما.. أو كان ذلك حسب ما يقتضيه موقف ما؟ أم هناك من أتى الضرورة فقط لأنه سمح بها لغيره فاعتبرها في حكم المسموح به وكفى؟
- في حالة أن الأمر مسموح به في النثر إلى حد ما، لم لم تسمَّ باسم عام غير "الشعرية"؟
- هل من حق العربي الذي يعيش في العصر الحديث أن يبتكر ضرورات أخرى تلجئه إليها بعض التشكيلات النفسية أو ما يقتضيه على سبيل المثال حالة لا واعية أو حتى واعية؟
فمثلا أنا وجدت خطابا من شخص يعاني نوعا ما من أنواع الفصام الشخصي، ولكن باختلاف طبعا فهو يعانيها على الورقة.. ويعرف حدود وإمكانيات الذاهب والآتي ..
فمثلا هو في حالة التعبير عن الفصامي الذي ينتظر وقت برئه مما في، وهو الآن على الورقة أو داخل النص اثنان، بأن يكون الراوي والمروي عنه ويتدخل الراوي بالخطاب إلى نفسه في قديم..
فوجدت هذه تعبيرا عن انتظار الحاضر لمرحلة ماضية يتم التعبير عنها مثلا
يا وداعي
بعد حرف ثم حرف
من صراعي
ألتقيكا
عم بلا خوف وبري
ليس يبقى يا امتدادي
غير بيكا
هل في حذف ألف "ذا" اسم الإشارة.. باعتبار موقف حزن ثقيل ما يبرره؟
ولعلها أقرب صياغة تدل على الاتصال في نفس الشخص والبدلية بما فيها من قصدية المبدل بنسبة ما نسب إلى المبدل منه، وأن الآول مجرد تمهيد وتوطئة...
وسؤال يحضرني أيضا، وهو يلح عليّ بلا رأفة ولا رحمة..
- ما هو النحو من حيث نشأته أو كيفية وجوده؟ كي نشأت القاعدة؟ وهل في الالتزام بالقاعدة فائدة نفعية معينة بالفعل؟
وأعود إلى مقعدي في رهبة من جمال الوقفة أمامك..
وأنادي أستاذيّ الحبيبين الدكتور حسان والدكتور عبد القادر بالمشاركة بإجابة متى أمكن وبسؤال متى ألح..
أحسب أن الفائدة ستكون أكبر، ولعل هذا يكون -على يدي أستاذنا الكريم الدكتور مصطفى- محددا حادا لبعض ملامح الواحة من زاوية جد مهمة..


ولك واللـه احترام محب

د. مصطفى عراقي
23-01-2007, 10:59 PM
طيب أيها العالم الجليل..
ما زالت تحيرني بعض الأسئلة:
- هل قول سيبويه والبغدادي عن مطابقة مقتضى الحال ينطبق على كل ما كان من ضرورات شعرية؟ يعني هل كل من لجأ إلى ضرورة من الضرورات كان يحاكي موقفا ما.. أو كان ذلك حسب ما يقتضيه موقف ما؟ أم هناك من أتى الضرورة فقط لأنه سمح بها لغيره فاعتبرها في حكم المسموح به وكفى؟
- في حالة أن الأمر مسموح به في النثر إلى حد ما، لم لم تسمَّ باسم عام غير "الشعرية"؟
=
وأنادي أستاذيّ الحبيبين الدكتور حسان والدكتور عبد القادر بالمشاركة بإجابة متى أمكن وبسؤال متى ألح..
أحسب أن الفائدة ستكون أكبر، ولعل هذا يكون -على يدي أستاذنا الكريم الدكتور مصطفى- محددا حادا لبعض ملامح الواحة من زاوية جد مهمة..
ولك واللـه احترام محب
============
ابني الغالي ، سألت اعزك الله -:
- هل قول سيبويه والبغدادي عن مطابقة مقتضى الحال ينطبق على كل ما كان من ضرورات شعرية؟ يعني هل كل من لجأ إلى ضرورة من الضرورات كان يحاكي موقفا ما.. أو كان ذلك حسب ما يقتضيه موقف ما؟ أم هناك من أتى الضرورة فقط لأنه سمح بها لغيره فاعتبرها في حكم المسموح به وكفى؟
وأجيب والله أعلم بالآتي :
أرى أن سيبويه - رحمه الله - عندما قال مقولته الإبداعية العظيمة كان يعني الضرورات التركيبية التي تتعلق بالتقديم والتاخير والحذف والحمل على المعنى والقلب النحوي البلاغي.
نعم في هذه الأمور التركيبية التي يختار فيها الشاعر المتمكن نسقا ما لا بد أن يكون ذلك لا من عبث عابث بل لتحقيق غرض فني لا يتأتى إلا عبر هذا النسق المختار.
وهنا يتفق الشعر مع النثر الفني (وليس الكلام العادي) في هذه الظاهرة ومن هنا أرى أن اشتراكهما في صفة"الأدبية" أولى وأكثر منهجية من استخدام مصطلح"الشعرية" الملتبس.
إلا إذا عددنا الشعرية هنا مجازا كما قال حسان بن ثابت رضي الله عنه :"قال ابني الشعر ورب الكعبة"
وقد قال ابنه عبد الرحمن بن حسّان، وهو صبيّ، يبكي وكان لسعه زنبور
: لَسَعَني طائر،
فقال حسان: صِفْهُ يا بُنيَّ،
فقال" : كأنه مُلْتَفٌّ في بُرْدَىْ حِبرَة،"
ويفسر عبد القاهر ذلك قائلا: " أفلا تراه جَعل هذا التشبيه مما يُستدَلُّ به على مقدار قُوّة الطبعِ، ويُجْعَل عِياراً في الفَرْق بين الذهن المستعدّ للشعر وغير المستعدّ له، وسَرَّه ذلك من ابنه .
أما الضرورات الشكلية مثل صرف الممنوع من الصرف وقطع همزة الوصل فالغرض منها الحفاظ على الوزن من غير أن يضطر الشاعر إلى تغيير الكلمة التي هي أكثر مناسبة ، وأشد اتساقا مع تجربته الإبداعية
فلو أخذنا على سبيل المثال قول امرئ القيس:
وَيَومَ دَخَلتُ الخِدرَ خِدرَ عُنَيزَةٍ = فَقالَت لَكَ الوَيلاتُ إِنَّكَ مُرجِلي
فالوجه هنا ليس مجرد الحفاظ على الوزن - رغم أهميته- فمثل امرئ القيس قادر على اختيار كلمة بديلة تتسق مع القياس والوزن معا ولكنه ضحى بالقاعدة الفرعية ، في سبيل المجيئ باسم المحبوبة بدون تغيير.
وإلا فقد كان يمكنه أن يقول
ويوم دخلت الخدر خدر حبيبتي
أو خدر مليكتي
أو خدر أميرتي
ولكن لم يكن أي من ذلك ليتفق مع غرضه المراد.
وكذلك لو أخذنا قول أمير الشعراء أحمد شوقي:
الإشتراكيون أنت إمامهم
كان لديه مندوحة عن ذلك ليقول : مثل:
إن الشيوعيين أنت أمامهم
ولكنه نفر من هذا الاسم الشنيع لهم مع أنه من أسمائهم ، وأصر على اختيار :الإشتراكيون رغم مخالفتها للقاعدة لأنها اخف وطأة من الأولى كما ترى. رغم أن الجملة ممتنعة بذكر لولا بعدها، وهذا معنى الإيثار هنا.
أما الاحتمال الأخير في سؤالك الكريم فليس هذا من شأن العلماء الأجلاء أو النقاد الموضوعيين ، ولهذا اسمح لي مشكورا باستبعاده،
ولهذا فإنني على سبيل الاقتداء بهم لم أدخل في شعري أل على الفعل مثلا ، ومع ذلك أقبلها ممن يفعل ذلك حبا وكرامة
ودمت بخير
وأنا معك في الإلحاح بأن يشاركنا أساتذتنا الكرام في الحوار لننهل من معين علمهم الجليل
وفقنا الله جميعا إلى الخير

أحمد حسن محمد
23-01-2007, 11:19 PM
============
ابني الغالي ، سألت اعزك الله -:
- هل قول سيبويه والبغدادي عن مطابقة مقتضى الحال ينطبق على كل ما كان من ضرورات شعرية؟ يعني هل كل من لجأ إلى ضرورة من الضرورات كان يحاكي موقفا ما.. أو كان ذلك حسب ما يقتضيه موقف ما؟ أم هناك من أتى الضرورة فقط لأنه سمح بها لغيره فاعتبرها في حكم المسموح به وكفى؟
وأجيب والله أعلم بالآتي :
أرى أن سيبويه - رحمه الله - عندما قال مقولته الإبداعية العظيمة كان يعني الضرورات التركيبية التي تتعلق بالتقديم والتاخير والحذف والحمل على المعنى والقلب النحوي البلاغي.
نعم في هذه الأمور التركيبية التي يختار فيها الشاعر المتمكن نسقا ما لا بد أن يكون ذلك لا من عبث عابث بل لتحقيق غرض فني لا يتأتى إلا عبر هذا النسق المختار.
وهنا يتفق الشعر مع النثر الفني (وليس الكلام العادي) في هذه الظاهرة ومن هنا أرى أن اشتراكهما في صفة"الأدبية" أولى وأكثر منهجية من استخدام مصطلح"الشعرية" الملتبس.
إلا إذا عددنا الشعرية هنا مجازا كما قال حسان بن ثابت رضي الله عنه :"قال ابني الشعر ورب الكعبة"
وقد قال ابنه عبد الرحمن بن حسّان، وهو صبيّ، يبكي وكان لسعه زنبور
: لَسَعَني طائر،
فقال حسان: صِفْهُ يا بُنيَّ،
فقال" : كأنه مُلْتَفٌّ في بُرْدَىْ حِبرَة،"
ويفسر عبد القاهر ذلك قائلا: " أفلا تراه جَعل هذا التشبيه مما يُستدَلُّ به على مقدار قُوّة الطبعِ، ويُجْعَل عِياراً في الفَرْق بين الذهن المستعدّ للشعر وغير المستعدّ له، وسَرَّه ذلك من ابنه .
أما الضرورات الشكلية مثل صرف الممنوع من الصرف وقطع همزة الوصل فالغرض منها الحفاظ على الوزن من غير أن يضطر الشاعر إلى تغيير الكلمة التي هي أكثر مناسبة ، وأشد اتساقا مع تجربته الإبداعية
فلو أخذنا على سبيل المثال قول امرئ القيس:
وَيَومَ دَخَلتُ الخِدرَ خِدرَ عُنَيزَةٍ = فَقالَت لَكَ الوَيلاتُ إِنَّكَ مُرجِلي
فالوجه هنا ليس مجرد الحفاظ على الوزن - رغم أهميته- فمثل امرئ القيس قادر على اختيار كلمة بديلة تتسق مع القياس والوزن معا ولكنه ضحى بالقاعدة الفرعية ، في سبيل المجيئ باسم المحبوبة بدون تغيير.
وإلا فقد كان يمكنه أن يقول
ويوم دخلت الخدر خدر حبيبتي
أو خدر مليكتي
أو خدر أميرتي
ولكن لم يكن أي من ذلك ليتفق مع غرضه المراد.
وكذلك لو أخذنا قول أمير الشعراء أحمد شوقي:
الإشتراكيون أنت إمامهم
كان لديه مندوحة عن ذلك ليقول : مثل:
إن الشيوعيين أنت أمامهم
ولكنه نفر من هذا الاسم الشنيع لهم مع أنه من أسمائهم ، وأصر على اختيار :الإشتراكيون رغم مخالفتها للقاعدة لأنها اخف وطأة من الأولى كما ترى. رغم أن الجملة ممتنعة بذكر لولا بعدها، وهذا معنى الإيثار هنا.
أما الاحتمال الأخير في سؤالك الكريم فليس هذا من شأن العلماء الأجلاء أو النقاد الموضوعيين ، ولهذا اسمح لي مشكورا باستبعاده،
ولهذا فإنني على سبيل الاقتداء بهم لم أدخل في شعري أل على الفعل مثلا ، ومع ذلك أقبلها ممن يفعل ذلك حبا وكرامة
ودمت بخير
وأنا معك في الإلحاح بأن يشاركنا أساتذتنا الكرام في الحوار لننهل من معين علمهم الجليل
وفقنا الله جميعا إلى الخير



