تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : من خلف الآلام



محمد سامي البوهي
11-02-2007, 06:25 PM
من خلف الآلام

(واحد ... اثنان ... ثلاث ... أربع ... خمـ ـ ـ ـ ـ س )
زحام يملأ الشوارع الخالية إلا من طوائف البشر ، يهرولون نحو نقاط الرحيل للرحيل ، حيث لا طائرات ، أو قطارات ، أو سفن طافية على رؤوس الغرقى ، أقدام حافية تغوص بين شقوق الأرض المشبعة بآلاف السنين ، سوط ( عمر ) يسوقهم ، يزف ظهورهم الشامخة بالنقود ، ديكورات الكراسي البالية ، يهدج الخوف حول أجساد النساء العارية ، يلف أسنامهم الملونة بأصباغ الشياطين ، يجلد زجاجات الخمور بأوكار الغانيات ، انفجرت الأرض ببركان الخيول ، الغبار يغسل وجوهنا من سواد الذنوب ، صوت (بلال ) المؤذن يصعد فوق المآذن ، يحطم أفواه النوافذ المغلقة ، يُسقط الأطباق الطائرة من فوق هامات المنازل ، جيوش ( أبو بكر الخليفة ) تفتح أبواب المدن المتلفعة بالأضواء ، الأزياء ، لوحات الإعلانات الأنيقة ، يغرس صنابير زمزم لوضوء القلوب ، تحلق فوقنا أسراب الطيور ، تصيد بحجارتها غرور الدبابات ، غباء الرشاشات ، وكلاب الحراسة ، جحافل البشر تطوف من جديد حول بيت الحياة ، ( صلاح الدين) ينادي من هناك ، يبحث بين بقايا المسجد عن منبره المرصع بالجواهر ، يجيبه الفزع ، لعب الأطفال الممزقة ، عويل النساء ، دموع الرجال ، وشرايين الضحايا الممتدة على طرقات المدينة ، (جزع النخلة ) يئن من جديد ، يعتليه ... يصرخ في رقاب القرود أن تلبي دعوات السيوف ، يهبط بيننا كي يرمم حجرات قلوبنا المصدعة بالجبن ، (على ) الشجاع ينام بفراش الرسول (صلى الله عليه وسلم) ، يشع نور ، يضخ الأمل بعروق الثكلى ، ثعبان يفوح حوله بسيف مسموم ، يجمع من خلفه حراب الخنازير ، يتقدمون ... يزحفون نحو طهر الفراش ، ينفضون عن عيونهم التراب ، الفراش نور ، السماء نور ، الأرض نور ، يرتفع السيف المسموم ، تتهافت الحراب الطائشة بالجنون نحو الفراش ، يزداد نور من فوق نور :
- حمداً لله على سلامتك .
- مـ ـ ا... ماذا؟! أين أنا؟!
- لقد أجريت جراحة زراعة القلب بنجاح.
- قلــ ـ ـ ـ ـ ؟!
- سيدى . هل مازلت تشعر بآلام ؟
- .........................

محمد سامي البوهي

جوتيار تمر
11-02-2007, 09:12 PM
البوهي..الرائع..

كان ايقاع القصة سريعا...وكأننا ركبنا قطار الزمن السريع..فاخذنا في اعمق جولة...حيث استرجع التاريخ..بكل صوره...بمآسيه..وافراحه..وكأن لسان الحال يردد هنا الان..افتش عن نبضي داخل نفسي،ابحث عن يدي،لايد لي،فراغ شاهق يتعالى،يحتل المكان،يأخذ عدته وعتاده،هذه سورته تزداد،كأنما هو غاضب،بله هو حاد،اتلوى ذات اليمين وذات الشمال،يجري القلب مذبوحا،يزاور داخل الاضلاع،يوداد وجيبه شراية،كانما الان اصاعد هذه السماوات العلا ليس لها نهاية..اني في البياض..ياذا البياض الذي ليس له شبيه..لست وحدي هولاء الاحبة........ولكنه ما ان يستفيق ويصل ويرى ما نحن عليه يتمنى لو عاد من حيث اتى...؟

اعذرني لهذه المرور السريع..

