تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : حناء سوداء .....



صابرين الصباغ
18-02-2007, 03:32 PM
منْ داخل حجرة سوداء كالقبر ، أجلس خلف مكتب رث متفحم ، كل ما عليه يعاني السواد ، الشمس بريئة منه ..!
زيي العسكري الأبيض ، أقصد الذي كان فقد أصابته نفس العدوى .
كل زواري من النساء والرجال ، أمسك بأيدهم ، أعبث بأناملهم واحداً واحداً ، كأنني أتأكد من عددهم ، أول شيء له الأهمية الأولى بعملي هو القار ، أُسفلِتُ به الأوراق ، مستخدماً الأنامل في رصفها .
تخرج الأوراق مزينة بدوائر مبهمة لا يستطيع قراءتها بشر ..
عملائي يسلمونني أيديهم ، أفعل بها ما أشاء ، هناك من يسلمني يده وقد أغرقها العرق ليبلل الورقة ، فتخرج الخطوط خائفة مرتعشة .
يدس أحدهم يده في جيبي ، أعطيه الماء والصابون ، يغسل يديه من لون الحناء الأسود ، ومن لا يفعل يعانِ من ظلام يسطع بطرف أنمله لا يفلح معه إشراقة أعتى المنظفات .
ينتهي يومي ...
أعود إلى منزلي ، أجمع الأوراق الموشومة بالأنامل .
تضعُ زوجتي الطعام ، أنظر إلى طبق الطعام ، يا الله هي نفس الخطوط المبهمة المستديرة ..! الملعقة في يدي تشبه الإبهام بخطوطه ، حتى سريري خشبه يعاني من تلك الخطوط المتعرجة ، السحب بإبهام السماء تدور متداخلة .. خطوط ، خطوط .
أنظرُ إلى أناملي فلا أجد .........

د. حسان الشناوي
19-02-2007, 08:17 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الكاتبة المبدعة

أ. صابرين

يسرني سرورا بالغا أن أكون أول من يصافح قصتك الرائعة .

واسمحي لي بكلمة عجلى ربما تعقبها زيارة أخرى ؛ إذ من المقرر أن اذهب إلى العمل .

فقد يتبادر إلى الذهن أن الكاتبة ستتحدث عن مصيبة حدثت في إحدى ليالي الأعراس ، وذلك من خلال

قراءته عنوان القصة الذي ربما يوحي بهذا .

ولكن أ. صابرين أبت إلا أن تجعل توجه قصتها صوب مصيبة أخرى تتعلق بالتعامل اليومي القائم بين

من يقوم ( بتبصيم ) – إن صح هذا الوصف لطبيعة عمل من يقوم به في مكاتب السجل المدني ، أو

مراكز الشرطة – ومن يترددون عليه .

ولم تفصح القصة – وهذه من مزاياها – عن الرشوة ، أو التبرم بطبيعة العمل ، أو الصراع النفسي

الهادر داخل هذا الذي اسود زيه العسكي الأبيض ، وكأنما قارب قلبه من لون زيه ، فراح يناجي نفسه

بهذا الحديث الداخلي .

ومن ثم ترمي القصة إلى أهدافها بطريقة غير مباشرة ، حين تكشف الكاتيبة ببراعة عن دخيلة نفس

هذا الرجل الذي لا يكاد يفصح عما يعانيه .

فقد غامت الرؤية عنده ، وتحولت كل الأشياء في عينيه دوائر متداخلة مبهمة لا يستطيع أن يتيبن من

خلالها شيئا واضحا .

فهل من الممكن أن يراجع كل صاحب عمل عمله ، ويقومه في ضوء صحوة الضمير الذي ربما يغفو

مرة أخرى تحت ضغط المعيشة اليومية ومتطلباتها ؟

إن القصة لا تصرخ بهذا الذي أحاول الوصول إليه ، بل تضع نموذجا يوميا ببراعة تحسب لصاحبتها ،

عسى أن تصل الرسالة ، ويتحقق الهدف .