بخير هي الدنيا لأنكمُ فيها=سكبت عليها من علوم ترقّيها
وجُلتَ تؤدي تي الرسالة راضياً=كأن دعاء الخير جا لك من فيها

د. مصطفى عراقي
24-01-2007, 12:57 AM
[SIZE="4"]
- هل من حق العربي الذي يعيش في العصر الحديث أن يبتكر ضرورات أخرى تلجئه إليها بعض التشكيلات النفسية أو ما يقتضيه على سبيل المثال حالة لا واعية أو حتى واعية؟
فمثلا أنا وجدت خطابا من شخص يعاني نوعا ما من أنواع الفصام الشخصي، ولكن باختلاف طبعا فهو يعانيها على الورقة.. ويعرف حدود وإمكانيات الذاهب والآتي ..
فمثلا هو في حالة التعبير عن الفصامي الذي ينتظر وقت برئه مما في، وهو الآن على الورقة أو داخل النص اثنان، بأن يكون الراوي والمروي عنه ويتدخل الراوي بالخطاب إلى نفسه في قديم..
فوجدت هذه تعبيرا عن انتظار الحاضر لمرحلة ماضية يتم التعبير عنها مثلا
يا وداعي
بعد حرف ثم حرف
من صراعي
ألتقيكا
عم بلا خوف وبري
ليس يبقى يا امتدادي
غير بيكا

=======
نعم يجوز له ذلك بشرط ألا يخرق أصلا من الأصول
وبدون أن يجور على الكلمة جورا يخرجها من البيان العربي
ولهذا يقول سيبويه:"ولو اضطرّ شاعر فأضاف الكاف الى نفسه قال: ما أنت كِي. وكَي خطأ؛ من قبل أنه ليس في العربية حرفٌ يُفتح قبل ياء الإضافة.".
قلت: إن سيبويه الذي أجاز الكثير من الضرورات الخارجة عن القياس لم يجز هنا أن يقول شاعر:"هذا كي" أي هذا مثلي أو شبهي. معللا ذلك بأنه ليس في العربية.
فيكون في ارتكاب مثل ذلك خروجا عن دائرة العربية كلها فلا يجوز بحال من الأحوال.
ومثال الجور على الكلمة ما صنعه شاعر في قوله :
فيه الرماحُ وفيه كلّ سابغة = جدْلاء مُحكَمةٍ من نسْجِ سلاّمِ
أرادا داود لأنه المعروف بنسج الدروع ، فغلط إلى سليمان، ثم لم يكتف بذلك الغلط بل ألجأه الوزن والقافية إلى أن حرّف اسمه فقال : سلاّم بغير مبرر إبداعي
وهذا الغلط المركب دليل ضعف شديد ، ولا يعد من التصرف الإبداعي ، بل تصرف العجز!
ولهذا فأنا أتفق مع صاحب هذه السطور الشعرية الجميلة
وقد صنع ذلك الشعراء القدامى وأجازه النحاة وعبروا عنه بأنه:
بـ " أن المتكلم جرد من نفسه نفسًا خاطبها" (البغدادي : خزانة الأدب: الشاهد 950)
وأفرد له ابن جني بابا جميلا سماه
باب في التجريد
قال فيه: " اعلم أن هذا فصل من فصول العربية طريف حسن. ورأيت أبا علي رحمه الله (يعني شيخه أبا علي الفارسي) به غرياً معنياً، ولم يفرد له باباً، لكنه وسمه في بعض ألفاظه بهذه السمة، فاستقر يتها منه وأنقت لها.
ومعناه: أن العرب قد تعتقد أن في الشيء من نفسه معنى آخر، كأنه حقيقته ومحصوله. وقد يجري ذلك إلى ألفاظها لما عقدت عليه معانيها.
وذلك نحو قولهم:" لئن لقيت زيداً لتلقين منه الأسد، ولئن سألته لتسئلن منه البحر.
فظاهر هذا أن فيه من نفسه أسداً وبحراً، وهو عينه هو الأسد والبحر لا أن هناك شيئًا منفصلا عنه وممتازًا منه.
وعلى هذا يخاطب الإنسان منهم نفسه، حتى كأنها تقابله أو تخاطبه.
ومنه قول الأعشى:
وهل تطيق وداعاً أيها الرجل
وهو الرجل نفسه لا غيره." الخصائص 1: 235
هذا من حيث المبدأ
ولكنني لا أرى مسوغا لمجيء كلمة بيكا بإشباع كسرة الباء ، هنا حيث تغلب عليها العامية الدارجة التي لا تتسق مع المستوى اللغوي للنص ، ولو قال:
غير " فيكا " لكانت عندي أقوم
والله أعلم
ودمت بكل خير أيها المُجامل الجميلُ ، والمبالغ البليغ.

أحمد حسن محمد
24-01-2007, 12:19 PM
أتابع دافقاً قلبي سرورا=لقولك مثل نهر لن يغورا
فـَقـُدْ تلك السفينة مستعيناً=بعلم كالحياة لنا أميرا
وخض بي في متاهات التجلي=بسحر الفكر نسترضي الشعورا

عبد القادر رابحي
24-01-2007, 07:01 PM
============
ابني الغالي ، سألت اعزك الله -:
- هل قول سيبويه والبغدادي عن مطابقة مقتضى الحال ينطبق على كل ما كان من ضرورات شعرية؟ يعني هل كل من لجأ إلى ضرورة من الضرورات كان يحاكي موقفا ما.. أو كان ذلك حسب ما يقتضيه موقف ما؟ أم هناك من أتى الضرورة فقط لأنه سمح بها لغيره فاعتبرها في حكم المسموح به وكفى؟
وأجيب والله أعلم بالآتي :
أرى أن سيبويه - رحمه الله - عندما قال مقولته الإبداعية العظيمة كان يعني الضرورات التركيبية التي تتعلق بالتقديم والتاخير والحذف والحمل على المعنى والقلب النحوي البلاغي.
نعم في هذه الأمور التركيبية التي يختار فيها الشاعر المتمكن نسقا ما لا بد أن يكون ذلك لا من عبث عابث بل لتحقيق غرض فني لا يتأتى إلا عبر هذا النسق المختار.
وهنا يتفق الشعر مع النثر الفني (وليس الكلام العادي) في هذه الظاهرة ومن هنا أرى أن اشتراكهما في صفة"الأدبية" أولى وأكثر منهجية من استخدام مصطلح"الشعرية" الملتبس.
إلا إذا عددنا الشعرية هنا مجازا كما قال حسان بن ثابت رضي الله عنه :"قال ابني الشعر ورب الكعبة"
وقد قال ابنه عبد الرحمن بن حسّان، وهو صبيّ، يبكي وكان لسعه زنبور
: لَسَعَني طائر،
فقال حسان: صِفْهُ يا بُنيَّ،
فقال" : كأنه مُلْتَفٌّ في بُرْدَىْ حِبرَة،"
ويفسر عبد القاهر ذلك قائلا: " أفلا تراه جَعل هذا التشبيه مما يُستدَلُّ به على مقدار قُوّة الطبعِ، ويُجْعَل عِياراً في الفَرْق بين الذهن المستعدّ للشعر وغير المستعدّ له، وسَرَّه ذلك من ابنه .
أما الضرورات الشكلية مثل صرف الممنوع من الصرف وقطع همزة الوصل فالغرض منها الحفاظ على الوزن من غير أن يضطر الشاعر إلى تغيير الكلمة التي هي أكثر مناسبة ، وأشد اتساقا مع تجربته الإبداعية
فلو أخذنا على سبيل المثال قول امرئ القيس:
وَيَومَ دَخَلتُ الخِدرَ خِدرَ عُنَيزَةٍ = فَقالَت لَكَ الوَيلاتُ إِنَّكَ مُرجِلي
فالوجه هنا ليس مجرد الحفاظ على الوزن - رغم أهميته- فمثل امرئ القيس قادر على اختيار كلمة بديلة تتسق مع القياس والوزن معا ولكنه ضحى بالقاعدة الفرعية ، في سبيل المجيئ باسم المحبوبة بدون تغيير.
وإلا فقد كان يمكنه أن يقول
ويوم دخلت الخدر خدر حبيبتي
أو خدر مليكتي
أو خدر أميرتي
ولكن لم يكن أي من ذلك ليتفق مع غرضه المراد.
وكذلك لو أخذنا قول أمير الشعراء أحمد شوقي:
الإشتراكيون أنت إمامهم
كان لديه مندوحة عن ذلك ليقول : مثل:
إن الشيوعيين أنت أمامهم
ولكنه نفر من هذا الاسم الشنيع لهم مع أنه من أسمائهم ، وأصر على اختيار :الإشتراكيون رغم مخالفتها للقاعدة لأنها اخف وطأة من الأولى كما ترى. رغم أن الجملة ممتنعة بذكر لولا بعدها، وهذا معنى الإيثار هنا.
أما الاحتمال الأخير في سؤالك الكريم فليس هذا من شأن العلماء الأجلاء أو النقاد الموضوعيين ، ولهذا اسمح لي مشكورا باستبعاده،
ولهذا فإنني على سبيل الاقتداء بهم لم أدخل في شعري أل على الفعل مثلا ، ومع ذلك أقبلها ممن يفعل ذلك حبا وكرامة
ودمت بخير
وأنا معك في الإلحاح بأن يشاركنا أساتذتنا الكرام في الحوار لننهل من معين علمهم الجليل
وفقنا الله جميعا إلى الخير
استاذنا الفاضل الكريم..
أود أن اطرح بعض المساءلات التي تفرض نفسها بخصوص ما يمكن للشاعر ان يضيفه للغة من صياغة دلالية و"حروفية"قد تتجاوز منظور القاعدة ، بما يمكن ان تحتوي عليه القاعدة من تخطييء فلسفي للمقعّدِ لهُ، من أجل أن تكسر التأطير المقولب الذي يعتقد المُقعد أنه أسر (سجن)فيه اللغة أسرا نهائيا من خلال امتثالها لـ"لشاهد" المتقادم عبر العصور ،و الذي ينقل معيارية المحاججة إلى علن الممارسة اللغوية لأقناع المتكلمين الذين هم نحن بصدقية المحاججة و لانهائية التنظير للآخر..
ألا يمكن أن نطرح هنا إشكالية الضرورة الشعرية من وجهة نظر فلسفية؟؟؟
ألا يمكن اعتبار الضرورة الشعرية هي الممارسة الحرة الوحيدة التي تتيح للشاعر الخروج من أسر القاعدة بمحاججة معاكسة، و هي استثنائية الإبهار و الادهاش؟؟
ما مدى صدقية الحجة النحوية أمام معركة التعبير عن بلاغة العصر( و أقصد بـالعصر هنا..عصر الشاعر المرتبط بالتمثل الوجودي لشعرية اللحظة، و ليس و ليس العصر الزمني..)
لماذا تنتصر في كل الأحوال الضرورة(و هنا أستطيع أن اسميها لحظة الحرية الخارقة للعادة.) الشعرية على محدودية التقعيد ؟؟
و هل التقعيد هو نهائي بحكم من يعتقد بـ"توقيفية اللغة" و من ثمة توقيفية ما ينجر عنها من أطرِ تقنينية لا يمكن لأي مجتهد أن يتجاوزها بأية حال من الأحوال؟؟
و لماذا اختص الشاعر دون غيره برفع لواء المجازفة و الدخول في معركة التجاوز من خلال مفتاحية الكشف التي توفرها له "الضرورة الشعروجودية" المفتوحة عليه وحده و المنغلقة على العالم الآخر؟؟
و هل المعنى(أقصد المعنى الذى يتجاوز المعنى المعياري الشكلي أو معنى المعنى بحسب تعبير الجرجاني و ابن طباطبا) لا يمكن ان يكون إلا في بطن الشاعر دون غيره من البطون؟؟
لماذا يستطيع الشاعر دون غيره أن يكمم اللسان من أجل أن تستمع الأذن .... و يُسكت الأذن من أجل أن يَنطق اللسان..
و لماذا تنجر القاعدة لإغراء الشاعر و ترضخ له رضوخا يكاد يكون توقيفيا في نظر المُقعد المتقادم،لكنه سرعان ما يتنكر لهذا الخرق من أجل قصة خرقِِ أخرى..
و أخيرا ..لماذا يضيّق الشاعر على نفسه بكل هذه القسوة..؟؟؟ و هل التضييق هذا..هو لغرض جمالي فقط..أم لأغراض أخرى لا يعلمها إلا الشاعر في تعامله الحميمي(الصُرِّي) مع اللغة؟؟
أريد من خلال طرح هذه الأسئلة أن أجدد دائرة النقاش الهامة التي فتحها الاستاذان الفاضلان الدكتور مصطفى عراقي نفعنا الله بعلمه، و الأخ العزيز المتمكن الحامل لحرقة الحرف الاستاذ أحمد حسن محمد..
لكنني من خلال هذه الأسئلة أريد ان أضيف بعدا آخر لهذا النقاش..و هو بصيغة مخنصرة:هل النص يخضع للقاعدة خضوع الدوام أم أن القاعدة هي التي يجب أن تُستمد من النص..

