تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الجدار الفاصل .. والاستيطان : لطفي زغلول



لطفي زغلول
15-02-2007, 05:47 AM
الجدار الفاصل
والإستيطان

لطفي زغلول


www.lutfi-zaghlul.com


من اخطر التحديات التي واجهتها القضية الفلسطينية ، كان الاستيطان الذي استباح الأرض وصادرها وأقام عليها شتى اشكال المستوطنات . وعلى شرف هذه المستوطنات استبيحت اراض أخرى كاحتياطي استراتيجي بغية مشروعات توسعها مع الأيام . ولم يكتف المشروع الاستيطاني بهذا ، فعمد إلى مصادرة المزيد من الأراضي للطرق الالتفافية التي أوجدت لخدمة المستفيدين منه .

إلا أن أخطر المشروعات الاستيطانية ، ولا فرق بينها في الخطورة ، كان مشروع الجدار العازل الذي شرعت الحكومات الاسرائيلية باقامته منذ سنوات . وحتى هذه الايام لم يتوقف العمل بهذا المشروع الذي افترس خيرة الاراضي ، وضمها الى المشروع الاستيطاني العام .

وعلاوة على ذلك قام بتدمير أراض أخرى وتجريفها ، وحد بذلك من مصادر رزق اصحابها الشرعيين ، وأطبق الخناق على العديد من القرى الفلسطينية ، وجعلها أشبه بالمعتقلات المحاصرة . وفي هذه الايام صادقت الحكومة الاسرائيلية على تحريك هذا الجدار إلى الشرق داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 67 بغية ادخال مستوطنتي " نيلي " و " نعله " ، الامر الذي سوف يوجد جيبين فلسطينيين يعيش فيهما عشرون ألف مواطن فلسطيني سوف يعزلون عن بقية الاراضي الفلسطينية .

استراتيجيا وأمنيا ، لقد قيل الشيء الكثير عن مدى " مصداقية وجدوى " هذا الجدار ، وأكثر هذا الذي قيل جاء على ألسنة غير فلسطينية ، بعضها محايد ، وأغلبها صديقة لاسرائيل وعلى أعلى المستويات الاستراتيجية . وملخص هذا القول أن الأسوار الأمنية في هذا الزمان ليس لها مكان ، وقد عفت عليها الأيام فأصبحت فعلا ماضيا ، ذلك أنها لم تعد قادرة أن تواجه تقنيات القتال الحديثة بأي شكل من الأشكال .

واسرائيل تعلم هذه الحقيقة الخاصة بالأسوار ، كونها كيانا يستخدم أحدث الوسائل القتالية العصرية ، وبرغم ذلك فهي ماضية في تشييد هذا الجدار الذي لا تتقاطع أسسه واحداثياته وبقية مواصفاته الأخرى مع الاستراتيجيات العسكرية الحديثة من ناحية ، ولا مع أي اسس سلام يمكن أن يقوم مع الشعب الفلسطيني – وهذا هو الأهم – ولا حتى مع منظور كثير من أصدقاء اسرائيل سواء في الاتحاد الاوروبي أو في الولايات المتحدة الاميركية التي بات هذا الجدار يسبب لها " نوعا من الازعاج " ، وتصفه بأنه " مشكلة " .

على الجانب الفلسطيني المواجه لهذا الجدار المقام على ما تبقى من الأراضي الفلسطينية ، تعمل الجرافات الاسرائيلية على اجتثاث معالم الحياة الخضراء لتحيل ما تبقى من الأرض الى صحراء قاحلة مكشوفة تشكل مصيدة قاتلة على مرمى نار أبراج الحراسة لكل من يقترب منها من المزارعين الفلسطينيين . وبلغة اقتصادية انزال خسائر مادية باهظة بالمواطن الفلسطيني الذي يعتاش أساسا على الزراعة ، وهو المرهق أصلا من آثار الحصارات والاطواق والاغلاقات والاجتياحات المستمرة , اضافة – وهنا بيت القصيد – الى تقليص وتحجيم وتقزيم ما يمكن أن يبقى من الأرض لاقامة دولة فلسطينية عليها .

واضافة الى كل هذه الاهداف من تشييد هذا الجدار اللعين ، فثمة هدف خطير له يتقاطع مع تكريس الاستيطان الاسرائيلي القائم اغتصابا على الارض الفلسطينية . وهو يأتي ليثبت وجود المستوطنات الاسرائيلية ويجعل كثيرا منها داخله أو قريبة منه ، الأمر الذي يجعلها من منظور اسرائيلي خارج نطاق أية تسوية سلمية محتملة ، وبذا تحقق اسرائيل فرض سيطرتها على الارض التي دأبت سياساتها منذ أزمان علـى اغتصابها من اصحابها الشرعيين .

