تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : امرأة و9 مطارات-3 /مطار البحرين



حنين عمر
04-02-2007, 04:49 PM
امرأة و9 مطارات-3

الحلقة الثالثة

مطار البحرين والساعة متأخرة بعض الشيء، لعلها التاسعة ليلاً بتوقيت هاته الحورية النائمة على إيقاع همسات البحر، لم أجد شيئا أفعلهُ بانتظار مواصلة رحلتي سوى اللعب بجهاز الام بي 3 الجديد الذي أهدتني أمي إياه ساعات قليلة قبل مغادرتي الجزائر...أسجل صوتي وأنا اقول أشياء من قبيل الهذيان واللا معنى في وصف المكان والعابرين بامتعتهم إلى مجاهيل بعيدة لا اعرفها ولا تعرفني.

ثم توقفتُ فجأة، أطفأت جهازي الصغير ودسسته في جيب جاكيتي لأتحسس برفق ظرف الرسالة المحمّل بهلوستي الألمانية، ابتسمتُ وأنا أسترجعُ حادثة فرانكفورت و جملة النادل الأيطالي التي ألقاها على مسامعي بعد أن راقبني طويلا وأنا أكتبُ قصيدة"فرانكفورت" مع كوب الشاي المحلى زيادة الذي أحضره لي بنفسه.

يشتهر الإيطاليون بتشابه مزاجيتهم بالمزاجية العربية، ولعلّ هذا ما جعل النادل يتردد قليلا فقط قبل أن يتجرأ على الاقتراب ليروي فضولا اعتراهُ وارتجف بين شفتيه طويلا، انتظرني حتى انتهيتُ من القصيدة الأولى... ألقيت بالقلم وارتشفت بعض الشاي،فاقترب و سألني بانجليزية مكسورة: هل تحتاجين شيئا؟

وابتسم بينما تسمرت عيناه على الورقة تماما، رفعتُ رأسي ونظرتُ إليه ثم ابتسمتُ وأجبتهُ بإنجليزيتي المائلة نحو الفرنسية قليلا: لا شكرا...أحتاج فقط بعض الهدوء لأكمل قصيدتي. ابتهج النادل وهو يكتشف أنه كان شاهدا حيا على ميلاد قصيدة حقيقية، وأبدى بانجليزيته ذاتها وبكسورها ذاتها رغبته في معرفة ما كتبتُه فقلت له بإنجليزيتي وميلها الفرنساوي ذاته: إنها قصيدة غزل تتحدث عن فراق حبيب نسيته في مطار آخر... تأمل النادل الورقة، النادل الذي نسيت ما كان اسمهُ : باولو... بابلو.. أو شيء من هذا الوزن، ثم نظر إليّ ثانية ففهمتُ أنه كان يريد معرفة اللغة التي أكتب بها، قلتُ له: إنها بالعربية.
انفجرت دهشةٌ مدى عينيهِ وقال: هل أنت عربية؟
ابتسمتُ وأنا أجيبهُ: نعم.
ربما بدا غريبا للنادل الذي لم يستطع تصديقي أن يرى فتاة عربية تشبهني، وتكتبُ قصائد غزلية في مطارات بعيدة غير آبهة بالعالم الذي اختصرته في أغنية جميلة تمتمت بها شفتاها للحنين الأخير.
وقبل أن اغادر المقهى حاملة معي رغبة جديدة في الكتابة ألقى النادل بمحبة وتبجيل جملةً اخيرةً الى عروبتي: " أنت تستحقين الاحترام لأنك رغم كونك عربية تكتبين الشعر."
تلك الجملة التي بقيت تتردد في روحي أمدا طويلاً راسمة في الأفق المدجن بالغواية آلاما عميقةً، آلامُ الانتماء الى قبيلة ليت بالتأكيد من نفس رأي نادل ايطالي في مقهى الماني.
أعرفُ في النهاية ان الكثير من الرجال العرب لا يحترمون المرأة عموما والشاعرة خصوصا... وأعرفُ انّه لم يكن خياري أن أكون امرأة ولا أن أكون شاعرةً... ولكنني اخترتُ ان اكون أقوى من سيف شهريار وأكثر تمردا من كل النساء حولي، وعليّ أن اتحمل مسؤولية قراري إلى آخر لحظةٍ من انفاس امرأة مجنونة ومنفية ومنتحرة... غادرت مطار فرانكفورت حاملة في جيبها ثلاث قصائد و وسام احترام من رجل غربي.

استيقظت من غفوتي وأنا أستعدُ للتحليق بعيدا عن البحرين، تاركة ورائي بلادا وعدتها بزيارة أطول نأكل فيها الايس كريم سويا في شوارعها، وحاملةً حلما أزرقا راح يرتسم أمامي...
أخرجت جهاز الام بي 3 من جيبي، وضعتُ اغنية هادئةً ... وابتسمتُ للمطار القادم: مطار مسقط!!!