و شكرا لكم..

أحمد حسن محمد
24-01-2007, 08:47 PM
1
ألا يمكن اعتبار الضرورة الشعرية هي الممارسة الحرة الوحيدة التي تتيح للشاعر الخروج من أسر القاعدة بمحاججة معاكسة، و هي استثنائية الإبهار و الادهاش؟؟
ما مدى صدقية الحجة النحوية أمام معركة التعبير عن بلاغة العصر( و أقصد بـالعصر هنا..عصر الشاعر المرتبط بالتمثل الوجودي لشعرية اللحظة، و ليس و ليس العصر الزمني..)
لماذا تنتصر في كل الأحوال الضرورة(و هنا أستطيع أن اسميها لحظة الحرية الخارقة للعادة.) الشعرية على محدودية التقعيد ؟؟
..


ليسمح لي الكريمان بالتداخل، مرحباً ومعجبا ومتعلماً، ومتسائلا بينكما..
وإلى أستاذي الكريم عبد القادر أقول نعم أيها الفارس الآتي هذه الآونة كزمن احتراف للكلمة ..
وأنا رأيت أن حديث عالمنا الكبير قد وافق هذا الرأي بكل كبير، وذلك حين أتى برأي ابن جني مشبها شاعر الضرورة بالفارس المقتحم.. وهي أيضا نفس لحظة الانعتاق والتدلل على أمهات اللغة..
استاذنا الفاضل الكريم..
الشعرية على محدودية التقعيد ؟؟

نعم ورأيت أن أستاذنا الحبيب إذا تحدثت في هذه النقطة أشار إلى نوعين من النحو منه المعياري التعليمي والذي يوجد في كتب الحكم بالصواب والخطأ، ومنه النحو الذي ينشأ في دنيا الإبداع وضروراته أو ما تقتضيه ظروف وتشكيلات المبدع النفسية وغيرها..
استاذنا الفاضل الكريم..
و هل التقعيد هو نهائي بحكم من يعتقد بـ"توقيفية اللغة" و من ثمة توقيفية ما ينجر عنها من أطرِ تقنينية لا يمكن لأي مجتهد أن يتجاوزها بأية حال من الأحوال؟؟
و لماذا اختص الشاعر دون غيره برفع لواء المجازفة و الدخول في معركة التجاوز من خلال مفتاحية الكشف التي توفرها له "الضرورة الشعروجودية" المفتوحة عليه وحده و المنغلقة على العالم الآخر؟؟
..
وكما رأيت في حديث عالمنا الكبير أيضاً هنا أيها الشاعر الرائع..
فقد ذكر الدكتور مصطفى أن هناك احتمالية قصد أخرى من لفظ "الشعرية" حين ذكر قول حسان في تشبيه الزنبور.. ولكني أسأل ثانية لم لم نسمع عن العرب من يقول في إحدى التراكيب التي يقتضيها حال الناثر العربي من يقول "ضرورة شعرية" لو كان ذلك معناه أقصد لو كان هناك احتمالية لمعنى قول حسان في مصلطح "الضرورة الشعرية"..
استاذنا الفاضل الكريم..
و هل المعنى(أقصد المعنى الذى يتجاوز المعنى المعياري الشكلي أو معنى المعنى بحسب تعبير الجرجاني و ابن طباطبا) لا يمكن ان يكون إلا في بطن الشاعر دون غيره من البطون؟؟

لا أنكر الترحيب الأشد عند العرب بالشاعر، ولكن رأيت في تعليق أستاذي الحبيب الدكتور مصطفى ما يقول أن ذلك في النص النثري أيضاً.. بحدود طبعاً.. ولكن أعتقد أن الاستشهاد بقول حسان في ابنه يجوز هنا، بل ويحل المسألة.. فالشعرية المقصودة في كلامه كانت في النثر..
ويبقى السؤال من زاوية أخرى وإن كان بنفس المعنى:
لم لم نسمع نفس التعبير "في بطن" في غير الشعر؟
هل هناك سبب بأن يكون الاهتمام مثلا بالمجال الفني (الشعر) أو (النثر) هو السبب الوحيد فقط؟
وإن كنت أرى -بعد إذن أساتذتي، فما رؤيتي إلا كلعب الصغير بين أعمامه وأخواله- أن موضوع "في بطن الشاعر" صار يطلق كـ"ـمثل" فقط على أي جملة فيها معنى المعنى كما قال الجرجاني..
استاذنا الفاضل الكريم..
لكنني من خلال هذه الأسئلة أريد ان أضيف بعدا آخر لهذا النقاش..و هو بصيغة مخنصرة:هل النص يخضع للقاعدة خضوع الدوام أم أن القاعدة هي التي يجب أن تُستمد من النص..
و شكرا لكم..
ما سيكون من أمر النقد العربي لو أخذ مبادئ نقد النص من ذات النص، من إمكاناته الفنية، من ابتكارات الكاتب فيه؟
أراه وقتها فوق السحاب، ولكن ربما يرى أستاذاي الجليلان أنه خيال .. مجرد خيال توهمته أنا!!
ولا أنسى أن أعبر عن مدى سعادتى بوجودي بين مثليكما..
محب جدا..
ومستمتع جدا
ومستمع إلى ما بعد جدا

مصطفى بطحيش
24-01-2007, 09:07 PM
جميلة مناقشاتكم

ورائع منهجمكم ... د.مصطفى عراقي .... احمد حسن محمد .... رابحي عبد القادر ... الجميع