وهكذا فان أي كيان فلسطيني سيقوم جراء أية تسوية سياسية ما سيكون – والحال هذه - محكوما مسبقا بحدود تتمثل من كل الجهات بهذا الجدار وهذه المستوطنات التي تحتل قمم الجبال الفلسطينية وتشرف على الطرقات وشبكة المواصلات ، وتطوق التجمعات السكانية . وهي في الواقع ليست حدودا بقدر ما هي في الحقيقة منظومة حصارات تستهدف التحكم الجغرافي والديموغرافي والنموي والاقتصادي والاجتماعي والاتصالي للمواطنين الفلسطينيين.

ولا تنتهي أهداف هذا الجدار عند هذه الحدود . فثمة هدف خطير للغاية يكمن في تطويق الشعب الفلسطيني وحصره تحت رحمة ابراجه وبلوكاته الاسمنتية وحراساته الالكترونية . وليس هناك مبالغة في القول بان أفضل وصف للأراضي الفلسطينية داخله هو " معتقل كبير قائم على أساس فصل عنصري " . وباختصار فان هذا الجدار يشكل كارثة تحمل رياحها بذور معاناة ومأساة جديدة تضاف الى مآسي الشعب الفلسطيني المتلاحقة .

لدى الحديث عن هذا الجدار لا بد من التطرق الى موقف الولايات المتحدة التي نصبت نفسها راعية " للعملية السلمية " ازاءه . وعلى الارجح فان هذا الموقف مثله كمثل سابقاته من المواقف ازاء كل الممارسات الاسرائيلية كان ولا يزال يدور في محاور السكوت والرضى التام والتفهم المدافع عنها ، أو غض النظر والتجاهل ، أو محور الموقف المائع المتقلب الذي يحمل أكثر من مضمون . وهذا الأخير هو ما يمكن استقراؤه بوضوح من تصريحات ساسة الادارة الاميركية مؤخرا حول تفهمها للضرورات الأمنية لهذا الجدار ، وأحقية اسرائيل باقامته كونها دولة مستقلة .

وخلاصة القول ان هذا الجدار الذي تشيده اسرائيل تحت ذرائع التصدي لما تدعي انه ارهاب فلسطيني بهدف استجلاب الأمن للاسرائيليين ما هو الا جدار آخر في سلسلة جدران اقامها التعنت الاسرائيلي على طريق عدم الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة منذ أن كانت هناك قضية .

وان كل التحركات باسم العملية السلمية وما يسمى خارطة الطريق ما هي الا توغل في المتاهات ، وهدر للوقت والجهد . فالسلام الحقيقي له مواصفات اخرى ونوايا لا تتوافر حاليا لدى الاسرائيليين والاميركيين . والفلسطينيون يعون اللعبة جيدا ، وهم من الذكاء والاصرار على حقوقهم كاملة بحيث يلعبونها جيدا حتى النهاية . ويظل السلام رهن القناعات الفلسطينية به ، وليس رهن الجدران والخرائط وكافة اشكال التسويات المفروضة علـى القضية .

فاطمة أولاد حمو يشو
17-02-2007, 01:44 PM
ألا تدرك يا اخي أن بني صهيون برعوا دائما في إقامة الأسوار بينهم وبين الشعوب التي احتكوا بها؟
أنظر إلى تاريخ علاقاتهم مع جيرانهم في الماضي، كانوا في الأحياء يشيدون ما يسمى" الملاح"، وهو مكان كانوا يسيجونه ببنائهم الخاص المتميز الذي يجعلهم مختفين عن الأنظار، فإن دل "ملاحهم" على شيء فيدل على ذلك النموذج من الجدران التي كانوا يقيمونه بينهم وبين من كانوا يتعايشون معهم ويتبادلون معهم المنتوجات ويكتنزون بواسطتهم الاموال..إن "الملاح" هو جدار فصل عنصري تاريخي يقيمه الصهيوني من منطلق حقده وانانيته، وكراهيته للآخر، لو كان الصهيوني منفتحا محبا للآخر لاندمج معه بعد هذه الآلاف من السنين التي مرت على تواجده في بلاد الرومان والإسلام والمسيحيين..
انظر إلى الهنود في أمريكا، رغم بطولتهم ورغم حبهم لكرامتهم فقد اندمجوا في ثقافة العرب وأصبحوا شعبا لا يطالب بأرضه التي احتلها الإنجليز والإسبان والطليان وغيرهم..
ألا يحق للهنود في امريكا المطالبة بأرض الولايات المتحدة وإخراج المحتل منها لأنها ليست أرضا للامريكي الأبيض؟
على الصهيوني أن يذهب بعيدا عن أرض فلسطين، لأن أرض فلسطين هناك من يطالب باسترجاعها، ويناضل ويموت يوميا من أجل استرجاعها..على الصهيوني أن يرحل إلى أمريكا ويترك أهل الشرق الاوسط يتعايشون بسلام..
عليه ان يستوطن امريكا لأنها تدافع عنه وتريد له أرضا مغتصبة، ومادام الهنود ليس فيهم من يطالب باسترجاع أرض الولايات المتحدة فعلى بني صهيون أن يقطنوها فهي البلاد التي تناسبهم وتتواءم مع طموحاتهم اللإنسانية والعنصرية والاستعمارية..

