بثينة محمود
21-07-2003, 08:55 PM
أولى مشاركاتى معكم ..
أتمنى أن اجد الترحيب
لكم التحية ..
وقف للحظات ينظر للسيارات المارقة بسرعة من حوله ..وأدار رأسه فى الاتجاهين ..ربما استدعت ذاكرته إحدى وصايا أمه عندما كان طفلاً .. "أنظر فى الاتجاهين قبل العبور "..وانطلق عابراً تاركا حوله هالة من السباب وصرير المكابح ..كان يحتضن كيساً من الفاكهة المحببة لها ..أمضى وقتاً طويلاً أمام البائع ليقنعه بالثمن الزهيد.. ووقف لينتظر حافلته .. بينما العرق الاسود يسيل على بذلته الكالحة اللون..وانشغلت عينه بمراقبة جارته الحسناء .. بينما كيس الفاكهة قابعا كالثروة الصغيرة فى أحضانه ..
جاءت الحافلة ..واندس بين البشر محاذراً أن يمس أحدهم ثروته الصغيرة ..لم يأمل أن يجد له مقعداً ..يكفى أن يجد مكاناً ليده ليتعلق بأى شىء يحميه من السقوط .. و بدأ رحلته المعتادة فى تفحص من حوله ..و بدا ذهنه خاوياً كعادته ..إلى أن توقفت رحلته فجأة ..إثر تعطل الحافلة فوق الكوبرى العتيق ..وبدأ الجميع فى ممارسة التذمر .. ومسائلة السائق عما حدث ..واشتبك بعضهم معه ..وهو ينأى بذاته القليلة عن العراك .. وحينما بدأوا ينفضون من حوله .. ويتخذ كل منهم طريقاً له خارج الحافلة .. بدأ وميض صغير فى الإلتماع داخل رأسه الخاوية ..
وجد نفسه واقفاً فوق الكوبرى ..ممسكاً بكلتا يديه كيس الفاكهة المحببة إليها ..ومستنداً إلى الجدار المعدنى فى بلادة غريبة ..تسائل عما يتوجب عليه فعله فى هذه اللحظة .. وانتظر أن يدعوه احد إلى الحل ..ولكن أحداً لم يفعل .. وكأنما بدأت عقارب ساعته الداخلية فى الدوران عكس الاتجاه .. أدار رأسه فى بطء تجاه النيل الرابض فى الأسفل .. وغاصت عيناه فى المياه الثقيلة .. حاول أن يفك الطلسم الذى تولد هذه اللحظة فى عقله ..ولكن كان الأمر أعظم من إدراكه ..
تساءل ..ما هذه الدائرة التى يدور دوماً ملتصقاً بطرف محيطها .. منجذباً فى ثبات دائم ولبعد دائم عن مركزها .. عن أمه .. إزدادت عيناه غوصاً فى المياه الثقيلة ..وهو يراها تبكى أباه وترتدى سواداً لا يغادرها.. وتضمه إليها عمراً طويلاً فى عناق ممتد لا ينتهى .. الخوف يملأ جنباته عندما يغادرها ليلعب مع أقرانه فيعود راكضاً متبوعاً بالسخرية المرة .. الحمق يصنع له وكراً برأسه التى لا تعرف تحاوراً مع أحد .. والعمل الرتيب كان أمراً لا فرار منه ..لأنه رغبتها قبل أى شىء ..
إنسابت أفكاره ببطء كالأمواج المارة أمامه ..وتذكر صورته التى طالعها هذا الصباح فى المرآه وقد رسم الزمن خطوطه الأفقية فوق جبينه .. ولم يشعر بنفسه إلا وهو يمد يديه ليتحسس شعراً يتذكره مليئاً بالشيب .. وانتبه إلى حبات الفاكهة التى تركت الكيس وانطلقت حرة طليقة إلى نهر الطريق .. وعادت عقارب ساعته الداخلية إلى دورانها المعتاد ..بينما هو يلقى بنفسه القليلة وسط السيارات ..ليجمع حبات الفاكهة المحببة إليها ...