لكم الود والتقدير

د. مصطفى عراقي
24-01-2007, 11:56 PM
استاذنا الفاضل الكريم..
أود أن اطرح بعض المساءلات التي تفرض نفسها بخصوص ما يمكن للشاعر ان يضيفه للغة من صياغة دلالية و"حروفية"قد تتجاوز منظور القاعدة ، بما يمكن ان تحتوي عليه القاعدة من تخطييء فلسفي للمقعّدِ لهُ، من أجل أن تكسر التأطير المقولب الذي يعتقد المُقعد أنه أسر (سجن)فيه اللغة أسرا نهائيا من خلال امتثالها لـ"لشاهد" المتقادم عبر العصور ،و الذي ينقل معيارية المحاججة إلى علن الممارسة اللغوية لأقناع المتكلمين الذين هم نحن بصدقية المحاججة و لانهائية التنظير للآخر..
ألا يمكن أن نطرح هنا إشكالية الضرورة الشعرية من وجهة نظر فلسفية؟؟؟
ألا يمكن اعتبار الضرورة الشعرية هي الممارسة الحرة الوحيدة التي تتيح للشاعر الخروج من أسر القاعدة بمحاججة معاكسة، و هي استثنائية الإبهار و الادهاش؟؟
ما مدى صدقية الحجة النحوية أمام معركة التعبير عن بلاغة العصر( و أقصد بـالعصر هنا..عصر الشاعر المرتبط بالتمثل الوجودي لشعرية اللحظة، و ليس و ليس العصر الزمني..)
لماذا تنتصر في كل الأحوال الضرورة(و هنا أستطيع أن اسميها لحظة الحرية الخارقة للعادة.) الشعرية على محدودية التقعيد ؟؟
و هل التقعيد هو نهائي بحكم من يعتقد بـ"توقيفية اللغة" و من ثمة توقيفية ما ينجر عنها من أطرِ تقنينية لا يمكن لأي مجتهد أن يتجاوزها بأية حال من الأحوال؟؟
و لماذا اختص الشاعر دون غيره برفع لواء المجازفة و الدخول في معركة التجاوز من خلال مفتاحية الكشف التي توفرها له "الضرورة الشعروجودية" المفتوحة عليه وحده و المنغلقة على العالم الآخر؟؟
و هل المعنى(أقصد المعنى الذى يتجاوز المعنى المعياري الشكلي أو معنى المعنى بحسب تعبير الجرجاني و ابن طباطبا) لا يمكن ان يكون إلا في بطن الشاعر دون غيره من البطون؟؟
لماذا يستطيع الشاعر دون غيره أن يكمم اللسان من أجل أن تستمع الأذن .... و يُسكت الأذن من أجل أن يَنطق اللسان..
و لماذا تنجر القاعدة لإغراء الشاعر و ترضخ له رضوخا يكاد يكون توقيفيا في نظر المُقعد المتقادم،لكنه سرعان ما يتنكر لهذا الخرق من أجل قصة خرقِِ أخرى..
و أخيرا ..لماذا يضيّق الشاعر على نفسه بكل هذه القسوة..؟؟؟ و هل التضييق هذا..هو لغرض جمالي فقط..أم لأغراض أخرى لا يعلمها إلا الشاعر في تعامله الحميمي(الصُرِّي) مع اللغة؟؟
أريد من خلال طرح هذه الأسئلة أن أجدد دائرة النقاش الهامة التي فتحها الاستاذان الفاضلان الدكتور مصطفى عراقي نفعنا الله بعلمه، و الأخ العزيز المتمكن الحامل لحرقة الحرف الاستاذ أحمد حسن محمد..
لكنني من خلال هذه الأسئلة أريد ان أضيف بعدا آخر لهذا النقاش..و هو بصيغة مخنصرة:هل النص يخضع للقاعدة خضوع الدوام أم أن القاعدة هي التي يجب أن تُستمد من النص..
و شكرا لكم..
أخي الكريم: الأستاذ عبد القادر
ولك الشكر جزيلا لهذا الطرح الراقي ، واسمح لي أن أقول:
وهل استمدت القواعد إلا من النصوص وتقرِّيها
بل هل نشأ النحو أول ما نشأ إلا في حضن النص القرآني لغرضين جليلين

الحفاظ عليه من اللحن
والكشف عن معنيه ومراميه

بل لقد حدد النحاة أنفسهم أن غاية النحو هي:"الاستعانة على فهم معاني الكتاب والسنة ومخاطبة العرب بعضهم لبعض وكلام العرب شعرا ونثرا".
وأنا أتفق معك في الكثير من طرحك الراقي ،في قولك:
"ألا يمكن اعتبار الضرورة الشعرية هي الممارسة الحرة الوحيدة التي تتيح للشاعر الخروج من أسر القاعدة بمحاججة معاكسة، و هي استثنائية الإبهار و الادهاش؟؟"
ولكنني أختلف معك في قولك الوحيدة ، لأن هذه الممارسة الحرة وسعت الشعر والنثر وكلام العرب.
إن العربي حين قال:"فلان جاءته كتابي"
لم يخطئه النحاة بل فسروا قوله على انه أراد معنى الرسالة
ومن هنا أحب أن أقول إن هذه الممارسة الحرة أو ما سماه علماؤنا بأسماء مختلفة تدور حول المعنى ذاته مثل:
الاتساع
الترخُّص
العدول عن الأصل
التصرف
وقد لاحظوا انه سمة مهمة من سمات لغتنا العربية فقال أبوحيان التوحيدي في نص كاشف:
" أن اللغة جاريةٌ على التوسع، كما هي جاريةٌ على التضيق،
ومن ناحية التضيق فزع إلى التحديد والتشديد،
ومن ناحية التوسع جري على الاقتدار والاختيار". (الإمتاع والمؤانسة: 875)
فالتوسع بمعنى المرونة (في سياقاتها الإبداعية ) سمة مهمة من سمات لغتنا الجميلة تمكن المبدع من الاقتدار على العدول عن القاعدة لتحقيق غرض فني ، الاختيار بين بدائل تركيبية عدة فيما يتعلق ببناء الجملة.
بينما التضييق (في مواضعه العلمية الدقيقة والتشريعية ) ضروري من اجل الدقة والتحديد.
ثم أحب ان أبين ان النحاة لم ينشغلوا بالقاعدة وحدها بل انشغلوا معها بالنظر النحوي القائم على التذوق
فقد كان النحاة على بصيرة بالفرق بين النظر النحوي والتقعيد كما يبدو لنا من قول الشيخ الأمير (في حاشيته على شرح شذور الذهب) مناقشا من قال : " لا مدخل للطبع في الأحكام النحوية لا ردا ولا قبولا "
قائلا :
" أما قوله لا مدخل للطبع فيه إن أراد لا مدخل في اختراع حكم وأصل إثباته فهذا لم ندَّعه ، وإن أراد لا مدخل له في ترجيح الاحتمالات فلا يسلم ".
ففرَّق بين إنشاء الحكم النحوي ، وإثباته من جهة ، والترجيح النحوي من جهة أخرى .
إن الترجيح بين الاحتمالات ينتمي إلى منطقة النظر النحوي ، أما إنشاء الحكم فيخضع لدائرة التقعيد .
وبالأصل وبالخروج على الأصل يتحقق للغة سمتان
الثبات الذي يحفظها من الضياع
والمرونة التي تحفظها من الجمود
ودمتم في الحوار والجوار بكل الخير والجمال
محبكم: مصطفى