يتبع
حنين

محمد سامي البوهي
04-02-2007, 05:04 PM
السلام عليكم ورحمة الله

الأخت الشاعرة الصديقة / حنين عمر
مرحبا بك معنا في منتدى القصة .

قصتك أشبه بمدونات السفرات ، كان بها نوعا من التفكر العميق ، فقد أخذتينا معك الي المطارات ، والي الانتظار الذي سئمنا منه ، فنحطمه بأقلامنا ، او بكتبنا ، لكن هنا لم نقرأ قصيدتك التي كنت تكتبيها ، لكنننا قرأنا ما هو أعمق (" أنت تستحقين الاحترام لأنك رغم كونك عربية تكتبين الشعر." ) ، ربما أختلف معك في تفسير هذه الجملة ، فأظن أنه قصد بالعروبة هنا ما نلاقيه من ذل ، وما نلاقيه من حروب ، ودمار ، وتسلط ، وسيطرة وقهر ، رغم ذلك كله نكتب الشعر ، ما اعجبني بالنص ، انك تركت نفسك للقلم ، يكتب ما يجول بخاطرك ، كأنك تفكرين بصوت عال .

تحيتي

جوتيار تمر
05-02-2007, 09:46 AM
حنين...
لماذا نتهم دائما الرجل..هل شهريار اصبح هو رمز الانسان الشرقي في كل شيء..لماذا اذا لاننظر اليه من منظور نزاري..لماذا لايفهم احدا شهريار.. اعلم بان شعوره بالفراغ والعدمية في الكثير من الاحيان لايبرر اعماله الاسطورية..لكن علينا ان نتجرأ ونقول ايضا بان شهريار لم يكن ليكون كما نحن نعرفه اذا لم تكن شهرزاد نفسها مستعدة..وراضية..وراغبة..لست بصدد الدفاع عن الرجل..ولا اتهام المرأة..لكن..كونه تعجب لانك امرأة وتكتبين الشعر في بلاد الغربة..ليس بالضرورة عملية كسر لسيف شهريار..لان تاريخ المنطقة يشهد لنا جميعا..نساء برزن شعرا وادبا بل حتى تمردا بغض النظر من موقف الاجتماع.
في لبنان مثلا اكثر البلاد العربية تحررا بالاخص المراة..حيث نجد للمراة كما يقول ميشال عاصي جملة من حقوق كما ان عليها جملة من واجبات ، غير انها في واقع الحياة العملي لاتزال قاصرة قصورا بارزا،عن تطبيق جميع ما يتيحه لها القانون،وعن ممارسة جميع ما يشرعه لها من حقوق، لاتزال تقف بوجهها العراقيل وتعترض سبيلها رواسب التقاليد،وعقلية المجتمع الذي تعيش فيه،وبفضل زوال التقاليد الاجتماعية شيئا فشيئا وبفضل تقدم عقليتها،وعقلية مجتمعها تقترب خطوة خطوة من نهاية الحدود التي يسنها القانون.
اذا حنين..
هناك جملة امور تقف وراء بقاء المراة في الشرق تحت قيد التخلف..الاجتماع..العادات والتقاليد..وعقليتها..لاتنسي هذه النقطة وانما فكري فيها جيدا.. عقليتها..التي تجعلها بالرغم من وجود حقوق لها لاتطالب بها ولاتمارسها..بل هي موجودة لكنها لاتمارسها..قد نقول خوفا من الاجتماع ووو.. لكن هذا الخوف موجود للمقابل ايضا..لكنه يملك الجرأة ويتحمل عواقب ما يفعل..لذا..نحتاج الى ان تعي المرأة ما هي عليه وما هي فيه.. ونحتاج الى ان تعي المرأة ما تريد وما يراد منها..لتأخذ دورها الحقيقي في الحياة..وحتى لايستغرب الايطالي من امرأة شرقية..سواء كأنت عربية..كردية.. تركية..فارسية..وهي تكتب شعرا..مع اني اعيد المسألة ايضا الى قصر فهمهم..وعدم معرفتهم بتاريخ المنطقة..ومع امر اخر في غاية الاهمية.. وهو الصورة المشوهة التي رسمها لنا العرب..من تجار وامراء وشباب..تعودوا المجون في ملاهي ومقاهي الغرب.
حنين..
نصوصك تعجبني...
واغفري لي
محبتي لك
جوتيار

حنين عمر
05-02-2007, 12:27 PM
الاستاذ محمد

شكرا لمرورك الذي تعمق في نصي ومنحه لابعدا اخر

محبتي

حنين عمر
05-02-2007, 12:30 PM
اهلا جوتيار

من قال اني ضد شهريار ؟؟؟

بالعكس انا متعاطفة معه

محبتي لمرورك