محبتي لك
جوتيار

وفاء شوكت خضر
12-02-2007, 07:01 PM
بداية ملفته بالنظر ..العد من واحد إبى خمس ..
ثم يأتي سرد غريب ، خلو الشارع من البشر إلى أطياف .. والطيف ما هو إلا شيء مرئي غير ملموس له حجم ظاهر ، يتجه إلى نقطة الرحيل للرحيل .. الرحيل إلى أين ؟؟ حيث لا مواصلات تنقلهم .. وأقدام حافية تغوص في شقوق الأرض المبعة بآلاف السنين .. هنا أقف على التعبير .. المشبعة ؟؟
ليأتي سرد تاريخ ماضي ..
عمر ( يزحف) ظهورهم .. عمر رمز العدل ، الذي كان يعيش قانعا بالقليل وهو القوي ، الذي فاق في عظمته سلاطين الأرض ، وفي قوته وتواضعه قلاع كسرى وجيوشه ، ذلك الغني المكتسي ثوب الفقر لربه ، يحمل سوطا ، وكأنه يقيم الحد على هؤلاء اللذين أنفقوا بلا حساب على البذخ ، وجاء وصفك للنساء بما وصفه الروسل الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام ، بحديثه عن آخر الزمان كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنام البخت .. اللاتي هجرن الحجاب ، وعلى زجاجات الخمر .. كناية عن شاربيها ، لتنفجر الأرض عن غبار يغسل الوجوه من الذنوب ، وهي كناية التيمم حين عدم وجود الماء للتطهر .. ليصدح صوت بلال بالأذان .. وهذا يشير على ان كلمة الحق لها صوت أعلى من صوت الباطل .. والتي أشرت بها إلى الأأطباق الطائرة ، وهي التي تشير جزما إلى المحطات الفضائية التي تبث كل ما هو غث وبعيد عن الدين .
ثم يأتينا أبو بكر الصديق .. ليعود بنا لزمن الفتوحات .. ويمد صنابير مياه زمزم لتطهر القلوب بالوضوء .. تلك القلوب التي رانت بالمعاصي والغفلة .. والطيور التي حملت الحجارة .. كأنك استوحيتها من الطيور التي هاجمت جيوش إبرهة التي حاولت هدم الكعبة فأرسل الله عليها طيورا تحمل حجارة من سجيل ، فكانت طيورك شبيهة بها وكأنها أرسلت لتدحر الجيوش بأسلحتها الحديثة بدل الفيلة .. ثم بسهولة ويسر تنقلنا ليأتي دور صلاح الدين .. الفاتح العظيم .. واصفا حال الأمة في هذا العصر الذي وصل حد الإنهيار ، لتنقل لنا صور القتل والتمثيل والتشريد ما أعيث من فساد في الأمة ..
ثميأتي دور علي رضي الله عنه .. وهنا الرمزواضحا ولا داعي لشرحه ..
الفئة الباغية التي حذر منها الرسول عليه الصلاة والسلام ، وعلى في فراش الرسول .. ترميزكهنا جاء جميلا في حالة الإسترجاع ،
(على ) الشجاع ينام بفراش الرسول (صلى الله عليه وسلم) ، يشع نور ، يضخ الأمل بعروق الثكلى ، ثعبان يفوح حوله بسيف مسموم ، يجمع من خلفه حراب الخنازير ، يتقدمون ... يزحفون نحو طهر الفراش ، ينفضون عن عيونهم التراب ، الفراش نور ، السماء نور ، الأرض نور ، يرتفع السيف المسموم ، تتهافت الحراب الطائشة بالجنون نحو الفراش ، يزداد نور من فوق نور :
عودة نور الحق ...
أتت النهاية بغير ما بدأت به ..
لنكتشف أن العد ب>ات به وهو بداية عملية التخدير .. حين صار بطل القصة تحت تأثير البنج وراح في هلوسات ، واضغاث أحلام .. مسترجعا حال الأمة وما آل إليه من بعد عن الدين واسعلاء ، تمسك بالكراسي والمناصب وأكل أموال الناس ، والقتل والتشريد ، وما يرتكب من جرائم بحق الطفولة المذبوحة علنا ..
ليستفيق من أثر البنج ..
عملية زراعة قلب ..
بدل القلب الذي حمل الألم والمعاناة ..
لا أدري إن كنت وفقت في قراءة قصتك .. التي حقا قرأتها وأنا أستعيد بذاكرتي ما أراه على أرض واقعنا من مؤامرات ، وإعاثة للفساد ، وإيذاء الناس في سبيل الوصول لمناصب زائلة ، لي سؤال لو تكرمت ..
هل زرع البطل قلبا جديدا استبدالا لقلب ملأه الحقد والسواد ؟؟ مما يعبر عن الندم ؟؟ أم لمرض ؟
أعتقد أنك عبرت عن نفسك جيدا في هذه القصة .. أبارك لك هذا النجاح .
سأتابع ما يأتي بعدي من قراءات وردود .. هنا وفي أماكن أخرى .

تحيتي ..

حنان الاغا
13-02-2007, 02:30 PM
قراءتان كل منهما أجمل من الأخرى
أولاهما لجوتيار حيث ألقى على النص غلائل فلسفة الوجود والعدم
رائع كعادته
والأخرى لوفاء
التي سارت مع الكلمة جنبا إلى جنب لتلقي الضوء على ما سارت فيه من سبل بكل عفوية وجمال ودقة
فماذا بقي لي؟
محمد سامي البوهي
معجبة أنا بقصتك عموما ولكن هذه القصة المسافرة بين الحياة والموت راقتني بشكل خاص
(فقد كنت هناك ذات يوم
لسبب بسيط ولكن التخدير مرعب إن أسيء استخدامه كما حدث معي شخصيا ، حيث كانت الرحلة مشكوك بنهايتها ولكن الله ستر ! )
جميل هذا النص المتسارع
ولو سمحت لي ببعض التدخل:
جزع الصواب جذع ( قال تعالى (هزي إليك بجذع النخلة )
يشع نور والصواب يشع نورا
يزداد نور والصواب نورا
والله أعلم
تحياتي لسعة صدرك

محمد سامي البوهي
14-02-2007, 03:49 PM
السلام عليكم ورحمة الله

العزيز المبدع الرائع
جوتيار

كم هي فلسفتك الوجودية التي تمنح الروح للحروف ، أشكر جميل ردودك .

محمد

محمد سامي البوهي
16-02-2007, 09:01 AM
السلام عليكم ورحمة الله
الأخت الكريمة
المبدعة / وفاء

قراءتك جاءت تمسح النص ، مسحا أفقياً ورأسياً ألم تتركي شيئاً إلا وألقيت عليه الضوء ، قراءة واعية ، لناقدة أثق بكلماتها .
دمت مبدعة

محمد سامي البوهي
16-02-2007, 09:02 AM
الأستاذة الأديبة القديرة / حنان

كفاك الله من كل شر ، كم لوجودك هنا بهاء من نوع فريد ، أشكر قراءة متمحصة من أديبة ومبدعة كبيرة مثلكم ، أشكرك على التنوية للأخطاء .

محمد