عبد القادر رابحي
25-01-2007, 10:42 AM
أخي الكريم: الأستاذ عبد القادر
ولك الشكر جزيلا لهذا الطرح الراقي ، واسمح لي أن أقول:
وهل استمدت القواعد إلا من النصوص وتقرِّيها
بل هل نشأ النحو أول ما نشأ إلا في حضن النص القرآني لغرضين جليلين
الحفاظ عليه من اللحن
والكشف عن معنيه ومراميه
بل لقد حدد النحاة أنفسهم أن غاية النحو هي:"الاستعانة على فهم معاني الكتاب والسنة ومخاطبة العرب بعضهم لبعض وكلام العرب شعرا ونثرا".
وأنا أتفق معك في الكثير من طرحك الراقي ،في قولك:
"ألا يمكن اعتبار الضرورة الشعرية هي الممارسة الحرة الوحيدة التي تتيح للشاعر الخروج من أسر القاعدة بمحاججة معاكسة، و هي استثنائية الإبهار و الادهاش؟؟"
ولكنني أختلف معك في قولك الوحيدة ، لأن هذه الممارسة الحرة وسعت الشعر والنثر وكلام العرب.
إن العربي حين قال:"فلان جاءته كتابي"
لم يخطئه النحاة بل فسروا قوله على انه أراد معنى الرسالة
ومن هنا أحب أن أقول إن هذه الممارسة الحرة أو ما سماه علماؤنا بأسماء مختلفة تدور حول المعنى ذاته مثل:
الاتساع
الترخُّص
العدول عن الأصل
التصرف
وقد لاحظوا انه سمة مهمة من سمات لغتنا العربية فقال أبوحيان التوحيدي في نص كاشف:
" أن اللغة جاريةٌ على التوسع، كما هي جاريةٌ على التضيق،
ومن ناحية التضيق فزع إلى التحديد والتشديد،
ومن ناحية التوسع جري على الاقتدار والاختيار". (الإمتاع والمؤانسة: 875)
فالتوسع بمعنى المرونة (في سياقاتها الإبداعية ) سمة مهمة من سمات لغتنا الجميلة تمكن المبدع من الاقتدار على العدول عن القاعدة لتحقيق غرض فني ، الاختيار بين بدائل تركيبية عدة فيما يتعلق ببناء الجملة.
بينما التضييق (في مواضعه العلمية الدقيقة والتشريعية ) ضروري من اجل الدقة والتحديد.
ثم أحب ان أبين ان النحاة لم ينشغلوا بالقاعدة وحدها بل انشغلوا معها بالنظر النحوي القائم على التذوق
فقد كان النحاة على بصيرة بالفرق بين النظر النحوي والتقعيد كما يبدو لنا من قول الشيخ الأمير (في حاشيته على شرح شذور الذهب) مناقشا من قال : " لا مدخل للطبع في الأحكام النحوية لا ردا ولا قبولا "
قائلا :
" أما قوله لا مدخل للطبع فيه إن أراد لا مدخل في اختراع حكم وأصل إثباته فهذا لم ندَّعه ، وإن أراد لا مدخل له في ترجيح الاحتمالات فلا يسلم ".
ففرَّق بين إنشاء الحكم النحوي ، وإثباته من جهة ، والترجيح النحوي من جهة أخرى .
إن الترجيح بين الاحتمالات ينتمي إلى منطقة النظر النحوي ، أما إنشاء الحكم فيخضع لدائرة التقعيد .
وبالأصل وبالخروج على الأصل يتحقق للغة سمتان
الثبات الذي يحفظها من الضياع
والمرونة التي تحفظها من الجمود
ودمتم في الحوار والجوار بكل الخير والجمال
محبكم: مصطفى
ـ أشكر لأساتذتي الكرام استجابتهم لما طرحته من أفكار حتى و إن كان قد أجاب عن بعضها الدكتور الكريم أستاذي مصطفى عراقي
كما أشكر للأخ أحمد حسن أريحية أفكاره و صبره على العلم ..و ما عهدنا هذا عند الكثير..
و لكن ليسمح لي الأخوة الأعزاء مرة أخرى بطرح هذه الإشكالية من زاوية ما يمكن للقاعدة أن تلعبه من تنميط في الممارسة الفكرية مما يؤثر على الفهم و يشوش على المعنى و يغلق باب الاجتهاد في هذين العنصرين..
إن النص يكره الملابسة اللاواعية التي عادة ما تتكئ على عمود تبريري واهٍ لا يقيم الحجة الإبلاغية و لا الحجة البلاغية... و لذلك فهو يكره الشاعر المتكلف الذي يعصر الكلمات عصرا من أجل بناء كلام ضعيف( و لعل هذا ما جعل العرب تقول عن البيت الواهي"هذا بيت ليس فيه ماء"..
كيف يمكن إذن أن يغيب الماء عن النص المستقيم لغويا(أي النص الذي يحترم القاعدة و لا يتجاوز منظورها الدلالي و حدّها المعياري)؟؟ و كيف يمكن أن يحضر هذا الماء بطريقة ارتوائية متعمدة لتمييع الاستقامة النحوية المعيارية داخل رفاهية الإدهاش الذي يُحدثُهُ "الخطأ من وجهة نظر المقعِّد"، في نسيج النص المحصور داخل البناء الإستاطيقي؟؟
إشكاليةٌ إبداعيةٌ من أقدم الإشكاليات... و هي لا تُطرح من باب التقعيد النحوي أو الصرفي، و إن كان هذان وجهيها الظاهرين..و هل النحو شكل ظاهر حرامٌ عليه التغيُّرُ لمعنىً داخليٍّ حلالٌ عليه التغيُّرُ..
كيف يمكننا أن نواجه المدارس الألسنية المعاصرة و هي تحاول أن تتجاوز الفهم السكولاستيكي للظاهرة الإعرابية من خلال تثبيت فعل الذهاب في (محمد ذاهبٌ) في جملة اسمية من المنظور السكولاستيكي(أي جملة اسمية لا تحتوي على فعل بالمعيار النحوي الإعرابي المتفق عليه) و تبرّر ذلك بحضورية فعل الذهاب في (محمد ذاهبٌ) و استمرارية دلالة وقوعه في المعنى، و غيابية فعل الذهاب في (محمدٌ ذَهَبَ) نظرا لانتهاء فعل الذهاب و دخوله في الزمن الماضي، و من ثمة عدم حضوريته، و في( محمد يذهبُ) نظرا لعدم ابتداء فعل الذهاب و عدم دخوله في الزمن الحاضر، و من ثمة عدم حضوريته كذلك..
و من ثمة هل يمكن أن يكون إدخال (أل التعريف)على الفعل من باب ضمان استمرارية وجود الفعل في المعنى و هل(أل التعريف)المضافة إلى الفعل هي محاولة من الشاعر للتأكيد على حضورية الفعل بالتأكيد على استمرارية دلالته و بقائها في المعنى الذي لا يسعه الإعراب النحوي في هذه الحالة فيقول: اليذهبُ..أي الذي لا تنتهي مُضارعيةُ ذهابِهِ.. وذلك على الرغم من ثقل استعمالها في النسيج اللغوي الذي تعودتْ عليه عموميةُ القاعدة من خلال الممارسة السليقية للغة..
كيف يمكن إذن أن ننظر إلى ما أصبح يُسمى في ممارسات نحوية و ألسنية أخرى بـ"نحو المعنى" على أساس أنه مجرد ضرورة شعرية أملاها الظرف التاريخي للحظة الكتابة ( و هو ظرف خاص بالشاعر لا بغيره)؟؟؟
و متى يمكننا أن نتحول بمنظارنا النقدي و التحليلي و التدليلي إن جاز التعبير، إلى فحص ظاهرة " الضرورة الشعرية" فحصا يخرجها من المنطق الاستشهادي القولي إلى منطق الممارسة الفكرية للنحو.. و هل الضرورة الشعرية ما هي في حقيقة الأمر إلا ضرورة فكرية يمارسها الشاعر تحت غطاء الإجازة(يجوز للشاعر ما لا يجوز لغيره)؟؟ و من خوّل للشاعر القيام بما حُرِّم على غيره من القائلين؟؟
إن الشاعر( و معه الناثر المبدع) عندما يمارس الضرورة الشعرية.. فهو لا يمارسها بمنظار الرجل الذي ضاقت به القوانين النحوية و الصرفية...فراح يعثو فيها فسادا لأنه يعرف مسبقا أن هناك من النحويين من يغفر له خطأه لأنه (حيوان لغويٌّ معذور)، بل إن الشاعر عندما يمارس الضرورة الشعرية فمن منظار مساحة الحرية الإضافية التي تخول له التربع على عرش الممارسة اللغوية و النحوية بطريقة يحسده عليها غيره من النحويين لأنهم سيجدون في ممارسته هذه متنفّساً لهم في الظفر بحجة غائبة عنهم لطالما أرّقت فكرهم بالوصول إلى ما يعتقدون أنه القاعدة المثالية التي لم يكن ينقصها إلا "قول الشاعر".. كما يقول أبو تمام..
إن الشاعر ابن قوله في حين أن النحاة هم أبناء قول الشاعر.. و مفهوم البنوّة هنا هو أكثر التصاقا بالممارسة الفكرية منه بالممارسة النحوية التبريرية..
لقد كان أحد أساتذتنا في مادة النحو يقول بخصوص حالة من الحالات الإعرابية للواو ( و هي حالات فكرية قبل أن تتجسد في صورتها الإعرابية) بأنها ليست واو عطفٍ أو غيرها مما لا يسعني ذكرهُ، و إنما هي واو دفْعٍ.. و على الرغم من أن النحاة لم يذكروا إعرابا كهذا لواو أستاذنا الكريم، إلا أنه كان يبرر إعراب واوِه بقوله إنها حرف دفعٍ لأنها تدفع ما بعدها إلى الدخول في المعنى المراد تحقيقه.. و يستشهد في ذلك بـ(و ادفعْ)..و كنا نتساءل ما إذا كان فعل الدفع هو الذي أملى على أستاذنا هذا النوع من الإعراب.. و من ثمة تصبح واو (و ادخل) واوَ دخولٍ و هكذا...أم أن أستاذنا الكريم قد أمعن النظر في حركية الحرف داخل نسيج الكلام فوجدها متعددة الأوجه كثيرة الحالات مما لم يخطر ببال النحويين القدامى فخطر بباله أن ثمة حالات لم ينتبه لها النحويون القدامى..
و إذا جاز للعلماء الأجلاء المختصين في علم التفسير المستوفين لشروطه أن يفسروا القرآن الكريم وفق مقتضيات العصر دون أن يمس ذلك بمحكمه و متشابهه مما هم حريصون على الحفاظ عليه(و كلام الله محفوظ من قبل و من بعد)، فكيف لا يمكن للنحاة المختصين في علم اللغة العارفين بأسرارها المستوفين لشروط إعرابها ألا يعربوا لغتهم وفق المستجدات التي طرأت على العصر دون أن يغيروا من النصوص و بنياتها الأساسية قيد أنملة؟؟؟
و هذا لا يعني أن اللغة هي التي ستتغير في جوهرها المقدس الذي تنبني عليه كل لغة (و خاصة لغة القرآن الكريم) من خلال تغير إعرابها..و إنما الذي بإمكانه أن يتغير هو طريقة فهمنا للتبرير النحوي و اعتباره تبريرا فكريا (أي ممارسة فكرية) تعتمد الإقناع و المحاججة بما فيها أحقية المعنى الجديد و المستجد بأخذ مكان يليق بما أتى به في مجمل النص التقعيدي.. أم أن باب الاجتهاد في هذا المجال قد أغلق هو الآخر بغلق ابن مالك لألفيته لا يضيف لها بيتا أو مثقال بيت...
و هذا لعمري ما أصبح غائبا في تعاملنا الراهن مع اللغة و ضروراتها..
و لذلك فإنني أعتقد اعتقادا جازما أن الضرورة الشعرية هي في حقيقة الأمر ضرورة فكرية يمارسها الشاعر خاصةً، مرة تحت الغطاء النحوي و مرة أخرى تحت الغطاء الموسيقي ليؤكد للنحويين و غيرهم أنه هوَ الذي صنع القاعدة و هو الذي بإمكانه أن يغيّرها... و ما للخليل (بالمفهوم المجرد للكلمة)إلا فضل الاكتشاف...

أحمد حسن محمد
25-01-2007, 12:16 PM
السلام عليكم أستاذيّ الكريمين..
أستميحكم العذر في التنحي والابتعاد لفترة والمتابعة من بعيد نظراً لظروف قد تمتد وقد تقصر..
دكتور مصطفى..
أنا طرحت الكثير من التساؤلات، وقد يكون لأسلوبي في الطرح لم أجد منكم رداً ولا مناقشة لها..
أرجوك أبلغني الغاية من طرحها..
في كلمة "بيكا" أنا لم أقصد النحت ولكن نوعا من البدلية النفسية التي وجدت لها مكانا في الضمائر..
وما أقصده كسؤال عام: متى يحق لنا أن نؤسس إبداعاً نحويا جديدا تقتضيه ظروفنا النفسية والعصرية الحالية..
أحبكما
وأسألكم الدعاء..

د. مصطفى عراقي
25-01-2007, 03:12 PM
جميلة مناقشاتكم
ورائع منهجمكم ... د.مصطفى عراقي .... احمد حسن محمد .... رابحي عبد القادر ... الجميع
لكم الود والتقدير


=====


أخانا الفاضل وشاعرنا القدير :

الأكثر روعة وجمالا هو هذا الحضور الكريم
والتشجيع الصادق

والود الصافي
والتقدير المُسعِد


بارك الله فيك يا أخانا الحبيب
وجزاك عنا خير الجزاء

ودمت وأسرة الواحة الزاهرة بكل الخير والسعادة

مجذوب العيد المشراوي
25-01-2007, 09:46 PM
ما زلنا هنا ..

أقول تحرّى النحاة الضرورات الموجودة في شعر السابقين ولخصوها في العشرة وأسأل ألا يوجد أكثر من ذلك علما أن الضرورة كانت عند العربي مرتبطة بالجانب النفسي عنده أي أن اللفظة لا بد أت تبقى مهما كان الأمر ..
تقريا الضرورة بحث َ عنها في أكثر شعر العرب ووجدت ْ ثم أجيزت أليس هكذا ..؟
مثلها مثل ما فعل الخليل إذ بحث عن طريقة قول الشعر عندالعرب واكتشف بعد جمع أكثر الشعر ال15 بحرا ..
هنا معضلة في الضرورة ...هل أصبحت قاعدة ؟ ولكن الضرورة ذات دلالة نفسية أفلا يحق لنا ضرورات أخرآ أم أن باب الضرورات أوصد وأوصد معه كل أبعاد الشعراء الجدد النفسية ؟