نور سمحان
17-02-2007, 02:41 PM
أستاذي وسيدي وقدوتي وأخي وأبي وصديقي الشاعر الرائع لطفي زغلول:
سلمت يمينك وبوركت أيها الأنسان قبل كل شيء
موضوعك شائق هام لافت رائع
تقبل مرورا لا يضاهي روعة حرفك ولا يصل لرقيّ كلماتك
اعذرني مازلت تلميذتك وسأظل مدى الحياة اتعلم منك فلست سوى نقطة في بحرك
لست بارعة في الأمور السياسية لذلك أحببت تسجيل مرور متواضع
محبتي لك

لطفي زغلول
17-02-2007, 04:03 PM
:0014: :0014: :0014:
حياك الله ورعاك
كلمات ينبض كل حرف من حروفها
بصدق المودة والشعور
والذائقة السامية
والإحساس المرهف
:0014: :0014: :0014:
ما أروع هذه الكلمات
التي أقرأها في هذا الرد !!
إنها ليست نشيج أقلام
إنها أريج أحاسيس
عبير عواطف
شذا مشاعر
إنها نبضات حب
تخرج من قلب مسكون بالحب والجمال
لتسافر في رحلة حب
من القلب إلى القلب
دمت وسلمت
لطفي زغلول
سلمت ودمت
أهلا وسهلا في موقعي
www.lutfi-zaghlul.com
لطفي زغلول

لطفي زغلول
17-02-2007, 04:07 PM
حياك الله
أشكر مرورك الكريم
وهذه المداخلة القيمة
دمت وسلمت
لطفي زغلول

بابيه أمال
18-02-2007, 09:26 PM
سلام الله عليكم أجمعين..

لم تكن فكرة الجدار الفاصل وليدة اليوم أو الأمس في كواليس المخططات الصهيونية، بل هي فكرة قديمة ترجع جذورها إلى تكوينهم وفكرهم وخلقهم..
يقول رب العزة عنهم في كتابه الكريم: {لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ} [الحشر:14].

ولأنهم استفادوا جيدا من الاضطهاد والعذاب على يد النازية والفاشية في ألمانيا وأوروبا الوسطى، فقد نجحوا في استدرار عطف العالم بتصوير أنفسهم بصورة المضطهدين المحتاجين إلى وطن يستقرون فيه ويتخلصون من ظلم الجحيم الذي يبيدهم وهم أحياء، بحيث أنه – ولحد اليوم - الأغلبية الساحقة من سكان العالم ما زالت تحت الوهم بأن (اليهود) قوم مسالمون مظلومون ويريدون الاستقرار في أرض كانت لهم بدليل ما ورد في التوراة والإنجيل..

هكذا فرضوا وجودهم ومضوا فيه وقرروا أن لا يرضوا بشيء أولي أقل من إبادة شعب فلسطين والاستيلاء على بلاده قطعة قطعة والتهام باقي الأراضي العربية ولو على المدى البعيد..
فشيدوا بذلك جدارا لخنق القرى والتجمعات السكنية الواقعة على جانبيه.. والتهام أغلبية موارد المياه بالضفة الغربية وكذا أراضيها الخصبة.. ضاربين عرض الحائط بمعاناة هذا الشعب المنكود (خصوصا في ظل صمت الجيران وتركهم إياه يتخبط وحيدا في محاربة مخلوقات ليست من النوع البشري) إلى أن يتحقق لهم ابتلاع الأرض الفلسطينية كاملة لا قدر الله.. وتحويل شعبها الفلسطيني إلى لاجئين في جهات العالم..

وعلى الواجهة الآن نرى استماتة الشعب الفلسطيني المريرة في التشبث ببقايا أرضه رغم معاناته الأليمة في كل حين.. وسرعة الصهاينة الجنونية في ضم كل شبر من فلسطين.. ونحس غفلتنا كعرب ونوافق تجاهل حكامنا الميامين..

فمتى يا رب نلجأ إليك لتغيير ما علق بأنفسنا من تراب الدنيا لتمنن علينا جميعا بعودة مباركة لدينك القويم شرعة ومنهاجا.. فتعود الأوطان السليبة وننعم فوق أرضك ونتعايش فيما بيننا كمسلمين؟؟؟؟؟