*********************************************
أتمنى أن اجد الترحيب
لكم التحية ..
وقف للحظات ينظر للسيارات المارقة بسرعة من حوله ..وأدار رأسه فى الاتجاهين ..ربما استدعت ذاكرته إحدى وصايا أمه عندما كان طفلاً .. "أنظر فى الاتجاهين قبل العبور "..وانطلق عابراً تاركا حوله هالة من السباب وصرير المكابح ..كان يحتضن كيساً من الفاكهة المحببة لها ..أمضى وقتاً طويلاً أمام البائع ليقنعه بالثمن الزهيد.. ووقف لينتظر حافلته .. بينما العرق الاسود يسيل على بذلته الكالحة اللون..وانشغلت عينه بمراقبة جارته الحسناء .. بينما كيس الفاكهة قابعا كالثروة الصغيرة فى أحضانه ..
جاءت الحافلة ..واندس بين البشر محاذراً أن يمس أحدهم ثروته الصغيرة ..لم يأمل أن يجد له مقعداً ..يكفى أن يجد مكاناً ليده ليتعلق بأى شىء يحميه من السقوط .. و بدأ رحلته المعتادة فى تفحص من حوله ..و بدا ذهنه خاوياً كعادته ..إلى أن توقفت رحلته فجأة ..إثر تعطل الحافلة فوق الكوبرى العتيق ..وبدأ الجميع فى ممارسة التذمر .. ومسائلة السائق عما حدث ..واشتبك بعضهم معه ..وهو ينأى بذاته القليلة عن العراك .. وحينما بدأوا ينفضون من حوله .. ويتخذ كل منهم طريقاً له خارج الحافلة .. بدأ وميض صغير فى الإلتماع داخل رأسه الخاوية ..
وجد نفسه واقفاً فوق الكوبرى ..ممسكاً بكلتا يديه كيس الفاكهة المحببة إليها ..ومستنداً إلى الجدار المعدنى فى بلادة غريبة ..تسائل عما يتوجب عليه فعله فى هذه اللحظة .. وانتظر أن يدعوه احد إلى الحل ..ولكن أحداً لم يفعل .. وكأنما بدأت عقارب ساعته الداخلية فى الدوران عكس الاتجاه .. أدار رأسه فى بطء تجاه النيل الرابض فى الأسفل .. وغاصت عيناه فى المياه الثقيلة .. حاول أن يفك الطلسم الذى تولد هذه اللحظة فى عقله ..ولكن كان الأمر أعظم من إدراكه ..
تساءل ..ما هذه الدائرة التى يدور دوماً ملتصقاً بطرف محيطها .. منجذباً فى ثبات دائم ولبعد دائم عن مركزها .. عن أمه .. إزدادت عيناه غوصاً فى المياه الثقيلة ..وهو يراها تبكى أباه وترتدى سواداً لا يغادرها.. وتضمه إليها عمراً طويلاً فى عناق ممتد لا ينتهى .. الخوف يملأ جنباته عندما يغادرها ليلعب مع أقرانه فيعود راكضاً متبوعاً بالسخرية المرة .. الحمق يصنع له وكراً برأسه التى لا تعرف تحاوراً مع أحد .. والعمل الرتيب كان أمراً لا فرار منه ..لأنه رغبتها قبل أى شىء ..
إنسابت أفكاره ببطء كالأمواج المارة أمامه ..وتذكر صورته التى طالعها هذا الصباح فى المرآه وقد رسم الزمن خطوطه الأفقية فوق جبينه .. ولم يشعر بنفسه إلا وهو يمد يديه ليتحسس شعراً يتذكره مليئاً بالشيب .. وانتبه إلى حبات الفاكهة التى تركت الكيس وانطلقت حرة طليقة إلى نهر الطريق .. وعادت عقارب ساعته الداخلية إلى دورانها المعتاد ..بينما هو يلقى بنفسه القليلة وسط السيارات ..ليجمع حبات الفاكهة المحببة إليها ...
*********************************************