د. مصطفى عراقي
25-01-2007, 11:06 PM
السلام عليكم أستاذيّ الكريمين..
أستميحكم العذر في التنحي والابتعاد لفترة والمتابعة من بعيد نظراً لظروف قد تمتد وقد تقصر..
دكتور مصطفى..
أنا طرحت الكثير من التساؤلات، وقد يكون لأسلوبي في الطرح لم أجد منكم رداً ولا مناقشة لها..
أرجوك أبلغني الغاية من طرحها..
في كلمة "بيكا" أنا لم أقصد النحت ولكن نوعا من البدلية النفسية التي وجدت لها مكانا في الضمائر..
وما أقصده كسؤال عام: متى يحق لنا أن نؤسس إبداعاً نحويا جديدا تقتضيه ظروفنا النفسية والعصرية الحالية..
أحبكما
وأسألكم الدعاء..
====
ابننا النابه
ونحن نتظرك داعين الله أن تكون باطيب بال وأسعد حال
اما عن تساؤلاتك الجميلة فأنا أحاول الإجابة هنها تباعا سؤالا سؤالا لامرين
الأول : حكم السن
الثاني: حتى لااطيل الكلام فينسي بعضه بعضا
وأما عن "بيكا" فمادمت جمعت ( بك وبي ) معا ، فلا يكون هذا إلا نحتا ، ثم هو على ما أخبرتك نحت غير سديد عندي لأنه جار على "بي" وصار كانه " بيك" في العامية الدارجة ،
وكذلك لو عكست ترتيبها فكيف ستصير.
ومن جمال النحت أن يكون متوازنا،
كما في العنوان البديع، لرواية : "يوميات سعيد أبي النحس المتشائل" للروائي القدير "إميل حبيبي"
فانظر كيف نحت كلمة المتشائل من كلمتين في كلمة واحدة دالة كاشفة. برغم أنها جديدة مبتكرة ، ولكنها حملت من كل كلمة ما عبر عنها.
فاختصر" المتفائل " و" المتشائم" في كلمة واحدة. معبرة عن الاثنتين معا ، وهذا باب جميل من أبواب الإبداع الصرفي.
أما إذا كنت أردتها من البدلية فكان عليك الفصل بينهما لنعرف البدل من المبدل منه بوصفهما وظيفتين إحداهما تابعة للأخرى، مثل :
الصفة والموصوف ، والتأكيد والمؤكَّد....
هذا إذا أردت بالبدل الوظيفة النحوية
أما إذا كنت تريد الاستبدال اللغوي فهو أيضا قائم على الفصل
حتى يقوم القارئ بعملية الإبدال والإحلال. على التناوب. وهذا ما لم يتحقق هنا بمزج الضميرين.
والله أعلم
وأما عن سؤالك العام فأعيد الإجابة
مرة أخرى
بأنه يحق لنا بل يجب علينا أن نؤسس إبداعاً نحويا جديدا تقتضيه ظروفنا النفسية والعصرية الحالية..
ولكن بشرطين مهمين
الأول : ألا نخرق أصلا ، يخرج الكلام من دائرة اللغة العربية الواسعة.
والثاني: ألا يؤدي إلى لبس شديد، لا يستبين معه المعنى فيؤدي ذلك إلى الانغلاق.
وقد عبر عن ذلك عالمنا الجليل ابن جني في حديثه عن " شجاعة العربية"
فقال: اعلم أن معظم ذلك إنما هو الحذف، والزيادة، والتقديم، والتأخير، والحمل على المعنى، والتحريف، و قد حذفت العرب الجملة، والمفرد، والحرف، والحركة. وليس شيء من ذلك إلا عن دليل عليه. وإلا كان فيه ضرب من تكليف علم الغيب في معرفته.
ولن يشفع للشاعر أو الناثر حينئذ أن يقول إن المعنى في بطنه!
وقد عبر علماء اللغة المعاصرين ( فيما يتصل بالتزام الشرط الأول ) "منذ دوسيسير" عن هذه المسألة بالتفرقة بين اللغة والكلام
فاللغة ثابتة، والكلام متصرف، وهو مناط الإبداع .
ويشبهون ذلك للتقريب بلعبة الشطرنج
فالإبداع في اللعب مكفول ومطلوب ومن هنا يتفاوت اللاعبون تفاوتا كبيرا ، ولكن بشرط عدم تغيير القواعد الأصلية.

ودمت والإخوة الكرام جميعا بنعمة من الله وفضل

د. مصطفى عراقي
25-01-2007, 11:46 PM
ما زلنا هنا ..
أقول تحرّى النحاة الضرورات الموجودة في شعر السابقين ولخصوها في العشرة وأسأل ألا يوجد أكثر من ذلك علما أن الضرورة كانت عند العربي مرتبطة بالجانب النفسي عنده أي أن اللفظة لا بد أت تبقى مهما كان الأمر ..
تقريا الضرورة بحث َ عنها في أكثر شعر العرب ووجدت ْ ثم أجيزت أليس هكذا ..؟
مثلها مثل ما فعل الخليل إذ بحث عن طريقة قول الشعر عندالعرب واكتشف بعد جمع أكثر الشعر ال15 بحرا ..
هنا معضلة في الضرورة ...هل أصبحت قاعدة ؟ ولكن الضرورة ذات دلالة نفسية أفلا يحق لنا ضرورات أخرآ أم أن باب الضرورات أوصد وأوصد معه كل أبعاد الشعراء الجدد النفسية ؟
=========
بلى يا شاعرنا المبدع (المنوَّر المكان بحضورك الزاهي) يوجد أكثر من هذا العدد .
يقول صاحب كتاب كشف المشكل في النحو: "واما كم الضرورات فنيف وأربعون ضرورة".
وهو عدد غير منحصر ، وقابل للزيادة بدليل اختلاف العلماء في حصرها
وأما هذه الضرورات العشر التي جمعها الزمخشري رحمه الله فهي أكثرها شيوعا وقبولا
ورغم أهمية التفسير النفسي لإيثار الشاعر ضرورة ما فلا أراه يستغرق الضرورات جميعا، لأن منها ما يضطر إليه الشاعر إذا كان ضعيفا اضرارا ومنها ما يؤثره الشاعر القدير إيثارا رغبة في الإبداع و الابتكار.
و قد التفت إلى هذا حازم القرطاجني التفاتة عبقرية حين قال:
" وكأن الشاعر قد عدل عن الأشهر إلى الأخفى إما اضطرارا إلى ذلك ، أو قصدا إلى الافتنان في معاني الكلام والاتساع في مذاهبه
فمن عادتهم أن يتلاعبوا بالكلام على وجوهٍ من الصحة". منهاج البلغاء: 181
أرأيت يا أخي الكريم مدى ما تحمل العبارة من تفهم للإبداع والافتنان
وأما فيما يتعلق بإشارتك الجميلة إلى البحور ، فقد كان علماؤنا الأجلاء على وعي بهذه القضية ، وقد نص الزمخشري على أن :
"مَنْ تعاطى التصنيف في العروض، من أهل هذا المذهب، فليس غرضه الذي يؤمّه أن يحصر الأوزان التي إذا بُني الشعر على غيرها لم يكن شعراً عربيّاً، وأنَّ ما يرجع إلى حديث الوزن مقصور على هذه البحور الستةَ عشرَ لا يتجاوزها..
إنما الغرض حصر الأوزان التي قالت العرب عليها أشعارهَا. فليس تجاوز مقولاتها بمحظور في القياس، على ما ذكرت".
القسطاس في العروض: (المقدمة)
وهذا دليل على انحياز علمائنا إلى الإبداع نحوا وعروضا
ودمتم بكل الخير

عبد القادر رابحي
27-01-2007, 06:29 PM
تحية إلى الاستاذين الفاضلين د/مصطفى عراقى
و الاستاذ أحمد حسن محمد
و الاستاذ مجدوب مشراوي ..

تمنيت لو أن الحوار الشيق الممتع تواصل
بل أريد بإذن الله أن يتواصل


اتمنى لأخينا أحمد حسن غيابا ممتعا..و عودة ميمونة مباركة..
و أتمنى من أستاذنا الكبير ألا يبخل علينا بهذا الفيض من المعرفة التي نحتاجها جميعا..

و إلى قريب..
أيها الأحباء..

عبد القادر

نادية بوغرارة
06-02-2007, 06:17 PM
حواركم شيق و مفيد ،

حاولت أن أتابع ما فيه ، و رغم

أن فهمي قصر عن إدراك مجموعة من النقاط في حواركم،

لكنكم أضفتم لي الكثير ..
حيياكم الله

د. سمير العمري
18-02-2007, 08:55 PM
أقيم عالياً هذا الطرح العميق والسامق والذي يضعنا في مستوى التحدي الجقيقي للتناول الموضوعي لقضايا أدبية جادة في عصرنا الحاضر ، ولقد اسعدني هذا المستوى المتخصص ، وأنا هنا لأشيد به وأعبر عن امتناني لطرحه.

ثم أنا هنا لكي أؤكد على أن الحوار هو أفضل السبل للوصول إلى القناعات الراسخة والقواعد المنظمة دون تشتنج أو تسلط ، وأن هذا الحوار قد يعني الاختلاف ولكن ليس الخلاف.


وبهذه المفاهيم سأعود بإذن الله محاوراً بقصد إثراء الحوار والخلوص إلى نتائج ملموسة نتفق عليها لتصبح قاعدة أدبية معتمدة.


تحياتي

د. مصطفى عراقي
23-02-2007, 09:19 AM
تحية إلى الاستاذين الفاضلين د/مصطفى عراقى
و الاستاذ أحمد حسن محمد
و الاستاذ مجدوب مشراوي ..
تمنيت لو أن الحوار الشيق الممتع تواصل
بل أريد بإذن الله أن يتواصل
اتمنى لأخينا أحمد حسن غيابا ممتعا..و عودة ميمونة مباركة..
و أتمنى من أستاذنا الكبير ألا يبخل علينا بهذا الفيض من المعرفة التي نحتاجها جميعا..
و إلى قريب..
أيها الأحباء..
عبد القادر

=

ولك تسعى تحياتي ممزوجة بالشكر لهذا الحضور الحميم الكريم

ومعك أدعو الله أن يعود الابن العزيز الشاعر المبدع والباحث النابه أحمد سعيدا حميدا

ودمت بكل الخير والسعادة

أخوك: مصطفى

د. مصطفى عراقي
23-02-2007, 09:22 AM
حواركم شيق و مفيد ،
حاولت أن أتابع ما فيه ، و رغم
أن فهمي قصر عن إدراك مجموعة من النقاط في حواركم،
لكنكم أضفتم لي الكثير ..
حيياكم الله
=

الأستاذة الفاضلة نادية المغربية

بارك الله هذا الحضور المُسعد ، وأرجو تحديد هذه النقاط مشكورةً لإعطائها حقها من الشرح .