لك التحية والتقدير سيدتي الكريمة .

ودمت مبدعة متألقة .

خليل حلاوجي
19-02-2007, 08:52 AM
احيانا اغسل يدي من الحناء السوداء وانا أقرأ لكتاب يريد كاتبه اقناع القراء اننا في الاسواق نصافح الملائكة

واحيانا اغسل يدي من الحناء السوداء وانا اقرأ لجريدة تخبرنا عن تعديل رواتب الشعوب

واحيانا اغسل يدي من الحناء السوداء وانا اتصفح حروف الفضائيات وهي تخبرنا عن حرق العدو لاجساد من يقاومه


الحناء السوداء .... تخبرنا ان كل هؤلاء يمارسون حرق الروح التي تستقر في اعماق اجسادنا

وهيهات

بثينة محمود
19-02-2007, 10:40 AM
الحناء السوداء هى فى واقع الأمر إثبات لهوية الآخرين كما رويت هنا
لكنها مع الوقت طمست هوية ذلك الفاعل.. ذلك المتعامل معها.. ولوثت حياته
وجعلته أسير تلك الدوائر الناتجة
يحلم بها
ويراها تلطخ ملبسه ومأكله
انها بصمة الشقاء تلاحقه
تحياتى لنص راق بالفعل

مجذوب العيد المشراوي
19-02-2007, 04:54 PM
مساحاتك الجمالية جد واسعة ونفسك جد راقية هنا يا أختاه ..

أتعلم في كل مرة شيئا من العبقرية ...

مجذوب العيد المشراوي
19-02-2007, 04:55 PM
ثم هناك الإبداع وهناك الكتابة وشتان بينهما وأراك يا أختاه ملكت عرشه شكرا

الصباح الخالدي
20-02-2007, 09:12 PM
رائعة الحناء الأسود للقاصة البارعة صابرين
لك كل التمنيات بالبقاء دوما في القمة

علاء عيسى
20-02-2007, 10:09 PM
الحنة السوداء
...................................
.......................................

.......................................!!!!!!!!!!! !!!!!!!!!!!
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

أما النهاية
أنظرُ إلى أناملي فلا أجد .........

؟؟؟؟؟؟؟؟
!!!!!!!!!!!!!!!!
صابرين
تحياتى








لحنتك السوداء
التى استطعتى
بقلمك أن تلطخى بها أيادينا

جوتيار تمر
20-02-2007, 10:29 PM
الصباغ...

لم يبقى لي شيء..سبقني الجميع..
هناك من نقرأ له..لانفرغ منه ولانريد ان ننتهي..ليس اعجابا فقط..انما لاننا ندرك ان وراء الحرف هذا َنفساً خلقت كما ارادت هي، ومادة خلقها على غير مارادت،فكأنما جعلت زمنا يمتد في الزمن...


محبتي لك
جوتيار

محمود الديدامونى
21-02-2007, 03:53 PM
ما هذا الذي أقرأ هنا
كاتبة تفهم تماما وظيفة القص ودور القاص
ما هذه الحناء يا عزيزتي
في كل رافد من روافد حياتنا إن كان هناك روافد
لقد أحكمت الحصار فيى حيز ضيق كئيب لواقع كئيب