وجزاك الله خير الجزاء

د. مصطفى عراقي
23-02-2007, 09:25 AM
أقيم عالياً هذا الطرح العميق والسامق والذي يضعنا في مستوى التحدي الجقيقي للتناول الموضوعي لقضايا أدبية جادة في عصرنا الحاضر ، ولقد اسعدني هذا المستوى المتخصص ، وأنا هنا لأشيد به وأعبر عن امتناني لطرحه.
ثم أنا هنا لكي أؤكد على أن الحوار هو أفضل السبل للوصول إلى القناعات الراسخة والقواعد المنظمة دون تشتنج أو تسلط ، وأن هذا الحوار قد يعني الاختلاف ولكن ليس الخلاف.
وبهذه المفاهيم سأعود بإذن الله محاوراً بقصد إثراء الحوار والخلوص إلى نتائج ملموسة نتفق عليها لتصبح قاعدة أدبية معتمدة.
تحياتي

اخانا الجليل وشاعرنا الفذّ الدكتور سمير


شكرا لهذا الحضور القيّم ، وهذه الشهادة الغالية التي أفخر بها طرفا من أطراف هذا الحوار

وفي اشتياقٍ صادق لعودتك المرتجاة

ودمت وأسرة الواحة الطيبة بكل الخير والسعادة والتوفيق


أخوك المحب: مصطفى

مجذوب العيد المشراوي
23-02-2007, 11:33 AM
أعود مرة أخرى للضرورة ولمستواكم الجيد هنا ..
أقول الضرورة عند المقتدر من الشعراء لها أبعاد نفسية لا استغناء عنها والشاعر نفسيا لا يمكن أن يبدل تلك اللفظة مثلا مهما قلنا له بل أكثر من ذلك ، هناك من الشعراء من لا يغيب عنه إمكانية تبديل البيت لتصبح نفس الكلمة في مكانها الطبيعي وزنا فلا يقبل ويحبذها ظاهرة كضرورة لأنها في الوضع ذاك بالذات تظهر مكامن النفس التي تريدها هكذا ..شكرا

أحمد حسن محمد
24-02-2007, 07:26 PM
أيها الطيب الأصيل علمه..
د. مصطفى عراقي
تذكرت قولك وأنا أقرأ هذا البيت اليوم، وأحسبه للأعشى:
فإما تريني وبي لمة
فإن الحوادث أودى بها..

تذكرت قولك تعليقا على كلمة حسان الشاعر في ولده..
تذكرت محاولتك لتحديد معنى الضرورة الشعرية وقتها واحتماليتها للشكل ومقتضى الحال وبلاغة الصورة والمعنى والفكرة كما يحتمله كلام حسان....
وأعتقد الآن بالفعل أن أجدادنا فهموا الضرورة أو حددوها بما لا يخص إلا القول البليغ، ولكن لم يقولون دوما: "وهذا خاص بالشعر".. مع استشهادي برضاكم الطيب عن أن في النثر من فنون البلاغة بما لا ينزله عن الشعر هذه الأيام.. أو على الأقل بما يجعلنا نأتي فيه ضرورة يقتضيها الحال..
ويبقى أمر ما..
من ناحية سؤالي وإجابتكم عن ما يحق لنا من ضرورات هذه الأيام..
فأنا سألت يا سيدي الكريم -أطال اللـه لي في عمرك وأعزك- عن هل يكون لنا ما يبرر أن نقترح ضرورات أخرى..
ومثلت بأمرين: كلمة "ذا" فهل يجبرني موقف اكتئابي جدا جدا أن أختصر في الكلام وأرتكبها بدون ألف اتكاء على قول الكوفة أن الألف للتكثير وليست من أصل اسم الإشارة..
والكلمة الثانية هي قول "بيك" لا من قبيل النحت وغيره كانت عند كاتبها، فالتشاؤل من الممكن أن تستخد كمنحوت فيما بعد، للتعبير عن الحالتين، ولكن في "بيك" تداخل بين الشخصيتين عند فصامي سيندر أن تكون في مكان آخر معترفا بدلالتها على الموقف..
ولكنكم -والعذر أيها الغالي- أجبتني بما أذكر أنه تقسيم للضرورات القديمة إلى حسن ومستقبح و ..
اعذرني لو أثقلت..
لك المحبة..

د. مصطفى عراقي
25-02-2007, 10:54 PM
أعود مرة أخرى للضرورة ولمستواكم الجيد هنا ..
أقول الضرورة عند المقتدر من الشعراء لها أبعاد نفسية لا استغناء عنها والشاعر نفسيا لا يمكن أن يبدل تلك اللفظة مثلا مهما قلنا له بل أكثر من ذلك ، هناك من الشعراء من لا يغيب عنه إمكانية تبديل البيت لتصبح نفس الكلمة في مكانها الطبيعي وزنا فلا يقبل ويحبذها ظاهرة كضرورة لأنها في الوضع ذاك بالذات تظهر مكامن النفس التي تريدها هكذا ..شكرا


ما أجمل تلخيصك وتكثيفك للقضية أيها المبدع الكريم

لك الشكر خالصا والتحية معطرة

أخوك : مصطفى

د. مصطفى عراقي
10-11-2007, 03:09 PM
================


ثم أنا هنا لكي أؤكد على أن الحوار هو أفضل السبل للوصول إلى القناعات الراسخة والقواعد المنظمة دون تشتنج أو تسلط ، وأن هذا الحوار قد يعني الاختلاف ولكن ليس الخلاف.
وبهذه المفاهيم سأعود بإذن الله محاوراً بقصد إثراء الحوار والخلوص إلى نتائج ملموسة نتفق عليها لتصبح قاعدة أدبية معتمدة.
تحياتي

صدقت يا أخانا الغالي
لا سيما إذا كان الحوار قائما على الصدق والإخلاص والأدب كما نأمل جميعا، وكما تعلمنا في واحة الخير والعطاء والصفاء


وبهذه المفاهيم سأعود بإذن الله محاوراً بقصد إثراء الحوار والخلوص إلى نتائج ملموسة نتفق عليها لتصبح قاعدة أدبية معتمدة.
تحياتي
وما زلنا في اشتياق لعودتك الكريمة المرتجاة

وحفظك المولى وواحتنا الظليلة وأهلها الأوفياء من كل مكروه وسوء
أخوك المحب: مصطفى

د. مصطفى عراقي
12-12-2007, 11:51 PM
كما أحب ان أوضح أن النحو مفسر وليس مبررا، وأن الشعراء لا يذهبون إلى ما يسمى بالضرورة عن ضعف وإنما عن اقتدار كما يقول ابن جني:
"فمتى رأيت الشاعر قد ارتكب مثل هذه الضرورات على قبحها، وانخراق الأصول بها، فاعلم أن ذلك على ما جشمه منه وإن دل من وجه على جوره وتعسفه، فإنه من وجه آخر مؤذن بصياله وتخمطه، وليس بقاطع دليل على ضعف لغته، ولا قصوره عن اختياره الوجه الناطق بفصاحته. بل مثله في ذلك عندي مث لمجرى الجموح بلا لجام، ووارد الحرب الضروس حاسراً من غير احتشام. فهو وإن كان ملوماً في عنفه وتهالكه، فإنه مشهود له بشجاعته وفيض منته؛ ألا تراه لا يجهل أن لو تكفر في سلاحه، أو أعصم بلجام جواده، لكان أقرب إلى النجاة، وأبعد عن الملحاة؛ لكنه جشم ما جشمه على علمه بما يعقب اقتحام مثله، إدلالاً بقوة طبعه، ودلالة على شهامة نفسه".(الخصائص: 1: 216)
ويشرح المحقق القدير العلامة البغدادي هذه الظاهرة قائلا:
" وإنما معنى الضرورة أن الشاعر قد لا يخطر بباله إلا لفظه ما تضمنته ضرورة النطق به في ذلك الموضع إلى زيادة أو نقص أو
غير ذلك، بحيث قد ينتبه غيره إلى أن يحتال في شيء يزيل تلك الضرورة.
ثم يفسرها بتفاسير من أهمها:
* أنه قد يكون للمعنى عبارتان أو أكثر، واحدة يلزم فيها ضرورة إلا أنها مطابقة
لمقتضى الحال، ولا شك أنهم في هذه الحال يرجعون إلى الضرورة، لأن اعتناءهم بالمعاني
أشد من اعتنائهم بالألفاظ. وإذا ظهر لنا في موضع أن ما لا ضرورة فيه يصلح هنالك فمن
أين يعلم أنه مطابق لمقتضى الحال.
والمعنى : أن الشاعر يؤثر ما يتسق مع تجربته الإبداعية حتى لو خالف القياس الإصلي ، كما عبر سيبويه ببراعة قائلا:"
وليس شيء يضطرون إليه إلا وهم يحاولون به وجهاً".
والله أعلم
ودمتم بكل الخير والتوفيق
مصطفى

أخي الحبيب الغالي الذي ما زلت أراه رمزا للوفاء والإخلاص والنقاء :
الدكتور عمر جلال الدين هزاع حفظه الله ورعاه

هذا يا أخي الحبيب ما كتبته هنا بالحرف ردا على سؤال سائلٍ ، فكيف أيها الحبيب تأخذه وتنسبه إلى نفسك دون أي إشارة إلى أخيك حين قلت في مكانٍ آخر:

"ثانيًا - و بالعود إلى عنوان النص :
ــــــ

فقد لفت انتباهي كلمة النحو المبرر , و أقول - و العلم عند أساتذتنا وشيوخنا هنا ممن هم أقدر منا على الجزم - بأن النحو مفسر للنص الشعري و ليس مبررًا له
ومن هنا نبدأ :
فالقاعدة النحوية تكشف غموض النص و تنير عتمته ولا تبرر أخطاءه
وما الضرورة الشعرية إلا بمجازات وصول للشاعر خلقتها في بادىء الأمر الحالة النفسية و التجربة الشعرية - أو ما نسميه : مقتضى الحال - ثم بعد أن جوزت صارت سبلًا لتخريج بضع خصائص شعرية يمكن حصرها وهي ما يسمى بالجوازات أو الضرورات
وفي ذلك يقول سيبويه قولًا لطيفًا :
( وليس شيء يضطرون إليه , إلا و هم يحاولون به وجهًا )
وعطفًا على هذا , أذكر ما كتبه ابن جني في الخصائص عن ظاهرة الضرورة الشعرية , و أن الشعراء إذ يتجشمونها فهم لا يفعلون عن ضعف وإنما عن اقتدار و دراية :
( فمتى رأيت الشاعر قد ارتكب مثل هذه الضرورات على قبحها , و انخراق الأصول بها , فاعلم أن ذلك على ما جشمه منه و إن دل من وجه على جوره و تعسفه , فإنه من وجه آخر مؤذن بصياله وتخمطه , و ليس بقاطع دليل على ضعف لغته , و لا قصوره عن اختياره الوجه الناطق بفصاحته.
بل مثله في ذلك عندي مثل مجرى الجموح بلا لجام , و وارد الحرب الضروس حاسراً من غير احتشام .
فهو و إن كان ملوماً في عنفه وتهالكه , فإنه مشهود له بشجاعته وفيض منته .
ألا تراه لا يجهل أن لو تكفر في سلاحه , أو أعصم بلجام جواده , لكان أقرب إلى النجاة , و أبعد عن الملحاة ؟
لكنه جشم ما جشمه على علمه بما يعقب اقتحام مثله , إدلالاً بقوة طبعه , و دلالة على شهامة نفسه )
"



حتى أنت أيها الكريم؟

لا حول ولا قوة إلا بالله.


أخوك: مصطفى

د. مصطفى عراقي
12-12-2007, 11:58 PM
أما المعيارية فتكون في مستوى التعليم
أما في التعامل مع النصوص البليغة فالأولوية للتفسير
لأنه لا يمكن إخضاع النصوص البليغة للقاعدة
فإذا كانت القاعدة تقول:
بالجر والتنوين والندا وأل ومسند للاسم تمييز حصل
وقال الشاعر:
ما أنت بالحكم الترضى حكومته= ولا الاصيل ولا ذي الرأي والجدل.
فلا يلجأ النحاة إلى المعيارية هنا بل إلى التفسير فيقولون:
ال: موصول اسمي نعت للحكم
وأنشد الفراء:
قال: وأنشد الفراء في مثله:
أخفْن اطِّنائي إن سَكَتُّ وإنّني ... لفي شُغل عن ذَحْلها اليُتَتَبَّعُ
وأنشد المفضل:
يَقول الخَنا وأَبْغض العُجم ناطقاً ... إلى ربِّنا صوتُ الحِمار اليُجَدَّعُ
يريد: الذي يُجَدَّع.
ومن هنا كان التفسير أولى من المعيارية والتخطئة
في نحو النص


=========

ثم تقول أيها الأخ الغالي الدكتور عمر جلال الدين هزاع
"
بحسب علمي :
تكون أولوية معيارية القاعدة النحوية في التعليم المدرسي
أما في التعامل مع النصوص البليغة ( التي ترقى على مستوى الإنشاء السردي العادي )
فأولولية التفسير هي المتبعة".





فهل هذا أيها الحبيب مع ما سبق من نقل شواهدي نفسها وعباراتي ذاتها - من توارد الخواطر؟

ثق والله انك لو قلت: نعم لصدقتك وكذبتُ نفسي.



ودمت رمزا للصدق والنقاء كما عهدناك .

محبك: مصطفى

د. مصطفى عراقي
13-12-2007, 04:45 AM
أخي الحبيب وشاعرنا القدير الدكتور عمر

أنا على يقين أن لديك تفسيرا يجلي الحق في هذا الأمر


ودمت بكل الخير والسعادة والنور


محبك: مصطفى

د. عمر جلال الدين هزاع
14-12-2007, 11:47 PM
أخي الحبيب وأستاذي الكبير د. مصطفى عراقي :
ـــــــــ
أولًا ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ثانيًا ..
إن لي الشرف كل الشرف أستاذي أن أقتبس منك وهذا كلام صادق نابع من الضمير و الوجدان
فأنت معلمي الذي أفتخر به
وأخي وتاج رأسي وقرة عيني
ثالثًا ..
أخي الحبيب
وربك ما عدت إلا عندما علمت بأن رسالة منك وصلتني إلى بريدي هنا فحضرت دون معرفة محتواها , فيكفيني أنها منك
لكي آتيك طائعًا حبًا وكرامة
رابعًا ..
وما أحب أن أقوله هنا بهذا الخصوص ( الاقتباس الذي أراه باسمي و المنقول عن مكان آخر في الشبكة )
هو بضع كلمات اقتبستها بنفسي من بحث بعنوان :
الضرورة الشعرية , مالها و ما عليها ..
وصلتني عبر البريد الاليكتروني من أحد المواقع الثقافية التي أشترك بها من بين آلاف المواضيع التي تصلني شهريًا
ولم يكن الموضوع مذيلًا باسم كاتب معين
ولو علمت أنه لك أستاذي
لنسبته لك
وهل أحب إلى قلبي من هذا ؟؟
إنما قمت بالاستعانة به لإجابة سؤال طرحه أحد الإخوة في مكان ما
لأنني وجدت فيه فائدة ترجى للرد عليه
خامسًا ..
أتقدم لك بجزيل شكري من ناحية أولى لأنك أكرمتني بالسؤال عني
و بشديد الاعتذار أخي وأستاذي أنني لم أعلم مسبقًا بما تفضلت به إلا الآن
فمنك العذر و لك العتبى
وأنا رهن أمرك فيما تراه
فمرني أطع
و أنا أحد تلامذتك المخلصين بحول الله
...
ولك حبي المقيم
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

د. عمر جلال الدين هزاع
14-12-2007, 11:49 PM
إلى جميع الأحبة

ـــ

أعتذر أنني نسيت أن أقول :

كل عام و أنتم بخير

حسام القاضي
14-12-2007, 11:59 PM
أخي الحبيب وأستاذي الكبير د. مصطفى عراقي :
ـــــــــ
أولًا ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ثانيًا ..
إن لي الشرف كل الشرف أستاذي أن أقتبس منك وهذا كلام صادق نابع من الضمير و الوجدان
فأنت معلمي الذي أفتخر به
وأخي وتاج رأسي وقرة عيني
ثالثًا ..
أخي الحبيب
وربك ما عدت إلا عندما علمت بأن رسالة منك وصلتني إلى بريدي هنا فحضرت دون معرفة محتواها , فيكفيني أنها منك
لكي آتيك طائعًا حبًا وكرامة
رابعًا ..
وما أحب أن أقوله هنا بهذا الخصوص ( الاقتباس الذي أراه باسمي و المنقول عن مكان آخر في الشبكة )
هو بضع كلمات اقتبستها بنفسي من بحث بعنوان :
الضرورة الشعرية , مالها و ما عليها ..
وصلتني عبر البريد الاليكتروني من أحد المواقع الثقافية التي أشترك بها من بين آلاف المواضيع التي تصلني شهريًا
ولم يكن الموضوع مذيلًا باسم كاتب معين
ولو علمت أنه لك أستاذي
لنسبته لك
وهل أحب إلى قلبي من هذا ؟؟
إنما قمت بالاستعانة به لإجابة سؤال طرحه أحد الإخوة في مكان ما
لأنني وجدت فيه فائدة ترجى للرد عليه
خامسًا ..
أتقدم لك بجزيل شكري من ناحية أولى لأنك أكرمتني بالسؤال عني
و بشديد الاعتذار أخي وأستاذي أنني لم أعلم مسبقًا بما تفضلت به إلا الآن
فمنك العذر و لك العتبى
وأنا رهن أمرك فيما تراه
فمرني أطع
و أنا أحد تلامذتك المخلصين بحول الله
...
ولك حبي المقيم
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخي الكريم الخلوق / د. عمر جلال الدين هزاع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اعذرني إن قمت بالرد على مالا يخصني
ولكن ردكم المثالي الجميل لم يتح لي فرصة للتفكير..
هكذا يكون الكبار الكرام
أيها الأخ الفاضل الكريم
بارك الله بك وبأخلاقك العالية وتواضعك الجم.
لكما تقديري واحترامي.

د. عمر جلال الدين هزاع
15-12-2007, 01:11 AM
أخي الحبيب
وأستاذي :
حسام القاضي
ـــــــــــــ
بوركت يا صاحب القلب الكريم النقي
و المشاعر النبيلة
وبك اعتزازي أستاذي
..
وللعلم
فقد أشرت في الموضوع
- المعني في مكان آخر على الشبكة -
بأن الاقتباس من موضوع أستاذنا القدير : د. مصطفى عراقي
ولكم التقدير
وأكرر اعتذاري أخي
والسلام على واحتنا الحبية
واهلها الكرام

د. مصطفى عراقي
15-12-2007, 11:53 AM
أخي الحبيب وأستاذي الكبير د. مصطفى عراقي :
ـــــــــ
أولًا ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ثانيًا ..
إن لي الشرف كل الشرف أستاذي أن أقتبس منك وهذا كلام صادق نابع من الضمير و الوجدان
فأنت معلمي الذي أفتخر به
وأخي وتاج رأسي وقرة عيني
ثالثًا ..
أخي الحبيب
وربك ما عدت إلا عندما علمت بأن رسالة منك وصلتني إلى بريدي هنا فحضرت دون معرفة محتواها , فيكفيني أنها منك
لكي آتيك طائعًا حبًا وكرامة
رابعًا ..
وما أحب أن أقوله هنا بهذا الخصوص ( الاقتباس الذي أراه باسمي و المنقول عن مكان آخر في الشبكة )
هو بضع كلمات اقتبستها بنفسي من بحث بعنوان :
الضرورة الشعرية , مالها و ما عليها ..
وصلتني عبر البريد الاليكتروني من أحد المواقع الثقافية التي أشترك بها من بين آلاف المواضيع التي تصلني شهريًا
ولم يكن الموضوع مذيلًا باسم كاتب معين
ولو علمت أنه لك أستاذي
لنسبته لك
وهل أحب إلى قلبي من هذا ؟؟
إنما قمت بالاستعانة به لإجابة سؤال طرحه أحد الإخوة في مكان ما
لأنني وجدت فيه فائدة ترجى للرد عليه
خامسًا ..
أتقدم لك بجزيل شكري من ناحية أولى لأنك أكرمتني بالسؤال عني
و بشديد الاعتذار أخي وأستاذي أنني لم أعلم مسبقًا بما تفضلت به إلا الآن
فمنك العذر و لك العتبى
وأنا رهن أمرك فيما تراه
فمرني أطع
و أنا أحد تلامذتك المخلصين بحول الله
...
ولك حبي المقيم
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم المفضال الشاعر المتألق المتدفق الدكتور عمر
بل أستاذ فاضل وأخ عظيم أكرمنا الله به إنسانا عاليا وشاعرا راقيا
أحبك الله يا أخي وبارك فيك وفي حبك الغالي وفي خلقك السنيّ
والحمد له عز وجل أن رأف بقلوبنا بهذه العودة الكريمة الحميدة لمحبيك ومحبي شعرك الصادق في كل ميدانٍ ، و السبَّاق في كل مضمارٍ.
وأنا أيها الحبيب لا علم لي بالبحث الذي تشير إليه ، فهو ليس لي وإنما تعجبتُ من وجود كلامي هنا بالشواهد نفسها ، وأسلوب التعليق عليها والرأي ذاته ، فأردت منك التفضل بتوضيحٍ لا لنفسي وإنما للجميع.
فتفضلت بأن وضحت الأمر ، فشرحتَ الصدر
وأبنت ؛ فأحسنت
وصدعتَ فسطعتَ
فلك الشكر أيها الحبيب القريب
ولا حرمنا الله حسن جوارك
وجميل حوارك
وجزاك الله عنا خير الجزاء
أخوك المحب لك ، الفخور بمودتك : مصطفى

د. مصطفى عراقي
15-12-2007, 12:42 PM
إلى جميع الأحبة
ـــ
أعتذر أنني نسيت أن أقول :
كل عام و أنتم بخير

=======

وهي والله أيها الحبيب أحب إلينا من حُمر النعم

أعاده الله عليك وعلينا وعلى أمتنا بكل الخير والسعادة والنصر


ولا حرمنا الله منك ومن حروفك الزاهرة.

محبك : مصطفى

د. عمر جلال الدين هزاع
15-12-2007, 01:46 PM
بوركت أستاذي
و أحمد الله أن من علي بإخوة أتقياء أنقياء مثلك
ولكم موفور الود