صابرين الصباغ
21-02-2007, 05:20 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الكاتبة المبدعة
أ. صابرين
يسرني سرورا بالغا أن أكون أول من يصافح قصتك الرائعة .
واسمحي لي بكلمة عجلى ربما تعقبها زيارة أخرى ؛ إذ من المقرر أن اذهب إلى العمل .
فقد يتبادر إلى الذهن أن الكاتبة ستتحدث عن مصيبة حدثت في إحدى ليالي الأعراس ، وذلك من خلال
قراءته عنوان القصة الذي ربما يوحي بهذا .
ولكن أ. صابرين أبت إلا أن تجعل توجه قصتها صوب مصيبة أخرى تتعلق بالتعامل اليومي القائم بين
من يقوم ( بتبصيم ) – إن صح هذا الوصف لطبيعة عمل من يقوم به في مكاتب السجل المدني ، أو
مراكز الشرطة – ومن يترددون عليه .
ولم تفصح القصة – وهذه من مزاياها – عن الرشوة ، أو التبرم بطبيعة العمل ، أو الصراع النفسي
الهادر داخل هذا الذي اسود زيه العسكي الأبيض ، وكأنما قارب قلبه من لون زيه ، فراح يناجي نفسه
بهذا الحديث الداخلي .
ومن ثم ترمي القصة إلى أهدافها بطريقة غير مباشرة ، حين تكشف الكاتيبة ببراعة عن دخيلة نفس
هذا الرجل الذي لا يكاد يفصح عما يعانيه .
فقد غامت الرؤية عنده ، وتحولت كل الأشياء في عينيه دوائر متداخلة مبهمة لا يستطيع أن يتيبن من
خلالها شيئا واضحا .
فهل من الممكن أن يراجع كل صاحب عمل عمله ، ويقومه في ضوء صحوة الضمير الذي ربما يغفو
مرة أخرى تحت ضغط المعيشة اليومية ومتطلباتها ؟
إن القصة لا تصرخ بهذا الذي أحاول الوصول إليه ، بل تضع نموذجا يوميا ببراعة تحسب لصاحبتها ،
عسى أن تصل الرسالة ، ويتحقق الهدف .
لك التحية والتقدير سيدتي الكريمة .
ودمت مبدعة متألقة .

الناقد والشاعر الكبير
د/ حسان
شكرا لهذه القراءة الرائعة
وهذا الشرح المستفيض للحرف والقصة
وهذا الوصول الرائع لمفردات النص النفسية لاحد العاملين بالدنيا
قد لايدرك مشاعره احد
أو قل هو أحد المقهوريين المنسيين في دنيتنا هذه
دكتور حسان
لا اجد ورودا تستطيع ان تمنحك حقك لما منحته من بريق لنصي
مودتي واحترامي
لقلم وعقل وفكر سامق

صابرين الصباغ
21-02-2007, 05:54 PM
احيانا اغسل يدي من الحناء السوداء وانا أقرأ لكتاب يريد كاتبه اقناع القراء اننا في الاسواق نصافح الملائكة
واحيانا اغسل يدي من الحناء السوداء وانا اقرأ لجريدة تخبرنا عن تعديل رواتب الشعوب
واحيانا اغسل يدي من الحناء السوداء وانا اتصفح حروف الفضائيات وهي تخبرنا عن حرق العدو لاجساد من يقاومه
الحناء السوداء .... تخبرنا ان كل هؤلاء يمارسون حرق الروح التي تستقر في اعماق اجسادنا
وهيهات
الحلاوجي
اعتقد وصلك مضمون القصة مخلتفا بعض الشيء
أحترم رأيك ورؤيتك في النص
ملحوظة
اعتقد ان يدك اشتكت من كثرة غسلها
دمت مبدعا
مودتي واحترامي

نبيل مصيلحى
23-02-2007, 09:41 PM
هل لابد وأن يرتشي الموظف كي يحسن التعامل مع طالب الخدمة ..؟!
إن البصمة , وأهميتها في التعرف على شخصية الإنسان ,
فمن ليس له بصمة فهو مبتور الأنامل ..
وهذا الفقر الذي يعاني منه هذا الإنسان البائس " عسكري الفيش "/
أو " صحيفة الحالة الجنائية ".. والذي جعله يغير ضميره في التعامل مع الناس ..
وفي النهاية .. هل يجوز لنا أن نبيع ضمائرنا من أجل أن يضع الآخر يده في جيوبنا ,
حتى نحسن معاملته ..
( القصة تتسم بتكنك رائع )